السبت، 10 مايو 2014

الإخوان المسلمون .. رؤية للتجديد والتطوير


مرعي حميد / مفكر وباحث / اليمن ـ حضرموت (الإخوان المسلمون) فكر وتنظيم إسلامي حركي عالمي يأخذ بشمولية الإسلام في النظرية والممارسة ، يستمد تعاليمه الأساسية من مؤسسه الإمام حسن البنّا المستند في أساس تنظيره وممارسته إلى القرآن الكريم وسنة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم . وبعبارة أكثر تحديداً (الإخوان المسلمون) تنظيم إسلامي منضبط ذي طابع جهادي قتالي غير مُفعّل ، وفهم شمولي للإسلام ، وممارسة علمية دعوية إسلامية وسطية ، و إسهام خيري إنساني تنموي ، و وهج روحي إيماني ، و تطلع سياسي مُتدرج لتحكيم الشريعة الإسلامية و إقامة الخلافة الاسلامية من جديد . لقد تقدم الزمن ومرت على استشهاد الإمام المؤسس حسن البناء 64عام ، وكان زمن الثورات العربية مكثفاً وحافل بالتجارب و غنياً بالدروس .. وقد آن للجماعة أن تتجدد و أن تتطور لتصبح تنظيم يتم تعريفه وفق مضمونه ليصبح : (الإخوان المسلمون) تنظيم إسلامي منضبط ، وفهم شمولي للإسلام ، وممارسة علمية دعوية إسلامية وسطية ، و إسهام خيري إنساني تنموي ، و وهج روحي إيماني ، و تطلع سياسي مُتدرج لتحقيق التنمية والازدهار الوطني . ويتحقق هذا وفق هذه الرؤية . وفي هذه السطور أمحض النصح لهذا التنظيم الأرشد و الأمتن و الأصدق و الأقدر على صناعة الفرق في حياة الامة نحو الأفضل بتوفيق الله عز وجل ، و أبسط وجهة نظري لتطويره وجعله أكثر كفاءة لخدمة الأمة الإسلامية و هويتها وقيمها و أقدر على أن يُحقق للأمة تطلعاتها ، و ليس بالضرورة أن تأخذ الجماعة بكل ما أورده و أراه شخصياً عنصر مهم في رؤيتي وقناعتي التطويرية التي هي نتاج أمرين رئيسيين : دراسة متعمقة في فكر الإمام البناء و تاريخ الجماعة هي مشروع كتاب مكتمل قادم ، و فكر الإنسانية الحديث ، و قراءة متعمقة مطوّله ومكثفة لواقع الأمة و فرصها الممكنة لتحقيق النهوض ، وواقع جماعة الإخوان المسلمين و ممارستها و إنجازها . هذه رؤيتي المتواضعة و إن كان رجائي أن تكون ( رسالة التجديد والتطوير ) ... أولاً : منطلقات الرؤية : 1ـ تحقيق أقصى و أهم إفادة مرجوة للأمة من فكر الإمام حسن البناء وما يتوافق معه و يمنحه مزيد الرقي والتطوير المتناغم معه من الفكر الحركي الإخواني . 2 ـ فض الاشتباك والتنازع والتجاذب بين الديني (الدعوي) و التنظيمي والسياسي داخل جماعة الإخوان . 3ـ الحد من المتاعب والأزمات التي تتعرض لها الجماعة طوال ما مضى من تاريخها ومسارها من قبل الطغاة و المعربدين والمفسدين في الأرض ، والتبعات الارتدادية لتلك الأزمات ، أو انهاء تلك المتاعب جملة وتفصيلاً . 4 ـ وضع حد للتأثير السلبي للجانب السياسي على المجال الدعوي لجهة خلق وتعلية الحواجز والمضايقة والمصادرة . 5 ـ تجويد العمل في جميع المجالات و منحه حقه من الاهتمام والطاقات والقدرات والامكانيات دون تبخيس لصالح جانب محدد و لتنشئة وتطوير الكوادر في كل مجال تحقيقاً لغاية الاتقان التي أكد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الصحيح : (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )) . 6 ـ استيعاب الحكمة من تجارب العمل الإسلامي الناجحة لا سيما التجربة التركية الأردوغانية . 7 ـ تخليص التنظيم من التشويه الذي تعرض له و أصاب سيرها و سمعتها و ثقافتها ورؤيتها الداخلية بسبب بعض الممارسات السياسية والحركية والتنظيرات الحركية الفردية . 8 ـ للعمل التغييري سنن كونية يجب مراعاتها والأخذ بها ، وهو لا يتحقق بالاعتقادات غير الصحيحة ولا بالعواطف ولا بالتعميمات النظرية البشرية التي قد تكون خاطئة ، و أن تنال رضانا واعجابنا لا يمنحها الصحة ولا السلامة ولا يغنينا أن نعتمد عليها ولا يحققها انتظارنا لتحقيقها . 9 ـ إنّ كل من يبغي الوصول إلى السلطة أو يحافظ عليها لينفذ أجندته و وجهة نظره في تطوير وطنه عليه أن يتبنى الديمقراطية وسيلة وحيدة لتحقيق هذا الغرض ، ومن يختار غير ذلك من سبيل فإنه يسير بنفسه و بجماعته و يتجه بوطنه و ببني وطنه في طريق خاطئ ومُدمر . 10 ـ الإسلام لم يعطي أي فرصة للتسلط لا باسمه و لا باسم غيره ، وكل تسلط باسمه هو تزييف وتحريف للإسلام يرفضه ويمقت من يقومون به . وهذا ما يفعله ويصر عليه أصحاب النزعات التسلطية باسم الاسلام وباسم الانسانية . ثانياً : جذور الرؤية : 1) كان تأسيس الجماعة جماعة دعوية ثم دخل عليها : الجهادي التحرري و السياسي الساعي لتحقيق الحاكمية عبر الانتخابات أو القوة . 2) التنظيم يعيش واقع وتاريخ يجب الاعتراف به والتعامل البناء و الراشد والإنساني معه بعيدا عن التوقعات و الأمنيات التي لا تُقيم للآخر اعتبار ولا كرامة . 3) التفاهم لا الصراع هو السبيل الوحيد لتحقيق العيش المشترك السلمي المتقدم وتخليص الأمة من هوانها و مآسيها وجراحها النازفة . 4) إنّ معظم كتب السيرة النبوية التي بأيدي الناس ، وهي في الواقع تتحدث عن سيرة الدعوة إلى الإسلام ، تتناول سيرة ما بعد الهجرة من منطلق المعارك والغزوات ، إنها أقرب إلى السيرة الجهادية أو القتالية ، بل وحتى تركيز المسلسلات التاريخية ينصب على هذا الجانب بدرجة رئيسية ، وهو ما أعطى صورة مبالغ فيها عن مساحة الجهاد القتالي من ميدان الممارسة الإسلامية التعبدية في اطلاقها بما في ذلك عمارة الأرض وتحقيق التقدم العلمي والعمراني ، تحقيقاً لأحد غايات وجود الناس عليها والذي جاء به الوحي الأمين ، قال الله تعالى : (( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ )). وإننا إذا ذهبنا نحسب مجموع أيام هذه الغزوات من مجموع سنوات عهد النبوة وعهد الخلفاء الراشدين سنجده محدود أكثر مما نتصور ، كما أنّ هناك من هم منشغلين بغير هذا العمل في كل وقت في ذلك الزمن ، ومع هذا نجد مساحة الجهاد القتالي المعلم الأكبر والمهيمن في تاريخ الإسلام ، وانه من المهم إعادة النظر في ما تم تدوينه وأن تتم عملية إعادة كتابة تاريخ الإسلام زمن النبي صلى الله عليه وسلم من دون الاعتماد على كتب المغازي ، ومن المهم للتنظيم الإخواني بشكل خاص أن يفعل ذلك . 5) لا يمكن تجاهل الاختلافات الفكرية الايدلوجية داخل المجتمع الواحد ولكل منها تصورها و تطلعاتها مع وجود قواسم مشتركة بينها ، ويجب النظر المنصف للجميع من دون إقصاء أو تجاهل أو تحامل فالكل شركاء في الوطن ومن حقهم العيش فيه بكرامة ، كرامة لا يتم اغتصابها نزولاً عند نزوات المتسلطين أو المعربدين ، وكل مسوغ لذلك من كلام البشر وتأويلاتهم هو باطل و حجة مرفوضه تُعري صاحبها من انسانيته واخلاقيته ولا تمنحه كساء المشروعية و الشرعية .. ثالثاً : حيثيات الرؤية الموضوعية : 1) أثبتت التجربة الخطر الذي يجره تدخل رجال الدين في السياسة و استغلالهم لتبرير الأعمال الإجرامية و كسب الصراع والتنافس السياسي . 2) أثبتت الأحداث و التجربة أنّ الديمقراطية هي الخيار الملائم الضامن للشعب حقه في السلطة والثروة و تكون غالباً لمصلحة التيار الإسلامي كونه الأقرب للشعب والمعبر عن تطلعاته وهويته . وذلك كلما كان منظماً و وواسعاً . 3) إنّ القتال وخوض المعارك هو مهمة الجيوش الرسمية التي يُنفق عليها من مال الشعب ، ولا مجال لأي عمل عسكري منظم بعيد عن المؤسسة الرسمية للجيش والأمن إلا في حالات نادرة ومؤقتة و النادر لا حكم له . 4) أصبح أمر دعوة غير المؤمنين بنبوة ورسالة محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر متاح ، كما أنّ حقهم في الاستجابة والاقتناع يكفله النظام الديمقراطي و تشريعات حقوق الإنسان الدولية المهم أن نسلك سبيل الحكمة والموعظة الحسنة ، و أن نُحسن استيعاب وسائل الايضاح وحجج الاقناع التي يقدمها القرآن الكريم و العلم الحديث . 5) إنّ نجاح الخيار الديمقراطي القادم كأحد مُستحقات الثورات الشعبية العربية الراهنة غير ممكن من دون الإخوان المسلمين و يجب أن يكونوا دعامة نجاح لا فشل ولن يتأتى هذا إلا بنضج سياسي إخواني على جميع المستويات في القطر الواحد مع إبعاد الخطاب الديني عن الشأن السياسي مع انفتاح على جميع التيارات هدفه خدمة مصالح الوطن والحفاظ على هويته من الاغتيال والتجريف و التشويه . 6) وضع حد للمآسي و النهش المستمر في جسد التيار الإسلامي باسم محاربة الإرهاب . 7) إنّ الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ... وقد خلق الناس ليعيشوا و يعبدوه ويعمروا أرضه لا لكي يموتوا تحت أبسط عذر وحجة ودعوى ، والتضحية بالروح والدم تكون مطلوبة زمن الحروب الناشبة لا زمن السلم ، والتضحية عمل دافعه الإرادة الحرة والاختيار الحر . 8) إنّ القيام بمسؤولية الإتقان يعني امتلاك مفاتيح النجاح ، وإنّ التفريط في مسؤوليته يعني امتلاك وتملك مفاتيح الاخفاق ليتم حصاده وحصاد بذوره : الخيبة واليأس والقنوط والانصراف عن الميدان ، وانصراف الناس من حول العمل والعاملين . 9) إنّ الإتقان مطلوب في كل مجالات العمل ونطاقاته ، و إنّ الأهم في العمل هو إتقانه لا أن يتم القيام به كيفما اتفق ، ليس المُهم إحراز الرقم الموجود في الخطة ، فيتم تنفيذ الحفل مثلاً ، ولكن المهم أن يؤدي رسالته ،لا أن يصل إليه المعنيين بإقامته آخر الناس ، ولا أن تكون الصوتيات رديئة إلى الحد أن أغلبية الحضور لم يسمعوا شيء ، ولا أن تكون الكلمة لمجرد ان يُقال أنه قد تم القاء الكلمة كفقرة في برنامج الحفل ولكن أن يتم التحضير لها و يتم وضع الفكر والتوجه في ثناياها وتُقدم بأسلوب مؤثر قدر الإمكان حقاً ،لا أن يكون الحفل أن يتم ترديد أطرف أنشودتين أو ثلاث ويأتي المنشدين للحفل الرجالي والمنشدات الصغار للحفل النسائي من دون المظهر اللائق ، إنّ هذا بكل وضوح يعني سقوط الشعور بالمسؤولية وانعدام مسؤولية الاتقان واللهث الممقوت خلف تنفيذ الخطة ليمنح القائمون بالعمل والمسؤولين عنه أنفسهم نوع من الشعور بالرضاء الزائف . إنّ أي عمل سيتم الإقدام عليه فإنه من المهم جداً أن يقوم المعنيين به بالتأكد من أنهم قد قاموا بكل ما يجب لإتقان العمل ليأتي بثمرته ، إنّ الخطة هي عنصر تنظيم وتوجيه وليست جهة يتم العمل من أجلها . 10) لا يكفي أن نُبدي إعجابنا بالناجح والمُفيد والإيجابي من التجربة الإنسانية في الشرق أو في الغرب ، ولكن من المهم أن نتعرف على سبب ذلك النجاح وسره والطريق التي أوصلت إليه والأخذ بها ما دامت لا تتنافى ولا تتعارض مع نصوص القرآن و صحيح الُسنة النبوية . و أن لا تصرفنا عن الأخذ بها الأقوال والآراء المتعصبة ضد الوافد مهما كان و بتأويلات مغلوطة يسوقها استبداد حاكم أو عقلية منغلقة لا تُجيد النظر ولا التفكير إلا بطريقة واحدة هي حصاد بيئة لم تجد من يُغالبها و يخرج عن أسارها الذي لا يقره عقل ولا منطق ولا نص قطعي الثبوت والدلالة . رابعاً : حيثيات الرؤية الذاتية : إنّ منهج الإخوان المسلمين في الفكر والعمل اتسم بنظرته الشمولية للإسلام والأخذ به بشموله ، كما اتصف الإخوان المسلمين بالتنظيم الدقيق والأخذ بناصية المؤسساتية والتراتبية التنظيمية المُحكمة التي هي من أسباب النجاح والتوفيق في سائر الأعمال والوظائف الجماعية . و تتوزع اهتمامات الإخوان الفكرية و التنظيمية على إيجاد وتمتين وتطوير المحتويات الأربعة للعمل الإخواني والممارسة الإخوانية ، أو ما يمكن تسميته بالرباعية الإخوانية . العمل في صفوف الإخوان المسلمين هو عمل تعبدي لله تعالى يأتي في سياق الاستجابة الحية الفاعلة الإيجابية لقول الله تعالى : ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )) لقوله : ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ، فينطبق وصف العبادة لله على العمل الإخواني بتعدده وتنوعه كما ينطبق التعاون على البر التقوى على نهج الجماعة ، إنّ الجماعة تنطلق في تحديد أعمالها من المنطلق التعبدي وتحرص على أن يتوفر لإفرادها الفهم و الإخلاص في أعمالهم حتى يتقبلها الله تعالى منهم وتؤتي ثمرتها المرجوة على صعيد الفرد والجماعة والمجتمع والدولة والأمة و الناس أجمعين . إننا حين نتأمل ونتفحص أدبيات الإخوان المُتفق عليها وخاصة رسائل الإمام الشهيد حسن البناء نجد أنّ المحتوى التي تأسست من أجله هذه الجماعة يتضمن أربعة أمور ، وكل التشكيلات والهيئات والأطر القيادية العليا وكل التنظير الحركي والتأصيل التنظيمي إنما صب ويصبُ في بوتقة هذه الرباعية الإخوانية الخلاقة ، بل هو جزء لا يتجزأ منها أينما سكب في حقولها الأربعة وهو بمثابة الترشيد لها والإبانة والشرح والاستيعاب ومزيد التفعيل ، و تتلخص الرباعية الإخوانية في الكلمات التالية : عبادة فردية ، دعوة إلى الاسلام و مزيد استمساك به وفهم له ، عمل عام ( سياسي) ، وجود جماعي إيجابي ( خيري إنساني ثقافي اعلامي ). و إنّ قليل الغرور والاستنكاف يؤدي إلى كثير الزلل . ولا بد من إرساء وتكريس ثقافة الاعتراف بالخطاء فهو السبيل الوحيد لتجاوزه وضمان عدم تكراره . ومن المهم عدم الاستمرار في ما أثبتت التجربة والممارسة فشله وعدم جدواه . خامساً : فلسفة الرؤية : 1) الغالبية العظمى من شعوبنا مسلمة والعمل من أجل هويتها وقيمها واجب الجميع . 2) أنّ المهم أن يستطيع الإنسان أي كان ـ ما احترم إنسانية الآخر ـ العيش بكرامة و أمان قادر على تحقيق تطلعاته في الازدهار . 3) عمارة الأرض وعبادة الله هي وظيفة الإنسان التي يجب إزالة كل ما يحول بينه وبينها . 4) الإسلام في شموله ، هو شموله الداخلي كدين : إسلام و إيمان و إحسان ، ولا توجد للإسلام نظرية سياسية إنما يضع ويقدم قيم عامة تصلح للاقتصاد وللاجتماع كما تصلح للسياسة وأبرزها قيمة الشورى التي تعني التشاور بين المسلمين في كل ما يهمهم وخاصة من يحكمهم ويسوس أمرهم و أوطانهم ، يقول الإمام حسن البناء : (( الإسلام كدين عام انتظم كل شؤون الحياة في كل الشعوب و الأمم لكل الأعصار و الأزمان , جاء أكمل و أسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة و خصوصا في الأمور الدنيوية البحتة , فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشؤون )) . 5) شوهت مطامع الطُغاة الطامعين في الحكم و استمرارهم فيه ، و نزوات الفقهاء عبر الاستجابة لإملاءات المستبدين ، شوهت الميراث السياسي العربي وحالت بين حياتهم السياسية و التطور والتقدم وهو الأساس في تحقيق التنمية الشاملة لصالح جميع أبناء الوطن . 6) السلطة السياسية هي الوسيلة الأكفاء والأقدر على الإنجاز لصالح الشعوب والأوطان التي طالما عانت التعسف وقرصنة ثرواتها ومصادرة إرادتها و اختيارها و الحرمان من التنمية والديمقراطية بفعل سياسات حاكمة كان الشعب فيها في ذيل اهتمام القائمين عليها . 7) ليكن لجميع أبناء الوطن حقهم في تقديم أنفسهم لقيادة الشعب ، و حقهم في خدمته كلما توفرت فيهم ولهم الكفاءة والأمانة والقدرة على التطور المعرفي ، وذلك بغض النظر عن انتماءاتهم وتوجهاتهم . وللشعب أن يقول كلمته في انتخابات حرة ونزيهة . 8) مُهمة السلطة السياسية هي استيعاب الإمكانيات الوطنية البشرية والمادية كأفضل ما يكون الاستثمار بما يخدم حاضر الوطن ومستقبله . تماماً كما أنّ مهمتها أن تُقيم للعدل دولته وللحق سطوته .. و الله عز وجل ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة لما للعدل من مكانة وحيوية هي الأعلى عند الله العدل وعند العامة من الناس .... العدل هو قيمة القيم ، و أس الفضائل ، والأساس المكين للإنسانية في مسعاها للسعادة والتنمية ، وهو القاسم المشترك لكل أصحاب العقول السوية ، ولا يتنكر للعدل إلا ظالم أو ساع إلى ظلم أو مدافع عنه . سادساً : أُسس التجديد و التطوير : أولاً : تتحول الجماعة إلى تنظيم غير علني ، وطني وعالمي في آن يجمع أفراده منهج فكري واحد من الإسلام وفهمه و حركة المجتمع و استيعاب مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في سياقها وبما يُحقق أقصى قدر ممكن من استيعابها وتوطينها وتحويلها إلى ثقافة وعادة لا فكاك عنها . ثانياً : تنبثق من التنظيم غير العلني خمسة مجالات علنية مستقلة في عملها المتخصص عن بعضها البعض ، و يذهب كل فرد إلى مجال محدد ، وكل أفراد مجال في المربع الجغرافي يتم توزيعهم في مجموعات قد تكون وفق التخصص الدقيق ضمن المجال . مع قيام قيادة التنظيم الداخلية غير المُعلنة بضمان التنسيق التنظيمي الداخلي الذي يضمن تناغم العمل في نجاح وتطور وتحقيق لغايات الشعب والوطن ، و تتولى قيادة التنظيم صرف المبالغ المالية على المجالات وفقاً لحاجة كل مجال بعد أن تتسلم اشتراكات العضوية التي يتم جمعها من خلال المجالات الفرعية .. و المجالات العلنية الخمسة هي : 1 : المجال التربوي ـ العلمي : ويضم ستة حقول : العلوم الشرعية ، الدعوة العامة ، مدارس تعليم القرآن الكريم للناشئة ، التعليم الجامعي ، التعليم الحكومي دون الجامعي ( ثانوي وأساسي ) ، التعليم الأهلي والخاص دون الجامعي .. 2 : المجال السياسي : و يتضمن العمل السياسي في الحقول التالية : تأسيس الأحزاب ، الخطاب السياسي ، الانتخابات ، المشاركة في السلطة السياسية ، جمع وتحليل المعلومات الأمنية . ويضم هذا المجال تحديداً الدوائر التالية : الفكرية ، التنظيمية ، السياسية ، التنموية ، الأمنية ، التخطيطية ، النسوية ، المالية ، العلاقات ،الانتخابات ، الاعلامية . ولا تكون من بين دوائره أي دائرة تخرج عن سياق عمله أو تدخل في اختصاص مجال آخر كدائرة التوجيه والإرشاد . 3 : المجال الإنساني : ويضم عمل المؤسسات والجمعيات الخيرية التنموية التي تهتم بخدمة المجتمع ... (المجال الاجتماعي) .. ومن دوائره : العمل الخيري ( الكفالات والمشاريع الموسمية ) ، العمل التنموي ، العلاقات ، التطوير ، المعلومات . 4 : المجال النقابي : و يهتم بالعمل النقابي تأسيساً وترسيخاً وتطويراً واستمراراً في تنسيق وتناغم . ومن دوائره : نقابات موظفي الدولة ، نقابات القطاع الخاص ، التنسيق ، التطوير ، البرامج ، التوثيق والرصد . 5 : المجال الاعلامي والثقافي : ويضم دوائر : الصحافة ، البث الفضائي والاذاعي ، الانترنت ( مواقع ، منتديات ، فيسبوك ) ، الانشاد ، المسرح ، الشعر ، الابداعات الابتكارية ، التصميم ، التأليف والمكتبات و التسجيلات والانتاج الفني ، وتهتم كل منها برصد كل ما يتصل بها . و يكون المجال السادس مجال غير مُعلن هو المجال التنظيمي الذي تقع عليه المسؤولية الرئيسية في تحقيق التوسع العضوي و فرز العناصر الجديدة على المجالات الخمسة أعلاه ، وفق هذه المعايير: رغبة العضو الجديد و ميوله ، حاجة الواقع ، حاجة التنظيم ... بحيث أنّ كل فرد يتخصص في مجال وكل أفراد مجال يتم توزيعهم في مجموعات قد تكون وفق التخصص الدقيق ضمن المجال ذاته . ويتم الحرص على ثبات هذا التوزيع و يُحضر حضراً تاماً النقل بين التربوي ـ العلمي من جهة والسياسي من جهة ثانية .. ويتم هذا التوزيع على مستوى القُطر كما على مستوى أصغر وحدات التقسيم الإداري ـ مع مراعاة عدم وجود بعض المجالات في بعض وحدات التقسيم الإداري . و يكون كل مجال من المجالات الستة جسم واحد له قيادة مركزية عليا يتم تعيينها بتكليف قيادة التنظيم و وفق معايير وضوابط تحددها لائحة داخلية خاصة . كما توجد بموازاة كل المجالات في النطاق الجغرافي للمجالات الستة مستوى قيادي للتنظيم يقوم بمهمتين فقط : التنسيق و المراقبة لسير الأداء و تحقيق تناغمه الداخلي وجمع وتوزيع الاشتراكات بحسب حاجة كل مجال وبالتنسيق مع القيادة الأعلى . أو بمعنى آخر كل دائرة من الدوائر الخمس ( الدعوية والتعليمية ، السياسية ، الاجتماعية ، النقابية الإعلام والثقافة ، التنظيم والتأهيل ) تتحول إلى تنظيم شبه مستقل ، ويتخذ القرار في كل المستويات بالأغلبية النسبية ( النصف زائد واحد ) . ويتم الغاء آلية المراتب التنظيمية الارتقائية وتحل محلها الكفاءة و القدرة والموهبة والانتخاب و مصلحة التنظيم والعمل ، و بما يحقق نهج الرجل المناسب في المكان المناسب و يضمن روحية إنزال الناس منازلهم . ومن مزايا هذا التوزيع : 1) إبعاد شبح الاستبداد والمركزية 2) وضع الرجل المناسب في المكان المناسب 3) تحقيق أقصى استثمار للطاقات والمواهب والرغبات 4) تحقيق الاتقان في العمل 5) منع بخس أي مجال في حقه من الاهتمام والرعاية و التطوير 6) تقليل خسائر التنظيم بسبب الربط بين جميع اجزائه المعلنة والمعلومة المشتبكة ببعض . 7) الحيلولة دون بروز المشاكل والضجر و التحوّل في صفوف التنظيم عامة وكل مجال على حدة وصولاً إلى كل مربع جغرافي . 8) رفع مستوى الشعور بالمسؤولية . 9) تحقيق قدر أفضل من الديمقراطية الداخلية . 10) بعث ولزوم روحية الاقتناع والتناغم والتلاحم و التآزر . 11) زيادة قدرة التنظيم الإقناعية . 12) تعزيز الحصانة التنظيمية . 