إهتمام غير مسبوق يبديه الخارج بأزمات اليمن المتفاقمة ، والمؤكد الوحيد أنّ الولايات المتحدة والغرب تخشى من استفحال تنظيم القاعدة في اليمن ، والمملكة العربية السعودية تخشى ما تخشاه أمريكا والغرب إضافة إلى خوفها من الحركة الحوثية في اليمن । واعتقد أنّ الأطراف الخارجية المذكورة محتارة في كيفية التصدي لهذين التحديين : القاعدة و الحوثيين ،وذلك للأسباب التالية : 1ـ اعتقادهم أنّ النظام الراهن الثابت فيه انه نظام فاسد ومراوغ وزئبقي ومستعد لبذل جهود خارقة لنسج الأكاذيب وتزييف الوقائع وبالتالي لا يمكن الوثوق به ومن ذالك تزويده بالمال اللازم ليقوم بصرفها لحل المعضلتين ، والشكوك الكبيرة لازالت تحوم حول (فرار )كل القيادات الحالية للقاعدة من السجن المركزي بصنعاء ॥2ـ وجود بيئة يمنية تساعد على نمو مطرد لمصدري التحدي تتمثل في انتشار نقمة شعبية على النظام بسبب فساده واستبداده وإغلاقه أمل التغيير السلمي وهذا يمثل فرصه لمزيد تجنيد لصالح مصدري التحدي ولأي طامح يستطيع أن يدغدغ أحلام الناس في التغيير ।3ـ استحالة التدخل العسكري المباشر فأمريكا غارقة حتى الركب في أفغانستان والعراق ، أما السعودية فان لديها جيش غير مستعدة لتطارد به الأشباح في اليمن .وكل هذه المعضلات ليس لها حلاً ممكناً عبر السلطة وهذا هو مصدر حيرة تلك القوى في كيفية التصرف لمنع خطر تعاظم القاعدة و الحوثيين .ولذا فان افتراضات الحل هو إما إحداث تغيير في سلوك السلطة أو تغيير السلطة برمتها .وأي تفكير خارج هذا الإطار هو نوع من العبث وإضاعة الوقت و الحراثة في البحر وقبض الريح . والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل بالإمكان تغيير سلوك النظام ؟ والجواب هو لا ، فمن شب على شي شاب عليه ، والطبع يغلب التطبّع وبالتالي فهذا خيار لا يمكن إتباعه ، ولم يبق كخيار للحل إلا تغيير النظام .و لان السياسة فن الممكن وليست فن المستحيل ، فإنّ كاتب هذا المقال ، كمتابع وباحث في حاضر اليمن وتاريخه الحديث والمعاصر ومهتم بساحات الفعل السياسي الدولي ، يطرح الأفكار العملية التالية لتلك القوى المتدخلة : أولاً :أعلنوا خطئكم في التعامل سابقاً مع النظام الحاكم منذ مايو 1997على أساس انتخابات غير نزيهة .ثانياً : عرّوا هذا النظام الذي يستند إلى بعض شهاداتكم / مجاملاتكم له عن ممارساته ، وفي هذا السياق اكشفوا عدم شرعيته كونه منذ ابريل 1997 يقوم على انتخابات غير نزيهة ، و الانتخابات النزيهة هي مصدر الشرعية والمشروعية الوحيد في اليمن .ثالثاً : قاطعوا هذا النظام فاسحبوا سفرائكم و أعيدوا سفراءه ولا تستقبلوا مسئوليه ولا ممثليه . ، الم تنسحب جنوب إفريقيا من رابطة الشعوب البريطانية ـ الكومُنولْث في عام 1961م، إثر انتقادات بقية أعضاء الرابطة بسبب سياستها العنصرية.الم تعلن إدارة رونالد ريغان مع وصولها إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية سياسة (( الارتباط البنّاء )) المتشددة مساندة لشعب جنوب أفريقيا وهذا دفع حكومة جنوب أفريقيا إلى إعلان سياستها المتشددة المعاكسة (( الإستراتيجية الشاملة )) ، ثم ومنذ عام 1986م طبقت دول السوق الأوروبية ودول الكومنولث والولايات المتحدة حظرًا تجاريًا في بعض السلع على جنوب إفريقيا. وكان الهدف من ذلك إجبار حكومة جنوب إفريقيا على إلغاء سياسة التمييز العنصري ، وقد آتت تلك السياسات الخارجية الرادعة ثمرتها ، لا بل ثمارها ، وما يُمارس في اليمن هو أسوءا من التمييز العنصري حيث تستأثر حفنة من الناس قليلة بالسلطة والثروة ، والمستفيدين من نظام جنوب أفريقيا العنصري هم بالتأكيد اكبر عدداً من فساد النظام الحاكم في اليمن منذ مايو 1997 ، وإذا كانت مساوئ نظام جنوب أفريقيا العنصري كانت محصورة في الداخل فان مساوئ السلطة الراهنة في اليمن تجاوزت الداخل ليصل شررها إلى الجوار والى ابعد من الجوار ، وها انتم تصطلون بنيرانه خسائر مالية ربما تهون عند خسائر الجوار البشرية على يد الحوثيين الذين هم في نشأتهم ، كطالبان أفغانستان ، صنيعة نظام يُعجبه اللعب بالنار التي ما توشك تحرق جسده وثيابه ومعه أمن ومقدرات وطن هو في أمس الحاجة لها ، وهي واحدة من إفرازات الحكم حين يسيء استخدام السلطة والثروة .رابعاً : عززوا وضع اللقاء المشترك في الخارج والداخل لأجل مصلحتكم في الداخل اليمني الذي يغلي كالمرجل .واللقاء المشترك مستعد لتقبل الدعم من اجل مصلحة اليمن ، ولكن ليس على حساب الولاء للوطن حقاً وصدقاً ، اعقدوا مع اللقاء المشترك تحالفاً من اجل اليمن الذي يهمكم أمر الاستقرار فيه .خامساً : اعترفوا بحكومة وحدة وطنية يعلنها المشترك في الخارج كحكومة شرعية لليمن على غرار حكومة فرنسا الحرة ، فاليمن في الواقع تعيش احتلال نظام لا يملك شرعية في الحكم ، ويكون لتلك الحكومة قناتها الفضائية وإذاعتها و إعلامها المتكامل . وبعد الاعتراف ضعوا معها خطة طريق تخرج اليمن من النفق المظلم ، خطة ترتكز على : إقامة نظام ديمقراطي تعددي فعلي يحافظ على وحدة اليمن ويعمل من اجل تحقيق طموحات الشعب في الأمن والكرامة والتنمية ووقف مسلسل الفساد المالي والإداري ونهب مقدرات البلاد والمساعدات القادمة من الخارج ، وبالتالي فان خطوة كهذه تحرم مصدرا التحدي من القدرة على مزيد من التجنيد فالناس لا يريدوا أن يموتوا ولكن أن يعيشوا بكرامة وعيش آمن ميسّر॥ وتتولى حكومة المنفى دعوة الجيش اليمني للانضمام إلى الشعب و الشعب إلى الإضرابات والعصيان المدني وهذه كفيلة بتفكك نظام صنعاء وتهرئه وهو الجاني على نفسه من خلال إصراره على العبث بحاضر اليمن ومستقبلها لصالح رموزه ومتنفذيه .وختاماً ... دعوا هذا النظام والعقلية البائسة لتسقط ..لا تمدوها بمقومات البقاء أكثر والبديل موجود إن كنتم صادقين ، ولا تستمعوا للنظام و لا لأذناب النظام الذين يقولون بخلاف ذلك ليصور لكم النظام بطرقه المعروفة أن لا بديل له وبالتالي لا تفكروا بغيره مخرج لليمن من أزماته المتفاقمة .لقد جرب الشعب اليمني وجربتم هذه العقلية الحاكمة فوجدها و وجدتموها فاشلة إلا من صنع مزيد من الخراب . وبالتالي فمن ناحية علمية بحته عليكم أن تجربوا عقلية أخرى مختلفة ، أليس الحزب الاشتراكي يمتلك في صفوفه أعداد كبيرة من العقليات الوطنية في الجنوب ، وقيادة المؤتمر رفضت كل العناصر الوطنية الصادقة من الشمال والجنوب على حد سوى ، أليس التجمع اليمني للإصلاح يمتلك ولاء معظم العقليات الوطنية الناضجة في الشمال وعقليات ناضجة من الجنوب ، لقد آن لكم أن تدفعوا بالعقليات الناضجة الوطنية لقيادة دفة الأمور في اليمن البئيس ، وانتم بدعمكم لنظامه الفاشل تتحملون قدراً من المسؤولية عن السوء الذي يقبع في قاعه . الم يوجد الاشتراكيون دولة للنظام والقانون في الجنوب ، الم يشارك الاصلاحيون وبجدارة تعرفونها في السلطة منذ ابريل 1993 وحتى ابريل 1997، إذن فكونوا معهم لينهضوا بوطنهم ويطببوا جراحه التي تهددكم . انتم في سياستكم وممارستكم لا يوجد لكم صديق دائم ولا عدو دائم ولكن مصلحة دائمة ، فكونوا مع مصلحتكم التي تكمن في أن يحكم اللقاء المشترك و إلى جانبه القوى الوطنية الحقيقية في اليمن ، إنّ خطواتكم في هذا السبيل لن تندموا عليها ولكن ستندموا إن كانت على الجبهة الأخرى كما انتم الآن نادمون لوقوفكم منذ زمن مع سلطة أوصلت اليمن إلى ما لا يعجبكم ولعلكم كنتم مطلعين على تكتيكاتها واستراتيجياتها ولكن كنتم تضنون خيراً فلم تجنوا سوى الندامة والقلق ومهددين في كل صباح ومساء بالمزيد من ذلك .إنكم حين تسحبون اعترافكم بشرعية نظام صنعاء الراهن لن تكونوا أول من يقوم بمثل هذا ولن تكونوا أول من يعلن هذا فتكسبوا وقوى التغيير نقمة بدل التأييد ، لقد سبق للمشترك أن أعلن ذلك أثناء انتخابات 2006 الرئاسية ، رددوا ما يقوله اللقاء المشترك وستتحقق أهدافكم على الساحة اليمنية ، وستكسبون اليمن .. كل اليمن إلا نظامها الفاسد المفسد، إنّ اللقاء المشترك يضم كل ألوان الطيف السياسي اليمني ويمثل حقاً النسيج اليمني ، والقاعدة لا تحارب فقط بالسلاح الناري ولكن كذلك بالفكر الإسلامي الوسطي الذي لا يمت له المؤتمر الشعبي الحاكم بصلة فهو غارق في قاع العفونه ولا يصدق وسطيته احد حتى نفسه . هذه الخطوات الممكن أن تسهموا بها في إحراز التغيير نحو الأفضل في اليمن لو كنتم صادقين ..[ مُلحق بالمقال تجارب (حكومات منفى ناجحة ) ]يناير 2010م
تجارب ناجحة لحكومات المنفى
أولاً : حكومة فرنسا الحرة : دخلت القوات الألمانية باريس في 14 يونيو 1940م. وكانت الحكومة الفرنسية قد هربت من العاصمة من قبل. وأصبح بول رينو رئيسًا لوزراء فرنسا في مارس. أراد رينو أن يستمر في الحرب، لكن كثيرًا من جنرالاته وهيئة القيادة العسكرية اعتقدوا أن المعركة من أجل فرنسا قد خسرت واستقال رينو، ووافقت حكومة فرنسية جديدة على هدنة في 22 يونيو.وبموجب شروط الهدنة احتلت ألمانيا ثلثي الشمال من فرنسا وشريطًا على طول المحيط الأطلسي غربي فرنسا، وظل جنوب فرنسا تحت الإدارة الفرنسية. وأصبحت فيشي عاصمة الأجزاء غير المحتلة من فرنسا. وترأس المارشال هنري بيتان، وهو بطل فرنسي في الحرب العالمية الأولى حكومة فيشي، وتعاون إلى حد كبير مع الألمان، وفي نوفمبر 1942 م احتلت القوات الألمانية فرنسا كلها.هرب أحد ألوية الجيش الفرنسي إلى بريطانيا ذلك هو شارل ديجول الذي رفض الاستسلام وحث الشعب على أن يستمر في القتال ضد ألمانيا عبر الإذاعة الموجهة إلى فرنسا، وعرفت القوات التي تجمعت حول ديجول بقوات فرنسا الحرة.وفي بريطانيا، قام ديجول بتنظيم القوات الفرنسية الحرة الموجودة هناك، وفي بعض المستعمرات الفرنسية مثل المغرب العربي. وفي سبتمبر عام 1941م، أصبح رئيسًا للهيئة الوطنية الفرنسية في لندن. وبحلول عام 1943م، وافق الحلفاء على أن يصبح ديجول قائدًا للفرنسيين المقاتلين بلا منازع.وفي أغسطس عام 1944م، دخل ديجول باريس مع الحلفاء مكلّلاً بالنصر. وفي سبتمبر، أصبح رئيسًا للحكومة المؤقتة، إلا أنه قدم استقالته في يناير عام 1946م.ثانياً : كمبوديا بينما كان نورْدوم سيهانوك رئيس كمبوديا خارج البلاد، أطاح به عدد من أعضاء حكومته وذلك في مارس 1970م فلجأ إلى بكين، بالصين، وشكل حكومة في المنفى مناصرة للشيوعيين. وبنهاية عام 1970م، اندلعت الحرب في جميع أرجاء كمبوديا بين القوات الحكومية والقوات الشيوعية. وانتهت الحرب بانتصار الشيوعيين عام 1975م.أعطى الشيوعيون المعروفون بالخمير الحمر، سيهانوك منصب رئيس الدولة، لكنهم لم يمنحوه أي دور مهم في الحكومة. وفي عام 1979م أطاح شيوعيون آخرون، تدعمهم فيتنام، بالخمير الحمر واستولوا على الحكم. وفي عام 1982م أصبح سيهانوك رئيسا لائتلاف ضم مجموعات معارضة لحكومة البلاد الجديدة. وفي مايو 1987م أخذ إجازة تغيب من رئاسة الائتلاف. وبعد انتخابات عام 1993م، عاد ليكون ملكًا مرة ثانية، وأصبح ابنه راناريد رئيسًا للوزراء، إلا أن راناريد اختلف مع هون سين الرئيس الثاني للوزراء الذي حاكمه غيابيًا في أوائل 1998م.ثالثاً : النرويج :في بداية الحرب العالمية الثانية (1939م) حاولت النرويج أن تبقى على الحياد، لكن في 9 إبريل عام 1940م قامت ألمانيا بغزو النرويج ومهاجمة جميع موانئها البحرية في الوقت نفسه، وقد قاتل النرويجيون ببسالة لمدة شهرين تساعدهم بعض القوات البريطانية والفرنسية والبولندية. وفي 10 يونيو من ذلك العام استسلمت النرويج، وهرب الملك هاكون السابع وحكومته إلى لندن وشكلوا حكومة في المنفى. وقام البرلمان بتعيين أحد المتعاونين النرويجيين معهم وهو فيدكون كوسلينغ رئيسًا لوزراء النرويج.بدأ جيش نرويجي للمقاومة السرية القيام بأعمال التخريب ضد قوات الاحتلال الألمانية، وكانت هذه القوات قد تم تدريبها أساسًا للاشتراك في غزو الحلفاء المرتقب للنرويج. وقد هرب نرويجيون آخرون من بلادهم، ليتدربوا في السويد وبريطانيا، استعدادًا للغزو، وشارك البعض في غارات الكوماندوز (الفدائيين) البريطانية داخل النرويج وكان الألمان يقومون بعد كل غارة بإعدام وتعذيب عدد كبير من النرويجيين السجناء.أما طيارو المقاتلات النرويجيون فقد كان يتم تدريبهم في كندا، وينطلقون من قواعد لهم في بريطانيا وأيسلندا، في الوقت الذي كان الأسطول التجاري للنرويج يقوم فيه بنقل إمدادات الحرب للحلفاء. وقد شارك الأسطول البحري النرويجي في حماية سفن الحلفاء، ثم شارك في غزو فرنسا عام 1944م.في 8 مايو 1945م وبعد سقوط ألمانيا استسلم الـ350,000 جندي ألماني الموجودون في النرويج، وفي 7 يونيو عاد هاكون السابع إلى النرويج منتصرًا في الذكرى الأربعين لاستقلال البلاد.
بقلم : مرعي حميد
الجمعة، 5 فبراير 2010
عاجل إلى المتدخلين في شأن اليمن لو كانوا صادقين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق