السبت، 30 يوليو 2022

المحبة

بقلم : #مرعي حميد الحُب الإنساني ميل قلبي لتملّك أو مشاركة أو طاعة أو عطاء أو تميّز إيجابي . وله علامات وجود وصحة منها الحرص على المحبوب و على محابه وعلى طاعته و امتثال أمره بالحق والفضيلة .... والكراهية هي نقيضة الحب وهي شعور بالازدراء والرفض قامت اسبابه واكتملت اركانه . وتبرز في الحياة خمسة عشرة نموذج رئيسي من الحب نتناولها في إطار التعريف تبييناً واقعياً له ووقوفاً عليها لأهميتها : 1) يُحب المؤمن الصادق الله تعالى فهو الخالق والمُنعم والقيوم والجليل والجميل ، وعلامة وجود المحبة طاعته و تقديم محابه على محاب النفس والبُعد عن مساخطه ومعاصيه والتضحية في سبيله والاشتياق إلى لقائه في الدار الآخرة في جنات النعيم ، ومن علامات محبة المؤمن لله العظيم المُتعال محبة رسوله واتباع هديه وسُنته ومحبة دينه الحق المُبين وتطبيق تعاليمه ومحبة القرآن و تلاوته وتدبره والانتهال من مُحيطات ما حوى وإن استطاع حفظه ، وهي أربعة فروع حبية تنبثق من هذا الأصل العظيم . 2) يُحب الإنسان أبيه لأبوّته له ورعايته ونفقته عليه ومحبته وحرصه عليه وحاجته إليه كأبن حبيب ،وعلامة وجود محبة الأب الاستجابة له في إطار تعاليم الدين الحق والقيم الفاضلة والجلوس والحديث إليه والقيام بشارات تقديره من قيام له ومصافحة حارة ولين كلام معه ومباسطة والنفقة عليه في الأحوال العادية والطارئة كحال المرض . 3) يُحب الإنسان أمه لأمومتها له ورعايتها وحدبها عليه وحاجتها له كأبن حبيب ، وعلامة وجود المحبة الطاعة لها في المعروف والإحسان إليها بالعطايا والهدايا بمناسبة ومن دون مناسبة والجلوس والحديث إليها والقيام بشارات محبتها من مصافحة حارة ولين كلام وخفض جناح . 4) يُحب الإنسان ولده لأبوّته له ولأخلاقه الجميلة ومواهبه ولطافته معه ومنفعته له ونبوغه وتفوقه وعلامة هذه المحبة توفير احتياجاته مأكل ومشرب وملبس ومسكن و تكميلاته عند القدرة والحدب عليه والجلوس والحديث الودي إليه وسواء كان ذلك ذكر كان الولد او انثى ،وفي حالة الأنثى يحرص على تزويجها للخاطب الملائم لها الذي ترضى به زوجاً في الوقت المناسب ومن أماراته الذي تكون فيه قادرة على أعباء الحمل والولادة والقيام على مصالح الزوج على أن لا يكون الزواج سبب في حرمانها من تحقيق مشروع لها في الحياة تراه هي أولى من الزواج ولا يمكن الجمع بينه وبين الزواج ،ويتناقض مع هذه المحبة إرغام الابنة على الزواج ممن لا ترضى ولا ترغب وصرف من ترضى وترغب لأسباب غير وجيهة وغير جديرة بالاعتبار . 5) ويُحب الإنسان عمله لرغبته فيه وشغفه به واتقانه له وحصوله على دخله منه بما يقوم بحاجاته وضرورياته على أقل تقدير و لتقدير القائمين عليه له و لمودته لزملائه فيه الذي يجمعه بهم ،وعلامة هذه المحبة الانضباط والحرص على الاتقان والإخلاص مع العمل والحرص على إنجاحه قدر وسعه وبذل الوقت والجهد في الحضور والغياب . 6) ويُحب الإنسان المال كوسيلة لما يُمكّنه من تلبية حاجته وتوفير مستلزمات الحياة و تكميلاتها ، وعلامة هذه المحبة العمل من أجل تحصيله والحرص عليه بإنفاقه في مواضعه وفي ما يعود عليه بالنفع والفائدة وفي استثماره في مشاريع ذات جدوى توفر مزيده ولا تهدره . ولا ينسى من أوتي سعة من المال أن يجعل للناس نصيباً مما آتاه الله فينفق منه في وجوه النفع العام كبناء المرافق الصحية والتعليمية ومساعدة الفقراء والمحتاجين ممن المّت بهم ظروف الحياة الصعبة . 7) ويُحب الصديق صديقه وتُحب الصديقة صديقتها محبة معتدلة في حدود الإسلام العظيم الذي يُسميها أُخوة ، محبة قائمة على الصدق والحرص على ما ينفع الآخر في العاجل وفي الأجل ويجتنب كل طرف ما قد يقود ويؤدي ُ إلى جر الضرر في العاجل أو الآجل على الطرف الثاني ، ومن علامات هذه المحبة الاحترام و النُصح الخالص وتقديم الاستشارة الصادقة و كتم ما قد يعلم كل طرف من أسرار للطرف الآخر واحترام الأهل والتعاون على مهمات الحياة قدر الإمكان ولو بالسعي الجميل . 😎 ويُحب الشاب الفتاة ، وقد يهيم ويُتيّم بها، لتدينها ولأخلاقها الحسنة و جمالها ومواهبها ومستواها التعليمي وعلامة ذلك الحب الحرص على عِفتها وطُهرها وخِطبتها وتوفير مهرها والزواج منها وإكرامها ومراعات محآبها ومساخطها فيكثر من الأولى ويبتعد عن الثانية ويحدب عليها ويجد راحته في الجلوس والحديث إليها والشوق إليها في حال غياب ، والغيرة المعتدلة عليها علامة وجود للحب . 9) و تُحب الفتاة الفتى وقد تهيم به ويشغفها عشقاً لتدينه وأخلاقه ونُبله وقسمات شخصيته ولكن مع الحذر و الاحتياط الكامل من كل ما قد يقود إلى الزلل والوقوع في براثن المعصية و شرور النفس الأمارة بالسوء والشيطان المُتربِص ، محبة بعيدة عن التهوّر و بعيدة عن رمي جلباب الحياء ، بعيدة عن الخروج عن تعاليم الإسلام للمُتحابين ، محبة عنوانها الإخلاص و النقاء و الطُهر والعفاف المؤدي إلى مسارعة من شغفت به لخطبتها للزواج بها وهو شِرعة الله تعالى للمتحابين ، وفي هذا السبيل فقط تكون وتُضمن السعادة بالحبيب في العاجل والآجل في الدُنيا والآخرة وما سوى ذلك فالندامة و انقلاب المسرة إلى تعاسة وشقاء وحرمان وعذاب . 10) ويُحب الزوج زوجته فهي أليفته ورحاب حنان به وشفقة عليه وحرص على ما ينفعه وينفع الأسرة ككل ، هي شريكة حياته وآسرة قلبه إن اعترف وإن أنكر ، وهي نديمته و المُطّلع على بعض وربما كل أسراره ، وهي موضع غرسه و أم أولاده الذين يزيدونه محبة لها لأجلهم باعتبارها أمهم حبيبتهم مصدر الحنان الأول لهم ومحبة الزوج هذه محبة إضافية للحب الأصيل الذي يُكنه لها على الدوام ، وعلامة المحبة الغيرة المعتدلة و التلبية لمتطلباتها والعمل لإسعاد قلبها وإدخال البهجة والسرور عليها بمناسبة وبغير مناسبة و إسماعها كلمات المحبة والعشق والغرام واسُكر الحلال ويحرص على أن لا ينساها من هداياه وإن كانت رمزية ومن دون أن تفقد بينهما حلاوتها وطرافتها ومن دون أن ينطفئ وهجها . 11) وتُحب الزوجة زوجها الذي هو حلالها وهي حلاله و أليفها ويحبها وربما إلى حد الهيام والتتيم إما منذ ما قبل زواجهما أو من آثار العشرة بينهما ، و هو مصدر عطف عليها ويرأف بها ويُشفق عليها ويحدب ويصدق في رعاية مصالحها و محابها ويوفر طلباتها وربما اشتاق أن يلبي لها طلباً من فرط محبته لها وحرصه على أن يُظهر لها محبته ، وعلامة محبتها له طاعته واحترامه وتقديره والانصات له و عدم مخالفة أمره ورغباته وتلبي طلباته وكل ذلك متى علمت بها وتوافقت مع تعاليم الدين الحق والقيم النبيلة والأخلاق العالية ، وتعتني بأولاده وتطيعه فيهم في حدود الإسلام الحنيف ولا تنسى أن تُسمعه كلمات المحبة أو علاماتها . 12) ويُحب الإنسان وطنه لانتمائه إليه وانتسابه له وترعرعه فيه و انتهاله من ماءه و تغذيه من طعامه و التحافه لسمائه وعيشه فوق أرضه وتعلمه في مدارسه وصروحه التعليمية وعيشه المشترك مع أبناء الوطن واستفادته من خيراته وممكناته ،وعلامة محبة الوطن الدفاع عنه والحديث عنه بإيجابية والحرص على مصالح مواطنيه وتقديم النفع للوطن بخدمته وخدمة بنيه من المكان الذي هو فيه والحرص على مصالحهم أن تلبى وقضاياهم أن تُحل حلاً عادلاً منصفاً . 13) ويُحب الإنسان أبناء وطنه الطيبين لاشتراكه معهم في ذات الوطن وبالتالي الهم الواحد والحُلم الواحد والطموح الواحد على المستوى الوطني وربما مستوى وحدة إدارية من وحدات الوطن سواء كانت محافظ أو ولاية أو لواء أو مقاطعة أو مديرية أو مدينة أو بلدة أو قرية أو أياً كانت التسميات . 14) ويُحب الإنسان كتاب للفوائد والمعارف العلمية أو القيمية أو المهارية أو الدينية التي يحتويها وعلامة هذه المحبة شراء الكتاب واقتناء النسخة الأحدث والأنظف أو استعارته و قراءته ــ وفي كل الأحوال شراء أو استعارة ـ استيعاب ما فيه وتطبيقه في حياته العملية مع الحرص على الكتاب من الضياع والتمزّق والتلف . 15) ويُحب الإنسان بضاعة ما لجودتها وثمنها المناسب ومنفعتها والحاجة إليها فيشتريها ويستخدمها أو يستهلكها ،يحب الإنسان لوحة فنية لجمالها ولِدِقة تعبيرها فيقتنيها ويضعها في المكان اللائق بها. 16) ويُحب الإنسان نفسه فهي هو فيحرص على ما يُصلحها ويُسعدها في العاجل والآجل ، ويحرص على تجنيبها مواطن الضرر والخطر والشُبهات و لا يُسايرها فيمنحها عنان نفسه تذهب به إلى ما فيه الضرر عليها وعليه عاجلاً أو آجلاً بل يسوسها ويُربي فيها الفضائل الخُلقية ويغرس القيم العالية ويُنمي مهارته ويطور قدراته ويحرص على عمله وتعلّمه وعلمه ويحافظ على كرامته ويعتز بدينه ويفرح ويُسر ويغتبط بينه وبين نفسه بتعبده لله ذي الجلال والإكرام خالقه وحافظة ورازقه ثم هو مُميته و مُحييه يوم القيامة ويستشعر فضل الله عز وجل عليه المادي والمعنوي ، ويروّض نفسه على تطبيق تعاليم الدين الحق ، ويُحافظ على صحته البدنية وسلامته النفسية ويحذر من العادات الضارة ببصره وسمعه وعصبه ، وأن يمنع نفسه من أن تألف الكسل وتعتاد التسويف في كل ما هو هام وذي بال وقيمة حقيقية في حياته ، وربما كافأها حين تُحسن وتُنجز ويعاقبها ويخاصمها بعدل واعتدال ويحذر منها إن ساقته إلى تقصير في عمل أو تفريط في طاعة أو وقوع في ذنب أو معصية لله عز وجل ، ولا ينسى أن يستعيذ بالله على الدوام من شر نفسه مهما كانت على إيمان عال وتقوى متينة . 17) ويُحب المسلم إخوانه المسلمين فيقوم بواجباته تجاههم و يحرص على أن ينفعهم قدر ما يستطيع ومن ذلك بالدُعاء لهم أحياء كانوا أم أموتاً ، ويكف عنهم كل شر من قبله سواء بيده أو لسانه أو تدبيره وتصرّفه ، ويدفع عنهم الشر ما استطاع ، ويبتعد عن خلق العداوات بينهم وعن إثارة الضغائن والأحقاد بل يسعى ما استطاع في الصلح بين من علم بخصومه بينهما بالحكمة و الكلمة الطيبة . 18) و يُحب المسلم الحق و أهل الحق و يعمل بالحق ومن أجل الحق ما استطاع ، ويتواصى بالحق مع من يُحب ويعرف ويتمكّن ، ويفرح بالحق أن ينتصر ويسود وتعلو كلمته ورايته .. 19) ويُحب الانسان الخير والفضيلة و العلم وقيم الإيمان و العدل و التعاون على البِر والتقوى و قيم الصدق والأمانة و العفة و التواضع والاتقان في العمل ويبذل حرصه وسعيه في ميادينها وحقولها و ناصحاً بها ومشجعاً للمبرزين فيها . 20) و يُحب الإنسان ويحرص على أن يُخالف الشيطان فيكرهه ويُعاديه ابتداءً لأنه يحرص على إغوائه وإيقاعه في الخطيئة ليحرمه من الطاعة ومن الجنة وليكون من مرافقيه في جهنم الذين يحرص على تكثيرهم على الدوام ، وعلامة هذه المخالفة والكراهية التيقّظ لكيد الشيطان و عصيان وساوسه باجتناب الطريق الذي يدعوه لها والاستعانة بالله ضد وساوسه و دعاويه و الاستعاذة بالله من شرِّه ومكره . و ختاماً ... في أحيان يكون الحب محض إدعاء أو لعله مجرد مشروع حب ، والحب ليس درجة واحدة فقد يكون شديداً وقد يكون عادياً بحسب اكتمال أسباب وجوده وحصوله . الحب معنى مُترجم أفعال إيجابية سامية ليس الحب كلمات ولمسات لا يصل إلى عمق صاحبها منها تأثير وصدى ووقع متناغم ، ويلامس الطموح والطموح الآخر منها نصيب هو الوِسع الحق الطموح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق