الثلاثاء، 3 فبراير 2015
رفض النُصح .. استماعاً وامتثالاً
رفض النُصح .. استماعاً وامتثالاً
بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث
تعريف النصيحة :
النصيحة هي الخطاب الموجه من فرد لفرد آخر أو لمجموعة أفراد يدعوهم فيه إلى القيام بعمل ما أو الانتهاء عنه على سبيل الترجي والتمني والتودد لا على سبيل الأمر والتوجيه . و هي مظهر الإخلاص للمنصوح والصدق في ابتغاء مصلحته ينالها و يضاعفها و يتجنب ما فيه مضرته أو مضرة من يقع في دائرته ، ولذا سُميت النصيحة ، وقد ورد النصح في القرآن بمعنى الصدق والإخلاص في قوله تعالى : (( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ )) .
الذين يرفضون النُصح :
يأبى الاستماع للنصح كل قليل عقل مغرور مُتشدق بالكمال والجلال ، فالسوي من الناس الحريص على مصلحته ومصلحة من يقع في دائرة مسؤوليته يستمع لكل ناصح بعقل مفتوح وقلب سمح بل انه يتطلب النصح ممن يرى أن لديه ما يهمه من طيب النُصح .. كتب خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز الى الحسن البصري عظني قال فكتب اليه الحسن : أما بعد يا أمير المؤمنين فكن للمثل من المسلمين أخا وللكبير ابنا وللصغير أبا وعاقب كل واحد منهم بذنبه على قدر جسمه ولا تضربن لغضبك سوطا واحدا فتدخل النار
ويرفض الاستماع للنصح كل من لديه قدر من المسؤولية والتملك ويرى أن استماعه للنصح تقليل من مقدار مسؤوليته وتملّكه
ويرفض الاستماع للنصح كل من لديه فقر او انعدام للمسؤولية تجاه ما هو مسؤول عنه كبر ام صغر .
ويرفض النصح صاحب الهوى المُتّبع والمُتعصب لرأيه لدرجة أنه يرفض مجرد الاستماع لرأي مخالف قد يجد فيه الصواب لو أنه تأمله و تبصره .
ويرفض النصح كل من غرق في المخالفة وارتكاب المحظور والممنوع فهو به متشبث لا يتصور حياته من دونه ولا يتصور له قيمة ولا مستقبل في الحياة من دون ذلك المحظور او الممنوع . لقد استولى على شعوره وغرائزه ذلك الممنوع و أصبح يجري معه مجرى الدم بحبه ينبض قلبه ولأجله يُرخص كل غال او قيّم ، انه أكب همه ، ومبلغ علمه ورغبته ، وما كان مبلغ العلم ومنتهاه كان مبلغ الرغبة ومنتهاها .
و احتقار الناصح او ازدرائه او النظرة الى الناصح كفاقد للعلم الذي يؤهله للنصح او امتلاكه قدر غير كافي من العلم ، او التقليل من شأنه ومركزه الاجتماعي او العلمي او السياسي او الاقتصادي أو صغر سن الناصح بالنسبة لسن المنصوح ،كل تلك من عوامل رفض النصح
وقد يرفض النصح من يفسره بصورة خاطئة فيعتقد مثلاً أن الناصح انما يتنقصه ويتزيّد عليه او أن للناصح غاية او غايات أخرى غير ما يُظهره في نصحه ،
آداب النصيحة :
1) معرفة حال المنصوح بصورة حقيقية لا متوهمة
2) التعرّف على مكمن الخلل لديه والتركيز عليه و التأكد من أنه حقاً خلل وما قد يكون دافعه
3) الاخلاص لله عز وجل
4) ابتغاء مصلحة المنصوح وترجي الخير والمنفعة له تنقصه و لا التزيد عليه
5) الاسرار بها فلا تكون أمام الناس أو أمام من لا يهمه ولا يعنيه الأمر
6) تخير الوقت والحال المناسب للمنصوح
7) تقديم النصيحة في ود و لين وعدم رفع الصوت والإعراب عن حرصه على مصلحته
8) تخير الكلمات الهادئة غير المثيرة وغير الصارفة عن المقصد والغاية من النصح
9) اعتماد الاقناع المنطقي العقلي والاقناع بالقصة المؤثرة و بالنص الواضح البين القاطع
10) عدم تكرارها الا اذا تغير ضرف المنصوح
موقف الناصحين امام الرفض :
1) الدعاء للمنصوحين بالهداية والسداد من الله تعالى
2) إظهار الحرص على منفعة المنصوح كلما تيسر له
3) بعث من يراه أهلاً لنصحه وبطريقة لا يشعر بها المنصوح
4) ترك المنصوح وشأنه
5) استشعار أنه قد قام بواجبه وبما يستطيعه فلا يذهب يتحسّر على استمرار المخالفة او الاعراض عن الامتثال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق