الأربعاء، 28 يناير 2015

منهج لدعوة اسلامية مُجددة

منهج لدعوة اسلامية مُجددة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث الحمد لله وحده ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الارض وملئ ما بينهما وملئ ما شاء ربنا من شيء بعد ، الحمد لله حتى يرضى والحمد لله اذا رضي والحمد لله بعد الرضاء ، الحمد لله على نعمة الاسلام والايمان والاحسان ، الحمد لله على نعمة الهداية الى صراطه المستقيم .. الحمد لله على نعمه التي لا تُحصى و آلائه التي لا تُنسى .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده مُعلم الناس سبل الخيرات والفضائل والمكرمات ، الداعي الى رضوان الله وطريق السعادة في الدارين والفوز بأعالي الدرجات سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه و أقتفى أثره الى يوم الدين .. أولاً : في الحاجة الى تنظيم دعوي جديد : الاسلام هو دين الله في الارض ، وتبقى حاجة الناس في الحقيقة الى الاسلام أشد من حاجتهم للماء والنفس والغذاء ، ولذا كان من اللازم أن تبقى الدعوة اليه والتذكير بتعاليمه مستمرة ، وتتواجد على الساحة ، ومنذ عقود مضت ، تنظيمات وتيارات دعوية تقوم بدور مُقدر في الدعوة الى الله تعالى ، ومن خلال دراسة معمقة لتلك التيارات تبين لي أن معظمها وقعت في براثن السياسية والساسة إماً تحالفاً معهم في الحق والباطل او صدام معهم وسعي الى انتزاع كراسي السلطة ، كما وقع تيار دعوي في براثن البدع والتفكير الخرافي ، وقد أدى هذا مجتمعاً الى إلحاق التشويه الكبير والضرر الفادح بالجسم الدعوي بصفة عامة ، وفي الوقت الذي ندعو تلك التيارات الى التغيير الداخلي ، ونرى أن هناك تحفظات وجيهة على منظومتها الفكرية المؤسسة لمسارها ، فإننا نطلق هذه الدعوة الى تنظيم دعوي جديد ، تنظيم يؤمن بان عموم المسلمين هم جماعة المسلمين الواحدة المحظور تجزئتها وتفرقتها ، وهو ليس بديل عن الموجود من فصائل دعوية ولكن اضافة نوعية للعمل الدعوي البعيد عن الساسة والسياسة وبقناعات فكرية جديدة ومتجددة تراعي روح الاسلام وحاجات الواقع الجديد والمتجدد ، والله نسأل للجميع التوفيق والسداد لما فيه خير الاسلام والمسلمين في عاجل أمرهم وفي آجله .... إن هذه الرؤية المنهجية المُجددة مبنية على قراءة عميقة ومتأنية في فكر وممارسة الفصائل الدعوية الاسلامية المعاصرة ، ولقد سبقني من نصح وانتقد النقد البنّاء الايجابي الهادف ولكن لا أذن صاغية حين يكون صاحب الرأي معجب برأيه بل ومتعصب له ، و ( الجماعة ) معجبه بفكرها ونهجها التي سوّدت فيه الصفحات طوال عقود ، ولذا كان السعي لهذا التأسيس الجديد كإضافة نوعية ومنهج دعوي خالص من الاغراض السياسية و القراءة المنظرة لها ، ومع أن هذه رؤية لتأسيس جديد ، فبوسع كل أحد فرداً كان أو فصيلاً دعوياً الأخذ بها أو منها فهي غير محتكرة ولكنها لكل المسلمين في العالم ليأخذوا بها وينهجوا نهجها .. ثانياً : ماهية وأهمية الدعوة الاسلامية : الدعوة الى الله هي مجموع الاعمال التي تستهدف ترسيخ الوعي الايجابي الحامل صاحبه للثبات على الهداية والخير والحق والزيادة من الطاعة والمُرسخ فيه كل ذلك . انها الجهود التوجيهية والتربوية و التعليمية للالتزام بمعالم الصراط المستقيم . التواصي بالحق والتواصي بالصبر من صفات الناجين من الخسران وهي مهمة للمسلمين تجاه بعضهم قال الله تعالى : ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )) ، ومع هذ فلقد أمر الله تعالى بان تكون من جسم الجماعة المسلمة مجموعة منهم متخصصة في الدعوة الى الله تتقن علومها و اساليبها وتفرغ لها وقت منتظم من وقتها ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) . مجموعة تهتم بأمر الدعوة الى الله و تجويد أساليبها ، دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، فلا قتال للحاكمين ولا منازعة لهم على كرسي السلطة وتعريض الناس إلى الآلة الباطشة الحديد والنار ، و لا قتال معهم في حرب غير دفاعية عن ارض او عن عرض انما هي مطامح الساسة الذين يحتكمون لرغباتهم واطماعهم . وتبقى مهمة الدعاة في كل الاحوال الدعوة الى الله وتذكير الجماعة المسلمة التي تفرز من صفوفها من يتولون أمر الحكم السياسي ، فليس الاسلام مهمة قاصرة التطبيق على الدعاة بل الدعاة يدعون الى الالتزام بأحكام الاسلام بما في ذلك القيم الاسلامية الخاصة بالحكم السياسي من عدل وشورى و تنمية و استتباب للأمن واصلاح للمعاش وللطرقات و بناء للمصالح اللازمة لحياة الناس كمشاريع مياة الشرب وتوزيع الاراضي لزراعتها وعمرانها و بناء المستشفيات والوحدات الصحية و الدفاع المدني و بناء الصروح لتعليمهم ودراستهم و المساجد لصلاتهم .. إنّ أعظم العمل إيمان بالله وعمل صالح ، والدعوة الى الله بالقلم واللسان هي في طليعته ، فان الاصل فيها انها ترسخ لدى الداعية القيم والمفاهيم والممارسات الاسلامية و تجعله يدعو غيره لذات العمل وكل ابواب البِر وفي هذا اجر عظيم فقد قال الله تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) و ورد في لحديث رواه مسلم : ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا )) ، وفي الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) . و تتوزع الدعوة بين الوعظ والارشاد والتذكير بالله وطاعته وبين تعليم العلوم الشرعية والتربية الروحية والايمانية . لم يطلب الاسلام من المسلم ان يستغرق دوره الدعوي كل وقته وكل طاقته ، بل ولا يريد هذا منه ولو استطاع ،لان هناك مهمة تعبدية فردية تخص ذاته وروحه عليه ان يقوم بها تجاه نفسه وهي تحتاج الى جزء مهم وثمين من وقته يتعدى وقت تؤدى فيه الصلوات الخمس الى وقت آخر يتفرغ فيه لتدبر القرآن و صلاة النافلة و التفكر والنظر في الوجود ،وهذا من صميم الدين الاسلامي بمقاماته الثلاثة : اسلام ،ايمان ،احسان ، ثم هناك الوظيفة الدنيوية المعتادة طلباً للعلم او طلباً للرزق فهي جديرة منه بالاهتمام كما انها جديرة منه باستفراغ الحرص والوسع عل الإتقان ..ففي الحديث عن أم المؤمنين عائشة ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )) ، وقد صححه الامام الالباني . . ثالثاً : اسم التنظيم الجديد : ( تنظيم حِرى الدعوي ) لماذا هذا الاسم ؟ حِرى كان المكان الاول لتلقي وحي الرسالة الاسلامية الخاتمة ، كان موطن خلوة الرسول التفكرية قبل الرسالة ، حِرى كلمة سهلة سمحة واضحة بعيدة عن الدلالات الغامضة والمُثيرة للالتباس و المؤدية الى الاحكام الخاصة والمُسبقة ، حِرى كلمة ثلاثية الحروف لكل من حروفها معنى يصب في صميم جوهر الدعوة الجديدة : الحاء : حرص على رضوان الله واتباع سبيل خاتم النبيين ، و حب للإسلام وشغفاً به ، و حناناً بالمسلمين والمسلمات ، وحدباً على الانسانية البعيدة عن تعاليمه السمحة ، وحركة دؤوبة في سبيل ذلك كله . الراء : رؤية متكاملة جديدة وناجعة نابعة من أصول الاسلام القرآن والسنة النبوية الألف : اقتناع بالدين ثلاثي المقامات ( اسلام وايمان واحسان ) رابعاً : اهداف التنظيم الدعوي الجديد : 1) العودة بالمسلمين الى النبع الصافي القرآن الكريم والسُنة النبوية كمنطلق لإصلاح واقعهم 2) تعميق الوعي والممارسات الاسلامية و تحقيق الترقي الروحي 3) التطبيق العملي لمبدأ الاخوة الاسلامية والتعاون على البِر والتقوى 4) ضخ دماء جديدة نقية من الأغراض الشخصية الضيقة والمصالح الطائفية الى تيار الدعوة الاسلامية 5) ايقاظ المسلمين على واجبهم كجماعة مسلمة نحو الاسلام الذي هو دين الجميع وعلى الجميع تقع مسؤوليته 6) حشد المسلمين للعودة الى القيام بواجب الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة كل حسب طاقته ومعرفته 7) اصلاح المجال الدعوي بعيداً عن الخلافات والساسة والسياسيين احتراماً للتخصص وتجويداً للأداء خامساً : ركائز التنظيم الدعوي الجديد : 1) الاخلاص لله تعالى 2) الصدق في رجاء هداية الناس كافة 3) الافتقار الى الله بسؤاله التوفيق والفتح 4) ادراك اصول الخطاب الدعوي 5) مراعاة أحوال المدعوين ودعوتهم بالتي هي أحسن 6) عدم التصادم مع السلطة السياسية والتنظيمات السياسية والدعوية 7) القدوة الحسنة والتواضع للمدعوين 8) الصبر وطول النفس وحسن الظن بالله ثم بالمدعوين 9) التعرف على النماذج المُلهمة و استلهام خبرتها 10) شكر الله تعالى والشعور بمنته بعيداً عن الكِبر والغرور سادساً : الخطوط العريضة للدعوة الاسلامية الجديدة : 1) الدعوة العامة والمؤسسية الى الاسلام بشموله للبدن والعقل والروح ( اسلام ، ايمان ، احسان ) 2) التركيز على الإيمانيات والروحانيات 3) الاهتمام بالقرآن الكريم بياناً لمواضيعه ولخطابه ولطرق تدبره 4) فقه السيرة النبوية بمنهج تكاملي جديد 5) الدعوة الى التناغم بين الدعوات الاسلامية والتنسيق بينها 6) تحقيق فهم جديد للدين الاسلامي ينطلق من جوهره الفذ 7) الحيلولة دون تدخل السياسي في الديني والديني في السياسي بما يمنع التأثير السلبي لكلا التدخلين على الدعوة الاسلامية 8) التركيز على دور جماعة المسلمين وواجبها تجاه الاسلام وباعتبارهم الضمانة الأهم لتطبيق احكام الاسلام في اطار دولة وطنية راشدة ونامية 9) تعزيز التخصص في المجال الدعوي بعيداً عن الانشغالات الأخرى للفرد الداعية 10) تنقية الدعوة من الطابع السياسي سابعاً : القيم الدعوية : القيم الدعوية هي مجموع المبادئ العملية التي تدخل ضمن الدعوة الى الاسلام ،بما في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر: 1) البلاغ المبين الواضح ، و الدعوة الى الخير وترغيب الناس فيه ،أمراً بمعروف ونهياً عن منكر ،والرفع من مكانة القائمين بهذا الامر عند الله تعالى، واعتباره سبيل الرسول ومن اتبعه من دون تمييز. مصداق لقول الله تعالى : ((فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) وقوله : ((وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ )) ، واستجابة لتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إنما أنا مبلغ و الله يهدي و إنما أنا قاسم و الله يعطي )). قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2347 في صحيح الجامع 2) اللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) (( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )) 3) الزاد المعرفي : يحتاج الداعية الى الله الى الزاد المعرفي وإلى تجديده ليتبين له الى ما يدعو ، وليتمكن من تحضير المادة الدعوية اللازمة للترتيب والعرض المنطقي والجذاب والمُقنع والمؤثر ، ومنه الاستشهاد بالآيات القرآنية والاحاديث الصحيحة فقط بالاستفادة من جهود العلماء المتخصصين في علم الحديث من السابقين ( الائمة البخاري ومسلم و أحمد (المسند ) ومالك (الموطأ ) ) و ما تمت مراجعة مدى صحته من كتب الاحاديث الأخرى من قبل علماء الحديث المعاصرين كالإمام المُحدث محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله ، وما توافق مع هذه النصوص ومع روحها من أقول السلف والخلف و الحكماء من الشرق او من الغرب ، وكل هذا يصب في البصيرة المطلوبة ، قال الله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) . ومما يعين على تكوين الزاد المعرفي تقوى الله تعالى لقوله : ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) ، وكذلك الدراسة الاكاديمية في الكليات الجامعية وطلب العلم عند العلماء والفقهاء ، والقراءة الحرة المُهدفة ، والاستماع للمحاضرات والدروس العلمية والوعظية ، ويبقى فضل الله واسعاً ((فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا )) ، و (( من يُرد الله به خيراً يُفقهه في الدين )) . 4) الزاد الإيماني العملي : إنّ الداعية وهو في مهمته يحتاج الى زاد من العمل الصالح ومن الايمان العميق بالله تعالى ومن ثم بمهمته ، والعمل الصالح يزيد من الايمان والايمان يزيد من العمل الصالح وهكذا ، وكما أن الداعية يدعو غيره فان الاولى به أن يحرص على الاتباع الافضل والتعبّد الاعمق لله تعالى محبة وانقياداً : (( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا )) (( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ )) . 5) متانة الصلة بالله تعالى : إنّ مدار توفيق الداعية في مهمته هو توفيق الله تعالى له ، فهو من يثبته على الحق وهو الذي يهدي الى الحق وهو الفتاح الذي يفتح للداعية في الخطاب وهو الذي يفتح قلوب الحريصين على الهداية ، كما أنّ الصلة بالله تعالى مطلوبة في حد ذاتها سواء كان للداعية او لغيره من الناس ، ومن هذا المنطلق وجب على الداعية تعميق صلته بالله تعالى توبة واستغفاراً و معرفة به جل جلاله و دعاء وافتقاراً أن يوفقه وييسر له ويُعينه ويفتح له وعليه و ان يبارك في قوله وفي مكتوبه .. 6) الحرص على ترسيخ الايمان بالغيب والعرض المُتقن لدلائله النقلية من الكتاب والسنة ، وجمع ما يؤيد ذلك من أدلة عقلية وعلمية بيولوجية ، لما ينتج عن ذلك من ايجابية انسانية وارتداع عن الاضرار والايذاء والافساد فلكل من الامرين جزاء عظيم او عقوبة عظيمة تلحق بالفاعل يوم القيامة . إنّ الايمان بالغيب أوّل صفات المُتقين في سورة البقرة (( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... )) ثم تخصيصاً ((وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )) ، وفي سورة الأنبياء : ((وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ )) ، و أوّل صفات المنتفعين بالتذكير والنذير : ((إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ )) ((إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ )) . وهي صفة الاوابين الذين يفوزون بنعيم الجنة ومزيده : ((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ )) 7) أساس الدعوة الاسلامية وروحها الاقتناع وحرية الاختيار مع وعد بالجزاء الحسن ان وافق مراد الله ،والجزاء السيئ ان خالف مراد الله . ان الجبر يحول دون شرف الاختيار للطاعة والرفض للمعصية ، فالأجر فيهما فعلاً وتركاً يتوقف على الاخلاص و قصد وجه الله لا رجاء لمصلحة ذاتية مطلقة من انسان او خوف عقوبة منه او حرمان مصلحي مطلق ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )) ((وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا )) ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ )) ((فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى )) . 8) تعميق الشعور بالذات والترقي بها في مدارج الكمالات الشعائرية والايمانية والروحية ،وترسيخ الشعور بالآخر الانساني خاصة المرتبط بها وفي حدود القيام بالواجب تجاهه ورعاية حقوقه ، وغرس الشعور بالمسؤولية الشخصية ،وان لا تزر وازرة وزر أخرى . (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ )) ((مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) . 9) الرفع من شأن التعاون على امور البر والتقوى و الحض على تنظيم القيام بهذا الشأن بما يسهم في تحقيق افضل النتائج في اقل الأوقات . والتحذير من شر وعقوبة التعاون على الإثم والعدوان . ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) . 10) التبيان لجوهرية عمارة الأرض كوظيفة أصيلة للإنسان في الدنيا ، والنهي عن الفساد فيها ، ((وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) ((أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ )) ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ )) . ثامناً : قواعد تأسيسية للفهم والاستنباط والعمل : 1) غاية الاسلام العظمى معرفة وعبادة الله الحي الأزلي القيوم السرمدي خالق الوجود ومدبره الذي ارتضى للناس الإسلام منهج لمعرفته ومعرفة الوجود ولعبادته وحده والسلوك القويم في الارض ، وكما يرضى الله بظاهر التعبّد فإنه يرضى بباطنه إخلاصاً و مناجاة صادقة و حيّة وحاضرة معه تعالى علام الغيوب . 2) نبع الاسلام هو القرآن الكريم والسُنة النبوية ، ولفهم موقف الاسلام من قضية ما يجب العودة اليهما ، فان لم يجد اجتهد لواقعه بما لا يخالفهما ، وهذا يحتاج الى قدر من العلم والفقه ، وللعلماء المتفقهين فضلهم و أهميتهم في استنباط الاحكام التفصيلية من أدلتها الشرعية ، قال الله تعالى : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . 3) الاجتهاد هو حصيلة ما توصل اليه العلماء كل في زمنه لعلاج قضايا ذلك الزمن ، وهو يصلح للاقتباس ما تطابقت او تشابهت القضايا ولم يحل تغيّر الزمان والمكان بين ذلك الاجتهاد المحدد بزمنه وبين صلاحيته للزمن والمكان الجديد . 4) الاسلام كل لا يتجزأ في أحكامه التفصيلية فهي قبس من روحه الكلية وجوهره الفذ ، ومن سعى الى دليل لقضية مطروحة غالباً وجده ، ولكن معيار الصحة والقبول مطابقة ما توصل اليه مع روح الاسلام فمعيار النظر الرؤية الكلية لا الجزئية . 5) جعل الاسلام للعقل البشري مكانة كبيرة من الاعتبار ، واحتفى به وهو داع لاستثارته واعماله بما يعود للناس بالحكمة و المنفعة في الدارين . 6) النصوص غير الصحيحة الثبوت و غير صحيحة الدلالة منطلقات لتكوين قناعات لا تتوافق مع جوهر الاسلام في الفهم والسلوك ، ولذا فانه لا بد من العودة المستمرة الى القرآن الكريم بشموله والى السنة النبوية التي هي الصحيح مما تأكدت نسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم عبر علماء الحديث . 7) صحيح العلم والمعرفة مقدمة هي الاهم من بعد خشية الله لعمل ما يوافق الشرع واجتناب ما يخالفه . 8) ان مقصد الاسلام الرئيسي هو تعبيد المكلفين من الأنس والجان لله رب العالمين عن قبول منهم وطواعية واقتناع ، فلا إكراه في مجمل الدين ولا في أجزائه . ولا تكون الطاعة المُطلقة لاحد الا لله تعالى ، ولا طاعة مُطلقة لمخلوق ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ويُطاع المخلوق ما لم يأمر بمعصية للخالق وبقدر موافقة ما يأمر به مع الشرع الحنيف ، وكل محاولة لتنصيب آمرين للخلق ومتحكمين في سلوكهم مصائرهم هي نوع تسلط واستعباد وافتئات على الشرع ، فقد ولد الناس كراماً أحراراً . 9) ان الاسلام دعوة لعمارة الارض بما يخدم الناس وييسر لهم سبل العيش الهنيء والسعيد والرغيد ، وهو قد وضع قيم لهذا السعي وبعض الاحكام التفصيلية في جانب العقوبات ، مع الاخذ بعين الاعتبار تطور تدبير الانسان في ردع المنتهكين و المعتدين . 10) الاسلام دين القيم المؤسسة للأخلاق الفاضلة و المعاملات المنصفة والتدبير الرشيد لمصالح الناس في كل مجالات حياتهم ومعاشهم . 11) الدين الاسلامي جاء من أجل موافقة الجسد والعقل والروح لمُرادات الله عبر مقاماته الثلاثة ( الاسلام والايمان والاحسان ) وهذا هو مقصد التربية الاسلامية التي اعتنى بها القرآن الكريم والسنة النبوية . 12) ان الاسلام هو دين جميع المسلمين وان العمل من أجل تطبيقه والدعوة اليه وتنفيذ احكامه في حياة الفرد والمجتمع هو مسؤولية فردية كما هو مسؤولية جماعية استجابة لشروط النجاة من الخسران : الايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، وكل ذلك في نطاق الوسع فان الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها . 13) الصدق مع الله اخلاصاً له وطلباً صادقاً للحق والتوفيق إليه مدخل وحيد للترقي الإيماني والعملي مسارعة الى الخيرات والزيادة في القربات . 14) لا يكون العمل الشعائري صالحاً متعبداً به عند الله إلا بقدر وجود الاخلاص فيه والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم . 15) ان المقصد الاكبر من الاعمال الصالحة امران : إظهار تعبّد المكلفين العملي لله تعالى ، وطريقة لتربية أخلاقهم وتعميق معرفتهم بالله تعالى وصلتهم به جل جلاله . 16) الايمان بالغيب الذي أعده الله جزاء او عقاباً وتعزيزه ، أساس متين في نهوض الناس بالعمل الصالح اقتناعاً وممارسة و مباشرتهم الاستعداد للدار الآخرة والاستيقاظ من رقدة الغفلة . 17) يزيد الايمان بالعمل الصالح ، والعمل الصالح وسيلة لزيادة الايمان و علامة عليه ، لذا كانا متلازمين متشارطين لبعضهما ، فالإيمان اعتقاد وعمل يوافقه ، والعمل الصالح ايماناً بالله وعملاً بما يرضيه . 18) ان الله تعالى قد دبّر وقدّر ما سيحدث للخلق من قبل خلقهم بإراداته المُطلقة وقدرته النافذة ، وترك للمكلفين الاختيار في موقفهم الاعتقادي والعملي والسلوكي من رسالات الهداية قبولاً وانفاذاً لها او اعراضاً واستكباراً عنها ، و الله تعالى ييسر النوعين لنفس نوع اختيار كل منهما غالباً ، وهو تعالى مع ذلك قد أوجد فيهم الفطرة القادرة على التمييز بين خيرية الحق وعدم خيرية الباطل في العاجل والآجل . 19) ان الاسلام دعوة تجميع للمسلمين لا تفريق لكلمتهم ، توحيد على طاعة الله والمسارعة في مرضاته ، وما يتفرق المسلمون الا يوم يخلدوا لطاعة ذواتهم واشباع اطماعهم الارضية ونزواتهم الغرائزية من زعامة ورياسة وانتصار على الآخر المسلم وتحدي له وتحطيم لنفسيته وربما تصفيته الجسدية . 20) التعاون على البر والتقوى من امتن الروابط التي جعلها الاسلام ـ من بعد رابطة العقيدة ـ سبيل لقواسم مشتركة للعمل المشترك والهم المشترك بين المسلمين . 21) ان الاسلام قد حذر ونهى عن ظلم العباد لبعضهم تماماً كما حذر ونهى عن الكفر والشرك والالحاد ، والثلاثة ظلم الانسان لنفسه ، وجميعها ظلم لمن يعيشون في فلك اولئك الظالمون . 22) ان الاسلام دعوة للتفاهم والتعايش بين المختلفين في العقائد يجمعهم العمل لعمارة الارض ومنع الظلم والطغيان من أي كان وضد أي كان وبأي حُجة . 23) ان الاسلام لا يهتم بإصدار الاحكام على الناس بقدر ما يهتم بهدايتهم والحرص على سلوكهم سبيل الحق وابتعادهم جملة وتفصيلاً عن مواطن الغي والضلال . تاسعاً : أصول الخطاب الدعوي الجديد : الخطاب هو الكلام الموجه ، مقروءاً كان أو منطوقاً ، وهو وظيفة لا يستغني عنها البشر للتواصل بينهم ، و لأهمية الخطاب لابد له من أصول موجهة ومرشّدة و ضابطة تُسهم في نجاحه في تحقيق هدفه وتُجنبه الخطل وتُقدمه واضحاً بيناً لا لبس فيه ولا مدخل لمغرض ، وبين يديك عشرون أصلاً لفن الخطاب : 1. خطاب الناس على قدر عقولهم ترقّياً وترفّقاً ، وقلوبهم ترقيقاً وترغيباً وترهيباً ، وحسن العرض والالقاء . 