13) ضمان روحية جدوى العمل والنشاط لدى الأفراد وبالتالي خلق روحية التفاعل والحماس والرغبة المتدفقة . ويُعقد الاجتماع الدوري لكل مجال ومستوى جغرافي بحيث يشمل ثلاثة أمور : • المنهج الفكري والتربوي الإيماني الموحد . • منهج نظري لتنمية الأداء في المجال المعني و بحسب كل مستوى ( تأسيسي ، متوسط ، عالي ) أو بعبارة أخرى : ( قيادة عليا ، قيادة متوسطة ، قاعدي ) .. • الأعمال والأنشطة و المستجدات العملية المتصلة بالمجال المعني . وبالإمكان تحسين الأداء النظري بجمع أكبر عدد ممكن من الأعضاء بحسب المجال أو بحسب النطاق الجغرافي في حال كان منهج تربوي إيماني وذلك للاستماع من شخص متمكن في المنهج النظري . كما أنّ من أكفاء طرق المعرفة كتابة البحوث و تلخيص الكتب ، وعقد حلقات النقاش و ورش العمل وتطبيق ما تتوصل إليه لا إهمالها و كأنها لم تكن . ثالثاً : يتم وقف اعتماد ( رسالة التعاليم ) بصفة عامة إلغاءً للصفة العسكرية غير العملية و لا الواقعية للتنظيم ، وقد انتفت الحاجة إلى الكفاح المسلح ضد الاستعمار ، وحذف بعض مما ورد فيها مما لا يُعد أصول فهم ، وبعض مما قد يوقع في المحذور شرعاً بفعل الأهواء والتفسيرات والتأويلات الخاطئة كما قد يجعل الآخرين يفسرونه بطريقة مضللة أو خاطئة ، ويبقى من روح هذه الرسالة : أ ـ البيعة ونصها المعلوم و المتضمن لأركانها العملية : السمع والطاعة في المعروف تعاوناً و اجباً على البر والتقوى وابتغاء لمرضاة الله و ثوابه . و تتم على أساس الفهم التام للفكرة والمنهاج والاقتناع بهما والاستعداد للعمل وفقها . ب ـ بعض أصول الفهم و تُضاف لها أصول حقيقية أخرى ذكرها الإمام البناء في ثنايا رسائله و تكون الأصول المعتمدة هي النصوص العشرة التالية المأخوذة من نص كلام الإمام البناء من دون أي إضافة أو تعديل : 1 ــــ أحكام الإسلام و تعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا و الآخرة , فالإسلام عقيدة و عبادة , و دين ودولة . 2 ــــ أساس التعاليم الإسلامية و معينها هو كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم , اللذان إن تمسكت بهما فلن تضل أبدا , و أن كثيرا من الآراء و العلوم التي اتصلت بالإسلام و تلونت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها و الشعوب التي عاصرتها , و لهذا يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى , و أن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة و التابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم , و أن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به , و لا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معنا. 3 ـــ الإسلام كدين عام انتظم كل شؤون الحياة في كل الشعوب و الأمم لكل الأعصار و الأزمان , جاء أكمل و أسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة و خصوصا في الأمور الدنيوية البحتة , فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشؤون, و يرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها و السير في حدودها . طبيعة الإسلام تساير العصور و الأمم , و تتسع لكل الأغراض و المطالب , و لهذا أيضا كان الإسلام لا يأبى أبدا الاستفادة من كل نظام صالح لا يتعارض مع قواعده الكلية و أصوله العامة . [ طالع رسالة المؤتمر الخامس ] 4 ـــــ والإسلام يحرر العقل , ويحث على النظر في الكون , ويرفع قدر العلم والعلماء , ويرحب بالصالح والنافع من كل شيء ، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها . 5 ـــــ وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه , و إلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح , ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا . 6 ـــــ والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين , ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره , ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة , من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب . 7 ـــ وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده ، يأمر الله المسلمين أن يركعوا و يسجدوا و أن يقيموا الصلاة التي هي لب العبادة و عمود الإسلام و أظهر مظاهره , و أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا , و أن يفعلوا الخير ما استطاعوا , و هو حين يأمرهم بفعل الخير ينهاهم بذلك عن الشر و إنّ من أوّل الخير أن تترك الشر , فما أوجز و ما أبلغ ! و رتب لهم على ذلك النجاح و الفلاح و الفوز و تلك هي المهمة الفردية لكل مسلم التي يجب عليه أن يقوم بها بنفسه في خلوة أو جماعة . 8 ـــــ والعقيدة أساس العمل , وعمل القلب أهم من عمل الجارحة , وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعاّ وإن اختلفت مرتبتا الطلب . 9 ــــــ ومعرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام ، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه , نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل , ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء , ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران:7) 10 ـــ الإسلام و هو دين الوحدة و المساواة كفل هذه الروابط بين الجميع ما داموا متعاونين على الخير , (( لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) (الممتحنة:8) [ طالع رسالة دعوتنا ] رابعاً : يتم وضع لائحة داخلية تبين شروط ومعايير الترقي وتولي المهام القيادية لإبعادها عن المزاجية والشُللية والتجنح و الاقصاء بناء على المزاج و اللاعلمية و اللامنهجية . خامساً : الدعوة الفردية وسيلة تنظيمية عامة في زمن الانتخابات تحشد الناخبين المؤيدين لممارسة الحق الديمقراطي . . سادساً : تشكيل هيئة عالمية إخوانية مختصة باعتماد فكر ومنهج التنظيم ، ويُصبح ما يُعتد به كجزء من فكر ومنهج التنظيم ما تقوم الهيئة بتقريره فقط وهو ما يتم اعتماده و تلقيه بالقبول والتعميم . سابعاً : تأسيس هيئة استشارية عالمية من كبار المتخصصين في الفكر والسياسة والاقتصاد والقانون . سابعاً : الغاء شعار الجماعة المرسوم ( السيفين والمُصحف وكلمة أعدوا ) و وقف اعتماده والتعامل به فهو يشي بجماعة ذات طابع عسكري وليس هذا هو التنظيم الجديد على الأقل . ثامناً : يُصبح شعار التنظيم المكتوب : (( الله غايتنا والرسول قدوتنا )) فقط ، وذلك للطابع الجهادي القتالي لما تبقى من كلمات الشعار ، و لأن للأوطان دساتير محددة يجب احترامها والالتزام بها ، والقرآن الكريم أجل في النظرية والتطبيق من كونه دستور ، ولربما استغل بعض الطغاة فكرة دستورية القرآن فأعلن أنّ دستور الدولة القرآن ولم يُوجد لها أي دستور آخر لإيمانه ومعرفته أنّ الدستور يحمل نصوص غير قابلة إلا لتفسير واحد كما أنها تُحدد وبصورة واضحة الحقوق والواجبات للحاكم والمحكوم كما تُحدد السلطات الحاكمة و مهام كل منها وهذا ما لا يريده فهو يريد سلطات مُطلقة يفعل ما تمليه مصلحته ويدع ما تمليه مصلحته والتي قد يسميها مصلحة الوطن والشعب ، وهذا التحديد لا يوجد في القرآن الكريم كتاب الوحي السماوي وبالتالي يُعلنه دستوراً ويكسب تأييد وشعبية بهكذا عقلية ولجهل عامة الناس . 3مايو 2014م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق