الخميس، 26 مارس 2015

سر البلاء و أصل الشقاء

سر البلاء و أصل الشقاء بقلم : مرعي حميد / مفكر و باحث إنّ سر البلاء الذي تمر به الأمة العربية اليوم و أصل الشقاء الكبير الذي تعيشه عدد من الأقطار العربية وبخاصة مصر و سوريا و العراق وليبيا واليمن كامن في شهية الحكم والتسلط المتحكمة في سلوك وسياسات صُنّاع السياسة الحاكمة والمتطلعة للتسلط والحفاظ عليه في تلك الأقطار بدرجة أولى وفي أقطار أخرى لساستها مصالح مرجوة من خلف ما يُقحمّون تلك الاقطار فيه من بلاء وشقاء ودمار وخراب ، مطامع ورغائب تسلطية وتحكمية في مصائر تلك الأقطار وخيراتها ومميزاتها تُسترخص لأجلها الدماء وتُدمر الأوطان و تُذبح القيم و تُنحر الفضائل ، ويتم إقحام الإسلام في المنطق التبريري للعدمية و الدموية و البربرية وهو من ارادتهم و منطلقاتهم و نواياهم بريء إنما هي السياسة المُغلفة بغلاف الدين للكسب والتأثير في الرأي العام . وهذا هو البلاء الرابض على صدر أمتنا العربية منذ عقود متطاولة وقرون متتالية ، يشتهي الأوروبي والأمريكي الشمالي الحكم ويكتفي بممارسته فترة انتخابية واحدة أو فترتين فتقدمت أوطانهم وتطورت وبعدت عن أسباب الدمار والخراب التي يصنعها الانسان بجهله وتخلفه و عدميته ، لقد خلّد ذلك الغربي اسمه في قائمة الحكم ونال حظه من نهمة الحكم ، ولكن المتسلطين العرب لا يعني لهم الحكم إلا ديمومته وأبديته في ذوات الحكام وفي من يورثونهم ما لا يملكون على الحقيقة من تحكم في أموال الوطن وثرواته ومساره ومصيره ، ومما يدعو للاشمئزاز والرثاء تنقّص بعض المتشدقين العرب من النهج السياسي في الدول الغربية . صفات الشخصية السلطوية : 1. الغاية تبرر الوسيلة 2. الخوف من الحقيقة و اعتبار العمل المستمر على منع أو الحد من وصولها إلى المتلقي من أولوياته 3. تقديس الذات وغياب الإنصاف عند الحديث عن الآخر 4. الاعتقاد بعصمة الذات وملائكيتها و انحراف الآخر وشيطنته . 5. الهلامية القيمية و الفكرية والأيديولوجية 6. التوسل بالمقدس والاستعانة بنصوصه لتبرير نزعته الاستبدادية 7. غياب الواقعية في تقدير إمكانيات وممكنات الذات والآخر 8. تقديم المصلحة الخاصة على مصلحة الوطن 9. استعداد السلطويين الأقل إمكانية للارتهان للسلطويين الأكثر إمكانيات على حساب أوطانهم وقيمهم وتوجهاتهم التي يصطبغون بها 10. الظهور بمظهر الزاهد في السلطة الحريص على خدمة الوطن الذي لن يجد في المعارضين الا الفشل وفيه كل المجد والتقدم ومزيد الوعود المعسولة والاعمال المرذولة 11. ادعاء الديمقراطية و بديلها المفترض كالشوروية و تجريد الآخرين من معالمها وتصويرهم بانهم يبطنون لها العداء 12. تصوير الآخرين بانهم سلطويين ديكتاتوريين يبغون الاستفراد بكل مفاصل البلد مصورين ذلك بأنه مخالف للديمقراطية 13. التدثر بالوطنية . صفات الخطاب السلطوي: 1. تصوير أنّ الكارثة نازلة ، أو مستمرة أن خلت من تياره السلطة 2. الحديث عن التنمية و التقدم و الثورية مع استبعاد مفردة الديمقراطية من خطابهم 3. العمل المستمر لإقناع المجتمع المحلي والدولي بأنهم هم الأحرص على الوطن وأنهم هم فقط من يُعبر عن الإرادة الوطنية وأنّ الآخرين مجرد متطفلين عليها ولصوص يبغون السيطرة على مقدرات الوطن 4. استغلال كل خطاء أو تصرف جنائي ونسبه للطرف الآخر و الطرق عليه بقصد تشويهه و خلق كراهية له في صفوف المجتمع للخصم من جماهيريته و شعبيته التي يعتمدها وسيلته الوحيدة للوصول إلى السلطة والحفاظ عليها كوسيلة مثلى لخدمة المجتمع وتنمية الوطن 5. الغفلة المتعمدة والمقصودة عن من يقف خلف أي عمل جنائي يُقصد به توتير الأجواء الوطنية وزعزعة الثقة في من أوصلته أو ستوصله الإرادة الشعبية الغالبة إلى منصة السلطة ، وتحميل مسؤولية ذلك العمل وبدون أدلة لخصمهم السياسي . 6. العمل لتجريف الولاء المجتمعي من الولاء للوطن أولاً إلى الولاء للأشخاص و للتيار المنتمي إليه القائمين على ذلك الخطاب . 7. منع أو الحد من وصول الحقيقة إلى المتلقي .

الثلاثاء، 24 مارس 2015

رشفات ( الأم ، الهزيمة والفشل ، سر البلاء ، تقمص الإسلام )

رشفات بقلم : مرعي حميد / مفكر و باحث الأولى : الأم : الأم .. كلمة رقيقة راقية عذبة ، رقي كامن في تقديرها ، ورفعة كامنة في إصغاء الأبناء الفاعل لما تطلب و تود و توجه . هي منبع الحنان الذي لا ينقطع ولا يغيض حتى ولو تنكر لها من لهفتها في أن يقابلوا إحسانها بالمحبة والحنو والبر . حياتها فصول أربعة : حمل وإرضاع وتربية وحرص على ما ينفع وليدها في مستقبل حياته . ومزيج كل ذلك الحنان والعطف والحدب والتضحية الغالية ، وقد يعتريها خلالها القلق لمرض ينزل بفلذة كبدها أو معاناة يمر بها أو ضيق في معاشه أو غياب عن ناظريها وتكحيل أعينها بطلعته و سحنته . وهي تبذل من أجل هذه الفصول كل محبتها ورعايتها وسهرها و صدقها ونصحها في نكران للجميل لا يُضاهى ودعوات متصاعدات للحي القيوم الرحيم أن يُيسر لفلذة كبدها وأن يحفظه وأن يُكرمه . الأم هي مشروع التضحية الفذ الدائم ، هي الحضور البهي في حياة الأبناء ، يجدون في أحضانها ثم في قربها و حضرتها الحنان الذي ينشُدون وينشدّون له ما حافظوا على الطوية السوية . هي الملاذ و الزمان يكفهر ويعبس الأوان . محضن التربية الاول هو الأم ، هي موئل الخُلق الفاضل ، أنصح مُشفق وأصدق مُحب . كم من عظماء كانت مدرستهم الأولى و حافزهم للمعالي والمكارم . و التنكر للأم إعلان وإشهار للإفلاس الأخلاقي ، ففي طاعتها والحنان بها مبتدأ معنى الشرف والكرامة فإن فُقد في أمرؤ فقد ودعهما بعلم منه أو بجهل تغذيه نفس قاسية وعقلية متبلدة . من وحي عيد الأم 21 مارس ـ مساء الثلاثاء 24 مارس 2015 م الثانية : الهزيمة والفشل : الهزيمة هي منعطف سلبي مؤقت في حياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي ، والفشل هو محطة نهائية . ومن مفردات ومرادفات الهزيمة : الخطاء والتقصير والعيب والاخفاق والانتكاس و يكون غالباً لخطوة او مخطط أو قار او توجه تكتيكي ، والفشل ما لا يقبل الإصلاح ولا التقويم بل في حقه يكون الترك والتبديل والتخلي ، الفشل يكون للمنهج ذاته والآليات المؤصلة فكراً وممارسة وللقيادة التي تربط حياتها وحياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي بها ، حياة أو موت ، بقاء أو فناء ، صواب أو خطاء ، استقامة أو اعوجاج . إنّ الفكر والتنظيم والنظام السياسي لا ضمان لها بالبقاء وصلاحية الاستمرار إلا الواقع ، وفي ذات الوقت فإن الواقع قد يحكم عليها بالفشل النهائي وبالتالي فإن أي محاولة ترقيعية أو تبريرية لمحاولة استنقاذ الفكر والتنظيم والنظام السياسي من الموات المُحقق الذي أجهز عليها فإنها مكابرة ومقامرة وتبجح وانكار للحقائق ودس للرأس في الرمال وربما في الوحل وفي حمئة العفونة السلوكية وفي مستنقع الإجرام بعد ذلك . الثالثة : سر البلاء و أصل الشقاء : إنّ سر البلاء الذي تمر به الأمة العربية اليوم و أصل الشقاء الكبير الذي تعيشه عدد من الأقطار العربية وبخاصة مصر و سوريا و العراق وليبيا واليمن كامن في شهية الحكم والتسلط المتحكمة في سلوك وسياسات صُنّاع السياسة الحاكمة والمتطلعة للتسلط والحفاظ عليه في تلك الأقطار بدرجة أولى وفي أقطار أخرى لساستها مصالح مرجوة من خلف ما يُقحمّون تلك الاقطار فيه من بلاء وشقاء ودمار وخراب ، مطامع ورغائب تسلطية وتحكمية في مصائر تلك الأقطار وخيراتها ومميزاتها تُسترخص لأجلها الدماء وتُدمر الأوطان و تُذبح القيم و تُنحر الفضائل ، ويتم إقحام الإسلام في المنطق التبريري للعدمية و الدموية و البربرية وهو من ارادتهم و منطلقاتهم و نواياهم بريء إنما هي السياسة المُغلفة بغلاف الدين للكسب والتأثير في الرأي العام . وهذا هو البلاء الرابض على صدر أمتنا العربية منذ عقود متطاولة وقرون متتالية ، يشتهي الأوروبي والأمريكي الشمالي الحكم ويكتفي بممارسته فترة انتخابية واحدة أو فترتين فتقدمت أوطانهم وتطورت وبعدت عن أسباب الدمار والخراب التي يصنعها الانسان بجهله وتخلفه و عدميته ، لقد خلّد ذلك الغربي اسمه في قائمة الحكم ونال حظه من نهمة الحكم ، ولكن المتسلطين العرب لا يعني لهم الحكم إلا ديمومته وأبديته في ذوات الحكام وفي من يورثونهم ما لا يملكون على الحقيقة من تحكم في أموال الوطن وثرواته ومساره ومصيره ، ومما يدعو للاشمئزاز والرثاء تنقّص بعض المتشدقين العرب من النهج السياسي في الدول الغربية . الرابعة : تقمّص الإسلام : لم ولا ولن يجني على الاسلام والمسلمين أحد مثل المتقمصين الدعاوى ( الاسلامية ) باحتراف وحرفية يصعب على البسطاء والعامة والمخدوعين بهم و المغرر بهم التمييز بين الدعاوى التي ينسبونها للإسلام مبرراً ودافعاً ومنطلقاً لسلوكهم وتوجههم الفكري والعملي ، وبين حقيقة ممارساتهم وتطلعاتهم ودوافع تحركهم وانطلاقهم وسكونهم و سكوتهم . وفي ذات الوقت فان هكذا مُدعين رسميين او غير رسميين ، حكاماً ام خارج الحكم ، يستطيعون استقطاب الانصار والداعمين من خلال الشعارات الطنانة والعبارات الرنانة لكثير الوقت او لقليلة حتى يُثبت الواقع فشلها . من حق كل أحد أن ينهج ما يريد من توجه ، لا يتضرر منه احد ، وان يسعى لتحقيق ما يتمنى من تطلع سياسي او عرقي او طائفي ولكن من دون إلباس مسعاه الفردي او الجماعي لباس الاسلام بالحق وبالباطل. قد يتوافق الاسلام في أحيان مع بعض او جزئية التوجه والسلوك ولكن لا يتوافق مع جميع أجزائه ، ومن أبشع الخطاء في الفكر والممارسة أن يذهب فيلوي اعناق النصوص الاسلامية ( القرآن وصحيح السنة ) و يتصنّع أنها تتوافق مع تحركه و أن تحركه ومنهجه ككل متكامل يتناغم ويتوافق مع الاسلام . ويتجاوز ذلك فيضفي القداسة على منهجه بصفة عامة بما في ذلك أقواله هو وشعاراته وكأنه قد غدى هو الاسلام والاسلام هو ويصوّر للناس أنه ظل الله في الارض وانه مبعوث العناية والرحمة الالهية . وهذا المنطق كما هو كريه وبغيض في حد ذاته بغض النظر على نتائجه العملية وما يترتب عليه من مخاطر و آثار مباشرة وغير مباشرة . انه كذب فاقع على الله و افتراء على رسوله الأمين .

الاثنين، 16 مارس 2015

التضحية المُستحقة

التضحية المُستحقة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث التضحية عمل عزيز ورفيع يقوم به الإنسان ، و تكون بالروح كما بالدماء والوقت و العرق و بالجهد وبالمال ، وتكون التضحية رشيدة ومُستحقة كلما كان ما يُمليها هو المبدأ والهدف النبيل الجليل ، وكلّما كان المبدأ أو الهدف الذي تتم لأجله راشداً ومتناغماً مع حقيقة القيم التي يؤمن بها الإنسان صاحب التضحية ، وكلّما كان المسار الذي تكون فيه التضحية بعيداً عن أهواء و أمزجة المتزعمين له وبعيداً عن أجواء ومناخات السعي المحموم واللهاث المسعور لبلوغ مقاصد فردية لطبقة القيادة مثل التسلّط والحفاظ عليه و بأي حجج ومسوغات ومبررات و خلفيات دينية أو أيديولوجية أو اجتماعية أو اقتصادية ، وكلما كانت التضحية بعيدة عن الرؤية المانعة عن تبصّر الخطاء والخلل والانحراف في المسار على مستوى الفكر وعلى مستوى الممارسة ، ويحول بين المرء وتلك الرؤية التعصب الأعمى لأحد أمرين أو لكليهما : المنهج أو وسيلة تنفيذه ، وعلى المستويين التنظيري والتطبيقي . تكون التضحية مُستحقة كلما كانت بعيدة عن الوقوع تحت مطارق حُب الغلبة لذاتها والشغف بالانتصار والسحق والمحق مهما كانت التضحيات ومهما كانت العواقب و بغض النظر عن ما يترافق من تأثيرات جانبية ربما خارج نطاق حلبة الصراع المباشر . التضحيات الغاليات حين تكون خارج جادة الاستحقاق تغدو تضحية بالإنسان وتضحية بالأوطان وهدم للإنجاز وتضييعاً لفرصة النجاح التي قد حان وقتها أو إطالة لأمد انتظاره أو استحالة مستقبلية لها . ومما يقود إلى هذا الخسران ومزيده إلباس ( التضحية ) لباس القداسة وتصويرها أنها تصب لصالح تحقيق الأهداف وتقرير المبدأ وإنجاز الغايات و إدراك فجر التطلعات المعلومة والمرسومة . إنّ خسارة التاجر مدعاة له ومُلزمة ـ إلا ما كان أحمق ـ ليُعيد حساباته ، ولكن خسارة مُغلفة بالمبدئية والقداسة ومحض الصوابية تكون مانعة وحائلة بين صاحبها أو أصحابها وحزبها وفئتها وجماعتها وبين إعادة الحسابات والنظر في المنهج ذاته والممارسة ذاتها . إنّ الثقة المُطلقة في المسار أو الثقة العمياء في الواقع جناية عظيمة وكارثة تُصيب أصحابها أولاً وقد تتعدى إلى المجال العام ، والنص المُقدّس حينما يكون خاضعاً للفهم وللتفسير الخاضع لمطرقة الأمزجة والأهواء يكون بحاجة إلى انقاذه وليس إنفاذ الأهواء المبنية على تحريفه أو الفهم السقيم أو البليد له . وكم أوتيت المبادئ والرسالات الإنسانية والدينية وشبه الدينية من هذا الجانب . إنّ التحريفية المنهجية والعملية تنال من النص المقدس ومن قداسة المبدأ ، إنها تشوه النص وتشوه المبدأ الذي دخل عليه التحريف او هو كامن في أسه وفي أساسه . إن كثيراً من الأوهام مبنية إما على التأويل الخاطئ للنص المقدس ولربما الرؤى المنامية أو على ما يعنّ لبعض المنظرين والقادة تعميمه ومنحه القداسة والعصمة من ( قواعد ) و ( أصول ) و( معالم ) و ( أسس ) و ( ركائز ) و ( أركان ) و ( شعارات ) منهجية وعملية وهي تتعارض مع الواقع الثابت والمتغيّر ، كما على جوهر الحق والحصافة والإنصاف والرُشد والفضيلة ولكنها تتناغم مع المصلحة الضيقة للقلة أو تنتصر للفشل وتبرره وتمنحه المظهر الخلاب بل والقداسة المغرورة ؛ وغرور القداسة المكذوبة المصطنعة والتي تجعل منه أساساً صالحاً لبناء مزيد من الوهم المتردي عليه وعلى أطلاله . إنّ الدجل كما قد ينطوي عليه كلام عامة الناس وممارستهم فإنه قد يكون كامن داخل أدبيات الجماعات والتنظيمات والأحزاب والهيئات والمؤسسات وفي خطابها ومنهجها النظري والتطبيقي . إنّ تكريس عقلية الإنسان الضحية الواقعية جريمة مركبة يتحمل وزرها القادة والزعماء الذين قد منحهم البسطاء أو المقلدين و المُغرر بهم ثقتهم فبادلوهم الثقة بالخداع بمعسول القول و بملذوذ التحليل لما جرى ويجري وما يُتوقع في المستقبل القريب والبعيد والأخير ببُعديه الدنيوي و الأخروي . كما أنّ استمرار الوقوع في براثن الشر والأشرار صيداً سهلاً وغنيمة باردة حافز للأتباع ودافع يُلزمهم إعادة النظر والتبصّر والتدبير وإلا كان الأتباع يشاركون ومشاركين في وزر التهلكة . لا تكون التضحية مُستحقة ، لا سيما التضحية بالأرواح وتعريض النفوس للخطر ، إلا ما كانت مبنية عن دراسة متعمقة وجدوى مؤكدة أو شبه مؤكدة بجدواها ، أو اضطرار لا مناص ولا محيد عنه ، وإذا كان التاجر يضن ويبخل بماله عن مشروع مشكوك في ربحيته فكيف التضحية بالبشر ودمائهم وأعضائهم في مرجو مشكوك في جدواه وفي فرصة تحقيقه و مدى مواتيّتها . ومن نافل القول أنّ التضحية لا تكون إلا من أجل المبدأ الحق والغاية السامية النبيلة ، فإن كانت التضحية بالمبدأ كان ذلك بيع وترخّص وتنازل و تخلي عن القيمة والكرامة ، وقد يحدث ذلك بحثاً مُتهالكاً عن المصلحة الشخصية أو الجماعية للحزب وللتنظيم وللمؤسسة وللفئة بل وربما للدولة . الأحد ـــ 15 مارس 2015م

الثلاثاء، 3 مارس 2015

الخلوة التعبدية

الخلوة التعبدية بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث اولاً : تعريفها : الخلوة هي اختلاء السالك الى الله بنفسه متعبداً متفكراً بعيداً عن الصوارف الحسية والمعنوية بغية التعبد والتفكر التعبدي من اجل الوصول الى مقام الشهود الروحي والتعبد لله تعالى مع ما يتبعه من اجر وجائزة من المعبود جل جلالة. ثانياً : الشروط العامة لها : 1. الصدق مع الله 2. الرغبة 3. ادراك طبيعتها 4. معرفة الغاية منها 5. الالتزام بالعبادات قبلها وخلالها وهناك شروط خاصة لكل نوع من نوعيها. ثالثاً : نوعا الخلوة : ان الخلوة تهدف إما خلق اليقين الشهودي على الكون وبالتالي زيادة المعرفة الايمانية مع السعي الحثيث لتطويرها من معرفة عقلية الى كونها معرفة روحية ،وإما تهدف الى التفرغ لطاعة الله والعيش المباشر في حضرته سبحانه وتعالى جل جلاله والترقي في مقامات التعبد الروحية،والاكثار من الحسنات ومغفرة السيئات والظفر باستغفار الملائكة ونحوها من الجوائز السنية . وبالتالي فان للخلوة نوعين نوردهما هنا مع ما يلزم كل منهما على حده : النوع الأول : الخلوة التفكرية التعبدية : يركز فيها السالك ويعتكف على التفكر والتأمل • شروطها الخاصة : 1. ان لا يأتيها جائعاً ولا ان يستمر بها حتى يدركه الجوع ويستمر كذلك 2. ان لا يأتيها عطشاناً ولا أن يستمر بها حتى يدركه العطش ويستمر فيها 3. استصحاب ما يلزمها مما سيأتي ذكره 4. تفريغ الذهن من الشواغل 5. العزم على التركيز التام 6. ان لا يقل زمنها عن ساعة • بماذا ينشغل صاحبها : ينشغل صاحبها بواحد او أكثر مما يأتي على ان يخصص ساعة للواحد منها ان اراد الجمع بين امرين او اكثر : 1. الصلاة المتمهلة ويحتاج لها للوضوء 2. تدبر القرآن ويحتاج له للوضوء 3. الذكر المطلق المتمهل الذي قد يكرر الكلمة او العبارة فيه اكثر من مرة 4. التبصر في الموجودات من حوله 5. قراءة في كتاب يتحدث عن صفات الله واسمائه الحسنى 6. قراءة في كتاب عن خلق الله 7. مشاهدة لفيلم وثائقي علمي عن شيء من المخلوقات 8. الانصات لتلاوة خاشعة 9. التفكر في امر من الامور وحكمة الله فيه وتدبيره • اشارات ولطائف: الإرتياض التفكري يؤدي بتكرار التجربة مع مرور الوقت الى اختصار الزمن للتوصل الى المعرفة الجديدة التي بمرور الوقت قد تحصل لصاحبها وترد عليه من دون استعداد منه انما تفاجئه من غير أدنى توقع وكأن الامر اصبح بالنسبة له سليقة ،غير انه في ذات الوقت حتى بوصوله الى هذا المستوى لا يمنع هذا ولا يتنافى مع تعرضه للنفخات المعرفية الايمانية عبر انتظامه في الخلوة من جديد مرة تلو أخرى .. كلما كان الانسان في منأى عن الناس مبتعداً عنهم في المكان معزلاً كان العائد به من الخلوة الفكرية افضل واغزر واعمق . حري بصاحب الخلوة ان يكون لديه ورق وقلم يدون به الخواطر العرفانية التي تتكشف له وتتجرد وقت الخلوة ،فانه قد ينساها او تتشوه معالمها لديه فتفوته الفائدة الروحية المتوقعة منها . النوع الثاني : الخلوة التعبدية المطلقة : و يكون فيها المتعبد متفرغ للعبادات المطلقة منصرفاً لها مقبلاً على الله عز وجل • شروطها الخاصة : 1. الوضوء 2. تفريغ الذهن من الشواغل 3. ان لا يقل زمنها عن نصف ساعة 4. ان يستعد بمصحف او تسجيل 5. لزوم المسجد خلالها قدر الامكان بما ينشغل صاحبها : 1. الصلاة 2. قراءة وتدبر القرآن 3. الذكر المطلق لله ومنه اذكار الصباح واذكار المساء 4. التلاوة مما يحفظ من كتاب الله