بقلم : مرعي حميد
لو صدق علي عبدالله صالح للمجاميع للمجاميع في ميدان السبعين لقال :
أيتها المجاميع المحتشدة للزلط اسمعوني جيداً وأنا المرة هذه با أتكلم معكم بصراحة وحبوب حبوب لا تغب ما حدش يزعل من الثاني ..
إنّ من أفضل ما أنجزته خلال حكمي أنني أفقرتكم ، والله لو ما أفقرتكم ما جيتم إلى هذه الساحة ولكنتم عند المشترك ، صحيح فيه فقراء عند المشترك مثلكم ولكن فقراء الساحات والميادين عندهم كرامة وعقل مش كله زلط في زلط زيكم ، فقراء المشترك أحسن من فقرائي، انتم مثلي ترضون ببيع الوطن بأي مبلغ لكن فقراء المشترك مثله ما يرضون ببيع الوطن بل يضحون بالدم حق صدق مش شعارات زيكم وزيي وجلسين في اماكنهم مش زيكم ساعة زمان وهت الزلط ياعلي وإلا هتفنا ضدك ،لما تطلق عصاباتي وبلاطجتي عليهم الرصاص والله ما كنت متوقع أنهم عايصمدوا بعد ما قتلت منهم مقتلة الجمعة لكنهم والله رجال حق صدق مش زيي ولا زيكم ،أنا اعرف أنني انكشفت للعالم أني سفاح وعيالي زيي انكشفوا لكن إيش تبغونا اعمل، كنت أقول لنفسي وعيالي تصرفوا وارعبوا أماتهم وأهلهم وعيالهم وقتلوا وبعدين عيفحطوا بايهربون ونحل المشكلة ونعملهم في سجل الشهداء ونديهم رواتب و سدوها بعودي ،لكن المصيبة كانت كبيرة أنهم مستعدين يفدون الوطن بالدم حق صدق مش زيكم ولا زيي ومش مستعدين يرحلوا من أماكنهم إلا بعد رحيلي والخبره يقولوا لي صلب لكن صبري منتهي انا لا استطيع الصبر على كرامتي تنداس اكثر والافضل لي ان ارحل لاتمكنونني شعارات قدني طفشان منها، و هي قدها مكشوفة لكن المصيبة لي ما توقعناها لما كنا نخطط فضحونحنا القناصين بعضهم وقعوا في أيدي المعتصمين وحققوا معهم وصوروهم فيديو وقد العالم داري حتى انتم داريين ولو ما أفقرتكم وأنكم بلا كرامة ما انتم قدامي هنا في السبعين ، ياجماعة والله عذبناهم عذاب مابعده ،ماشي فايده حتى قنابل الأعصاب الغازية لي استلمناها من أمريكا على شان نحارب الإرهاب حق القاعدة على قولتنا استخدمناها ضدهم ماشي فايده ، مش هذا وبس أعداد المعتصمين في الساحات يزيدون كلما اذيناهم وقتلنا منهم وسال الدم بينهم ، حتى صوركم اللي دبلجناها انكشفت أنها مزورة والعالم كله عرف بهذا وبعدين نعطيكم زلط وتروحون تقولون لوسائل الإعلام وفضحتوا بنا وخليتم ذكرنا على كل لسان .. أمريكا وبريطانيا والخليج والكل عارفين انكم جيتم هنا بالفلوس حتى واحد يمني في الصين قال ان من يجي السبعين ندي له سبعين ، الصراحة كل شي مكشوف ، حتى العدي المزورة اللي نوزعها عليكم هنا كل جمعة انكشفت أنها مزورة وايش باقي معي هددتهم بالحرب الاهلية و وزعت بنادق وزلط لكن البعض استلم وانظم للثورة ضدي ، جربت كل الحيل معاد حد صدقنا حتى السعوديو وامريكا والخارج و الاعتصامات تزيد في كل يوم وهذا اسواء شي لو أنها تنقص بانصبر عليهم لما يخلصوا الآن بالعكس يزيدون ، وبدل ما كانوا يطالبون برحيلي وبس الآن يريدون محاكمتي على شان يشنقونني واحمد وخالد زي صدام وعياله الاثنين لما خيوطهم الأمريكان بالرصاص ،معه اثنين عدي وقصي ومعي اثنين احمد وخالد لكن صدام انهزم أمام العدو وأنا انهزمت أمام شعبي، فضحوا بي ولاخلو شي .
أنا ربما ارحل لكن أنصحكم قبل الرحيل إذا قد أنا رحلت ان تكونوا واقعيين في أحلامكم فانا حلمت أنني سأبقى على الكرسي إلى ان أموت و يجي بعدي احمد وعملت الحرس الجمهوري والأمن القومي والأمن المركزي ضمان لذلك وكنت أتحدى المشترك وأقول لهم الكرسي ابعد عليكم من عين الشمس لكن ما كنت احسب حساب ان الثورة الشبابية الشعبية هذه باتحدث ولولا أنها ضدي لكنت افخر بها ان شعبي ثار هذه الثورة السلمية العجيبة ، حتى السلاح حقهم نسيوه وكانحنا في حلم مش في واقع
المهم معاد باطول عليكم جمعة مباركة وأنا يمكن امشي زي مايقولون والصراحة أنا متأكد انه انتم قبل المعتصمين سد الجامعة الجديدة باتقولون ليش ما رحلت من زمان لماتشوفون خيرات بلادكم اللي العب بها أنا والشلة الفاسدين والمقربين والمنتفعين اصحاب الجيوب الواسعة ، وان بكره لناظرها قريبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الخميس، 14 أبريل 2011
لو صدق علي صالح لقال..
بقلم : مرعي حميد
لو صدق علي عبدالله صالح للمجاميع للمجاميع في ميدان السبعين لقال :
أيتها المجاميع المحتشدة للزلط اسمعوني جيداً وأنا المرة هذه با أتكلم معكم بصراحة وحبوب حبوب لا تغب ما حدش يزعل من الثاني ..
إنّ من أفضل ما أنجزته خلال حكمي أنني أفقرتكم ، والله لو ما أفقرتكم ما جيتم إلى هذه الساحة ولكنتم عند المشترك ، صحيح فيه فقراء عند المشترك مثلكم ولكن فقراء الساحات والميادين عندهم كرامة وعقل مش كله زلط في زلط زيكم ، فقراء المشترك أحسن من فقرائي، انتم مثلي ترضون ببيع الوطن بأي مبلغ لكن فقراء المشترك مثله ما يرضون ببيع الوطن بل يضحون بالدم حق صدق مش شعارات زيكم وزيي وجلسين في اماكنهم مش زيكم ساعة زمان وهت الزلط ياعلي وإلا هتفنا ضدك ،لما تطلق عصاباتي وبلاطجتي عليهم الرصاص والله ما كنت متوقع أنهم عايصمدوا بعد ما قتلت منهم مقتلة الجمعة لكنهم والله رجال حق صدق مش زيي ولا زيكم ،أنا اعرف أنني انكشفت للعالم أني سفاح وعيالي زيي انكشفوا لكن إيش تبغونا اعمل، كنت أقول لنفسي وعيالي تصرفوا وارعبوا أماتهم وأهلهم وعيالهم وقتلوا وبعدين عيفحطوا بايهربون ونحل المشكلة ونعملهم في سجل الشهداء ونديهم رواتب و سدوها بعودي ،لكن المصيبة كانت كبيرة أنهم مستعدين يفدون الوطن بالدم حق صدق مش زيكم ولا زيي ومش مستعدين يرحلوا من أماكنهم إلا بعد رحيلي والخبره يقولوا لي صلب لكن صبري منتهي انا لا استطيع الصبر على كرامتي تنداس اكثر والافضل لي ان ارحل لاتمكنونني شعارات قدني طفشان منها، و هي قدها مكشوفة لكن المصيبة لي ما توقعناها لما كنا نخطط فضحونحنا القناصين بعضهم وقعوا في أيدي المعتصمين وحققوا معهم وصوروهم فيديو وقد العالم داري حتى انتم داريين ولو ما أفقرتكم وأنكم بلا كرامة ما انتم قدامي هنا في السبعين ، ياجماعة والله عذبناهم عذاب مابعده ،ماشي فايده حتى قنابل الأعصاب الغازية لي استلمناها من أمريكا على شان نحارب الإرهاب حق القاعدة على قولتنا استخدمناها ضدهم ماشي فايده ، مش هذا وبس أعداد المعتصمين في الساحات يزيدون كلما اذيناهم وقتلنا منهم وسال الدم بينهم ، حتى صوركم اللي دبلجناها انكشفت أنها مزورة والعالم كله عرف بهذا وبعدين نعطيكم زلط وتروحون تقولون لوسائل الإعلام وفضحتوا بنا وخليتم ذكرنا على كل لسان .. أمريكا وبريطانيا والخليج والكل عارفين انكم جيتم هنا بالفلوس حتى واحد يمني في الصين قال ان من يجي السبعين ندي له سبعين ، الصراحة كل شي مكشوف ، حتى العدي المزورة اللي نوزعها عليكم هنا كل جمعة انكشفت أنها مزورة وايش باقي معي هددتهم بالحرب الاهلية و وزعت بنادق وزلط لكن البعض استلم وانظم للثورة ضدي ، جربت كل الحيل معاد حد صدقنا حتى السعوديو وامريكا والخارج و الاعتصامات تزيد في كل يوم وهذا اسواء شي لو أنها تنقص بانصبر عليهم لما يخلصوا الآن بالعكس يزيدون ، وبدل ما كانوا يطالبون برحيلي وبس الآن يريدون محاكمتي على شان يشنقونني واحمد وخالد زي صدام وعياله الاثنين لما خيوطهم الأمريكان بالرصاص ،معه اثنين عدي وقصي ومعي اثنين احمد وخالد لكن صدام انهزم أمام العدو وأنا انهزمت أمام شعبي، فضحوا بي ولاخلو شي .
أنا ربما ارحل لكن أنصحكم قبل الرحيل إذا قد أنا رحلت ان تكونوا واقعيين في أحلامكم فانا حلمت أنني سأبقى على الكرسي إلى ان أموت و يجي بعدي احمد وعملت الحرس الجمهوري والأمن القومي والأمن المركزي ضمان لذلك وكنت أتحدى المشترك وأقول لهم الكرسي ابعد عليكم من عين الشمس لكن ما كنت احسب حساب ان الثورة الشبابية الشعبية هذه باتحدث ولولا أنها ضدي لكنت افخر بها ان شعبي ثار هذه الثورة السلمية العجيبة ، حتى السلاح حقهم نسيوه وكانحنا في حلم مش في واقع
المهم معاد باطول عليكم جمعة مباركة وأنا يمكن امشي زي مايقولون والصراحة أنا متأكد انه انتم قبل المعتصمين سد الجامعة الجديدة باتقولون ليش ما رحلت من زمان لماتشوفون خيرات بلادكم اللي العب بها أنا والشلة الفاسدين والمقربين والمنتفعين اصحاب الجيوب الواسعة ، وان بكره لناظرها قريبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لو صدق علي عبدالله صالح للمجاميع للمجاميع في ميدان السبعين لقال :
أيتها المجاميع المحتشدة للزلط اسمعوني جيداً وأنا المرة هذه با أتكلم معكم بصراحة وحبوب حبوب لا تغب ما حدش يزعل من الثاني ..
إنّ من أفضل ما أنجزته خلال حكمي أنني أفقرتكم ، والله لو ما أفقرتكم ما جيتم إلى هذه الساحة ولكنتم عند المشترك ، صحيح فيه فقراء عند المشترك مثلكم ولكن فقراء الساحات والميادين عندهم كرامة وعقل مش كله زلط في زلط زيكم ، فقراء المشترك أحسن من فقرائي، انتم مثلي ترضون ببيع الوطن بأي مبلغ لكن فقراء المشترك مثله ما يرضون ببيع الوطن بل يضحون بالدم حق صدق مش شعارات زيكم وزيي وجلسين في اماكنهم مش زيكم ساعة زمان وهت الزلط ياعلي وإلا هتفنا ضدك ،لما تطلق عصاباتي وبلاطجتي عليهم الرصاص والله ما كنت متوقع أنهم عايصمدوا بعد ما قتلت منهم مقتلة الجمعة لكنهم والله رجال حق صدق مش زيي ولا زيكم ،أنا اعرف أنني انكشفت للعالم أني سفاح وعيالي زيي انكشفوا لكن إيش تبغونا اعمل، كنت أقول لنفسي وعيالي تصرفوا وارعبوا أماتهم وأهلهم وعيالهم وقتلوا وبعدين عيفحطوا بايهربون ونحل المشكلة ونعملهم في سجل الشهداء ونديهم رواتب و سدوها بعودي ،لكن المصيبة كانت كبيرة أنهم مستعدين يفدون الوطن بالدم حق صدق مش زيكم ولا زيي ومش مستعدين يرحلوا من أماكنهم إلا بعد رحيلي والخبره يقولوا لي صلب لكن صبري منتهي انا لا استطيع الصبر على كرامتي تنداس اكثر والافضل لي ان ارحل لاتمكنونني شعارات قدني طفشان منها، و هي قدها مكشوفة لكن المصيبة لي ما توقعناها لما كنا نخطط فضحونحنا القناصين بعضهم وقعوا في أيدي المعتصمين وحققوا معهم وصوروهم فيديو وقد العالم داري حتى انتم داريين ولو ما أفقرتكم وأنكم بلا كرامة ما انتم قدامي هنا في السبعين ، ياجماعة والله عذبناهم عذاب مابعده ،ماشي فايده حتى قنابل الأعصاب الغازية لي استلمناها من أمريكا على شان نحارب الإرهاب حق القاعدة على قولتنا استخدمناها ضدهم ماشي فايده ، مش هذا وبس أعداد المعتصمين في الساحات يزيدون كلما اذيناهم وقتلنا منهم وسال الدم بينهم ، حتى صوركم اللي دبلجناها انكشفت أنها مزورة والعالم كله عرف بهذا وبعدين نعطيكم زلط وتروحون تقولون لوسائل الإعلام وفضحتوا بنا وخليتم ذكرنا على كل لسان .. أمريكا وبريطانيا والخليج والكل عارفين انكم جيتم هنا بالفلوس حتى واحد يمني في الصين قال ان من يجي السبعين ندي له سبعين ، الصراحة كل شي مكشوف ، حتى العدي المزورة اللي نوزعها عليكم هنا كل جمعة انكشفت أنها مزورة وايش باقي معي هددتهم بالحرب الاهلية و وزعت بنادق وزلط لكن البعض استلم وانظم للثورة ضدي ، جربت كل الحيل معاد حد صدقنا حتى السعوديو وامريكا والخارج و الاعتصامات تزيد في كل يوم وهذا اسواء شي لو أنها تنقص بانصبر عليهم لما يخلصوا الآن بالعكس يزيدون ، وبدل ما كانوا يطالبون برحيلي وبس الآن يريدون محاكمتي على شان يشنقونني واحمد وخالد زي صدام وعياله الاثنين لما خيوطهم الأمريكان بالرصاص ،معه اثنين عدي وقصي ومعي اثنين احمد وخالد لكن صدام انهزم أمام العدو وأنا انهزمت أمام شعبي، فضحوا بي ولاخلو شي .
أنا ربما ارحل لكن أنصحكم قبل الرحيل إذا قد أنا رحلت ان تكونوا واقعيين في أحلامكم فانا حلمت أنني سأبقى على الكرسي إلى ان أموت و يجي بعدي احمد وعملت الحرس الجمهوري والأمن القومي والأمن المركزي ضمان لذلك وكنت أتحدى المشترك وأقول لهم الكرسي ابعد عليكم من عين الشمس لكن ما كنت احسب حساب ان الثورة الشبابية الشعبية هذه باتحدث ولولا أنها ضدي لكنت افخر بها ان شعبي ثار هذه الثورة السلمية العجيبة ، حتى السلاح حقهم نسيوه وكانحنا في حلم مش في واقع
المهم معاد باطول عليكم جمعة مباركة وأنا يمكن امشي زي مايقولون والصراحة أنا متأكد انه انتم قبل المعتصمين سد الجامعة الجديدة باتقولون ليش ما رحلت من زمان لماتشوفون خيرات بلادكم اللي العب بها أنا والشلة الفاسدين والمقربين والمنتفعين اصحاب الجيوب الواسعة ، وان بكره لناظرها قريبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كرامة تأبى الانتقاص
بقلم : مرعي حميد
لقد كرم الله عز وجل الإنسان و أخبر بذلك في قوله تعالى : ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ )) ، وقد كرم الله عز وجل الإنسان بان نفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته ورزقه نعمة العقل وبعث له الأنبياء والرسل وخلق كل هذه الأرض وهيأها تماماً لهذا الإنسان ليعمرها وليعش فيها بكرامته.
و إنّ الحفاظ على هذه الكرامة هو في مقدمة ما ينشده الإنسان وان اضطر أحياناً ليُقدم ثمناً باهظاً في سبيل ذلك ، الكرامة قيمة أساسية للإنسان السوي لا تُقدر بثمن ، وهي مصدر للعزة والفخار ، هي حاجة أساسية للإنسان ،أكثر قيمة عنده من الماء والغذاء ـ حاجة أساسية يحتد من اجلها و يتحول إلى أسد هصور من اجل ذلك ، وقد يدفع حياته ثمناً لكرامته ، فلا يرضى حياة بدون كرامة ، إنها مرادف للعزة ، عزة النفس والضمير ، و إذا كانت هناك كرامة للإنسان كفرد فهناك كذلك كرامة جمعية ، للمجتمع ، للأمة ، للطائفة ، وهي في العقل الجمعي تستحق الفداء والبذل لتحقيقها وللحفاظ عليها من قُطاع الطرق ، وفي حال تتعرض للسلب والانتهاك فان القط الوديع الناعم الملمس الكامن في صميم وجدان الإنسان يتحول إلى قط مُكشر عن أظفاره وأنيابه لاستردادها كقيمة لا غنى له عنها ، وهو مستعد لدفع الضريبة اللازمة والكافية لاستردادها غير نادم ولا متأسف .
تلك الكرامة لطالما دبج فيها الشعراء شعرهم وسطر لأجلها الأدباء والبلغاء أحرف من نار ونور :
قال الشريف الرضي :
فأوسعني قبل العطاء كرامة وَلا مَرْحَباً بالمَالِ إنْ لَمْ أُكَرَّمِ
وإني إذا ما قلت في غير ماجد مديحاً كأنّي لائك طعم علقم
فالكرامة عنده أولى وارفع من المال وكرامته تأبى عليه ان يمتدح من لا يستحق المدح
وهذا الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري يقول مصوراً حال بعض الكرامة :
وهَوَت كرامةٌ تولَّت أمرها خِططٌ ، تولَّى امَرها إحكام
فكرامةٌ يُهزَى بها ، وكرامةٌ يُرثى لها ، وكرامةٌ تُستام
ومن الشعر العامي يقول الحميدي الثقفي مصوراً مكانة الكرامة :
كرامة النفس عندي فوق في القمة
وتثور من دونها .. ناري ، ودخاني
و نختم من ـــ ديوان العرب ـــ بالقول المشهور لعنترة بن شداد العبسي :
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
إنّ للإنسان كرامة ولدت بمولده ،و هناك كرامات مُضافة من بعد ميلاد : كرامة تدينه وتنسكه لله خالقه ومولاه ، وكرامة يكسوها عليه مجد أمته وشرفها ، وهو يكتسب من كرامة أمته كرامة ، ولعل كرامة امرؤ أفاضت على مجتمعه وأمته شرفاً وكرامة ، وما كرامة الأمة إلا كرامة أفرادها ودينها وتاريخها مجتمعه . والكرامة تنتقل من البشر إلى ما كرمه رب البشر ، والى ما اكتسب في التجربة الإنسانية نوع كرامة وعزة ، فهو كريماً يستحق الذود بالمهج والفداء بالأرواح .
ويميل الإنسان إلى كل ما يعزز شعوره بالكرامة فيؤيده أنى وسعته القدرة والحيل ، ويفرح لانجازاته و تنغص حياته المتاعب ان واجهها ، و يعطي الإنسان ولاءه لما يزيد نصيبه من الشعور بالكرامة والتمتع بمزيد دلالاتها ومضامينها والعكس صحيح .
و تبقى مع هذا قلة من الناس باعت كرامتها وشرفها وعزتها ورضيت لكل ذلك بالدنس والتدنيس مقابل متاع من الدنيا حقير و زائف وزائل وهذا انتكاس في الفطرة قد تصحى منه وتعود إلى كرامتها المُهدرة ترممها وتعززها وتُعيد لها مجدها ، وقد تستمسك بهوانها وخستها ودناءتها وتمضي بهذا كله إلى القبر المادي بعد ان قبرت نفسها معنوياً وهي تدب بمهانتها و وضاعتها على الأرض.
ويضرب لنا مثلاً في الاستماتة الفردية من اجل الكرامة الشاب الشهير التونسي محمد البوعزيزي الذي حوّل جسده إلى صاعق ، وهو لم يدر بخلده أن يكون كذلك ، صاعق لقنبلة الغضب التونسي المحبوس في قمقمه ، و موقف الشرع الحكيم من هكذا عمل وتصرف معلوم ، ولكن علينا كأمة عربية إسلامية مؤمنة أن تدعي لهذا الشاب بالرحمة المغفرة وان تتصدق عنه ،وقد وجدنا في هذا الشاب الجامعي ، بائع الخضار على عربته ، الذي تعرضت له شرطية بالضرب على وجهه ـ شُلت يديها ورجليها ولا أراها الله سرورا في حياتها ما عاشت وجزاها ما تستحق على دناءتها وخستها ـ محترقاً احتجاجاً منه على فعل ووضع مزرٍ لم تحتمل كرامته معهما عيش ، علينا نحن العرب الذين وجدناه صاعقاً فجر قنبلة الغضب الشعبي العارم في تونس الأبية لتضرب لنا أروع نموذج معاصر نحن أحوج ما نكون إليه في الثورة والتثوير الذي يعصف بالجبابرة المعتقدين في ذواتهم البقاء متسلطين جاثمين على أعناق شعوبهم ، لا بل ويورثون استبدادهم وتسلطهم لإقربائهم ، علينا كأمة عربية إسلامية أن لا ننسى أن نبتهل إلى الله عز وجل في صلاتنا سجوداً خصوصاً ، وفي غيرها ان ندعو لمحمد البوعزيزي بالرحمة والمغفرة وان يصفح الله عنه ويتجاوز عنه ونتوسل إليه جل جلاله الرحيم الودود من اجل ذلك ، وهذا اكبر عرفان ممكن نقدمه للشاب التونسي عزيز النفس محمد البوعزيزي ، وليكفل الموسرين في العالم العربي أسرته المكلومة أو لتفعلها الحكومة التونسية ، وفي المقابل فانه شرعاً لايجوز ولا ينبغي لإي عربي أن يقدم من بعده على فعل كفعله فهو كان بجسده الصاعق لقنبلة الشعب التونسي و كفى بها وحدها صاعقاً يفجّر كل الشعوب العربية الواقعة تحت عسف الطغاة وأذنابها ، ومثال شعوبنا وتونس و البوعزيزي من دنيا العلوم قنبلة هيدروجينية صاعقها قنبلة نووية وصاعقها فتيل بداخلها ، البوعزيزي صيّر جسده الفتيل والشعب التونسي القنبلة النووية ولنكن نحن الشعوب العربية القنبلة الهيدروجينية . لقد غدا البوعزيزي رمز للكرامة التي تأبى الانتقاص .
لقد كرم الله عز وجل الإنسان و أخبر بذلك في قوله تعالى : ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ )) ، وقد كرم الله عز وجل الإنسان بان نفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته ورزقه نعمة العقل وبعث له الأنبياء والرسل وخلق كل هذه الأرض وهيأها تماماً لهذا الإنسان ليعمرها وليعش فيها بكرامته.
و إنّ الحفاظ على هذه الكرامة هو في مقدمة ما ينشده الإنسان وان اضطر أحياناً ليُقدم ثمناً باهظاً في سبيل ذلك ، الكرامة قيمة أساسية للإنسان السوي لا تُقدر بثمن ، وهي مصدر للعزة والفخار ، هي حاجة أساسية للإنسان ،أكثر قيمة عنده من الماء والغذاء ـ حاجة أساسية يحتد من اجلها و يتحول إلى أسد هصور من اجل ذلك ، وقد يدفع حياته ثمناً لكرامته ، فلا يرضى حياة بدون كرامة ، إنها مرادف للعزة ، عزة النفس والضمير ، و إذا كانت هناك كرامة للإنسان كفرد فهناك كذلك كرامة جمعية ، للمجتمع ، للأمة ، للطائفة ، وهي في العقل الجمعي تستحق الفداء والبذل لتحقيقها وللحفاظ عليها من قُطاع الطرق ، وفي حال تتعرض للسلب والانتهاك فان القط الوديع الناعم الملمس الكامن في صميم وجدان الإنسان يتحول إلى قط مُكشر عن أظفاره وأنيابه لاستردادها كقيمة لا غنى له عنها ، وهو مستعد لدفع الضريبة اللازمة والكافية لاستردادها غير نادم ولا متأسف .
تلك الكرامة لطالما دبج فيها الشعراء شعرهم وسطر لأجلها الأدباء والبلغاء أحرف من نار ونور :
قال الشريف الرضي :
فأوسعني قبل العطاء كرامة وَلا مَرْحَباً بالمَالِ إنْ لَمْ أُكَرَّمِ
وإني إذا ما قلت في غير ماجد مديحاً كأنّي لائك طعم علقم
فالكرامة عنده أولى وارفع من المال وكرامته تأبى عليه ان يمتدح من لا يستحق المدح
وهذا الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري يقول مصوراً حال بعض الكرامة :
وهَوَت كرامةٌ تولَّت أمرها خِططٌ ، تولَّى امَرها إحكام
فكرامةٌ يُهزَى بها ، وكرامةٌ يُرثى لها ، وكرامةٌ تُستام
ومن الشعر العامي يقول الحميدي الثقفي مصوراً مكانة الكرامة :
كرامة النفس عندي فوق في القمة
وتثور من دونها .. ناري ، ودخاني
و نختم من ـــ ديوان العرب ـــ بالقول المشهور لعنترة بن شداد العبسي :
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
إنّ للإنسان كرامة ولدت بمولده ،و هناك كرامات مُضافة من بعد ميلاد : كرامة تدينه وتنسكه لله خالقه ومولاه ، وكرامة يكسوها عليه مجد أمته وشرفها ، وهو يكتسب من كرامة أمته كرامة ، ولعل كرامة امرؤ أفاضت على مجتمعه وأمته شرفاً وكرامة ، وما كرامة الأمة إلا كرامة أفرادها ودينها وتاريخها مجتمعه . والكرامة تنتقل من البشر إلى ما كرمه رب البشر ، والى ما اكتسب في التجربة الإنسانية نوع كرامة وعزة ، فهو كريماً يستحق الذود بالمهج والفداء بالأرواح .
ويميل الإنسان إلى كل ما يعزز شعوره بالكرامة فيؤيده أنى وسعته القدرة والحيل ، ويفرح لانجازاته و تنغص حياته المتاعب ان واجهها ، و يعطي الإنسان ولاءه لما يزيد نصيبه من الشعور بالكرامة والتمتع بمزيد دلالاتها ومضامينها والعكس صحيح .
و تبقى مع هذا قلة من الناس باعت كرامتها وشرفها وعزتها ورضيت لكل ذلك بالدنس والتدنيس مقابل متاع من الدنيا حقير و زائف وزائل وهذا انتكاس في الفطرة قد تصحى منه وتعود إلى كرامتها المُهدرة ترممها وتعززها وتُعيد لها مجدها ، وقد تستمسك بهوانها وخستها ودناءتها وتمضي بهذا كله إلى القبر المادي بعد ان قبرت نفسها معنوياً وهي تدب بمهانتها و وضاعتها على الأرض.
ويضرب لنا مثلاً في الاستماتة الفردية من اجل الكرامة الشاب الشهير التونسي محمد البوعزيزي الذي حوّل جسده إلى صاعق ، وهو لم يدر بخلده أن يكون كذلك ، صاعق لقنبلة الغضب التونسي المحبوس في قمقمه ، و موقف الشرع الحكيم من هكذا عمل وتصرف معلوم ، ولكن علينا كأمة عربية إسلامية مؤمنة أن تدعي لهذا الشاب بالرحمة المغفرة وان تتصدق عنه ،وقد وجدنا في هذا الشاب الجامعي ، بائع الخضار على عربته ، الذي تعرضت له شرطية بالضرب على وجهه ـ شُلت يديها ورجليها ولا أراها الله سرورا في حياتها ما عاشت وجزاها ما تستحق على دناءتها وخستها ـ محترقاً احتجاجاً منه على فعل ووضع مزرٍ لم تحتمل كرامته معهما عيش ، علينا نحن العرب الذين وجدناه صاعقاً فجر قنبلة الغضب الشعبي العارم في تونس الأبية لتضرب لنا أروع نموذج معاصر نحن أحوج ما نكون إليه في الثورة والتثوير الذي يعصف بالجبابرة المعتقدين في ذواتهم البقاء متسلطين جاثمين على أعناق شعوبهم ، لا بل ويورثون استبدادهم وتسلطهم لإقربائهم ، علينا كأمة عربية إسلامية أن لا ننسى أن نبتهل إلى الله عز وجل في صلاتنا سجوداً خصوصاً ، وفي غيرها ان ندعو لمحمد البوعزيزي بالرحمة والمغفرة وان يصفح الله عنه ويتجاوز عنه ونتوسل إليه جل جلاله الرحيم الودود من اجل ذلك ، وهذا اكبر عرفان ممكن نقدمه للشاب التونسي عزيز النفس محمد البوعزيزي ، وليكفل الموسرين في العالم العربي أسرته المكلومة أو لتفعلها الحكومة التونسية ، وفي المقابل فانه شرعاً لايجوز ولا ينبغي لإي عربي أن يقدم من بعده على فعل كفعله فهو كان بجسده الصاعق لقنبلة الشعب التونسي و كفى بها وحدها صاعقاً يفجّر كل الشعوب العربية الواقعة تحت عسف الطغاة وأذنابها ، ومثال شعوبنا وتونس و البوعزيزي من دنيا العلوم قنبلة هيدروجينية صاعقها قنبلة نووية وصاعقها فتيل بداخلها ، البوعزيزي صيّر جسده الفتيل والشعب التونسي القنبلة النووية ولنكن نحن الشعوب العربية القنبلة الهيدروجينية . لقد غدا البوعزيزي رمز للكرامة التي تأبى الانتقاص .
فقه الثورة وفلسفتها
بقلم : مرعي حميد
الثورة فيض شعور بظلم ، بعسف ، بطغيان ، بقهر، بحرمان ، يُخرج المظلومين عن صمتهم ، عن غضبهم المكبوت ، إلى أن ينزاح الظلم والظُلام ، العسف والطغيان ، القهر والحرمان . الثورة فجر تغيير منشود ، إطلالة أمل باسم الثغر طلق المُحيّا ، ربيع حلم مآسي آن لها الانتهاء و دموع آن لها أن تتكفكف وغشاوة آن لها أن تنقشع ، و أحزان آن لها أن تندثر، الثورة قيام الروح من سباتها ، عودة العقل الجمعي من غيابه و تغييبه في ظل نضوج وعي بها وبحتميتها . هي تسريع حل لطلاسم طالما اجتهد صانعوها في حبكها وإحباط فكها و عملوا على صيانتها وتمتين نسجها ، هي خطوات الشعب العجلى إلى التغيير الميئوس منه والبعيد مناله ومتناوله لولاها .
الثورة هي إنزال آمال الشعب من على مشانق المستبدين إلى ارض الواقع الملموس المحسوس تتحقق و تتدفق فيها الحياة ، هي قرار الشعب النهائي أن يكون وأن يدحر عنه ليل التسلط وديجوره ، تسلط الفرد والعصابة الحاكمة ، وإن زعم الزعيم ، أو زعموا ، أنهم قد زهدوا السلطة والتسلط والحكم والتحكم ، أو أرغى وأزبد أو أرغوا و أزبدوا أنّ الشعب يحبهم و يحبونه ويفتديهم و يفتدونه ، و يحرص على الوفاء لهم ويحرصون على مصالحه العليا . و إن روجوا أنّ الأمهات قد عقمن أن يجُدن بمثلهم .
الثورة قومة شعبية لإعادة الحق إلى نصابه ، لإنقاذ الوطن من ذابحيه ، لاسترداد الوطن من خاطفيه ، هي إعادة للحق العام والحق الخاص إلى نصابه .. الحق العام للشعب في الثروة والسلطة ، والخاص لأفراده في ما هو حصاد شقاء عمر وضنى دهر، و مستحق بشر كرمهم باريهم .
الثورة هي إصرار على الحياة مدفوع الثمن من غير من و لا أذى ولا تردد ولا شعور بالبخس ، هي الشهادة تقرع الأبواب فيفتح لها عشاقها لتأخذهم إلى عالمها الفريد ، إلى حياتها السرمدية و رزقها غير الممنون و فرحها الخالص و بشارتها اللاهبة لشعور من لم ينالوا شرفها .
الثورة هي التضحية بالعرق والدم والوقت والمال ، هي استعداد تام للصبر والسهر والتعب والإيثار والألم ، هي بذل المعروف و الكرم والسخاء ، عطاء من الفرد والأفراد ، مع استمرار في استعداد حتى انجاز النصر المؤزر ، و تسييجه ، والحفاظ عليه من قطاع الطرق ، هي بذر من الشرفاء الأوفياء لامتهم و وطنهم ليحصد المجموع : كرامة وحرية وأمن وعدل و تمتع جمعي بثروات المجموع وفق قانون يبرموه ويطبقوه و يحموا حماه ، لينال المجموع بناء وتنمية وبهجة لهم وللأجيال الآتية من بعد ، والمتعاقبة في قادم الأزمان .
الثورة هي ملحمة شعبية لاستنقاذ الوطن : الإنسان ، الأرض ، الثروة ، السلطة ، من أيدي مغتصبيها وإن ادعوا أنهم إنما نالوها عبر انتخابات أو شرعية ثورية ، أو توريث من لا يملك من لا يستحق . هي قرار الشعب النهائي أن يحكم نفسه بنفسه مستنداً إلى قيمه ومعتقداته وثقافته الأصيلة لا التي صنعها الاستبداد على عينه ليطول به مُقام . الثورة هي إرادة الشعب ان يكون هو، لا أن يكون ـ على عاتقيه ـ الطغاة ، قرار الشعب أن يعيش في شمم ، أن يحيا في عزة وكرامة و سؤدد و إبا ، مرفوع الهامة ، موفور السعادة ، مرهوب الجانب من حاكميه ومن تسول له نفسه النيل منه ومن مكتسبات ثورته ونضاله .
الثورة إنسانية سئمت المسخ والخسف والطمس والامتهان والإذلال والمصادرة لحقيقتها وجوهرها الفذ ، مشاعر آن لها ان تستعيد تقديرها و بريقها ولمعانها وإشراقها . نفق مظلم حشر الوطن والمواطن فيه سياسات حمقاء لساسة لا يهمهم سوى نزواتهم المادية والمعنوية و ذواتهم المتضخمة ، نفق حُق للجماهير و وجب أن تضع وتصنع له مُنتهى مهما كلفها ثمن فهو لن يكون أثقل من أثمان باهظة تدفعها باستمرارها في ذاك النفق بائسة خانعة يائسة من خلاص وتخليص .
الثورة هي صيحة الشعب المدوية في وجه الاستبداد والمستبدين : متى استعبدتمونا وقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ، متى مُلّكتم الوطن وثروات الوطن وقد وجد ذلك وانتم ومن خلفوكم لازلتم بظهر الغيب ، الأرض لنا وما فيها لنا وهي بنا ولنا ، نحن لسنا قصّراً ، إننا نتحمل المسؤولية كاملة فنضع نحن أمانة القيادة و تبعة المسئولية بين يدي من نختار نحن لا سوانا وبمحض إرادتنا وحريتنا ونسترجعها منه متى أردنا نحن بزمن محدد ينقضي أو خروج منه عن جادة الصواب يطرأ ، قد سئمنا من يتجبر ويطغى و يزعم نحن هو وهو نحن .
الثورة زلزال عات صاعق ناسف لبنيان الطغيان من أسه وأساسه ، ومؤسسة الفساد والاستبداد من جذورها ، بركان هادر مزمجر جارف كاسح لا يقف في وجهه ودون إنسياحه إلى منتهاه ، إلى مبتغاه ، واقفٌ مهما أوتي من قوة وسطوة ، جُند وحرس ، أشاوس وعُسس دهاء ومكر و أدوات و مال مُدنس بآهات الجماهير وتعاستها وحرمانها وحسراتها ودموعها ودمائها ، وهي في المقابل نهر مضطرد هادئ لين سموح حامل وضامن لأمنيات المحرومين أن يهل زمن اخضرارها وتفتحها ونضجها ليقطفوا من مروجها الباذخة جناها الحلو وثمرها المُستطاب ... وينعموا بمرآها وبمذاقها و إمتاعها و إشباعها ، ويستريحوا على أريكة المحاسن والمباهج في أمن ورخاء وعزة قعساء .
الثورة الهتاف العبقري السحري للسواد الأعظم ، للغالبية المتحدة المتآزرة المستيقظة : الشعب يُريد إسقاط النظام .
الثورة فيض شعور بظلم ، بعسف ، بطغيان ، بقهر، بحرمان ، يُخرج المظلومين عن صمتهم ، عن غضبهم المكبوت ، إلى أن ينزاح الظلم والظُلام ، العسف والطغيان ، القهر والحرمان . الثورة فجر تغيير منشود ، إطلالة أمل باسم الثغر طلق المُحيّا ، ربيع حلم مآسي آن لها الانتهاء و دموع آن لها أن تتكفكف وغشاوة آن لها أن تنقشع ، و أحزان آن لها أن تندثر، الثورة قيام الروح من سباتها ، عودة العقل الجمعي من غيابه و تغييبه في ظل نضوج وعي بها وبحتميتها . هي تسريع حل لطلاسم طالما اجتهد صانعوها في حبكها وإحباط فكها و عملوا على صيانتها وتمتين نسجها ، هي خطوات الشعب العجلى إلى التغيير الميئوس منه والبعيد مناله ومتناوله لولاها .
الثورة هي إنزال آمال الشعب من على مشانق المستبدين إلى ارض الواقع الملموس المحسوس تتحقق و تتدفق فيها الحياة ، هي قرار الشعب النهائي أن يكون وأن يدحر عنه ليل التسلط وديجوره ، تسلط الفرد والعصابة الحاكمة ، وإن زعم الزعيم ، أو زعموا ، أنهم قد زهدوا السلطة والتسلط والحكم والتحكم ، أو أرغى وأزبد أو أرغوا و أزبدوا أنّ الشعب يحبهم و يحبونه ويفتديهم و يفتدونه ، و يحرص على الوفاء لهم ويحرصون على مصالحه العليا . و إن روجوا أنّ الأمهات قد عقمن أن يجُدن بمثلهم .
الثورة قومة شعبية لإعادة الحق إلى نصابه ، لإنقاذ الوطن من ذابحيه ، لاسترداد الوطن من خاطفيه ، هي إعادة للحق العام والحق الخاص إلى نصابه .. الحق العام للشعب في الثروة والسلطة ، والخاص لأفراده في ما هو حصاد شقاء عمر وضنى دهر، و مستحق بشر كرمهم باريهم .
الثورة هي إصرار على الحياة مدفوع الثمن من غير من و لا أذى ولا تردد ولا شعور بالبخس ، هي الشهادة تقرع الأبواب فيفتح لها عشاقها لتأخذهم إلى عالمها الفريد ، إلى حياتها السرمدية و رزقها غير الممنون و فرحها الخالص و بشارتها اللاهبة لشعور من لم ينالوا شرفها .
الثورة هي التضحية بالعرق والدم والوقت والمال ، هي استعداد تام للصبر والسهر والتعب والإيثار والألم ، هي بذل المعروف و الكرم والسخاء ، عطاء من الفرد والأفراد ، مع استمرار في استعداد حتى انجاز النصر المؤزر ، و تسييجه ، والحفاظ عليه من قطاع الطرق ، هي بذر من الشرفاء الأوفياء لامتهم و وطنهم ليحصد المجموع : كرامة وحرية وأمن وعدل و تمتع جمعي بثروات المجموع وفق قانون يبرموه ويطبقوه و يحموا حماه ، لينال المجموع بناء وتنمية وبهجة لهم وللأجيال الآتية من بعد ، والمتعاقبة في قادم الأزمان .
الثورة هي ملحمة شعبية لاستنقاذ الوطن : الإنسان ، الأرض ، الثروة ، السلطة ، من أيدي مغتصبيها وإن ادعوا أنهم إنما نالوها عبر انتخابات أو شرعية ثورية ، أو توريث من لا يملك من لا يستحق . هي قرار الشعب النهائي أن يحكم نفسه بنفسه مستنداً إلى قيمه ومعتقداته وثقافته الأصيلة لا التي صنعها الاستبداد على عينه ليطول به مُقام . الثورة هي إرادة الشعب ان يكون هو، لا أن يكون ـ على عاتقيه ـ الطغاة ، قرار الشعب أن يعيش في شمم ، أن يحيا في عزة وكرامة و سؤدد و إبا ، مرفوع الهامة ، موفور السعادة ، مرهوب الجانب من حاكميه ومن تسول له نفسه النيل منه ومن مكتسبات ثورته ونضاله .
الثورة إنسانية سئمت المسخ والخسف والطمس والامتهان والإذلال والمصادرة لحقيقتها وجوهرها الفذ ، مشاعر آن لها ان تستعيد تقديرها و بريقها ولمعانها وإشراقها . نفق مظلم حشر الوطن والمواطن فيه سياسات حمقاء لساسة لا يهمهم سوى نزواتهم المادية والمعنوية و ذواتهم المتضخمة ، نفق حُق للجماهير و وجب أن تضع وتصنع له مُنتهى مهما كلفها ثمن فهو لن يكون أثقل من أثمان باهظة تدفعها باستمرارها في ذاك النفق بائسة خانعة يائسة من خلاص وتخليص .
الثورة هي صيحة الشعب المدوية في وجه الاستبداد والمستبدين : متى استعبدتمونا وقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ، متى مُلّكتم الوطن وثروات الوطن وقد وجد ذلك وانتم ومن خلفوكم لازلتم بظهر الغيب ، الأرض لنا وما فيها لنا وهي بنا ولنا ، نحن لسنا قصّراً ، إننا نتحمل المسؤولية كاملة فنضع نحن أمانة القيادة و تبعة المسئولية بين يدي من نختار نحن لا سوانا وبمحض إرادتنا وحريتنا ونسترجعها منه متى أردنا نحن بزمن محدد ينقضي أو خروج منه عن جادة الصواب يطرأ ، قد سئمنا من يتجبر ويطغى و يزعم نحن هو وهو نحن .
الثورة زلزال عات صاعق ناسف لبنيان الطغيان من أسه وأساسه ، ومؤسسة الفساد والاستبداد من جذورها ، بركان هادر مزمجر جارف كاسح لا يقف في وجهه ودون إنسياحه إلى منتهاه ، إلى مبتغاه ، واقفٌ مهما أوتي من قوة وسطوة ، جُند وحرس ، أشاوس وعُسس دهاء ومكر و أدوات و مال مُدنس بآهات الجماهير وتعاستها وحرمانها وحسراتها ودموعها ودمائها ، وهي في المقابل نهر مضطرد هادئ لين سموح حامل وضامن لأمنيات المحرومين أن يهل زمن اخضرارها وتفتحها ونضجها ليقطفوا من مروجها الباذخة جناها الحلو وثمرها المُستطاب ... وينعموا بمرآها وبمذاقها و إمتاعها و إشباعها ، ويستريحوا على أريكة المحاسن والمباهج في أمن ورخاء وعزة قعساء .
الثورة الهتاف العبقري السحري للسواد الأعظم ، للغالبية المتحدة المتآزرة المستيقظة : الشعب يُريد إسقاط النظام .
الاثنين، 28 مارس 2011
الثورة تنتصر ـ مقال خاص لموقع حضرموت اليوم
الثورة تنتصر بقلم : مرعي حميد راوغ و يراوغ ، علي عبدالله صالح ليهزم الشعب الثائر!!! الثائر ثورته الشبابية السلمية الهادرة العبقرية المشاهد والقسمات . مكر ويمكر علي عبدالله صالح ليؤخر على الأقل إسقاط حكمه البغيض بهذه الملحمة الوطنية الزاحفة على فساده واستبداده ، وان المكر السيئ لعلي عبدالله صالح سيحيق به ، قال الله تعالى : ((وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا )) . ولعل الله تعالى لا يريد لهذا الصنم المتكلس إلا نهاية تليق به هو كمتغطرس متعجرف لا بالنهاية التي قد يختارها له الشعب اليمني المسكين وقد قيل (( الظلم مرتعه وخيم )). إنّ مكر علي عبدالله صالح سيرتد في نحره وفي نحر طغمته وجلاوزته ،فتخويفه بأنه في حال سقوطه ستنقسم اليمن إلى أربعة أقسام يريد به تخويف أربعة أطراف : السعودية بـ (شمال الشمال ) كما قال ، وأمريكا والغرب عموماً بالقاعدة في الجنوب الذي سينفصل على حد زعمه ، والخائفين من عودة حكم الاشتراكي في الجنوب وخصوصاً من حل بهم الضرر زمن الحكم الاشتراكي للجنوب سابقاً، وأبناء الشمال والجنوب عموماً عدا حضرموت بانفصال حضرموت النفطية وهو بهذا يُطمع بعض من ممن قد ينخدعوا بتخويفه فهناك من يريد حضرموت دولة مُستقلة نفطية!!!، ولكن كل هذا سيرتد في نحره ، فالثورة وحدت الكل ماعدا علي و(( أياديه الآمنة))،وأمريكا تُدرك ألاعيبه مع القاعدة ومنه الهروب الكبير للمعتقلين من القاعدة في صنعاء ، لكن لم يكن لديها بديل قبل هذه الثورة البديعة والسعودية تدرك ألاعيبه بخصوص صعدة وحربها ولكنها كانت كذلك لا تملك بديلاً عن التعامل معه ـ بالمناسبة حاولت السعودية اغتياله عدة مرات زمان وفشلت فأصبح ((عدو ما من صداقته بد ))، بل في أحداث صعدة نجد القائد العسكري الأبرز المتمرس علي محسن الأحمر قد كسب تأييد السعودية لمشاركة قواته في حرب صعدة مثلما كسب خصومة الحوثي ولكن موقفه إلى جانب الثورة التي يؤيدها الحوثي كفيل بتغيير القناعات السابقة فـ ( عدو عدوي صديقي ) وهذه القاعدة امتدت لتشمل تعزيز علاقات أطراف عديدة متصارعة في اليمن : اللقاء المشترك والحراك الجنوبي والقاعدة إلى حد ما والقبائل المتنازعة بفتن علي عبدالله صالح بينها ،وهذا من شأنه الحفاظ على وحدة الشعب والأرض والقرار باستمرار ،والجنوب كان يعاني مساوئ عديدة بسبب تسلط واستبداد علي عبدالله صالح و طغمته وسيتعافى فور انقشاع هذا التسلط بسقوطه ونظامه البغيض وبامتياز . وبالمناسبة أنا شخصياً لم أكن اعلم بمكنون صفة (البغيض) التي كانت تُطلق على النظام الإمامي في الشمال إلا حينما جربت البغض منذ سنين حين بغضت علي عبدالله صالح و طغمته . إنّ الواجب علينا كيمنيين ان نواصل الالتحام والتعاضد والاحتشاد والتثوير والتنويروالدعاء الضارع الخاشع لله القريب القدير المُجيب ،وان نُصاعد كل ذلك في خضم هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية حتى تُحقق كافة أهدافها ، إنه (( لابد للأمة من ميلاد ولابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام )) كما قال المفكر الإسلامي المصري العملاق سيد قطب ، وهذا ما شهدناه في تونس ومصر الجديدتين ، و كما قال سيد قطب كذلك أنّ (( ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية وأن الذين لا يرهبون الجاه والسلطان يرهبهم الجاه والسلطان )) وقد قال الشاعر التونسي الفذ أبو القاسم ألشابي : وللأوطــان ِ فـي دم كل حر يــدٌ سـَلـَفـَتْ ودَينٌ مُستـَحـَقُ ومَنْ يـَسقي ويشــربُ بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسقــَوا ويَسقـُوا؟ ولا يبــني الممالكَ كالضحايا ولا يـُدنِي الــحقوقَ ولا يُحِقُ فــفي القتل ِ لأجيـالٍ حـَياة ٌ وفي الأسرى فدىً لهمو وعـِتقُ وللـحُريِّةِ الـــحـَمـراءِ بابٌ بكـل ِ يَــدٍ مُضَــرَّجَـةٍ يُـدَقُ إنّ على الشعب اليمني ان يدخل وبدون تردد في حالة عصيان مدني سريع وشامل وهناك من ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن ان ينتصر ويسعد فهل نبخل بمرتبات على أسوى الاحتمالات ، وعلى أصحاب التأثير ان يدعوا إلى العصيان وان يؤكدوا الدعوة باستمرار حتى تؤتي أكلها . إنّ على اللقاء المشترك ان يدفع بقدر ما أوتي من تأثير لإفراده وقيادته إلى غمار الثورة في غير سيطرة وتسلط عليها فالثورة ثورة الشعب والمشترك تكتل سياسي هدفه سعادة الشعب بأي يد تحققت وتحصلّت ، ولكن على المشترك ان لا يقبل أي حوار مع علي عبدالله صالح لاعن نفسه ولاعن الثورة ، والثورة ليست خرساء بل هي هادرة مزمجرة فلتختر لها من يتحاور باسمها من شبابها ان رأت جدوى من ذلك،إنّ ورقة حوار اللقاء المشترك مع السلطة غير الشرعية يجب ان تُطوى والى الأبد ، انه لا جدوى مع الحوار مع المراوغين لكسب وقت يريدون استثماره في دمار الشعب . وفي المُقابل على اللقاء المشترك ان يبذل جهود مُضاعفة ومستمرة على الجبهة الخارجية لكسب تأييد الدول والمنظمات والشخصيات المؤثرة لصالح الثورة الشبابية الشعبية السلمية ،وتصعيد سعير مظاهرات المهاجرين اليمنيين في مهاجرهم المطالبة بإسقاط النظام المتعفن المرتزق المستبد . إنّ على الثورة السلمية وكل القوى الوطنية ان تفترض أسوى الاحتمالات، وان تُعد لها العُدة قدر ما تستطيع فلا ننخدع بوعود علي عبدالله صالح بالتنازل السلمي فهو مغرور و عنجهي يمتلك من الصلف ما يمنع الجميع من الانخداع والوقوع في براثن الضن الحسن في هذه الحالة ، والوقت جزء من المعركة ولو كانت سلمية . إنّ علي الثورة السلمية ان تستعد للدفاع عن نفسها ان اضطرت إلى ذلك ان أقدم الصنم المتكلس على تكرار تجربة الثورة الليبية التي تتصاعد انتصاراتها ،وعلى من أعلنوا انضمامهم للثورة من مدنيين وعسكريين ان لا يدخروا جُهداً في هذا السبيل . والله غالب على أمره . يُقدم الشعب الليبي تضحيات جسام في سبيل الدفاع عن ثورته السلمية وهي ثورة لإجل ستة ملايين نسمة فقط ومستقبلهم ألا ندفع نحن في اليمن ان اضطررنا مثلها على الأقل ونحن نناضل من اجل 24 مليون نسمة ومستقبلهم وليس 6 ملايين فحسب . لو قارنا بين شخصية علي عبدالله صالح ومعمر القذافي قبل ابتدأ الثورتين لوجدنا القذافي يهتم بتحفيظ القران ويفخر بحفاظ القران في بلده ـ بلد المليون حافظ ـ كما فعل علي عبدالله صالح بتشجيع حفظ القرآن الكريم ، ولوجدنا ـ وكما قال مصدر ـ ان القذافي كان يبني بيوتاً لليبيين ويسكنهم فيها وعلي بناء قرية الظفير بتبرع الأمير السعودي الوليد بن طلال للمتضررين ولم يسكنهم فيها وهم متضررين من الانهيار الصخري ، و من ناحية أخرى فان إمكانيات القذافي في الاستعداد لتقلب الزمان كانت أوسع من إمكانيات علي عبدالله صالح فليبيا تُصدر من النفط مثل ما تصدره بلادنا ثلاث مرات تقريباً مع شعب قليل العدد وهاهو اليوم يتلقى الضربات من أبناء شعبه الأبطال الميامين الذين يندفع احدهم للقتال كما يندفع للعرس كما وصف ذلك الشيخ حافظ سلامة بطل المقاومة الشعبية في السويس وقد زار ليبيا مؤخراً لتقديم مساعدات إغاثية للشعب الليبي ، وقد قال ذلك في حديث مع الجزيرة مباشر. و التدخل الخارجي له تأثيره الايجابي الممتاز في ليبيا ولا يُستبعد تكراره في اليمن ـ ان ركب علي عبدالله صالح غروره حتى آخر قطرة دم على حد تعبير القذافي ـ بل نسخ النموذج الليبي في بلادنا هو أيسر، فالنموذج جاهز والقرار أسهل واليمن ابعد عن أوروبا والسعودية وسلطنة عمان لن تتدخلان مثلما هو الحال مع مصر وتونس والجزائر في التجربة الليبية . ومن ناحية أخرى يُشاع أنّ الليبيين يميلون إلى الدعة والكسل فيما اليمنيين هم الأشهر بين العرب في الهمة والنشاط والعمل ، الليبيين لا يكادون يعرفون السلاح ولا استخدامه واليمنيون لايكاد احدهم غير متسلح وغير خبير باستخدام سلاحه ومن القبائل من تمتلك أسلحة ثقيلة وفي حال اضطرار الثورة السلمية للدفاع العسكري عن نفسها فكل ذلك لن يتأخر عن الاستجابة لداعي الوطن المُفدى بالأرواح والدماء ، كان الجيش الليبي مُهمش إلى ابعد الحدود في كل مجال : التسلح ، التدريب ، الاهتمام ، وتلك سياسية قذافية كان هدفها إبقاء القوة العسكرية بيد خميس و الساعدي وغيرهم من الطراطير ، ولكن في بلادنا سار علي على سياسة مشابهة لكن لازالت في بدايتها ولدينا ـ بحمد الله ـ قادة عسكريين بذلوا كل الجهود للتسليح ومواصلة التدريب بل تمتلك قطاعات الجيش خبرة قتالية ميدانية وليس مجرد مناورات ،فيما يفتقد الحرس الجمهوري و القوات الخاصة لكل ذلك أو معظمه، والسلاح الذي قد يكون أكثر تقدما بيدها يحتاج إلى صناديد يجيدون استخدامه ،فضلاً عن ان العديد من قوات الحرس الجمهوري أعلنت انضمامها للثورة بما تمتلكه من سلاح وعتاد وهذا يضيف خير وبركة إلى معسكر الثورة السلمية ،وحين تندلع أولى المعارك فان المزيد والمزيد من العسكريين ومعسكراتهم والمدنيين وقبائلهم ستنظم إلى الثورة ، فهناك العديدين من العقلاء كما أتوقع لم يعلنوا انظما مهم للثورة في مسعى للبقاء في صف الرئيس على أمل إقناعه بالتنازل ليتجنب الوطن الوقوع في غير المرغوب، وفي نفس الوقت فان ذهاب علي عبدالله صالح إلى هذا الخيار الدموي سيفضحه على رؤوس الأشهاد ولن يمتلك حُجة من نوع ( سكان البيوت المجاورة قناصين وضجوا و قتلوا مابين 37 إلى 45 ) كما قال في هذيانه لقناة العربية ،بل وأضاف أنّ (( ثمانية أو سبعة مجهولين)) وكأنهم في نظره في عداد غير البشر ماداموا أنهم غير معروفين في وقاحة جديدة من وقاحاته . وستنصر الثورة الشبابية الشعبية السلمية وستُرّكع علي عبدالله صالح و طغمته مهما حاولوا الحيلولة دون ذلك ومهما مكروا و أوغلوا في الدماء والأشلاء والشهداء والخراب والدمار، سينتصر الشعب وسيصنع اليمن الجديد والمستقبل الأفضل مُستعيداً والى الأبد حقه في السلطة والثروة . الاثنين /28 مارس 2011م .
الثورة تنتصر ـ مقال خاص لموقع حضرموت اليوم
الثورة تنتصر
بقلم : مرعي حميد
راوغ و يراوغ ، علي عبدالله صالح ليهزم الشعب الثائر!!! الثائر ثورته الشبابية السلمية الهادرة العبقرية المشاهد والقسمات . مكر ويمكر علي عبدالله صالح ليؤخر على الأقل إسقاط حكمه البغيض بهذه الملحمة الوطنية الزاحفة على فساده واستبداده ، وان المكر السيئ لعلي عبدالله صالح سيحيق به ، قال الله تعالى : ((وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا )) . ولعل الله تعالى لا يريد لهذا الصنم المتكلس إلا نهاية تليق به هو كمتغطرس متعجرف لا بالنهاية التي قد يختارها له الشعب اليمني المسكين وقد قيل (( الظلم مرتعه وخيم )).
إنّ مكر علي عبدالله صالح سيرتد في نحره وفي نحر طغمته وجلاوزته ،فتخويفه بأنه في حال سقوطه ستنقسم اليمن إلى أربعة أقسام يريد به تخويف أربعة أطراف : السعودية بـ (شمال الشمال ) كما قال ، وأمريكا والغرب عموماً بالقاعدة في الجنوب الذي سينفصل على حد زعمه ، والخائفين من عودة حكم الاشتراكي في الجنوب وخصوصاً من حل بهم الضرر زمن الحكم الاشتراكي للجنوب سابقاً، وأبناء الشمال والجنوب عموماً عدا حضرموت بانفصال حضرموت النفطية وهو بهذا يُطمع بعض من ممن قد ينخدعوا بتخويفه فهناك من يريد حضرموت دولة مُستقلة نفطية!!!، ولكن كل هذا سيرتد في نحره ، فالثورة وحدت الكل ماعدا علي و(( أياديه الآمنة))،وأمريكا تُدرك ألاعيبه مع القاعدة ومنه الهروب الكبير للمعتقلين من القاعدة في صنعاء ، لكن لم يكن لديها بديل قبل هذه الثورة البديعة والسعودية تدرك ألاعيبه بخصوص صعدة وحربها ولكنها كانت كذلك لا تملك بديلاً عن التعامل معه ـ بالمناسبة حاولت السعودية اغتياله عدة مرات زمان وفشلت فأصبح ((عدو ما من صداقته بد ))، بل في أحداث صعدة نجد القائد العسكري الأبرز المتمرس علي محسن الأحمر قد كسب تأييد السعودية لمشاركة قواته في حرب صعدة مثلما كسب خصومة الحوثي ولكن موقفه إلى جانب الثورة التي يؤيدها الحوثي كفيل بتغيير القناعات السابقة فـ ( عدو عدوي صديقي ) وهذه القاعدة امتدت لتشمل تعزيز علاقات أطراف عديدة متصارعة في اليمن : اللقاء المشترك والحراك الجنوبي والقاعدة إلى حد ما والقبائل المتنازعة بفتن علي عبدالله صالح بينها ،وهذا من شأنه الحفاظ على وحدة الشعب والأرض والقرار باستمرار ،والجنوب كان يعاني مساوئ عديدة بسبب تسلط واستبداد علي عبدالله صالح و طغمته وسيتعافى فور انقشاع هذا التسلط بسقوطه ونظامه البغيض وبامتياز . وبالمناسبة أنا شخصياً لم أكن اعلم بمكنون صفة (البغيض) التي كانت تُطلق على النظام الإمامي في الشمال إلا حينما جربت البغض منذ سنين حين بغضت علي عبدالله صالح و طغمته .
إنّ الواجب علينا كيمنيين ان نواصل الالتحام والتعاضد والاحتشاد والتثوير والتنويروالدعاء الضارع الخاشع لله القريب القدير المُجيب ،وان نُصاعد كل ذلك في خضم هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية حتى تُحقق كافة أهدافها ، إنه (( لابد للأمة من ميلاد ولابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام )) كما قال المفكر الإسلامي المصري العملاق سيد قطب ، وهذا ما شهدناه في تونس ومصر الجديدتين ، و كما قال سيد قطب كذلك أنّ (( ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية وأن الذين لا يرهبون الجاه والسلطان يرهبهم الجاه والسلطان )) وقد قال الشاعر التونسي الفذ أبو القاسم ألشابي :
وللأوطــان ِ فـي دم كل حر يــدٌ سـَلـَفـَتْ ودَينٌ مُستـَحـَقُ
ومَنْ يـَسقي ويشــربُ بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسقــَوا ويَسقـُوا؟
ولا يبــني الممالكَ كالضحايا ولا يـُدنِي الــحقوقَ ولا يُحِقُ
فــفي القتل ِ لأجيـالٍ حـَياة ٌ وفي الأسرى فدىً لهمو وعـِتقُ
وللـحُريِّةِ الـــحـَمـراءِ بابٌ بكـل ِ يَــدٍ مُضَــرَّجَـةٍ يُـدَقُ
إنّ على الشعب اليمني ان يدخل وبدون تردد في حالة عصيان مدني سريع وشامل وهناك من ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن ان ينتصر ويسعد فهل نبخل بمرتبات على أسوى الاحتمالات ، وعلى أصحاب التأثير ان يدعوا إلى العصيان وان يؤكدوا الدعوة باستمرار حتى تؤتي أكلها .
إنّ على اللقاء المشترك ان يدفع بقدر ما أوتي من تأثير لإفراده وقيادته إلى غمار الثورة في غير سيطرة وتسلط عليها فالثورة ثورة الشعب والمشترك تكتل سياسي هدفه سعادة الشعب بأي يد تحققت وتحصلّت ، ولكن على المشترك ان لا يقبل أي حوار مع علي عبدالله صالح لاعن نفسه ولاعن الثورة ، والثورة ليست خرساء بل هي هادرة مزمجرة فلتختر لها من يتحاور باسمها من شبابها ان رأت جدوى من ذلك،إنّ ورقة حوار اللقاء المشترك مع السلطة غير الشرعية يجب ان تُطوى والى الأبد ، انه لا جدوى مع الحوار مع المراوغين لكسب وقت يريدون استثماره في دمار الشعب . وفي المُقابل على اللقاء المشترك ان يبذل جهود مُضاعفة ومستمرة على الجبهة الخارجية لكسب تأييد الدول والمنظمات والشخصيات المؤثرة لصالح الثورة الشبابية الشعبية السلمية ،وتصعيد سعير مظاهرات المهاجرين اليمنيين في مهاجرهم المطالبة بإسقاط النظام المتعفن المرتزق المستبد .
إنّ على الثورة السلمية وكل القوى الوطنية ان تفترض أسوى الاحتمالات، وان تُعد لها العُدة قدر ما تستطيع فلا ننخدع بوعود علي عبدالله صالح بالتنازل السلمي فهو مغرور و عنجهي يمتلك من الصلف ما يمنع الجميع من الانخداع والوقوع في براثن الضن الحسن في هذه الحالة ، والوقت جزء من المعركة ولو كانت سلمية .
إنّ علي الثورة السلمية ان تستعد للدفاع عن نفسها ان اضطرت إلى ذلك ان أقدم الصنم المتكلس على تكرار تجربة الثورة الليبية التي تتصاعد انتصاراتها ،وعلى من أعلنوا انضمامهم للثورة من مدنيين وعسكريين ان لا يدخروا جُهداً في هذا السبيل . والله غالب على أمره .
يُقدم الشعب الليبي تضحيات جسام في سبيل الدفاع عن ثورته السلمية وهي ثورة لإجل ستة ملايين نسمة فقط ومستقبلهم ألا ندفع نحن في اليمن ان اضطررنا مثلها على الأقل ونحن نناضل من اجل 24 مليون نسمة ومستقبلهم وليس 6 ملايين فحسب .
لو قارنا بين شخصية علي عبدالله صالح ومعمر القذافي قبل ابتدأ الثورتين لوجدنا القذافي يهتم بتحفيظ القران ويفخر بحفاظ القران في بلده ـ بلد المليون حافظ ـ كما فعل علي عبدالله صالح بتشجيع حفظ القرآن الكريم ، ولوجدنا ـ وكما قال مصدر ـ ان القذافي كان يبني بيوتاً لليبيين ويسكنهم فيها وعلي بناء قرية الظفير بتبرع الأمير السعودي الوليد بن طلال للمتضررين ولم يسكنهم فيها وهم متضررين من الانهيار الصخري ، و من ناحية أخرى فان إمكانيات القذافي في الاستعداد لتقلب الزمان كانت أوسع من إمكانيات علي عبدالله صالح فليبيا تُصدر من النفط مثل ما تصدره بلادنا ثلاث مرات تقريباً مع شعب قليل العدد وهاهو اليوم يتلقى الضربات من أبناء شعبه الأبطال الميامين الذين يندفع احدهم للقتال كما يندفع للعرس كما وصف ذلك الشيخ حافظ سلامة بطل المقاومة الشعبية في السويس وقد زار ليبيا مؤخراً لتقديم مساعدات إغاثية للشعب الليبي ، وقد قال ذلك في حديث مع الجزيرة مباشر. و التدخل الخارجي له تأثيره الايجابي الممتاز في ليبيا ولا يُستبعد تكراره في اليمن ـ ان ركب علي عبدالله صالح غروره حتى آخر قطرة دم على حد تعبير القذافي ـ بل نسخ النموذج الليبي في بلادنا هو أيسر، فالنموذج جاهز والقرار أسهل واليمن ابعد عن أوروبا والسعودية وسلطنة عمان لن تتدخلان مثلما هو الحال مع مصر وتونس والجزائر في التجربة الليبية .
ومن ناحية أخرى يُشاع أنّ الليبيين يميلون إلى الدعة والكسل فيما اليمنيين هم الأشهر بين العرب في الهمة والنشاط والعمل ، الليبيين لا يكادون يعرفون السلاح ولا استخدامه واليمنيون لايكاد احدهم غير متسلح وغير خبير باستخدام سلاحه ومن القبائل من تمتلك أسلحة ثقيلة وفي حال اضطرار الثورة السلمية للدفاع العسكري عن نفسها فكل ذلك لن يتأخر عن الاستجابة لداعي الوطن المُفدى بالأرواح والدماء ، كان الجيش الليبي مُهمش إلى ابعد الحدود في كل مجال : التسلح ، التدريب ، الاهتمام ، وتلك سياسية قذافية كان هدفها إبقاء القوة العسكرية بيد خميس و الساعدي وغيرهم من الطراطير ، ولكن في بلادنا سار علي على سياسة مشابهة لكن لازالت في بدايتها ولدينا ـ بحمد الله ـ قادة عسكريين بذلوا كل الجهود للتسليح ومواصلة التدريب بل تمتلك قطاعات الجيش خبرة قتالية ميدانية وليس مجرد مناورات ،فيما يفتقد الحرس الجمهوري و القوات الخاصة لكل ذلك أو معظمه، والسلاح الذي قد يكون أكثر تقدما بيدها يحتاج إلى صناديد يجيدون استخدامه ،فضلاً عن ان العديد من قوات الحرس الجمهوري أعلنت انضمامها للثورة بما تمتلكه من سلاح وعتاد وهذا يضيف خير وبركة إلى معسكر الثورة السلمية ،وحين تندلع أولى المعارك فان المزيد والمزيد من العسكريين ومعسكراتهم والمدنيين وقبائلهم ستنظم إلى الثورة ، فهناك العديدين من العقلاء كما أتوقع لم يعلنوا انظما مهم للثورة في مسعى للبقاء في صف الرئيس على أمل إقناعه بالتنازل ليتجنب الوطن الوقوع في غير المرغوب، وفي نفس الوقت فان ذهاب علي عبدالله صالح إلى هذا الخيار الدموي سيفضحه على رؤوس الأشهاد ولن يمتلك حُجة من نوع ( سكان البيوت المجاورة قناصين وضجوا و قتلوا مابين 37 إلى 45 ) كما قال في هذيانه لقناة العربية ،بل وأضاف أنّ (( ثمانية أو سبعة مجهولين)) وكأنهم في نظره في عداد غير البشر ماداموا أنهم غير معروفين في وقاحة جديدة من وقاحاته .
وستنصر الثورة الشبابية الشعبية السلمية وستُرّكع علي عبدالله صالح و طغمته مهما حاولوا الحيلولة دون ذلك ومهما مكروا و أوغلوا في الدماء والأشلاء والشهداء والخراب والدمار، سينتصر الشعب وسيصنع اليمن الجديد والمستقبل الأفضل مُستعيداً والى الأبد حقه في السلطة والثروة . الاثنين /28 مارس 2011م .
بقلم : مرعي حميد
راوغ و يراوغ ، علي عبدالله صالح ليهزم الشعب الثائر!!! الثائر ثورته الشبابية السلمية الهادرة العبقرية المشاهد والقسمات . مكر ويمكر علي عبدالله صالح ليؤخر على الأقل إسقاط حكمه البغيض بهذه الملحمة الوطنية الزاحفة على فساده واستبداده ، وان المكر السيئ لعلي عبدالله صالح سيحيق به ، قال الله تعالى : ((وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا )) . ولعل الله تعالى لا يريد لهذا الصنم المتكلس إلا نهاية تليق به هو كمتغطرس متعجرف لا بالنهاية التي قد يختارها له الشعب اليمني المسكين وقد قيل (( الظلم مرتعه وخيم )).
إنّ مكر علي عبدالله صالح سيرتد في نحره وفي نحر طغمته وجلاوزته ،فتخويفه بأنه في حال سقوطه ستنقسم اليمن إلى أربعة أقسام يريد به تخويف أربعة أطراف : السعودية بـ (شمال الشمال ) كما قال ، وأمريكا والغرب عموماً بالقاعدة في الجنوب الذي سينفصل على حد زعمه ، والخائفين من عودة حكم الاشتراكي في الجنوب وخصوصاً من حل بهم الضرر زمن الحكم الاشتراكي للجنوب سابقاً، وأبناء الشمال والجنوب عموماً عدا حضرموت بانفصال حضرموت النفطية وهو بهذا يُطمع بعض من ممن قد ينخدعوا بتخويفه فهناك من يريد حضرموت دولة مُستقلة نفطية!!!، ولكن كل هذا سيرتد في نحره ، فالثورة وحدت الكل ماعدا علي و(( أياديه الآمنة))،وأمريكا تُدرك ألاعيبه مع القاعدة ومنه الهروب الكبير للمعتقلين من القاعدة في صنعاء ، لكن لم يكن لديها بديل قبل هذه الثورة البديعة والسعودية تدرك ألاعيبه بخصوص صعدة وحربها ولكنها كانت كذلك لا تملك بديلاً عن التعامل معه ـ بالمناسبة حاولت السعودية اغتياله عدة مرات زمان وفشلت فأصبح ((عدو ما من صداقته بد ))، بل في أحداث صعدة نجد القائد العسكري الأبرز المتمرس علي محسن الأحمر قد كسب تأييد السعودية لمشاركة قواته في حرب صعدة مثلما كسب خصومة الحوثي ولكن موقفه إلى جانب الثورة التي يؤيدها الحوثي كفيل بتغيير القناعات السابقة فـ ( عدو عدوي صديقي ) وهذه القاعدة امتدت لتشمل تعزيز علاقات أطراف عديدة متصارعة في اليمن : اللقاء المشترك والحراك الجنوبي والقاعدة إلى حد ما والقبائل المتنازعة بفتن علي عبدالله صالح بينها ،وهذا من شأنه الحفاظ على وحدة الشعب والأرض والقرار باستمرار ،والجنوب كان يعاني مساوئ عديدة بسبب تسلط واستبداد علي عبدالله صالح و طغمته وسيتعافى فور انقشاع هذا التسلط بسقوطه ونظامه البغيض وبامتياز . وبالمناسبة أنا شخصياً لم أكن اعلم بمكنون صفة (البغيض) التي كانت تُطلق على النظام الإمامي في الشمال إلا حينما جربت البغض منذ سنين حين بغضت علي عبدالله صالح و طغمته .
إنّ الواجب علينا كيمنيين ان نواصل الالتحام والتعاضد والاحتشاد والتثوير والتنويروالدعاء الضارع الخاشع لله القريب القدير المُجيب ،وان نُصاعد كل ذلك في خضم هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية حتى تُحقق كافة أهدافها ، إنه (( لابد للأمة من ميلاد ولابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام )) كما قال المفكر الإسلامي المصري العملاق سيد قطب ، وهذا ما شهدناه في تونس ومصر الجديدتين ، و كما قال سيد قطب كذلك أنّ (( ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية وأن الذين لا يرهبون الجاه والسلطان يرهبهم الجاه والسلطان )) وقد قال الشاعر التونسي الفذ أبو القاسم ألشابي :
وللأوطــان ِ فـي دم كل حر يــدٌ سـَلـَفـَتْ ودَينٌ مُستـَحـَقُ
ومَنْ يـَسقي ويشــربُ بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسقــَوا ويَسقـُوا؟
ولا يبــني الممالكَ كالضحايا ولا يـُدنِي الــحقوقَ ولا يُحِقُ
فــفي القتل ِ لأجيـالٍ حـَياة ٌ وفي الأسرى فدىً لهمو وعـِتقُ
وللـحُريِّةِ الـــحـَمـراءِ بابٌ بكـل ِ يَــدٍ مُضَــرَّجَـةٍ يُـدَقُ
إنّ على الشعب اليمني ان يدخل وبدون تردد في حالة عصيان مدني سريع وشامل وهناك من ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن ان ينتصر ويسعد فهل نبخل بمرتبات على أسوى الاحتمالات ، وعلى أصحاب التأثير ان يدعوا إلى العصيان وان يؤكدوا الدعوة باستمرار حتى تؤتي أكلها .
إنّ على اللقاء المشترك ان يدفع بقدر ما أوتي من تأثير لإفراده وقيادته إلى غمار الثورة في غير سيطرة وتسلط عليها فالثورة ثورة الشعب والمشترك تكتل سياسي هدفه سعادة الشعب بأي يد تحققت وتحصلّت ، ولكن على المشترك ان لا يقبل أي حوار مع علي عبدالله صالح لاعن نفسه ولاعن الثورة ، والثورة ليست خرساء بل هي هادرة مزمجرة فلتختر لها من يتحاور باسمها من شبابها ان رأت جدوى من ذلك،إنّ ورقة حوار اللقاء المشترك مع السلطة غير الشرعية يجب ان تُطوى والى الأبد ، انه لا جدوى مع الحوار مع المراوغين لكسب وقت يريدون استثماره في دمار الشعب . وفي المُقابل على اللقاء المشترك ان يبذل جهود مُضاعفة ومستمرة على الجبهة الخارجية لكسب تأييد الدول والمنظمات والشخصيات المؤثرة لصالح الثورة الشبابية الشعبية السلمية ،وتصعيد سعير مظاهرات المهاجرين اليمنيين في مهاجرهم المطالبة بإسقاط النظام المتعفن المرتزق المستبد .
إنّ على الثورة السلمية وكل القوى الوطنية ان تفترض أسوى الاحتمالات، وان تُعد لها العُدة قدر ما تستطيع فلا ننخدع بوعود علي عبدالله صالح بالتنازل السلمي فهو مغرور و عنجهي يمتلك من الصلف ما يمنع الجميع من الانخداع والوقوع في براثن الضن الحسن في هذه الحالة ، والوقت جزء من المعركة ولو كانت سلمية .
إنّ علي الثورة السلمية ان تستعد للدفاع عن نفسها ان اضطرت إلى ذلك ان أقدم الصنم المتكلس على تكرار تجربة الثورة الليبية التي تتصاعد انتصاراتها ،وعلى من أعلنوا انضمامهم للثورة من مدنيين وعسكريين ان لا يدخروا جُهداً في هذا السبيل . والله غالب على أمره .
يُقدم الشعب الليبي تضحيات جسام في سبيل الدفاع عن ثورته السلمية وهي ثورة لإجل ستة ملايين نسمة فقط ومستقبلهم ألا ندفع نحن في اليمن ان اضطررنا مثلها على الأقل ونحن نناضل من اجل 24 مليون نسمة ومستقبلهم وليس 6 ملايين فحسب .
لو قارنا بين شخصية علي عبدالله صالح ومعمر القذافي قبل ابتدأ الثورتين لوجدنا القذافي يهتم بتحفيظ القران ويفخر بحفاظ القران في بلده ـ بلد المليون حافظ ـ كما فعل علي عبدالله صالح بتشجيع حفظ القرآن الكريم ، ولوجدنا ـ وكما قال مصدر ـ ان القذافي كان يبني بيوتاً لليبيين ويسكنهم فيها وعلي بناء قرية الظفير بتبرع الأمير السعودي الوليد بن طلال للمتضررين ولم يسكنهم فيها وهم متضررين من الانهيار الصخري ، و من ناحية أخرى فان إمكانيات القذافي في الاستعداد لتقلب الزمان كانت أوسع من إمكانيات علي عبدالله صالح فليبيا تُصدر من النفط مثل ما تصدره بلادنا ثلاث مرات تقريباً مع شعب قليل العدد وهاهو اليوم يتلقى الضربات من أبناء شعبه الأبطال الميامين الذين يندفع احدهم للقتال كما يندفع للعرس كما وصف ذلك الشيخ حافظ سلامة بطل المقاومة الشعبية في السويس وقد زار ليبيا مؤخراً لتقديم مساعدات إغاثية للشعب الليبي ، وقد قال ذلك في حديث مع الجزيرة مباشر. و التدخل الخارجي له تأثيره الايجابي الممتاز في ليبيا ولا يُستبعد تكراره في اليمن ـ ان ركب علي عبدالله صالح غروره حتى آخر قطرة دم على حد تعبير القذافي ـ بل نسخ النموذج الليبي في بلادنا هو أيسر، فالنموذج جاهز والقرار أسهل واليمن ابعد عن أوروبا والسعودية وسلطنة عمان لن تتدخلان مثلما هو الحال مع مصر وتونس والجزائر في التجربة الليبية .
ومن ناحية أخرى يُشاع أنّ الليبيين يميلون إلى الدعة والكسل فيما اليمنيين هم الأشهر بين العرب في الهمة والنشاط والعمل ، الليبيين لا يكادون يعرفون السلاح ولا استخدامه واليمنيون لايكاد احدهم غير متسلح وغير خبير باستخدام سلاحه ومن القبائل من تمتلك أسلحة ثقيلة وفي حال اضطرار الثورة السلمية للدفاع العسكري عن نفسها فكل ذلك لن يتأخر عن الاستجابة لداعي الوطن المُفدى بالأرواح والدماء ، كان الجيش الليبي مُهمش إلى ابعد الحدود في كل مجال : التسلح ، التدريب ، الاهتمام ، وتلك سياسية قذافية كان هدفها إبقاء القوة العسكرية بيد خميس و الساعدي وغيرهم من الطراطير ، ولكن في بلادنا سار علي على سياسة مشابهة لكن لازالت في بدايتها ولدينا ـ بحمد الله ـ قادة عسكريين بذلوا كل الجهود للتسليح ومواصلة التدريب بل تمتلك قطاعات الجيش خبرة قتالية ميدانية وليس مجرد مناورات ،فيما يفتقد الحرس الجمهوري و القوات الخاصة لكل ذلك أو معظمه، والسلاح الذي قد يكون أكثر تقدما بيدها يحتاج إلى صناديد يجيدون استخدامه ،فضلاً عن ان العديد من قوات الحرس الجمهوري أعلنت انضمامها للثورة بما تمتلكه من سلاح وعتاد وهذا يضيف خير وبركة إلى معسكر الثورة السلمية ،وحين تندلع أولى المعارك فان المزيد والمزيد من العسكريين ومعسكراتهم والمدنيين وقبائلهم ستنظم إلى الثورة ، فهناك العديدين من العقلاء كما أتوقع لم يعلنوا انظما مهم للثورة في مسعى للبقاء في صف الرئيس على أمل إقناعه بالتنازل ليتجنب الوطن الوقوع في غير المرغوب، وفي نفس الوقت فان ذهاب علي عبدالله صالح إلى هذا الخيار الدموي سيفضحه على رؤوس الأشهاد ولن يمتلك حُجة من نوع ( سكان البيوت المجاورة قناصين وضجوا و قتلوا مابين 37 إلى 45 ) كما قال في هذيانه لقناة العربية ،بل وأضاف أنّ (( ثمانية أو سبعة مجهولين)) وكأنهم في نظره في عداد غير البشر ماداموا أنهم غير معروفين في وقاحة جديدة من وقاحاته .
وستنصر الثورة الشبابية الشعبية السلمية وستُرّكع علي عبدالله صالح و طغمته مهما حاولوا الحيلولة دون ذلك ومهما مكروا و أوغلوا في الدماء والأشلاء والشهداء والخراب والدمار، سينتصر الشعب وسيصنع اليمن الجديد والمستقبل الأفضل مُستعيداً والى الأبد حقه في السلطة والثروة . الاثنين /28 مارس 2011م .
السبت، 26 فبراير 2011
كلام في العصيان المدني 2
لعصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر: بولات جان
- تعريفات عامة، خصائص و قراءات نقدية
- سقراط
- أنتيغونا
- النفس السامية
- مارتن لوثر
- هنري ديفيد
- وسائل و سبل العصيان المدني
- أمثلة عن عمليات مختلفة من العالم
- العصيان المدني شرقياً
- بالحروف
- نار الجسد
- اللغة الممنوعة
- الصوم
أحد سبل المقاومة و المعارضة و الضغط على السلطات و الحكام. و هو سبيل اللاعنف في انتهاك الحقوق و القوانين الرسمية عن دراية و علم تامين، سلمي، هادف، وجداني، جسور، صريح و علني للرأي العام، هادئ و لكنه مؤثر إلى أبعد الحدود يقوم به عدد محدد من الاشخاص المعنيين بالأمر والمؤازرين لهم من أشخاص و مؤسسات و تجمعات تتحمل كل النتائج و العواقب سلبية كانت أم ايجابية. عمليات العصيان المدني بعيدة و منزهة عن الحقد والضغينة والكراهية والانانية. العصيان المدني ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة واضحة للوصول إلى الهدف الأساسي، أ لا و هو الحياة الكريمة و العدالة والإنسانية. هذا تعريفي للعصيان المدني، و قد تختلف التعريفات و تتشعب تفاصيلها وأسلوب الاتيان بها، لكنها من حيث الروح و الجوهر فهي لا تخرج عن إطار التعريف الذي أوردناه للتو!
العصيان المدني كمصطلح، أستخدم أول الأمر في القرن التاسع عشر من قِبل هنري دافيد ثورو(Henry David Thoreau). أما كفعل،فجذوره ضاربة بعمق في التاريخ البشري، رافق المسيرة الانسانية و بقي ملازماً له حتى يومنا هذا. و ستكون ما دام الانسان بحاجة للتعبير عن رفضه و معارضته لأي شيءٍ كان في العالم. استنتجت من دراساتي للعصيان المدني و أمثلته و أعلامه، أن العصيان المدني كفعل و ممارسة مبرمجة هادفة بدأت في اليونان القديمة و بالأخص مع حادثة محاكمة سقراط الفيلسوف و أنتيغون التي واجهت القوانين و دفنت أخاها الثائر على الملك. و بذلك تكون اليونان ملهمة العصيان المدني. أي إن الغرب من أوجد العصيان المدني. حيث نلحظ ترتيب مدهش لقادة و أعلام العصيان المدني. سقراط و أنتيغون، مارتين لوثر كينج، هنري دافيد ثورو و أخيراً و ليس أخراً يضعون الشرقي مهاتما غاندي نهاية القائمة. مع العلم بأن مهاتما غاندي يعد أكبر رائد لأكبر عصيان مدني في العالم. مع أنني لا أرى هذا التصنيف (الغرباوي) لنشأة و ممارسة العصيان المدني في محله حيث أعتبر هذا النوع من المقاومات السلمية نابعة من جوهر الشرق و تحمل كل سماته و خصائصه الروحية الاصيلة، و مع ذلك سأفرد و حسب التصنيف الغربي مساحة لكل من الرواد الذين مرّ ذكرهم، و سأعتمد قدر المستطاع ما أتوا به هم من جميل الكلام و نبيل الفعل و عظيم النتائج و ما تركوه من إرثٍ خالد للعائلة الإنسانية.
عناصر العصيان المدني
المحبة و الحقيقة و الجرأة؛ المحبة تكون بمثابة المركز للتصرفات و السلوك اللاعنيف، فالمحبة و الحقيقة و الجرأة دعائم قوية البنيان في العمليات، ترشدنا طوال حياتنا. فهي تعني الوجود، أي الوصول إلى حياة ممكنة العيش ضمنها... لكل عميلة عناصرها الخاصة بها، و كذلك الأمر بالنسبة لعمليات العصيان المدني فهي مأطرة ضمن قواعد و حاضنة لعناصر أساسية و أخرى فرعية سنأتي على ذكرها جميعاً. الدور الرئيسي لهذه المبادئ هو الحفاظ على سلمية العملية و إيصالها إلى النتيجة المفيدة. و هذه العناصر هي:
- مخالفة القانون و خرقه.
- اللاعنف.
- علانيتها للرأي العام
- تقرب سياسي و أخلاقي مستند لفكرة الحقوق الكونية
- المشاركة في إصلاح و تحسين القوانين-المنتهكة و تحمّل عواقبها
- النفسانية الجماعية للعصيان المدني
- مخالفة القوانين و خرقها:
انتهاك القانون عن علم و تفكير و تخطيط استناداً إلى القيم السامية و الاعراف الانسانية الراقية شرط أساسي من شروط العصيان المدني. الوقوف بوجه بعض القوانين و مواد الدستور و معارضتها يكون من خلال خرقها و انتهاكها(كـعدم تسديد ضريبة خاطئة أخلاقياً و لكنها منصوصة عليها بالقانون)و كذلك الامر بالنسبة(لقنوات الراديو و التلفزيون الغير مرخصة إذا كانت الدولة لا تسمح لها بالبث بسبب بعض القوانين...)
- اللاعنف:
اللاعنف يعد العنصر الاساسي و العلامة الفارقة بين عمليات العصيان المدني و عمليات المعارضة الاخرى. حتى لو تم استخدام العنف من قِبل المعادين ضد نشطي العصيان المدني فلا يجب اللجوء إلى العنف بل أن يفضلوا التعرض للعنف على استخدامه! الشخص الذي لا يلجأ إلى العنف لا يعني بتاتاً بأنه ضعيف و خامل و جبان، بل بالعكس تماماً، فهو شجاع و مِقدام لأنه لا يلجأ إلى سبيل لا حضاري-العنف. و حتى العملية السلمية يجب ألا تلحق الضرر بالصالح العام، ليس مناسباً أن تسد طريق المستشفى للضغط على السلطات.
- الصراحة و العلنية: من العناصر الموجب توفره في عمليات العصيان المدني هي الصراحة و وضوح نوع و هدف و مكان و وقت العملية. و كذلك يجب أن تكون مفتوحة أمام الجميع للمشاركة فيها و كذلك أن لا يقوم القائمون بها بإخفاء هويتهم و تمويه أنفسهم. يحق لكل راغب المشاركة بمثل هذه العمليات العادلة، ليعبروا عن رفضهم و معارضتهم حتى لو لم يكونوا معنيين بالدرجة الاولى بالأمر أو القانون. فمثل هذه العمليات ليست حكراً على فئة او أشخاص او شريحة دون غيرها. هذا لا يعني بأننا نلغي الخصوصيات و نغض النظر عن الاستقلالية.
- القيم الكونية:
تدخل عمليات العصيان المدني على المدار حينما تتعرض القيم الانسانية و الحقوق الكونية المتعارف و المتفق عليها دولياً للانتهاك من قِبل الانظمة و السلطات و الحكومات. كل القيم الإنسانية كالوجدان و الاخلاق و حق التعبير و حق الحياة و الحرية و الحماية و كل ما اُتفق عليها في اللوائح و المعاهدات الدولية، تكون في الوقت عينه مبادئٍ للعصيان المدني و في حال انتهاكها يحق للنشطاء الاعتراض عليها.
- العمل على تحسين القوانين المنتهكة:
اي تحسينها بعد أن يتم تغييرها او تبديلها او حتى إلغاءها. ومن العلامات الفارقة بين عمليات العصيان المدني و عمليات المعارضة الأخرى هي تحمّل العواقب و ما يتمخض عنها من نتائج.وبما فيها التعرض للعقوبات. العصيان المدني ليس عملاً فوضوياً(انارشيست) بل لها أصولها و قواعدها المعلنة. و ما فعله سقراط خير مثال على ذلك.
- السيكولوجية الجماعية للعصيان المدني:
لا يجب غض النظر عن العالم الداخلى للإنسان أو اهماله. حيث تكون جميع التصرفات و المواقف نابعة من إيمانٍ عميق. اعتناق الفرد لأهداف الجماعة ضمن العملية أمر ضروري و مهم جداً. إذا لم يكن الفرد منظماً بكل عنفوان و عميق الإيمان، فلن يكون جريئاً في النضال و لن يضحى في سبيل الاهداف العظيمة. بقدر ما تكون عمليات العصيان المدني امتحاناً اجتماعياً فهي امتحان تشحذ الفرد و تقويه وتطوره.
أول امتحان لنا في بداية العملية يتمثل في الايمان بأهداف نزاعنا. والامتحان الثاني هو محاولتنا قدر المستطاع فهم المعادي و إفهامه بأننا نريد تفهمه و فهم ما يطرحه و يدافع عنه. مثلاً كأن نقول له:" هل تعني أن نفهمك بهذا أو ذلك الشكل؟". يجب أن توضح بأن هذا النزاع او العملية لا يستهدف تعميق الكراهية و تحريض المعادي لإظهار العداوة و الخشونة، بل على العكس كي نبرهن له أن العملية فرصة للتعارف و الجدال معه... أثناء مثل هذه العمليات ترتفع وتيرة التوتر و شدّ الاعصاب و القلق و تزداد الحرارة ضمن الجماعة و تتولد عن كل ذلك طاقة كبيرة جداً. لا يجب أن يترك عقالها بل أن يتم توجيهها بحيث تخدم الهدف الرئيسي للنزاع.
لمن يوجه نشاط العصيان المدني ؟
"إن هدف النشاط هو خلق الحوار بيننا وبين أنفسنا، بيننا وبين الجماهير، بيننا وبين النظام. فالنشاط ليس هدفاً لذاته".
بإدراك المعنى السابق يمكن أن نحدد العدو المستهدف بأنشطتنا، وسيجد الدارس أن هذا العدو هو:
1- النفس
2- المجتمع
3- النظام
- ليس صحيحاً أن"كل ما أُخذ بالقوة لا يُستعاد إلا بالقوة"!
هذا خطأ!
القوة لا تعني العنف و الممارسات الشديدة. فالقوة أوسع و آفاقها أرحب بكثير من التحديد بالعنف. الإصرار قوة، المحبة قوة، المعارضة السلمية و العقلانية قوة، الحوار قوة و العصيان المدني أكبر قوة. يجب أن تكون القوة بجانب الحق و ليس الحق بجانب القوة. إذاً القوة ليست عبارة عن النار و البارود فحسب، حتى ان الرد الوجداني للظلم و العنف تشكل قوة كبيرة. إذاً تبقى مقولة "كل ما أُخذ -بالقوة لا يُستعاد إلا بالقوة" صحيحة و ستبقى.
- يجب احترام القانون و الامتثال له مهما كان:
هذا خطأ!
الاحترام المفرط للقوانين يؤدي بالانسان إلى سن قوانين معادية لنفسه بنفسه. و هذه القوانين تجعل منه مسيّراً لا مخيّراً، أي تجعله آلياً كـ الروبوت. ليس الرضوخ الاعمى للقوانين بل القيام بما يراه الوجدان مناسباً. لأن الوجدان هو القانون الاسمى من كل شيء.
- المال يقويّ الوجدان:
هذا خطأ!
المال، يجعل الانسان يهمل الكثير من الاسئلة التي تحتاج إلى أجوبة و يتركها جانباً. و بالتالي يفقد الفرد وجدانه. لنأخذ ضريبة من الضرائب المفروضة على الشعب. قد تكون ضريبة كيفية جائرة. الفقير لا يمكنه تسديد الضريبة او يصعب عليه ذلك و ينهك كاهله، و لذا تراه يحاكم هذه الضريبة منطقياً و وجدانياً. فهو يتساءل" لمن تذهب هذه الضريبة؟ من المستفيد الرئيسي منها؟ هل تخدمني أو تخدم جماعتي و محيطي؟ و هل بمقدور الجميع تسديد هذه الضريبة؟" فإن وجدها محقة و ضرورية يمتثل لها و إن كانت باطلة و جائرة فأنه يرفضها أو يتهرب منها. أما الغني صاحب المال الكثير فأنه لا يهتم بها كثيراً. فبمقدوره دفعها دون أي تأثر و لا يحمل نفسه عناء التفكير بحقانيتها أو بطلانها. و لا يفكر هل بمقدور جاره الفقير تسديد هذه الضريبة. أي انه لا يجري لها محاكمة وجدانية. و إن عارضها فذلك نابع عن الجشع ليس إلا!
الغاية تبرر الوسيلة:
هذا خطأ!
منطق ٌقاله ميكافلي. يقدم الغاية مهما كلف الأمر، وإنه أشبه بالانتهازية والمصلحية النفعية و لا مجال له في العقل والذكاء العاطفي و الإنساني و بالأخص في الموروث الشرقي الاصيل. فإن كانت الوسيلة عنيفة و دموية فهي تسيء إلى الهدف مهما كان نبيلاً و تفتح جروحاً لا تندمل سريعاً. و إن كانت الوسيلة نبيلة وإنسانية سلمية، فإنها تزيد من حقانية الحق و تقوي ظهر الساعي إليه. فالعنف لا يولد إلا التأخر و تشويه السمعة(كما يقول الإمام الشيرازي). و يقول أوجلان "بقدر ما تكون الغاية نبيلة يتوجب نُبل الوسيلة".
________________________________________
رواد العصيان المدني و الصراع اللا عنيف
سقراط: (470-399 ق م)
لا يختلف الكثيرون و أنا خارجهم، عن أن أولى عمليات العصيان المدني بدأت مع ما قام به سقراط الفيلسوف! لكن ما الذي فعله سقراط ليكون أول عاصي مدني في التاريخ و مثالاً يُتبع إلى يومنا هذا؟
" أثينا كالحصان و أنا ذبابة أظل أطنّ حوله كي أوقظها" سقراطٌ قائلها! فقد كان يتجول في الجادات و الاسواق، يستوقف المارة من العامة و يطرح عليهم أسئلته بديهية ظاهراً و فلسفية باطناً. فقد كان يعرض كل البديهيات و ثوابت المنطق للمساءلة و إعادة النظر بها من جديد. كان يطرح سؤالاً على شخصٍ ما و يتركه في حيرة من أمره... فقد كان"الذبابة" التي تطنّ دائماً لإيقاظ"الحصان" الغافل! كان هدفه الرئيسي محاكمة المنطق العام و إعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الدنيا و العليا و بين البشر و الآلهة من جديد... فقد كان يرفض المسلمات من الأمور و يعمل على نبش كل ما في المنطق من بديهيات الفكر. كان محور فلسفته معرفة الإنسان لنفسه(أعرف نفسك)آمن به العديد من الشبان و تتلمذوا على أفكاره و اعتنقوا فلسفته. كان الحكام ينظرون إلى سقراط بريبة و هلع و يتوجسون خيفة من فلسفته و محاكماته للمنطق و الثابت في الفكر الجماعي لأثينا و انتقاده للحكم. أتهمه خصومه بالزندقة. أُلقي القبض عليه و أودع السجن بتهمة إخراج الشباب عن طريق الصواب و تضليلهم. جرت له محكمة و تحولت هذه المحكمة إلى مناظرة فلسفية و فكرية تاريخية. لم يدافع سقراط قط عن نفسه ضد التهم الموجهة ضده، بالرغم من أنه كان يعلم بأن عقوبة تضليل الشباب هو الموت حسب قوانين أثينا. كان يدافع عن أفكاره و حوّل المحاكمة إلى منبر دافع من خلالها عن حرية الفكر و التعبير و أهمية الحرية الفكرية لضمان الحياة و حماية للمدينة. صدر بحقه عقوبة الموت و ذلك باجتراع السم. لم يعترض على جزائه و لم يهرب من السجن بالرغم من توفر كافة الظروف لذلك، فقد كان يحترم قوانين مدينته و يعرف بأن المعرفة و الفلسفة بحاجة إلى التضحية و كان مستعداً لذلك. حتى أنه تجرع السم بنفسه ضارباً أروع مثال على العصيان المدني و المعارضة السلمية ضد نظام الحكم و سفسطة السفطاء و جهل العامة. فقد أبلى بلاءً حسناً حين ارتشف السم بنفسه و لم يحتقر جلاديه، فقد بيّن احترامه للقانون و كان تصرفه هذا بمثابة انتقاد أخلاقي و سياسي موجه للنظام. هذا الموقف الجليل بات عماداً من أعمدة العصيان المدني و مبدأ اساسياً فيه.
قد تتساءلون: " كيف هذا و قد بيّنت ضمن تعريفك للعصيان المدني بأنه ينتهك القانون؟ فكيف يكون احترام سقراط للقانون مثالاً يُحتذى به في عمليات العصيان المدني؟ هل يعني هذا أن نحترم القوانين الخاطئة؟" سؤالٌ محق انهمكت لإيجاد جوابٍ شاف له. و النتيجة تتلخص في النقاط التالية:
1- العصيان المدني ليس ضد كل القوانين بل ضد قوانين بحد ذاتها و تنتهكها لتغيره أو إلغاءها. كقانون منع الزنوج من ارتياد بعض الاماكن. انه قانون و لكنه قانون خاطئ و من واجب العصاة المدنيين و بالأخص الزنوج أن يرتادوا تلك المناطق لانتهاك ذلك القانون.
2- لم يكن سقراط معارضاً لقانون" يعاقب كل من يضلّ الشباب عن درب الصواب" و كل من له ضمير لن يقبل تضليل الشباب و خداعهم. و من المعروف بأن سقراط كان محبٍ لمدينة أثينا و محترماً لقوانينها و لذلك لم يعترض على العقوبة الصادرة حسب ذلك القانون أو النص المعني به. فعمليته نابعة من النزاع بين منطق إدارة أثينا و مفهوم سقراط للحرية و المعرفة!
3-رسالة أخرى علينا فهمها من موقف سقراط، أ لا و هي الوقوف بوجه كل من يحاول خداع الشباب و إضلالهم باستغلال عواطفهم و مشاعرهم الفتية.
4-موقف سقراط من العقوبة و شربه للسم بنفسه و عدم فراره من السجن كان بمثابة نداء لمجتمع أثينا فقد ترك أثراً في ضمير المجتمع حتى يومنا هذا. فلو هرب أو ركع للحكام كي يعفوا عنه أو أعلن عن خطأه و طلب المغفرة، لماَعرفنا شيء أسمه سقراط الفيلسوف اليوم و ما كان ليصل إلى يومنا هذا. و شيء آخر يعلمنا إياه فيلسوف المعرفة. و هو أن تكون مستعداً لتقديم كل غالي و نفيس فداء أفكارك و أهدافك العظيمة حتى لو كان الثمن روحك.
أنتيغونا(Antigone):
الفتاة التي واجهت القوانين الظالمة و المتناقضة مع الوجدان الإنساني و القيم الأخلاقية العليا . أنتيغونا هي ابنة أوديب و أخت پولينيس من مدينة طيبة(Thiba) اليونانية. تمرد پولينيس على خاله الملك(Kreon) و حدث بينهم صراع أنتهى بهزيمة پولينيس. قُتل پولينيس في هذا الصراع و بالرغم من موته لم يشف غليل خاله الملك كرون و لذا-كي يعتبر الآخرون- أمر بعدم دفن جسد پولينيس و أقرّ قانوناً أن من يتجرأ على دفنه فسوف يلقى عقوبة الموت تواً؛ و هكذا بقي جثمانه دون دفن. أنتيغون لم ترض بهذا الأمر لِما له من احتقار للقيم و الحس الإنساني و الأخلاقي. فهي لم تنتفض لموت أخيها و لكنها ضربت بالقانون الذي أقره الملك عرض الحائط ووضعت عقوبة الموت نصب عينيها و قامت بدفن جثمان أخيها پولينيس. مما أغضب كرون أيما غضب، خاصةً أنه رأى ذلك هتكاً للقانون و عصيان لأوامره، لم يرضَ السكوت عن فعلة أنتيغونا المنافي لقانون الملك، لذا فقد حكم بالموت عليها. لم تلجأ أنتيغونا لمعارضة الجزاء و لم تدافع عن نفسها. أنتيغونا لم تكن تخشى المنية، لكنها كانت ترفض هتك الحس و الكرامة الإنسانية و القيم الأخلاقية و الوجدانية. فقد رفعت القانون الغير مكتوب، أي الوجدان فوق كل الاعتبارات و الدساتير و القوانين و المصالح. فليس من الأخلاق الإنسانية التشهير بجسد الأموات مهما كانوا عليه من صفات و رغم ما قاموا به من أعمال و ممارسات في حياتهم. يجب احترام الموت و الميّت كيفما و لمن كان.
ما قامت به أنتيغونا يعد مثالاً تاريخياً للعصيان المدني الأخلاقي و الوجداني، وتعد عملية سلمية لم يتضرر منها أحد، وضعت أنتيغونا نصب عينيها العواقب الوخيمة و المنتظرة جراء فعلتها الهاتكة لقانون الملك. كانت أنتيغونا تمكث في الزنزانة قبل تنفيذ القصاص بها، فقامت بعملية عصيان مدني أخرى كإتمام لعمليتها الأولى. فقد نفذت حكم الموت بنفسها و انتحرت في معتقلها و لم تتح لقانون الملك الفرصة بالقصاص منها. ضربت أنتيغونا مثلاً في مدى التمسك بالقيم الكونية في الأخلاق و الوجدان الإنسانى دون أن تضر بأحد.
تعد عمليتي كل من سقراط و أنتيغونا مثالين بارزين للعصيان المدني في اليونان القديمة و في كل أنحاء المعمورة و على مر مئات السنين و كانتا انطلاقة جسورة لرفض الخاطئ و السيئ من القوانين و المنطق.
النفس السامية(مهاتما) غاندي:
موهانداس كرمشاند(1869-1948). من أكبر دعاة السلام و النضال السلمي في العالم. تعرف على العصيان المدني أثناء فترة تعليمه بجامعة إكسفورد. خاض غاندي نضالاً سلمياً مريرا دام ثلاثين سنه حيث توجت جهوده باستقلال الهند عام 1947. يعد غاندي المعلم العصري وفيلسوف النضال السلمي، أي العصيان المدني النابع من الإرادة الانسانية و الأيمان بالقضية و تحمل كل الصعوبات لأجل الوصول إلى لهدف السامي، أ لا وهو الحرية. لم يرفع غاندي سلاحاً بوجه الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس و مع ذلك فقد أجبرها على الجلاء عن وطنه الهند إثر عصيانٍ مدني شامل في الهند كافة. قد يكون مهاتما متأثراً بمبادئ العصيان المدني و النزاع السلمي الخاصة بـ هنري ثورو السابقين من رواد العصيان المدني و لكن هذا لم يمنع غاندي من نسج تعاليمه الفلسفية و العملياتية الخاصة به في العصيان المدني . قام غاندي بمزج مبادئ العصيان المدني السلمي لكل من هنري ثورو و تولستوي مع الموروث الوطني للمجتمع الهندي من أخلاق و قيم روحية، حسب رؤية فلسفية خاصة به و أسماها ساتايغراها(Satyagrahe)هذه الكلمة تعني (اعتصام الحقيقة)أو(تمالك النفس) و قوانينه تُعتبر دليلاً لكل العصاة المدنيين و مناضلي اللاعنف. جوهر ساتياغراه قريب جداً من اسلوب نضال عيسى المسيح. التعاليم الإنسانية و الخلقية و الوجدانية و المحبة تعد أعمدة الاساس للعصيان المدني. و لأهميتها فقد ارتأينا ايراد ملاحظات و تعاليم المهاتما الواردة في ساتياغراه.
معايير غاندي للنزاع
(ملاحظات للمناضل)
النزاع و الهدف
- تحرك على هدى ضوء ايمانك.
- أوضح معنى نزاعك بشكلٍ قاطع.
- أعلن عن أهدافك بشكلٍ واضح.
- حاول فهم أهداف معاديك.
- أكد على أهداف ممكنة الاشتراك و المساومة عليها.
- أفصح عن النواحي الايجابية للنزاع.
- فكّر بأن النزاع وسيلة لمواجهة معاديك.
- أقتنع بأن النزاع سيكون فرصة لإعادة تشكيل المجتمع.
- فكّر بأن النزاع فرصة لإعادة تشكيل شخصك.
فترة النزاع
- لا تلجأ لاستخدام العنف.
- أبتعد عن العمليات الجارحة أو الضارة.
- أبتعد عن الأفكار الجارحة أو الضارة.
- أعمل دائماً على إضافة عنصر التقدم البنّاء إلى النزاع.
- أسلك السبل النضالية المفيدة في إظهار أهداف النزاع.
- لا تتستر، لا تتخفى، تصرّف بوضوح و علنية.
- قم بتوجيه النضال إلى الهدف الرئيسي.
- لا تتعاون مع المؤسسات التي تعمل على إدامة السوء.
- لا تتعاون مع الاشخاص المتخاذلين عن رفض و معارضة السوء.
- لا تتهرب من المعاقبة. - كن مستعداً للتضحية و الفداء بنفسك في الحالات الاستثنائية.
- أبتعد عن فتح جبهات غير ضرورية في النزاع.
- أعلم التفريق بين الخصومة و المعاداة.
- أعلم كيف تفرّق بين الشخص كـفرد وبين مكانته(موقعه).
- اعمل على الشعور بما يحس به معادييك.
- لا تهن احداً و لا تأذن لاحد بإهانتك. - لا توسع من أهداف النزاع.
- أستخدم أكثر سبل النضال ليونةًً في النزاع.
حلّ النزاع
- أوصل بالنزاع للحل و لا تطله.
- جاهد للتحولات الايجابية للمجتمع.
- جاهد للتحولات الانسانية في ذاتك و ذات معادييك.
- لا تصرّ على ما ليس له علاقة بالجوهر، بل على الامور المتصلة بالجوهر ذاته.
- لا تأذن بالمساومة على الجوهر.
- كن مستعداً للمساومة على الامور التي ليست لها علاقة بالجوهر.
- أنظر إلى نفسك على أنها قد تنهزم.
- أقبل أخطاءك بعلنية و صراحة.
- كن ودوداً و متسامحاً مع معادييك. - لا تستغل نقاط ضعف معادييك.
- وفر الاجواء المناسبة لتجعل معادييك مطمئناً. لا تجبره بل اعمل على إقناعه.
- ابحث دائماً عن حلول مناسبة لك ولمعادييك.
- جاهد على إقناع معادييك بما تؤمن به من أفكار.
هذه الملاحظات أو المعايير تؤلف فلسفة حياة و محور التفكير المهاتمي. ليست قوانينً لإرضاخ المعاديين للقبول بما نريده فقط؛ لا بل تعدُّ هذه المعايير بمثابة محاكمة داخلية لضمير ووجدان الإنسان في كل لحظة من الحياة. فهي قبل كل شيء موجهة إلى ذواتنا. أي أنها عمليات سلمية ضد النفس الإنسانية قبل أن تكون ضد الحكّام و السلطات و القوانين! هذه القوانين تندمج كلياً مع الإنسان و تنصر مع أعماقه و توجهه أثناء العمليات. و لن نكون مبالغين إن قلنا بأنها تصبح جزءاً منه و تصل إلى اعماق شخصيته و تتحكم بكل عواطفه و مشاعره.
لعبة الفأر و القطة!
أقرّت سلطات الاحتلال الانجليزي قراراً يقضي بمنع المواطنين الهنود من انتاج الملح. و احتكرت هذه الصناعة لشركاتها. هذا القرار أثّر سلبياً على الكثيرين. و لإجبار السلطات على التراجع عن هذا القرار قام غاندي مع رفقه بتبخير مياه البحر و استخراج الملح منها. و ما هي إلا أيام معدودات حتى حذا الكثيرون حذوه. هذا الأمر أزعجت السلطات كثيراً فما كان منها إلا إلقاء القبض على مهاتما غاندي و المئات من اتباعه. لم يتوقف غاندي في السجن، فقد أعلن إضراباً مفتوحاً عن الطعام، فحذا حذوه كل الهنود في الخارج. أقلق حالة غاندي -المضرب عن الطعام- السلطات الانجليزية التي كانت تخشى موته في السجن و ما سيترتب عن ذلك من عواقب؛ لذا أخُليّ سبيله. عاود غاندي بانتهاك القانون بفعلته بتبخير المياه و استخراج الملح، أٌلقي القبض عليه و أدخلوه السجن و أضرب بدوره عن الطعام و أطلقوا سراحه من جديد، عاد بدوره إلى انتهاك القانون و استخراج الملح، حتى باتت كلعبة الفأر و القطة. اضطرّت السلطات العدول عن قرارها و إلغاءه. كان هذا انتصارا لقوة و إصرار غاندي ومن وراءه الشعب الهندي على رفض القرارات الجائرة.
مارتن لوثر كينغ (M. L. King):1929-1968
الراهب لوثر قاد أكبر حركة عصيان مدني ضد التمييز العرقي(العنصرية)و الديني في أمريكا. أوقد نار الأخوة و المحبة و المساواة بين الجماهير و ناضل في سبيل إلغاء كل القوانين المبنية على أسس العنصرية. سعيه السلمي الحثيث و نضاله لأجل الخير و المساواة جعله يستحق جائزة نوبل للسلام عام 1964.
قُتل سنة 1968. و حتى بعد مقتله أستمر تأثيره الكبير على النضال ضد التمييز العرقي. كان الراهب لوثر يعظ و يخطب في الجماهير قائلاً:"كل الناس مرتبطين بنقاط مشتركة ومن المستحيل التخلص أو الانفكاك منها. أنهم مرتبطين بقدرٍ موحد. فما من أحد تأثراً من أمرٍ ما، حتى يتأثر الآخر بشكلٍ من الأشكال. فإذا لم تمسوا كما يجب أن تكونوا، فلن أمسِ كما يجب أن أكون؛ و ما دمتُ لم أمسِ كما يجب، فلن تمسوا أنتم أيضاً كما يجب"
و من خاطرة له كتبها في واشنطون سنة 1963 نقتطع هذه الجملة و نشارككم اياها" دائماً أحلم و أتخيل. أنه في يومٍ من الأيام يجلس على قمم جورجيا الحمراء أبناء الأسرى و أبناء المأسورين سوياً على مائدة الألفة و الأخوة".ربما لم يتحقق خيال لوثر بشكلٍ كامل و لكن جزء كبير منه أصبح واقعاً معاشاً.
هنري ثورو: (1817-1862)
"كلما تحادثت مع أكثر جيراني تحرراً، أدركت أنه أياً كان ما قد يقولون في سعة المسألة وجدِّيتها، ومهما كان مبلغ اعتبارهم للأمان العام، فإن لبَّ المسألة هو أنهم لا يستطيعون أن يستغنوا عن حماية الحكومة الحالية، وهم يخشون عواقب عصيانها على أملاكهم وعائلاتهم."
يُعتبر ثورو قدوة العصيان المدني-حسب رأي الكثيرين-كان عضواً في مجموعة مكافحة العبودية بقيادة رالف امرسون. و له بعض الآثار حول العصيان المدني و كان أول من أطلق هذا المصطلح و له تأثير لا يستهان به على أفكار و اسلوب عمليات غاندي و مارتن لوثر. نريد أن ننشر نصاً له حول جوهر العصيان المدني:
" 1- توجد قوانين أسمى و فوق كل قوانين أية دولة كانت. ألا و هو"الوجدان". و الوجدان هو الصوت النابع من الداخل.
2- احياناً يتناقض قانون الدولة مع هذا القانون السامي(الوجدان)، حينه يكون وظيفة الفرد الامتثال لهذا القانون و معارضة قانون الدولة عن علم و معرفة و دراية.
3- يتحتم عليه(المعارض)أن يضع نصب عينيه نتائج عصيانه و معارضته للقانون حتى لو ادى به ذلك إلى السجن.
4- ليكن بالعلم أن السجن ليس بالأمر السيئ دائماً كما يُظن! فهو يُفيد في جذب انتباه الطيبين إلى أي قانونٍ سيئ و العمل على مجابهته و إلغاءه."
و في إحدى مقالاته يقول: " يجب أن نكون إناساً و بعدها مواطنون" و في مكانٍ آخر يقول" دائماً يقال بأن (الاكثرية من الشعب ليس متعلماً بما فيه الكفاية). مع العلم بأن الاقلية ليست دائماً أعقل من الاكثرية و لا أفضل منها... يوجد الكثير من القوانين الباطلة. هل علينا الامتثال و الرضوخ له؟ أم العمل على تغييرها؟ يقف الناس حيارى أمام هذه الحالات على النحو التالي:(لننتظر حتى ينضم الجميع لفكرة القيام بتغيير هذا القانون. فقد تولد نتائج أسوء و أخطر من القانون ذاته إذ ما عارضناه)و أنا اقول سائلاً: إذاً لِمَ يُصلب عيسى المسيح؟"
في احدى الايام ذهب ثورو إلى البلدة لقضاء بعض الحاجيات. هناك يوقفه الشرطة و تطلب منه تسديد ضريبة الفرد(الخراج). لكن ثورو يرفض دفع النقود، ليس لطمعٍ في نفسه او إقتار او فقر، لكن لأنه يؤمن بأن دفعه للضريبة تدعم و تسهل عمل دولة عبودية... و نتيجة رفضه يُلقى به في السجن. استفاد من دخوله السجن بجذب الانتباه لقضية العبودية في أمريكا. لم يمكث طويلاً في السجن لأن أحدهم سدد الضريبة بدلاً منه( هذا ازعجه بكل الاحوال) حتى أنهم اخرجوه عنوةً من السجن و بعد خروجه كتب نصا بعنوان "علاقة الفرد بالدولة" وقدمه خلال محاضرة في مدينة كونكورد في شهر كانون الثاني/يناير 1848. ؟ في السطور الاولى من مساجلته يشير الى ان وجود الحكومة لا يجب ان يعني تخلي المواطنين عن الاحتكام الى ضمائرهم. ويؤكد "ان المفروض عليّ تحديدا هو الاحتكام الى فكرتي عن الخير والانسجام معها". و إذا ما سأله احد عن سبب دخوله السجن كان يجيب:" و لِمَ لم تدخله أنت؟"
من أكبر العلامات الفارقة بين منطق ثورو و سقراط هو احترام سقراط للقانون(و هذا موضع نقد) و أما منطق ثورو فيتلخص في الجملة التالية"ليس الطاعة العمياء للقوانين بل القيام و الامتثال لما يراه مناسباً وجدانياً" و يعرّف ثورو العصيان المدني بـ"العملية التي ليس مهماً بتاتاً هل هي فردية أم جماعية. و قرار التحرك بالعملية مأخوذة من وجدان المجتمع. لا تحوي العنف و العنوة، مسالم و لكن مؤثرة جداً".
________________________________________
وسائل و أساليب
العصيان المدني السلمي
للعصيان المدني العشرات من السبل و الوسائل المختلفة جداً و الغنية أيضاً. فهي غير محددة بأسلوب واحد فالابداع يلعب دوره لايجاد سبل جديدة للعصيان المدني. و بشكلٍ عام فإن عمليات العصيان المدني تنقسم ثلاثاً، وهي:
1- أساليب الاحتجاج والإقناع باستخدام اللاعنف (مثل التظاهر والمسيرات السلمية وتوزيع النشرات ووضع ألوان معينة ...)
2- أساليب اللا تعاون (وتعني رفض التعاون مثل الإضرابات والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمؤسسات الدولة.....)
3- أساليب التدخل اللاعنيف (تعطيل الأعمال الاعتيادية واحتلال المكاتب وإنشاء مؤسسات وحكومة موازية ....)
ليس من المعقول أن نسهب في الشرح أو الاتيان بالامثلة على كل نوع من هذه العمليات. و سنكتفي ببعضها، عل و عسى تفي بالتعرّيف على هذا النضال الحضاري.
الإعلام اللاقانوني و العصيان المدني:
كما نعلم بأن لكل دولة أو سلطة أو حزب مبادئ و قوانين خاصة بها تفرضها على اجهزة الإعلام كافة و يعاقب كل مؤسسة تخترق هذه القوانين. دول كـسوريا و إيران و تركيا معروفة جداً بقوانينها الجائرة في المجال الإعلامي. يمنع في تركيا مؤسسات الإعلام من التحدث باللغات غير التركية، كاللغة الكردية مثلاً(رغم السماح بها على الورق) أما في سوريا فممنوع منعاً باتاً إصدار مجلات أو جرائد أو البث الإذاعي من قبل اي جهة غير السلطة، ناهيك عن الإعلام السياسي الحر او الوطني للقوميات غير العربية. و في الايران فالأمر أكثر تراجيدياً حيث تمنع بث و نشر أي شيء خارج أحاديث الملالي و مدائحهم. أي إن هذه الدول لا تسمح بإعلام شبه مستقل و لا تأذن لأحد بذلك. لذا يقوم الكثير من الإعلاميين بنشر مجلات و جرائد و بث قنوات الراديو و التلفاز المحلي دون ترخيص؛ أي"إعلام القرصنة" كما تسميها السلطات. مثل هذه الوسائل لا تتقيد بقيود و قوانين مؤسسة او وزارة الإعلام في تلك الدولة، لا بل تنشر و تبث كل ما تراه مناسباً للجمهور. و كثيراً ما تلجأ السلطات لاعتقال القائمين عليها و توجيه التشويش التقني على محطات البث الإذاعي، و مع ذلك يصر "إعلام القرصنة" على متابعة دربها. يتوفر شروط العصيان المدني في هذه المؤسسات، من حيث السلمية، عدم إيذاء الوجدان و الضمير الجمعي للمجتمع و انتهاك قوانين جائرة. الكثير من دول العالم اضطرت إلى إجراء تعديلات على قوانين النشر و الإعلام في دساتيرها، و قامت على إثرها تلك المؤسسات اللاقانونية بالحصول على تراخيص رسمية للعمل أو حتى وضع نقطة(أنتهى)على إصداراتها و بثها؛ لسبب بسيط، ألا و هو عدم الحاجة لصيرورتها. و لكن أين هي دول الشرق الأوسط(ما عدا العراق)من كل ذلك؟
بعض الأمثلة على عمليات العصيان المدني في العالم
فرنسا: قامت حركة عصيان مدني بالتظاهر السلمي و بشكلٍ مدهش ضد تجارب فرنسا النووية في بحر الباسفيك. فقد قامت المنظمة المعروفة(Greenpeace) بحملة تحت شعار" اضربوه في أضعف نقطه" وقامت بحملة إعلانات و دعاية واسعة النطاق منادية" لا تشربوا الشراب الفرنسي"
الدانمارك: عقب احتلال الجيش النازي للدانمارك، أصدروا قانوناً بوجوب لبس اليهود صدريات عليها نجوم صفراء و ذلك بهدف التعرّف عليهم اليهود بسهولة. لم يرضَ الشعب الدانماركي بهذا القرار اللاإنساني، و لكي يهتكوا هذا القرار و يفرغوه من جوهره فقد قام كل ابناء شعب الدانمارك و بضمنهم الملك كريستيان نفسه بلبس تلك الصدريات المنجمة. بهذا الشكل عسر على النازيين التعرف على اليهود. و لإرضاخ الشعب الدانماركي لقرارات سلطة الاحتلال فقد سجنوا الملك داخل قصره. تمادوا بإثارة و تخويف الشعب بإعلانهم عن أن مرضاً عضالاً قد ألمّ بملكهم. بدل أن ييئس الشعب، بدءوا بالدعاء للملك بالشفاء و إرسال باقات الورود إليه. راح كل الشعب الدانماركي بإرسال الورود إلى قصر الملك. توقفت الحياة في البلاد ما عدا العربات المحملة بالورود المُرسلة للملك(المريض). عطلت الشوارع و شلت الحياة في المدن و الشعب مستمر بإرسال الورود. في النهاية رضخت سلطة الاحتلال لإرادة الشعب العظيمة و اعلنت عن شفاء الملك فجأةً. كان ذلك انتصاراً لإرادة الشعب بكل شرائحه و مذاهبه.
أمريكا: لأمريكا باع طويل في عمليات الاحتجاج السلمي و أكثرها شهرة هي تلك العمليات التي قامت ضد التمييز العنصري و قد تطرقنا إليها إلى جزء منها. كذلك ضد حرب الفيتنام و حرب العراق... فقد قام الشباب المعارضون للحرب الفيتنامية باحراقهم بلاغات الالتحاق بالجندية كاعتراض على الحرب و هذا ما يسمى في الفقه المدني بـ(الرد الوجداني). و أيضاً تبرع الألوف النقود لحركات العصيان المدني بدلاً من تسديد الضرائب، كدعم لحركات العصيان المدني و كرفض للضرائب.
الثورة المخملية: أو ثورة الورد الاحمر و هي حركة العصيان المدني السلمية التي قام بها الشعب الجورجي بقيادة ميخائيل سكاشفيلي ضد الرئيس السابق ادوارد شفاتنيزا. حيث أعتصم المتظاهرون امام مبنى البرلمان و بعدها اقتحموا البرلمان لمنع اداء شفاتنيزا لقسم الرئاسة. رفض الجيش استخدام العنف و العنوة ضد المتظاهرين المسالمين. و بسبب حمل المتظاهرين للورود الحمراء أثناء اقتحام البرلمان فقد سميت عمليتهم بـ(الثورة المخملية) بغض النظر عمن كان خلف هذه الحركة من القوى الدولية. و نفس الشيء حدث في أوكرانيا و لبنان و انتهت بنتائج ترضي الجماهير دون لجوءهم للعنف. أثبتت هذه الحركات قوة الجماهير و مدى تأثير اساليب اللاعنف السلمية أي العصيان المدني على تغيير الانظمة و إجبارها على الاصلاح او التنحي عن السلطة. هذه الاحداث أثبتت أمراً آخر، و هو أن حكومات تلك البلدان لم تكن ديكتاتورية و لا دموية. و خير برهان على ذلك عدم قمعهم و قتلهم للمتظاهرين العزّل كما ألفنا رؤيتها في سوريا و تركيا و الايران و الدول العربية الأخرى! هذا نابع من جبن و خساسة هذه الدول المرعوبة من الشعب، لأن الضعفاء و الجبناء وحدهم يلجئون للعنف ضد مواطنيهم العزّل!
________________________________________
العصيان المدني شرقياً
الذين نهبوا منا التاريخ و المعرفة باتوا يسوقونها لنا معلباً و محوّراً. يعرضونها علينا بكل السبل و كأنهم من أوجدوها. العقلية الغربية الناكرة لجميل الشرق ترى نفسها مركز كل شيء و انطلاقة كل ما هو مفيد للإنسانية. و نحن الشرقيون نسمّر فاغري الفاه، مندهشين و مأخوذون بمدى روعة و عظمة هذه الحضارة، مع أننا نحن مبدعوها و أصحابها الحقيقيون. أوقعوننا في مصيدة رؤية كون كل شيء غربياً. فإن قالوا من ابدع الفن المسرحي، سنقول اليونان! إن قالوا من أوجد العربة، سنقول اليونان. و إن قالوا من أوجد الفلسفة، سنقول اليونان... هكذا الموسيقى و الرواية و الدين و الآلهة الأولى والملاحم... قد تكون اليونان هي انطلاقة الحضارة الغربية و لكن علينا أن لا ننسى بأن الحضارة اليونانية بحد ذاتها وليدة الشرق و طفلة حضارة سومر و فينيق و النيل...
الشيء نفسه يقال عن العصيان المدني على أنه بدعة غربية بحتة و من ثم جاءت إلى الشرق. حيث يدّعون بأن سقراط الفيلسوف هو أول من قام بها و بأن هنري ثورو أول منظريها! هكذا يعلموننا لا بل يبرمجوننا. فالعصيان المدني، أو لنقل النزاع السلمي، الصراع اللاعنيف و كل ما يمثلها من تصرفات و عمليات كالاعتصام و الاحتجاج و الاضراب و الاعتزال...الخ موجودة بكثافة في تراث الشرق الاوسط منذ بدأ التاريخ المكتوب. عندما لم يكن هناك شيء اسمه الحضارة الغربية! و نشكر الرقيمات الطينية و اللوحات المسمارية و الصحاف الجلدية على إيصالها للكثير من الامثلة إلينا. الشرق الاوسط كانت مهد حضارة الامومة و الربات الإناث. و هذه الحضارة مدموغة بالإنسانية و العطف و المحبة و حب الطبيعة و الحيوان و التسامح و الزراعة و تقديس الطبيعة و كل عناصرها. أي أن الشرق الاوسط كان الحامي الاول للبيئة و كان صديقاً للحيوان.
- فالنبي ابراهيم قام بأكبر عصيان مدني و ثورة وجدانية في التاريخ. ألم يحطّم هياكل المستبد نمرود كي يبين للناس حقيقة أنها ليست سوى هياكل حجرية لا تنفع و لا تضرّ؟ و ما تعني تركه و رحيله عن (أورـ فا)؟ ألم يكن عصياناً مدنياً ضد استعباد الانسانية و تأله الملك المستبد؟ فهل أستخدم ابراهيم العنف و السلاح ضد تأله نمرود و العبودية؟ لا! فقد قضى على العبودية سلمياً و أصبح نقطة انعطاف في الفكر و الوجدان الانساني.
وأين الآخرون من قول زرادشت(رسول النور و عاشق الطبيعة و الزراعة) :"الفكر الصالح و القول الصالح و العمل الصالح"؟
- أين هم من صبر سيدنا أيوب على البلاء الذي ألمّ ببلاده؟ أ فلم يكن صبره و جَلَده عصياناً ضد التفاوت في المجتمع الهارب نحو الطبقية؟
- أين هم من موسى وهو يجادل الطاغية فرعون كي يكون عادلاً... و بعدما يئس موسى من إصلاحه، أخرج شعبه من مصر؟ أ فليس اعتزال الشرير و هجره عصياناً سلمياً ضده؟
- و أين هم من المسيح الناصري وهو يتحمل آلامه العظيمة صبوراً لا يجادل و لا يدافع عن نفسه لا بل يحنو على جلاديه و المنادين بقتله. أ فليس حركة سيدنا عيسى و نضاله و تعاليمه و حياته كلها دروس و مبادئ عظيمة في اللين و اللاعنف و رد الظلم و العفو قائلاً(إن صفعك أحدهم فأدر له طرفك الآخر)... أ فليس هو الصراخ الأخير النابع من وجدان الإنسانية المعذبة؟ أ فليس هو الذي حمل على عاتقه آلام الإنسانية و نبذ الكره و الحقد و الضغينة و العنف و القتل... و أمر بالمحبة و بالمحبة تمكن من تغيير سير التاريخ. أ فليس هو الذي لم يمنعه محنته وآلامه على الصليب كي يدعوا(يا إلهي أعفو عنهم فهم لا يعلمون)؟
- أين هم من النبي محمد (صلعم) و هو يهجر المتكبرين من الجاهلية(الكفار حسب المصطلح الديني)؟
- أين هم من جماعة المعتزلة الذين اعتزلوا السنة و الأئمة لخلافٍ فكريٍ بينهم؟ أ فليس الاعتزال عصياناً من الاقلية ضد الاكثرية؟
- أين هم من الحلاج المنصور، القديس المتألم لصرخته(أنا الحق) و مجابهته الفلسفية لكل المتكلفسين في الدين؟ فهل خشي الموت؟ لا و الله! بل دافع عن فكره و فلسفته و ظلّت(أنا الحق)تتردد في كل أصقاع المعمورة. فأن تاب حينه و كفر عن ذنوبه و تخلى عن فلسفته و اعلن حقانية القضاة المتكلفسين لما كانوا يقتلونه. لكنه فضّل الموت شهيداً وهو يقول" هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصباً لدينك، وتقرباً إليك، فاغفر لهم".
أين هم من كل ذلك؟ أ فليست هذه كلها عمليات عصيانٍ مدني؟
و قد يقول قائل بإنها تحركات فردية و مفردة و ليست لها نظام و لا نظرية و لا مبادئ! سأقول له: أن هذا لكلامٌ باطل! فصفحات آفستا و القرآن و الانجيل و احاديث النبي و سير الصحابة مليئة بالمبادئ التي ينادي بها منظروا الصراع السلمي في الغرب.
و هاكم الأمثلة:
يقول الإمام الصادق:" من زرع العداوة حصد ما بذر".
و يقول الرسول(صلعم) "اللهمّ اهد قومي فإنّهم لا يعلمون." و يقول أيضاً -حسب رواية الإمام الشيرازي: "من علامات المؤمن اللاعنف"
ويورد لنا الإمام زين العابدين (ع) صورة من صور المسالمة واللاعنف بقوله: (حق من أساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو عنه يضر، انتصرت)
قال لقمان الحكيم ينصح ولده:"يا بنيّ صاحب مائة و لا تعاد واحداً. تعلّم محاسن الأخلاق"
و من الآيات القرآنية: ((خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)). ((فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ)). ((وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً)). ((وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)).
و هنا قصة علي بن أبي طالب مع ابن ملجم، قاتل علي. فبعد أن يفيق عليٌ من الضربة و يحادث قاتله قليلاً يلتفت إلى ولده الحسن ويقول له: ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه، وأحسن إليه وأشفق عليه...
فيقول له الإمام الحسن: يا أبتاه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وافجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق فيه؟
فيقول له: نعم يا بني! نحن أهل البيت لا نزداد على المذنب إلينا إلاّ كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا، بحقّي عليك أطعمه يا بني ممّا تأكله، واسقه ممّا تشرب... (و للقصة دوام)
فهذا الموقف إن دلّ على شيء، فهو النبل المتجذر في الإنسان الشرقي. و كان للتراث الشرقي تعريفهم للحلم و العفو و المغفرة و المسامحة وإلى ما هنالك. حيث يقول الإمام الشيرازي: (السلام هو الأصل، والعنف خلاف الأصل، وعلى الذين يريدون تطبيق الإسلام أن يتحلوا بملكة السلام واللاعنف). و قال أيضاً: (بل من اللاعنف أن يتجنب كل ما يشين الطرف، ولو بالكتابة والتعريض، أو التلويح، فإن ذلك كله عنف). و يعرّف الإمام اللاعنف بقوله: " هو الطريقة التي يعالج بها الإنسان الأشياء سواء كان بنّاءاً أو هدّاماً بكل لين ورفق، حتى لا يتأذى أحد من العلاج"
________________________________________
يا ترى ما هو سبب ضيق نطاق عمليات العصيان المدني في الشرق الأوسط؟
لنأخذ تركيا مثالاً. يقول ناطق مبادرة (المواطن لأجل التنوير) في تركيا أرغين جيمن:"من الطبيعي عدم تطور مثل هذه العمليات في الدول الظالمة. فالدولة تظهر ردات فعل عنيفة و شديدة جداً ضد كل حركة أو تحرك مهما كان صغيراً... لذا فإن ابناء الشعب لا يحبذون الولوج او المشاركة بمثل هذه العمليات." و يتابع ارغين قوله:" مثل هذه العمليات(يقصد العصيان المدني) يتم القيام بها في الدول اللا ديكتاتورية والتي تحوي مشاكل و أخطاء في قوانينها... العصيان المدني حق من الحقوق الديمقراطية للأفراد و التجمعات في تلك البلدان". هل نفهم من قول ارغين بأن القيام بعمليات العصيان المدني تحتاج إلى وجود دول و أنظمة ديمقراطية؟ و إن قبلنا بهذا الأمر فأن الشرق الأوسط سيبقى على حاله؛ لأبسط سبب، ألا وهو أن الدول في الشرق الأوسط مستبدة إلى آخر درجة! حتى و لو كانت السلطة ديكتاتورية فيجب القيام باستخدام كل السبل و الوسائل النضالية. و نهر عمليات المدني لا ينضب أبداً. لقد استخدم الثوار و المعارضون اسلوب العنف الثوري ردحاً طويلاً من الزمن و قد حصلوا على ما سعوا إليه و لكنهم خلّفوا بيئة مناسبة للعنف و الاستبداد و الجروح التي لا تندمل! قد لا تكون السلطة ديمقراطية، حينه يكفي أن تكون المعارضة ديمقراطية و صادقة و هادفة حقاً للحل السلمي و السمو و العدالة و ليس ان تسعى لهدم سلطة لتتولى السلطة بنفسها.
أتوا لأجل إحلال السلام بحسن نية فوجدوا أنفسهم في السجن!
كما تعلمون بأن الجانب الكردي أعلن عن وقف للحرب الدائرة بينه و بين الجيش التركي سنة 1999 و سحب جل قواته و أنصاره خارج حدود تركيا. و بدأ الطرف الكردي (حزب العمال الكردستاني) بالنضال السلمي لحل المسألة الكردية بالسبل الديمقراطية و الحوار. و كبادرة حسن نية فقد أُرسل مجموعتي سلام من بين قواتها العسكرية و كوادرها السياسية. المجموعة التي ذهبت من بين الأنصار بقيادة على صابان مع كافة عتادها العسكري و بلاغات سلمية وودية للحكومة و الجيش و الإعلام التركي. ذهبت هذه المجموعة بإرادتها إلى تركيا كبرهان على صدق الطرف الكردي للحل السلمي للمسائل كافة. هذه المبادرة السلمية النابعة من المحبة و الشعور بالمسؤولية لم تلق صدراً رحِباً لقبولهم بل قابلتهم الدولة التركية كأسرى و عاملتهم "كإرهابيين" و أنزلت بهم عقوبات بالسجن ما بين المؤبد و عشرين سنة.
ان مبادرة علي سابان و رفاقه تعد من الأمثلة البارزة و حتى الجسورة على العصيان المدني. فهم على علم تام بالقوانين العرفية للدولة التركية و ما ينتظرهم و مع ذلك لم يتوانوا عن الذهاب إلى تركيا كرمز للسلام و الأخوة و الحل الديمقراطي. و قد فقد أحدهم حياته بسبب الظروف الصعبة للسجن.
العصيان بلغة ممنوعة و محرمة:
اللغة الكردية ممنوعة في تركيا و سوريا منعاً باتاً. فلا يحق للأكراد تعلم لغتهم لا بل يُمنعون من التحدث بلغتهم و كل من يتحدث بهذه اللغة التي يتكلم بها اربعون مليون إنسان فقط! يتهمونه بالانفصالية و الارهاب. هذه السياسية مطبقة منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى. منع اللغة الكردية منصوص عليه في الدستور و القوانين. على إثر انقلاب الثاني عشر من ايلول و اعتقال المئات من خيرة الشبيبة الكرد و سوقهم للمحاكم الاستثنائية، استغلها الشباب الكرد المعتقلين كي يخرقوا قوانين الدولة اللاانسانية. فقد رفض الكثير منهم التحدث في المرافعة باللغة التركية و اصروا على التكلم باللغة الكردية. بهذا الشكل ضربوا بهذه القوانين الشوفينية عرض الحائط. و تلتهم الناشطة الكردية المعروفة ليلى زانا التي كانت نائبة في البرلمان التركي. ففي الجلسات الاولى للبرلمان، حيث كان يتم أداء القسم باللغة التركية، و كان الدور قد وصل إلى ليلى زانا، فقامت هي بأداء القسم(اليمين)باللغة الكردية. مما الهب البرلمان و اصبح موقفها هذا بداية تحول كبير في العقلية الشوفينية للدولة التركية. أُودعت عقب ذلك في السجن و بقيت أكثر من عشرة سنوات بتهمة(الانفصالية و دعم الارهاب).
العصيان المدني بالحروف:
وضع الشرق الاوسط مضحك بقدر ما هو مبكي! فالدولة(الإلهية) في الشرق الأوسط تحارب الحروف بتهمة إنها حروفٌ (ارهابية و انفصالية)! نعم... نعم هذا ما يحدث في تركيا. نعلم أن اللغة التركية(مع احترامنا لكل اللغات)ضيقة و أبجديتها لا تلبي حاجة كل اللغات الغنية و العريقة للشعوب الأخرى، كالارمنية و الكردية. فبعض الاحرف الخاصة باللغة الكردية غير موجودة في الابجدية التركية. كذلك يمنع الدستور التركي تداول هذه الاحرف(الانفصالية و الارهابية) كـحرف(القافQ و الخاءX و الدبليوW). مع العلم بأن الاسماء الكردية ممنوعة في دستور تركيا بحجة أنها أسماء(اجنبية) تشجع الانفصال. ضد هذا الوضع قام عشرات الآلاف من الكرد بإطلاق حملة احتجاجية على هذه القوانين الجائرة. حيث ذهبوا إلى دوائر سجل الاحوال المدنية و قاموا بتغيير أسماءهم القديمة بأسماء كردية و كانوا ينتبهون لاختيار الأسماء التي تحتوي الأحرف الكردية(Q.X.W.U.I.E) كـ(welat. Xebat. Xelat. Xanim.berxwedan. Serxwebûn…). في البداية تعرّض الكثيرون منهم للمسائلة القانونية، لكن بعدما تجاوز العدد الألوف كفّت الدولة عن ملاحقتهم و رضخت لهم. صحيح بأنها لم تقبل بالأحرف الكردية و لكنها قبلت إلغاء النصوص المعادية للأسماء الكردية من الدستور. مع العلم بأن الكثير من المثقفين و الشخصيات التركية آزروا هذه العملية السلمية و سموا أنفسهم تسميات كردية.
العصيان المدني صوماً حتى الموت!
الصوم ركن ديني لتهذيب النفوس و قتل الشرور. شرقنا الأوسط أول من أوجد هذا السبيل لتربية النفوس و كركن ديني هام. أنا أعتبر الصوم عصياناً مدنياً بحد ذاته. و هذا العصيان موجه للنفس و (الأنا السفلى) و هي موجهة ضد التفاوت الاجتماعي و ضد الفقر المدقع و الغنى الفاحش. يقال للصيام اللاديني بـ(الاضراب عن الطعام). يكون الاضراب عن الطعام بهدف استمالة قلوب و ضمائر الآخرين أو لرفض قانونٍ او ممارسةٍ او معاملةٍ ما. فكثيراً ما نرى قيام البعض بالاضراب عن الطعام كي يضغطوا على السلطات. أو لكي يثير قضيتهم في الرأي العام عبر جذب انتباه الإعلام.
عمليات الاضراب عن الطعام غالباً ما تكون مؤقتة او تنتهي مع تلبية طلباتهم. لكن من النادر أن يصادفنا اضراباً حتى الموت عن الطعام. فهذا ما حدث في سجون تركيا. قام عدد من السجناء الثوريين الترك و الكرد بإعلان الاضراب عن الطعام حتى الموت. كان ذلك عام 1982. استمروا بعمليتهم(مدة شهرين) حتى آخر ثانية من حياتهم و أصبحوا مثالاً يتمثل بهم كل السجناء في تركيا.
كل بيئة و كل محيط و كل نظام يختلف من حيث نوع العمليات. فكل العمليات الاحتجاجية في السجون تكون في قمة المسالمة و المدنية. عدم ارتداء الالبسة الموحدة ورفض ترديد شعارات السلطة و القيام بالكتابة على الجدران و الغناء بصوتٍ عالي للاغاني الثورية و الكردية و عدم تناول طعام ادارة السجون و إلى ما هنالك من تصرفات هي قمة العصيان المدني السلمي و النابع من الضمير و الوجدان...
العصيان بنار الجسد!
ليس سقراط وحده من فضّل الموت لحفظ كرامته الإنسانية(حيث سمي فيما بعد موقفه هذا بالعصيان المدني الأول في التاريخ)؛ فما فعله الشاب الكردي الثوري مظلوم دوغان أعظم مما فعله سقراط بكثير! مظلوم دوغان شاب كردي و ثائر ضد العنجهية التركية و كان مناضل لأجل تحرر شعبه من نير الاحتلال و الصهر القومي. ألقي القبض عليه و أودع السجن. تعرض في السجن لأبشع صور التعذيب و التحقير التي يتقزز لها الانسان. لم يترك الجلادين صورة أو أسلوب للتعذيب الجسدي و النفسي و الروحي إلا و مارسوه ضد مظلوم دوغان و الألوف من الشباب الكرد و الترك التقدميين. كان الهدف الاساسي للطغمة العسكرية قتل العزيمة في هؤلاء الشبان الثوريون. فقد كانت الدولة تعدهم إن هم رضخوا لها و تخلوا عن أفكارهم التقدمية بأن تهب لهم سبل الحياة الناعمة. فقد كانت تستخدم أسلوبي الترهيب و الترغيب معهم. و قد تخلى بعضهم عن أفكاره و أنضم لجانب الدولة. و كعصيان و احتجاج وجداني ضد عنجهية الدولة و خيانة الآخرين فقد قرر دوغان القيام بواحدة من أعظم أشكال العصيان المدني في التاريخ الكردي الحديث. و كان التاريخ المقرر لتنفيذ العملية هو ليلة عيد النوروز. كان نوروز ممنوعاً تماماً في تركيا و سوريا و الكثير من البلدان الأخرى. نوروز هو العيد القومي التاريخي للشعب الكردي و الشعوب الآرية الأخرى. و كان مكان العملية حجرة انفرادية مظلمة و باردة في سجون دياربكر. ففي ليلة العشرين من آذار جعل مظلوم دوغان من نفسه شعلة نارٍ أضاءت الحجرة و السجن و دياربكر و كل كردستان. فقد أعلن بنار جسده بداية الاحتفال بالنوروز. و لذا يسميه الكرد بـ كاوا العصر! عملية مظلوم دوغان كانت موجهة للدولة التركية و للشعب الكردي أيضاً... فقد كانت نداءً لهم بالسعي للحرية و الكرامة و رفض الشر و الظل و الهوان.
امهات السلام:
مبادرة امهات السلام مبادرة مدنية نسائية شكلتها النساء الكرديات في تركيا للضغط على الاطراف المتحاربة لإنهاء الحرب. لهذه المبادرة الكثير من الفروع و قامت بنشاطات مثيرة. كل عملياتها الاحتجاجية و الاعتصام تكون ضمن مبادئ العصيان المدني ضد الحرب و القتل و النزاع الدموي الدائر في البلاد. و من احدى عملياتهنّ العملية الاحتجاجية التي قمن بها ضد الحرب الدائرة في كردستان و ذلك باعتصامهن على اكبر الجسور التركية(الواصلة بين الطرف الآسيوي و الاوروبي)و قطعن بذلك اكثر الطرق حيوية في تركيا.
امهات السبت
كانت أمهات المفقودين و المقتولين على يد سلطات الدولة التركية يجتمعن كل يوم سبت في شارع الاستقلال باستنبول كي تُسمعنّ صوتهنّ للرأي العام العالمي. داومنّ على عادتهنّ و اجتماعهنّ كل سبت، حتى سميينّ بأمهات السبت. كانت عبارة عن عملية عصيان مدني سلمية، و من ألين السبل النضالية. كانت الامهات بعملياتهن تلك تهدفن إلى إنهاء حالة الحرب الدائرة رحاها في كردستان و كفّ الدولة عن قتل و خطف و تعذيب المواطنين الكرد الأبرياء. و معظم الأمهات المشاركات كنّ معنيات بالأمر مباشرةً .
"إذا كنت تمنع أخي الكردي من التحدث بلغته فسوف أخترق قانونكم هذا و أتعلم الكردية!"
إنها مقولة رائعة و لكن ليس من قائلٍ لها بين الأخوة الترك و العرب. إنها أمنية و خيال يدغدغ أفكاري، فحبذا لو قام أحدهم و أعلن على الملأ هذه المقولة. أ لم نرى ما الذي فعله الشعب الدانماركي لحماية اليهود؟ فهل نضبت أرضنا الولود من الشرفاء و أصحاب الضمير؟ هل أنكر أولاد الشرق ماضيهم الإنساني العريق؟ و هل...؟
كليّ ثقة بأن أرضنا البكر ملئ بالشرفاء الذين بأمكانهم الصراخ بأعلى صوتهم قائلين:"كفى و ألف كفى" للظلم و الطغيان و اللاعدالة. و ها هي أبواب العصيان المدني مفتوحة على مصراعيها أمامنا...
و السؤال المهم هو: ما هي الأساليب الخاصة بالعصيان المدني التي يمكننا استخدامها في الشرق الأوسط؟
- الاحتجاج: تحويل كل المناسبات و الاعياد الوطنية و الدينية و الاجتماعية لمناسبات التظاهر و التعبير عن الاحتجاج السلمي بالطرق الهادئة. كجعل عيد الأم مناسبة للمطالبة بحقوق المرأة في الشرق الأوسط. جعل الأول من ايلول مناسبة لإرساء السلام الاجتماعي. جعل عيد النوروز مناسبة للمطالبة بالحقوق الوطنية للكرد...
- المقاطعة: عقد محاكم الصلح الاجتماعية دون اللجوء لمحاكم النظام المصابة بالخلل و التي تكيل بمكيالين، و بذلك تضطر الأنظمة لإعادة النظر في قوانينها. مقاطعة الانتخابات و الاقتراع و اجراء انتخابات رمزية كبديل شعبي لانتخابات السلطة.
- خرق القوانين: إصدار الجرائد و المجلات و الإرسال الاذاعي الغير رسمي شرط أن تكون لسان حال الجماهير.
-التظاهر و جذب انظار الرأي العام: بإشعال الشموع و القيام بعمليات إطفاء الانوار، تعليق اللافتات المعبرة عن الرفض، رفع الرايات و الاعلام الممنوعة قانوناً، وضع باقات من الشوك أو الخميلة السوداء أمام الاماكن الرسمية، رسم و تعليق صور و لوحات تعبر عن الرفض أو التعاضد مع صاحب الصورة، الاستماع الجماهيري لأغاني و موسيقا ممنوعة أو محذرة و إلى آخره من وسائل جذب إنتباه عدسات المصورين و أقلام الصحفيين الفضوليين أصلاً!
على المستوى الفردي: يستطيع الإنسان الفرد القيام بكثير من عمليات العصيان المدني المؤثرة جداً لوحده أو مع نفر قليل جداً. مثلاً قيام النساء بقص شعورهن أو تسريحها بشكل مغاير و مثير و كذلك الامر بالنسبة للرجال، كصبغ الشعور و إطلاق اللحى. انتعال احذية خشبية أو معدنية الكعب لإصدار اصوات مثيرة. ارتداء الملابس مقلوباً أو حتى العري الجزئي أو الكلي. و قد تم استخدام اسلوب التعري في العصيان المدني بكثرة ضد حرب العراق و كذلك ما فعلته الفنانة السورية في امريكا مثال آخر على دور اسلوب التعري في العصيان المدني. عدم ارتداء الحجاب في الدول الدوائر الحكومية التي تفرضه على المرأة سبيل آخر من سبل العصيان المدني.
العصيان المدني فنياً: الكاريكاتور اقوى السبل و أكثرها تأثيراً في مجال العصيان المدني الفني. بالإضافة إلى المقالات الساخرة و الاشعار الهجائية و الموسيقا و الغناء و الرسم و كما يجب أن لا ننسى دور الكوميديا و الدراما في التعبير عن الرفض و المطالبة بالتجديد. لذا فأن كسب الفنانين من قِبل القائمين بعمليات العصيان المدني ذو فائدة كبيرة و تأثير بليغ للعملية. سبل متفرقة: مقاطعة بعض السلع التجارية و حتى الدعاية ضدها، عزل بعض الاشخاص اجتماعياً و عدم السلام عليهم و عدم التكلم معهم، المسيرات الصامتة، لصق الافواه، التخيّم بالقرب من المعسكرات، الصيام و الاضراب عن الطعام و العشرات من السبل الأخرى يمكن للمرء استخدامها في عمليات العصيان المدني في الشرق الأوسط. المهم هو أن نعلم المعاديين و بالأخص السلطات اللين و اسلوب الحوار و الابتعاد عن العنف و العنوة. فمن واجبنا أن نقلّم اظافر الضغينة و نخنق الحقد و الكراهية في قلوب و أفئدة المعادين- الدولة في غالب الاوقات. و هذا سيكون فرصة عظيمة أمام المجتمع للتعبير عن ذاته دون انتظار التدخل الاجنبي، و فرصة ذهبية امام السلطات للقيام بالاصلاحات و تحقيق آمال و متطلبات الجاهير الشرق الاوسطية... و إلا! و إلا فأن مصير هذه الانظمة لن يكون أفضلاً من ما آل إليه الحالة العراقية.
________________________________________
المصادر:
1- مجلة(Genc Bakis) ايار 2001
2- العصيان المدنيّ! هنري دافيد ثورو
3- العصيان المدني: حق أم واجب؟ تييري باكو
4- دور القوة في الكفاح اللاعنيف! جين شارب
5- الاحاديث الشريفة
6- آيات قرانية
- تعريفات عامة، خصائص و قراءات نقدية
- سقراط
- أنتيغونا
- النفس السامية
- مارتن لوثر
- هنري ديفيد
- وسائل و سبل العصيان المدني
- أمثلة عن عمليات مختلفة من العالم
- العصيان المدني شرقياً
- بالحروف
- نار الجسد
- اللغة الممنوعة
- الصوم
أحد سبل المقاومة و المعارضة و الضغط على السلطات و الحكام. و هو سبيل اللاعنف في انتهاك الحقوق و القوانين الرسمية عن دراية و علم تامين، سلمي، هادف، وجداني، جسور، صريح و علني للرأي العام، هادئ و لكنه مؤثر إلى أبعد الحدود يقوم به عدد محدد من الاشخاص المعنيين بالأمر والمؤازرين لهم من أشخاص و مؤسسات و تجمعات تتحمل كل النتائج و العواقب سلبية كانت أم ايجابية. عمليات العصيان المدني بعيدة و منزهة عن الحقد والضغينة والكراهية والانانية. العصيان المدني ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة واضحة للوصول إلى الهدف الأساسي، أ لا و هو الحياة الكريمة و العدالة والإنسانية. هذا تعريفي للعصيان المدني، و قد تختلف التعريفات و تتشعب تفاصيلها وأسلوب الاتيان بها، لكنها من حيث الروح و الجوهر فهي لا تخرج عن إطار التعريف الذي أوردناه للتو!
العصيان المدني كمصطلح، أستخدم أول الأمر في القرن التاسع عشر من قِبل هنري دافيد ثورو(Henry David Thoreau). أما كفعل،فجذوره ضاربة بعمق في التاريخ البشري، رافق المسيرة الانسانية و بقي ملازماً له حتى يومنا هذا. و ستكون ما دام الانسان بحاجة للتعبير عن رفضه و معارضته لأي شيءٍ كان في العالم. استنتجت من دراساتي للعصيان المدني و أمثلته و أعلامه، أن العصيان المدني كفعل و ممارسة مبرمجة هادفة بدأت في اليونان القديمة و بالأخص مع حادثة محاكمة سقراط الفيلسوف و أنتيغون التي واجهت القوانين و دفنت أخاها الثائر على الملك. و بذلك تكون اليونان ملهمة العصيان المدني. أي إن الغرب من أوجد العصيان المدني. حيث نلحظ ترتيب مدهش لقادة و أعلام العصيان المدني. سقراط و أنتيغون، مارتين لوثر كينج، هنري دافيد ثورو و أخيراً و ليس أخراً يضعون الشرقي مهاتما غاندي نهاية القائمة. مع العلم بأن مهاتما غاندي يعد أكبر رائد لأكبر عصيان مدني في العالم. مع أنني لا أرى هذا التصنيف (الغرباوي) لنشأة و ممارسة العصيان المدني في محله حيث أعتبر هذا النوع من المقاومات السلمية نابعة من جوهر الشرق و تحمل كل سماته و خصائصه الروحية الاصيلة، و مع ذلك سأفرد و حسب التصنيف الغربي مساحة لكل من الرواد الذين مرّ ذكرهم، و سأعتمد قدر المستطاع ما أتوا به هم من جميل الكلام و نبيل الفعل و عظيم النتائج و ما تركوه من إرثٍ خالد للعائلة الإنسانية.
عناصر العصيان المدني
المحبة و الحقيقة و الجرأة؛ المحبة تكون بمثابة المركز للتصرفات و السلوك اللاعنيف، فالمحبة و الحقيقة و الجرأة دعائم قوية البنيان في العمليات، ترشدنا طوال حياتنا. فهي تعني الوجود، أي الوصول إلى حياة ممكنة العيش ضمنها... لكل عميلة عناصرها الخاصة بها، و كذلك الأمر بالنسبة لعمليات العصيان المدني فهي مأطرة ضمن قواعد و حاضنة لعناصر أساسية و أخرى فرعية سنأتي على ذكرها جميعاً. الدور الرئيسي لهذه المبادئ هو الحفاظ على سلمية العملية و إيصالها إلى النتيجة المفيدة. و هذه العناصر هي:
- مخالفة القانون و خرقه.
- اللاعنف.
- علانيتها للرأي العام
- تقرب سياسي و أخلاقي مستند لفكرة الحقوق الكونية
- المشاركة في إصلاح و تحسين القوانين-المنتهكة و تحمّل عواقبها
- النفسانية الجماعية للعصيان المدني
- مخالفة القوانين و خرقها:
انتهاك القانون عن علم و تفكير و تخطيط استناداً إلى القيم السامية و الاعراف الانسانية الراقية شرط أساسي من شروط العصيان المدني. الوقوف بوجه بعض القوانين و مواد الدستور و معارضتها يكون من خلال خرقها و انتهاكها(كـعدم تسديد ضريبة خاطئة أخلاقياً و لكنها منصوصة عليها بالقانون)و كذلك الامر بالنسبة(لقنوات الراديو و التلفزيون الغير مرخصة إذا كانت الدولة لا تسمح لها بالبث بسبب بعض القوانين...)
- اللاعنف:
اللاعنف يعد العنصر الاساسي و العلامة الفارقة بين عمليات العصيان المدني و عمليات المعارضة الاخرى. حتى لو تم استخدام العنف من قِبل المعادين ضد نشطي العصيان المدني فلا يجب اللجوء إلى العنف بل أن يفضلوا التعرض للعنف على استخدامه! الشخص الذي لا يلجأ إلى العنف لا يعني بتاتاً بأنه ضعيف و خامل و جبان، بل بالعكس تماماً، فهو شجاع و مِقدام لأنه لا يلجأ إلى سبيل لا حضاري-العنف. و حتى العملية السلمية يجب ألا تلحق الضرر بالصالح العام، ليس مناسباً أن تسد طريق المستشفى للضغط على السلطات.
- الصراحة و العلنية: من العناصر الموجب توفره في عمليات العصيان المدني هي الصراحة و وضوح نوع و هدف و مكان و وقت العملية. و كذلك يجب أن تكون مفتوحة أمام الجميع للمشاركة فيها و كذلك أن لا يقوم القائمون بها بإخفاء هويتهم و تمويه أنفسهم. يحق لكل راغب المشاركة بمثل هذه العمليات العادلة، ليعبروا عن رفضهم و معارضتهم حتى لو لم يكونوا معنيين بالدرجة الاولى بالأمر أو القانون. فمثل هذه العمليات ليست حكراً على فئة او أشخاص او شريحة دون غيرها. هذا لا يعني بأننا نلغي الخصوصيات و نغض النظر عن الاستقلالية.
- القيم الكونية:
تدخل عمليات العصيان المدني على المدار حينما تتعرض القيم الانسانية و الحقوق الكونية المتعارف و المتفق عليها دولياً للانتهاك من قِبل الانظمة و السلطات و الحكومات. كل القيم الإنسانية كالوجدان و الاخلاق و حق التعبير و حق الحياة و الحرية و الحماية و كل ما اُتفق عليها في اللوائح و المعاهدات الدولية، تكون في الوقت عينه مبادئٍ للعصيان المدني و في حال انتهاكها يحق للنشطاء الاعتراض عليها.
- العمل على تحسين القوانين المنتهكة:
اي تحسينها بعد أن يتم تغييرها او تبديلها او حتى إلغاءها. ومن العلامات الفارقة بين عمليات العصيان المدني و عمليات المعارضة الأخرى هي تحمّل العواقب و ما يتمخض عنها من نتائج.وبما فيها التعرض للعقوبات. العصيان المدني ليس عملاً فوضوياً(انارشيست) بل لها أصولها و قواعدها المعلنة. و ما فعله سقراط خير مثال على ذلك.
- السيكولوجية الجماعية للعصيان المدني:
لا يجب غض النظر عن العالم الداخلى للإنسان أو اهماله. حيث تكون جميع التصرفات و المواقف نابعة من إيمانٍ عميق. اعتناق الفرد لأهداف الجماعة ضمن العملية أمر ضروري و مهم جداً. إذا لم يكن الفرد منظماً بكل عنفوان و عميق الإيمان، فلن يكون جريئاً في النضال و لن يضحى في سبيل الاهداف العظيمة. بقدر ما تكون عمليات العصيان المدني امتحاناً اجتماعياً فهي امتحان تشحذ الفرد و تقويه وتطوره.
أول امتحان لنا في بداية العملية يتمثل في الايمان بأهداف نزاعنا. والامتحان الثاني هو محاولتنا قدر المستطاع فهم المعادي و إفهامه بأننا نريد تفهمه و فهم ما يطرحه و يدافع عنه. مثلاً كأن نقول له:" هل تعني أن نفهمك بهذا أو ذلك الشكل؟". يجب أن توضح بأن هذا النزاع او العملية لا يستهدف تعميق الكراهية و تحريض المعادي لإظهار العداوة و الخشونة، بل على العكس كي نبرهن له أن العملية فرصة للتعارف و الجدال معه... أثناء مثل هذه العمليات ترتفع وتيرة التوتر و شدّ الاعصاب و القلق و تزداد الحرارة ضمن الجماعة و تتولد عن كل ذلك طاقة كبيرة جداً. لا يجب أن يترك عقالها بل أن يتم توجيهها بحيث تخدم الهدف الرئيسي للنزاع.
لمن يوجه نشاط العصيان المدني ؟
"إن هدف النشاط هو خلق الحوار بيننا وبين أنفسنا، بيننا وبين الجماهير، بيننا وبين النظام. فالنشاط ليس هدفاً لذاته".
بإدراك المعنى السابق يمكن أن نحدد العدو المستهدف بأنشطتنا، وسيجد الدارس أن هذا العدو هو:
1- النفس
2- المجتمع
3- النظام
- ليس صحيحاً أن"كل ما أُخذ بالقوة لا يُستعاد إلا بالقوة"!
هذا خطأ!
القوة لا تعني العنف و الممارسات الشديدة. فالقوة أوسع و آفاقها أرحب بكثير من التحديد بالعنف. الإصرار قوة، المحبة قوة، المعارضة السلمية و العقلانية قوة، الحوار قوة و العصيان المدني أكبر قوة. يجب أن تكون القوة بجانب الحق و ليس الحق بجانب القوة. إذاً القوة ليست عبارة عن النار و البارود فحسب، حتى ان الرد الوجداني للظلم و العنف تشكل قوة كبيرة. إذاً تبقى مقولة "كل ما أُخذ -بالقوة لا يُستعاد إلا بالقوة" صحيحة و ستبقى.
- يجب احترام القانون و الامتثال له مهما كان:
هذا خطأ!
الاحترام المفرط للقوانين يؤدي بالانسان إلى سن قوانين معادية لنفسه بنفسه. و هذه القوانين تجعل منه مسيّراً لا مخيّراً، أي تجعله آلياً كـ الروبوت. ليس الرضوخ الاعمى للقوانين بل القيام بما يراه الوجدان مناسباً. لأن الوجدان هو القانون الاسمى من كل شيء.
- المال يقويّ الوجدان:
هذا خطأ!
المال، يجعل الانسان يهمل الكثير من الاسئلة التي تحتاج إلى أجوبة و يتركها جانباً. و بالتالي يفقد الفرد وجدانه. لنأخذ ضريبة من الضرائب المفروضة على الشعب. قد تكون ضريبة كيفية جائرة. الفقير لا يمكنه تسديد الضريبة او يصعب عليه ذلك و ينهك كاهله، و لذا تراه يحاكم هذه الضريبة منطقياً و وجدانياً. فهو يتساءل" لمن تذهب هذه الضريبة؟ من المستفيد الرئيسي منها؟ هل تخدمني أو تخدم جماعتي و محيطي؟ و هل بمقدور الجميع تسديد هذه الضريبة؟" فإن وجدها محقة و ضرورية يمتثل لها و إن كانت باطلة و جائرة فأنه يرفضها أو يتهرب منها. أما الغني صاحب المال الكثير فأنه لا يهتم بها كثيراً. فبمقدوره دفعها دون أي تأثر و لا يحمل نفسه عناء التفكير بحقانيتها أو بطلانها. و لا يفكر هل بمقدور جاره الفقير تسديد هذه الضريبة. أي انه لا يجري لها محاكمة وجدانية. و إن عارضها فذلك نابع عن الجشع ليس إلا!
الغاية تبرر الوسيلة:
هذا خطأ!
منطق ٌقاله ميكافلي. يقدم الغاية مهما كلف الأمر، وإنه أشبه بالانتهازية والمصلحية النفعية و لا مجال له في العقل والذكاء العاطفي و الإنساني و بالأخص في الموروث الشرقي الاصيل. فإن كانت الوسيلة عنيفة و دموية فهي تسيء إلى الهدف مهما كان نبيلاً و تفتح جروحاً لا تندمل سريعاً. و إن كانت الوسيلة نبيلة وإنسانية سلمية، فإنها تزيد من حقانية الحق و تقوي ظهر الساعي إليه. فالعنف لا يولد إلا التأخر و تشويه السمعة(كما يقول الإمام الشيرازي). و يقول أوجلان "بقدر ما تكون الغاية نبيلة يتوجب نُبل الوسيلة".
________________________________________
رواد العصيان المدني و الصراع اللا عنيف
سقراط: (470-399 ق م)
لا يختلف الكثيرون و أنا خارجهم، عن أن أولى عمليات العصيان المدني بدأت مع ما قام به سقراط الفيلسوف! لكن ما الذي فعله سقراط ليكون أول عاصي مدني في التاريخ و مثالاً يُتبع إلى يومنا هذا؟
" أثينا كالحصان و أنا ذبابة أظل أطنّ حوله كي أوقظها" سقراطٌ قائلها! فقد كان يتجول في الجادات و الاسواق، يستوقف المارة من العامة و يطرح عليهم أسئلته بديهية ظاهراً و فلسفية باطناً. فقد كان يعرض كل البديهيات و ثوابت المنطق للمساءلة و إعادة النظر بها من جديد. كان يطرح سؤالاً على شخصٍ ما و يتركه في حيرة من أمره... فقد كان"الذبابة" التي تطنّ دائماً لإيقاظ"الحصان" الغافل! كان هدفه الرئيسي محاكمة المنطق العام و إعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الدنيا و العليا و بين البشر و الآلهة من جديد... فقد كان يرفض المسلمات من الأمور و يعمل على نبش كل ما في المنطق من بديهيات الفكر. كان محور فلسفته معرفة الإنسان لنفسه(أعرف نفسك)آمن به العديد من الشبان و تتلمذوا على أفكاره و اعتنقوا فلسفته. كان الحكام ينظرون إلى سقراط بريبة و هلع و يتوجسون خيفة من فلسفته و محاكماته للمنطق و الثابت في الفكر الجماعي لأثينا و انتقاده للحكم. أتهمه خصومه بالزندقة. أُلقي القبض عليه و أودع السجن بتهمة إخراج الشباب عن طريق الصواب و تضليلهم. جرت له محكمة و تحولت هذه المحكمة إلى مناظرة فلسفية و فكرية تاريخية. لم يدافع سقراط قط عن نفسه ضد التهم الموجهة ضده، بالرغم من أنه كان يعلم بأن عقوبة تضليل الشباب هو الموت حسب قوانين أثينا. كان يدافع عن أفكاره و حوّل المحاكمة إلى منبر دافع من خلالها عن حرية الفكر و التعبير و أهمية الحرية الفكرية لضمان الحياة و حماية للمدينة. صدر بحقه عقوبة الموت و ذلك باجتراع السم. لم يعترض على جزائه و لم يهرب من السجن بالرغم من توفر كافة الظروف لذلك، فقد كان يحترم قوانين مدينته و يعرف بأن المعرفة و الفلسفة بحاجة إلى التضحية و كان مستعداً لذلك. حتى أنه تجرع السم بنفسه ضارباً أروع مثال على العصيان المدني و المعارضة السلمية ضد نظام الحكم و سفسطة السفطاء و جهل العامة. فقد أبلى بلاءً حسناً حين ارتشف السم بنفسه و لم يحتقر جلاديه، فقد بيّن احترامه للقانون و كان تصرفه هذا بمثابة انتقاد أخلاقي و سياسي موجه للنظام. هذا الموقف الجليل بات عماداً من أعمدة العصيان المدني و مبدأ اساسياً فيه.
قد تتساءلون: " كيف هذا و قد بيّنت ضمن تعريفك للعصيان المدني بأنه ينتهك القانون؟ فكيف يكون احترام سقراط للقانون مثالاً يُحتذى به في عمليات العصيان المدني؟ هل يعني هذا أن نحترم القوانين الخاطئة؟" سؤالٌ محق انهمكت لإيجاد جوابٍ شاف له. و النتيجة تتلخص في النقاط التالية:
1- العصيان المدني ليس ضد كل القوانين بل ضد قوانين بحد ذاتها و تنتهكها لتغيره أو إلغاءها. كقانون منع الزنوج من ارتياد بعض الاماكن. انه قانون و لكنه قانون خاطئ و من واجب العصاة المدنيين و بالأخص الزنوج أن يرتادوا تلك المناطق لانتهاك ذلك القانون.
2- لم يكن سقراط معارضاً لقانون" يعاقب كل من يضلّ الشباب عن درب الصواب" و كل من له ضمير لن يقبل تضليل الشباب و خداعهم. و من المعروف بأن سقراط كان محبٍ لمدينة أثينا و محترماً لقوانينها و لذلك لم يعترض على العقوبة الصادرة حسب ذلك القانون أو النص المعني به. فعمليته نابعة من النزاع بين منطق إدارة أثينا و مفهوم سقراط للحرية و المعرفة!
3-رسالة أخرى علينا فهمها من موقف سقراط، أ لا و هي الوقوف بوجه كل من يحاول خداع الشباب و إضلالهم باستغلال عواطفهم و مشاعرهم الفتية.
4-موقف سقراط من العقوبة و شربه للسم بنفسه و عدم فراره من السجن كان بمثابة نداء لمجتمع أثينا فقد ترك أثراً في ضمير المجتمع حتى يومنا هذا. فلو هرب أو ركع للحكام كي يعفوا عنه أو أعلن عن خطأه و طلب المغفرة، لماَعرفنا شيء أسمه سقراط الفيلسوف اليوم و ما كان ليصل إلى يومنا هذا. و شيء آخر يعلمنا إياه فيلسوف المعرفة. و هو أن تكون مستعداً لتقديم كل غالي و نفيس فداء أفكارك و أهدافك العظيمة حتى لو كان الثمن روحك.
أنتيغونا(Antigone):
الفتاة التي واجهت القوانين الظالمة و المتناقضة مع الوجدان الإنساني و القيم الأخلاقية العليا . أنتيغونا هي ابنة أوديب و أخت پولينيس من مدينة طيبة(Thiba) اليونانية. تمرد پولينيس على خاله الملك(Kreon) و حدث بينهم صراع أنتهى بهزيمة پولينيس. قُتل پولينيس في هذا الصراع و بالرغم من موته لم يشف غليل خاله الملك كرون و لذا-كي يعتبر الآخرون- أمر بعدم دفن جسد پولينيس و أقرّ قانوناً أن من يتجرأ على دفنه فسوف يلقى عقوبة الموت تواً؛ و هكذا بقي جثمانه دون دفن. أنتيغون لم ترض بهذا الأمر لِما له من احتقار للقيم و الحس الإنساني و الأخلاقي. فهي لم تنتفض لموت أخيها و لكنها ضربت بالقانون الذي أقره الملك عرض الحائط ووضعت عقوبة الموت نصب عينيها و قامت بدفن جثمان أخيها پولينيس. مما أغضب كرون أيما غضب، خاصةً أنه رأى ذلك هتكاً للقانون و عصيان لأوامره، لم يرضَ السكوت عن فعلة أنتيغونا المنافي لقانون الملك، لذا فقد حكم بالموت عليها. لم تلجأ أنتيغونا لمعارضة الجزاء و لم تدافع عن نفسها. أنتيغونا لم تكن تخشى المنية، لكنها كانت ترفض هتك الحس و الكرامة الإنسانية و القيم الأخلاقية و الوجدانية. فقد رفعت القانون الغير مكتوب، أي الوجدان فوق كل الاعتبارات و الدساتير و القوانين و المصالح. فليس من الأخلاق الإنسانية التشهير بجسد الأموات مهما كانوا عليه من صفات و رغم ما قاموا به من أعمال و ممارسات في حياتهم. يجب احترام الموت و الميّت كيفما و لمن كان.
ما قامت به أنتيغونا يعد مثالاً تاريخياً للعصيان المدني الأخلاقي و الوجداني، وتعد عملية سلمية لم يتضرر منها أحد، وضعت أنتيغونا نصب عينيها العواقب الوخيمة و المنتظرة جراء فعلتها الهاتكة لقانون الملك. كانت أنتيغونا تمكث في الزنزانة قبل تنفيذ القصاص بها، فقامت بعملية عصيان مدني أخرى كإتمام لعمليتها الأولى. فقد نفذت حكم الموت بنفسها و انتحرت في معتقلها و لم تتح لقانون الملك الفرصة بالقصاص منها. ضربت أنتيغونا مثلاً في مدى التمسك بالقيم الكونية في الأخلاق و الوجدان الإنسانى دون أن تضر بأحد.
تعد عمليتي كل من سقراط و أنتيغونا مثالين بارزين للعصيان المدني في اليونان القديمة و في كل أنحاء المعمورة و على مر مئات السنين و كانتا انطلاقة جسورة لرفض الخاطئ و السيئ من القوانين و المنطق.
النفس السامية(مهاتما) غاندي:
موهانداس كرمشاند(1869-1948). من أكبر دعاة السلام و النضال السلمي في العالم. تعرف على العصيان المدني أثناء فترة تعليمه بجامعة إكسفورد. خاض غاندي نضالاً سلمياً مريرا دام ثلاثين سنه حيث توجت جهوده باستقلال الهند عام 1947. يعد غاندي المعلم العصري وفيلسوف النضال السلمي، أي العصيان المدني النابع من الإرادة الانسانية و الأيمان بالقضية و تحمل كل الصعوبات لأجل الوصول إلى لهدف السامي، أ لا وهو الحرية. لم يرفع غاندي سلاحاً بوجه الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس و مع ذلك فقد أجبرها على الجلاء عن وطنه الهند إثر عصيانٍ مدني شامل في الهند كافة. قد يكون مهاتما متأثراً بمبادئ العصيان المدني و النزاع السلمي الخاصة بـ هنري ثورو السابقين من رواد العصيان المدني و لكن هذا لم يمنع غاندي من نسج تعاليمه الفلسفية و العملياتية الخاصة به في العصيان المدني . قام غاندي بمزج مبادئ العصيان المدني السلمي لكل من هنري ثورو و تولستوي مع الموروث الوطني للمجتمع الهندي من أخلاق و قيم روحية، حسب رؤية فلسفية خاصة به و أسماها ساتايغراها(Satyagrahe)هذه الكلمة تعني (اعتصام الحقيقة)أو(تمالك النفس) و قوانينه تُعتبر دليلاً لكل العصاة المدنيين و مناضلي اللاعنف. جوهر ساتياغراه قريب جداً من اسلوب نضال عيسى المسيح. التعاليم الإنسانية و الخلقية و الوجدانية و المحبة تعد أعمدة الاساس للعصيان المدني. و لأهميتها فقد ارتأينا ايراد ملاحظات و تعاليم المهاتما الواردة في ساتياغراه.
معايير غاندي للنزاع
(ملاحظات للمناضل)
النزاع و الهدف
- تحرك على هدى ضوء ايمانك.
- أوضح معنى نزاعك بشكلٍ قاطع.
- أعلن عن أهدافك بشكلٍ واضح.
- حاول فهم أهداف معاديك.
- أكد على أهداف ممكنة الاشتراك و المساومة عليها.
- أفصح عن النواحي الايجابية للنزاع.
- فكّر بأن النزاع وسيلة لمواجهة معاديك.
- أقتنع بأن النزاع سيكون فرصة لإعادة تشكيل المجتمع.
- فكّر بأن النزاع فرصة لإعادة تشكيل شخصك.
فترة النزاع
- لا تلجأ لاستخدام العنف.
- أبتعد عن العمليات الجارحة أو الضارة.
- أبتعد عن الأفكار الجارحة أو الضارة.
- أعمل دائماً على إضافة عنصر التقدم البنّاء إلى النزاع.
- أسلك السبل النضالية المفيدة في إظهار أهداف النزاع.
- لا تتستر، لا تتخفى، تصرّف بوضوح و علنية.
- قم بتوجيه النضال إلى الهدف الرئيسي.
- لا تتعاون مع المؤسسات التي تعمل على إدامة السوء.
- لا تتعاون مع الاشخاص المتخاذلين عن رفض و معارضة السوء.
- لا تتهرب من المعاقبة. - كن مستعداً للتضحية و الفداء بنفسك في الحالات الاستثنائية.
- أبتعد عن فتح جبهات غير ضرورية في النزاع.
- أعلم التفريق بين الخصومة و المعاداة.
- أعلم كيف تفرّق بين الشخص كـفرد وبين مكانته(موقعه).
- اعمل على الشعور بما يحس به معادييك.
- لا تهن احداً و لا تأذن لاحد بإهانتك. - لا توسع من أهداف النزاع.
- أستخدم أكثر سبل النضال ليونةًً في النزاع.
حلّ النزاع
- أوصل بالنزاع للحل و لا تطله.
- جاهد للتحولات الايجابية للمجتمع.
- جاهد للتحولات الانسانية في ذاتك و ذات معادييك.
- لا تصرّ على ما ليس له علاقة بالجوهر، بل على الامور المتصلة بالجوهر ذاته.
- لا تأذن بالمساومة على الجوهر.
- كن مستعداً للمساومة على الامور التي ليست لها علاقة بالجوهر.
- أنظر إلى نفسك على أنها قد تنهزم.
- أقبل أخطاءك بعلنية و صراحة.
- كن ودوداً و متسامحاً مع معادييك. - لا تستغل نقاط ضعف معادييك.
- وفر الاجواء المناسبة لتجعل معادييك مطمئناً. لا تجبره بل اعمل على إقناعه.
- ابحث دائماً عن حلول مناسبة لك ولمعادييك.
- جاهد على إقناع معادييك بما تؤمن به من أفكار.
هذه الملاحظات أو المعايير تؤلف فلسفة حياة و محور التفكير المهاتمي. ليست قوانينً لإرضاخ المعاديين للقبول بما نريده فقط؛ لا بل تعدُّ هذه المعايير بمثابة محاكمة داخلية لضمير ووجدان الإنسان في كل لحظة من الحياة. فهي قبل كل شيء موجهة إلى ذواتنا. أي أنها عمليات سلمية ضد النفس الإنسانية قبل أن تكون ضد الحكّام و السلطات و القوانين! هذه القوانين تندمج كلياً مع الإنسان و تنصر مع أعماقه و توجهه أثناء العمليات. و لن نكون مبالغين إن قلنا بأنها تصبح جزءاً منه و تصل إلى اعماق شخصيته و تتحكم بكل عواطفه و مشاعره.
لعبة الفأر و القطة!
أقرّت سلطات الاحتلال الانجليزي قراراً يقضي بمنع المواطنين الهنود من انتاج الملح. و احتكرت هذه الصناعة لشركاتها. هذا القرار أثّر سلبياً على الكثيرين. و لإجبار السلطات على التراجع عن هذا القرار قام غاندي مع رفقه بتبخير مياه البحر و استخراج الملح منها. و ما هي إلا أيام معدودات حتى حذا الكثيرون حذوه. هذا الأمر أزعجت السلطات كثيراً فما كان منها إلا إلقاء القبض على مهاتما غاندي و المئات من اتباعه. لم يتوقف غاندي في السجن، فقد أعلن إضراباً مفتوحاً عن الطعام، فحذا حذوه كل الهنود في الخارج. أقلق حالة غاندي -المضرب عن الطعام- السلطات الانجليزية التي كانت تخشى موته في السجن و ما سيترتب عن ذلك من عواقب؛ لذا أخُليّ سبيله. عاود غاندي بانتهاك القانون بفعلته بتبخير المياه و استخراج الملح، أٌلقي القبض عليه و أدخلوه السجن و أضرب بدوره عن الطعام و أطلقوا سراحه من جديد، عاد بدوره إلى انتهاك القانون و استخراج الملح، حتى باتت كلعبة الفأر و القطة. اضطرّت السلطات العدول عن قرارها و إلغاءه. كان هذا انتصارا لقوة و إصرار غاندي ومن وراءه الشعب الهندي على رفض القرارات الجائرة.
مارتن لوثر كينغ (M. L. King):1929-1968
الراهب لوثر قاد أكبر حركة عصيان مدني ضد التمييز العرقي(العنصرية)و الديني في أمريكا. أوقد نار الأخوة و المحبة و المساواة بين الجماهير و ناضل في سبيل إلغاء كل القوانين المبنية على أسس العنصرية. سعيه السلمي الحثيث و نضاله لأجل الخير و المساواة جعله يستحق جائزة نوبل للسلام عام 1964.
قُتل سنة 1968. و حتى بعد مقتله أستمر تأثيره الكبير على النضال ضد التمييز العرقي. كان الراهب لوثر يعظ و يخطب في الجماهير قائلاً:"كل الناس مرتبطين بنقاط مشتركة ومن المستحيل التخلص أو الانفكاك منها. أنهم مرتبطين بقدرٍ موحد. فما من أحد تأثراً من أمرٍ ما، حتى يتأثر الآخر بشكلٍ من الأشكال. فإذا لم تمسوا كما يجب أن تكونوا، فلن أمسِ كما يجب أن أكون؛ و ما دمتُ لم أمسِ كما يجب، فلن تمسوا أنتم أيضاً كما يجب"
و من خاطرة له كتبها في واشنطون سنة 1963 نقتطع هذه الجملة و نشارككم اياها" دائماً أحلم و أتخيل. أنه في يومٍ من الأيام يجلس على قمم جورجيا الحمراء أبناء الأسرى و أبناء المأسورين سوياً على مائدة الألفة و الأخوة".ربما لم يتحقق خيال لوثر بشكلٍ كامل و لكن جزء كبير منه أصبح واقعاً معاشاً.
هنري ثورو: (1817-1862)
"كلما تحادثت مع أكثر جيراني تحرراً، أدركت أنه أياً كان ما قد يقولون في سعة المسألة وجدِّيتها، ومهما كان مبلغ اعتبارهم للأمان العام، فإن لبَّ المسألة هو أنهم لا يستطيعون أن يستغنوا عن حماية الحكومة الحالية، وهم يخشون عواقب عصيانها على أملاكهم وعائلاتهم."
يُعتبر ثورو قدوة العصيان المدني-حسب رأي الكثيرين-كان عضواً في مجموعة مكافحة العبودية بقيادة رالف امرسون. و له بعض الآثار حول العصيان المدني و كان أول من أطلق هذا المصطلح و له تأثير لا يستهان به على أفكار و اسلوب عمليات غاندي و مارتن لوثر. نريد أن ننشر نصاً له حول جوهر العصيان المدني:
" 1- توجد قوانين أسمى و فوق كل قوانين أية دولة كانت. ألا و هو"الوجدان". و الوجدان هو الصوت النابع من الداخل.
2- احياناً يتناقض قانون الدولة مع هذا القانون السامي(الوجدان)، حينه يكون وظيفة الفرد الامتثال لهذا القانون و معارضة قانون الدولة عن علم و معرفة و دراية.
3- يتحتم عليه(المعارض)أن يضع نصب عينيه نتائج عصيانه و معارضته للقانون حتى لو ادى به ذلك إلى السجن.
4- ليكن بالعلم أن السجن ليس بالأمر السيئ دائماً كما يُظن! فهو يُفيد في جذب انتباه الطيبين إلى أي قانونٍ سيئ و العمل على مجابهته و إلغاءه."
و في إحدى مقالاته يقول: " يجب أن نكون إناساً و بعدها مواطنون" و في مكانٍ آخر يقول" دائماً يقال بأن (الاكثرية من الشعب ليس متعلماً بما فيه الكفاية). مع العلم بأن الاقلية ليست دائماً أعقل من الاكثرية و لا أفضل منها... يوجد الكثير من القوانين الباطلة. هل علينا الامتثال و الرضوخ له؟ أم العمل على تغييرها؟ يقف الناس حيارى أمام هذه الحالات على النحو التالي:(لننتظر حتى ينضم الجميع لفكرة القيام بتغيير هذا القانون. فقد تولد نتائج أسوء و أخطر من القانون ذاته إذ ما عارضناه)و أنا اقول سائلاً: إذاً لِمَ يُصلب عيسى المسيح؟"
في احدى الايام ذهب ثورو إلى البلدة لقضاء بعض الحاجيات. هناك يوقفه الشرطة و تطلب منه تسديد ضريبة الفرد(الخراج). لكن ثورو يرفض دفع النقود، ليس لطمعٍ في نفسه او إقتار او فقر، لكن لأنه يؤمن بأن دفعه للضريبة تدعم و تسهل عمل دولة عبودية... و نتيجة رفضه يُلقى به في السجن. استفاد من دخوله السجن بجذب الانتباه لقضية العبودية في أمريكا. لم يمكث طويلاً في السجن لأن أحدهم سدد الضريبة بدلاً منه( هذا ازعجه بكل الاحوال) حتى أنهم اخرجوه عنوةً من السجن و بعد خروجه كتب نصا بعنوان "علاقة الفرد بالدولة" وقدمه خلال محاضرة في مدينة كونكورد في شهر كانون الثاني/يناير 1848. ؟ في السطور الاولى من مساجلته يشير الى ان وجود الحكومة لا يجب ان يعني تخلي المواطنين عن الاحتكام الى ضمائرهم. ويؤكد "ان المفروض عليّ تحديدا هو الاحتكام الى فكرتي عن الخير والانسجام معها". و إذا ما سأله احد عن سبب دخوله السجن كان يجيب:" و لِمَ لم تدخله أنت؟"
من أكبر العلامات الفارقة بين منطق ثورو و سقراط هو احترام سقراط للقانون(و هذا موضع نقد) و أما منطق ثورو فيتلخص في الجملة التالية"ليس الطاعة العمياء للقوانين بل القيام و الامتثال لما يراه مناسباً وجدانياً" و يعرّف ثورو العصيان المدني بـ"العملية التي ليس مهماً بتاتاً هل هي فردية أم جماعية. و قرار التحرك بالعملية مأخوذة من وجدان المجتمع. لا تحوي العنف و العنوة، مسالم و لكن مؤثرة جداً".
________________________________________
وسائل و أساليب
العصيان المدني السلمي
للعصيان المدني العشرات من السبل و الوسائل المختلفة جداً و الغنية أيضاً. فهي غير محددة بأسلوب واحد فالابداع يلعب دوره لايجاد سبل جديدة للعصيان المدني. و بشكلٍ عام فإن عمليات العصيان المدني تنقسم ثلاثاً، وهي:
1- أساليب الاحتجاج والإقناع باستخدام اللاعنف (مثل التظاهر والمسيرات السلمية وتوزيع النشرات ووضع ألوان معينة ...)
2- أساليب اللا تعاون (وتعني رفض التعاون مثل الإضرابات والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمؤسسات الدولة.....)
3- أساليب التدخل اللاعنيف (تعطيل الأعمال الاعتيادية واحتلال المكاتب وإنشاء مؤسسات وحكومة موازية ....)
ليس من المعقول أن نسهب في الشرح أو الاتيان بالامثلة على كل نوع من هذه العمليات. و سنكتفي ببعضها، عل و عسى تفي بالتعرّيف على هذا النضال الحضاري.
الإعلام اللاقانوني و العصيان المدني:
كما نعلم بأن لكل دولة أو سلطة أو حزب مبادئ و قوانين خاصة بها تفرضها على اجهزة الإعلام كافة و يعاقب كل مؤسسة تخترق هذه القوانين. دول كـسوريا و إيران و تركيا معروفة جداً بقوانينها الجائرة في المجال الإعلامي. يمنع في تركيا مؤسسات الإعلام من التحدث باللغات غير التركية، كاللغة الكردية مثلاً(رغم السماح بها على الورق) أما في سوريا فممنوع منعاً باتاً إصدار مجلات أو جرائد أو البث الإذاعي من قبل اي جهة غير السلطة، ناهيك عن الإعلام السياسي الحر او الوطني للقوميات غير العربية. و في الايران فالأمر أكثر تراجيدياً حيث تمنع بث و نشر أي شيء خارج أحاديث الملالي و مدائحهم. أي إن هذه الدول لا تسمح بإعلام شبه مستقل و لا تأذن لأحد بذلك. لذا يقوم الكثير من الإعلاميين بنشر مجلات و جرائد و بث قنوات الراديو و التلفاز المحلي دون ترخيص؛ أي"إعلام القرصنة" كما تسميها السلطات. مثل هذه الوسائل لا تتقيد بقيود و قوانين مؤسسة او وزارة الإعلام في تلك الدولة، لا بل تنشر و تبث كل ما تراه مناسباً للجمهور. و كثيراً ما تلجأ السلطات لاعتقال القائمين عليها و توجيه التشويش التقني على محطات البث الإذاعي، و مع ذلك يصر "إعلام القرصنة" على متابعة دربها. يتوفر شروط العصيان المدني في هذه المؤسسات، من حيث السلمية، عدم إيذاء الوجدان و الضمير الجمعي للمجتمع و انتهاك قوانين جائرة. الكثير من دول العالم اضطرت إلى إجراء تعديلات على قوانين النشر و الإعلام في دساتيرها، و قامت على إثرها تلك المؤسسات اللاقانونية بالحصول على تراخيص رسمية للعمل أو حتى وضع نقطة(أنتهى)على إصداراتها و بثها؛ لسبب بسيط، ألا و هو عدم الحاجة لصيرورتها. و لكن أين هي دول الشرق الأوسط(ما عدا العراق)من كل ذلك؟
بعض الأمثلة على عمليات العصيان المدني في العالم
فرنسا: قامت حركة عصيان مدني بالتظاهر السلمي و بشكلٍ مدهش ضد تجارب فرنسا النووية في بحر الباسفيك. فقد قامت المنظمة المعروفة(Greenpeace) بحملة تحت شعار" اضربوه في أضعف نقطه" وقامت بحملة إعلانات و دعاية واسعة النطاق منادية" لا تشربوا الشراب الفرنسي"
الدانمارك: عقب احتلال الجيش النازي للدانمارك، أصدروا قانوناً بوجوب لبس اليهود صدريات عليها نجوم صفراء و ذلك بهدف التعرّف عليهم اليهود بسهولة. لم يرضَ الشعب الدانماركي بهذا القرار اللاإنساني، و لكي يهتكوا هذا القرار و يفرغوه من جوهره فقد قام كل ابناء شعب الدانمارك و بضمنهم الملك كريستيان نفسه بلبس تلك الصدريات المنجمة. بهذا الشكل عسر على النازيين التعرف على اليهود. و لإرضاخ الشعب الدانماركي لقرارات سلطة الاحتلال فقد سجنوا الملك داخل قصره. تمادوا بإثارة و تخويف الشعب بإعلانهم عن أن مرضاً عضالاً قد ألمّ بملكهم. بدل أن ييئس الشعب، بدءوا بالدعاء للملك بالشفاء و إرسال باقات الورود إليه. راح كل الشعب الدانماركي بإرسال الورود إلى قصر الملك. توقفت الحياة في البلاد ما عدا العربات المحملة بالورود المُرسلة للملك(المريض). عطلت الشوارع و شلت الحياة في المدن و الشعب مستمر بإرسال الورود. في النهاية رضخت سلطة الاحتلال لإرادة الشعب العظيمة و اعلنت عن شفاء الملك فجأةً. كان ذلك انتصاراً لإرادة الشعب بكل شرائحه و مذاهبه.
أمريكا: لأمريكا باع طويل في عمليات الاحتجاج السلمي و أكثرها شهرة هي تلك العمليات التي قامت ضد التمييز العنصري و قد تطرقنا إليها إلى جزء منها. كذلك ضد حرب الفيتنام و حرب العراق... فقد قام الشباب المعارضون للحرب الفيتنامية باحراقهم بلاغات الالتحاق بالجندية كاعتراض على الحرب و هذا ما يسمى في الفقه المدني بـ(الرد الوجداني). و أيضاً تبرع الألوف النقود لحركات العصيان المدني بدلاً من تسديد الضرائب، كدعم لحركات العصيان المدني و كرفض للضرائب.
الثورة المخملية: أو ثورة الورد الاحمر و هي حركة العصيان المدني السلمية التي قام بها الشعب الجورجي بقيادة ميخائيل سكاشفيلي ضد الرئيس السابق ادوارد شفاتنيزا. حيث أعتصم المتظاهرون امام مبنى البرلمان و بعدها اقتحموا البرلمان لمنع اداء شفاتنيزا لقسم الرئاسة. رفض الجيش استخدام العنف و العنوة ضد المتظاهرين المسالمين. و بسبب حمل المتظاهرين للورود الحمراء أثناء اقتحام البرلمان فقد سميت عمليتهم بـ(الثورة المخملية) بغض النظر عمن كان خلف هذه الحركة من القوى الدولية. و نفس الشيء حدث في أوكرانيا و لبنان و انتهت بنتائج ترضي الجماهير دون لجوءهم للعنف. أثبتت هذه الحركات قوة الجماهير و مدى تأثير اساليب اللاعنف السلمية أي العصيان المدني على تغيير الانظمة و إجبارها على الاصلاح او التنحي عن السلطة. هذه الاحداث أثبتت أمراً آخر، و هو أن حكومات تلك البلدان لم تكن ديكتاتورية و لا دموية. و خير برهان على ذلك عدم قمعهم و قتلهم للمتظاهرين العزّل كما ألفنا رؤيتها في سوريا و تركيا و الايران و الدول العربية الأخرى! هذا نابع من جبن و خساسة هذه الدول المرعوبة من الشعب، لأن الضعفاء و الجبناء وحدهم يلجئون للعنف ضد مواطنيهم العزّل!
________________________________________
العصيان المدني شرقياً
الذين نهبوا منا التاريخ و المعرفة باتوا يسوقونها لنا معلباً و محوّراً. يعرضونها علينا بكل السبل و كأنهم من أوجدوها. العقلية الغربية الناكرة لجميل الشرق ترى نفسها مركز كل شيء و انطلاقة كل ما هو مفيد للإنسانية. و نحن الشرقيون نسمّر فاغري الفاه، مندهشين و مأخوذون بمدى روعة و عظمة هذه الحضارة، مع أننا نحن مبدعوها و أصحابها الحقيقيون. أوقعوننا في مصيدة رؤية كون كل شيء غربياً. فإن قالوا من ابدع الفن المسرحي، سنقول اليونان! إن قالوا من أوجد العربة، سنقول اليونان. و إن قالوا من أوجد الفلسفة، سنقول اليونان... هكذا الموسيقى و الرواية و الدين و الآلهة الأولى والملاحم... قد تكون اليونان هي انطلاقة الحضارة الغربية و لكن علينا أن لا ننسى بأن الحضارة اليونانية بحد ذاتها وليدة الشرق و طفلة حضارة سومر و فينيق و النيل...
الشيء نفسه يقال عن العصيان المدني على أنه بدعة غربية بحتة و من ثم جاءت إلى الشرق. حيث يدّعون بأن سقراط الفيلسوف هو أول من قام بها و بأن هنري ثورو أول منظريها! هكذا يعلموننا لا بل يبرمجوننا. فالعصيان المدني، أو لنقل النزاع السلمي، الصراع اللاعنيف و كل ما يمثلها من تصرفات و عمليات كالاعتصام و الاحتجاج و الاضراب و الاعتزال...الخ موجودة بكثافة في تراث الشرق الاوسط منذ بدأ التاريخ المكتوب. عندما لم يكن هناك شيء اسمه الحضارة الغربية! و نشكر الرقيمات الطينية و اللوحات المسمارية و الصحاف الجلدية على إيصالها للكثير من الامثلة إلينا. الشرق الاوسط كانت مهد حضارة الامومة و الربات الإناث. و هذه الحضارة مدموغة بالإنسانية و العطف و المحبة و حب الطبيعة و الحيوان و التسامح و الزراعة و تقديس الطبيعة و كل عناصرها. أي أن الشرق الاوسط كان الحامي الاول للبيئة و كان صديقاً للحيوان.
- فالنبي ابراهيم قام بأكبر عصيان مدني و ثورة وجدانية في التاريخ. ألم يحطّم هياكل المستبد نمرود كي يبين للناس حقيقة أنها ليست سوى هياكل حجرية لا تنفع و لا تضرّ؟ و ما تعني تركه و رحيله عن (أورـ فا)؟ ألم يكن عصياناً مدنياً ضد استعباد الانسانية و تأله الملك المستبد؟ فهل أستخدم ابراهيم العنف و السلاح ضد تأله نمرود و العبودية؟ لا! فقد قضى على العبودية سلمياً و أصبح نقطة انعطاف في الفكر و الوجدان الانساني.
وأين الآخرون من قول زرادشت(رسول النور و عاشق الطبيعة و الزراعة) :"الفكر الصالح و القول الصالح و العمل الصالح"؟
- أين هم من صبر سيدنا أيوب على البلاء الذي ألمّ ببلاده؟ أ فلم يكن صبره و جَلَده عصياناً ضد التفاوت في المجتمع الهارب نحو الطبقية؟
- أين هم من موسى وهو يجادل الطاغية فرعون كي يكون عادلاً... و بعدما يئس موسى من إصلاحه، أخرج شعبه من مصر؟ أ فليس اعتزال الشرير و هجره عصياناً سلمياً ضده؟
- و أين هم من المسيح الناصري وهو يتحمل آلامه العظيمة صبوراً لا يجادل و لا يدافع عن نفسه لا بل يحنو على جلاديه و المنادين بقتله. أ فليس حركة سيدنا عيسى و نضاله و تعاليمه و حياته كلها دروس و مبادئ عظيمة في اللين و اللاعنف و رد الظلم و العفو قائلاً(إن صفعك أحدهم فأدر له طرفك الآخر)... أ فليس هو الصراخ الأخير النابع من وجدان الإنسانية المعذبة؟ أ فليس هو الذي حمل على عاتقه آلام الإنسانية و نبذ الكره و الحقد و الضغينة و العنف و القتل... و أمر بالمحبة و بالمحبة تمكن من تغيير سير التاريخ. أ فليس هو الذي لم يمنعه محنته وآلامه على الصليب كي يدعوا(يا إلهي أعفو عنهم فهم لا يعلمون)؟
- أين هم من النبي محمد (صلعم) و هو يهجر المتكبرين من الجاهلية(الكفار حسب المصطلح الديني)؟
- أين هم من جماعة المعتزلة الذين اعتزلوا السنة و الأئمة لخلافٍ فكريٍ بينهم؟ أ فليس الاعتزال عصياناً من الاقلية ضد الاكثرية؟
- أين هم من الحلاج المنصور، القديس المتألم لصرخته(أنا الحق) و مجابهته الفلسفية لكل المتكلفسين في الدين؟ فهل خشي الموت؟ لا و الله! بل دافع عن فكره و فلسفته و ظلّت(أنا الحق)تتردد في كل أصقاع المعمورة. فأن تاب حينه و كفر عن ذنوبه و تخلى عن فلسفته و اعلن حقانية القضاة المتكلفسين لما كانوا يقتلونه. لكنه فضّل الموت شهيداً وهو يقول" هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصباً لدينك، وتقرباً إليك، فاغفر لهم".
أين هم من كل ذلك؟ أ فليست هذه كلها عمليات عصيانٍ مدني؟
و قد يقول قائل بإنها تحركات فردية و مفردة و ليست لها نظام و لا نظرية و لا مبادئ! سأقول له: أن هذا لكلامٌ باطل! فصفحات آفستا و القرآن و الانجيل و احاديث النبي و سير الصحابة مليئة بالمبادئ التي ينادي بها منظروا الصراع السلمي في الغرب.
و هاكم الأمثلة:
يقول الإمام الصادق:" من زرع العداوة حصد ما بذر".
و يقول الرسول(صلعم) "اللهمّ اهد قومي فإنّهم لا يعلمون." و يقول أيضاً -حسب رواية الإمام الشيرازي: "من علامات المؤمن اللاعنف"
ويورد لنا الإمام زين العابدين (ع) صورة من صور المسالمة واللاعنف بقوله: (حق من أساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو عنه يضر، انتصرت)
قال لقمان الحكيم ينصح ولده:"يا بنيّ صاحب مائة و لا تعاد واحداً. تعلّم محاسن الأخلاق"
و من الآيات القرآنية: ((خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)). ((فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ)). ((وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً)). ((وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)).
و هنا قصة علي بن أبي طالب مع ابن ملجم، قاتل علي. فبعد أن يفيق عليٌ من الضربة و يحادث قاتله قليلاً يلتفت إلى ولده الحسن ويقول له: ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه، وأحسن إليه وأشفق عليه...
فيقول له الإمام الحسن: يا أبتاه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وافجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق فيه؟
فيقول له: نعم يا بني! نحن أهل البيت لا نزداد على المذنب إلينا إلاّ كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا، بحقّي عليك أطعمه يا بني ممّا تأكله، واسقه ممّا تشرب... (و للقصة دوام)
فهذا الموقف إن دلّ على شيء، فهو النبل المتجذر في الإنسان الشرقي. و كان للتراث الشرقي تعريفهم للحلم و العفو و المغفرة و المسامحة وإلى ما هنالك. حيث يقول الإمام الشيرازي: (السلام هو الأصل، والعنف خلاف الأصل، وعلى الذين يريدون تطبيق الإسلام أن يتحلوا بملكة السلام واللاعنف). و قال أيضاً: (بل من اللاعنف أن يتجنب كل ما يشين الطرف، ولو بالكتابة والتعريض، أو التلويح، فإن ذلك كله عنف). و يعرّف الإمام اللاعنف بقوله: " هو الطريقة التي يعالج بها الإنسان الأشياء سواء كان بنّاءاً أو هدّاماً بكل لين ورفق، حتى لا يتأذى أحد من العلاج"
________________________________________
يا ترى ما هو سبب ضيق نطاق عمليات العصيان المدني في الشرق الأوسط؟
لنأخذ تركيا مثالاً. يقول ناطق مبادرة (المواطن لأجل التنوير) في تركيا أرغين جيمن:"من الطبيعي عدم تطور مثل هذه العمليات في الدول الظالمة. فالدولة تظهر ردات فعل عنيفة و شديدة جداً ضد كل حركة أو تحرك مهما كان صغيراً... لذا فإن ابناء الشعب لا يحبذون الولوج او المشاركة بمثل هذه العمليات." و يتابع ارغين قوله:" مثل هذه العمليات(يقصد العصيان المدني) يتم القيام بها في الدول اللا ديكتاتورية والتي تحوي مشاكل و أخطاء في قوانينها... العصيان المدني حق من الحقوق الديمقراطية للأفراد و التجمعات في تلك البلدان". هل نفهم من قول ارغين بأن القيام بعمليات العصيان المدني تحتاج إلى وجود دول و أنظمة ديمقراطية؟ و إن قبلنا بهذا الأمر فأن الشرق الأوسط سيبقى على حاله؛ لأبسط سبب، ألا وهو أن الدول في الشرق الأوسط مستبدة إلى آخر درجة! حتى و لو كانت السلطة ديكتاتورية فيجب القيام باستخدام كل السبل و الوسائل النضالية. و نهر عمليات المدني لا ينضب أبداً. لقد استخدم الثوار و المعارضون اسلوب العنف الثوري ردحاً طويلاً من الزمن و قد حصلوا على ما سعوا إليه و لكنهم خلّفوا بيئة مناسبة للعنف و الاستبداد و الجروح التي لا تندمل! قد لا تكون السلطة ديمقراطية، حينه يكفي أن تكون المعارضة ديمقراطية و صادقة و هادفة حقاً للحل السلمي و السمو و العدالة و ليس ان تسعى لهدم سلطة لتتولى السلطة بنفسها.
أتوا لأجل إحلال السلام بحسن نية فوجدوا أنفسهم في السجن!
كما تعلمون بأن الجانب الكردي أعلن عن وقف للحرب الدائرة بينه و بين الجيش التركي سنة 1999 و سحب جل قواته و أنصاره خارج حدود تركيا. و بدأ الطرف الكردي (حزب العمال الكردستاني) بالنضال السلمي لحل المسألة الكردية بالسبل الديمقراطية و الحوار. و كبادرة حسن نية فقد أُرسل مجموعتي سلام من بين قواتها العسكرية و كوادرها السياسية. المجموعة التي ذهبت من بين الأنصار بقيادة على صابان مع كافة عتادها العسكري و بلاغات سلمية وودية للحكومة و الجيش و الإعلام التركي. ذهبت هذه المجموعة بإرادتها إلى تركيا كبرهان على صدق الطرف الكردي للحل السلمي للمسائل كافة. هذه المبادرة السلمية النابعة من المحبة و الشعور بالمسؤولية لم تلق صدراً رحِباً لقبولهم بل قابلتهم الدولة التركية كأسرى و عاملتهم "كإرهابيين" و أنزلت بهم عقوبات بالسجن ما بين المؤبد و عشرين سنة.
ان مبادرة علي سابان و رفاقه تعد من الأمثلة البارزة و حتى الجسورة على العصيان المدني. فهم على علم تام بالقوانين العرفية للدولة التركية و ما ينتظرهم و مع ذلك لم يتوانوا عن الذهاب إلى تركيا كرمز للسلام و الأخوة و الحل الديمقراطي. و قد فقد أحدهم حياته بسبب الظروف الصعبة للسجن.
العصيان بلغة ممنوعة و محرمة:
اللغة الكردية ممنوعة في تركيا و سوريا منعاً باتاً. فلا يحق للأكراد تعلم لغتهم لا بل يُمنعون من التحدث بلغتهم و كل من يتحدث بهذه اللغة التي يتكلم بها اربعون مليون إنسان فقط! يتهمونه بالانفصالية و الارهاب. هذه السياسية مطبقة منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى. منع اللغة الكردية منصوص عليه في الدستور و القوانين. على إثر انقلاب الثاني عشر من ايلول و اعتقال المئات من خيرة الشبيبة الكرد و سوقهم للمحاكم الاستثنائية، استغلها الشباب الكرد المعتقلين كي يخرقوا قوانين الدولة اللاانسانية. فقد رفض الكثير منهم التحدث في المرافعة باللغة التركية و اصروا على التكلم باللغة الكردية. بهذا الشكل ضربوا بهذه القوانين الشوفينية عرض الحائط. و تلتهم الناشطة الكردية المعروفة ليلى زانا التي كانت نائبة في البرلمان التركي. ففي الجلسات الاولى للبرلمان، حيث كان يتم أداء القسم باللغة التركية، و كان الدور قد وصل إلى ليلى زانا، فقامت هي بأداء القسم(اليمين)باللغة الكردية. مما الهب البرلمان و اصبح موقفها هذا بداية تحول كبير في العقلية الشوفينية للدولة التركية. أُودعت عقب ذلك في السجن و بقيت أكثر من عشرة سنوات بتهمة(الانفصالية و دعم الارهاب).
العصيان المدني بالحروف:
وضع الشرق الاوسط مضحك بقدر ما هو مبكي! فالدولة(الإلهية) في الشرق الأوسط تحارب الحروف بتهمة إنها حروفٌ (ارهابية و انفصالية)! نعم... نعم هذا ما يحدث في تركيا. نعلم أن اللغة التركية(مع احترامنا لكل اللغات)ضيقة و أبجديتها لا تلبي حاجة كل اللغات الغنية و العريقة للشعوب الأخرى، كالارمنية و الكردية. فبعض الاحرف الخاصة باللغة الكردية غير موجودة في الابجدية التركية. كذلك يمنع الدستور التركي تداول هذه الاحرف(الانفصالية و الارهابية) كـحرف(القافQ و الخاءX و الدبليوW). مع العلم بأن الاسماء الكردية ممنوعة في دستور تركيا بحجة أنها أسماء(اجنبية) تشجع الانفصال. ضد هذا الوضع قام عشرات الآلاف من الكرد بإطلاق حملة احتجاجية على هذه القوانين الجائرة. حيث ذهبوا إلى دوائر سجل الاحوال المدنية و قاموا بتغيير أسماءهم القديمة بأسماء كردية و كانوا ينتبهون لاختيار الأسماء التي تحتوي الأحرف الكردية(Q.X.W.U.I.E) كـ(welat. Xebat. Xelat. Xanim.berxwedan. Serxwebûn…). في البداية تعرّض الكثيرون منهم للمسائلة القانونية، لكن بعدما تجاوز العدد الألوف كفّت الدولة عن ملاحقتهم و رضخت لهم. صحيح بأنها لم تقبل بالأحرف الكردية و لكنها قبلت إلغاء النصوص المعادية للأسماء الكردية من الدستور. مع العلم بأن الكثير من المثقفين و الشخصيات التركية آزروا هذه العملية السلمية و سموا أنفسهم تسميات كردية.
العصيان المدني صوماً حتى الموت!
الصوم ركن ديني لتهذيب النفوس و قتل الشرور. شرقنا الأوسط أول من أوجد هذا السبيل لتربية النفوس و كركن ديني هام. أنا أعتبر الصوم عصياناً مدنياً بحد ذاته. و هذا العصيان موجه للنفس و (الأنا السفلى) و هي موجهة ضد التفاوت الاجتماعي و ضد الفقر المدقع و الغنى الفاحش. يقال للصيام اللاديني بـ(الاضراب عن الطعام). يكون الاضراب عن الطعام بهدف استمالة قلوب و ضمائر الآخرين أو لرفض قانونٍ او ممارسةٍ او معاملةٍ ما. فكثيراً ما نرى قيام البعض بالاضراب عن الطعام كي يضغطوا على السلطات. أو لكي يثير قضيتهم في الرأي العام عبر جذب انتباه الإعلام.
عمليات الاضراب عن الطعام غالباً ما تكون مؤقتة او تنتهي مع تلبية طلباتهم. لكن من النادر أن يصادفنا اضراباً حتى الموت عن الطعام. فهذا ما حدث في سجون تركيا. قام عدد من السجناء الثوريين الترك و الكرد بإعلان الاضراب عن الطعام حتى الموت. كان ذلك عام 1982. استمروا بعمليتهم(مدة شهرين) حتى آخر ثانية من حياتهم و أصبحوا مثالاً يتمثل بهم كل السجناء في تركيا.
كل بيئة و كل محيط و كل نظام يختلف من حيث نوع العمليات. فكل العمليات الاحتجاجية في السجون تكون في قمة المسالمة و المدنية. عدم ارتداء الالبسة الموحدة ورفض ترديد شعارات السلطة و القيام بالكتابة على الجدران و الغناء بصوتٍ عالي للاغاني الثورية و الكردية و عدم تناول طعام ادارة السجون و إلى ما هنالك من تصرفات هي قمة العصيان المدني السلمي و النابع من الضمير و الوجدان...
العصيان بنار الجسد!
ليس سقراط وحده من فضّل الموت لحفظ كرامته الإنسانية(حيث سمي فيما بعد موقفه هذا بالعصيان المدني الأول في التاريخ)؛ فما فعله الشاب الكردي الثوري مظلوم دوغان أعظم مما فعله سقراط بكثير! مظلوم دوغان شاب كردي و ثائر ضد العنجهية التركية و كان مناضل لأجل تحرر شعبه من نير الاحتلال و الصهر القومي. ألقي القبض عليه و أودع السجن. تعرض في السجن لأبشع صور التعذيب و التحقير التي يتقزز لها الانسان. لم يترك الجلادين صورة أو أسلوب للتعذيب الجسدي و النفسي و الروحي إلا و مارسوه ضد مظلوم دوغان و الألوف من الشباب الكرد و الترك التقدميين. كان الهدف الاساسي للطغمة العسكرية قتل العزيمة في هؤلاء الشبان الثوريون. فقد كانت الدولة تعدهم إن هم رضخوا لها و تخلوا عن أفكارهم التقدمية بأن تهب لهم سبل الحياة الناعمة. فقد كانت تستخدم أسلوبي الترهيب و الترغيب معهم. و قد تخلى بعضهم عن أفكاره و أنضم لجانب الدولة. و كعصيان و احتجاج وجداني ضد عنجهية الدولة و خيانة الآخرين فقد قرر دوغان القيام بواحدة من أعظم أشكال العصيان المدني في التاريخ الكردي الحديث. و كان التاريخ المقرر لتنفيذ العملية هو ليلة عيد النوروز. كان نوروز ممنوعاً تماماً في تركيا و سوريا و الكثير من البلدان الأخرى. نوروز هو العيد القومي التاريخي للشعب الكردي و الشعوب الآرية الأخرى. و كان مكان العملية حجرة انفرادية مظلمة و باردة في سجون دياربكر. ففي ليلة العشرين من آذار جعل مظلوم دوغان من نفسه شعلة نارٍ أضاءت الحجرة و السجن و دياربكر و كل كردستان. فقد أعلن بنار جسده بداية الاحتفال بالنوروز. و لذا يسميه الكرد بـ كاوا العصر! عملية مظلوم دوغان كانت موجهة للدولة التركية و للشعب الكردي أيضاً... فقد كانت نداءً لهم بالسعي للحرية و الكرامة و رفض الشر و الظل و الهوان.
امهات السلام:
مبادرة امهات السلام مبادرة مدنية نسائية شكلتها النساء الكرديات في تركيا للضغط على الاطراف المتحاربة لإنهاء الحرب. لهذه المبادرة الكثير من الفروع و قامت بنشاطات مثيرة. كل عملياتها الاحتجاجية و الاعتصام تكون ضمن مبادئ العصيان المدني ضد الحرب و القتل و النزاع الدموي الدائر في البلاد. و من احدى عملياتهنّ العملية الاحتجاجية التي قمن بها ضد الحرب الدائرة في كردستان و ذلك باعتصامهن على اكبر الجسور التركية(الواصلة بين الطرف الآسيوي و الاوروبي)و قطعن بذلك اكثر الطرق حيوية في تركيا.
امهات السبت
كانت أمهات المفقودين و المقتولين على يد سلطات الدولة التركية يجتمعن كل يوم سبت في شارع الاستقلال باستنبول كي تُسمعنّ صوتهنّ للرأي العام العالمي. داومنّ على عادتهنّ و اجتماعهنّ كل سبت، حتى سميينّ بأمهات السبت. كانت عبارة عن عملية عصيان مدني سلمية، و من ألين السبل النضالية. كانت الامهات بعملياتهن تلك تهدفن إلى إنهاء حالة الحرب الدائرة رحاها في كردستان و كفّ الدولة عن قتل و خطف و تعذيب المواطنين الكرد الأبرياء. و معظم الأمهات المشاركات كنّ معنيات بالأمر مباشرةً .
"إذا كنت تمنع أخي الكردي من التحدث بلغته فسوف أخترق قانونكم هذا و أتعلم الكردية!"
إنها مقولة رائعة و لكن ليس من قائلٍ لها بين الأخوة الترك و العرب. إنها أمنية و خيال يدغدغ أفكاري، فحبذا لو قام أحدهم و أعلن على الملأ هذه المقولة. أ لم نرى ما الذي فعله الشعب الدانماركي لحماية اليهود؟ فهل نضبت أرضنا الولود من الشرفاء و أصحاب الضمير؟ هل أنكر أولاد الشرق ماضيهم الإنساني العريق؟ و هل...؟
كليّ ثقة بأن أرضنا البكر ملئ بالشرفاء الذين بأمكانهم الصراخ بأعلى صوتهم قائلين:"كفى و ألف كفى" للظلم و الطغيان و اللاعدالة. و ها هي أبواب العصيان المدني مفتوحة على مصراعيها أمامنا...
و السؤال المهم هو: ما هي الأساليب الخاصة بالعصيان المدني التي يمكننا استخدامها في الشرق الأوسط؟
- الاحتجاج: تحويل كل المناسبات و الاعياد الوطنية و الدينية و الاجتماعية لمناسبات التظاهر و التعبير عن الاحتجاج السلمي بالطرق الهادئة. كجعل عيد الأم مناسبة للمطالبة بحقوق المرأة في الشرق الأوسط. جعل الأول من ايلول مناسبة لإرساء السلام الاجتماعي. جعل عيد النوروز مناسبة للمطالبة بالحقوق الوطنية للكرد...
- المقاطعة: عقد محاكم الصلح الاجتماعية دون اللجوء لمحاكم النظام المصابة بالخلل و التي تكيل بمكيالين، و بذلك تضطر الأنظمة لإعادة النظر في قوانينها. مقاطعة الانتخابات و الاقتراع و اجراء انتخابات رمزية كبديل شعبي لانتخابات السلطة.
- خرق القوانين: إصدار الجرائد و المجلات و الإرسال الاذاعي الغير رسمي شرط أن تكون لسان حال الجماهير.
-التظاهر و جذب انظار الرأي العام: بإشعال الشموع و القيام بعمليات إطفاء الانوار، تعليق اللافتات المعبرة عن الرفض، رفع الرايات و الاعلام الممنوعة قانوناً، وضع باقات من الشوك أو الخميلة السوداء أمام الاماكن الرسمية، رسم و تعليق صور و لوحات تعبر عن الرفض أو التعاضد مع صاحب الصورة، الاستماع الجماهيري لأغاني و موسيقا ممنوعة أو محذرة و إلى آخره من وسائل جذب إنتباه عدسات المصورين و أقلام الصحفيين الفضوليين أصلاً!
على المستوى الفردي: يستطيع الإنسان الفرد القيام بكثير من عمليات العصيان المدني المؤثرة جداً لوحده أو مع نفر قليل جداً. مثلاً قيام النساء بقص شعورهن أو تسريحها بشكل مغاير و مثير و كذلك الامر بالنسبة للرجال، كصبغ الشعور و إطلاق اللحى. انتعال احذية خشبية أو معدنية الكعب لإصدار اصوات مثيرة. ارتداء الملابس مقلوباً أو حتى العري الجزئي أو الكلي. و قد تم استخدام اسلوب التعري في العصيان المدني بكثرة ضد حرب العراق و كذلك ما فعلته الفنانة السورية في امريكا مثال آخر على دور اسلوب التعري في العصيان المدني. عدم ارتداء الحجاب في الدول الدوائر الحكومية التي تفرضه على المرأة سبيل آخر من سبل العصيان المدني.
العصيان المدني فنياً: الكاريكاتور اقوى السبل و أكثرها تأثيراً في مجال العصيان المدني الفني. بالإضافة إلى المقالات الساخرة و الاشعار الهجائية و الموسيقا و الغناء و الرسم و كما يجب أن لا ننسى دور الكوميديا و الدراما في التعبير عن الرفض و المطالبة بالتجديد. لذا فأن كسب الفنانين من قِبل القائمين بعمليات العصيان المدني ذو فائدة كبيرة و تأثير بليغ للعملية. سبل متفرقة: مقاطعة بعض السلع التجارية و حتى الدعاية ضدها، عزل بعض الاشخاص اجتماعياً و عدم السلام عليهم و عدم التكلم معهم، المسيرات الصامتة، لصق الافواه، التخيّم بالقرب من المعسكرات، الصيام و الاضراب عن الطعام و العشرات من السبل الأخرى يمكن للمرء استخدامها في عمليات العصيان المدني في الشرق الأوسط. المهم هو أن نعلم المعاديين و بالأخص السلطات اللين و اسلوب الحوار و الابتعاد عن العنف و العنوة. فمن واجبنا أن نقلّم اظافر الضغينة و نخنق الحقد و الكراهية في قلوب و أفئدة المعادين- الدولة في غالب الاوقات. و هذا سيكون فرصة عظيمة أمام المجتمع للتعبير عن ذاته دون انتظار التدخل الاجنبي، و فرصة ذهبية امام السلطات للقيام بالاصلاحات و تحقيق آمال و متطلبات الجاهير الشرق الاوسطية... و إلا! و إلا فأن مصير هذه الانظمة لن يكون أفضلاً من ما آل إليه الحالة العراقية.
________________________________________
المصادر:
1- مجلة(Genc Bakis) ايار 2001
2- العصيان المدنيّ! هنري دافيد ثورو
3- العصيان المدني: حق أم واجب؟ تييري باكو
4- دور القوة في الكفاح اللاعنيف! جين شارب
5- الاحاديث الشريفة
6- آيات قرانية
كلام في العصيان المدني 1
كلام في العصيان المدني
جمع مرعي حميد
بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية.;ا لعصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة
: نشاط شعبي متحضر يعتمد أساساً على مبدأ اللاعنف. يعرف بير هيرنجرين العصيان المدني في كتابه "طريق المقاومة ..ممارسة العصيان المدني" بأنه
أنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون. هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع. النتائج أو التبعات الشخصية هي جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية. ويجب الانتباه إلى أن العصيان المدني تقوم أنشطته على التحدي، فلا تقيده قوانين النظام، أوقراراته، وإن كان أحياناً يتم عبر القوانين. ومن ثم لا يستطيع النظام أن يفرض على حركة العصيان نشاطاً بعينه أو يمنعها من نشاط، أو يفرض عليها ميداناً بعينه. [1]
الاستعمال المبكر للمصطلح
كان أول من استعمل مصطلح العصيان المدني وأشار إلى فكرته هو الكاتب الأمريكي هنري ديڤيد ثورو في مقاله الشهير ‘العصيان المدني’ المنشور في سنة 1849. وقد كتب مقاله الشهير هذا عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب احتجاجاً على العبودية والقمع والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد المكسيك. ولم يكن الامتناع عن دفع الضرائب بالفكرة الجديدة وإنما استعملها مناهضو الاسترقاق وآخرون غيرهم. وكذلك لجأ كارل ماركس إلى هذه الفكرة حين حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848م.
كان لمقالة ثوريو هذه تأثير كبير على المهاتما غاندي في الهند. ففي عام 1906م قاد في جنوب إفريقيا معارضة سلمية دون استخدام العنف للتفرقة العنصرية ضد الآسيويين في ترانسفال. وبعد ذلك قاد الشعب الهندي في إضرابات ومسيرات احتجاج ومعارضة، لتحرير أنفسهم من الحكم البريطاني، فحصلوا على الاستقلال عام 1947م.
في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين قام مارتن لوثر كنج وآخرون من المشتغلين بالحقوق المدنية، بمخالفة عن عمد لقوانين الجنوب الخاصة بالفصل العنصري، وذلك كوسيلة لمحاربة التفرقة العنصرية. كما قام كثير من المعارضين لحرب فيتنام (1957 - 1975م) بأعمال غير قانونية، في محاولة لتغيير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
رفض بعضهم دفع الضرائب، ورفض آخرون تسجيل أسمائهم في الخدمة العسكرية الإجبارية. وخلال الثمانينيات من القرن العشرين قامت احتجاجات دون استخدام العنف ضد سياسة الفصل العنصري لحكومة الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا.
مارس الناس العصيان المدني على مدى مئات السنين؛ ويقال إنه حينما أمرت الحكومة حواريي عيسى عليه السلام بإيقاف تعليمهم الناس، فأجابوا أن طاعة الله أفضل من طاعة البشر. وخلال القرن الثالث عشر الميلادي، أعلن رجل الدين النصراني توما الأكويني أنه يلزم الناس عصيان حكام الأرض حينما تتعارض قوانين الدولة مع قوانين الطبيعة أو الإله. وخلال القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، عرفت بعض الطوائف الدينية بعصيانها المدني، وعلى سبيل المثال في المستعمرات الأصلية التي تشكلت منها أمريكا رفضت طائفة الكويكرز دفع الضرائب للأغراض العسكرية، وذلك لعدم موافقتهم على الحرب. وفي الخمسينيات من القرن التاسع عشر عصى أنصار مذهب إلغاء تجارة الرقيق في الولايات المتحدة الأمريكية قانون هروب العبيد، الذي كان يهدف إلى إلزام العبيد الهاربين بالعودة بالقوة.
استخدمت كثير من قيادات حركة حقوق المرأة العصيان المدني لإثارة الانتباه إلى مطالبهن. قادت إميلين بانكهيرست في بريطانيا خلال أوائل القرن العشرين النساء المناديات بمنح المرأة حق الاقتراع في حملة للحصول على حقوق انتخاب مساوية للرجل.
العصيان المدني والعمل المباشر
وبحسب استجابة الخصم تكون طبيعة النشاط . فقد يكون من الضروري أحياناً أن يأخذ العصيان المدني صورة العمل المباشر الرمزي، بمعنى أن يصبح الهدف هو الوسيلة. ومن الأمثلة على الفعل المباشر الرمزي ما قامت به حركة السلام في السويد عندما قامت بإعاقة جدية لتصدير السلاح في عام 1983، حيث تمكنت مجموعة من النشطاء – رغم ضعفها التنظيمي - من تعطيل سفينة محملة بالسلاح لمدة ساعة، مرسلة برسالة رمزية بضرورة وقف تصدير السلاح كليةً، وفي نفس الوقت فقد حققت هدفها بشكل رمزي ومنعت تصدير السلاح فعلاً في هذا النشاط.
وعندما تقوم حركة ما بإيواء مجموعة من المشردين ممن لا مأوى لهم فإنها بذلك تسلط الضوء على قضية المشردين، وفي نفس الوقت تحقق هدفاً من أهدافها ألا وهو إيجاد مأوى لهؤلاء المشردين. وعندما ينام عدد من النشطاء على شريط سكة حديد معترضين سير قطار محمل بأغذية مسرطنة، فهم إنما يمنعون ذلك بأجسادهم، كما يعبرون عن ضرر هذه الأغذية وعن رفضهم لها.
ويجب الإشارة هنا إلى أن العمل المباشر لا يحظر الاستعمال الرمزي للقوة. فلقد قامت مجموعة من النشطاء المسيحيين بربط أنفسهم بالسلاسل، ومن ثم ربطوا هذه السلاسل بأبواب قواعد عسكرية معروفة في بريطانيا. وهم لا يعنون بذلك أن يحققوا هدفاً باستخدام قوة السلاسل؛ وإنما يريدون أن تصل رسائلهم إلى الرأي العام البريطاني والعالمي.
الهدف
بعض الناس يستخدمون العصيان المدني شكلاً من أشكال الاحتجاج لإثارة الانتباه إلى ما يعتقدون أنها قوانين وسياسات غير عادلة لا تتفق والدستور، ويأملون أن يحرك عملهم هذا الآخرين، لإصلاح مالا يتفق والعدالة. وأناس آخرون يعدون العصيان المدني مسألة اعتقاد فردي ديني أو أخلاقي. وهم يرفضون إطاعة القوانين التي يعتقدون أنها تنتهك مبادئهم الشخصية.
النظريات والتقنيات
أمثلة
الهند
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا و آسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي و أمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي "إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، و هو ينطوي على ضبط النفس، و العقل، و الاهتمام، و التضحية". تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية و التي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا و حركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
جنوب أفريقيا
دعا كل من الأسقف دزموند توتو و ستيف بيكو إلى العصيان المدني، و تمثلت النتيجة في وقائع مشهورة مثل مظاهرة المطر البنفسجي عام 1989، و مسيرة كيب تاون السلمية التي أنهت الفصل العنصري.
الولايات المتحدة
تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. و منذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
اوروپا
استخدم الثوار العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط و شرق أوروبا و وسط آسيا، و هي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم "مكيافيلي اللاعنف" و "كلاوسفيتس الحرب السلمية".
من أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش في صربيا في 2000 و الذي استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل في انتخابات برلمانية في بلغاريا عام 2000، و سلوفاكيا عام 1998، كرواتيا عام 2000. كذلك مثل الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه في 2003 و التي دعمتها حركة المقاومة المدنية كمارا، و كذلك الثورة البرتقالية في أكرانيا التي تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية و التي قادتها حركة پورا.
و أيضا الثورة البنفسجية التي سبقت ذلك في تشيكوسلوفاكيا عام 1989 و التي هاجمت الشرطة فيها طلابا من جامعة تشارلز و التي ساهمت في سقوط النظام الشيوعي في تشكوسلوفاكيا السابقة.
بنگلادش
تايلند
أمثلة دينية
أحيانا يكون دافع ممارسي العصيان المدني إلى ذلك دينيا، كما يشارك رجال الدين أو يقودون ممارسات العصيان المدني، من الأمثلة الشهيرة على ذلك فيليب بِرِجان و هو كاهن كاثوليكي أمريكي سابق اعتقل عشرات المرات في أفعال عصيان مدني مناهضة للحرب.
العصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة لحكومة أو قوة احتلال بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب اﻷساسية للمقاومة السلمية.
في أكثر أشكاله مسالمة، المعروف بالاسم الهندي "أهيمسا" (بالديفنگاري: अहिंसा) أو "ساتياگراها" (بالسنسكريتية: सत्याग्रह) فإنه يُفسَّر بأنه "تضامن في شكل خلاف محترم".
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وفي حركات السلام حول العالم.
و بالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (و الذي يمكن أن يكون هو الحكومة).
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في لجوء المصريين إليه ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية
شروطه
لعصيان لا يحدث إلا في شروط موضوعية، منها:
1- وجود قضية حادة تمس الجماهير مباشرة. (في المجتمعات الأوربية يمكن أن يتحرك الناس لقضايا مثل الحريات، لكن في الدول النامية عادة لا تشكل هذه القضايا دافعاً يحرك الشعب).
2- وعي قيادات التغيير بفكرة العصيان المدني وعياً عميقاً، وآليات وعقبات وفرص حدوثه. واستراتيجيات صناعته، وتوعية الجمهور به كأداة فعالة.
4- سوء إدارة النظام للصراع بينه وبين المعارضة وإيصال الأوضاع إلى سبل مشدودة تماماً.
4- النجاح في إحداث ثورة في العقول حتى يستجيب الناس للدعوة إلى العصيان، وينتقلوا إلى مفعد الفاعل مؤمنين بإمكانية الفعل. لذلك تسبق العصيان عادة أنشطة قد تستمر لفترة يتركز هدفها في تحرير العقول.
5- قدرة تنظيمية على تفعيل القاعدة الجماهيرية الكبيرة المتضررة بشكل كبير.
6- قدرة تخطيطة على إجابة سؤال وماذا بعد العصيان؟
7- المبادرة بالفعل وعدم الوقوع في أسر رد الفعل.
8- وجود البنى التحتية القادرة على خلق العصيان ثم دعمه، ثم حمايته، فالكثير من الإضرابات الناجحة على سبيل المثال يتم تمويلها من قبل حركات التغيير أو طرف خارجي، فليس هدف العصيان هو وضع المقاومين في مأزق إعالة أسرهم، لكنه يخلق للمقاومين شكلاً مختلفاً للحياة بعيداً عن سلطة الدولة.
9- كلما كان هناك رصيد من التجربة لدى الشعب كلما كانت قابليته لاستخدام هذا الأسلوب أكبر، والشعوب التي لم تجرب مثل هذه الوسائل، يكون التحدي أمامها هو بداية التجربة، وليس القيام بعصيان شامل.
10- توفر فرص أكبر للنجاح مثل الظرف الدولي غير الداعم للحكومة أمام حركة العصيان.
هذه من أهم الشروط الموضوعية، فالعصيان الناجح هو ثمرة جهد كبير على ساحة المشروع التغييري، من خلق البنية التحتية من علاقات ومال وإعلام وحشد، يتوافق مع عجز الحكومة وحلفائها عن تلبية مطالب الجماهير. وقدرة قادة التغيير على دفع الجماهير في مسار واضح.
__________________
مفهوم العصيان الدني
العصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة لسلطة سياسية بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية.
في أكثر أشكاله مسالمة، المعروف بالاسم الهندي "أهيمسا" أو "ساتياگراها" فإنه يُفسَّر بأنه "تضامن في شكل خلاف محترم".
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وفي حركات السلام حول العالم.
و بالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (و الذي يمكن أن يكون هو الحكومة).
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في لجوء المصريين إليه ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية.
أصوله الفكرية :
كان الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو (Henry David Thoreau) هو رائد النظرية الحديثة في هذه الممارسة في مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان "العصيان المدني" (بالإنجليزية: Civil Disobedience) والتي كان عنوانها الأصلي "مقاومة السلطة المدنية" (بالإنجليزية: Resistance to Civil Government"). وكانت الفكرة الدافعة وراء المقالة هي الاعتماد على الذات وكيف أن الموقف الأخلاقي للفرد يكون سليما إذا كان بوسعه "مفارقة غيره" عند اختلافه معه؛ أي أنه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه أن لا يدعمها في أي شيء وأن لا يستفيد من دعمها له في أي شيء إن كان معارضا لها. كان لهذه المقالة أثر بالغ في عديد من ممارسي العصيان المدني لاحقا. في هذه المقالة يفسر ثورو أسبابه في رفض دفع الضرائب كفعل احتجاج ضد العبودية وضد الحرب المكسيكية الأمريكية.
كذلك كانت مقالة "منهج العبودية الاختيارية" (بالأوسيتية: Discours de la servitude volontaire) التي وضعها القاضي الفرنسي إتيَن لابوَتي (Étienne de La Boétie)، أحد المصادر المبكرة التي دفعت بفكرة أن الطغاة يحوزون القوة لأن الناس يمنحوها لهم، وأن "هجرَ المجتمعِ الحريةَ يتركه فاسدا مفضلا عبودية المحظيات على حرية من يرفض التسلط ويأبى الخضوع". وبهذا فقد ربط لابوَتي بين النقيضين التسلط والخضوع وهي العلاقة التي سيؤطرها فيما بعد المفكرون اللاسلطويون (الفوضويون). وبالدعوة إلى حل يتمثل في بساطة في رفض دعم الطاغية فإنه يكون أحد أبكر من دعوا إلى العصيان المدني والمقاومة السلمية. كتب لابوَتي المقالة عام 1552 أو 1553 عندما كان لا يزال طالبا في الجامعة في الثانية والعشرين من عمره، وجرى تداولها سرا ولم تطبع حتى 1576 بعد موت لابوَتي عام 1563
نظريات وأساليب :
عند اللجوء لاستخدام نمط فعال من العصيان المدني قد يتم اللجوء إلى المخالفة العمدية لبعض القوانين، مثل سد الطرق على نحو سلمي أو احتلال منشآت بشكل مخالف للقانون. يمارس المحتجون هذا النوع من الشغب غير العنيف بهدف دفع السلطات إلى اعتقالهم أو حتى مهاجمتهم أو الاعتداء عليهم. وعادة ما يتلقى المحتجون تدريبات مسبقة على كيفية التصرف عند اعتقالهم أو مهاجمتهم بحيث تأتي أفعالهم بمسلك يَنمُّ عن مقاومة ورفض هادئين للسلطة لكن دون تهديد ودون اعتداء ولو حتى بغرض الدفاع عن النفس.
على سبيل المثال، فقد وضع غاندي القواعد التالية:
المقاوم المدني (ساتياجراهي) لن يُداخله أي غضب.
أنه سيتحمل غضب الخصم.
أنه في سبيل ذلك سيحتمل هجوم الخصم عليه ولن يرد مطلقا، لكنه لن يخضع خوفا من العقاب إلى أي أمر يُوّجه إليه في غضب.
عندما يعمد أي شخص في السلطة إلى اعتقال المقاوم المدني فإنه سيخضع طوعا للاعتقال كما أنه لن يقاوم مصادرة متاعه.
إن كان أي من متاع المقاوم السلمي أمانة مودعة عنده فإنه سيرفض تسليمها حتى لو فقد حياته دون ذلك، لكنه مع ذلك لن يردّ هجوما.
رد الهجوم يشمل السباب واللعن.
لذا فإن المقاوم المدني لن يعمد إلى إهانة خصمه مطلقا، لذا فهو لن يشارك في أي من الصيحات التي تخالف روح فلسفة أهيمسا.
المقاوم المدني لن يحيي علم الاتحاد ولن يهينه أو يهين الموظفين البريطانيين أو الهنود.
خلال النضال إن أهان أحد موظفا أو اعتدى عليه فإن المقاوم المدني سيحمي الموظف من الإهانة أو الاعتداء حتى لو دفع حياته ثمنا.
أمثلة:
الهند....
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا وآسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي وأمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي "إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، وهو ينطوي على ضبط النفس، والعقل، والاهتمام، والتضحية". تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية والتي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا وحركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
جنوب أفريقيا...
دعا كل من الأسقف دزموند توتو وستيف بيكو إلى العصيان المدني، وتمثلت النتيجة في وقائع مشهورة مثل مظاهرة المطر البنفسجي عام 1989، ومسيرة كيب تاون السلمية التي أنهت الفصل العنصري.
الولايات المتحدة .....
تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. ومنذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
أوروبا ....
استخدم الثوار العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا، وهي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم "مكيافيلي اللاعنف" و"كلاوسفيتس الحرب السلمية".
من أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش في صربيا في 2000 والذي استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل في انتخابات برلمانية في بلغاريا عام 2000، وسلوفاكيا عام 1998، كرواتيا عام 2000. كذلك مثل الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه في 2003 والتي دعمتها حركة المقاومة المدنية كمارا، وكذلك الثورة البرتقالية في أكرانيا التي تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية والتي قادتها حركة پورا.
و أيضا الثورة البنفسجية التي سبقت ذلك في تشيكوسلوفاكيا عام 1989 والتي هاجمت الشرطة فيها طلابا من جامعة تشارلز والتي ساهمت في سقوط النظام الشيوعي في تشكوسلوفاكيا السابقة.
مصر....
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في ثورة 1919 وأيضاً ثورة 25 يناير 2011 ضد نظام حسني مبارك وقد عرفت بثورة اللوتس
مبادئ العصيان المدني ________________________________________
إن مبادئ كل فن عشرة.........................الحد والموضوع ثم الثمرة
ونسبة وفضله والواضع.....................والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائل والبعض بالبعض اكتفى ............ومن درى الجميع حاز الشرفا
أي ينسبْ هذا العلمُ إلى أيِّ شيءٍ , أهوَ من العلومِ العربية ؟
ما معنى الواضع، ومتى يكون الإنسان ويعتبر واضعا للفن.
من الذي وضع وابتكرَ هذا العلم, كالفراهيدي فهو الذي ابتكرَ علم العروض, والدؤلي للنحو, ويعرف هذا بالتنصيص أو الشهرةِ أو التاريخ .
الاستمداد.
فكيفَ يكتسبُ هذا العلمِ , كنهرِ الأردن مستمده: بحرُ الميتِ -على سبيل المثال- , وعلم المصطلح مستمد من كلام المحدثين.
ما معنى الحد، وما مزالق الناس فيه، وكيف يعتبر الحد حدا، وما تعريف الحد.
الحدُّ معناه : التعريف. فما تعريف علم العروض؟ والحدُّ يكون بأمورٍ , إما بالمثال , أو التقسيم , أو غير ذلك .
ما هو الموضوع، وكيف يعرف موضوع العلم.
فعن أي شيءٍ يصبي إليه هذا العلم! وعن أي شيءٍ يتكلَّم , في الفقهِ المقارنْ ؟!
وما هي الثمرة وهل هي المقصود بها الدنيوية أم الأخروية...
هل ثمرةُ وفائدة هذا الفن سلامة اللسان في النطق! وذاكَ في "علم النحو" !
إلى آخر هذا...
الحد في اصطلاح المناطقة : الجامع المانع
أي الجامع لجميع أفراده، ومانع من دخول غير أفراده فيه،
والحد إما تام أو ناقص
والتام : يتركب من جنس قريب ، وفصل
والناقص : يتركب من جنس بعيد ، أو متوسط ، وفصل ، أو من قريبين ( جنس وفصل ) ، غير مرتبين،
وأنا أن يكون التعريف :بالرسم
فيكون فصل وخاصة، أو غيرها
وهو أما بالتقسيم ، أو بالمثال ، أو باللفظي
هذا باختصار شديد
وجزاكم الله خيرًا
__________________
والله لوعلموا قبيح سريرتي**لأبى السلام عليَّ من يلقاني
ولأعرضوا عني وملُّوا صحبتي**ولبؤتُ بعد كرامةٍ بهوانِ
:
ا
الحد في اصطلاح المناطقة : الجامع المانع
أي الجامع لجميع أفراده، ومانع من دخول غير أفراده فيه،
والحد إما تام أو ناقص
والتام : يتركب من جنس قريب ، وفصل
والناقص : يتركب من جنس بعيد ، أو متوسط ، وفصل ، أو من قريبين ( جنس وفصل ) ، غير مرتبين،
وأنا أن يكون التعريف :بالرسم
فيكون فصل وخاصة، أو غيرها
وهو أما بالتقسيم ، أو بالمثال ، أو باللفظي
جمع مرعي حميد
بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية.;ا لعصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة
: نشاط شعبي متحضر يعتمد أساساً على مبدأ اللاعنف. يعرف بير هيرنجرين العصيان المدني في كتابه "طريق المقاومة ..ممارسة العصيان المدني" بأنه
أنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون. هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع. النتائج أو التبعات الشخصية هي جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية. ويجب الانتباه إلى أن العصيان المدني تقوم أنشطته على التحدي، فلا تقيده قوانين النظام، أوقراراته، وإن كان أحياناً يتم عبر القوانين. ومن ثم لا يستطيع النظام أن يفرض على حركة العصيان نشاطاً بعينه أو يمنعها من نشاط، أو يفرض عليها ميداناً بعينه. [1]
الاستعمال المبكر للمصطلح
كان أول من استعمل مصطلح العصيان المدني وأشار إلى فكرته هو الكاتب الأمريكي هنري ديڤيد ثورو في مقاله الشهير ‘العصيان المدني’ المنشور في سنة 1849. وقد كتب مقاله الشهير هذا عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب احتجاجاً على العبودية والقمع والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد المكسيك. ولم يكن الامتناع عن دفع الضرائب بالفكرة الجديدة وإنما استعملها مناهضو الاسترقاق وآخرون غيرهم. وكذلك لجأ كارل ماركس إلى هذه الفكرة حين حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848م.
كان لمقالة ثوريو هذه تأثير كبير على المهاتما غاندي في الهند. ففي عام 1906م قاد في جنوب إفريقيا معارضة سلمية دون استخدام العنف للتفرقة العنصرية ضد الآسيويين في ترانسفال. وبعد ذلك قاد الشعب الهندي في إضرابات ومسيرات احتجاج ومعارضة، لتحرير أنفسهم من الحكم البريطاني، فحصلوا على الاستقلال عام 1947م.
في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين قام مارتن لوثر كنج وآخرون من المشتغلين بالحقوق المدنية، بمخالفة عن عمد لقوانين الجنوب الخاصة بالفصل العنصري، وذلك كوسيلة لمحاربة التفرقة العنصرية. كما قام كثير من المعارضين لحرب فيتنام (1957 - 1975م) بأعمال غير قانونية، في محاولة لتغيير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
رفض بعضهم دفع الضرائب، ورفض آخرون تسجيل أسمائهم في الخدمة العسكرية الإجبارية. وخلال الثمانينيات من القرن العشرين قامت احتجاجات دون استخدام العنف ضد سياسة الفصل العنصري لحكومة الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا.
مارس الناس العصيان المدني على مدى مئات السنين؛ ويقال إنه حينما أمرت الحكومة حواريي عيسى عليه السلام بإيقاف تعليمهم الناس، فأجابوا أن طاعة الله أفضل من طاعة البشر. وخلال القرن الثالث عشر الميلادي، أعلن رجل الدين النصراني توما الأكويني أنه يلزم الناس عصيان حكام الأرض حينما تتعارض قوانين الدولة مع قوانين الطبيعة أو الإله. وخلال القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، عرفت بعض الطوائف الدينية بعصيانها المدني، وعلى سبيل المثال في المستعمرات الأصلية التي تشكلت منها أمريكا رفضت طائفة الكويكرز دفع الضرائب للأغراض العسكرية، وذلك لعدم موافقتهم على الحرب. وفي الخمسينيات من القرن التاسع عشر عصى أنصار مذهب إلغاء تجارة الرقيق في الولايات المتحدة الأمريكية قانون هروب العبيد، الذي كان يهدف إلى إلزام العبيد الهاربين بالعودة بالقوة.
استخدمت كثير من قيادات حركة حقوق المرأة العصيان المدني لإثارة الانتباه إلى مطالبهن. قادت إميلين بانكهيرست في بريطانيا خلال أوائل القرن العشرين النساء المناديات بمنح المرأة حق الاقتراع في حملة للحصول على حقوق انتخاب مساوية للرجل.
العصيان المدني والعمل المباشر
وبحسب استجابة الخصم تكون طبيعة النشاط . فقد يكون من الضروري أحياناً أن يأخذ العصيان المدني صورة العمل المباشر الرمزي، بمعنى أن يصبح الهدف هو الوسيلة. ومن الأمثلة على الفعل المباشر الرمزي ما قامت به حركة السلام في السويد عندما قامت بإعاقة جدية لتصدير السلاح في عام 1983، حيث تمكنت مجموعة من النشطاء – رغم ضعفها التنظيمي - من تعطيل سفينة محملة بالسلاح لمدة ساعة، مرسلة برسالة رمزية بضرورة وقف تصدير السلاح كليةً، وفي نفس الوقت فقد حققت هدفها بشكل رمزي ومنعت تصدير السلاح فعلاً في هذا النشاط.
وعندما تقوم حركة ما بإيواء مجموعة من المشردين ممن لا مأوى لهم فإنها بذلك تسلط الضوء على قضية المشردين، وفي نفس الوقت تحقق هدفاً من أهدافها ألا وهو إيجاد مأوى لهؤلاء المشردين. وعندما ينام عدد من النشطاء على شريط سكة حديد معترضين سير قطار محمل بأغذية مسرطنة، فهم إنما يمنعون ذلك بأجسادهم، كما يعبرون عن ضرر هذه الأغذية وعن رفضهم لها.
ويجب الإشارة هنا إلى أن العمل المباشر لا يحظر الاستعمال الرمزي للقوة. فلقد قامت مجموعة من النشطاء المسيحيين بربط أنفسهم بالسلاسل، ومن ثم ربطوا هذه السلاسل بأبواب قواعد عسكرية معروفة في بريطانيا. وهم لا يعنون بذلك أن يحققوا هدفاً باستخدام قوة السلاسل؛ وإنما يريدون أن تصل رسائلهم إلى الرأي العام البريطاني والعالمي.
الهدف
بعض الناس يستخدمون العصيان المدني شكلاً من أشكال الاحتجاج لإثارة الانتباه إلى ما يعتقدون أنها قوانين وسياسات غير عادلة لا تتفق والدستور، ويأملون أن يحرك عملهم هذا الآخرين، لإصلاح مالا يتفق والعدالة. وأناس آخرون يعدون العصيان المدني مسألة اعتقاد فردي ديني أو أخلاقي. وهم يرفضون إطاعة القوانين التي يعتقدون أنها تنتهك مبادئهم الشخصية.
النظريات والتقنيات
أمثلة
الهند
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا و آسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي و أمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي "إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، و هو ينطوي على ضبط النفس، و العقل، و الاهتمام، و التضحية". تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية و التي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا و حركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
جنوب أفريقيا
دعا كل من الأسقف دزموند توتو و ستيف بيكو إلى العصيان المدني، و تمثلت النتيجة في وقائع مشهورة مثل مظاهرة المطر البنفسجي عام 1989، و مسيرة كيب تاون السلمية التي أنهت الفصل العنصري.
الولايات المتحدة
تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. و منذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
اوروپا
استخدم الثوار العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط و شرق أوروبا و وسط آسيا، و هي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم "مكيافيلي اللاعنف" و "كلاوسفيتس الحرب السلمية".
من أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش في صربيا في 2000 و الذي استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل في انتخابات برلمانية في بلغاريا عام 2000، و سلوفاكيا عام 1998، كرواتيا عام 2000. كذلك مثل الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه في 2003 و التي دعمتها حركة المقاومة المدنية كمارا، و كذلك الثورة البرتقالية في أكرانيا التي تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية و التي قادتها حركة پورا.
و أيضا الثورة البنفسجية التي سبقت ذلك في تشيكوسلوفاكيا عام 1989 و التي هاجمت الشرطة فيها طلابا من جامعة تشارلز و التي ساهمت في سقوط النظام الشيوعي في تشكوسلوفاكيا السابقة.
بنگلادش
تايلند
أمثلة دينية
أحيانا يكون دافع ممارسي العصيان المدني إلى ذلك دينيا، كما يشارك رجال الدين أو يقودون ممارسات العصيان المدني، من الأمثلة الشهيرة على ذلك فيليب بِرِجان و هو كاهن كاثوليكي أمريكي سابق اعتقل عشرات المرات في أفعال عصيان مدني مناهضة للحرب.
العصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة لحكومة أو قوة احتلال بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب اﻷساسية للمقاومة السلمية.
في أكثر أشكاله مسالمة، المعروف بالاسم الهندي "أهيمسا" (بالديفنگاري: अहिंसा) أو "ساتياگراها" (بالسنسكريتية: सत्याग्रह) فإنه يُفسَّر بأنه "تضامن في شكل خلاف محترم".
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وفي حركات السلام حول العالم.
و بالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (و الذي يمكن أن يكون هو الحكومة).
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في لجوء المصريين إليه ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية
شروطه
لعصيان لا يحدث إلا في شروط موضوعية، منها:
1- وجود قضية حادة تمس الجماهير مباشرة. (في المجتمعات الأوربية يمكن أن يتحرك الناس لقضايا مثل الحريات، لكن في الدول النامية عادة لا تشكل هذه القضايا دافعاً يحرك الشعب).
2- وعي قيادات التغيير بفكرة العصيان المدني وعياً عميقاً، وآليات وعقبات وفرص حدوثه. واستراتيجيات صناعته، وتوعية الجمهور به كأداة فعالة.
4- سوء إدارة النظام للصراع بينه وبين المعارضة وإيصال الأوضاع إلى سبل مشدودة تماماً.
4- النجاح في إحداث ثورة في العقول حتى يستجيب الناس للدعوة إلى العصيان، وينتقلوا إلى مفعد الفاعل مؤمنين بإمكانية الفعل. لذلك تسبق العصيان عادة أنشطة قد تستمر لفترة يتركز هدفها في تحرير العقول.
5- قدرة تنظيمية على تفعيل القاعدة الجماهيرية الكبيرة المتضررة بشكل كبير.
6- قدرة تخطيطة على إجابة سؤال وماذا بعد العصيان؟
7- المبادرة بالفعل وعدم الوقوع في أسر رد الفعل.
8- وجود البنى التحتية القادرة على خلق العصيان ثم دعمه، ثم حمايته، فالكثير من الإضرابات الناجحة على سبيل المثال يتم تمويلها من قبل حركات التغيير أو طرف خارجي، فليس هدف العصيان هو وضع المقاومين في مأزق إعالة أسرهم، لكنه يخلق للمقاومين شكلاً مختلفاً للحياة بعيداً عن سلطة الدولة.
9- كلما كان هناك رصيد من التجربة لدى الشعب كلما كانت قابليته لاستخدام هذا الأسلوب أكبر، والشعوب التي لم تجرب مثل هذه الوسائل، يكون التحدي أمامها هو بداية التجربة، وليس القيام بعصيان شامل.
10- توفر فرص أكبر للنجاح مثل الظرف الدولي غير الداعم للحكومة أمام حركة العصيان.
هذه من أهم الشروط الموضوعية، فالعصيان الناجح هو ثمرة جهد كبير على ساحة المشروع التغييري، من خلق البنية التحتية من علاقات ومال وإعلام وحشد، يتوافق مع عجز الحكومة وحلفائها عن تلبية مطالب الجماهير. وقدرة قادة التغيير على دفع الجماهير في مسار واضح.
__________________
مفهوم العصيان الدني
العصيان المدني هو تعمُّد مخالفة قوانين وطلبات وأوامر محددة لسلطة سياسية بغير اللجوء إلى العنف. وهو أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية.
في أكثر أشكاله مسالمة، المعروف بالاسم الهندي "أهيمسا" أو "ساتياگراها" فإنه يُفسَّر بأنه "تضامن في شكل خلاف محترم".
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وفي حركات السلام حول العالم.
و بالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (و الذي يمكن أن يكون هو الحكومة).
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في لجوء المصريين إليه ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية.
أصوله الفكرية :
كان الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو (Henry David Thoreau) هو رائد النظرية الحديثة في هذه الممارسة في مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان "العصيان المدني" (بالإنجليزية: Civil Disobedience) والتي كان عنوانها الأصلي "مقاومة السلطة المدنية" (بالإنجليزية: Resistance to Civil Government"). وكانت الفكرة الدافعة وراء المقالة هي الاعتماد على الذات وكيف أن الموقف الأخلاقي للفرد يكون سليما إذا كان بوسعه "مفارقة غيره" عند اختلافه معه؛ أي أنه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه أن لا يدعمها في أي شيء وأن لا يستفيد من دعمها له في أي شيء إن كان معارضا لها. كان لهذه المقالة أثر بالغ في عديد من ممارسي العصيان المدني لاحقا. في هذه المقالة يفسر ثورو أسبابه في رفض دفع الضرائب كفعل احتجاج ضد العبودية وضد الحرب المكسيكية الأمريكية.
كذلك كانت مقالة "منهج العبودية الاختيارية" (بالأوسيتية: Discours de la servitude volontaire) التي وضعها القاضي الفرنسي إتيَن لابوَتي (Étienne de La Boétie)، أحد المصادر المبكرة التي دفعت بفكرة أن الطغاة يحوزون القوة لأن الناس يمنحوها لهم، وأن "هجرَ المجتمعِ الحريةَ يتركه فاسدا مفضلا عبودية المحظيات على حرية من يرفض التسلط ويأبى الخضوع". وبهذا فقد ربط لابوَتي بين النقيضين التسلط والخضوع وهي العلاقة التي سيؤطرها فيما بعد المفكرون اللاسلطويون (الفوضويون). وبالدعوة إلى حل يتمثل في بساطة في رفض دعم الطاغية فإنه يكون أحد أبكر من دعوا إلى العصيان المدني والمقاومة السلمية. كتب لابوَتي المقالة عام 1552 أو 1553 عندما كان لا يزال طالبا في الجامعة في الثانية والعشرين من عمره، وجرى تداولها سرا ولم تطبع حتى 1576 بعد موت لابوَتي عام 1563
نظريات وأساليب :
عند اللجوء لاستخدام نمط فعال من العصيان المدني قد يتم اللجوء إلى المخالفة العمدية لبعض القوانين، مثل سد الطرق على نحو سلمي أو احتلال منشآت بشكل مخالف للقانون. يمارس المحتجون هذا النوع من الشغب غير العنيف بهدف دفع السلطات إلى اعتقالهم أو حتى مهاجمتهم أو الاعتداء عليهم. وعادة ما يتلقى المحتجون تدريبات مسبقة على كيفية التصرف عند اعتقالهم أو مهاجمتهم بحيث تأتي أفعالهم بمسلك يَنمُّ عن مقاومة ورفض هادئين للسلطة لكن دون تهديد ودون اعتداء ولو حتى بغرض الدفاع عن النفس.
على سبيل المثال، فقد وضع غاندي القواعد التالية:
المقاوم المدني (ساتياجراهي) لن يُداخله أي غضب.
أنه سيتحمل غضب الخصم.
أنه في سبيل ذلك سيحتمل هجوم الخصم عليه ولن يرد مطلقا، لكنه لن يخضع خوفا من العقاب إلى أي أمر يُوّجه إليه في غضب.
عندما يعمد أي شخص في السلطة إلى اعتقال المقاوم المدني فإنه سيخضع طوعا للاعتقال كما أنه لن يقاوم مصادرة متاعه.
إن كان أي من متاع المقاوم السلمي أمانة مودعة عنده فإنه سيرفض تسليمها حتى لو فقد حياته دون ذلك، لكنه مع ذلك لن يردّ هجوما.
رد الهجوم يشمل السباب واللعن.
لذا فإن المقاوم المدني لن يعمد إلى إهانة خصمه مطلقا، لذا فهو لن يشارك في أي من الصيحات التي تخالف روح فلسفة أهيمسا.
المقاوم المدني لن يحيي علم الاتحاد ولن يهينه أو يهين الموظفين البريطانيين أو الهنود.
خلال النضال إن أهان أحد موظفا أو اعتدى عليه فإن المقاوم المدني سيحمي الموظف من الإهانة أو الاعتداء حتى لو دفع حياته ثمنا.
أمثلة:
الهند....
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا وآسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي وأمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي "إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، وهو ينطوي على ضبط النفس، والعقل، والاهتمام، والتضحية". تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية والتي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا وحركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
جنوب أفريقيا...
دعا كل من الأسقف دزموند توتو وستيف بيكو إلى العصيان المدني، وتمثلت النتيجة في وقائع مشهورة مثل مظاهرة المطر البنفسجي عام 1989، ومسيرة كيب تاون السلمية التي أنهت الفصل العنصري.
الولايات المتحدة .....
تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. ومنذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
أوروبا ....
استخدم الثوار العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا، وهي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم "مكيافيلي اللاعنف" و"كلاوسفيتس الحرب السلمية".
من أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش في صربيا في 2000 والذي استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل في انتخابات برلمانية في بلغاريا عام 2000، وسلوفاكيا عام 1998، كرواتيا عام 2000. كذلك مثل الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه في 2003 والتي دعمتها حركة المقاومة المدنية كمارا، وكذلك الثورة البرتقالية في أكرانيا التي تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية والتي قادتها حركة پورا.
و أيضا الثورة البنفسجية التي سبقت ذلك في تشيكوسلوفاكيا عام 1989 والتي هاجمت الشرطة فيها طلابا من جامعة تشارلز والتي ساهمت في سقوط النظام الشيوعي في تشكوسلوفاكيا السابقة.
مصر....
تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في ثورة 1919 وأيضاً ثورة 25 يناير 2011 ضد نظام حسني مبارك وقد عرفت بثورة اللوتس
مبادئ العصيان المدني ________________________________________
إن مبادئ كل فن عشرة.........................الحد والموضوع ثم الثمرة
ونسبة وفضله والواضع.....................والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائل والبعض بالبعض اكتفى ............ومن درى الجميع حاز الشرفا
أي ينسبْ هذا العلمُ إلى أيِّ شيءٍ , أهوَ من العلومِ العربية ؟
ما معنى الواضع، ومتى يكون الإنسان ويعتبر واضعا للفن.
من الذي وضع وابتكرَ هذا العلم, كالفراهيدي فهو الذي ابتكرَ علم العروض, والدؤلي للنحو, ويعرف هذا بالتنصيص أو الشهرةِ أو التاريخ .
الاستمداد.
فكيفَ يكتسبُ هذا العلمِ , كنهرِ الأردن مستمده: بحرُ الميتِ -على سبيل المثال- , وعلم المصطلح مستمد من كلام المحدثين.
ما معنى الحد، وما مزالق الناس فيه، وكيف يعتبر الحد حدا، وما تعريف الحد.
الحدُّ معناه : التعريف. فما تعريف علم العروض؟ والحدُّ يكون بأمورٍ , إما بالمثال , أو التقسيم , أو غير ذلك .
ما هو الموضوع، وكيف يعرف موضوع العلم.
فعن أي شيءٍ يصبي إليه هذا العلم! وعن أي شيءٍ يتكلَّم , في الفقهِ المقارنْ ؟!
وما هي الثمرة وهل هي المقصود بها الدنيوية أم الأخروية...
هل ثمرةُ وفائدة هذا الفن سلامة اللسان في النطق! وذاكَ في "علم النحو" !
إلى آخر هذا...
الحد في اصطلاح المناطقة : الجامع المانع
أي الجامع لجميع أفراده، ومانع من دخول غير أفراده فيه،
والحد إما تام أو ناقص
والتام : يتركب من جنس قريب ، وفصل
والناقص : يتركب من جنس بعيد ، أو متوسط ، وفصل ، أو من قريبين ( جنس وفصل ) ، غير مرتبين،
وأنا أن يكون التعريف :بالرسم
فيكون فصل وخاصة، أو غيرها
وهو أما بالتقسيم ، أو بالمثال ، أو باللفظي
هذا باختصار شديد
وجزاكم الله خيرًا
__________________
والله لوعلموا قبيح سريرتي**لأبى السلام عليَّ من يلقاني
ولأعرضوا عني وملُّوا صحبتي**ولبؤتُ بعد كرامةٍ بهوانِ
:
ا
الحد في اصطلاح المناطقة : الجامع المانع
أي الجامع لجميع أفراده، ومانع من دخول غير أفراده فيه،
والحد إما تام أو ناقص
والتام : يتركب من جنس قريب ، وفصل
والناقص : يتركب من جنس بعيد ، أو متوسط ، وفصل ، أو من قريبين ( جنس وفصل ) ، غير مرتبين،
وأنا أن يكون التعريف :بالرسم
فيكون فصل وخاصة، أو غيرها
وهو أما بالتقسيم ، أو بالمثال ، أو باللفظي
السبت، 19 فبراير 2011
الامام حسن البنا في ذكراه
الإمام حسن البنّا في ذكراه
بقلم : مرعي حميد
في فبراير تمر بنا ذكرى استشهاد الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، كان البنا فريداً في إيمانه العميق بربه ، وطموحه وهمته و ذكائه وفكره والتوفيق الذي انعم الله به عليه وعلى الأمة الإسلامية التي مثل لها رائد التغيير المنشود .
لقد خسرت امتنا برحيله ، مغتالاً على أيدي الشر والفساد في الأرض في 12 فبراير 1949 م ، قامة فذة كان لها بفضل الله عز وجل وتوفيقه شرف تربية جيل إسلامي جديد و وضع أسس فكر إسلامي وسطي و تأسيس كبرى الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة .
و هذا طرف من شخصية الإمام البنا بهذه المناسبة من خلال ابرز وابر عمل وإسهام له في حياته الحافلة إنّه تأسيس وانشأ جماعة الإخوان المسلمين .
لقد امتازت تلك الجماعة المباركة عن ما سواها من الجماعات الإسلامية السابقة لها تأسيا و اللاحقة بالميزات الثلاث الآتية :
أولاً : أخذها الإسلام بشموله فكراً وممارسة :
فالإسلام جاء لينظم حياة الناس في كل مجالات حياتهم : إعتقادية ، سياسية ، اقتصادية ، عسكرية ، تعليمية ، اجتماعية ، و حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يقل لأبي بكر الصديق أو غيره من الصحاب ان يتولوا شؤون إدارة الدولة ويتفرغ هو لتلقي الوحي وتعليم الناس أمور دينهم ، بل كان صلى الله عليه وسلم هو زعيم الدولة في الوقت الذي يتلقى الوحي ويعلم الناس أمور دينهم . وقد جاءت فكرة الفصل بين الدين والسياسة من خارج حدودنا ، من أوروبا التي عانت الأمرين من رجال الدين المسيحي الذي تم تحريفه وأصبح حرباً على البحث العلمي والتطور المعرفي فما كان من رموز التطوير والتحديث إلا ان عزلوا الكنيسة عن أمور الدين كواحد من نتائج النهضة الأوروبية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، بينما الإسلام هو دين العلم وهو الدين الذي تكفل الله بحفظه من أي تبديل أو تحريف . و جماعة الإخوان المسلمين مثلما آمنت بشمولية الإسلام فكراً فقد آمنت به ممارسة ، فالإخوان كانت لهم ولا تزال ـ ومنذ أيام الإمام المؤسس ـ إسهامات ومحاولات للإسهام في مجال نشر العلم الشرعي عبر علمائهم وفقهائهم وفي المقدمة منهم الشيخ سيد سابق مؤلف كتاب فقه السنة ، و الشيخ محمد الغزالي والشيخ عبدالفتاح أبوغدة والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي صاحب أكثر من مئة مُصنف في شتى علوم الشريعة وفنونها والشيخ عبد المجيد الزنداني مؤسس ورئيس جامعة الإيمان اليمنية والشيخ محمد احمد الراشد والشيخ راشد الغنوشي و للأستاذ سيد قطب كتابه الموسوعة [في ظلال القران ]، وما أكثر ما قدمه علماء الإخوان من كتب إلى المكتبة الإسلامية فهي زاخرة بإنتاجهم العلمي والدعوي والتربوي والسياسي والاقتصادي الفذ ، وحين سُئل الإمام البناء : لماذا لا تؤلف الكتب ؟ ، أجاب : أنا أؤلف الرجال الذين يؤلفون الكتب .
والى جانب الكتب هناك الصروح العلمية كالجامعات والكليات والمعاهد و المدارس والحلقات القرآنية . وفي مجال العمل السياسي شارك الإخوان في مصر ودول أخرى في المواسم الانتخابية و كانت لهم بصماتهم الواضحة في الحياة السياسية و في أحيان شاركوا في الحكومات الوطنية في أقطارهم كاليمن والسودان والجزائر وفلسطين . وفي مجال التربية الروحية كان اهتمام الإخوان متواصلاً بالترقي بأفرادهم في مدارج العبودية لله عز وجل ويتبين ذلك من نشاطاتهم التي تستهدف هذا الجانب كالإعتكافات و المبيتات وزيارات المقابر و المواظبة على أذكار الصباح والمساء والورد القرآني اليومي وصيام التطوع ، وفي مجال العمل الخيري الإنساني لا يجادل منصف في الدور الكبير للإخوان أينما حلوا في هذا الجانب ، وفي المجال العمل الجهادي شهدت فلسطين ولا تزال بطولات الإخوان الفذه : الشيخ احمد ياسين ، عبدالعزيز الرنتيسي ومحمود صيام و صلاح شحاذة و في أفغانستان برز في الجهاد ضد الاحتلال الروسي وهناك التمعت قائمة جهادية كبرى هي الشيخ عبدالله عزام ، وشهدت قناة السويس جهاد الإخوان ضد الاحتلال البريطاني في ( حرب الاستنزاف ) ، و في مجال التبليغ لم يدخر الإخوان جهداً لتبليغ دعوة الله إلى الناس بالحكمة والموعظة الحسنة و الجدل بالتي هي أحسن ، وفي كل مجال للإخوان سهم ونصيب
ثانياً : اعتمادها فكرة التنظيم الحركي :
جاء الإمام البناء بفكرة التنظيم الحركي الذي يضم بين جوانحه شباب الدعوة وقياداتها و يؤطرهم بما يضمن استيعاب اكبر وامتن لطاقاتهم و قدراتهم ، لقد شهد العالم الإسلامي من قبل الإمام البناء مشايخ و مفكرين إسلاميين كبار مثل رشيد رضا و محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ولكن فكرهم سرعان ما يذبل وينزوي ، أما البناء فقد جاء بفكرة التنظيم الإسلامي الذي يحفظ على الفكرة حية مُحيية ولو توارى صاحبها الأول ، تؤتي أكلها كل يوم بإذن ربها وتوفيقه وتأييده رغم المحاولات من خصوم الدعوة و أعدائها لوأدها و القضاء عليها سواء في مصر أو تونس أو سوريا أو قطاع غزة وغيرها .
المرحلية والتدرج في الخطوات واحدة من ابرز صفات جماعة وفكرة الإخوان المسلمين التي ميزتها ، والتدرج له مراحل ومستويات متعددة منها المتعلق بأولويات التغيير المجتمعي : تكوين الفرد المسلم و الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي والخلافة الراشدة ، ومن مستويات التدرج ، التدرج في انجاز مشروع التغيير المنشود الذي يوفر للأمة شروط مجدها و عزتها و أمنها و استرداد كرامتها ، وذلك صدى للحديث النبوي (( ان المنبت لا ارض قطع ولا ظهر أبقى )) فالعجلة دائماً مآلها الفشل والندامة وفي التأني النجاح والسعادة ، وقد قيل (( من استعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه )) ، و أثبتت التجارب أنّ سياسة حرق المراحل مصيرها الفشل وضياع الجهود والطاقات
انتشر فكر الإخوان من مصر أم الدنيا إلى أنحاء الدنيا عبر أربعة معابر ، وفكر الإخوان اليوم ومدرسة الإخوان المسلمين تنتشر اليوم في نحو ثمانين دولة في العالم ، والمعابر الأربعة هي :
1ـ إرسال الدعاة من مصر إلى خارجها مثلما أرسل الإمام البناء الأستاذ الفضيل الورتلاني إلى اليمن مطلع أربعينيات القرن المنصرم وكان له تأثير بالغ في قيام أول ثورة ضد الاستبداد الأمامي هي الثورة الدستورية في فبراير من عام 1948م ولكنها فشلت لضعف الوعي الشعبي بها وبأهدافها وبالظرف الذي نشأت فيه .
2ـ إخراج قادة الإخوان ورموزهم من مصر من قبل الأنظمة التي توالت الحكم في مصر .
3ـ الكتب التي ألفها الإخوان المسلمين وانتشرت في بقاع العالم ومنها رسائل الإمام الشهيد حسن البناء .
4 ـ الطلبة الوافدين إلى مصر من مختلف الأقطار العربية والإسلامية وسواها للدراسة بجامعاتها و معاهدها .
بقلم : مرعي حميد
في فبراير تمر بنا ذكرى استشهاد الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، كان البنا فريداً في إيمانه العميق بربه ، وطموحه وهمته و ذكائه وفكره والتوفيق الذي انعم الله به عليه وعلى الأمة الإسلامية التي مثل لها رائد التغيير المنشود .
لقد خسرت امتنا برحيله ، مغتالاً على أيدي الشر والفساد في الأرض في 12 فبراير 1949 م ، قامة فذة كان لها بفضل الله عز وجل وتوفيقه شرف تربية جيل إسلامي جديد و وضع أسس فكر إسلامي وسطي و تأسيس كبرى الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة .
و هذا طرف من شخصية الإمام البنا بهذه المناسبة من خلال ابرز وابر عمل وإسهام له في حياته الحافلة إنّه تأسيس وانشأ جماعة الإخوان المسلمين .
لقد امتازت تلك الجماعة المباركة عن ما سواها من الجماعات الإسلامية السابقة لها تأسيا و اللاحقة بالميزات الثلاث الآتية :
أولاً : أخذها الإسلام بشموله فكراً وممارسة :
فالإسلام جاء لينظم حياة الناس في كل مجالات حياتهم : إعتقادية ، سياسية ، اقتصادية ، عسكرية ، تعليمية ، اجتماعية ، و حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يقل لأبي بكر الصديق أو غيره من الصحاب ان يتولوا شؤون إدارة الدولة ويتفرغ هو لتلقي الوحي وتعليم الناس أمور دينهم ، بل كان صلى الله عليه وسلم هو زعيم الدولة في الوقت الذي يتلقى الوحي ويعلم الناس أمور دينهم . وقد جاءت فكرة الفصل بين الدين والسياسة من خارج حدودنا ، من أوروبا التي عانت الأمرين من رجال الدين المسيحي الذي تم تحريفه وأصبح حرباً على البحث العلمي والتطور المعرفي فما كان من رموز التطوير والتحديث إلا ان عزلوا الكنيسة عن أمور الدين كواحد من نتائج النهضة الأوروبية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، بينما الإسلام هو دين العلم وهو الدين الذي تكفل الله بحفظه من أي تبديل أو تحريف . و جماعة الإخوان المسلمين مثلما آمنت بشمولية الإسلام فكراً فقد آمنت به ممارسة ، فالإخوان كانت لهم ولا تزال ـ ومنذ أيام الإمام المؤسس ـ إسهامات ومحاولات للإسهام في مجال نشر العلم الشرعي عبر علمائهم وفقهائهم وفي المقدمة منهم الشيخ سيد سابق مؤلف كتاب فقه السنة ، و الشيخ محمد الغزالي والشيخ عبدالفتاح أبوغدة والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي صاحب أكثر من مئة مُصنف في شتى علوم الشريعة وفنونها والشيخ عبد المجيد الزنداني مؤسس ورئيس جامعة الإيمان اليمنية والشيخ محمد احمد الراشد والشيخ راشد الغنوشي و للأستاذ سيد قطب كتابه الموسوعة [في ظلال القران ]، وما أكثر ما قدمه علماء الإخوان من كتب إلى المكتبة الإسلامية فهي زاخرة بإنتاجهم العلمي والدعوي والتربوي والسياسي والاقتصادي الفذ ، وحين سُئل الإمام البناء : لماذا لا تؤلف الكتب ؟ ، أجاب : أنا أؤلف الرجال الذين يؤلفون الكتب .
والى جانب الكتب هناك الصروح العلمية كالجامعات والكليات والمعاهد و المدارس والحلقات القرآنية . وفي مجال العمل السياسي شارك الإخوان في مصر ودول أخرى في المواسم الانتخابية و كانت لهم بصماتهم الواضحة في الحياة السياسية و في أحيان شاركوا في الحكومات الوطنية في أقطارهم كاليمن والسودان والجزائر وفلسطين . وفي مجال التربية الروحية كان اهتمام الإخوان متواصلاً بالترقي بأفرادهم في مدارج العبودية لله عز وجل ويتبين ذلك من نشاطاتهم التي تستهدف هذا الجانب كالإعتكافات و المبيتات وزيارات المقابر و المواظبة على أذكار الصباح والمساء والورد القرآني اليومي وصيام التطوع ، وفي مجال العمل الخيري الإنساني لا يجادل منصف في الدور الكبير للإخوان أينما حلوا في هذا الجانب ، وفي المجال العمل الجهادي شهدت فلسطين ولا تزال بطولات الإخوان الفذه : الشيخ احمد ياسين ، عبدالعزيز الرنتيسي ومحمود صيام و صلاح شحاذة و في أفغانستان برز في الجهاد ضد الاحتلال الروسي وهناك التمعت قائمة جهادية كبرى هي الشيخ عبدالله عزام ، وشهدت قناة السويس جهاد الإخوان ضد الاحتلال البريطاني في ( حرب الاستنزاف ) ، و في مجال التبليغ لم يدخر الإخوان جهداً لتبليغ دعوة الله إلى الناس بالحكمة والموعظة الحسنة و الجدل بالتي هي أحسن ، وفي كل مجال للإخوان سهم ونصيب
ثانياً : اعتمادها فكرة التنظيم الحركي :
جاء الإمام البناء بفكرة التنظيم الحركي الذي يضم بين جوانحه شباب الدعوة وقياداتها و يؤطرهم بما يضمن استيعاب اكبر وامتن لطاقاتهم و قدراتهم ، لقد شهد العالم الإسلامي من قبل الإمام البناء مشايخ و مفكرين إسلاميين كبار مثل رشيد رضا و محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ولكن فكرهم سرعان ما يذبل وينزوي ، أما البناء فقد جاء بفكرة التنظيم الإسلامي الذي يحفظ على الفكرة حية مُحيية ولو توارى صاحبها الأول ، تؤتي أكلها كل يوم بإذن ربها وتوفيقه وتأييده رغم المحاولات من خصوم الدعوة و أعدائها لوأدها و القضاء عليها سواء في مصر أو تونس أو سوريا أو قطاع غزة وغيرها .
المرحلية والتدرج في الخطوات واحدة من ابرز صفات جماعة وفكرة الإخوان المسلمين التي ميزتها ، والتدرج له مراحل ومستويات متعددة منها المتعلق بأولويات التغيير المجتمعي : تكوين الفرد المسلم و الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي والخلافة الراشدة ، ومن مستويات التدرج ، التدرج في انجاز مشروع التغيير المنشود الذي يوفر للأمة شروط مجدها و عزتها و أمنها و استرداد كرامتها ، وذلك صدى للحديث النبوي (( ان المنبت لا ارض قطع ولا ظهر أبقى )) فالعجلة دائماً مآلها الفشل والندامة وفي التأني النجاح والسعادة ، وقد قيل (( من استعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه )) ، و أثبتت التجارب أنّ سياسة حرق المراحل مصيرها الفشل وضياع الجهود والطاقات
انتشر فكر الإخوان من مصر أم الدنيا إلى أنحاء الدنيا عبر أربعة معابر ، وفكر الإخوان اليوم ومدرسة الإخوان المسلمين تنتشر اليوم في نحو ثمانين دولة في العالم ، والمعابر الأربعة هي :
1ـ إرسال الدعاة من مصر إلى خارجها مثلما أرسل الإمام البناء الأستاذ الفضيل الورتلاني إلى اليمن مطلع أربعينيات القرن المنصرم وكان له تأثير بالغ في قيام أول ثورة ضد الاستبداد الأمامي هي الثورة الدستورية في فبراير من عام 1948م ولكنها فشلت لضعف الوعي الشعبي بها وبأهدافها وبالظرف الذي نشأت فيه .
2ـ إخراج قادة الإخوان ورموزهم من مصر من قبل الأنظمة التي توالت الحكم في مصر .
3ـ الكتب التي ألفها الإخوان المسلمين وانتشرت في بقاع العالم ومنها رسائل الإمام الشهيد حسن البناء .
4 ـ الطلبة الوافدين إلى مصر من مختلف الأقطار العربية والإسلامية وسواها للدراسة بجامعاتها و معاهدها .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)