الثلاثاء، 24 مارس 2015

رشفات ( الأم ، الهزيمة والفشل ، سر البلاء ، تقمص الإسلام )

رشفات بقلم : مرعي حميد / مفكر و باحث الأولى : الأم : الأم .. كلمة رقيقة راقية عذبة ، رقي كامن في تقديرها ، ورفعة كامنة في إصغاء الأبناء الفاعل لما تطلب و تود و توجه . هي منبع الحنان الذي لا ينقطع ولا يغيض حتى ولو تنكر لها من لهفتها في أن يقابلوا إحسانها بالمحبة والحنو والبر . حياتها فصول أربعة : حمل وإرضاع وتربية وحرص على ما ينفع وليدها في مستقبل حياته . ومزيج كل ذلك الحنان والعطف والحدب والتضحية الغالية ، وقد يعتريها خلالها القلق لمرض ينزل بفلذة كبدها أو معاناة يمر بها أو ضيق في معاشه أو غياب عن ناظريها وتكحيل أعينها بطلعته و سحنته . وهي تبذل من أجل هذه الفصول كل محبتها ورعايتها وسهرها و صدقها ونصحها في نكران للجميل لا يُضاهى ودعوات متصاعدات للحي القيوم الرحيم أن يُيسر لفلذة كبدها وأن يحفظه وأن يُكرمه . الأم هي مشروع التضحية الفذ الدائم ، هي الحضور البهي في حياة الأبناء ، يجدون في أحضانها ثم في قربها و حضرتها الحنان الذي ينشُدون وينشدّون له ما حافظوا على الطوية السوية . هي الملاذ و الزمان يكفهر ويعبس الأوان . محضن التربية الاول هو الأم ، هي موئل الخُلق الفاضل ، أنصح مُشفق وأصدق مُحب . كم من عظماء كانت مدرستهم الأولى و حافزهم للمعالي والمكارم . و التنكر للأم إعلان وإشهار للإفلاس الأخلاقي ، ففي طاعتها والحنان بها مبتدأ معنى الشرف والكرامة فإن فُقد في أمرؤ فقد ودعهما بعلم منه أو بجهل تغذيه نفس قاسية وعقلية متبلدة . من وحي عيد الأم 21 مارس ـ مساء الثلاثاء 24 مارس 2015 م الثانية : الهزيمة والفشل : الهزيمة هي منعطف سلبي مؤقت في حياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي ، والفشل هو محطة نهائية . ومن مفردات ومرادفات الهزيمة : الخطاء والتقصير والعيب والاخفاق والانتكاس و يكون غالباً لخطوة او مخطط أو قار او توجه تكتيكي ، والفشل ما لا يقبل الإصلاح ولا التقويم بل في حقه يكون الترك والتبديل والتخلي ، الفشل يكون للمنهج ذاته والآليات المؤصلة فكراً وممارسة وللقيادة التي تربط حياتها وحياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي بها ، حياة أو موت ، بقاء أو فناء ، صواب أو خطاء ، استقامة أو اعوجاج . إنّ الفكر والتنظيم والنظام السياسي لا ضمان لها بالبقاء وصلاحية الاستمرار إلا الواقع ، وفي ذات الوقت فإن الواقع قد يحكم عليها بالفشل النهائي وبالتالي فإن أي محاولة ترقيعية أو تبريرية لمحاولة استنقاذ الفكر والتنظيم والنظام السياسي من الموات المُحقق الذي أجهز عليها فإنها مكابرة ومقامرة وتبجح وانكار للحقائق ودس للرأس في الرمال وربما في الوحل وفي حمئة العفونة السلوكية وفي مستنقع الإجرام بعد ذلك . الثالثة : سر البلاء و أصل الشقاء : إنّ سر البلاء الذي تمر به الأمة العربية اليوم و أصل الشقاء الكبير الذي تعيشه عدد من الأقطار العربية وبخاصة مصر و سوريا و العراق وليبيا واليمن كامن في شهية