السبت، 13 ديسمبر 2014
الإسلام ... مسؤلية من ؟
الإسلام ... مسؤولية من ؟؟
بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث
يتضمن الإسلام العظيم ثلاثة محاور أولها القيم ومنها القيم التعبدية والقيم العقدية والقيم الإنسانية والقيم السلوكية ، وثانيها الأحكام كأحكام الصلاة والصيام والحج و العقوبات ( الحدود ) ، وثالثها محور الأخلاق كالصدق والأمانة والحياء .
و في زمن يُنصّب الكثيرون أنفسهم متحدثين وأوصياء على الإسلام يطرح السؤال نفسه : من يتحمل مسؤولية الإسلام ؟ ويتساءل البعض : هل نحن في حاجة إلى دولة اسلامية لتطبقه أم إلى خلافة اسلامية ؟؟ ..
مسؤولية عامة :
إنّ مسؤولية الإسلام تقع على عاتق جميع المسلمين كل بحسب قدرته وعلمه واستطاعته ، وقد جاءت النصوص قاطعة بهذا الخصوص : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )) ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ )) . وهي أوامر بوسع كل مسلم القيام بها ، وبعض الاسئلة الآنفة ذات طابع تسلطي أو سلطوي ، ينظر اصحابها الى الاسلام كحدود فقط تنتظر من يطبقها وينسون ان معظم شعائر الاسلام بالإمكان تطبيقها دون الحاجة لا الى ( دولة اسلامية ) ولا الى ( خلافة اسلامية ) ، ولكنهم يُغلبون في نظرتهم جانب واحد ووحيد من جوانب الاسلام الحنيف . وينبغي الامتناع عن التصوير للفرد المسلم أن أمر هو واجب عليه مع انه في الواقع ليس بواجب ، وهناك نصوص كثيرة يستخدمها اولئك المصورون في هذا السبيل لخدمة فكره او تصور لديهم .
في زمن النبوة كان كل المسلمين مكلفين بذات التكاليف ولم يحدث ولم يحل هذا التبعيض لمهمات الإسلام و أعمال المسلمين ، وهو حادث يخالف حقيقة الاسلام ومنهج القرآن ، ففي سياق هذه الآية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) جاءت هذه الآيات : ((وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ )) (( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . فالعمل للإسلام كما العمل به ليس حكراً ولا قصراً على المنتسبين للعلم أو الفقه أو ( الجماعات الاسلامية ) بل هو لكل المسلمين ومطلوب منهم بحسب قدراتهم و طاقاتهم ووسعهم ولا تمييز بينهم في هذا لا لون ولا لجنس ولا لوطن ... ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ))
وقد قال الإمام مالك رحمه الله : (( لن يصلح حال آخر الأمة إلا بما أصلح به أولها )) .
وقد أسماهم الوحي (( حزب الله )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ))
(( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))
يقول الدكتور عبدالكريم زيدان في كتابه ( الفرد والدولة في الشريعة الاسلامية ) صـ 26 :
فالجماعة مسؤولة عن تنفيذ أحكام الشرع و إدارة شئونها وفق هذه الاحكام ، وهذه المسؤولية تُستفاد من مجموع النصوص القرآنية وتؤيدها السوابق التاريخية الثابتة . فخطابات الشارع في القرآن الكريم موجهة الى جماعة المسلمين ، مثل قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )) ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) ((اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )) (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ)) (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)) فهذه نصوص و أمثالها تدل دلالة واضحة على مسؤولية جماعة المسلمين عن تنفيذ أحكام الشرع ومنها ما تعلق بجميع شئونهم )) .
قال الدكتور السيد محمد نوح في كتابه ( فقه الدعوة الفردية في المنهج الإسلامي )صفحة 21 ـ22 : واذا كانت الدعوة الى الله تعالى واجبة ومفروضة على النحو الذي شرحنا ، فإنها مسؤولية المسلمين جميعاً ، يعني مطلوبة من كل المسلمين كل حسب طاقاته وامكاناته ، ولا يُعفى احد من القيام بهذا الواجب او هذا الفرض ، للأدلة التي قدمناها )) وليس بالضرورة ان يكون ضمن جماعة دعوية ما .
وقال صفحة 23 : يقول الشيخ محمد عبده : ( جملة القول ان الدعوة الى الخير ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فرض حتم على كل مسلم )) ، وعن تأويل ( منكم ) الواردة في الآية الكريمة : ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) قال السيد نوح صـ 24 : و أما كونها للتبعيض فمعناه : انتم ايها المؤمنون مكلفون جميعاً بهذا الامر وعليكم في سبيل تطبيق هذا التكليف ان تختاروا وان تنتخبوا بعضاً او طائفة منكم لتقوم بهذا الواجب بل عليكم ان تؤازرها بتوفير حاجياتها التي تعينها على أداء مهمتها ، وبالوقوف من ورائها وحمايتها من سطوة طل جبار عنيد ، فالكل اذن في دعوة ، ولكن حسب طاقاته و امكاناته التي وهب الله عز وجل ))
الجماعة الاسلامية :
إنّ المسلمين مجتمعين يشكلون الجماعة الإسلامية ، منهاجها القرآن والسنة المطهرة و أسوتها و قدوتها وقائدها النبي صلى الله عليه وسلم وتحتاج في ما بينها الى التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، و قد قال الله تعالى في القرآن المخاطب به كل المؤمنين والمسلمين : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )) ، وقد جمعت هاتين الآيتين أفعال المؤمنين بما فيها الجهاد بكل أنواعه ومعانيه و أنّ المؤمنين هم أنفسهم المؤمنون في الخطاب العام ، كما تضمنت الحديث عن الدين الذي هو الاسلام و معتنقوه هم المسلمون ، ولا يستطيع فرد ولا تستطيع جماعة منذ فجر البعثة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها أن تزعم أنها هي فقط المُخاطبة بهذا الخطاب الإلهي ، وهو دليل قطعي أنّ جماعة المسلمين هي كل المخاطبين بالقرآن باعتبارهم المسلمين أو باعتبارهم المؤمنين .
انه ليس لدينا إلا جماعة اسلامية واحدة ، تضم كل المسلمين و توجد بين أفرادها على وجه العموم القواسم المشتركة والصفات التالية :
1) الإيمان بالله وحده الهاً فرداً معبوداً حقاً ورباً صمداً خالق المخلوقات ومكون الاكوان ، ومحبته
2) الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً نزل عليه القرآن وحياً من الله تعالى ، ومحبته
3) الإيمان بالقرآن الكريم كتاباً منزلاً من الله تعالى ، والايمان وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والمعاملات والسلوك
4) اقامة الصلاة و ايتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام
5) الابتعاد عن الكبائر كالزناء والرياء في الاعمال وشرب المُسكرات
6) الحرص على ان تكون الذات مهتدية و كَذَلِكَ الآخر إرضاء لله ومحبة له والفرح لذلك
ومن اخل بذلك كزناء او شرب خمر فانه يبقى في دائرة الاسلام وان قصر في الصلاة والصيام ، وهو أولى بالنصح والدعاء له بالهداية وحسابه على الله تعالى ....
الالتزام بجماعة المسلمين ضرورة شرعية وبشرية :
جاء فِي الحَدِيثِ الذي رواه أَبِو هُرَيْرَةَ : (( إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ )) وفي الحديث الصحيح : (( أحسنوا إلى أصحابي ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها ، و يشهد على الشهادة قبل أن يستشهد ،فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، و هو من الاثنين أبعد ، و لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان ، و من كان منكم تسره حسنته ، و تسوؤه سيئته فهو مؤمن " . صححه الالباني وقال في ( إرواء الغليل ) ((وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ))
وجاء في كتاب : الشريعة للآجري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل يعملون بهن » وذكر الحديث بطوله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وأنا آمركم بخمس أمرني الله تعالى بهن : الجماعة ، والسمع والطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ، فمن فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة (1) الإسلام من رأسه إلا أن يراجع »
وفي شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال : (( والجماعة التي أمرهم بلزومها : السواد الأعظم ، وقالوا : كل ما كان عليه السواد الأعظم من أهل الإسلام من أمر دينهم فهو الحق الواجب والفرض الثابت ، الذى لا يجوز لأحدٍ من المسلمين خلافه ، وسواء خالفهم في حكم من الأحكام أو خالفهم في إمامهم القيم بأمرهم وسلطانهم ، فهو للحق مخالف .
ذكر من قال ذلك : روى عن ابن سيرين قال : لما قتل عثمان ، رضى الله عنه ، أتيت أبا مسعود الأنصاري ، فسألته عن الفتنة ، فقال : عليك بالجماعة ، فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ، والجماعة حبل الله ، وإن الذى تكرهون من الجماعة هو خير من الذى تحبون من الفرقة . واحتجوا بما روى الأوزاعي قال : حدثني قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : ( إن بنى إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقةً ، وإن أمتى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهى الجماعة ) . وروى معتمر بن سليمان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله : ( لا يجمع الله أمتى على ضلالةٍ أبدًا ، ويد الله على الجماعة هكذا ، فاتبعوا السواد الأعظم ، فإنه من شذ شذ في النار ) .
قال المؤلف : وحديث أبى بكرة حجة في ذلك لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) أمره بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ، فبان أن الجماعة المأمور باتباعها هي السواد الأعظم مع الإمام الجامع لهم ، فإذا لم يكن لهم إمام فافترق أهل الإسلام أحزابًا فواجب اعتزال تلك الفرق كلها على ما أمر به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أبا ذرّ ولو أن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت ، فذلك خير له من الدخول بين طائفة لا إمام لها خشية ما يئول من عاقبة ذلك من فساد الأحوال باختلاف الأهواء وتشتت الآراء . وقال صاحب العين : الدخن : الحقد ، ويوم دخنان : شديد الغم .
وجاء في فتح الباري : قال الطبري اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة فقال قوم هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ثم ساق عن محمد بن سيرين عن أبي مسعود انه وصى من سأله لما قتل عثمان عليك بالجماعة فان الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ،
وجاء في ( مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ) لـ الملا على القاري (( قال تلزم جماعة المسلمين أي طريقتهم وحضور جمعتهم وجماعتهم وإمامهم أي ورعاية إمامهم ومتابعتهم ومساعدتهم قلت فإن لم تكن لهم جماعة أي متفقة ولا إمام أي أمير يجتمعون عليه وهو يحتمل فقدهما أو فقد أحدهما قال فاعتزل تلك الفرق كلها أي الفرق الضالة الواقعة على خلاف الجادة ))
ويقول لشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي : ((ولان جماعة المسلمين هي تنتخب امامها اعتبرت هي الحاكمة له والمحددة لاتجاهاته ))
وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ، ويد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ إلى النار" ، .
وممن قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود ، فروى أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة ، فقال : عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ، واصبر حتى تستريح أو يستراح من فاجر . وقال : إياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة . وقال ابن مسعود بالسمع والطاعة فإنها حبل الله الذي أمر به . ثم قبض يده وقال : إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة .
وعن الحسين قيل له : أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أي والذي لا إله إلا هو ، ما كان الله ليجمع أمة محمد على ضلالة .
فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ، ومن سواهم داخلون في حكمهم ، لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم ، فكل من خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان )) .
تنظيمات ومدارس لا ( جماعات اسلامية ) :
يحتاج المسلمون إلى تنظيمات للعمل الإسلامي العام كإطارات عمل لا يتوقف عليها ولاء ولا براء ، ومدارس ذات طابع ( علمي ودعوي ) لا إلى جماعات إسلامية تقوم على أساس الولاء بين اصحابها والبراءة ممن عداهم حتى من المسلمين ، فهي بهذا تكون سبب في تفرق صفوفهم وايجاد الخصام فيما بينهم ، فهذا منتمي وهذا غير منتمي ، وهذا منتمي للجماعة سين وذاك منتمي للجماعة صاد بحسبها ( جماعات ) ، وكل سبب في تفرقة الأمة الأصل فيه أن يُزال اعتصاماً بحبل الله ومنعاً من التفرقة المنهي عنها في كتاب الله (( واعتصموا ... ولا تفرقوا ..))
توجد في جماعة المسلمين مدارس فكرية ومدارس فقهية ومدارس دعوية ومدارس سياسية ، وان سُميت تلك المدارس فرق أو جماعات أو مذاهب أو أحزاب ، وينبغي أن تعيد كل منها النظر في تسميتها إن كانت تُدعى جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمون التي تحمل تسميها أكبر التباس فهي بالإضافة الى تسميتها جماعة فهي ( الإخوان المسلمون ) وكأنها قد تأسست لتضم كل المسلمين وكأن كل المسلمين لديهم امكانية التعرف عليها والاستعداد للانضمام الى صفوفها . وقد وصف الإمام حسن البناء مؤسس الجماعة الجو الذي ولد فيه هذا الاسم في كتابه ( مذكرات الدعوة والداعية ) فقال : ((وفي ذي القعدة سنة 347 1 هـ، مارس سنة 28 9 1 م - فيما أذكر - زارني بالمنزل أولئك الإخوة الستة: حافظ عبدالحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، زكي المغربي، وهم من الذين تأثروا بالدروس والمحاضرات التي كنت ألقيها، وجلسوا يتحدثون إلي وفي صوتهم قوة، وفي عيونهم بريق، وعلى وجوههم سنا الإيمان والعزم، قالوا: " لقد سمعنا ووعينا، وتأثرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين، ولقد سئمنا هذه الحياة: حياة الذلة والقيود، وها أنت ترى أن العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظ لهم من منزلة أو كرامة وأنهم لا يعدون مرتبة الأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب. ونحن لا نملك إلا هذه الدماء تجري حارة بالعزة في عروقنا، وهذه الأرواح تسري مشرقة بالإيمان والكرامة مع أنفسنا، وهذه الدراهم القليلة، من قوت أبنائنا، ولا نستطيع أن ندرك الطريق إلى العمل كما تدرك، أو نتعرف السبيل إلى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف، وكل الذي نريده الآن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدي الله، وتكون أنت المسئول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل، وإن جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه، وتموت في سبيله، لا تبتغي بذلك إلا وجهه، لجديرة أن تنتصر، وإن قل عددها وضعفت عددها".
كان لهذا القول المخلص أثره البالغ في نفسي، ولم أستطع أن أتنصل من حمل ما حملت، وهو ما أدعو إليه وما أعمل له، وما أحاول جمع الناس عليه، فقلت لهم في تأثر عميق: " شكر الله لكم وبارك هذه النية الصالحة، ووفقنا إلى عمل صالح، يرضي الله وينفع الناس، وعلينا العمل وعلى الله النجاح. فلنبايع الله على أن نكون لدعوة الإسلام جندا، وفيها حياة الوطن وعزة الامة !.
وكانت بيعة...
وكان قسما أن نحيا إخوانا نعمل للإسلام ونجاهد في سبيله.
وقال قائلهم: بم نسمي أنفسنا؟ وهل نكون جمعية أو ناديا، أو طريقة أو نقابة حتى نأخذ الشكل الرسمي؟ فقلت: لا هذا، ولا ذاك ،دعونا من الشكليات، ومن الرسميات، وليكن أول اجتماعنا وأساسه: الفكرة والمعنويات والعمليات. نحن إخوة في خدمة الإسلام، فنحن إذن" الإخوان المسلمون.". وجاءت بغتة... وذهبت مثلاً... وولدت أول تشكيلة للإخوان المسلمين من هؤلاء الستة: حول هذه الفكرة، على هذه الصورة وبهذه التسمية. )) .
بل وحين نتأمل أهم شعارات هذه الجماعة التي هي اكبر الجماعات الاسلامية أفراداً وانتشاراً في الأرض نجده في معظمه ينطبق بنفس مقدار انطباقه على أفراد الجماعة تلك ينطبق على كل مُسلم ملتزم بإسلامه : (( الله غايتنا ، القرآن دستورنا ، الرسول قدوتنا )) ، وفي المقابل نجد جماعة اسلامية تعتبر كل مسلم مسؤول عن الدعوة الى الله تعالى وهي تعمل في سبيل أن يكون لهم نصيباً من هذا العمل الجليل .
وحين تأمل ما يحدث من خصام بين أفراد أي جماعة إسلامية وبين من يخرج عنها نشكك في نوع ( الإخوة الإسلامية ) التي تربط أفرادها ، بل نجد خطرها على الإخوة الاسلامية برمتها وجوداً وعدماً بحسب انتماء الفرد إلى أحدها وثباته وعدم انتمائه و انفصاله عنها .وينطبق ذلك في أحيان على المدارس الفكرية ( الفرق) والمدارس الفقهية ( المذاهب ) والمدارس السياسية ( الأحزاب السياسية ) ،
إنّ الإسلام لم يتحدث عن أمر ما من أمور الإسلام باعتباره من اختصاص مجموعة ما عليها أن تنهض وحدها لإنجازه . و شريعته لم تتحدث أنّ أي أمر من أمور الإسلام باعتباره خاص بالعلماء المسلمين أو الفقهاء إلا ما يتعلق بتأكيد مسؤولية أهل العلم والفقه عن ما امتحنهم الله به من تعليم وتفقيه .
التحذير من التفرّق :
حذر القرآن الكريم ، كما أهل العلم بأصول الشريعة ، من التفرق الحادث بسبب الاختلاف في الإنتماء ( المدرسي ) لمذاهب أو أحزاب أو جماعات أو نحوها : فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : (( وَأَمَّا " رَأْسُ الْحِزْبِ " فَإِنَّهُ رَأْسُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَحَزَّبُ أَيْ تَصِيرُ حِزْبًا فَإِنْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَهُمْ مُؤْمِنُونَ لَهُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ . وَإِنْ كَانُوا قَدْ زَادُوا فِي ذَلِكَ وَنَقَصُوا مِثْلَ التَّعَصُّبِ لِمَنْ دَخَلَ فِي حِزْبِهِمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي حِزْبِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَهَذَا مِنْ التَّفَرُّقِ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف وَنَهَيَا عَنْ التَّفْرِقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَمَرَا بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَنَهَيَا عَنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا } وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمْهُ وَلَا يَخْذُلْهُ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ : تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ ؛ فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ : يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ ؛ وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ ؛ وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ . وَيُشَيِّعُهُ إذَا مَاتَ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ } فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِيهَا أَمْرُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ؛ وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ } وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ . وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ } فَهَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهَا .))
جاء في كتاب ( العواصم من القواصم )) للقاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي : (( وأن من طبيعة التحزب والتعصب والتشيع أن يذهب بعقول أصحابه وأخلاقهم، ثم يذهب بحياتهم ودينهم، كما برهن على ذلك علم النفس الاجتماعي، وفي مقدمته الدكتور غوستاف لوبون )) ..
و يقول الشيخ محمد قطب في كتابه (كيف ندعو الناس ) : (( ليس الخلاف في ذاته عيباً، وإن كان ينبغي أن تكون له ضوابط تضبطه، بحيث لا يصبح تعصباً لهوى في النفس، أو لشخص من الأشخاص، أو فرقة من الفرق. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون، ولكنهم لم يكونوا يفترقون، وهذا هو محور القضية . حين نختلف ونحن متجردون لله، متجردون للحق، فسيقل التنازع والشقاق والتشرذم دون شك، وتقل ظاهرة التحزب القائمة اليوم في العمل الإسلامي، والتي تؤدي إلى التعصب للرأي، وللفكر، وللقائد، وللجماعة، وللطريق )) .
و من المهم أن يكون منشأ الخلاف والاختلاف طبيعي لا بحثاً عنه وقصداً له وتعمّدا .
يقول الدكتور فتحي يكن في كتابه ( مشكلات الدعوة والداعية ) صـ 132 : (( وفي اعتقادي ان الحركة الاسلامية تأثرت الى حد بالجو الحزبي الذي تعيشه البلاد العربية في هذه الحقبة من الزمن ...حتى كادت تتلوث طبيعة العمل الاسلامي واساليبه ـ في بعض الاحيان ـ بالروح الحزبية الضيقة التي لا تتفق بحال ونزعة الانفتاح والانسانية في الاسلام . واذا قلت ان طبيعة العمل الاسلامي غير طبيعة العمل الحزبي ، فلان التصور العقيدي والمبادئ التشريعية والتوجيهية التي يقوم عليها المنهج الاسلامي لا تتفق في شيء مع ما تقوم عليه الحركات الحزبية من تصورات ومبادئ .
133 : الداعية المسلم يريد الخير لكل الناس .. ويسعى لإسعاد جميع البشر برسالة الاسلام .. لا يتعصب لجنس او لون ولا جماعة او حزب .. وانما هو روح جديدة تسري في جسم هذه الامة فتحييها بالحق . ونور وضياء ينير الدروب و يُحيي القلوب ويهدي الحيارى سواء السبيل ...
وفي مقال له بعنوان (مشكلات المثقف ) يقول الدكتور عبدالكريم بكار : (( التحزب أو الانحياز الفكري خطر آخر يهدد المثقف المسلم وغير المسلم. إن عظمة الأفكار تكمن في قدرتها على الرفرفة، وفي طلاقتها وقدرتها على التعبير عن الكرامة الشخصية والتعبير عن حرية الإدراك والقرار. وهذه السمات تشكل الأساس الذي نمنح بناء عليه المصداقية للمجتهد والمفكر والداعية. إن المفكر الحر لا يستند في حريته الفكرية إلى التأبي على المساومة والتوظيف من قبل أصحاب المال والنفوذ فحسب، وإنما يملك إلى جانب ذلك المنهج الذي يمكنه من مقاومة (التأطير) الذي يهدد كل صانعي الخطاب. هناك فرق كبير بين مفكر اتخذ من مبادئه وعقيدته وخلاصة تجربته خلفية فكرية وثقافية توجهه، وإطاراً يتفاعل معه، ويتحرك في داخله، وبين مفكر انتسب إلى حزب أو جماعة أو مؤسسة، أو صار موظفاً لدى دولة، فأصبح ولاؤه الجديد عبارة عن إطار داخل الإطار الإسلامي، وأحياناً يتحول إطاره من إطار صغير إلى إطار كبير يتداخل مع الإطار الإسلامي، وهذا يعني أن ذلك المثقف أو المفكر صار منحازاً إلى رؤية جزئية أو اجتهاد فئوي، أو صار معبراً عن مصالح ضيقة لا تتطابق مع مصالح الأمة. ليس هناك خطورة كبيرة في الأصل في أن يجد المرء نفسه ميالاً إلى اجتهاد دعوي أو إصلاحي دون غيره، لكن من المهم أن يكون على وعي بأنه مهدد بالتقزم الفكري والانحسار في الفهم للخريطة الفكرية والثقافية التي يجب أن يدركها، ويستحضرها عند تحليله وتقويمه للأشياء. وحين يتوفر هذا الوعي فإن المثقف المسلم سيعمل دائماً على محاولة التحرر من قيود ثقافته وانتماءاته وذلك من خلال رؤية الأشياء من زوايا متعددة، ومن خلال الحرص على تفهم طروحات الآخرين والحرص على إنصافهم ))
ويقول في مقال (المعادلات الصعبة (2) ) : كثر الناقدون للعمل الجماعي على صعيد الدعوة إلى الله -تعالى- وخدمة الإسلام، وأُلِّف الكثير من الكتب التي توضّح عيوب بعض الجماعات، وتشنّع على الانضمام إلى أي جماعة إسلامية. في المقابل فإن كثيرًا من أتباع الجماعات الإسلامية ينظرون إلى الدعاة والناشطين الإسلاميين الذين يعملون فرادى على أنهم لم يدركوا فوائد العمل الجماعي، ولم يدركوا الأخطار التي تتهدد الأمة، والتي تقتضي من الجميع رص الصفوف ووحدة الكلمة، ويصاحب ذلك نوع من الإزدراء للمنجزات، وقد يصل الأمر إلى حد الاتهام بالتخذيل وإذهاب الريح.
حين يعمل الإنسان مع جماعة، فإنه يكسب الكثير من الأشياء، فهناك من يخطط له، ويشجعه، ويوفر له الإطار للعمل، كما يوفر له درجة من الانتماء الملموس والمحدد، وكثيرًا ما يكون العمل الجماعي حرزًا للشباب من الانحراف والعطالة. وحين يعمل الإنسان بمفرده، فإنه يشعر بالحرية، ولا يجد نفسه ملزمًا بسياسات وخطوات ليس مقتنعًا بها، كما أنه يتحمل مسؤولية أعماله، ويختار قراراته. وبالإضافة إلى هذا فإنه يسلم من داء التحزّب والتعصّب الذي ابتُلي به كثير من أتباع الجماعات الإسلامية، ويسلم بذلك من الكثير من الغيبة والنميمة...الخ.
ويقول الدكتور بكار في مقاله (شباب حائر (3) ) : (( والعمل الجماعي ليس غاية في حد ذاته، لكنه وسيلة لإنجاز ما لا يمكن إنجازه على نحو منفرد. والمهم دائمًا هو النتائج. بعض الناس يضيع الكثير من الواجبات وتفتر همته إذا عمل بمفرده، فهذا يسعى إلى التعاون مع غيره، مع أن عليه أن يكون يقظًا لأمراض العمل الجماعي من التحزّب والعصبية ومديح الذات وإثارة النزاعات مع الجماعات الأخرى... وبعض الناس يستطيع أن يبدع إذا كان بمفرده، فلا حرج عليه في ذلك، لكن ليكن مستعدًا للتعاون مع غيره عند الحاجة وبذل النصح لمن يحتاجه. ولا مانع من أن يتعاون الإنسان مع عدد من الجماعات والجهات في آن واحد؛ لأن المطلوب ليس ارتباطًا يشبه الارتباط الأسري، لكن المطلوب هو تحقيق أفضل النتائج والعمل بفاعليّة وهمّة ونشاط .لنجعل من اكتشاف أنفسنا واكتشاف محيطنا العمل الذي لا يتوقف، ولا نملّ منه، ومن خلال ذلك سوف نتخلص من الكثير من أشكال الحيرة )) .
لا احتكار ولا اكراه :
إنّ كل الأفراد مسؤولون ، و كل الأحزاب وكل التنظيمات وكل ( الجماعات ) مسؤولة عن الاسلام كل بقدر الفرصة الممكنة له وبقدر ما مكنه الله من أسباب .
إنه لا يصح أن يتحدث فرد ينتسب للإسلام باعتباره هو وحده من يتحمل مسؤولية تطبيق الإسلام أو أن تطبيق أحكامه لن يحدث إلا عن طريقه ، إن هذا حين يحدث ينطوي على قدر هائل من حب التسلط على رقاب الخلق اكثر مما هو حرص على تطبيق أحكام الله التي يمتنع لأجلها الاكراه والقسر ، إنما يقبل عليها المسلم اقتناعاً لا إرغاماً ، وطلباً لمرضاة الخالق لا المخلوقين ، انه يندفع لها ويباشرها إيماناً بالله وحرصاً على ثباته على الطاعة . إن التعبد في أبسط معانيه هو حب تام وذل تام لله تعالى .
إن كل مسلم لا يجوز له فرض قناعاته واختياراته على الآخرين ، وطبيعتها ترفض الفرض المادي . و لكن المطلوب منه أن يسعى لإقناعهم بها وتوجههم للأخذ بها فكراً وممارسة .
تحكيم الشريعة أهمية ومسؤولية ؟
تحكيم الشريعة فريضة وشعيرة من شعائر الإسلام ، لقول الله تعالى : ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) , ولقوله : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) ، ولقوله : (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) ، غير أن هذه الشعيرة والسعي للقيام بها لا تقلل من شأن ومكانة واهمية ما عداها ، تماماً كما أن ما عداها لا يقلل من أهميتها . وهي مهمة جميع المسلمين ، لا كما اصبح يظهر من انها مهمة المنتسبين الى العلوم الشرعية والفقهية والدعوة الى الحق ، وبالإمكان تحكيم الشريعة الاسلامية عبر مجالس النواب التي تتولى وضع واقرار القوانين والتشريعات الرسمية ، ولكن من دون الانتقاص من طبيعة النظام السياسي .
مهمة العلماء والفقهاء والدُعاة :
تنحصر مهمة العلماء والفقهاء والدعاة العامة في بيان مسؤولية كل مسلم في المجتمع الاسلامي عن تطبيق الاسلام في حياته الشخصية والأسرية ودعوة الناس إلى الإسلام بالحسنى والموعظة الحسنة وأن لا يحصروا الإسلام في أي محور من محاوروه الثلاثة ( القيم , الأحكام ، الأخلاق ) . فيصوّر للناس أنه إن قاموا بها فقد قاموا بالإسلام وان انهدم فبئس انتسابهم إليه وصار فارغ المضمون ، ومن ذلك الحصر حصر الاسلام في تنفيذ الحدود ( العقوبات التي فرضها الشارع الحكيم ) .
إنّ الأولى بالعلماء والفقهاء والدعاة أن يتقنوا وظيفتهم في البلاغ والبيان والتبيين والدعوة الى الإسلام بكل شرائعه وشعائره بالحكمة والموعظة الحسنة ، وايضاح واجبات المسلم وصفات الشخصية المسلمة وأن يحافظون على أن يستمر دورهم وعملهم على هذا الصعيد من غير عرقلة وتوقف ، وذلك يحدث حين ينخرطون وبصورة مباشرة في النشاط السياسي وحين يُصدرون أنفسهم بأنهم هم فقط من يستطيع تحكيم الشريعة الإسلامية وأن الشريعة لا يمكن أن تُطبق الا بكسبهم وعملهم ، والعبرة بالنتائج لا بالشعارات ، كما يذهبون يؤسسون الاحزاب السياسية وينافسون على مقاعد البرلمانات والحكومات ، ومن هذا لم تجني الدعوة الاسلامية إلا التعويق والانقطاع والتراجع ولم يجنون هم سوى العنت والتعذيب و القتل . والمهم إعادة مسؤولية هذا الأمر إلى مجموع الجماعة الاسلامية . إنّ من صميم واجبهم الاسهام في تخريج وتربية وتعليم من ينهضون بكافة التكاليف الشرعية و يلتزمون بالسلوك الإسلامي أينما كان عملهم وحيثما استقر بهم في ريف أو في مدينة ، في سهل أو في جبل ، حتى لا يأتي الضرر على الإسلام والمسلمين وسمعتهما من حيث أرادوا تقديم المنفعة والنهوض بالوطن التي هي واجبات الجميع باعتبارهم مؤمنون وشركاء في العمل من أجل الإسلام ومن أجل الوطن .إن الوقت الذي يصنع فيه العالم والفقيه والداعية الحواجز السياسية والحزبية بينهم وبين الناس فانهم يتخلون بطريقة مباشرة عن مهمتهم وتخصصهم الذي يتقنونه للعامة . إنّ شهوة التسلط في الدين وعبر الدين يجب أن تُميتها هذه الشريحة من الناس التي هي لكل الناس ، يجب أن يزهدوا في هذا الميل الذي كذلك هم غير متخصصين في مجالاته وغير مدركين لأعماق العمل السياسي وأبعاده ومدارسه . كما أن من واجبهم أن لا يسخروا علمهم وفقههم لصالح هوى الحاكم و نزوات الحكم ، فيكون الحق والرشد والعدل نصب أعينهم على الدوام سواء وافق رغبة السياسي أم عارضها فليست الطاعة إلا في المعروف .
انه كما يحرص العلماء بالإسلام على التخصص ويبدع أحدهم كلما كان متخصصاً ويتقبل الناس منه كلما كان مخلصاً ومتخصصاً : فقه ، تفسير ، عقيدة ، فان لكل مجال آخر من مجالات الحياة تخصص ويحسن فيه التخصص و يبدع فيه المتخصص ...
لقد أثبتت أحداث الزمان و أحوال البلاد العربية والاسلامية صحة هذا الأمر و نجاعته عبر عقود من الزمن ، فكل صاحب تخصص لا يفارقه و لا يحشر نفسه في زاوية لم يتهيأ لها ولم يتخصص في علومها ..ورحم الله امرؤ عرف قدر نفسه ...ورحم الله امراء اهدى إلي عيوبي ...
إن غرس هم الحق والعدل والفضيلة هي القدر المشترك الذي يحتاجه أبناء الوطن وأفراد الأمة وهنا تحديداً تكمن مهمة العلماء والفقهاء والدعاة وينبغي أن لا يتزحزحوا عن هذه الثغرة وهذه المهمة وأن لا ينصرفوا إلى ما يصرفهم عنها أو يكون سبب يحول بينهم وبينها . وتوريث علمهم وفقههم للراغبين من أبناء الأمة وتحريضهم عليه في المساجد والمدارس والكليات الجامعية وهذه هي رسالتهم في الحياة التي نذروا أنفسهم لها وتحسين مستوى أدائهم لها وابتكار واستيعاب الوسائل الحديثة في هذا السبيل ، ولا بأس بأن ينصح أحدهم الحاكم أو المسؤول بما هو خير و أبرك عاقبة له ولمن يتحمل أعباء المسؤولية عنهم ولكن بما لا يوغر الصدور و لا يُثير الأحقاد و يتسبب في حدوث الصراعات والنكبات ، وليلتمس أحدهم السبل التي لا تحول بينه وبين رسالته ولا بينه وبين قدرته على النصح ، والمؤمن كيّس فطن يهتم بالمضمون لا بالمظهر . ولم يطلب الله تعالى منهم إلا بما يستطيعون ولم يكلفهم إلا قدر وسعهم ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا)) ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) .
مسؤولية تنمية مجتمعات المسلمين و إدارتها من يقوم بها ؟ :
يقوم بهذه المسؤولية الجليلة والعمل النبيل من يختاره أهل تلك المجتمعات عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والمباشرة الرئاسية والنيابية والمحلية التي تستلزم حرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب السياسية المدنية وحرية الاختيار من دون استخدام للنص المقدس ولا المال العام ولا الممتلكات العامة في كل ما يتصل بالأحزاب السياسية والانتخابات ومجمل العملية السياسية والعمل السياسي التنافسي ، وهي تعتبر جزء مهم من التطبيق المعاصر للشورى وهي تدخل ضمن تطبيقات الديمقراطية ، يقول الدكتور وهبة الزُحيلي في حوار معه نشرته جريدة المستقلة اللندنية العدد 81 بتاريخ 27/11/1995م : سمعنا خطأ أن بعض القادة المتطرفين يقولون أن الديمقراطية كفر والدعوة اليها لون من الوان الكفر وانه لا يمكن ان يلتقي الاسلام مع المبادئ الديمقراطية الحديثة . وهذا خطاء محظ . الواقع أن الاسلام في جوانب كثيرة هو دين الديمقراطية صحيح أن الديمقراطية تعطي الحق في انشاء وتشريع القوانين بغالبية ما يُسمى بالمجالس البرلمانية او النيابية او الشعبية ، تعطيهم الحق في تقرير القوانين التي يرونها ، فحينئذ قد يكون هناك تعارض بين هذا المنحى وبين شرع الله ، التشريع في الاسلام في أصوله لله عز وجل ، لكن دور هذه المجالس البرلمانية اذا كانت تستمد قوانينها من الاصول العامة للإسلام في مبدئه عندئذ اكثر هذه القوانين ما هي الا قوانين تنظيمية لا تعارض الاسلام . واذا كانت هذه القوانين لا تتعارض مع الاسلام فحينئذ من السهولة بمكان القول بالتقاء الديمقراطية مع الاسلام ، اذا راعينا أحكام شرع الله ودينه واخذنا بالمفهوم الكلي لتطبيق واحتواء ما جاء به الاسلام .
كلام نفيس للدكتور عبدالكريم زيدان :
و للدكتور عبدالكريم زيدان كلام نفيس أودعه كتابه القيّم (اصول الدعوة) ، الذي هو كتاب أخذته جماعة الإخوان المسلمين بالقبول و الاستنهاج ، نضعه هنا بنصه لأهميته ووضوحه :
(( ومن المعوقات الخارجية للدعوة موقف الحكام من الدعوة والدعاة :
الغالب في موقف الحكام في أغلب الأقطار الإسلامية ـ من الدعوة والدعاة إلى الإسلام سواء كانوا أفراداً أو جماعات هو موقف الشك والارتياب ، فالحكام يظنون بالدعاة ظن السوء وبالتالي تضيق صدورهم بهم وبدعوتهم حتى يصل بهم الحال إلى حد مخاصمتهم ومنعهم من دعوة الناس إلى الإسلام ثم إلى التضييق عليهم بالحبس أو بالإبعاد . ولا شك أنّ هذا الموقف من الحكام عائق قوي لسير الدعوة ولعمل الدعاة ، ولكن ما سبب هذا الموقف من الحكام نحو الدعاة ، والحكام مسلمون ، والدعاة مسلمون ، ودعوتهم إلى الإسلام وهو دين الجميع الحكام والمحكومين ؟ والجواب ـ على ما أرى ـ أنّ الحكام يعتقدون بأن هؤلاء الدعاة يعملون على زعزعة حكمهم وتقويض سلطانهم أو سلبهم هذا السلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام ، والحكم أو السلطان شيء عزيز على النفوس وشيء غالي ونفيس لا تجود به النفس بالتخلي عنه ولا بمسامحة من يظن الحاكم أنه يريد سلب الحكم منه أو زعزعته وتقويضه ليستولي عليه الآخرون . وما يزيد خطورة موقف هؤلاء الحكام من الدعاة ودعوتهم أنّ الدعاة وفيهم من يسمون بـ ( علماء الدين ) أو بـ ( رجال الدين ) يعتقدون أنه لا بد من اتخاذ أحد موقفين من الحكام : موقف المداهنة أو موقف المخاصمة . وبناء على ذلك فمن يحس في نفسه الضعف فإنه يُؤثر موقف المداهنة فيأخذ بمداهنة الحاكم صاحب السلطان ابتداء من غض الطرف عن سيئاته وظلمه وانحرافه عن نهج الإسلام في الحكم وانتهاء إلى مدحه بالرغم من سوء أفعاله . وأما من يحس في نفسه القوة من الدعاة أو علماء الدين أو من الجماعات فيعتقد أن الإسلام يأمره بموقف المخاصمة مع الحكام فإنه يأخذ بالمخاصمة ابتداء من النقد الشديد الخفي وانتهاء بالتحريض على الثورة على هؤلاء الحكام ، وكلا الموقفين غير صحيح ويعتبر عائقاً قوياً لسير الدعوة المبرورة وفتنة للحكام والمحكومين ومعوقا للناس من الاستجابة للدعوة إلى الإسلام . وبيان ذلك : ان الحكام يجدون في مداهنة بعض الدعاة لهم لا سيما من يُسمون برجال الدين او بـ ( علماء الدين ) مبرراً شرعياً او فتوى شرعية على صلاح منهجهم في الحكم وعلى مشروعية سوء افعالهم . كما أن في موقف المداهنة فتنة للناس ؛ اذ يجعلون من هذه المداهنة مبرراً لرفضهم الاستجابة لدعوة الدعاة المخلصين إلى الإسلام او الانضمام إلى جماعتهم لما يرونه من مداهنة البعض للحكام . كما أن في موقف المخاصمة ـ الدعاة للحكام ـ فتنة للحكام والدعاة ولعموم الناس . اما وجه الفتنة للحكام فتظهر في تشديد الايذاء للدعاة بحُجة أن الدعاة ظالمون لبدئهم بالمخاصمة مع الحكام ، والبادئ أظلم ، وأما وجه الفتنة للدعاة فإن الحكام بالحاق الأذى والضرر بالدعاة والمضايقة لهم يحمل بعضهم على التخلي عن العمل الدعوي ، كما سيؤدي إلى شلل الدعوة وتوقفها في جميع مجالاتها لانشغال من بقي من الدعاة بالدفاع عن نفسه بالتخفي والفرار . وأما وجه الفتنة لعموم الناس فتظهر في توقف الاستجابة للدعوة والانصراف عنها وعن جماعتها ممن قد استجاب لها في بادئ الأمر خوفاً من أذى السلطان باتهامه بأنه من الدعاة أو جماعتهم أو المؤيدين لهم ، وفي الناس حب السلامة لأنفسهم من الاذى او من المتاعب والمضايقات فيرون في صدودهم عن الدعوة وانصرافهم عنها طريق السلام المأمون .
ثم يقول صـ 485 ـ 488 : ويتم هذا الحل إن شاء الله تعالى بتصحيح العلاقة فيما بين الحكام وبين الدعاة . وقد ذكرنا من قبل أن الكثير من الدعاة ومعهم بعض العلماء يعتقدون أن الموقف من الحكام أما أن يكون موقف المداهنة وأما أن يكون موقف المخاصمة ، وبيّنا ما ترتب على هذين الموقفين ونقول هنا : إن كلا من هذين الموقفين غير صحيح ولا ينبغي الأخذ به ، لأن الحل الصحيح لعائق الحكام يكون بتصحيح العلاقة بين الدعاة والحكام وبالتالي أخذ الدعاة بالموقف الصحيح من الحكام ، وهذا الموقف الصحيح نجده في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الدين النصيحة )) قلنا : لمن ؟ قال صلى الله عليه وسلم : (( لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم )) . وجاء في شرح هذا الحديث للنوي والخطابي : ( النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحض ـ أي : النفع ـ للمنصوح له . ( والنصيحة لائمة المسلمين ) معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ، وترك الخروج عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة ، وأن لا يُغرُّوا بالثناء الكاذب عليهم و إن يُدعى لهم بالصلاح ...
النصيحة للحكام هي أصل علاقة الدعاة بهم :
فالنصيحة إذن هي قوام العلاقة بين الدعاة والحكام ، فموقف الدعاة الصحيح من الحكام هو موقف الناصح الأمين وليس موقف المداهن ولا المُخاصم ، ومن ثم فالدعاة للإسلام يريدون للحكام الخير في القول والعمل وليس من الخير لهم المداهنة ؛ لأنها نفاق وليس في النفاق خير للمنصوح ولا للناصح ، كما ليس من المخاصمة خير ؛ لأنها تخرج عن طريق النصيحة .
النصيحة للحاكم تقتضي المصارحة :
والنصيحة للحاكم تقتضي المصارحة في بيان ما ينفعه وما هو خير له ، وما ينفعه يقيناً اتباع شرع الله في منهجه في الحياة ومنه منهجه في الحكم . والمصارحة لا تقتضي المُخاشنة في القول للحاكم وانما تقتضي اللين في القول تأسياً بما أمر الله به موسى وهارون عليهما السلام في كيفية مخاطبتهما لفرعون فقال تعالى : (( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )) سورة طه : الآية 43 ـ 44 . كما أنّ اللين لا يقتضي ولا يعني اخفاء الحق أو اخفاء شيء منه وإنما يعني إظهاره وتقديمه بصيغة مقبولة تسهل على المخاطب قبول ما تحتوي النصيحة بهذه الصيغة من حق .
ضميمة الى النصيحة :
ومع النصيحة للحاكم ضميمة له هي اقناع الدعاة للحاكم بانهم في دعوتهم له ولغيره إلى الإسلام واتباع هديه في الحكم إنما يريدون تثبيت حكمه وسلطانه على تقوى الله ؛ لأن السلطان القائم على تقوى الله هو الذي يُكتب له البقاء والثبات ، قال تعالى : ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) التوبة : آية 109 .
ومع ثبات حكم الحاكم القائم على تقوى الله فان لهذا الحاكم منزلة عظيمة عند الله تعالى بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا )) ، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه . وجاء في شرحه : إنّ هذا الفضل إنما هو لمن عدل في ما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء . ومن الواضح أنّ عدل الحاكم هو من تقوى الله ومن جملة منهج الإسلام في الحكم .
الثبات على موقف النصيحة للحاكم :
وقد يُقال : بالرغم من حرص الدعاة على جعل العلاقة مع الحاكم قائمة على النصاحة والنصيحة فان الغالب بقاء الحاكم على ظنه السيء بالدعاة واعتقاده فيهم أنهم ينازعونه الحكم والسلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام وبالتالي يجيز لنفسه التضييق عليهم بشتى الطرق والوسائل ومنها عدم منحهم الاجازة القانونية لقيام جماعاتهم والاعتراف بها قانوناً وبالتالي حرمانهم من العمل الدعوي الجماعي العلني المأذون به قانوناً . فهل يستمر الدعاة على بقاء علاقاتهم به على اساس النصاحة والنصيحة ؟ و الجواب نعم بكل تأكيد ، ما دام العمل الدعوي الفردي يبقى ممكناً ؛ لأن المطلوب من المسلم القيام بالدعوة إلى الإسلام بالصيغة الشرعية الممكنة . وليس المطلوب منه القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام بصيغة معينة يتعذر عليه القيام بها ، بل يمكن القول بأن صيغة العمل الدعوي الفردي هي الأصل في القيام بأداء واجب الدعوة الى الاسلام بدليل قوله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) يوسف : 180 ، هكذا جاء الامر بالدعوة إلى الإسلام بصورة مطلقة غير مقيدة بصيغة العمل الجماعي ، أي : عن طريق انشاء جماعة الدعاة أو الانضمام إلى جماعة الدعاة والقيام بالعمل الدعوي من خلال هذه الجماعة . نعم ، إنّ انشاء جماعة الدعاة او العمل في جماعة الدعاة شيء مرغوب فيه ومشروع ودرجة مشروعيته الجواب الكافي لقوله تعالى : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) آل عمران : 104 ، فمن المرغوب فيه شرعاً أن يشترك المسلم في القيام بهذا الواجب الكفائي بأن يشترك في جماعة الدعوة أو ينظم الى جماعة الدعاة ويقوم بالدعوة إلى الإسلام من خلال هذه الجماعة وحسب منهجها في العمل الدعوي ، إضافة إلى قيامه بواجب الدعوة إلى الإسلام بصفته الفردية . فإذا تعذر على المسلم القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام عن طريق انضمامه الى جماعة الدعاة إما لعدم وجودها أو لمانع شرعي يمنعه من الانضمام اليها عند وجودها فإنّ واجبه نحو الدعوة إلى الإسلام يبقى قائماً وعليه أن يؤديه بصفته الفردية باعتباره واجباً شرعياً عينياً لا تفرغ ذمته منه الا بأدائه . )) انتهى ....
خلاصة خاصة بالإخوان المسلمين :
باعتبار الإخوان المسلمين كبرى المدارس العاملة للإسلام وللمسلمين فهذه خلاصة خاصة بها في هذا المقال العام :
الإخوان المسلمون حركة فوق دعوية ، بل الدعوة بالنسبة لها كما هي هدف فهي وسيلة لكسب الأعضاء والأنصار لتمكين التنظيم الحركي من تنفيذ أهدافه وتحقيق غاياته التي يحمل معظمها رصيد من المشروعية والمعقولية ، ويمكن تعريف حركة الإخوان المسلمين وبعد بحث وتمحيص وتثبت وتدقيق على النحو التالي : حركة إحياء وبناء شاملة نشأت في مصر وتستند في فكرها ومنهجها التكويني والعملي إلى القرآن الكريم والسُنة النبوية والمرجعية الإسلامية بصفة عامة و تنظير مؤسسها الإمام حسن البناء ، وقد تطورت على يديه من جماعة دعوية وتعليمية إلى حركة شاملة في توجهاتها لجميع جوانب الحياة : دعوية ، تعليمية ، سياسية ، عسكرية جهادية ، خيرية ، رياضية .
وهو خيار اختاره الإخوان وارتضوه وهم ماضون فيه باستثناء التخلي العملي عن الجهاد القتالي إلا في حالات خاصة كقطاع غزة و سوريا الثورة المسلحة في الوقت الراهن .. وأعتقد أنّ تاريخ الجماعة ورصيدها من الإنجاز وما حصل لها من تعثر وفشل في أحيان وفي بعض الجوانب والأوقات على المستويين السياسي والعسكري الجهادي بشكل خاص وما جوبهت به من ويلات يقتضي عودة الجماعة إلى كونها جماعة دعوية تعليمية شرعية فقط حقاً وحقيقة ، وإنني أعتقد أنّ بذرة الفشل والتعثر قد انزرعت في جسد الجماعة بهذا الشمول منذ لحظة ميلادها حيث جاءت كدعوة علنية ولها دارها العام المُعلن والمفتوح وكان المناسب لنجاحها بشمولها أن يبقى التنظيم بما فيه عضوية أفراده طي الكتمان والسرية وإلى الأبد وبما في ذلك الاسم واللوائح والمنهج والتأصيل الفكري والتنظيمي ، وما يخرج إلى العلن فقط هو تنظيمات جزئية مجهولة النسب والصلة بين بعضها البعض من ناحية وبينها وبين التنظيم السري وذلك لدى الآخرين ، أي على غرار منظمة الماسونية العالمية مع الفرق الشاسع والبون الساحق بين المنظمتين والغايتين بل و اللامقارنة .وبالإمكان استدراك ما فات من خلال ما يلي :
1) الإعلان عن عودة الجماعة إلى نقطة البدء جماعة دعوية تعليمية شرعية .
2) مأسسة وتخصصية بقية مكونات الجماعة : السياسية ، الخيرية ، الثقافية ، عبر فصل عملها وكياناتها العضوية والتنظيمية عن المؤسسة الدعوية التعليمية الام .
3) الامتناع عن تأسيس أي حزب سياسي مستقبلاً باعتباره ذراع سياسي للإخوان المسلمين بما في ذلك حزب الحرية والعدالة في مصر الذي حله الانقلابيين الدمويين واعتماد الاحزاب الوطنية الخالصة والبحتة التي لا تخلط بين الديني والسياسي وتهتم بشأن تنمية اوطانها في الجوانب المادية فحسب واستلهام تجربة حزب العدالة والتمية التركي على هذا الصعيد .
4) الاعلان عن الغاء شعار الجماعة المرسوم ( سيفين ومصحف وكلمة اعدوا ) واخراجه من حيز التداول في تعامل الجماعة الرسمي والداخلي .
5) قصر الشعار المكتوب والمنطوق للجماعة الدعوية التعليمية على : ( الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول قدوتنا )
وقد سبق لي أن نشرت في هذا مقال تفصيلي بعنوان ( الاخوان المسلمون ..رؤية للتجديد والتطوير ) وبالإمكان مطالعته على هذا الرابط ؟؟؟؟؟؟؟
ومن الأجدى للجماعة وقيادتها ولمجتمعات المسلمين أن تصغي جيداً للنقد لا أن تتعامل معه بترفع واستعلاء وازدراء ، ولا يكون لسان حال قادتها وهم يستمعون للنصح وللنقد أو يطلعون عليه هو ذات لسان حال الأنظمة العربية التي تقبل بسقف واطي من المعارضة : قولوا ما تريدون ونعمل نحن ما نشاء ، ولو لم تكن للنصيحة بين المسلمين من أهمية لما وجدنا أنّ واحد من أربعة شروط للفلاح هو التواصي بالحق ، ولما وجدنا القرآن والسنة حافلين بالحديث عن أهمية ونماذج للشورى والتناصح داخل صف المؤمنين .
الاثنين، 1 ديسمبر 2014
التحالف الاستراتيجي القادم
التحالف الاستراتيجي القادم
( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم )
بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث
تعيش منطقتنا الاسلامية وشعوبها في حال من الصراع والتردي والدمار والتخلف وفقدان الكرامة المنشودة والعزة المأمولة ، ولاستنقاذها من واقعها السيئ وتجنيبها الأسواء الذي لم يأتي بعد وتفويت الكيد الرخيص ضدها ، أقدّم بكل تواضع هذه الرؤية من أجل مستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم .
الأداة :
تحالف من اجل العدالة والسلام والتقدم ومنع الهيمنة الامبريالية العدوانية الظالمة يضم القوى والاطراف التالية : إيران و تركيا وقطر والإخوان المسلمين والجهاديين المعتدلين .
الاهداف المشتركة لقوى التحالف :
1) التصدي لطموحات الهيمنة الامريكية بأدواتها المختلفة وصورها المتعددة .
2) التصدي للمؤامرة التي تستهدف عقيدة الامة وقيمها وهويتها الاسلامية .
3) محاصرة المشروع الصهيوني الاستيطاني وارغامه على التنازل عن مطامعه التوسعية والاستيطانية واقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على اراضي 47بحسب قرار التقسيم مع بعض الاستثناءات اللازمة لصفقة تضمن العيش المشترك المستمر ، ووفق صيغة سبق ان بينتها في مقال منفصل تحت هذا الرابط : ؟؟؟؟؟؟.
4) وضع حد للتآمر الامريكي السعودي الاماراتي ضد شعوب المنطقة وارادتها الحرة وحق ابنائها في العيش بسلام .
5) افشال و اسكات النوايا الاقصائية الدموية لدى النخب المنفلتة من قيم الامة و ثوابتها واخلاقياتها .
6) ضمان حد مقبول من التعايش السلمي والقبول بالآخر داخل المنطقة التحالفية بدرجة اولى
7) تأسيس المزيد من الدول الاسلامية الديمقراطية العادلة
8) تكوين قوة ردع مشتركة كافية وفق المنظور الاستراتيجي
9) تحقيق التقدم والتنمية العزة والكرامة لشعوب التحالف
10) صناعة وتقديم النموذج الاسلامي الناجح للحكم الحديث
القواسم المشتركة :
1) الاسلامية
2) غاية نصرة المستضعفين
3) العداء للهيمنة الغربية و الصهيونية
4) الحاجة اللازمة والمُلحة لبعضها البعض
5) التاريخ المشترك
مصالح و أهداف كل طرف على حدة :
اولاً : ايران :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم ولاية الفقيه فيها
2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة للمستضعفين
3) ضمان بقاء دورها المحوري ومكانتها الاقليمية
4) ضمان حق الشيعة و حلفائها المقربين في ان يكون لهم موقعهم ومكانتهم في اقطارهم
5) تمكينها من امتلاك سلاح الردع النووي
ثانياً : تركيا :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار الحكم الديمقراطي الجمهوري فيها
2) الحفاظ على موقع ريادي بين دول المنطقة
3) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة
ثالثاً : قطر :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم آل خليفة العادل التنموي
2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة
رابعاً : الاخوان المسلمون و الجهاديين المعتدلين ( في سوريا واليمن وليبيا ومصر) :
1) تحرير ما يمكن من الاراضي الفلسطينية و تحرير الاقصى من الاحتلال الاسرائيلي
2) اقامة حكم رشيد في اوطانهم
3) ضمان امنهم وسلامتهم ومنع مطاردتهم
4) تمكينهم من المشاركة الفاعلة والايجابية في بناء اوطانهم
5) ادماج الراغبين منهم في الجيوش الوطنية الدفاعية
هدف اقليمي :
اقامة دول اسلامية ديمقراطية في كل من : مصر ، سوريا ، اليمن ، العراق ، ليبيا ، فلسطين ، بنظام مختلط ( رئاسي نيابي ) يتولى فيه مجلس النواب تشكيل الحكومة بحسب الاغلبية المطلقة . وتكون فيدرالية كلما كان التعايش المشترك يتطلب ذلك ...
هدف عالمي :
اقامة تحالف اسلامي ـ صيني ـ روسي من اجل العدالة والتقدم والعيش المشترك والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل ... بالإمكان ان تنظم اليه أي دولة اسلامية او مُستضعفة كماليزيا و باكستان وافغانستان و كوبا و فينزويلا والبرازيل ....
التحالف الاستراتيجي القادم ( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم )
التحالف الاستراتيجي القادم
( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم )
بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث
تعيش منطقتنا الاسلامية وشعوبها في حال من الصراع والتردي والدمار والتخلف وفقدان الكرامة المنشودة والعزة المأمولة ، ولاستنقاذها من واقعها السيئ وتجنيبها الأسواء الذي لم يأتي بعد وتفويت الكيد الرخيص ضدها ، أقدّم بكل تواضع هذه الرؤية من أجل مستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم .
الأداة :
تحالف من اجل العدالة والسلام والتقدم ومنع الهيمنة الامبريالية العدوانية الظالمة يضم القوى والاطراف التالية : إيران و تركيا وقطر والإخوان المسلمين والجهاديين المعتدلين .
الاهداف المشتركة لقوى التحالف :
1) التصدي لطموحات الهيمنة الامريكية بأدواتها المختلفة وصورها المتعددة .
2) التصدي للمؤامرة التي تستهدف عقيدة الامة وقيمها وهويتها الاسلامية .
3) محاصرة المشروع الصهيوني الاستيطاني وارغامه على التنازل عن مطامعه التوسعية والاستيطانية واقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على اراضي 47بحسب قرار التقسيم مع بعض الاستثناءات اللازمة لصفقة تضمن العيش المشترك المستمر ، ووفق صيغة سبق ان بينتها في مقال منفصل تحت هذا الرابط : ؟؟؟؟؟؟.
4) وضع حد للتآمر الامريكي السعودي الاماراتي ضد شعوب المنطقة وارادتها الحرة وحق ابنائها في العيش بسلام .
5) افشال و اسكات النوايا الاقصائية الدموية لدى النخب المنفلتة من قيم الامة و ثوابتها واخلاقياتها .
6) ضمان حد مقبول من التعايش السلمي والقبول بالآخر داخل المنطقة التحالفية بدرجة اولى
7) تأسيس المزيد من الدول الاسلامية الديمقراطية العادلة
8) تكوين قوة ردع مشتركة كافية وفق المنظور الاستراتيجي
9) تحقيق التقدم والتنمية العزة والكرامة لشعوب التحالف
10) صناعة وتقديم النموذج الاسلامي الناجح للحكم الحديث
القواسم المشتركة :
1) الاسلامية
2) غاية نصرة المستضعفين
3) العداء للهيمنة الغربية و الصهيونية
4) الحاجة اللازمة والمُلحة لبعضها البعض
5) التاريخ المشترك
مصالح و أهداف كل طرف على حدة :
اولاً : ايران :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم ولاية الفقيه فيها
2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة للمستضعفين
3) ضمان بقاء دورها المحوري ومكانتها الاقليمية
4) ضمان حق الشيعة و حلفائها المقربين في ان يكون لهم موقعهم ومكانتهم في اقطارهم
5) تمكينها من امتلاك سلاح الردع النووي
ثانياً : تركيا :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار الحكم الديمقراطي الجمهوري فيها
2) الحفاظ على موقع ريادي بين دول المنطقة
3) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة
ثالثاً : قطر :
1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم آل خليفة العادل التنموي
2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة
رابعاً : الاخوان المسلمون و الجهاديين المعتدلين ( في سوريا واليمن وليبيا ومصر) :
1) تحرير ما يمكن من الاراضي الفلسطينية و تحرير الاقصى من الاحتلال الاسرائيلي
2) اقامة حكم رشيد في اوطانهم
3) ضمان امنهم وسلامتهم ومنع مطاردتهم
4) تمكينهم من المشاركة الفاعلة والايجابية في بناء اوطانهم
5) ادماج الراغبين منهم في الجيوش الوطنية الدفاعية
هدف اقليمي :
اقامة دول اسلامية ديمقراطية في كل من : مصر ، سوريا ، اليمن ، العراق ، ليبيا ، فلسطين ، بنظام مختلط ( رئاسي نيابي ) يتولى فيه مجلس النواب تشكيل الحكومة بحسب الاغلبية المطلقة . وتكون فيدرالية كلما كان التعايش المشترك يتطلب ذلك ...
هدف عالمي :
اقامة تحالف اسلامي ـ صيني ـ روسي من اجل العدالة والتقدم والعيش المشترك والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل ... بالإمكان ان تنظم اليه أي دولة اسلامية او مُستضعفة كماليزيا و باكستان وافغانستان و كوبا و فينزويلا والبرازيل ....
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)