السبت، 13 ديسمبر 2014

الإسلام ... مسؤلية من ؟

الإسلام ... مسؤولية من ؟؟ بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث يتضمن الإسلام العظيم ثلاثة محاور أولها القيم ومنها القيم التعبدية والقيم العقدية والقيم الإنسانية والقيم السلوكية ، وثانيها الأحكام كأحكام الصلاة والصيام والحج و العقوبات ( الحدود ) ، وثالثها محور الأخلاق كالصدق والأمانة والحياء . و في زمن يُنصّب الكثيرون أنفسهم متحدثين وأوصياء على الإسلام يطرح السؤال نفسه : من يتحمل مسؤولية الإسلام ؟ ويتساءل البعض : هل نحن في حاجة إلى دولة اسلامية لتطبقه أم إلى خلافة اسلامية ؟؟ .. مسؤولية عامة : إنّ مسؤولية الإسلام تقع على عاتق جميع المسلمين كل بحسب قدرته وعلمه واستطاعته ، وقد جاءت النصوص قاطعة بهذا الخصوص : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )) ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ )) . وهي أوامر بوسع كل مسلم القيام بها ، وبعض الاسئلة الآنفة ذات طابع تسلطي أو سلطوي ، ينظر اصحابها الى الاسلام كحدود فقط تنتظر من يطبقها وينسون ان معظم شعائر الاسلام بالإمكان تطبيقها دون الحاجة لا الى ( دولة اسلامية ) ولا الى ( خلافة اسلامية ) ، ولكنهم يُغلبون في نظرتهم جانب واحد ووحيد من جوانب الاسلام الحنيف . وينبغي الامتناع عن التصوير للفرد المسلم أن أمر هو واجب عليه مع انه في الواقع ليس بواجب ، وهناك نصوص كثيرة يستخدمها اولئك المصورون في هذا السبيل لخدمة فكره او تصور لديهم . في زمن النبوة كان كل المسلمين مكلفين بذات التكاليف ولم يحدث ولم يحل هذا التبعيض لمهمات الإسلام و أعمال المسلمين ، وهو حادث يخالف حقيقة الاسلام ومنهج القرآن ، ففي سياق هذه الآية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) جاءت هذه الآيات : ((وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ )) (( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . فالعمل للإسلام كما العمل به ليس حكراً ولا قصراً على المنتسبين للعلم أو الفقه أو ( الجماعات الاسلامية ) بل هو لكل المسلمين ومطلوب منهم بحسب قدراتهم و طاقاتهم ووسعهم ولا تمييز بينهم في هذا لا لون ولا لجنس ولا لوطن ... ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )) وقد قال الإمام مالك رحمه الله : (( لن يصلح حال آخر الأمة إلا بما أصلح به أولها )) . وقد أسماهم الوحي (( حزب الله )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )) (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) يقول الدكتور عبدالكريم زيدان في كتابه ( الفرد والدولة في الشريعة الاسلامية ) صـ 26 : فالجماعة مسؤولة عن تنفيذ أحكام الشرع و إدارة شئونها وفق هذه الاحكام ، وهذه المسؤولية تُستفاد من مجموع النصوص القرآنية وتؤيدها السوابق التاريخية الثابتة . فخطابات الشارع في القرآن الكريم موجهة الى جماعة المسلمين ، مثل قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )) ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) ((اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )) (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ)) (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)) فهذه نصوص و أمثالها تدل دلالة واضحة على مسؤولية جماعة المسلمين عن تنفيذ أحكام الشرع ومنها ما تعلق بجميع شئونهم )) . قال الدكتور السيد محمد نوح في كتابه ( فقه الدعوة الفردية في المنهج الإسلامي )صفحة 21 ـ22 : واذا كانت الدعوة الى الله تعالى واجبة ومفروضة على النحو الذي شرحنا ، فإنها مسؤولية المسلمين جميعاً ، يعني مطلوبة من كل المسلمين كل حسب طاقاته وامكاناته ، ولا يُعفى احد من القيام بهذا الواجب او هذا الفرض ، للأدلة التي قدمناها )) وليس بالضرورة ان يكون ضمن جماعة دعوية ما . وقال صفحة 23 : يقول الشيخ محمد عبده : ( جملة القول ان الدعوة الى الخير ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فرض حتم على كل مسلم )) ، وعن تأويل ( منكم ) الواردة في الآية الكريمة : ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) قال السيد نوح صـ 24 : و أما كونها للتبعيض فمعناه : انتم ايها المؤمنون مكلفون جميعاً بهذا الامر وعليكم في سبيل تطبيق هذا التكليف ان تختاروا وان تنتخبوا بعضاً او طائفة منكم لتقوم بهذا الواجب بل عليكم ان تؤازرها بتوفير حاجياتها التي تعينها على أداء مهمتها ، وبالوقوف من ورائها وحمايتها من سطوة طل جبار عنيد ، فالكل اذن في دعوة ، ولكن حسب طاقاته و امكاناته التي وهب الله عز وجل )) الجماعة الاسلامية : إنّ المسلمين مجتمعين يشكلون الجماعة الإسلامية ، منهاجها القرآن والسنة المطهرة و أسوتها و قدوتها وقائدها النبي صلى الله عليه وسلم وتحتاج في ما بينها الى التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، و قد قال الله تعالى في القرآن المخاطب به كل المؤمنين والمسلمين : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )) ، وقد جمعت هاتين الآيتين أفعال المؤمنين بما فيها الجهاد بكل أنواعه ومعانيه و أنّ المؤمنين هم أنفسهم المؤمنون في الخطاب العام ، كما تضمنت الحديث عن الدين الذي هو الاسلام و معتنقوه هم المسلمون ، ولا يستطيع فرد ولا تستطيع جماعة منذ فجر البعثة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها أن تزعم أنها هي فقط المُخاطبة بهذا الخطاب الإلهي ، وهو دليل قطعي أنّ جماعة المسلمين هي كل المخاطبين بالقرآن باعتبارهم المسلمين أو باعتبارهم المؤمنين . انه ليس لدينا إلا جماعة اسلامية واحدة ، تضم كل المسلمين و توجد بين أفرادها على وجه العموم القواسم المشتركة والصفات التالية : 1) الإيمان بالله وحده الهاً فرداً معبوداً حقاً ورباً صمداً خالق المخلوقات ومكون الاكوان ، ومحبته 2) الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً نزل عليه القرآن وحياً من الله تعالى ، ومحبته 3) الإيمان بالقرآن الكريم كتاباً منزلاً من الله تعالى ، والايمان وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والمعاملات والسلوك 4) اقامة الصلاة و ايتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام 5) الابتعاد عن الكبائر كالزناء والرياء في الاعمال وشرب المُسكرات 6) الحرص على ان تكون الذات مهتدية و كَذَلِكَ الآخر إرضاء لله ومحبة له والفرح لذلك ومن اخل بذلك كزناء او شرب خمر فانه يبقى في دائرة الاسلام وان قصر في الصلاة والصيام ، وهو أولى بالنصح والدعاء له بالهداية وحسابه على الله تعالى .... الالتزام بجماعة المسلمين ضرورة شرعية وبشرية : جاء فِي الحَدِيثِ الذي رواه أَبِو هُرَيْرَةَ : (( إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ )) وفي الحديث الصحيح : (( أحسنوا إلى أصحابي ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها ، و يشهد على الشهادة قبل أن يستشهد ،فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، و هو من الاثنين أبعد ، و لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان ، و من كان منكم تسره حسنته ، و تسوؤه سيئته فهو مؤمن " . صححه الالباني وقال في ( إرواء الغليل ) ((وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا )) وجاء في كتاب : الشريعة للآجري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل يعملون بهن » وذكر الحديث بطوله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وأنا آمركم بخمس أمرني الله تعالى بهن : الجماعة ، والسمع والطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ، فمن فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة (1) الإسلام من رأسه إلا أن يراجع » وفي شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال : (( والجماعة التي أمرهم بلزومها : السواد الأعظم ، وقالوا : كل ما كان عليه السواد الأعظم من أهل الإسلام من أمر دينهم فهو الحق الواجب والفرض الثابت ، الذى لا يجوز لأحدٍ من المسلمين خلافه ، وسواء خالفهم في حكم من الأحكام أو خالفهم في إمامهم القيم بأمرهم وسلطانهم ، فهو للحق مخالف . ذكر من قال ذلك : روى عن ابن سيرين قال : لما قتل عثمان ، رضى الله عنه ، أتيت أبا مسعود الأنصاري ، فسألته عن الفتنة ، فقال : عليك بالجماعة ، فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ، والجماعة حبل الله ، وإن الذى تكرهون من الجماعة هو خير من الذى تحبون من الفرقة . واحتجوا بما روى الأوزاعي قال : حدثني قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : ( إن بنى إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقةً ، وإن أمتى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهى الجماعة ) . وروى معتمر بن سليمان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله : ( لا يجمع الله أمتى على ضلالةٍ أبدًا ، ويد الله على الجماعة هكذا ، فاتبعوا السواد الأعظم ، فإنه من شذ شذ في النار ) . قال المؤلف : وحديث أبى بكرة حجة في ذلك لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) أمره بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ، فبان أن الجماعة المأمور باتباعها هي السواد الأعظم مع الإمام الجامع لهم ، فإذا لم يكن لهم إمام فافترق أهل الإسلام أحزابًا فواجب اعتزال تلك الفرق كلها على ما أمر به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أبا ذرّ ولو أن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت ، فذلك خير له من الدخول بين طائفة لا إمام لها خشية ما يئول من عاقبة ذلك من فساد الأحوال باختلاف الأهواء وتشتت الآراء . وقال صاحب العين : الدخن : الحقد ، ويوم دخنان : شديد الغم . وجاء في فتح الباري : قال الطبري اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة فقال قوم هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ثم ساق عن محمد بن سيرين عن أبي مسعود انه وصى من سأله لما قتل عثمان عليك بالجماعة فان الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ، وجاء في ( مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ) لـ الملا على القاري (( قال تلزم جماعة المسلمين أي طريقتهم وحضور جمعتهم وجماعتهم وإمامهم أي ورعاية إمامهم ومتابعتهم ومساعدتهم قلت فإن لم تكن لهم جماعة أي متفقة ولا إمام أي أمير يجتمعون عليه وهو يحتمل فقدهما أو فقد أحدهما قال فاعتزل تلك الفرق كلها أي الفرق الضالة الواقعة على خلاف الجادة )) ويقول لشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي : ((ولان جماعة المسلمين هي تنتخب امامها اعتبرت هي الحاكمة له والمحددة لاتجاهاته )) وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ، ويد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ إلى النار" ، . وممن قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود ، فروى أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة ، فقال : عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ، واصبر حتى تستريح أو يستراح من فاجر . وقال : إياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة . وقال ابن مسعود بالسمع والطاعة فإنها حبل الله الذي أمر به . ثم قبض يده وقال : إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة . وعن الحسين قيل له : أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أي والذي لا إله إلا هو ، ما كان الله ليجمع أمة محمد على ضلالة . فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ، ومن سواهم داخلون في حكمهم ، لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم ، فكل من خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان )) . تنظيمات ومدارس لا ( جماعات اسلامية ) : يحتاج المسلمون إلى تنظيمات للعمل الإسلامي العام كإطارات عمل لا يتوقف عليها ولاء ولا براء ، ومدارس ذات طابع ( علمي ودعوي ) لا إلى جماعات إسلامية تقوم على أساس الولاء بين اصحابها والبراءة ممن عداهم حتى من المسلمين ، فهي بهذا تكون سبب في تفرق صفوفهم وايجاد الخصام فيما بينهم ، فهذا منتمي وهذا غير منتمي ، وهذا منتمي للجماعة سين وذاك منتمي للجماعة صاد بحسبها ( جماعات ) ، وكل سبب في تفرقة الأمة الأصل فيه أن يُزال اعتصاماً بحبل الله ومنعاً من التفرقة المنهي عنها في كتاب الله (( واعتصموا ... ولا تفرقوا ..)) توجد في جماعة المسلمين مدارس فكرية ومدارس فقهية ومدارس دعوية ومدارس سياسية ، وان سُميت تلك المدارس فرق أو جماعات أو مذاهب أو أحزاب ، وينبغي أن تعيد كل منها النظر في تسميتها إن كانت تُدعى جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمون التي تحمل تسميها أكبر التباس فهي بالإضافة الى تسميتها جماعة فهي ( الإخوان المسلمون ) وكأنها قد تأسست لتضم كل المسلمين وكأن كل المسلمين لديهم امكانية التعرف عليها والاستعداد للانضمام الى صفوفها . وقد وصف الإمام حسن البناء مؤسس الجماعة الجو الذي ولد فيه هذا الاسم في كتابه ( مذكرات الدعوة والداعية ) فقال : ((وفي ذي القعدة سنة 347 1 هـ، مارس سنة 28 9 1 م - فيما أذكر - زارني بالمنزل أولئك الإخوة الستة: حافظ عبدالحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، زكي المغربي، وهم من الذين تأثروا بالدروس والمحاضرات التي كنت ألقيها، وجلسوا يتحدثون إلي وفي صوتهم قوة، وفي عيونهم بريق، وعلى وجوههم سنا الإيمان والعزم، قالوا: " لقد سمعنا ووعينا، وتأثرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين، ولقد سئمنا هذه الحياة: حياة الذلة والقيود، وها أنت ترى أن العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظ لهم من منزلة أو كرامة وأنهم لا يعدون مرتبة الأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب. ونحن لا نملك إلا هذه الدماء تجري حارة بالعزة في عروقنا، وهذه الأرواح تسري مشرقة بالإيمان والكرامة مع أنفسنا، وهذه الدراهم القليلة، من قوت أبنائنا، ولا نستطيع أن ندرك الطريق إلى العمل كما تدرك، أو نتعرف السبيل إلى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف، وكل الذي نريده الآن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدي الله، وتكون أنت المسئول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل، وإن جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه، وتموت في سبيله، لا تبتغي بذلك إلا وجهه، لجديرة أن تنتصر، وإن قل عددها وضعفت عددها". كان لهذا القول المخلص أثره البالغ في نفسي، ولم أستطع أن أتنصل من حمل ما حملت، وهو ما أدعو إليه وما أعمل له، وما أحاول جمع الناس عليه، فقلت لهم في تأثر عميق: " شكر الله لكم وبارك هذه النية الصالحة، ووفقنا إلى عمل صالح، يرضي الله وينفع الناس، وعلينا العمل وعلى الله النجاح. فلنبايع الله على أن نكون لدعوة الإسلام جندا، وفيها حياة الوطن وعزة الامة !. وكانت بيعة... وكان قسما أن نحيا إخوانا نعمل للإسلام ونجاهد في سبيله. وقال قائلهم: بم نسمي أنفسنا؟ وهل نكون جمعية أو ناديا، أو طريقة أو نقابة حتى نأخذ الشكل الرسمي؟ فقلت: لا هذا، ولا ذاك ،دعونا من الشكليات، ومن الرسميات، وليكن أول اجتماعنا وأساسه: الفكرة والمعنويات والعمليات. نحن إخوة في خدمة الإسلام، فنحن إذن" الإخوان المسلمون.". وجاءت بغتة... وذهبت مثلاً... وولدت أول تشكيلة للإخوان المسلمين من هؤلاء الستة: حول هذه الفكرة، على هذه الصورة وبهذه التسمية. )) . بل وحين نتأمل أهم شعارات هذه الجماعة التي هي اكبر الجماعات الاسلامية أفراداً وانتشاراً في الأرض نجده في معظمه ينطبق بنفس مقدار انطباقه على أفراد الجماعة تلك ينطبق على كل مُسلم ملتزم بإسلامه : (( الله غايتنا ، القرآن دستورنا ، الرسول قدوتنا )) ، وفي المقابل نجد جماعة اسلامية تعتبر كل مسلم مسؤول عن الدعوة الى الله تعالى وهي تعمل في سبيل أن يكون لهم نصيباً من هذا العمل الجليل . وحين تأمل ما يحدث من خصام بين أفراد أي جماعة إسلامية وبين من يخرج عنها نشكك في نوع ( الإخوة الإسلامية ) التي تربط أفرادها ، بل نجد خطرها على الإخوة الاسلامية برمتها وجوداً وعدماً بحسب انتماء الفرد إلى أحدها وثباته وعدم انتمائه و انفصاله عنها .وينطبق ذلك في أحيان على المدارس الفكرية ( الفرق) والمدارس الفقهية ( المذاهب ) والمدارس السياسية ( الأحزاب السياسية ) ، إنّ الإسلام لم يتحدث عن أمر ما من أمور الإسلام باعتباره من اختصاص مجموعة ما عليها أن تنهض وحدها لإنجازه . و شريعته لم تتحدث أنّ أي أمر من أمور الإسلام باعتباره خاص بالعلماء المسلمين أو الفقهاء إلا ما يتعلق بتأكيد مسؤولية أهل العلم والفقه عن ما امتحنهم الله به من تعليم وتفقيه . التحذير من التفرّق : حذر القرآن الكريم ، كما أهل العلم بأصول الشريعة ، من التفرق الحادث بسبب الاختلاف في الإنتماء ( المدرسي ) لمذاهب أو أحزاب أو جماعات أو نحوها : فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : (( وَأَمَّا " رَأْسُ الْحِزْبِ " فَإِنَّهُ رَأْسُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَحَزَّبُ أَيْ تَصِيرُ حِزْبًا فَإِنْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَهُمْ مُؤْمِنُونَ لَهُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ . وَإِنْ كَانُوا قَدْ زَادُوا فِي ذَلِكَ وَنَقَصُوا مِثْلَ التَّعَصُّبِ لِمَنْ دَخَلَ فِي حِزْبِهِمْ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي حِزْبِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَهَذَا مِنْ التَّفَرُّقِ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف وَنَهَيَا عَنْ التَّفْرِقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَمَرَا بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَنَهَيَا عَنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا } وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمْهُ وَلَا يَخْذُلْهُ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ : تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ ؛ فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ : يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ ؛ وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ ؛ وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ . وَيُشَيِّعُهُ إذَا مَاتَ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ } فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِيهَا أَمْرُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ؛ وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ } وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ . وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ } فَهَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهَا .)) جاء في كتاب ( العواصم من القواصم )) للقاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي : (( وأن من طبيعة التحزب والتعصب والتشيع أن يذهب بعقول أصحابه وأخلاقهم، ثم يذهب بحياتهم ودينهم، كما برهن على ذلك علم النفس الاجتماعي، وفي مقدمته الدكتور غوستاف لوبون )) .. و يقول الشيخ محمد قطب في كتابه (كيف ندعو الناس ) : (( ليس الخلاف في ذاته عيباً، وإن كان ينبغي أن تكون له ضوابط تضبطه، بحيث لا يصبح تعصباً لهوى في النفس، أو لشخص من الأشخاص، أو فرقة من الفرق. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون، ولكنهم لم يكونوا يفترقون، وهذا هو محور القضية . حين نختلف ونحن متجردون لله، متجردون للحق، فسيقل التنازع والشقاق والتشرذم دون شك، وتقل ظاهرة التحزب القائمة اليوم في العمل الإسلامي، والتي تؤدي إلى التعصب للرأي، وللفكر، وللقائد، وللجماعة، وللطريق )) . و من المهم أن يكون منشأ الخلاف والاختلاف طبيعي لا بحثاً عنه وقصداً له وتعمّدا . يقول الدكتور فتحي يكن في كتابه ( مشكلات الدعوة والداعية ) صـ 132 : (( وفي اعتقادي ان الحركة الاسلامية تأثرت الى حد بالجو الحزبي الذي تعيشه البلاد العربية في هذه الحقبة من الزمن ...حتى كادت تتلوث طبيعة العمل الاسلامي واساليبه ـ في بعض الاحيان ـ بالروح الحزبية الضيقة التي لا تتفق بحال ونزعة الانفتاح والانسانية في الاسلام . واذا قلت ان طبيعة العمل الاسلامي غير طبيعة العمل الحزبي ، فلان التصور العقيدي والمبادئ التشريعية والتوجيهية التي يقوم عليها المنهج الاسلامي لا تتفق في شيء مع ما تقوم عليه الحركات الحزبية من تصورات ومبادئ . 133 : الداعية المسلم يريد الخير لكل الناس .. ويسعى لإسعاد جميع البشر برسالة الاسلام .. لا يتعصب لجنس او لون ولا جماعة او حزب .. وانما هو روح جديدة تسري في جسم هذه الامة فتحييها بالحق . ونور وضياء ينير الدروب و يُحيي القلوب ويهدي الحيارى سواء السبيل ... وفي مقال له بعنوان (مشكلات المثقف ) يقول الدكتور عبدالكريم بكار : (( التحزب أو الانحياز الفكري خطر آخر يهدد المثقف المسلم وغير المسلم. إن عظمة الأفكار تكمن في قدرتها على الرفرفة، وفي طلاقتها وقدرتها على التعبير عن الكرامة الشخصية والتعبير عن حرية الإدراك والقرار. وهذه السمات تشكل الأساس الذي نمنح بناء عليه المصداقية للمجتهد والمفكر والداعية. إن المفكر الحر لا يستند في حريته الفكرية إلى التأبي على المساومة والتوظيف من قبل أصحاب المال والنفوذ فحسب، وإنما يملك إلى جانب ذلك المنهج الذي يمكنه من مقاومة (التأطير) الذي يهدد كل صانعي الخطاب. هناك فرق كبير بين مفكر اتخذ من مبادئه وعقيدته وخلاصة تجربته خلفية فكرية وثقافية توجهه، وإطاراً يتفاعل معه، ويتحرك في داخله، وبين مفكر انتسب إلى حزب أو جماعة أو مؤسسة، أو صار موظفاً لدى دولة، فأصبح ولاؤه الجديد عبارة عن إطار داخل الإطار الإسلامي، وأحياناً يتحول إطاره من إطار صغير إلى إطار كبير يتداخل مع الإطار الإسلامي، وهذا يعني أن ذلك المثقف أو المفكر صار منحازاً إلى رؤية جزئية أو اجتهاد فئوي، أو صار معبراً عن مصالح ضيقة لا تتطابق مع مصالح الأمة. ليس هناك خطورة كبيرة في الأصل في أن يجد المرء نفسه ميالاً إلى اجتهاد دعوي أو إصلاحي دون غيره، لكن من المهم أن يكون على وعي بأنه مهدد بالتقزم الفكري والانحسار في الفهم للخريطة الفكرية والثقافية التي يجب أن يدركها، ويستحضرها عند تحليله وتقويمه للأشياء. وحين يتوفر هذا الوعي فإن المثقف المسلم سيعمل دائماً على محاولة التحرر من قيود ثقافته وانتماءاته وذلك من خلال رؤية الأشياء من زوايا متعددة، ومن خلال الحرص على تفهم طروحات الآخرين والحرص على إنصافهم )) ويقول في مقال (المعادلات الصعبة (2) ) : كثر الناقدون للعمل الجماعي على صعيد الدعوة إلى الله -تعالى- وخدمة الإسلام، وأُلِّف الكثير من الكتب التي توضّح عيوب بعض الجماعات، وتشنّع على الانضمام إلى أي جماعة إسلامية. في المقابل فإن كثيرًا من أتباع الجماعات الإسلامية ينظرون إلى الدعاة والناشطين الإسلاميين الذين يعملون فرادى على أنهم لم يدركوا فوائد العمل الجماعي، ولم يدركوا الأخطار التي تتهدد الأمة، والتي تقتضي من الجميع رص الصفوف ووحدة الكلمة، ويصاحب ذلك نوع من الإزدراء للمنجزات، وقد يصل الأمر إلى حد الاتهام بالتخذيل وإذهاب الريح. حين يعمل الإنسان مع جماعة، فإنه يكسب الكثير من الأشياء، فهناك من يخطط له، ويشجعه، ويوفر له الإطار للعمل، كما يوفر له درجة من الانتماء الملموس والمحدد، وكثيرًا ما يكون العمل الجماعي حرزًا للشباب من الانحراف والعطالة. وحين يعمل الإنسان بمفرده، فإنه يشعر بالحرية، ولا يجد نفسه ملزمًا بسياسات وخطوات ليس مقتنعًا بها، كما أنه يتحمل مسؤولية أعماله، ويختار قراراته. وبالإضافة إلى هذا فإنه يسلم من داء التحزّب والتعصّب الذي ابتُلي به كثير من أتباع الجماعات الإسلامية، ويسلم بذلك من الكثير من الغيبة والنميمة...الخ. ويقول الدكتور بكار في مقاله (شباب حائر (3) ) : (( والعمل الجماعي ليس غاية في حد ذاته، لكنه وسيلة لإنجاز ما لا يمكن إنجازه على نحو منفرد. والمهم دائمًا هو النتائج. بعض الناس يضيع الكثير من الواجبات وتفتر همته إذا عمل بمفرده، فهذا يسعى إلى التعاون مع غيره، مع أن عليه أن يكون يقظًا لأمراض العمل الجماعي من التحزّب والعصبية ومديح الذات وإثارة النزاعات مع الجماعات الأخرى... وبعض الناس يستطيع أن يبدع إذا كان بمفرده، فلا حرج عليه في ذلك، لكن ليكن مستعدًا للتعاون مع غيره عند الحاجة وبذل النصح لمن يحتاجه. ولا مانع من أن يتعاون الإنسان مع عدد من الجماعات والجهات في آن واحد؛ لأن المطلوب ليس ارتباطًا يشبه الارتباط الأسري، لكن المطلوب هو تحقيق أفضل النتائج والعمل بفاعليّة وهمّة ونشاط .لنجعل من اكتشاف أنفسنا واكتشاف محيطنا العمل الذي لا يتوقف، ولا نملّ منه، ومن خلال ذلك سوف نتخلص من الكثير من أشكال الحيرة )) . لا احتكار ولا اكراه : إنّ كل الأفراد مسؤولون ، و كل الأحزاب وكل التنظيمات وكل ( الجماعات ) مسؤولة عن الاسلام كل بقدر الفرصة الممكنة له وبقدر ما مكنه الله من أسباب . إنه لا يصح أن يتحدث فرد ينتسب للإسلام باعتباره هو وحده من يتحمل مسؤولية تطبيق الإسلام أو أن تطبيق أحكامه لن يحدث إلا عن طريقه ، إن هذا حين يحدث ينطوي على قدر هائل من حب التسلط على رقاب الخلق اكثر مما هو حرص على تطبيق أحكام الله التي يمتنع لأجلها الاكراه والقسر ، إنما يقبل عليها المسلم اقتناعاً لا إرغاماً ، وطلباً لمرضاة الخالق لا المخلوقين ، انه يندفع لها ويباشرها إيماناً بالله وحرصاً على ثباته على الطاعة . إن التعبد في أبسط معانيه هو حب تام وذل تام لله تعالى . إن كل مسلم لا يجوز له فرض قناعاته واختياراته على الآخرين ، وطبيعتها ترفض الفرض المادي . و لكن المطلوب منه أن يسعى لإقناعهم بها وتوجههم للأخذ بها فكراً وممارسة . تحكيم الشريعة أهمية ومسؤولية ؟ تحكيم الشريعة فريضة وشعيرة من شعائر الإسلام ، لقول الله تعالى : ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) , ولقوله : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) ، ولقوله : (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) ، غير أن هذه الشعيرة والسعي للقيام بها لا تقلل من شأن ومكانة واهمية ما عداها ، تماماً كما أن ما عداها لا يقلل من أهميتها . وهي مهمة جميع المسلمين ، لا كما اصبح يظهر من انها مهمة المنتسبين الى العلوم الشرعية والفقهية والدعوة الى الحق ، وبالإمكان تحكيم الشريعة الاسلامية عبر مجالس النواب التي تتولى وضع واقرار القوانين والتشريعات الرسمية ، ولكن من دون الانتقاص من طبيعة النظام السياسي . مهمة العلماء والفقهاء والدُعاة : تنحصر مهمة العلماء والفقهاء والدعاة العامة في بيان مسؤولية كل مسلم في المجتمع الاسلامي عن تطبيق الاسلام في حياته الشخصية والأسرية ودعوة الناس إلى الإسلام بالحسنى والموعظة الحسنة وأن لا يحصروا الإسلام في أي محور من محاوروه الثلاثة ( القيم , الأحكام ، الأخلاق ) . فيصوّر للناس أنه إن قاموا بها فقد قاموا بالإسلام وان انهدم فبئس انتسابهم إليه وصار فارغ المضمون ، ومن ذلك الحصر حصر الاسلام في تنفيذ الحدود ( العقوبات التي فرضها الشارع الحكيم ) . إنّ الأولى بالعلماء والفقهاء والدعاة أن يتقنوا وظيفتهم في البلاغ والبيان والتبيين والدعوة الى الإسلام بكل شرائعه وشعائره بالحكمة والموعظة الحسنة ، وايضاح واجبات المسلم وصفات الشخصية المسلمة وأن يحافظون على أن يستمر دورهم وعملهم على هذا الصعيد من غير عرقلة وتوقف ، وذلك يحدث حين ينخرطون وبصورة مباشرة في النشاط السياسي وحين يُصدرون أنفسهم بأنهم هم فقط من يستطيع تحكيم الشريعة الإسلامية وأن الشريعة لا يمكن أن تُطبق الا بكسبهم وعملهم ، والعبرة بالنتائج لا بالشعارات ، كما يذهبون يؤسسون الاحزاب السياسية وينافسون على مقاعد البرلمانات والحكومات ، ومن هذا لم تجني الدعوة الاسلامية إلا التعويق والانقطاع والتراجع ولم يجنون هم سوى العنت والتعذيب و القتل . والمهم إعادة مسؤولية هذا الأمر إلى مجموع الجماعة الاسلامية . إنّ من صميم واجبهم الاسهام في تخريج وتربية وتعليم من ينهضون بكافة التكاليف الشرعية و يلتزمون بالسلوك الإسلامي أينما كان عملهم وحيثما استقر بهم في ريف أو في مدينة ، في سهل أو في جبل ، حتى لا يأتي الضرر على الإسلام والمسلمين وسمعتهما من حيث أرادوا تقديم المنفعة والنهوض بالوطن التي هي واجبات الجميع باعتبارهم مؤمنون وشركاء في العمل من أجل الإسلام ومن أجل الوطن .إن الوقت الذي يصنع فيه العالم والفقيه والداعية الحواجز السياسية والحزبية بينهم وبين الناس فانهم يتخلون بطريقة مباشرة عن مهمتهم وتخصصهم الذي يتقنونه للعامة . إنّ شهوة التسلط في الدين وعبر الدين يجب أن تُميتها هذه الشريحة من الناس التي هي لكل الناس ، يجب أن يزهدوا في هذا الميل الذي كذلك هم غير متخصصين في مجالاته وغير مدركين لأعماق العمل السياسي وأبعاده ومدارسه . كما أن من واجبهم أن لا يسخروا علمهم وفقههم لصالح هوى الحاكم و نزوات الحكم ، فيكون الحق والرشد والعدل نصب أعينهم على الدوام سواء وافق رغبة السياسي أم عارضها فليست الطاعة إلا في المعروف . انه كما يحرص العلماء بالإسلام على التخصص ويبدع أحدهم كلما كان متخصصاً ويتقبل الناس منه كلما كان مخلصاً ومتخصصاً : فقه ، تفسير ، عقيدة ، فان لكل مجال آخر من مجالات الحياة تخصص ويحسن فيه التخصص و يبدع فيه المتخصص ... لقد أثبتت أحداث الزمان و أحوال البلاد العربية والاسلامية صحة هذا الأمر و نجاعته عبر عقود من الزمن ، فكل صاحب تخصص لا يفارقه و لا يحشر نفسه في زاوية لم يتهيأ لها ولم يتخصص في علومها ..ورحم الله امرؤ عرف قدر نفسه ...ورحم الله امراء اهدى إلي عيوبي ... إن غرس هم الحق والعدل والفضيلة هي القدر المشترك الذي يحتاجه أبناء الوطن وأفراد الأمة وهنا تحديداً تكمن مهمة العلماء والفقهاء والدعاة وينبغي أن لا يتزحزحوا عن هذه الثغرة وهذه المهمة وأن لا ينصرفوا إلى ما يصرفهم عنها أو يكون سبب يحول بينهم وبينها . وتوريث علمهم وفقههم للراغبين من أبناء الأمة وتحريضهم عليه في المساجد والمدارس والكليات الجامعية وهذه هي رسالتهم في الحياة التي نذروا أنفسهم لها وتحسين مستوى أدائهم لها وابتكار واستيعاب الوسائل الحديثة في هذا السبيل ، ولا بأس بأن ينصح أحدهم الحاكم أو المسؤول بما هو خير و أبرك عاقبة له ولمن يتحمل أعباء المسؤولية عنهم ولكن بما لا يوغر الصدور و لا يُثير الأحقاد و يتسبب في حدوث الصراعات والنكبات ، وليلتمس أحدهم السبل التي لا تحول بينه وبين رسالته ولا بينه وبين قدرته على النصح ، والمؤمن كيّس فطن يهتم بالمضمون لا بالمظهر . ولم يطلب الله تعالى منهم إلا بما يستطيعون ولم يكلفهم إلا قدر وسعهم ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا)) ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) . مسؤولية تنمية مجتمعات المسلمين و إدارتها من يقوم بها ؟ : يقوم بهذه المسؤولية الجليلة والعمل النبيل من يختاره أهل تلك المجتمعات عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والمباشرة الرئاسية والنيابية والمحلية التي تستلزم حرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب السياسية المدنية وحرية الاختيار من دون استخدام للنص المقدس ولا المال العام ولا الممتلكات العامة في كل ما يتصل بالأحزاب السياسية والانتخابات ومجمل العملية السياسية والعمل السياسي التنافسي ، وهي تعتبر جزء مهم من التطبيق المعاصر للشورى وهي تدخل ضمن تطبيقات الديمقراطية ، يقول الدكتور وهبة الزُحيلي في حوار معه نشرته جريدة المستقلة اللندنية العدد 81 بتاريخ 27/11/1995م : سمعنا خطأ أن بعض القادة المتطرفين يقولون أن الديمقراطية كفر والدعوة اليها لون من الوان الكفر وانه لا يمكن ان يلتقي الاسلام مع المبادئ الديمقراطية الحديثة . وهذا خطاء محظ . الواقع أن الاسلام في جوانب كثيرة هو دين الديمقراطية صحيح أن الديمقراطية تعطي الحق في انشاء وتشريع القوانين بغالبية ما يُسمى بالمجالس البرلمانية او النيابية او الشعبية ، تعطيهم الحق في تقرير القوانين التي يرونها ، فحينئذ قد يكون هناك تعارض بين هذا المنحى وبين شرع الله ، التشريع في الاسلام في أصوله لله عز وجل ، لكن دور هذه المجالس البرلمانية اذا كانت تستمد قوانينها من الاصول العامة للإسلام في مبدئه عندئذ اكثر هذه القوانين ما هي الا قوانين تنظيمية لا تعارض الاسلام . واذا كانت هذه القوانين لا تتعارض مع الاسلام فحينئذ من السهولة بمكان القول بالتقاء الديمقراطية مع الاسلام ، اذا راعينا أحكام شرع الله ودينه واخذنا بالمفهوم الكلي لتطبيق واحتواء ما جاء به الاسلام . كلام نفيس للدكتور عبدالكريم زيدان : و للدكتور عبدالكريم زيدان كلام نفيس أودعه كتابه القيّم (اصول الدعوة) ، الذي هو كتاب أخذته جماعة الإخوان المسلمين بالقبول و الاستنهاج ، نضعه هنا بنصه لأهميته ووضوحه : (( ومن المعوقات الخارجية للدعوة موقف الحكام من الدعوة والدعاة : الغالب في موقف الحكام في أغلب الأقطار الإسلامية ـ من الدعوة والدعاة إلى الإسلام سواء كانوا أفراداً أو جماعات هو موقف الشك والارتياب ، فالحكام يظنون بالدعاة ظن السوء وبالتالي تضيق صدورهم بهم وبدعوتهم حتى يصل بهم الحال إلى حد مخاصمتهم ومنعهم من دعوة الناس إلى الإسلام ثم إلى التضييق عليهم بالحبس أو بالإبعاد . ولا شك أنّ هذا الموقف من الحكام عائق قوي لسير الدعوة ولعمل الدعاة ، ولكن ما سبب هذا الموقف من الحكام نحو الدعاة ، والحكام مسلمون ، والدعاة مسلمون ، ودعوتهم إلى الإسلام وهو دين الجميع الحكام والمحكومين ؟ والجواب ـ على ما أرى ـ أنّ الحكام يعتقدون بأن هؤلاء الدعاة يعملون على زعزعة حكمهم وتقويض سلطانهم أو سلبهم هذا السلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام ، والحكم أو السلطان شيء عزيز على النفوس وشيء غالي ونفيس لا تجود به النفس بالتخلي عنه ولا بمسامحة من يظن الحاكم أنه يريد سلب الحكم منه أو زعزعته وتقويضه ليستولي عليه الآخرون . وما يزيد خطورة موقف هؤلاء الحكام من الدعاة ودعوتهم أنّ الدعاة وفيهم من يسمون بـ ( علماء الدين ) أو بـ ( رجال الدين ) يعتقدون أنه لا بد من اتخاذ أحد موقفين من الحكام : موقف المداهنة أو موقف المخاصمة . وبناء على ذلك فمن يحس في نفسه الضعف فإنه يُؤثر موقف المداهنة فيأخذ بمداهنة الحاكم صاحب السلطان ابتداء من غض الطرف عن سيئاته وظلمه وانحرافه عن نهج الإسلام في الحكم وانتهاء إلى مدحه بالرغم من سوء أفعاله . وأما من يحس في نفسه القوة من الدعاة أو علماء الدين أو من الجماعات فيعتقد أن الإسلام يأمره بموقف المخاصمة مع الحكام فإنه يأخذ بالمخاصمة ابتداء من النقد الشديد الخفي وانتهاء بالتحريض على الثورة على هؤلاء الحكام ، وكلا الموقفين غير صحيح ويعتبر عائقاً قوياً لسير الدعوة المبرورة وفتنة للحكام والمحكومين ومعوقا للناس من الاستجابة للدعوة إلى الإسلام . وبيان ذلك : ان الحكام يجدون في مداهنة بعض الدعاة لهم لا سيما من يُسمون برجال الدين او بـ ( علماء الدين ) مبرراً شرعياً او فتوى شرعية على صلاح منهجهم في الحكم وعلى مشروعية سوء افعالهم . كما أن في موقف المداهنة فتنة للناس ؛ اذ يجعلون من هذه المداهنة مبرراً لرفضهم الاستجابة لدعوة الدعاة المخلصين إلى الإسلام او الانضمام إلى جماعتهم لما يرونه من مداهنة البعض للحكام . كما أن في موقف المخاصمة ـ الدعاة للحكام ـ فتنة للحكام والدعاة ولعموم الناس . اما وجه الفتنة للحكام فتظهر في تشديد الايذاء للدعاة بحُجة أن الدعاة ظالمون لبدئهم بالمخاصمة مع الحكام ، والبادئ أظلم ، وأما وجه الفتنة للدعاة فإن الحكام بالحاق الأذى والضرر بالدعاة والمضايقة لهم يحمل بعضهم على التخلي عن العمل الدعوي ، كما سيؤدي إلى شلل الدعوة وتوقفها في جميع مجالاتها لانشغال من بقي من الدعاة بالدفاع عن نفسه بالتخفي والفرار . وأما وجه الفتنة لعموم الناس فتظهر في توقف الاستجابة للدعوة والانصراف عنها وعن جماعتها ممن قد استجاب لها في بادئ الأمر خوفاً من أذى السلطان باتهامه بأنه من الدعاة أو جماعتهم أو المؤيدين لهم ، وفي الناس حب السلامة لأنفسهم من الاذى او من المتاعب والمضايقات فيرون في صدودهم عن الدعوة وانصرافهم عنها طريق السلام المأمون . ثم يقول صـ 485 ـ 488 : ويتم هذا الحل إن شاء الله تعالى بتصحيح العلاقة فيما بين الحكام وبين الدعاة . وقد ذكرنا من قبل أن الكثير من الدعاة ومعهم بعض العلماء يعتقدون أن الموقف من الحكام أما أن يكون موقف المداهنة وأما أن يكون موقف المخاصمة ، وبيّنا ما ترتب على هذين الموقفين ونقول هنا : إن كلا من هذين الموقفين غير صحيح ولا ينبغي الأخذ به ، لأن الحل الصحيح لعائق الحكام يكون بتصحيح العلاقة بين الدعاة والحكام وبالتالي أخذ الدعاة بالموقف الصحيح من الحكام ، وهذا الموقف الصحيح نجده في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الدين النصيحة )) قلنا : لمن ؟ قال صلى الله عليه وسلم : (( لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم )) . وجاء في شرح هذا الحديث للنوي والخطابي : ( النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحض ـ أي : النفع ـ للمنصوح له . ( والنصيحة لائمة المسلمين ) معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ، وترك الخروج عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة ، وأن لا يُغرُّوا بالثناء الكاذب عليهم و إن يُدعى لهم بالصلاح ... النصيحة للحكام هي أصل علاقة الدعاة بهم : فالنصيحة إذن هي قوام العلاقة بين الدعاة والحكام ، فموقف الدعاة الصحيح من الحكام هو موقف الناصح الأمين وليس موقف المداهن ولا المُخاصم ، ومن ثم فالدعاة للإسلام يريدون للحكام الخير في القول والعمل وليس من الخير لهم المداهنة ؛ لأنها نفاق وليس في النفاق خير للمنصوح ولا للناصح ، كما ليس من المخاصمة خير ؛ لأنها تخرج عن طريق النصيحة . النصيحة للحاكم تقتضي المصارحة : والنصيحة للحاكم تقتضي المصارحة في بيان ما ينفعه وما هو خير له ، وما ينفعه يقيناً اتباع شرع الله في منهجه في الحياة ومنه منهجه في الحكم . والمصارحة لا تقتضي المُخاشنة في القول للحاكم وانما تقتضي اللين في القول تأسياً بما أمر الله به موسى وهارون عليهما السلام في كيفية مخاطبتهما لفرعون فقال تعالى : (( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )) سورة طه : الآية 43 ـ 44 . كما أنّ اللين لا يقتضي ولا يعني اخفاء الحق أو اخفاء شيء منه وإنما يعني إظهاره وتقديمه بصيغة مقبولة تسهل على المخاطب قبول ما تحتوي النصيحة بهذه الصيغة من حق . ضميمة الى النصيحة : ومع النصيحة للحاكم ضميمة له هي اقناع الدعاة للحاكم بانهم في دعوتهم له ولغيره إلى الإسلام واتباع هديه في الحكم إنما يريدون تثبيت حكمه وسلطانه على تقوى الله ؛ لأن السلطان القائم على تقوى الله هو الذي يُكتب له البقاء والثبات ، قال تعالى : ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) التوبة : آية 109 . ومع ثبات حكم الحاكم القائم على تقوى الله فان لهذا الحاكم منزلة عظيمة عند الله تعالى بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا )) ، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه . وجاء في شرحه : إنّ هذا الفضل إنما هو لمن عدل في ما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء . ومن الواضح أنّ عدل الحاكم هو من تقوى الله ومن جملة منهج الإسلام في الحكم . الثبات على موقف النصيحة للحاكم : وقد يُقال : بالرغم من حرص الدعاة على جعل العلاقة مع الحاكم قائمة على النصاحة والنصيحة فان الغالب بقاء الحاكم على ظنه السيء بالدعاة واعتقاده فيهم أنهم ينازعونه الحكم والسلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام وبالتالي يجيز لنفسه التضييق عليهم بشتى الطرق والوسائل ومنها عدم منحهم الاجازة القانونية لقيام جماعاتهم والاعتراف بها قانوناً وبالتالي حرمانهم من العمل الدعوي الجماعي العلني المأذون به قانوناً . فهل يستمر الدعاة على بقاء علاقاتهم به على اساس النصاحة والنصيحة ؟ و الجواب نعم بكل تأكيد ، ما دام العمل الدعوي الفردي يبقى ممكناً ؛ لأن المطلوب من المسلم القيام بالدعوة إلى الإسلام بالصيغة الشرعية الممكنة . وليس المطلوب منه القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام بصيغة معينة يتعذر عليه القيام بها ، بل يمكن القول بأن صيغة العمل الدعوي الفردي هي الأصل في القيام بأداء واجب الدعوة الى الاسلام بدليل قوله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) يوسف : 180 ، هكذا جاء الامر بالدعوة إلى الإسلام بصورة مطلقة غير مقيدة بصيغة العمل الجماعي ، أي : عن طريق انشاء جماعة الدعاة أو الانضمام إلى جماعة الدعاة والقيام بالعمل الدعوي من خلال هذه الجماعة . نعم ، إنّ انشاء جماعة الدعاة او العمل في جماعة الدعاة شيء مرغوب فيه ومشروع ودرجة مشروعيته الجواب الكافي لقوله تعالى : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) آل عمران : 104 ، فمن المرغوب فيه شرعاً أن يشترك المسلم في القيام بهذا الواجب الكفائي بأن يشترك في جماعة الدعوة أو ينظم الى جماعة الدعاة ويقوم بالدعوة إلى الإسلام من خلال هذه الجماعة وحسب منهجها في العمل الدعوي ، إضافة إلى قيامه بواجب الدعوة إلى الإسلام بصفته الفردية . فإذا تعذر على المسلم القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام عن طريق انضمامه الى جماعة الدعاة إما لعدم وجودها أو لمانع شرعي يمنعه من الانضمام اليها عند وجودها فإنّ واجبه نحو الدعوة إلى الإسلام يبقى قائماً وعليه أن يؤديه بصفته الفردية باعتباره واجباً شرعياً عينياً لا تفرغ ذمته منه الا بأدائه . )) انتهى .... خلاصة خاصة بالإخوان المسلمين : باعتبار الإخوان المسلمين كبرى المدارس العاملة للإسلام وللمسلمين فهذه خلاصة خاصة بها في هذا المقال العام : الإخوان المسلمون حركة فوق دعوية ، بل الدعوة بالنسبة لها كما هي هدف فهي وسيلة لكسب الأعضاء والأنصار لتمكين التنظيم الحركي من تنفيذ أهدافه وتحقيق غاياته التي يحمل معظمها رصيد من المشروعية والمعقولية ، ويمكن تعريف حركة الإخوان المسلمين وبعد بحث وتمحيص وتثبت وتدقيق على النحو التالي : حركة إحياء وبناء شاملة نشأت في مصر وتستند في فكرها ومنهجها التكويني والعملي إلى القرآن الكريم والسُنة النبوية والمرجعية الإسلامية بصفة عامة و تنظير مؤسسها الإمام حسن البناء ، وقد تطورت على يديه من جماعة دعوية وتعليمية إلى حركة شاملة في توجهاتها لجميع جوانب الحياة : دعوية ، تعليمية ، سياسية ، عسكرية جهادية ، خيرية ، رياضية . وهو خيار اختاره الإخوان وارتضوه وهم ماضون فيه باستثناء التخلي العملي عن الجهاد القتالي إلا في حالات خاصة كقطاع غزة و سوريا الثورة المسلحة في الوقت الراهن .. وأعتقد أنّ تاريخ الجماعة ورصيدها من الإنجاز وما حصل لها من تعثر وفشل في أحيان وفي بعض الجوانب والأوقات على المستويين السياسي والعسكري الجهادي بشكل خاص وما جوبهت به من ويلات يقتضي عودة الجماعة إلى كونها جماعة دعوية تعليمية شرعية فقط حقاً وحقيقة ، وإنني أعتقد أنّ بذرة الفشل والتعثر قد انزرعت في جسد الجماعة بهذا الشمول منذ لحظة ميلادها حيث جاءت كدعوة علنية ولها دارها العام المُعلن والمفتوح وكان المناسب لنجاحها بشمولها أن يبقى التنظيم بما فيه عضوية أفراده طي الكتمان والسرية وإلى الأبد وبما في ذلك الاسم واللوائح والمنهج والتأصيل الفكري والتنظيمي ، وما يخرج إلى العلن فقط هو تنظيمات جزئية مجهولة النسب والصلة بين بعضها البعض من ناحية وبينها وبين التنظيم السري وذلك لدى الآخرين ، أي على غرار منظمة الماسونية العالمية مع الفرق الشاسع والبون الساحق بين المنظمتين والغايتين بل و اللامقارنة .وبالإمكان استدراك ما فات من خلال ما يلي : 1) الإعلان عن عودة الجماعة إلى نقطة البدء جماعة دعوية تعليمية شرعية . 2) مأسسة وتخصصية بقية مكونات الجماعة : السياسية ، الخيرية ، الثقافية ، عبر فصل عملها وكياناتها العضوية والتنظيمية عن المؤسسة الدعوية التعليمية الام . 3) الامتناع عن تأسيس أي حزب سياسي مستقبلاً باعتباره ذراع سياسي للإخوان المسلمين بما في ذلك حزب الحرية والعدالة في مصر الذي حله الانقلابيين الدمويين واعتماد الاحزاب الوطنية الخالصة والبحتة التي لا تخلط بين الديني والسياسي وتهتم بشأن تنمية اوطانها في الجوانب المادية فحسب واستلهام تجربة حزب العدالة والتمية التركي على هذا الصعيد . 4) الاعلان عن الغاء شعار الجماعة المرسوم ( سيفين ومصحف وكلمة اعدوا ) واخراجه من حيز التداول في تعامل الجماعة الرسمي والداخلي . 5) قصر الشعار المكتوب والمنطوق للجماعة الدعوية التعليمية على : ( الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول قدوتنا ) وقد سبق لي أن نشرت في هذا مقال تفصيلي بعنوان ( الاخوان المسلمون ..رؤية للتجديد والتطوير ) وبالإمكان مطالعته على هذا الرابط ؟؟؟؟؟؟؟ ومن الأجدى للجماعة وقيادتها ولمجتمعات المسلمين أن تصغي جيداً للنقد لا أن تتعامل معه بترفع واستعلاء وازدراء ، ولا يكون لسان حال قادتها وهم يستمعون للنصح وللنقد أو يطلعون عليه هو ذات لسان حال الأنظمة العربية التي تقبل بسقف واطي من المعارضة : قولوا ما تريدون ونعمل نحن ما نشاء ، ولو لم تكن للنصيحة بين المسلمين من أهمية لما وجدنا أنّ واحد من أربعة شروط للفلاح هو التواصي بالحق ، ولما وجدنا القرآن والسنة حافلين بالحديث عن أهمية ونماذج للشورى والتناصح داخل صف المؤمنين .

الاثنين، 1 ديسمبر 2014

التحالف الاستراتيجي القادم

التحالف الاستراتيجي القادم ( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم ) بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث تعيش منطقتنا الاسلامية وشعوبها في حال من الصراع والتردي والدمار والتخلف وفقدان الكرامة المنشودة والعزة المأمولة ، ولاستنقاذها من واقعها السيئ وتجنيبها الأسواء الذي لم يأتي بعد وتفويت الكيد الرخيص ضدها ، أقدّم بكل تواضع هذه الرؤية من أجل مستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم . الأداة : تحالف من اجل العدالة والسلام والتقدم ومنع الهيمنة الامبريالية العدوانية الظالمة يضم القوى والاطراف التالية : إيران و تركيا وقطر والإخوان المسلمين والجهاديين المعتدلين . الاهداف المشتركة لقوى التحالف : 1) التصدي لطموحات الهيمنة الامريكية بأدواتها المختلفة وصورها المتعددة . 2) التصدي للمؤامرة التي تستهدف عقيدة الامة وقيمها وهويتها الاسلامية . 3) محاصرة المشروع الصهيوني الاستيطاني وارغامه على التنازل عن مطامعه التوسعية والاستيطانية واقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على اراضي 47بحسب قرار التقسيم مع بعض الاستثناءات اللازمة لصفقة تضمن العيش المشترك المستمر ، ووفق صيغة سبق ان بينتها في مقال منفصل تحت هذا الرابط : ؟؟؟؟؟؟. 4) وضع حد للتآمر الامريكي السعودي الاماراتي ضد شعوب المنطقة وارادتها الحرة وحق ابنائها في العيش بسلام . 5) افشال و اسكات النوايا الاقصائية الدموية لدى النخب المنفلتة من قيم الامة و ثوابتها واخلاقياتها . 6) ضمان حد مقبول من التعايش السلمي والقبول بالآخر داخل المنطقة التحالفية بدرجة اولى 7) تأسيس المزيد من الدول الاسلامية الديمقراطية العادلة 8) تكوين قوة ردع مشتركة كافية وفق المنظور الاستراتيجي 9) تحقيق التقدم والتنمية العزة والكرامة لشعوب التحالف 10) صناعة وتقديم النموذج الاسلامي الناجح للحكم الحديث القواسم المشتركة : 1) الاسلامية 2) غاية نصرة المستضعفين 3) العداء للهيمنة الغربية و الصهيونية 4) الحاجة اللازمة والمُلحة لبعضها البعض 5) التاريخ المشترك مصالح و أهداف كل طرف على حدة : اولاً : ايران : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم ولاية الفقيه فيها 2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة للمستضعفين 3) ضمان بقاء دورها المحوري ومكانتها الاقليمية 4) ضمان حق الشيعة و حلفائها المقربين في ان يكون لهم موقعهم ومكانتهم في اقطارهم 5) تمكينها من امتلاك سلاح الردع النووي ثانياً : تركيا : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار الحكم الديمقراطي الجمهوري فيها 2) الحفاظ على موقع ريادي بين دول المنطقة 3) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة ثالثاً : قطر : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم آل خليفة العادل التنموي 2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة رابعاً : الاخوان المسلمون و الجهاديين المعتدلين ( في سوريا واليمن وليبيا ومصر) : 1) تحرير ما يمكن من الاراضي الفلسطينية و تحرير الاقصى من الاحتلال الاسرائيلي 2) اقامة حكم رشيد في اوطانهم 3) ضمان امنهم وسلامتهم ومنع مطاردتهم 4) تمكينهم من المشاركة الفاعلة والايجابية في بناء اوطانهم 5) ادماج الراغبين منهم في الجيوش الوطنية الدفاعية هدف اقليمي : اقامة دول اسلامية ديمقراطية في كل من : مصر ، سوريا ، اليمن ، العراق ، ليبيا ، فلسطين ، بنظام مختلط ( رئاسي نيابي ) يتولى فيه مجلس النواب تشكيل الحكومة بحسب الاغلبية المطلقة . وتكون فيدرالية كلما كان التعايش المشترك يتطلب ذلك ... هدف عالمي : اقامة تحالف اسلامي ـ صيني ـ روسي من اجل العدالة والتقدم والعيش المشترك والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل ... بالإمكان ان تنظم اليه أي دولة اسلامية او مُستضعفة كماليزيا و باكستان وافغانستان و كوبا و فينزويلا والبرازيل ....

التحالف الاستراتيجي القادم ( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم )

التحالف الاستراتيجي القادم ( رؤية لمستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم ) بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث تعيش منطقتنا الاسلامية وشعوبها في حال من الصراع والتردي والدمار والتخلف وفقدان الكرامة المنشودة والعزة المأمولة ، ولاستنقاذها من واقعها السيئ وتجنيبها الأسواء الذي لم يأتي بعد وتفويت الكيد الرخيص ضدها ، أقدّم بكل تواضع هذه الرؤية من أجل مستقبل افضل لشعوب المنطقة والعالم . الأداة : تحالف من اجل العدالة والسلام والتقدم ومنع الهيمنة الامبريالية العدوانية الظالمة يضم القوى والاطراف التالية : إيران و تركيا وقطر والإخوان المسلمين والجهاديين المعتدلين . الاهداف المشتركة لقوى التحالف : 1) التصدي لطموحات الهيمنة الامريكية بأدواتها المختلفة وصورها المتعددة . 2) التصدي للمؤامرة التي تستهدف عقيدة الامة وقيمها وهويتها الاسلامية . 3) محاصرة المشروع الصهيوني الاستيطاني وارغامه على التنازل عن مطامعه التوسعية والاستيطانية واقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على اراضي 47بحسب قرار التقسيم مع بعض الاستثناءات اللازمة لصفقة تضمن العيش المشترك المستمر ، ووفق صيغة سبق ان بينتها في مقال منفصل تحت هذا الرابط : ؟؟؟؟؟؟. 4) وضع حد للتآمر الامريكي السعودي الاماراتي ضد شعوب المنطقة وارادتها الحرة وحق ابنائها في العيش بسلام . 5) افشال و اسكات النوايا الاقصائية الدموية لدى النخب المنفلتة من قيم الامة و ثوابتها واخلاقياتها . 6) ضمان حد مقبول من التعايش السلمي والقبول بالآخر داخل المنطقة التحالفية بدرجة اولى 7) تأسيس المزيد من الدول الاسلامية الديمقراطية العادلة 8) تكوين قوة ردع مشتركة كافية وفق المنظور الاستراتيجي 9) تحقيق التقدم والتنمية العزة والكرامة لشعوب التحالف 10) صناعة وتقديم النموذج الاسلامي الناجح للحكم الحديث القواسم المشتركة : 1) الاسلامية 2) غاية نصرة المستضعفين 3) العداء للهيمنة الغربية و الصهيونية 4) الحاجة اللازمة والمُلحة لبعضها البعض 5) التاريخ المشترك مصالح و أهداف كل طرف على حدة : اولاً : ايران : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم ولاية الفقيه فيها 2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة للمستضعفين 3) ضمان بقاء دورها المحوري ومكانتها الاقليمية 4) ضمان حق الشيعة و حلفائها المقربين في ان يكون لهم موقعهم ومكانتهم في اقطارهم 5) تمكينها من امتلاك سلاح الردع النووي ثانياً : تركيا : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار الحكم الديمقراطي الجمهوري فيها 2) الحفاظ على موقع ريادي بين دول المنطقة 3) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة ثالثاً : قطر : 1) ضمان امنها واستقرارها واستمرار حكم آل خليفة العادل التنموي 2) استمرارها في أداء ما اختارت من نصرة لشعوب المنطقة رابعاً : الاخوان المسلمون و الجهاديين المعتدلين ( في سوريا واليمن وليبيا ومصر) : 1) تحرير ما يمكن من الاراضي الفلسطينية و تحرير الاقصى من الاحتلال الاسرائيلي 2) اقامة حكم رشيد في اوطانهم 3) ضمان امنهم وسلامتهم ومنع مطاردتهم 4) تمكينهم من المشاركة الفاعلة والايجابية في بناء اوطانهم 5) ادماج الراغبين منهم في الجيوش الوطنية الدفاعية هدف اقليمي : اقامة دول اسلامية ديمقراطية في كل من : مصر ، سوريا ، اليمن ، العراق ، ليبيا ، فلسطين ، بنظام مختلط ( رئاسي نيابي ) يتولى فيه مجلس النواب تشكيل الحكومة بحسب الاغلبية المطلقة . وتكون فيدرالية كلما كان التعايش المشترك يتطلب ذلك ... هدف عالمي : اقامة تحالف اسلامي ـ صيني ـ روسي من اجل العدالة والتقدم والعيش المشترك والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل ... بالإمكان ان تنظم اليه أي دولة اسلامية او مُستضعفة كماليزيا و باكستان وافغانستان و كوبا و فينزويلا والبرازيل ....

الأحد، 30 نوفمبر 2014

كفاية قيادة اخوانية مصرية

كفاية قيادة اخوانية مصرية بقلم : مرعي حميد يجب على قيادة إخوان مصر خارج مصر وداخلها وبما في ذلك محمد مرسي اعتزال السياسة وترك الشعب ـ بما في ذلك افراد جماعة الاخوان ـ يبحث له عن قيادة لثورته الثانية ، ويؤسفني ان اصل الى هذا الحكم الجازم المبني على الانصاف والحرص على اخوان مصر وعلى مصر البلد العربي الهام والحبيب ، إنّ أفراد قيادة اخوان مصر ببساطة لا يتقنون ولا يفهمون السياسة و ولا يُحسنون تدبير شؤون الحكم و التجربة خير برهان ، ومما يزيد الطين بله عشقهم للتسلط ولو بالتعاون مع اسرائيل ، الم يطلق محمد مرسي صفة صديقي على الصهيوني المعتق شمعون بيريس ... انه من العيب الفاحش ان يأتي مزارع ليهندس سفينة أو غواصة نووية ... تكفي تجربة الشعب المصري معهم ...كفاية قيادة اخوانية وكثر الله خيرهم فليذهبوا ـ كقيادة اخوانية ـ إلى ما يتقنون ويُحسنون ولا يضيعون وقتهم ولا وقت شعب مصر في ما لا طائل من وراءه بل تكمن خلفه النكبة تلو النكبة والقهر تلو القهر وضياع الجهود والتضحيات خاصة والشعب المصري بصدد القيام بثورة ثانية ضد الطغمة العسكرية الجاثمة على صدر مصر وبدعم سخي من حلفائها في المنطقة والعالم ... إن التصدر لقيادة الشعوب أمر خاطئ ومقدمة لمُصيبة أو كارثة حينما يفعل ذلك من لا يدركون أعماق السياسة ومن هم غير راغبين في التزود بالفكر السياسي و دراسة الفكر السياسي والاطلاع على تجارب السياسيين وخاصة في الغرب واليابان الذين اكتسبوا من خلال التجارب والممارسة الطويلة معرفة عميقة و فكر سياسي لا غنى عنه لمن أراد ادراك فن الحكم . إن أكبر مشكلة تواجه العقل المسلم وهو يرغب في تحصيل المعرفة السياسية عقدة رفض الغرب وما جاء من الغرب جملة وتفصيلاً ، وهذا لعمر الحق تفريط هائل لن يسد مسده شيء ، إننا نعيش سياسة مختلفة عن السياسة التي انتهجها حكام المسلمين بدءاً من الخلفاء الراشدين وحتى نهاية العصر العباسي الثاني ، إن من يعتقد أن معرفته بسياستهم تلك للحكم كافية لكي يتصدر ويُدير دفة الحكم في زمن مختلف فهو مخطئ جداً جداً وهو مُدعي للإدراك والمعرفة السياسية وهو بعيد عنهما ، ولله سُنن في الكون يجب الأخذ بها ومنها سُنة العلم والمعرفة المتواكبة مع الزمن الذي تعيشه وهذه المعرفة ملمح من ملامح قصة اصحاب الكهف الواردة في كتاب الله المجيد . انه لا بد من معرفة الفكر الغربي في مجال السياسة والفكر السياسي وفي مجال إدارة شئون الدولة والعلاقات الخارجية وذلك من خلال : 1) القراءة المكثفة والمعمقة في الفكر السياسي والممارسة السياسية والساسة الغربيين وبخاصة قراءة مذكرات الساسة الغربيين مهما اختلفنا معهم مثل مذكرات هنري كيسنجر و شارل ديجول و ونستون تشرشل 2) مشاهدة الافلام الوثائقية عن الساسة والسياسة في الغرب واليابان وتركيا وكوريا الجنوبية وماليزيا 3) الكتابة في هذا المجال فعملية الكتابة عملية تفكير كذلك كما القراءة ، ومن الكتابة اعداد البحوث السياسية وتأليف الكتب . 4) تعلّم لعبة الشطرنج وممارستها باحتراف ولو مع الكمبيوتر فهي لعبة الملوك كما يقولون وفيها شحذ للعقل وادراك لكيفية كسب المعركة السياسية وتجنب اخطائها ولا اقول العسكرية فنحن في غنى عن معارك عسكرية وثقافة عسكرية كوننا بصدد ادارة الحكم والحكم الرشيد لا خوض حروب ، ومن اهم دروس هذه اللعبة الإدراك التام والكامل للواقع الذي تتحرك فيه فتدرك ماذا تريد وماذا يريد خصمك وكيف تصل الى ما تُريد تفشل خطط خصمك وتُبطل مساعيه للنيل منك ومن مساحتك في اللعبة ( وطنك ) . إنّ هذه المعرفة لن تتحصل في يوم وليلة ، ولكنها بحاجة الى وقت طويل و جهد ودأب وعشق لها وشغف بها وولع ليس حباً في التسلط و هوساً به ولكن سعياً صادقاً لخدمة شعوبنا في هذا المجال وهذا العلم الذي تحتاج من يدركه ويسبر غوره من المخلصين البررة وهو مفتاح أي تقدم ممكن في كافة مجالات الحياة . و هي معرفة لن تتحصل بالكبر والغرور والاستنكاف عن اقتنا الحكمة واستلهامها ممن لا نتفق معهم في التوجه العقائدي ، ولكنها بحاجة الى افراد يعيشون حقيقة (( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ))

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

كر السنين ( وقفة بمناسبة العام الجديد ) بقلم / مرعي حميد / مفكر وباحث تمر بنا الاعوام تلو الأعوام ،نستقبل العام الجديد من عمرنا او من اعوام السنة الميلادية او الهجرية بعد أن انتهى سابقه من معركته معنا، فماذا اعددنا للقادم وماذا كسبنا في معركتنا مع المرتحل؟ ،تلك وقفة ينبغي لكل حريص وحصيف ان يقفها مع نفسه ليحصي مكاسبه وخسائره حتى لا تكون عاقبة امره خُسراً .الأكياس لا يتركون انفسهم مكشوفة في معركتها مع الأيام والسنين في كرها وتكرارها ولكنهم يستعدون لها بحسبان الموقف وتقدير الحاجة إلى غُنمها و تحديد وسائل كسبها وعلى الدوام،هؤلاء لهم في كرها الفوائد والقلائد ولغيرهم المرارات والحسرات. فرصة لكسب معركة جديدة حينما يحل العام ،و فرصة للانتشاء في حمد للعليم الجليل والفرح بكسب معركة مضت بعد كفاح مستميت واستيعاب متكامل لفرصها أو معظمها،هكذا هي السنون إما غنائم يجنيها الفرد منا فيها ،وهذا هو الاصل في المؤمن ،واما خسائر تزري بصاحبها دنيا و اخرى. اننا حين نتحدث عن مكاسب وخسائر فإننا نعني ما يتصل منها بالدنيا وحياتنا فيها وما يتصل بالآخرة ومصيرنا المرتقب فيها .وفي زمن وداع لعام واستقبال لآخر فرصة للمحارب منا أن يخلو بنفسه وينصب لها ميزان العدل ليتعرف على أي كفتيه هي الراجحة ليتدبر في قادم عامه ما يزيد من رجحان توفيقه ويقلل من اخفاقه بل يتجاوزه مرة واحدة إن هو استطاع . وفي الهجرة التي تتوافق مع بداية العام دعوة لنهجر قليل النجاح الى كثيرة فهنالك مراغما كثيرة و سعة فقط يحتاج منا هذا إلى بذل الأسباب في صبر ومصابرة و تيقظ كامل على بديع العاقبة ان احسنا وحرصنا على الثمر المستطاب و رديئها ان قصرنا وفرطنا وانتظرنا الثمار من غير غراسها وكدحها. معركتان ان الكسل والرضى بالدون والخوف من المجهول و التشاؤم بماض لم يكن كما نريد كلها مُعدات تُستخدم ضدنا في معركتنا الحياتية افرادا كنا ام جماعات ومجتمعات. إنّ علينا ونحن ندب على ظهر البسيطة أن نكسب معركتين :معركتنا مع الأيام التي سرعان ما تبادرنا ان لم نبادرها باستغلال وانتهاز ،ومعركتنا مع انفسنا الآمرة بالسوء والتسويف الناهية عن العزمة الماضية التي تجدها متعبة لها جالبة عليها بخيل الطموح ورجل الإصرار. ان الانسان حصاد كسبه ونتاج سعيه واغتنام وقته كما هو حصاد اهتمام الآخرين ورعايتهم له في حين من دهره ،وكلما ازداد حصاد الانسان كماً ونوعا وهو يخوض معركة الحياة التي لا تتوقف كلما ازدادت قيمته بنظر نفسه والناس و رب الناس . وقتنا فرصتنا ((الوقت هو الحياة)) هكذا تحدث الإمام حسن البناء ،ولكم كان صادقاً كعادته ،فبقدر كسبنا للوقت يكون كسبنا للحياة وبقدر تفريطنا يكون فيها التفريط ،اننا نحيا بمقدار الوقت الذي نمضيه في العمل والكفاح ،وللمحارب وقت يستريحه هو ضروري ليتصل كفاحه فلا تنهد قواه ولا تسيخ قوائم طموحه في بيداء الانهاك . و لما كانت الحياة الحقيقية الممكنة للإنسان هي هنالك في الدار الآخرة كان تسخير وقت الدنيا المحدود صنعة الفطناء النجباء وذلك في ما يعود عليهم بأعظم الخير يوم يعرضون على الله تعالى كما يُعرض سائر الناس فيحشرون الى دار الخلد تستقبلهم الملائكة وتحوطهم الرحمات وتحتضنهم الملذات الحقة بمقدار سعيهم في الدنيا في طاعة الواحد الديان جل جلاله. الناجح من يتعاظم انجازه ويتراكم تحصيله كلما مرت به السنون وخاض معترك الحياة وذلك على مستوى الفكر و الخبرات والمعارف والعلوم و الحسنات والقربى من الله والثروة في احيان كثيرة ،وفي المقابل يقل لديه الخسران والميل عن الجادة . ان وقتنا المتاح لنا في الحياة إما ان يطير بناء للمعالي او أن يهبط بنا وذلك بحسب سلوكنا فيه وكسبنا خلاله .إنّ الحياة فرصة للإنجاز واجتراح المآثر والمسعى الجميل ،ومُخطئ من ظنها غير ذلك ومخطئ اكثر من جعلها لغير هذا ،انه هنا يقع في دائرة الظلم لنفسه ولمن يتأثر بهم فعله وكسبه .إن حياة احدنا مجلد فلينظر ماذا هو مدون فيه :الإيجابية ام السلبية ،المثابرة الخلاقة ام الإخلاد الى الدعة والراحة وربما سفاسف الامور والافعال والنيات. أصناف أربعة الناس في قضائهم لأعمارهم المكتوبة لهم على أربعة اضرب :متميّز وعادي و خامل ومتجاوز...وقد كانوا كذلك ويكونون لطريقتهم في قضاء اعمارهم :فالخامل قضاها متسكعاً لاهياً لا هدف يسعى له ،عالة على شقاء غيره وكد سواه ،اما العادي فقضاها يكد ليعيش ومن يعول بكرامة في تمسك بمبدأ يعتنقه وخلق يلتزمه ،اما المتميّز فهو صاحب رسالة متعدية لذاته واسرته متجاوزاً ومحلقاً في سماوات المجتمع والوطن والأمة و الفكر والمبدأ والعلم والمعرفة ،أما المتجاوز فهو من تجاوز حدود الأدب و الفضيلة ووقع في براثن الإجرام و الفجور، همّه بئس الهم ،واهتمامه اشباع غرائزه الحيوانية كشخص غير موفرا في سبيل ذلك لا قيمة ولا خلقاً. وليس يمنع الانسان و يصرفه ان يكون رسالياً الا نفسه التي تنكفئ على ذاتها وربما المحيط الأقرب ،انه يفتقد في غالب الاحيان الهم الرفيع المتجاوز والمحلق وتقتصر ارادته ومثابرته على دائرته تلك او ذاته في اكثر الاحوال وهو يفتقر الى خيال الانجاز لصالح المجموع متقوقع في فقاعة الانجاز الفردي وشبه الفردي ،وفي معظم الاحيان يكون المستوى التعليمي و المعرفي حاسم تجاه ان يكون رسالياً فهو شرط لازم ولكنه في آن ليس بكاف انما هناك الطموح والحلم وروح المجموع الساكنة بين جوانحه كنفع لهم وإفادة لا إستئثار بمقدراتهم و إرادتهم وخيراتهم. يكون للسنين وقعها المتهادي و رنينها المحبب وانجازها البهيج لدى الرسالي وهو يمضي في التحام مع رسالته التي يجد نفسه فيها ونذر نفسه للقيام بها وعلى افضل ما يُرام ،يستذكر في محطات وداع حاضرها واستقبال آتيها جميل ما انجز وفي الأفق يناجي حلم الغد المنتظر لواقع اليوم ان يستحيل حقيقة وقد كان كذلك حلما .قد يستبد به التعب والنصب ويشارف هاوية المهلكة ولا يتردد ان يضحي بمباهج امثاله وأقرانه فقد ارتقت طموحاته واستحالت مباهجه مباهج من يستهدف بحلمه وعمله وجهده وجهاده . تمضي السنون و الرسالي يراكم فيها انجازه على الصعيد الذي اختار ساعياً الى آفاق الانجاز الاكثر رحابة والذي يكون فيه للحياة اكثر معنى وصدى وجمال وعاقبة حسنة نظرة مُشرقة ،تصبح الحياة مستحقة ان يعيشها لا بل ويستوعب كل سنيها وشهورها ولياليها ونهاراتها دافعاً بكل حب ضريبة الرسالية،ترضى نفسه منه ذلك فحسب فهنالك راحتها التي تريد على الدوام. الأكياس من الناس الأكياس هم من ادركوا النقص في هذه الحياة ،وادركوا انها الى نهاية مهما امتد بهم العمر و حافظوا على استيقاظهم على هذه الحقيقة فلم يخلدوا للدنيا مهما انتظروا من عمر يطول وسنون بهم تمتد وصحة في اجسادهم تبقى ومال في ايديهم يستمر وافرا ،و في المقابل ادركوا و أيقنوا أن الكمال اقامة وصحة ونعمة ونعماء ونعيم في الجنان فشمروا لها وعملوا من اجل مزيدها ،انهم نجوا من ان تفتنهم الدنيا بملذاتها وشهواتها .. ان من عوامل عدم اكتراثنا بمرور السنين عدم ادراكنا لأهمية الوقت باعتباره ظرف للإنجاز الدنيوي و الأخروي و كلما كان الانسان اقل رسالية او منعدمة لديه لم يعبأ بمرور الايام والسنين و كلما زادت مكانة الانسان زادت قيمة وقته ،والإنسان في معظم الاحيان هو من يقرر ان تكون مكانته ،فالإنسان حيث ما يضع نفسه ويمضي به عزمه وعمله ،ولكل انسان فرصة واحدة فقط أن يحيا هنا. الدنيا مزرعة الدنيا مزرعة الآخرة ،وبقدر ما يزرع احدنا من الصالحات يحصد من الحسنات وجميل المكرمات ممن لا يضيع اجر من احسن عملا ،بل نجد عنده ان احسنا جزاء الضعف والحسنة بعشر امثالها الى اضعاف كثيرة بقدر اخلاص احدنا وهو يعمل من الصالحات ،قال الله تعالى :((وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ)) انه يجزي بالإحسان احسان ،القائل تعالى ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ )) وعلى لسان يوسف عليه السلام :((إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) ان حياتنا فرصة كلية لنا لنعمل الصالحات ونزيد منها كماً وكيفاً من دون تسويف او إبطاء وذلك بقدر وسعنا في سباق خلاق للفوز برضوان وجنات المنعم المتفضل علينا بكل النعم الظاهرة والباطنة ،وهي تتضمن فرص جزئية من اضاعها اضاع الدنيا كفرصة كلية فأيامها فرص جزئية وكذلك شهورها ،و ان يجي وقت صلاة جماعة فهذه فرصة جزئية ان نغتنمها،وان يجيئ علينا يوم صيام مفروض او مسنون فتلك فرصة وان تمر بنا ايام او ليال فاضلة فهذه فرصة وان نصلي على جنازة ونشيعها فرصة و زيارة مريض فرصة وكذلك زيارة اخ في الله وصدقة على طالبها ممن نرى فيه الحاجة و امر بمعروف فرصة ومثلها نهي عن منكر بوسائله المشروعة وبلين وحكمة ،وتلاوة لآيات القرآن فرصة،تلك فرص في الاعمال الظاهرة وفي الباطنة فرص :ان نحب الله و ان نحب رسوله ،ان نخلص لله ونجدد الاخلاص له ونجدد له التوبة ،ان نزيد من قربنا القلبي اليه عبر السير اليه ،ان نزيد من يقيننا وتوكلنا وصبرنا واصطبارنا في سبيل مرضاته ،تلك فرص جزئية كثيرة كلما اغتنمناها اغتنمنا حياتنا و سنيننا وكلما ضيعناها ضيعنا حياتنا وسنينا ،ان هذه الحياة لهي فرصة ان لا نكون ممن يروي الحق تعالى على السنتهم ساعة الاحتضار ((حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ )) إنّ التسويف وطول الأمل خصمين لدودين يحولان بيننا وبين اغتنام السنين وهي تتوالى علينا تترا ينصرم بها من اعمارنا مقدار ما ينصرم منها سواء عملنا فيها بما يليق بنا ام قصرنا وفرطنا وآثرنا الخلود الى راحة الخمول و دعة الجلوس دون الانجاز والمآثر والمكاسب الدنيوية و الأخروية
( الجهاد ) الذي تركه الاخوان المسلمون بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث كثيراً ما تحدث الاخوان المسلمون وغيرهم عن سر فشل الاخوان في اقامة دولة اسلامية ، وقد تبين لي أخيراً ان سبب ذلك يرجع الى ان الجماعة قد وضعت من ضمن اهدافها اهداف سياسية لا يمكن تحقيقها الا بالجهاد القتالي وهما اقامة الدولة الاسلامية واستعادة الخلافة الاسلامية ، ورغم طابع الجهاد القتالي الذي يصبغ الحركة وشعارها خير دليل ، الا ان الجماعة تخلت عملياً عن الجهاد القتالي منذ زمن بعيد يرجع الى الخمسينيات . ويؤكد انقلاب الطغمة الحاكمة في مصر مع التآمر المستمر ضد الاخوان في ليبيا و غيرها للحيلولة دون تمكن الاخوان من الحكم الحقيقي وتكوين جيش رسمي على أعينهم باعتباره ركيزة ثانية لتحقيق الاستعصاء الذي يمنع قمعهم ، والركيزة الاولى هي تحقيق الانجازات التنموية على جميع الاصعدة وخاصة صعيد الدخل الفردي و ترسيخ الامن وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية ، و نموذج العدالة والتنمية على هذا الصعيد خير مثال . وكون الجهاد القتالي في ظل تنظيم عسكري مسلح اثبتت تجارب الجماعات الجهادية المسلحة استحالة نجاحه ،اصبح لزاماً على الاخوان ان يخفضوا السقف ويعلنوا جماعتهم كجماعة مدنية هدفها الاسهام في تنمية الاوطان بالقدر الذي تستطيع ، وترك الحديث غير المُجدي ـ في ظل استحالة وسيلته ـ عن الدولة الاسلامية والخلافة الاسلامية ... وكفى بالاسهام في تنمية الاوطان هدفاً سامياً جليلاً يستحق السعي والعمل من أجله وهذا هو اهم ما تنتظر شعوب الامة من الاخوان النهوض به و قيادة عملية تحقيقه وانجازه لها مع قدر من العزة والكرامة تخليصاً لها من تخلفها وتبعية حكامها ، وقد سبق ان كتبت ونشرت رؤية تجديدية لفكر الاخوان المسلمين تستلهم الواقع السياسي المعاصر .. وهي منشورة على الرابط ادناه : http://nashwannews.com/articles.php?action=view&id=9471

الخميس، 18 سبتمبر 2014

ذكر الله .. مدرسة للتربية الذاتية بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث للكثير من الأعمال الصالحة غايات أخرى غير ثوابها المباشر من حسنات و أعطيات بحسبها عمل صالح تمت تأديته ابتغاء مرضاة الله وثوابه . إنّ كل عمل تعبدي بيّنت الأحاديث الصحيحة له أجر فإن له غاية تتجاوز ذاتيته ، فلا يكون ذلك العمل مطلوب لذاته فحسب ولكن له غاية أخرى وجُعل الأجر دافع للقيام به لبلوغ الغاية التي من وراءه . وذكر الله من أكثر الأعمال التعبدية التي بينت السنة أجرها مجملة وبينت أجر بعضه مفصلاً لأهميته وحيويته ومحوريته في عموم العمل التعبدي مثل : ((من قال : سبحان الله العظيم و بحمده غرست له بها نخلة في الجنة )) والحديث صحيح . ما أهية الذكر : كل مُحب يتعلق قلبه بمحبوبه فيذكره على الدوام فلا ينساه ، إنّ ذكر محبوبه ونجواه حلاوة لا تغادر شفاهه وعذوبة لا تُبارح روحه ، وهو في ذكره يُعدد مناقبه ويتذكر صفاته ويتعرف عليه و إليه . وأعظم محبوب هو العظيم جل في علاه وقد بيّن لهم سيد العباد والمُحبين وإمامهم كيف يذكرونه تعالى . وذكر الله هو ذكر أسمائه وتنزيهه وتقديسه ، و تذكر صفاته والتفكر فيها ، و نعمه و آلائه و شكره وحمده عليها ، والتوجه إليه بالدعاء والتضرع . وعرّفه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في سُبل السلام بقوله : (( الذكر مصدر ذكر وهو ما يجري على اللسان والقلب والمراد به ذكر الله )) . مكانة ذكر الله : يطلب الله من عباده أن يذكرونه فيقول تعالى : (( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) ، ويذكر صفات أولي الألباب فتكون أولها : ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )) ، ويعيب على قوم لا يذكرونه إلا قليلاً فيقول جل جلاله : ((وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا )) ، و فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا : (( أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَال : ذِكْرُ اللَّهِ )) . وقد صححه الإمام الألباني . وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم : (( إذا استيقظ أحدكم فليقل : الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره )) ، وهنا تجد نعمة ((أذن لي بذكره )) ، وكأن وظيفة الإنسان في الحياة هي ذكر الله تعالى . يقول الإمام ابن القيم في ( مدارج السالكين ) : (( الذكر منشور الولاية ، الذي من أعطيه اتصل ، ومن منعه عزل ، وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد قبوراً )) . وإذا كان للذكر في عمومه أهمية ومكانة كبيرة ، فإن كل صيغة من صيغ الذكر تحمل أهميتها ومضمونها المتميّز ، ومن هنا كان تعدد الصيغ وتنوع ثواب الذاكر فيها . وأفضل صيغ الذكر هي الواردة في القرآن الكريم أو السنة المُطهرة . أنواع الذكر : و لذكر الله أنواع متعددة هي : أولاً : الصلاة : قال الله تعالى : ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )) وقال : ((وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ )) ، و الصلاة تحتوي من أنواع الذكر الشيء الكثير كقراءة القرآن والدعاء والتسبيح ، وقد قال الإمام ابن القيم في (الوابل الصيب ) : ((ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه كانت أفضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء )) . ثانياً : تدبر القرآن و تلاوته وحفظه والانصات إليه : سمّى الله تعالى القرآن الذكر : ((ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ)) ، و يقول الله تعالى : ((ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ )) ، ((وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)) . ثالثاً : الذكر المُطلق و المُقيّد : والأول هو ما لا مناسبة بالضرورة له ولا توقيت و لا عد ولا صياغة بالضرورة كالتسبيح والتكبير والتهليل و الحوقلة ، و الدعاء المُقيد كأذكار الدخول والخروج ، و أذكار الصباح والمساء ، و أذكار الأكل والشرب والنوم والاستيقاظ ونحوها . رابعاً : الدعاء : الدعاء هو التوجه المباشر إلى الله بسؤاله و رجائه ، وفيه ذكر لله ، و خطاب له بأسمائه وصفاته ، وهو نوع تجلي لثمار معرفة الله المتحصلة بوسائل متعددة ومنها الذكر ذاته كما سيأتي . خامساً : طلب العلم : بحضور دروسه ومحاضراته وحلقه ، وقد أسماها الرسول صلى الله عليه وسلم حلق الذكر و أوصى المسلمين بأن يرتعوا فيها : (( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا . قال : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر)) ، وعن معاوية رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما أجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا ، قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبرائيل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة )) رواه مسلم والترمذي والنسائي . وكلما كان الذكر بذهن حاضر جاءت ثمرته ناضجة و وفيرة ، والعكس صحيح ، حتى يكون القلب ساه غافل عن ما تردده اللسان ، وذكر الله بالقلب واللسان معاً هو الأكمل وهو الذكر الذي يعود على القلب بالفوائد التي لا تُحصى و أنسام القرب والنجوى من ومع العلي الأعلى . الأثر التربوي : إننا إذا ذهبنا نتأمل منزلة ومكانة ذكر الله بين الشعائر التعبدية و تأملنا الحديث الصحيح الذي صححه الإمام الالباني : ((سبق المفردون . قالوا : يا رسول الله ! ومن المفردون ؟ قال : الذين يهترون في ذكر الله )) ، وتأملنا الحديث الصحيح : (( أنّ أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم إنّ شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأنبئني منها بشيء أتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز و جل )) ، سنتسأل : لماذا كان ذكر الله تعالى بهذه المثابة العالية ؟؟ ، ولماذا سبق المفردون وبماذا سبقوا ، إنّ الأمر يتعدى الأجر الكبير لذكر الله تعالى ليصل إلى ما يترتب عليه من آثار تربوية يجنيها (( الذاكرون الله كثيرا و الذاكرات)) . إنّ ذكر الله مدرسة خاصة مستمرة في كل الفصول للتربية الذاتية كلما واضب عليها المسلم والمسلمة وحرص على أن يحضر فيها قلبه ، وهو يترقى فيها ليبلغ ذروة الكمال فيذكر الله كأنه يراه . ونحاول استعراض الآثار التربوية لذكر الله تعالى في هذه السطور : 1) معرفة الله و زيادة الإيمان به : معرفة الله أصل في الإسلام ، والعمل من أجل معرفة الله و زيادة الإيمان به هو أحب العمل إلى الله تعالى كما ورد في الحديث ، وتكون تلك المعرفة وهذه الزيادة بالإقبال على الأعمال الصالحة و الفرار من المعاصي والآثام فبهما معاً يزيد الإيمان وبنقيضهما ( الإعراض وانتهاك حرمات الله ) ينقص الإيمان ويضمحل ويتلاشى ، ومن أرفع الأعمال الصالحة ذكر الله تعالى الذي يكاد يمثل نصف الإسلام فهو ترديد شهادة التوحيد و الصلاة وقراءة القرآن والدعاء ...الخ ... ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )) . و حينما تمر بالمسلم والمسلمة صفات المؤمنين والمؤمنات على كل منهما أن يسأل نفسه عن مدى اتصافه بما يخصه منها ، و حين تمر بهما صفات المُعرضين عن الله أن يسألا نفسيهما عن مدى خلو كل منهما من تلك الصفات ، لا أن يمرا عليها وكأنها فقط تعني أشخاص آخرين . 2) الشعور بمعية الله : أن يستشعر العابد أنه مع الله قريب منه و أن يستشعر معية الله الحي القيوم له ذلكما مكوّن المعية ، ومن أهم وسائل ادراكها وتحصيلها الإكثار من ذكر الله عز وجل ، فحينها يجد العابد من نفسه معيتها لله كما يستشعر أنّ الله تعالى يذكره في حال هو مُستغرق في ذكره ، وهذا مصداق للحديث : (( أنا معه إن ذكرني وتحركت به شفتاه )) وهو مصداق لقول الله تعالى : ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) . كما أنّ صيغ الخطاب المباشر في الدعاء توفر هذه المزية نحو : ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )) و هو سيد الاستغفار وهو موشى بعشرة مواطن لخطاب الحاضر فتأمله ، ((سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك )) و (( اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء )) (( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )) ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ..... )) ((رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها )) ((اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور )) ((اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك )) ((اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر )) ((باسمك اللهم أموت وأحيا )) ((اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ...)) ، وكل دعاء يبدأ بصيغة (( اللهم )) وكل دعاء حوى ضمير المُخاطب العاقل ( الكاف ) داخل في هذا النوع من الدعاء ، ومن المهم أن يكون للعبد حظ منها في ذكره لمولاه . 3) خلق شعور المراقبة : الذي يواظب على ذكر الله يبقى لديه الشعور بمراقبة الله واطلاعه عليه حياً متدفقاً يردعه ويحول بينه وبين كثير أو كل المعاصي والآثام ، وهذا الشعور المُهيمن هو خير وقاية من الوقوع في التقصير والتعدي والظلم و براثن الإجرام والخيانة ، و حينما نتأمل مضامين العديد من صيغ الذكر مع الصلاة نجدها تُنشئ وترسخ وتعزز هذه المعرفة الإيمانية ، ومنها : (( اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت ، و ما أسررت و ما أعلنت ، و ما أنت أعلم به مني ، إنك أنت المقدم و المؤخر ، لا إله إلا أنت )) (( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )) ((اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يُجهل علي )) وقد ورد الزلل و الظلم هنا تصريحاً ..(( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد )) 4) خلق دوافع الزيادة في الطاعة : وهو من ثمار الدعاء المُتقبل ومن إيحاءاته ، (( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )) و (( اللهم استخدمني في طاعتك )) و في الدعاء الذي صححه الإمام الالباني : ((اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُل قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا )) ... 5) التأدب مع الله بالاعتراف بنعمه و شكرها ومحبته تعالى : ((أبوء لك بنعمتك عليّ )) وهو من سيد الاستغفار ، و في أذكار الصباح والمساء ((اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد و لك الشكر )) ((ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه )) وهو من أدعية بعد الاعتدال من الركوع في الصلاة ، و يُستحب أن يبدأ الدعاء بذكر طائفة من نعم الله وصفاته ، مثل : (( اللهمَّ أنتَ خلقتَ نفسِي وأنتَ توفَّاها، لكَ مماتُها ومحياها، إن أحييتَها فاحفظها، وإن أمتَّها فاغفِر لها. اللهمَّ! إنَّي أسالُك العافِيةَ)) . 6) تعلق القلب بالآخرة ، في تذكر الجنة و سؤال الله إياها والتعلّق بما أعد الله لعباده الصالحين في الآخرة و تحديث النفس بالجنة دافعية عجيبة لزيادة التقرب من الله تعالى و الضفر برؤية وجهه الكريم والعيش بسلام من خاتمة سوء ، وذلك بالتعرف على الجنة وما أعد الله لأهلها فيها ، ويجد العبد وصف ذلك في كتاب الله ويجد تفصيله في أحاديث النبي الأمين حين يطالعها ويتعلمها ، ويجد ذلك في المحاضرات وفي حلق الذكر ، كما يجد وهجه في أدعية طلب الجنة ((اللهم اسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل )) ((وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك )) ((فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس)) وتوجيه نبوي مقتبس من حديث على شرط الشيخين البخاري ومسلم و أخرجه البخاري . 7) استجلاب الصبر : و حين يُدرك المؤمن خلق الصبر على محاب الله ومرضاته و يتطبع به تسهل عليه الكثير من الطاعات التي فيها مشقة وتعب وحرمان مؤقت للنفس من بعض مشتهياتها ، وفي الحديث ((وما أعطي أحدٌ عطاءٌ خيراً وأوسع من الصبر)) ومن وسائل إدراك خصلة الصبر معرفة مكانتها وثمرتها وسير أهلها و يجد المؤمن هذا مبثوثاً في كتاب الله الذي يتلوه ويستمع إليه في صلاته و يرتله في خلوته معه و يحفظه مُستظهراً له ، كما يطلب من الله تعالى أن يرزقه الصبر . 8) استمطار الإعانة والتوفيق : يسأل المُصلي مولاه : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )) ، و يسئله بُعيد فراغه من صلاته أن يُعينه على ذكره وشكره مُستجيباً للهدي النبوي الذي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم به معاذاً : ( يا معاذ ، إني أحبك في الله ، فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) . 9) تحقيق التوكل على الله ونيل ثمرة التوكل ، ففي مدرسة الذكر يتعمق للعابد اليقين بقدرة الله التي لا حدود لها إلا مشيئته وحكمته ، و يوقن بضعفه وحاجته إلى الله تعالى يُعينه ويهديه ويُثبته ويشرح صدره و يُيسر أمره ، ويخرج من بيته فيقول من قلب حاضر : ((بسم الله آمنت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله )) و يدعو الله تعالى : (( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، و أصلح لي شأني كله ، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا )) 10) تعميق روحية التواضع : من دروس مدرسة الذكر أنّ العابد يُدرك مقدار ذاته ويعرف عظمة الله فيتواضع له أبداً ، كما يُدرك أن الله تعالى صاحب الكبرياء و العظمة والجبروت ، و أنّ الله تعالى لا يُحب من كان مختالاً فخوراً فيتواضع للناس من غير تذلل . يركع العابد لله فيقول : (( سبحان ربي العظيم )) ، ويضع وجهه ويمكن راحتي يديه وأصابع قدميه من الأرض ساجداً ويردد : (( سبحان ربي الأعلى وبحمده )) . 11) تحصيل طمأنينة القلب : لا يطمئن قلب المؤمن إلا بذكر الله ، فالله مولاه ومالك أمره وهو القدير جبار الأراض والسماوات فإليه يلجأ و به يحتمي ويلوذ ، ويثق بمولاه : نصره وتوفيقه ففي الحديث القدسي ((قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي وأنا معه إذا دعاني )) . في رحاب الله يجد المؤمن طمأنينة قلبه وسكون روحه وهدأة ضميره وانشراح خاطره ، وهذا مصداق لقول الله تعالى (( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) ، وقد كان سيد الخلق ينادي مؤذنه بلال الحبشي لُيقيم الصلاة قائلاً : ((أرحنا بها يا بلال !)) ، وهذا مقام الصلاة التي يحرص المسلم أن يرتفع إلى مستواها لا أن تكون عنده حمل ثقيل يسعى أن يصليه فيرتاح منه ، أنه هنا يغدو حمل لا صلاة في الحقيقة يتصل فيها إلى بمولاه وتعرج فيها روحه فتسبح في رحابه ، نعم يهتم ويكون همّه صلاته أن يؤديها لا أن يرتاح منها بحسبها حملاً ...

السبت، 17 مايو 2014

الإخلاص.. المضمون والفاعلية

بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث الإخلاص هو واحدية وتوحيد جهة القصد في العمل فيكون العمل خالص متخلّص نقي مصفى من قصد الغيرية الغرضية والإنجازية المخالفة لظاهر العمل ولجوهره وحقيقته وما ينبغي له من غرض عقلاً ومنطقاً وخلقاً سوياً ،وسلامة من التناقض ،الإخلاص إرادة قلبية لازمة لصحة العمل والخلق تمنحهما الروحية الحقة، لا مجرد المراوحة عند تخومهما أمنية جافة لا حياة في أوصالها ولا ري يسقيها .وهو باعث وجداني وعرفاني نتاجه الحيوية والإندفاع ،أساسه الغالب الفهم الصحيح والرؤية الثاقبة والإصرار على الدأب في القصد والمسعى مع تعهد لذلك الباعث على الدوام ،وهو شعور دافع للذات للمثابرة الدائمة والفعالية العالية في سبيل تحصيل المرغوب والسلامة من المرهوب. كلما توفر للعمل الصالح الإخلاص كان أحرى بصاحبه النجاح فيه والتفوق في أدائه، فالإخلاص حامل على الإتيان بالعمل كأفضل ما يمكن وأفضل مما كان وظهر من قبل لدى صاحبه ولدى الآخرين ،إنه دافعية للإبداع ومولّد لسكب التجارب والمعارف والخبرات والبحث عن مزيدها في مشهدية إنجازية جديدة متجددة متقدمة ترنو إلى الأفضل ،هو حامل على استفراغ الطاقة .إنّه يقفز بالعمل من كونه مهمة ثقيلة يجب القيام بها إلى رغبة جارفة وتوحد معها بحيث تصبح حاجة للفرد وجزء من كينونته وهنا تكمن خطورة الاخلاص وقيمته ،إنه الارتباط العضوي مع العمل ومع الآخر والتضحية من اجله ومن أجله فقط لا لمصالح ضيقة إلا إن كانت شرعة الإخلاص هنا تحتملها وتقتضيها لمزيد إخلاص ولمزيد عمل بالإخلاص وإخلاص في العمل. ما خالط الإخلاص عمل إلا كان حرياً بالتلهف لمعرفته ومعرفة مضمونه والتعرف على صاحبه المخلص ،وما اتصف به إمرؤ في عمل او في جانب من حياته او كل حياته إلا كان مستحقاً للإهتمام بمعرفته ومعرفة طبيعة عمله وإنجازه فيه .هو منهج حياة وبصمة تميّز بل هو مصدر التميز وباعثه. يُحمد الإخلاص حين يكون خلاصة للرغبة الصادقة والفهم الصحيح للعمل الصالح ،انه تشمير عن ساعد الجد واطراح للكسل والمن والتسويف .وقد يقدم الانسان على عمل ويخلص فيه وربما كان به وفيه قدوة في الإخلاص وفي الإخلاص قدوة مع أنّ هذا العمل غير صحيح وغير صالح وضار مضر بالذات وبالآخر وربما بالمبدأ ذاته الباعث عليه ،إما من وجهة نظر غيره وقد يكونون كثر او معظم الخلق ،او من وجهة نظر الدين او العقيدة او القانون او الفكر والايدلوجيا التي يصدر عنها وينطلق منها وينتسب لها ،أو مجموع ذلك ،وهذا ناتج عن الفهم السطحي مع الرغبة الجامحة التي قد لا تسمح للمرء في احيان ان يقف ويتأمل مدى صحة عمله وخلوه من الخطاء والتناقض مع منطلقه الفكري والعملي .وعمل من دون فهم صحيح له يسير اخلاص صاحبه بتعثر بمجاهيل سبيله. حاجة الانسان للإخلاص تنبع من جهتين جهة ذاته فيخلص في عمله ليتحقق له الرضاء عن عمله و يشعر بكينونته ووجوده في الاعمال او العمل الذي نذر حياته ويشعر بها من خلاله ،ويخلص ليتمكن من اتقان العمل وتحقيق الإبداع ،ويؤدي العبادة مخلصاً فيها متقناً لها من اجل الله الذي لا يرضاها ولا يتقبلها الا ان كان قد أداها خالصة له من دون قصد رضا احد سواه ولا مثوبته ولا جائزته. لا يدرك غير العاقل حقيقة الاخلاص في قلب المرء ،ولكنه شعور يجده العامل من نفسه ،وأثر يبدو في عمله وكسبه وإقدامه وإحجامه ونشاطه وكسله وحماسه وفتوره ورغبته وقناعته وطمعه وزهده ،اثر يراه ويشعر به المحيطين حوله ولربما فاض عن دائرته القريبة حتى عرفه الابعدين في المكان والابعدين في الزمان . الإخلاص في العبادة المحضة : اخلاص العبد العابد لمولاه ان يقصد رضاه ومحبته دون ان يشرك معه احد غيره في الرغبة وذلك في كل عمل يبعثه التعبد المحض عليه ويباشره من منطلق تعبدي ،يؤدي عمله التعبدي لا ليعرف ذلك عنه الناس ولا ليكسب محبتهم ولا مكرمتهم ولا تقديمهم له والسلامة من تأخيرهم له ،انه عمل لله تعالى وحده لا شريك له في رغبته وقصده ،بل ان قصد رغبة احد سواه تتنافى مع قصده سبحانه فلا يحتمل عمل تعبدي إشراك ففي الحديث الذي رواه الامام مسلم : ((قال الله تبارك وتعالى : أنبأنا أغنى الأغنياء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري ؛ تركته وشركه))ان العمل حين يخالطه اشراك فانه يفوّت على صاحبه حضه الاعظم منه بل ويعود عليه بالخسارة والوبال كما ورد في حديث الثلاثة الذين تُسعر بهم النار ،فهو في الواقع فرط في العمل التعبدي لان شرطه ان يكون خالص لله وان يكون صحيحاً موافقاً لما شرع الله تعالى ،كما انه وبدلاً من ان ينال رضى الله ومحبته لإخلاصه فانه ينال سخطه وغضبه ومقته .انه بدلاً من ان يستحق المثوبة يصبح مستحق العقوبة لتفريطه ولسوء أدبه ،ان الله تعالى في غنى عن اعمال العباد ولكن هم مستفيدين من عملهم ان قصدوا به وجه الله اما ان اظهروا للناس الاخلاص والسلامة وابطنوا لعليم السرائر غير قصد رضاه والتعبد له بما جعله شعيرة لعبادته فانهم على خطر عظيم .يقول الامام حسن البنّا : ((و أريد بالإخلاص :أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه الله , وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر , وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة , لا جندي غرض و منفعة , (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) , و بذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافه الدائم (الله غايتنا)...)). قد يتعب المؤمن والمؤمنة نفسيهما من اجل القيام بالعمل الصالح ثم لا يجتهدا في ان يخفيا عملهما هذا عن الناس او عن بعض الناس بداعي الرياء والفخر وحصول مدحهم واعجابهم وثنائهم ،كصيام او انفاق مال او قيام ليل او حفظ للقرآن الكريم ثم يظهرا ذلك للناس بداعي الرياء والسمعة. إنّ الأولى بالمؤمن ان يكتفي بعلم الله بعمله فلا يتطلع من بعد الى علم المخلوقين وماذا يساوي علمهم عند علم الله وماذا يساوي رضاهم عند رضاء الله ،هل يساوي هباءة ،بل لا يساويها ،يقول الله تعالى ((وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )) . و الأولى بالمؤمن على الدوام ان يجتهد في العمل الصالح ويحمد الله تعالى ان وفقه إليه وأقامه فيه ،ثم ينسى ذلك ويتناساه حتى عن نفسه كي لا يدخله العجب ،ويمنّ ويدل على الله تعالى به ،خاصة ان خشي ذلك من نفسه .وان اظهار العمل الصالح والتوفيق الالهي في حال تقديم القدوة والمثل للناس او لبعض الناس ليشمروا ويفعلوا ذات الفعل او اكثر منه وافضل ان هذا مما لابأس به بل هو يحسن ان ضمن المؤمن من نفسه عدم الوقوع في براثن الرياء ،ومثل هذا الاعمال الخيرية ،ومنازلة درجات القرب من الله تعالى ،قال الله تعالى (( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) ،وقد يدخل الشيطان او يحاول الدخول الى قلب المؤمن عبر تخويفه من ان يكون مرائياً في طاعة ما وإن الافضل له ليدفع عنه كيد الشيطان ان يذكر نفسه انه انما يعمل الأولى به كمؤمن وطامع في الله وما عنده من الاجر والثواب الذي يدخره لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويسارعون فيها ويتنافسون إرضاء لله ،وقد قال الإمام ابو حامد الغزّالي في الإحياء ((فلا ينبغي أن يترك العمل عند خوف الآفة والرياء فإن ذلك منتهى بغية الشيطان منه إذ المقصود أن لا يفوت الإخلاص ومهما ترك العمل فقد ضيع العمل والإخلاص جميعا)). ان المسلم يستعد بعمله الصالح على القدوم الحسن على الله فلا يفسد ما اعدده لنفسه عبر المرآة به ،إنّ عليه ان يحرص قدر ما يستطيع على كتمان عمله الصالح ،حتى انه يخفي عن يده اليسرى ما تنفق اليمنى وفي هذا القدر من الخفاء مزيد فضل من الله تعالى فمن العشرة الاصناف من الناس الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة ،يوم لا ظل الا ظله (( و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))والحديث رواه البخاري ومسلم وصححه الامام الالباني. وعباد الله المخلصين هم الذين اصطفاهم الله فاخلصهم واولئك تحديداً لا سلطان للشيطان عليهم فهو عاجز عن اغوائهم واضلالهم . قال سيد قطب في ظلال القرآن في تفسير قول الله تعالى حكاية من قول الشيطان :((قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)) قال سيد رحمه الله : ((والله يستخلص لنفسه من عباده من يخلص نفسه لله ، ويجردها له وحده ، ويعبده كأنه يراه . وهؤلاء ليس للشيطان عليهم من سلطان .هذا الشرط الذي قرره إبليس اللعين قرره وهو يدرك أن لا سبيل إلى سواه ، لأنه سنة الله . . أن يستخلص لنفسه من يخلص له نفسه ، وأن يحميه ويرعاه )). الاخلاص للوطن : يسعد الوطن بإخلاص بنيه له ،ويكون منهم الإسهام الايجابي والمثابرة الخلاقة في المجال الذي يعملون فيه ،وكلما ارتقى المرء في سلم المسؤولية كان لوجود اخلاصه لوطنه تأثير جميل اعمق وأثر ايجابي أوسع ،والعكس صحيح فكلما افتقر من اخلاص لوطنه ترك وجوده في موضع المسؤولية الاثر السلبي والتأثير الذي يسر العدو المتربص ،انه كلما توفر للوطن عدد اكبر من المخلصين من ابنائه حتى اصبح الاخلاص له صفة لغالبيتهم على الاقل فانه حينذاك يزدهر ويترقى ويتقدم ،وان اعترضته تحديات او عراقيل تخطاها وكنسها من طريقه الهادر بفعل ابنائه الخُلص الذين يعلون مصلحته فوق مصالحهم وقضيته كوطن فوق قضاياهم .وما اتعس الاوطان حين تبتلئ برجال في اعلى هرم السلطة ،بخاصة ،لا يملكون من الاخلاص الا إخلاص لأنفسهم ومقربيهم على حساب الاخلاص للوطن فيبنون ويهدمون ويظلمون ويضيئون ويفرشون ويطوون ،فيبنون ممالكهم ويهدمون مملكة الوطن ،يظلمون دروب الوطن ودروب بنيه بتجهيلهم والحفاظ على جهلهم وينيرون بصائر ابنائهم ومقربيهم في اسس الانانية وظلم الوطن بطريقة ناعمة ،يفرشون دروبهم بخيرات الوطن ويطوون عن الوطن درب العزة والمجد والتقدم والفخار والازدهار. يصف ول ديورانت في (قصة الحضارة)البندقية في عهدها الزاهر ((كانت البندقية تنتعش انتعاشا سريعاً بفضل تعاون جميع طبقاتها تعاوناً منظماً قائماً على الإخلاص للمصلحة العامة في سبيل إعادة التجارة والرخاء المادي))وقال في دعامة في قيام الدولة : ((لقد قامت الحضارة اليونانية القديمة على الإخلاص لدولة المدينة والتفاني في حبها)) . الإخلاص في العمل : مدني كان ام عسكري عام أم خاص ،الاخلاص مفتاح للنجاح فيه ،كما هي الرغبة فيه مفتاح ثان لا ثالث له وقد تعوض عنه الحاجة اللازمة له ،ولكن شتان بين روح الرغبة وروح الحاجة ،غنية روح الرغبة وفقيرة روح الحاجة ،والاخلاص في العمل يتضمن تمام الحرص على الاتقان فيه وتحسين الأداء وتجويده على الدوام سواء تم تقدير العامل من صاحب العمل ورئيسه ام لا ،وهذا يتطلب من جانب صاحب العمل ورئيسه التحبيب والترغيب في العمل المعني وبيان اثره الايجابي في المجتمع كما يتطلب منه التلطف مع العاملين وتجنب القسوة معهم الا عند الحاجة الماسة وبالقدر المناسب ،ان يكون بشوش متواضع في غير تبذل ولا ترخص يسقط الهيبة . الإخلاص للمبدأ : فيتفانى في سبيل خدمته واظهاره ونشره وكسب المعتنقين والمناصرين له ،انه يعني العيش من اجله وفي سبيله طالما هو مقتنع به ،ولا يمنع هذا ان يسعى ليزداد به اقتناعاً وايماناً ليزيد من مضمون اعتناقه له ،بل ان من صحة الايمان بالمبدأ السعي لتعميق الايمان به وتحصيل الاطمئنان القلبي به حتى يزداد تمسكاً به عن علم ومزيد علم .يقول الامام حسن البنّا : ((إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها ، وتوفر الإخلاص في سبيلها ، وازدادت الحماسة لها ، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها )) التربية على الإخلاص : إنّ المرء يحتاج ان ينمي في نفسه وروحه الإرادة المخلصة ،كما ان عليه ان يبادر اي حشائش ضارة بشجرته ودوحته قد تنمو في روحه ،يجب ان لا يسمح ببذرتها ولا بنبتتها ان تظهر بل يجتثها بسيف الإرادة المخلصة ،انها ان تواجدت ووجدت لها فرصة الانبات والظهور تصبح عصية على القلع بل لا ينكرها صاحبها وتكون مرحب بها ومقبولة ويتكيف معها فتسيطر عليه وتوجهه شر توجيه ويتبدل به الحال من محسن الى مسيئ ومن حسن الى سيئ ومن محق الى مبطل ومن عادل الى ظالم ،انها تخرب لديه جهاز المناعة الذي يحول بينه وبين الردي والضار من الاعمال بل و الإجرام والصلف والعربدة ،بحسب المتاح لديه من امكانية على ذلك ونقيضها . ومن المهم تعهد شجرة الاخلاص في قلوب الناشئة وعقولهم حتى لا تغتالها وتجتثها وتحل محلها شجرة النفاق والمجاملة والمداهنة والتملق فتفعل بهم وبسواهم فعلها القبيح ونتاجها الشائن .وان من تعهدها عدم السماح لشجيرات المصلحية الضيقة والغائية التشاركية في العمل التعبدي بالنمو ،مطلوب مننا ان نكافئهم ونشجعهم بالكلمة الحسنة والإيمائة الطيبة ولكن ان لا يصبح هدف الصغير من تعبده ان يحصل على هذا منا ولكن لنواصل تذكيره كما تكريمه بان هذا العمل هو لله ويجب ان يكون كذلك وما هذا الذي يجد منا الا (عاجل بشرى المؤمن)،اما الكبير فينا اذا مدح فانه اكبر من ان يغتال نيته في كسبه البديع مديحنا ولكن لا يكون هذا ديدن لنا ولنتعرف على من نمدح قبل ان نمدحه ،ولا نكثر من هذا فنقطع عنقه ونكسر صلبه ،وفي الحديث المتفق عليه((عن أبي بكرة قال : أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ويلك قطعت عنق أخيك " ثلاثا " من كان منكم مادحا لا محالة فليقل : أحسب فلانا والله حسيبه إن كان يرى أنه كذلك ولا يزكي على الله أحدا " . وختاماً ... يمنحنا الاخلاص السعادة وتحقيق التناغم الداخلي بين المبدأ والممارسة ،وبين الممارسة والحرص على الاتقان والإحسان فيها .

منهج الرشد كما ترسمه سورة الكهف

بقلم : مرعي حميد/ مفكر وباحث اشتهرت سور القرآن الكريم بتسمياتها :البقرة،آل عمران،النساء،الشمس،الليل،الضحى... وفي الغالب لا توجد علاقة بين اسم السورة وموضوعها ،و لكل سورة من سور القرآن الكريم موضوعها الذي تدور حوله وتتحدث عنه وتتطرق وتشير اليه في مضمونها العام ذلك مما وفقني الله لاستنباطه ،وقد تختص اكثر من سورة بذات الموضوع مع اختلاف في طريقة العرض وتنوع واختلاف بين اسهاب وايجاز . و تنبع اهمية هذا الادراك لموضوعية سور القرآن الكريم من انها تقدم لمن يقف عليها ويستوعبها قدر كبير من المعارف كما تمنح القارئ لكتاب الله وسيلة جذب وتشويق للتلاوة والانصات كما تمنحه قدره اكبر وحافز على استحضار الذهن والتركيز التام والتفاعل العجيب مع موضوع السورة وفكرتها وسبر اغوارها والخروج بفوائد جليلة تنعكس ايجاباً على حياة التالي ،كما ان هذا الادراك سيكون عامل مساعد على حفظ السورة فهو يمنح الحافظ فرصة افضل ليعيش جو السورة ويدرك المضمون العام لآياتها ،كما ان هذه المعرفة تساعد صاحبها على التعرف على اسم السورة وموضوعها من خلال استماع بعض آياتها من تاليها اماماً كان او خلافه وبالتالي قدرة اكبر على الانصات والخشوع . وتدل هذه (الموضوعية الواحدة المتسقة)على الاعجاز الموضوعي في القرآن الكريم ،فكل سورة من السور الطوال ،تحديداً،غالباً لم تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في وقت واحد ولكن نزلت مفرقة ،وتجد معظم آيات السورة نزلت لاسباب ووقائع متعددة ،ومع هذا فان كل السورة تذهب الى موضوع واحد وتصب في معنى اجمالي عام .وكما ان الكاتب يحرص ان يكون مقاله او (موضوعه) متحدثاً عن موضوع واحد ،فان لله المثل الأعلى ،و كما تجد في آيات السورة الآية منها وربما الاثنتين معاً والثلاث تعطي فكرة واحدة فان في مقال الكاتب تجد فقرة او اكثر تدل على فكرة واحدة و تصلح لإبرازها بمفردها او جعلها من روائع القول مع انها اخذت من مقال (موضوع)واحد متكامل . سورة الكهف التي يحرص المسلمون على تلاوتها يوم الجمعة موضوعها هو الرشد ،وربما هذا هو سر اختيارها للتلاوة كل اسبوع من بين سور القرآن الكريم،والرشد هو التصرف السليم والسلوك القويم في مختلف المواقف كما انه يعني النضج النظري والعملي ،الفكري و الواقعي . والرشد نقيض الغي ((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) ((وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً )) .والرشد ،كما الغي،ليس على مستوى واحد بل هو متفاوت وهو قابل للزيادة كما هو معرض للنقصان ولذا فان السوي من الناس الاولى به ان يزداد رشدا (( وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا )) جاء في التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسير سورة الكهف ((والرَّشد بفتحتين : الخير وإصابة الحق والنفع والصلاح )) وفي تفسير سورة البقرة قال : ((والرشد بضم فسكون ، وبفتح ففتح الهُدى وسداد الرأي ، ويقابله الغيّ والسفه )) وبينهما تماثل وتقارب وتطابق ... ونتناول هذا الامر ونفصله تحت العناوين ادناه ونترك ترتيب الورود الى ترتيب الآيات في السورة نفسها لسهولة التعرف عليها: منهجية الرشد : يسعى الانسان السوي الى ان يكون من الراشدين في حياتهم بل ويسعى الى ان يرشد غيره الى سبيل الرشد ،ما هو السبيل للوصول الى منهج الرشد ،تجيب عن السؤال سورة الكهف كما يلي : 1. العلم والصدق : العلم والصدق مخالفة لصفة اهل الغي (( مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا 2. السلطان البيّن : (( لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) 3. الشهادة والحضور (( مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا 4. اجتناب الجدل : (( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً 5. لا مادية الاعتقاد والتفكير : (( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً 6. تجنب موانع الرشد والفقه والتخلص منها : (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا 7. تقديم الدليل المادي ان وجد والحرص عليه : (( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً (58)وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا 8. الحرص على تحصيل الرشد (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا )) ((وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً )) 9. الحرص على ادراك رحمة الله : عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا 10. العلم اللدني : عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا 11. التعلم ممن يعلم : (( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا والآية تدل على ان المقصود الحق بالعلم هو الرشد 12. مداولة الآراء ونقدها في احترام وتوقير: ((قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)) 13. الصبر في طلب العلم : ((ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا )) منهجية الغي : للغي منهجية قد يسلكها المرء بعلم او بجهل ويسحب خطاها الى حياضها حتى يغرق في بحر الغي وظلماته : 1. دفع الحق بالباطل : (( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ )) 2. رفض الآيات والدلائل الواضحات : (( وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا ؟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا)) 3. امتلاك موانع الرشد والفقه : (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)) 4. عدم الاستجابة لصوت الهداية والتعقل: (( وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا)) 5. أي لن يأخذوا اشارات هداية الدلالة مأخذ الجد فهم معرضون ولن يستجيبوا فيعملوا بما يكون سبب في هدايتهم والا فالهداية تبقى هي هداية الله 6. القول والعمل والمحاججة من دون العلم اللازم لها ((مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ )) 7. الفساد والافساد في الارض : ((إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ )) 8. اظلال الله تعالى : (( ومن مصادر الرشد : الوحي والايمان به وبالكتاب : ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا )) ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ )) الدعاء و اللجوء الى الله تعالى : (( فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا )) الهداية الإلاهية وزيادتها : (( مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا )) ))(( وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )) ))(( وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ )) صفات الراشدين : 1 . الايمان بالله وعبادته و عمل الصالحات(( الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ )) ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً)) 2 الهداية ))وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )) 3 الحرص على رشد الاخرين : (( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا )) 4 عدم ادعاء الكمال : (( قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ )) 5 التلطف في السلوك والرفق في التصرف : (( وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا )) 6 اليقين بوعد الله : ((كَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ )) 7 الايمان باليوم الآخر : (( وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا )) 8 ترك المماراة (( فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا )) 9 ارجاع المشيئة لله (( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ )) 10 ذكر الله تعالى : (( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ )) 11 سؤال الله الهداية لمزيد الرشد : ((وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا )) 12 الصبر : (( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ )) 13 عدم ايثار الدنيا وزينتها : (( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) 14 الامتناع عن طاعة من اتبع هواه : ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )) 15 قول الحق : ((وَقُلِ الْحَقُّ )) 16 عدم الاشراك بالله : (( وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا )) 17 الايمان : (( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً)) 18 الاستغفار : (( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً)) 19 الحذر من النسيان : (( فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا)) 20 تحمل التعب من اجل تحصيل الرشد ومزيده : ((قَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)) 21 الحذر من مكائد الشيطان : (( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)) 22 التراجع الفوري المُبصرعن الخطاء وفي حال النسيان: (( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)) 23 الحرص على رحمة الله : (( عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا )) فهي اساس الرشد ولذا كانت البسملة في مطلع التلاوة وهي محفوفة بالرحمانية وطلبها 24 طلب العلم وتحصيل مزيده : ((قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)) 25 الصبر في طلب الرشد ودروبه والتخلق بأخلاق طلبه : ((قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا )) (( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا )) 26 تعليم العلم لمن يقوم بشروطه : ((قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا )) 27 البعد عن الجناية بحق الآخرين كبيرة كانت ام صغيرة في حد ذاته وفي عواقبها : ((فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )) وقد كان قول موسى في ظاهره وجيهاً لكن كان فعل الخضر في باطنه وجيهاً فانما كان فعله (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) ،ويتكرر التجني بل الاجرام للوهلة الاولى ((أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ )) ولكن الجواب والسر الدفين العجيب ((وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا )) 28 بذل النصيحة وان بلغت المعاتبة : ((حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )) 29 الاعتذار للمعلم والاعتراف بالخطاء واعذاره فيما يتخذ من عوقبه في حال تكرار الخطاء من المتعلم ((قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)) (( قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا )) 30 اجتناب المؤاخذة خاصة من المعلم لتلميذه طالما كان الخطأ او التقصير عن نسيان ومن دون ارادته : (( قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)) 31 انكار المنكر ((قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا)) 32 طرح الآراء وتقديم الافكار دون تردد فلعل رأياً او فكرة توافق صواباً: ((فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا )) 33 الحرص على تقديم النفع خاصة لأهل الرشد ((فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)) وقد كان السبب ((وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)) 34 الصراحة والوضوح : ((قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا )) 35 الحرص على الافادة : ((سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا)) 36 ارتكاب اخف الضررين في حال الاضطرار الى احدهما ((أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 37 الحرص على العمل الشريف ومؤازرة اهله : (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 38 الرحمة بالضعفاء والمساكين : ((أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 39 الحرص على المعلومات الصحيحة (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 40 بناء القرار الملائم والمناسب بناء على المعلومة الصحيحة (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا 41 تنفيذ القرار كما هو من دون زيادة ولا نقصان ((فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا)) ((خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا))ولم يكن ما احدثه من خرق الا بما يعيب السفينة ولا يعرضها للغرق ولكن في طبع موسى عليه السلام حدة معروفة ((وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ)) 42 عدم اتخاذ المضلين عضدا : ((وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا )) 43 اتخاذ الاسباب : (( فَأَتْبَعَ سَبَبًا )) 44 العدل : ((وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )) 45 الاعتماد على الله و رجاء توفيقه وتمكينه بعد الاخذ بالأسباب : ((قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا )) 46 تفضيل العمل الجماعي والدفع بالمشاركة الجماعية وتجنب الفردانية والتفرد في صنع الانجاز وتحقيق الهدف وبلوغ الغاية ((فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا )) وتلاحظ هنا المفردات : اعينوني،آتوني،انفخوا ..آتوني مرة ثانية .. 47 الاستفادة من الطاقات وعدم إبخاس الناس حقهم في المشاركة بحسب طاقاتهم وعدم تكليفهم باكثر مما يحسنون مع خلق روح الايجابية لديهم ((فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا )) 48 الإتقان في العمل والإخلاص فيه : ((فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا )) والمعيار ((فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )) 49 الاعتراف لله بالفضل والمنة ،والبعد عن الغرور بالصنيع الحسن والتشبّع به: ((قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي )) 50 اغتنام الفرص في تذكير الخلق بخالقهم وقدرته واحسانه :((قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي )) ((قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) 51 عدم طلب التحول من المكان والحال الحسن والمكانة الطيبة : ((لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً )) ماذا للراشدين : • دخول الجنة والخلود فيها : (( لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا )) ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً )) • التوفيق والنجاح وادراك لطف الله وعونه في الدنيا : ((وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)) • التمكين في الأرض : ((إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ )) • التزويد بأسباب القوة والنجاح : (( وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا )) صفات غير الراشدين : كما انه من المهم معرفة صفات الراشدين فانه من المهم كذلك معرفة صفات غيرهم،حتى يدرك الانسان ،والغافل خاصة،من أي الفريقين هو،والى أي حد هو متصف بصفات احدهما،كما ان الضد يُظهر حسنه الضد،وفي التعرف على صفات غير الراشدين توقي من الاتصاف بها ،و قد تناولت السورة الكريمة هذه الصفات اجمالاً لها وتفصيلاً : 1 الرجم بالغيب والقول من غير علم : (( راَجْمًا بِالْغَيْبِ )) ومنه القول على الله : ((قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا)) 2 الغفلة عن ذكر الله ومنه القيام بطاعته (( مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا )) 3 اتباع الهوى (( وَاتَّبَعَ هَوَاهُ )) 4 التفريط واضاعة ما حقه ان يحافظ عليه ويُقام به : ((وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )) 5 النظرة المادية والاستكثار بعرض الدنيا : (( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا )) 6 ظلم النفس : ((وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ )) 7 الظن السيئ و طول الامل : (( قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا )) 8 عدم الايمان بالساعة : وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)) (( الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ )) 9 الامنية الحسنة بغير عمل يوافقها : ((وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا )) (( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا 10 مخالفة امر الله : (( فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ )) 11 اتخاذ الشيطان ولياً مُطاعاً من دون الله : (( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً )) 12 الزعم في ما يتصل بالاعتقاد : (( وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا)) 13 الاشراك بالله : (( وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ )) 14 الجدل : (( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً )) (( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا)) 15 الاستهزاء بآيات الله وانذاره (( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا )) ((ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا )) 16 الاعراض عن آيات الله : ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا )) 17 نسيان الخطايا والآثام )):وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ)) 18 إمتلاك موانع الرشد والفقه : ((إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)) 19 أخذ ما ليس بالحق واغتصابه : (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 20 الاستخدام السيئ للقوة والقدرة والمكانة : (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 21 التجرد من الرحمة والاتصاف بالقسوة والفضاضة والغلظة : (( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)) 22 اتخاذ الشيطان ولياً : (( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)) 23 محدودية الفقه : (( قَوْمًا لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً )) 24 الكفر بالله : (( وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا 25 الإعراض عن ذكر الله : (( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا )) جزاء غير الراشدين : • دخول النار (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا)) • حرمان التوفيق في الدنيا وحلول النقم : ((وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا )) • إحباط العمل (( فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا )) • الحرمان من لقاء الله و النظر الى وجهه الكريم في الجنة : (( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) نماذج للفريقين : وكما تضمنت السورة جزاء الراشدين وعاقبة سواهم تضمنت السورة نماذج للفريقين : فضربت للراشدين نماذج :أصحاب الكهف ،صاحب ذي الجنتين ،موسى عليه السلام ،الخضر عليه السلام، ذي القرنين الملك العادل، و لغير الراشدين : صاحب الجنتين،الملك الظالم، ابليس، قوم ياجوج وماجوج . كما تضمنت السورة آيات دالة على كمال الله وبالغ حكمته،وتضمن آيات هي قواعد مهمة للمسترشدين والراشدين ...