الحكم والتسلط المتحكمة في سلوك وسياسات صُنّاع السياسة الحاكمة والمتطلعة للتسلط والحفاظ عليه في تلك الأقطار بدرجة أولى وفي أقطار أخرى لساستها مصالح مرجوة من خلف ما يُقحمّون تلك الاقطار فيه من بلاء وشقاء ودمار وخراب ، مطامع ورغائب تسلطية وتحكمية في مصائر تلك الأقطار وخيراتها ومميزاتها تُسترخص لأجلها الدماء وتُدمر الأوطان و تُذبح القيم و تُنحر الفضائل ، ويتم إقحام الإسلام في المنطق التبريري للعدمية و الدموية و البربرية وهو من ارادتهم و منطلقاتهم و نواياهم بريء إنما هي السياسة المُغلفة بغلاف الدين للكسب والتأثير في الرأي العام . وهذا هو البلاء الرابض على صدر أمتنا العربية منذ عقود متطاولة وقرون متتالية ، يشتهي الأوروبي والأمريكي الشمالي الحكم ويكتفي بممارسته فترة انتخابية واحدة أو فترتين فتقدمت أوطانهم وتطورت وبعدت عن أسباب الدمار والخراب التي يصنعها الانسان بجهله وتخلفه و عدميته ، لقد خلّد ذلك الغربي اسمه في قائمة الحكم ونال حظه من نهمة الحكم ، ولكن المتسلطين العرب لا يعني لهم الحكم إلا ديمومته وأبديته في ذوات الحكام وفي من يورثونهم ما لا يملكون على الحقيقة من تحكم في أموال الوطن وثرواته ومساره ومصيره ، ومما يدعو للاشمئزاز والرثاء تنقّص بعض المتشدقين العرب من النهج السياسي في الدول الغربية . الرابعة : تقمّص الإسلام : لم ولا ولن يجني على الاسلام والمسلمين أحد مثل المتقمصين الدعاوى ( الاسلامية ) باحتراف وحرفية يصعب على البسطاء والعامة والمخدوعين بهم و المغرر بهم التمييز بين الدعاوى التي ينسبونها للإسلام مبرراً ودافعاً ومنطلقاً لسلوكهم وتوجههم الفكري والعملي ، وبين حقيقة ممارساتهم وتطلعاتهم ودوافع تحركهم وانطلاقهم وسكونهم و سكوتهم . وفي ذات الوقت فان هكذا مُدعين رسميين او غير رسميين ، حكاماً ام خارج الحكم ، يستطيعون استقطاب الانصار والداعمين من خلال الشعارات الطنانة والعبارات الرنانة لكثير الوقت او لقليلة حتى يُثبت الواقع فشلها . من حق كل أحد أن ينهج ما يريد من توجه ، لا يتضرر منه احد ، وان يسعى لتحقيق ما يتمنى من تطلع سياسي او عرقي او طائفي ولكن من دون إلباس مسعاه الفردي او الجماعي لباس الاسلام بالحق وبالباطل. قد يتوافق الاسلام في أحيان مع بعض او جزئية التوجه والسلوك ولكن لا يتوافق مع جميع أجزائه ، ومن أبشع الخطاء في الفكر والممارسة أن يذهب فيلوي اعناق النصوص الاسلامية ( القرآن وصحيح السنة ) و يتصنّع أنها تتوافق مع تحركه و أن تحركه ومنهجه ككل متكامل يتناغم ويتوافق مع الاسلام . ويتجاوز ذلك فيضفي القداسة على منهجه بصفة عامة بما في ذلك أقواله هو وشعاراته وكأنه قد غدى هو الاسلام والاسلام هو ويصوّر للناس أنه ظل الله في الارض وانه مبعوث العناية والرحمة الالهية . وهذا المنطق كما هو كريه وبغيض في حد ذاته بغض النظر على نتائجه العملية وما يترتب عليه من مخاطر و آثار مباشرة وغير مباشرة . انه كذب فاقع على الله و افتراء على رسوله الأمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق