السبت، 19 فبراير 2011

مصر .. الثورة المتصاعدة

رشفات سياسية 8
مصر .. الثورة المتصاعدة
بقلم : مرعي حميد
الأولى : ربيع الغضب :
تعيش شعوبنا العربية فجراً جديداً للحرية ، عصراً جديداً لها كشعوب تعيش بكرامة ، تأبى الخنوع ، ويكن لها العز الذي تنشده ، امة تضع حد لطغيان من هم في سدة السلطة فيها أياً كانت ألقابهم : رؤساء ، ملوك ، امرأ . تعيش كل ذلك وأكثر على وقع الثورتين التونسية والمصرية ، تصحو في كل صباح وتنام في كل مساء وهي تسمع وترى [ ثورة علهواء ] ، انه ربيع (الغضب) العربي ـ فنحن نعيش فصل الربيع و ذلك الغضب هو ربيع الشعب ان أراد الحياة ، وللكاتب الكبير محمد حسنين هيكل كتاب ( خريف الغضب ) ومنه استعرت الوصف ـ غضب عارم فاعل ايجابي على حكام طاب لهم الكرسي وإن اتهموه بأنه نار، حكام استمرءوا الاستبداد ونهب الثروات الخاصة بشعوبهم ، حكام لا يترددون في تحويل أوطانهم إلى خادم لمشروع الحركة الصهيونية في فلسطين ليحظى الحاكم و زبانيته برضاء سادة البيت الأبيض وغفلوا عن الحقيقة الكبرى ان شرعيتهم الحقيقية تكمن في يد الشعب لا أعداء الشعب ومصاصي دمائه .
دروس جديدة قدمتها الثورة المصرية للشعوب والحكام ليس في العالم العربي فحسب ، بل في كل أرجاء المعمورة .
لقد زلزلت الكلمات السحرية (( الشعب يريد إسقاط النظام )) الطغاة على عروشهم وأصابت سر الداء السياسي في دولنا في مقتل .
الثانية : إسقاط رهانات الحكام :
لدى الحكام العرب على وجه التحديد رهانات عديدة راهنوا عليها للبقاء والاستمرار وممارسة نزوات الاستبداد ومصادرة الكرامة والوطن وبيع مواقفه في أسواق النخاسة العالمية لمن يدفع أكثر أو يسكت على جرائم الجاثم على الكرسي أو يضمن بقاء الكرسي تحت الزعيم المحنط أو شبه المحنط ، وهذه الرهانات التي أسقطتها :
1 ـ استحالة الثورة لان الشعب فاقد الحيلة ويأس ولن يدفع ثمنها من قتلى و جرحى وتعذيب بأقسى أساليب التعذيب و الإهانة .
2 ـ إمكانية التوريث ولو عبر انتخابات زائفة .
3 ـ تمازج الوطن والأسرة الحاكمة .
4 ـ تمازج و تماهي الوطن والحزب الحاكم أو حزب الحاكم .
5 ـ إبقاء سراديب العصابة الحاكمة في العتمة بعيدة عن الأضواء ،
6 ـ إمكانية ممارسة الاستبداد وبدون حدود لقمع المعارضين .
7 ـ تأبيد الحكم أو إمكانية تمديده وتمطيطه بذريعة رغبة الشعب ( الجارفة ) أو بحجة ان الحاكم فلتة ويجب الحفاظ عليه في موقعه و بعد الثورة المصرية وقبلها التونسية أصبح تسقيف مدد الحكام ضرورة لازمة لامناص و لا مهرب منها ، وأصبحت القاعدة (( خذ فترتك وامش محترم أحسن لك من ثورة تقلعك )) .
8 ـ الشعب مات ولا حراك فيه ، ولا خوف من ميت ، وبالتالي اصنع ما بدا لك ما دمت مطيعاً لسدنة البيت الأبيض و الحركة الصهيونية .
9 ـ القداسة المصنوعة المنفوخة المتصورة والمتخيل ثباتها وتحققها في قلوب الشعب عبر الصور في كل مكتب وزقاق وعمود كهرباء وعلى صفحات الصحف وعبر الأغاني الوطنية والتهاني الزائفة بمناسبات هي ملك الشعب أصلا وانفضاح الأبواق التي تطبل وتزمر للحكام الظلمة الطغاة العتاة كالقنوات والصحف الرسمية والكتاب المأجورين أمثال مجدي الدقاق و عبدالله كمال .
10 ـ انتخابات صورية ديكورية وفوز بنسبة 99% والذهاب بعدها لوصف الحاكم انه ديمقراطي ولا أروع ، و بذل وصف ( الديمقراطي ) أو (الشعبي ) أو (الديمقراطي ) على الحزب الحاكم أو توليفة من ذلك وغيره . لقد فضحت ثورة 25 يناير المصرية مدى أكاذيب النظام المصري وزيفه وهو يخوض الانتخابات ويعلن فوزه الساحق الماحق ، وهناك أنظمة عربية مماثلة له لعل أوان افتضاحها قد أزف .
الثالثة : للعزة ثمن :
أكثر من 300 شهيد تصدوا بصدورهم العارية ـ إلا من إصرارهم المتين على اقتلاع الدكتاتور والديكتاتورية ـ لرصاص قوات الأمن التي حاولت الاستماتة للحفاظ على حكم الطاغية ، شهداء أبرار قدمتهم مصر الكنانة لتتفلت من استبداد وطغيان حسني مبارك وابنه جمال ، و بعض اضطرابات و آلام رافقت الثورة ولا تزال ، وأضرار طالت الكثير من الممتلكات على يد عصابات آل مبارك ، وفي ذلك الجو حاول البعض ، ولا يزال ، النيل من ثورة الشعب المصري وتخويفه من عواقب ثورته والهشاشة المتوقعة لثمرتها و تخويفهم بل ذهب بعض ( الأكابر) يسمون الثورة الفذة بـ ( الفتنة ) في توصيف معيب يسير في ركاب الطغاة والطغيان أو على الأقل يمثل خور فيهم وتفضيلاً منهم لما يظنون انّ فيه السلامة ، إنه (( لابد للأمة من ميلاد ولابد للميلاد من مخاض ولابد للمخاض من آلام )) كما قال المفكر الإسلامي المصري العملاق سيد قطب ، وهذا ما شهدناه ونشهده في مصر الثورة المتصاعدة ، و كما قال سيد كذلك أنّ (( ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية وأن الذين لا يرهبون الجاه والسلطان يرهبهم الجاه والسلطان )) وقد قال الشاعر التونسي الفذ أبو القاسم الشابي :

وللأوطــان ِ فـي دم كل حر يــدٌ سـَلـَفـَتْ ودَينٌ مُستـَحـَقُ

ومَنْ يـَسقي ويشــربُ بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسقــَوا ويَسقـُوا؟

ولا يبــني الممالكَ كالضحايا ولا يـُدنِي الــحقوقَ ولا يُحِقُ

فــفي القتل ِ لأجيـالٍ حـَياة ٌ وفي الأسرى فدىً لهمو وعـِتقُ

وللـحُريِّةِ الـــحـَمـراءِ بابٌ بكـل ِ يَــدٍ مُضَــرَّجَـةٍ يُـدَقُ

الرابعة : هل يبزغ حكم الإخوان المسلمين ؟ :
لقد كان للإخوان المسلمين في مصر ـ كما الإخوان التونسيين ـ دور مقدر في الثورة يتضح ذلك من نهوضهم بمهمة الحراسات في الإحياء السكنية حين اختفت الشرطة غير مأسوفاً عليها ، ومن خلال حراستهم لمداخل ميدان التحرير بشكل خاص ، وبصمات الإخوان التنظيمية بارزة للعيان في كثير من تفاصيل الثورة ، ولذا نجد الآن ، وأكثر من أي زمن مضى ، يسعى النظام المصري المتعفن المنهار لإقناع العالم ومنه الأحزاب والتيارات المصرية على ضعفها وديكورية بعضها ان أي انتخابات وديمقراطية حقيقية في مصر سيجني ثمرة ذلك الإخوان المسلمين ، ولعله قد تمكن من إقناع الكثيرين بذلك ، ولكنني أقول ان من يحسم هذا الأمر لا حسني و لا الناطق باسمه والمسبح بحمده ( عمر سليمان ) ـ يُسمى نائب رئيس ـ ، ولا تحسمه أمريكا ولا الحركة الصهيونية ولا الحكام العرب المذعورين ، إنما يحسمه الشعب المصري الثائر ثورته العملاقة ، الدرس الذي ننام ونصحو على إيقاعه العبقري ، الفذ . و ان النجاح النهائي للثورة لابد لأجله من كنس كل رموز النظام المتهاوي إلى مزبلة التاريخ دون إعطائهم فرصة لالتقاط الأنفاس . ان الغرب وأذنابه ومنذ القديم لا يحرصون على شيء حرصهم على منع بروز أي نموذج حقيقي لحكم الإخوان المسلمين حتى لا يكون منارة تهتدي بها الشعوب المسلمة التواقة إلى استعادة الحرية والعزة والكرامة .

الخامسة : آن للملكيات أن ترحل :
لقد كان المشهور في عالمنا العربي ان تتحول الجمهوريات عملياً إلى ملكيات ، ولكن في اعتقادي ان الذي حدث في مصر وتونس يعكس هذا التفكير والطرح رأساً على عقب ، لقد آن الأوان لتختفي الملكيات في وطننا العربي لتحل الجمهوريات الحقيقية في كل الأرجاء ، إني أتساءل : من أعطى أولئك الملوك والأمراء الثروات المادية تحت السطح ؟ لا احد ، أم أنهم هم أوجدوها ؟ لا وألف لا ، وهذه الشعوب في دولهم متى امتلكوهم أو استعبدوهم وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟ كانت مصر ملكية وسقطت فيها الملكية عام 1952م ، كانت ليبيا ملكية وسقطت فيها الملكية في الفاتح من سبتمبر 1969م ، كان شمال اليمن مملكة وسقطت في 26 سبتمبر 1962م ، و آن للملكيات المتبقية ان ترحل ، انه لابد من قدر كامل أو كبير من الديمقراطية وبالقدر الذي يعيد للناس حاجتهم الماسة للشعور بالكرامة والحرية ، وبما يضمن لهم الأمن الداخلي والعيش الرغيد ، إن الشعب هو صاحب المصلحة الحقيقية في الثروة والسلطة سواء كان الشعب يعيش في جمهورية أو ملكية .
السادسة : دماء جديدة للديمقراطية الكلية :
أثبتت أحداث مصر جدوى النموذج الغربي في الحكم الحديث ، وفضحت الخائفين من الديمقراطية مادامت ستفضي إلى نتيجة لصالح الإسلاميين ، اوليس انتخاب الإسلاميين هو حق للشعب إن أراد ؟ أم أنّ الشعب يصبح بذلك مجنون ، قاصر ، يستحق الحجر عليه بحرمانه هذا الخيار ، أم أنّ ذلك لا يصح وغير مقبول انتخابهم إلا ان كانوا متطرفين صهاينة على شاكلة الأرعن المعتوه أفيغدور ليبرمان . مبدأ غير مكتوب مفاده لنرفض الديمقراطية ما دامت أنها ستأتي بأناس غير ديمقراطيين ، يا أخي ماهو انتم أثبتم أنكم مفلسين من الديمقراطية فلما تريدوا من الآخرين ما انتم فقراء منه [ فاقد الشي لا يتبجح به ] . و يبقى هذا الحديث رمياً بالغيب ، وحيلة قذرة سخيفة للحفاظ على السلطة ، لان أولئك المتلفعين بالديمقراطية يدركون ان الشعوب هويتها إسلامية و طبيعي ان تختار الإسلاميين ان أتيح لها انتخابات حرة ونزيهة ثم ان الإسلاميين سيحكمون الحكم الصالح الرشيد الذي سيجعلهم وباستمرار يحظون بثقة الغالبية من شعوبهم في المواسم الانتخابية وتركيا العدالة والتنمية خير مثال وبالتالي يثق أولئك الأدعياء الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على الشعب ان الانتخابات تضمن خروجهم من السلطة وتضمن عدم عودتهم مرة أخرى فأولوياتهم غير أولويات شعوبهم .
لن تنتظر الشعوب ديمقراطية ينعم بها البيت الأبيض على الشعب مرغماً الحكام عليها ، بل ستهب لتصنع ديمقراطيتها بدون شروط الغرب وألاعيبه وتفضيلاته للأقرب إليه من الأحزاب والتيارات في أوطاننا .
السابعة : زعماء ينتهون بما يليق بهم :
ماذا لو لم يثر الشعب المصري ضد حسني مبارك و طغمته ؟ لاستمر مبارك معزز مكرم حتى يموت فتخرج الملايين الأسيفة تشيعه ، وتتسمر ملايين أخرى متأسفة أمام الشاشات لرحيل قائد الطيران الحربي في معركة الشرف العربي 1973 ، لو كان ذلك حدث لمنح ارفع الألقاب وأصبح قبره مزاراً للجماهير ، ولكن جاءت الثورة المصرية وفضحت الفرعون المحنط و حرمته النهاية التي يعتقد أنها تشرفه وتليق به لينتهي النهاية التي تليق برجل مستبد متجبر مختلس لمال شعبه بل الذي كانت مصر في عهده مجرد بيدق في جيش الحركة الصهيونية ، لقد كان نتيجة عناد حسني مبارك الذي قال عن نفسه أنّ لديه دكتوراه في العناد ، كان نتيجة عناده أن ديست كرامته وفي كل العواصم ، ولعل زعيماً سواه لم يتعرض لما تعرض له من إهانات ولعنات وفي الأخير سيرغم على الرضوخ لرغبة الشعب الذي أراد الحياة وسيرحل أو يتمنى ان لو كان قد رحل ولكن مصيراً أسواء ينتهي إليه .
الثامنة : (( شعب مصر في وجه فرعونه وابنه )) ..
كما كتبت ذلك في مقال نشر مطلع العام الماضي 2010 ـ أو قبل حلوله ـ بعنوان (( قاطعوا مصر يرحمكم الله )) وقد كتبت فيه : ومصر الرسمية وهي تبني جدارها المشين إنما تبني جدار متين بين ماض، به بعض خير إلى جانب كثير من الشر والبغي، وحاضر ومستقبل خالص الشر والبغي لحساب بقاء المبارك للمشروع الصهيوني والانهزامي و الخياني وتوريث ابنه [نعش] الحكم ،الإبن الذي يقتفي خطاء أبيه بل وهو على الاستعداد ليذهب إلى ابعد ما يذهب إليه أبيه في الإخلاص للمشروع الخياني.
واقترحت فيه (( مظاهرات عارمة يحرق فيها علم مصر وصور حسني مبارك وابنه جمال والمجرم الصهيوني الأرعن محمود عباس ،ترفع فيها شعارات نحو : ليسقط النظام المصري ،ليسقط حسني مبارك ، ليسقط العملاء ، ليسقط الخونة ولتسقط الخيانة .
(( كتابة هذه الشعارات في ملصقات ونشرها وتثبيتها في كل مكان :جدران ،سيارات، نشرها في المواقع والمنتديات الالكترونية حتى يقوم شعب مصر في وجه فرعونه وابنه. ))
(( الدعاء على فرعون مصر وابنه وخاصة في الثلث الأخير من الليل ونحن في نوم ليل طويل في أيام الشتاء هذه و بإمكاننا أن ننهض منه من اجل إخواننا في غزة وان ندعو الله أن يعجّل بهلاك الطاغية وابنه .))
(( نشر موجة العداء للنظام المصري العميل أوساط الشعوب العربية والإسلامية ))

وكتبت (( وكل هذا حتى يقف شعب مصر وقفة رجل أو وقفة مقاومة من غزة ، في وجه نظامهم العميل الخائن المتعفن الذي سامهم ويسومهم الويلات )) ، وقد حفلت رشفات سياسية بالحديث عن نظام الفرعون المتعفن .
وكتبت في رشفات سياسية 6 في سياق الحديث عن انتخابات مجلس الشعب المزورة في نوفمبر 2010م (( لقد كان الهدف الأساسي [ من مشاركة الإخوان ] حرمان النظام المصري المتعفن من التبجح بالديمقراطية والمشروعية ، وفي المقابل غدا الإخوان يمثلون إلى حد كبير إرادة الشارع المصري فيما يفتقد الحزب ( الوطني الديمقراطي !!!) أي تمثيل لإرادة الشعب المصري إنما هم حُثالة من اللصوص و الحرامية والبلطجية بل و غدا الأمن المصري في الواقع الجناح العسكري للحزب الوطني الحاكم بالزور والبهتان وأصبح الميل للخيار غير السلمي للوصول إلى السلطة حق وطني للإخوان ولغيرهم في ظل استقوا الحزب الحاكم بالدولة و افتقاده الشرعية والمشروعية و رفضه العملي لمبدأ التداول السلمي للسلطة ))
فبراير2011 ــــــــــــــ mraham70@gmail.com

هناك تعليقان (2):

  1. عرفتنا انا واحد انت تدرسه
    في الصف السابع ( ب ) في الميزه الثانيه في الوسط
    خلف علي سعيد و علي عوض
    عندي عبدالله رمضان
    الذي عنده هو انا

    ردحذف