2. النزول إلى لغة الجمهور التي يفهمها ، وليس الخطاب الدعوي مجال تعليم للغة. 3. البيان وقت الحاجة ، لا قبلها ولا بعدها ، وبالتي هي أحسن ، التي تبني ولا تهدم ، بعيداً عن منزلقات السياسة والساسة و تزيينهم . 4. ركني الخطاب : خطاب العقل ، وخطاب العاطفة ، فليكن لهم حظهما من الخطاب والاهتمام ، وخطاب العقل بالمعلومة والنص والمثال ، وخطاب العاطفة بالعبارة الإنشائية الموقظة للشعور المُخدّر ، والإرادة المُنساة . 5. احترام عقل المخاطب بتجويد الخطاب ، و الاستيعاب الأمثل للمعارف والمدركات ، فلا غفلة عنها أثناء مواجهة الجمهور ، والسعي للاستزادة منها . 6. مواكبة الخطاب للواقع زماناً ومكاناً ، مكونات ومؤثرات ، مستجدات واحتياجات ، بعيداً عن الاثارة و الكراهية والنعرات الطائفية . 7. عدم مسايرة الجمهور ومحاذرة خسرانه . والمُخاطب قائد وليس مُقاد . 8. بث روح التفاؤل والأمل ، روح الممكن لا المستحيل . 9. التيسير لا التعسير . 10. التبشير لا التنفير 11. عدم تعميم الاستثناء ، لا ما يحدث في الواقع ، ولا في النموذج السلوكي المطلوب . وليكن الهم هو نموذج القاعدة العريضة . 12. إيثار الجانب العملي على الجانب النظري ، فليس المطلوب من الخطاب التثقيف بقدر ما هو بيان طرق وخطوات الممارسة العملية للقيم والمثل التي يدعو إليها الخطاب (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) . 13. أن يمتلئ صاحب الخطاب بالرغبة الصادقة في هداية المُخاطبين إلى السبيل القويم ، لا التنقّص منهم أو التزيّد عليهم . 14. تجنب رفع الصوت فوق ما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة و إيذاء، وخطاب زمن مُكبرات الصوت ليس كخطاب قبلها . 15. تقوية صاحب الخطاب لصلته بالله ، فبحسبها يكون نجاحه ، و إلحاحه في سؤاله مولاه أن يفتح له القلوب ، وعليه من علمه وتوفيقه . 16. إخلاص صاحب الخطاب نيته لله تعالى ، وإدراكه أنّ الغرور مقبرة النجاح والحسنات . 17. الامتناع عن الانسياق للعاطفة اللحظية ، أو لما يريد الآخرين لأهداف ينشدونها . 18. هناك من ينتظر من صاحب الخطاب الخطاء فيه ليجعل من الحبة قبة . فلا يمنح المتربص الفرصة . 19. على صاحب الخطاب الحذر من الزلل في عرصات الحياة ، فزلة العالم مضروب بها الطبل ، وزلة الجاهل يُخضبها الجهل . 20. خيرُ الخطاب ما قل ودل . عاشراً : صفات الداعية النفسية والعملية : 1. رؤية عالية منصفة خالية من الاحقاد 2. صفاء نفسي ومعرفة مستوعبة للواقع وللوقائع من دون تدخل في ما لا يعنيه 3. تواضع و حلاوة معشر 4. ايجابية حاضرة وحمل للهم العام 5. شعور انساني متدفق 6. افق تفكيري بعيد واتقان لفن الانصات 7. تقديم لمصلحة المجموع على مصلحة الفرد فكرا وممارسة 8. شجاعة أدبية 9. متجرد للحق 10. نكران للذات الحادي عشر : الاساليب والأوعية الدعوية : أ ـ الاساليب : الخاطرة ، الخطبة ، المحاضرة ، الندوة ، الكلمة الحسنة ( النصيحة الفردية ) ، الدعوة الفردية ، الدرس في الحلقة التربوية والتعليمية ،القدوة ، الكتابة المقالية ، البحوث العلمية ، الفيلم الوثائقي ، الاناشيد ، المسرحيات التمثيلية ، لوائح العبارات الوعظية ،الصور المُعبرة ، الجداول التوضيحية ، الخرائط الذهنية ب ـ الاوعية : المساجد ، المنتديات العامة ، البيوت ،المدارس ، الكليات والمعاهد ، المخيمات الدعوية ، الاسابيع الدعوية ، الدورات الدعوية ، الوسائل الإلكترونية : [ شبكة التواصل الاجتماعي ، المدونات ، رسائل الجوال ، رسائل ايميلية، ، المواقع الالكترونية ] ، المطبوعات : [ كتب ، كروت ، مطويات ] ، الاصدارات السمعية والبصرية والمزدوجة : [ أشرطة كاسيت ،سي دي هات ، فلاشات] ، الوسائل الإعلامية : [ مجلات ،صحف ، قنوات فضائية ،اذاعات ..ونحوها ] ، المؤسسات الدعوية ، والدور المتخصصة ... والمستهدفين هم الناس من كل اعمار التمييز و الادراك ومن كل الفئات والتخصصات .. والحمد لله في البدء والختام ... مرعي حميد / مفكر وباحث / الاثنين 26يناير 2015م

الدعاة الذين أدعوه إلى اعتزال السياسة .. من هم ؟؟

الدعاة الذين أدعوه إلى اعتزال السياسة .. من هم ؟؟ بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث العنوان هو إعادة صياغة لسؤال من أحد الأخوة كتبه تعقيباً على مقالي ( معشر الدعاة ..اعتزلوا السياسة يرحمكم الله ) .. والجواب الشافي ، واستكمالاً توضيحياً ، أن الدعاة المقصودين باعتزال السياسة ، هم : الدعاة الأصلاء الحقيقيين الذين نذروا حياتهم وتخصصوا في الدعوة الى الله وعظاً للناس وتذكيراً لهم و تعليم العلوم الشرعية : العلماء و الفقهاء والوعاظ و المعلمون المنتظمون للقرآن الكريم و قادة الاعمال الدعوية ، ويستوي في ذلك كل من انتسب منهم لأحد ( الجماعات الإسلامية ) الآتية : السلفيين ، الإخوان ، المتصوفة ، التبليغيين . أدعو كل المنظمين والمنتسبين للجماعات الاسلامية اعلاه ما داموا كذلك اي منظمين او منتسبين وليس العلماء والفقهاء والوعاظ فقط .... أدعوهم الى اعتزال السياسية .. و يدخل ضمن من أدعوهم كل من هو عالم أو فقيه شرعي ... وكل هؤلاء الدعاة الأصلاء الحقيقيين أدعوهم إلى اعتزال أي عمل سياسي يمارسونه واعتزال الخوض في السياسة ( كل ما يتعلق بالسلطة السياسية وتأييدها او معارضتها و العمل من أجل بلوغها والمشاركة في انتخاباتها إن وجدت )، كل هؤلاء ادعوهم لاعتزال السياسة بالمعاني والمضامين المذكورة آنفاً او اعتزال الدعوة و التخصص في السياسة ، و أدعو لاعتزال السياسة كل المنظمين والمنتسبين للجماعات الاسلامية اعلاه ما داموا كذلك اي منظمين او منتسبين وليس العلماء والفقهاء والوعاظ فقط .... فهم ما داموا كذلك محسوبين على ( الجماعات ) الاسلامية .. .. وقد سبق أن تحدثت في هذا المعنى في مقال ( الإسلام ..من المسؤول عنه ؟ ) ومقال ( الأحزاب الإسلامية .. رؤية مغايرة ) . ويبرز إشكال واقعي أول هو انضمام من ليسوا دعاة أصلاً و اكتسابهم عضوية الجماعات المحسوبة على أن عملها ووظيفتها الدعوة الى الله تعالى ، ولكن هذه الجماعات اتخذت لنفسها طابع شمولي وهي تُنسّب في صفوفها كل من هو مقتنع بها ولو لم يكن داعية اصلاً ولا يمارس أعمال دعوية باستثناء أعماله الداخلية في اطار ( الجماعة ) التي انتسب اليها واقتنع بفكرها ومنهجها الذي يتحاوز الدعوة الصرفة إلى الله إلى السياسة اشتغالاً بها وعملاً في ميادينها ، و هؤلاء ادعو ( الجماعات ) الى منحهم الاستقلالية في اعمال تناسب تخصصاتهم و يبقى الدعاة فحسب في اطار ( الجماعات ) الدعوية لتكون حقاً وصدقاً جماعات دعوية ، توجه جهدها وطاقتها الى الدعوة الى الله من دون أن يزاحمها انشغال بسواها . و يبرز اشكال واقعي ثاني فحواه : كيف وكل مسلم هو داعية الى الله في الأصل ، أتدعوه لترك السياسة ؟ فمن أين نأتي بسياسيين في بلاد العرب والمسلمين ؟؟ والجواب : كل مسلم يدعو الى الله هو أحد أمرين : إما انه يدعو بصورة منفردة ( دعوة فردية ) فلا علاقة له مع ( الجماعات المنظمة ) ، و إما أنه عضو فيها ، فان كان عضواً ترك لسواه أن يتخصص ويبدع في المجال السياسي ، و إما إن كان منفرداً فلن يقود إلى ضرر قد يلحق الجماعة الدعوية ، وان ترك الدعوة لن يؤثر على العمل الدعوي المطلوب كفريضة شرعية وضرورة بشرية .. كل داعية الاصل ان لا يكون سياسي أي له آراء و نشاط سياسي منظم او غير منظم ،لأنه حينها يخسر نصف المدعوين او أكثر ممن لا يوافقونه توجهه السياسي ، أما حكاية السياسة الشرعية التي يعقب بها البعض ، فلا توجد سياسية شرعية ، ولكن اجتهادات لعلماء ومفكرين اسلاميين معظمها في زمن قد مضى ولا تناسب زمننا الحاضر ، فكتاب ( السياسة الشرعية ) تحدث فيه الإمام ابن تيمية عن قضايا محددة قد حدثت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعظم الكتاب عن الاموال والحدود ، و قد عاش ابن تيمية في غير عصرنا واجتهد له ، فالسياسة الشرعية التي تضمنها كتابه لا يستطيع احد الاستفادة منها اليوم ، و معظم ما أؤلف اليوم عن السياسة الشرعية أكثره محاولة إحياء للسياسة القديمة ...حديث عن شروط الخليفة وواجبات الخليفة ومعظمه تركيز على دوره نحو نشر الاسلام .....، وللأسف فانه في القديم والحديث والزمن المعاصر أساء الكثير من العلماء للأمة الاسلامية عبر التكفير وإجازة قتل الغرماء والمنافسين وذلك لركونهم للذين ظلموا من الحكام أمثال الشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ المعاصر محمد الطيب شيخ الازهر والشيخ علي جمعة والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وهؤلاء هم مشائخ وعلماء ، إنني أنظر من منظار شمولي لكل العلماء من كل توجه ( سلفيين ، إخوان ، متصوفة ) إنّ كلامي ودعوتي عامة بأن يعتزل كل العلماء والفقهاء والوعاظ السياسية وكذلك الجماعات الدعوية التي أصبحت أحزاب سياسية و ضيعت الدعوة وخسرت المدعوين المستهدفين المفترضين ، و في ذات الوقت حتى العالم والفقيه هو لا يعرف السياسية فاين احترام التخصصات ؟؟ واذا افتى افتى عن غير إدراك حقيقي بالواقع السياسي ، وفتواه في الأخير تعتبر تدخل في غير مجاله ، فالإسلام قد وضع قيم عامة منها قيم للعمل السياسي ولكن لا تفصيل فحتى من يحكم المسلمين من بعده لم يتحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن العلماء والفقهاء في الماضي والحاضر ـ إلا من رحم الله ـ يبحثون عن الطرف السياسي الذي ينتمون إليه عن أدلة يفتون وفقها بما يُرضيه ، بل وحتى تفسير الآيات والاحاديث ومن ذلك موضوع الشورى فلم يقل معظم العلماء القدماء والمعاصرين ان من الامور الداخلة فيها اختيار الحاكم وقصروها على مشاورته ( فقط ) لأهل الحل والعقد واختلفوا في مسألة فرعية وهي هل هي ملزمة أم معلمة ، ، وفتوى العالم والفقيه في الشأن السياسي قد تخدم طرف من المسلمين ( المقصودين جميعاً بدعوته كما هو الأصل ) ضد طرف ثاني ، وفتواه السياسية تؤثر بصورة غير عادلة في ميزان القوى السياسية و يشعر البعض بانهم قد ظلموا بهذا السبب وبالتالي يشنون الحرب الضروس ضد ( الجماعات الدعوية ) و ضد العلماء ويسعون في تشويههم وتنفير الناس منهم عبر وسائل الاعلام وبالتالي يدخل العلماء في متاهات هم في عن عنها و يخسرون منابر دعوية ( مساجد ، قنوات ، مجلات ، صحف ، وغيرها ) ومصر السيسي خير مثال ، و كما هو من المهم فقه الواقع على حقيقته فمن المهم استيعاب هذه المعرفة ,,, وفي الأخير أدرك أن الكثير من المحسوبين على العلم الشرعي لن يكونون إلا متعصبين للسياسة والاشتغال بها ، ومن دون حجة حقيقية إلا دافع التقليد لمن سبق ، و كل من قوله ويترك حتى ( علماؤنا قديما ) و قد ينسى البعض ان سبيل الفقه في الدين ليس فحسب الدراسة في الجامعات او عند المشائخ (( من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) حديث صحيح قد يبحث البعض له عن تأويل يخرجه من معناه ، و قال تعالى (( واتقوا الله ويعلمكم الله )) وقال عن العبد المؤمن في سورة الكهف : (( عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا )) واعرف ان تعصب ( المتعلمين الرسميين ) يحملهم على انكار كل هذا المنطق ... هداه الله الجميع الى ما فيه الخير والنفع والنور ....

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله بقلم : مرعي حميد ـ مفكر وباحث معشر الأحبة .. الدعاة الى الله من كل التيارات الاسلامية ( السلفيين والاخوان والمتصوفة والتبليغين ...) ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ، ولأنني قد أحببت لنفسي وقررت لنفسي بعد طول تأمل أن اعتزل السياسة ورأيت أن الاجدى لكم و الأرضى لمولاكم الحي الأزلي القيوم السرمدي و الانفع للناس في مجتمعاتكم وخارجها أن تعتزلوا السياسة فكراً وممارسة ، أدعوكم لهذا الامر : أن تعتزلوا السياسة بكل ما فيها ، ليس لأنها مُنتنة ، ولكن لأنها قد جرفت سوادكم الاعظم بعيداً عن مهمة الدعوة الى الله تعالى ولم تتوفقوا في السياسة وكثير منكم قد كان مردود ونتاج توجهه السياسي النكبات على دعوته . لقد تبين لي عبر دراسة مطولة شاملة ، سأنشرها قريباً بإذن الله تعالى ـ انكم ـ ما عدا التبليغيين ـ إما كنتم صداميين مع الحكام فخسرت الدعوة وفشل مسعى الوصول الى الحكم ، او كنتم قد اخترتم المشاركة مع الحكام الظالمين في أمر السلطة عبر تسخير منابركم واقلامكم للدفاع عن باطلهم والتبرير لهم كما كففتم عن مناصحتهم في ظلمهم بالتي هي أحسن لأنكم رضيتم الظلم او وجدتموه يصب لمصلحة تياركم . معشر الدعاة : هذه دعوة محب لكم حريص على ما فيه مصلحتكم الشخصية ومصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين ، دعوا السياسة لمن اختاروا ولمن يختارون ان يتخصصوا فيها من أبناء العرب والمسلمين . إنّ التعبد لله تعالى يستغرق كل اوقاتكم وطاقاتكم وقدراتكم العلمية والروحية و الوعظية فليكن شعار أحدكم (( أصلح نفسك و أدع غيرك )) ، ولكن بالمفهوم أعلاه . معشر الدعاة الاكارم : ان الدين الذي ارتضاه الله لنا ليس اسلام فحسب وليس ايمان فحسب بل هناك احسان ، فهل بلغتم مقام أن تعبدوا الله وكأنكم ترونه ، ان هذا ما ينبغي عليكم تجاه انفسكم كما هو واجب ان تدعوا الناس اليه وتبينوه لكم . ان الاشتغال بالسياسة ومعارضة الحكام و تأييدهم ليس مهمة الداعية ، انما هو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع ويتيسر له ، لا أن ينازع الحكام كراسيهم ولا أن يدعمهم وهم الظالمين الناهبين للكثير والكثير من خيرات شعوبهم واوطانهم . معشر الدعاة : سخروا اوقاتكم وطاقاتكم امكانياتكم للعمل الدعوي : تواصي بالحق ، وتعليم للقرآن ، ونشر لعلوم الشريعة وفقهها . ليكن لكل منكم حوارييه من دون تعصب مع أو ضد ، ليكن لكل منكم درسه ووعظه و تعليمه ، ليكن لكل منكم على الاقل درس اسبوعي يتخير فيه الاسلوب الاحسن : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) . يهتم الجميع بالأمر الفرض المتعين وهو العمل لتحقيق التدين الثلاثي المقامات ( الاسلام والايمان والاحسان ) مبتدئين من انفسنا ومن ثم من ندعوهم من عامة الناس وخاصتهم ، و وذلك عبر حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية ، مع الاستفادة من وسائل الاعلام ووسائل الايضاح الحديثة .. معشر الدعاة : لقد قلت ما أحببت قوله لكم مجملاً قاصداً الجميع وهذا بعض التفصيل : ليجوّد ويطور في تخصصه كل تيار منكم ، و لا يسمح لتخصصه ان يخرجه عن الفرض المتعين ويطوعه من اجله والذي تحدثت عنه اعلاه ( العمل والدعوة الى الاسلام بمقاماته الثلاثة ) . ويكون التخصص بحسب الاهتمامات الحالية ما عدا السياسة التي ينفض الجميع ايديهم منها ومن كل ما يتصل بها من قريب أو من بعيد : أولاً : السلفيين : العلوم الشرعية وتدريسها ثانياً : الاخوان : العلوم الشرعية كما كانت بدايتهم مع الدعوة الى شمولية الاسلام بدون صدام مع السلطة ولا تأسيس احزاب ثالثاً : أهل التصوّف : التربية الروحية الصافية من البدع والتفكير الخرافي + الفقه والتفقه في الدين رابعاً : التبليغ : نفس النهج الحالي وهو ذات نهج المؤسس و تضاف حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية . و من المهم تخصص البعض في مجالات العمل الخيري والانساني لأهميته للناس ولفضله عند رب الناس . وختاماً .. عن نفسي : اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة من اليوم الثلاثاء جملة وتفصيلاً [ 20 يناير 2015م ] ،واستمرار التفرغ للتأمل والفكر والبحث ، واتباع نهج الدعوة الى الله و تبسيط معالم الإسلام ، وذلك بصورة حرة ومفتوحة مع التركيز على الجانب التربوي الروحاني والدعوة الى اتباع هذا الاسلوب ، والاكتفاء من السياسة بما قد كتبت ، والتوقف عن الكتابة فيها نهائياً بما في ذلك تجارب الاسلاميين السياسية ... أما فكرة حزب التمدن الديمقراطي وفكر حركة التمدن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني اتركها للجيل الشاب واتركها للتاريخ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها كتاب في السياسة سيخرج الى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( ايدلوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الاشتراكي والإصلاح ] ) الأولى بدءاً من عام 1984م والثانية بدءاً من عام 1991م والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الاسلامية في مجالات : العقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الاكبر من المشاريع الكتابية .. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل .. فجر الثلاثاء ـ 20 يناير 2015م

حياة جديدة

حياة جديدة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث حياة بعيدة عن السياسة ، حياة بعيدة عن الصحافة ، بعيدة عن النكد و وجع القلب والعقل ، هذه الحياة الجديدة التي أحياها ، متحرراً عن الكتابة عن الشأن الجاري وإرهاقها النفسي و مُبتعداً عن الانهماك في متابعة مجريات الأحداث والتطورات ، أتابع الأحداث الهامة والمفصلية والمؤثرة على المشهد السياسي والعام ولكن أحتفظ برأيي و أكتب خلاصاتي لنفسي ، لقد أخترت بعد جهد وتأمل أولاً أن أعتزل السياسة وأنبذ الاهتمام بها والكتابة عنها من حياتي ، بما في ذلك العضوية في التنظيمات السياسية التي هي معوّق للتجديد الفكري في أحيان بما تضعه من التزامات ومقتضيات على المتبتّل في صومعة الفكر والتأمل ، كما أنها معوّق للتقبّل الثقافي لدى قطاع واسع من الناس ، و أخترت ثانياً عيش حياة الاستقلال التام متفرغاً للفكر بمعناه الواسع والتجريدي ، مع استثناء الفكر السياسي الذي أعتقد أنني قد منحته من الوقت والاهتمام والكتابة ما يستحقه و لا يوجد لدي مزيد من نقد و تنظير فكري سياسي وستكون خلاصته كتابين قادمين في القريب بإذن الله تعالى قد أودعتهما آخر وخاتمة قناعاتي على هذا الصعيد مع خلاصة لنتاج الفكر السياسي المعاصر . لقد قلت وكتبت وسأنشر في كتاب مهذب متكامل منتهى قناعاتي عن انشغال التيارات الإسلامية بالسياسة ولا مزيد لدي ، فإن اقتنعوا كان بها وإن لم يقتنعوا ستثبت لهم الأيام ـ مزيد اثبات ـ صواب ما ذهبت إليه ، مع محبتي لهم وتمنياتي لهم بالتوفيق والسداد و أن يحفظهم الله بحفظه و يكلؤهم بعينه التي لا تنام و أن يجعل كيد الخصم الجهول في نحره . لقد آن لي أن اتفرغ لأمرين : الفكر التجريدي الأقرب إلى الفكر والتفكير الفلسفي التأصيلي والتأسيسي ، و الإرشاد الروحي الذي وفقني الله لسلوك سبيله وفتح عليّ فيه الفتوحات المتتالية وأصبحت أجد نفسي في الانشغال به والاهتمام بمزيده بخلاف السياسة التي مناخاتها لا تحبذ سوى عقلية السرب والتعصب باقتناع أو من غير اقتناع وبالتالي القبول والرفض والإقبال والإحجام العملي والتثقيفي ، و قد لا تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وقد لا تعمل بمنطق (( انزلوا الناس منازلهم )) ، قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن هذا المعنى : (( فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته، ولا يرفع متضع القدر فوق منزلته، ويعطى كل ذي حق حقه )) ، وجاء في [عون المعبود شرح سنن ابي داؤود ] (( أي عاملوا كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف، قال العزيزي والمُراد بالحديث الحض على مراعاة مقادير الناس ومراتبهم ومناصبهم وتفضيل بعضهم على بعض في المجالس وفي القيام وغير ذلك من الحقوق )) ، فلا تعمل بها تنظيماتها إلا بنرجسية وبانتقائية و من دون معايير حقيقية إلا ما وافق الهوى والطباع و التطبّع . إنّ وضع الإنسان في الموقع الذي يستحقه ويستحقه الموقع ، من دون تأخير عنه يمكنه من الإنجاز الأفضل بحسب قدراته ويجعل لذلك الموقع قيمته ، تماماً كما أنّ تقدمه غيره من غير استحقاق يمنع ذلك الغير من تحقيق الإنجاز الأفضل و يضع هذا المتقدم في حال لا يحمدها هو لما يشعر من ضعف حيلة ولما يعرضه من التهكم والانتقاد خصوصاً مع وجود الأفضل ولكن دون منزلته المُستحقة ، فحتى لو أراد مواكبة المنزل الذي وضع فيه فإن مؤهلاته وقدراته لا تمكنه من ذلك ، ولذا فإن من معايير التدبير الصحيح للأعمال والمهام (( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب )) ، وهذا هو منهج ومعيار لوجود الحرص على العمل من عدمه ، الحرص على العمل أو الحرص على الهوى والأنانية و الشُللية ، وفي ذات الوقت فالحرص على الشرف والمكانة فطرة وغريزة في النفوس حتى يتنافس الخلق في الفضائل وجليل الأعمال بل ويتمكنون من ذلك بحسب استحقاقهم ومؤهلاتهم وتخصصاتهم ، وإظهار المنزلة والمكانة مما يريده الله تعالى وقد أسماها النبي صلى الله عليه وسلم : عاجل بشرى المؤمن ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم : (( عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ « تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ »)) ، ورواه الإمام أحمد في مسنده ، و يؤكد مشروعية هذا الحرص والرضاء به قول الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : (( ورفعنا لك ذكرك )) في مقام الامتنان برفع الذكر . ومما يجر إلى اختلاط المعايير و حدوث الظلم والغبن بحق البعض التشابك والتخالط في التنظيمات و معاييرها ومراتبها ودرجاتها ، ولذا فإن هذا التخالط نكبة تُصاب بها التنظيمات تفقدها العديد من الكفاءات والرموز المبرزة أو على الأقل تحول بينها وبين استيعاب الطاقات والقدرات ويحدث عكس ذلك من هدر لها و إضاعة ، بالإضافة إلى الغبن الذي يحدث بحق ذلك البعض وقد أقبل بعزيمة وحماس واقتناع . مما يجعل البعض حريص على الابتعاد فليس من المُكث طائل الا الشعور بمزيد الغبن ومن موانع هذا الغبن في أحيان والمؤِسسة والمُنشئة للإدارة الناجعة للمهام والأفراد ضرورة الفصل بين التنظيمات ليتمكن كل منها من تطبيق معاييره واستيعاب ممكنات أفراده ، وكل هذا ممكن لو تم فقه الواقع ولو تمكنت التنظيمات من الحد من عقلية التغوّل والسيطرة والهيمنة لدى قياداتها بمختلف تدرجاتها ـ و بحُجج و اهيه و مردودة ـ و تتحول تلك الذوات والنرجسيات بمرور الوقت إلى قانون فوق القانون ومن دون معايير حقيقية . وقد لا يكون من وقع عليهم الغبن نادمين على ما حدث لهم ، بل ربما كان لسان حالهم : رُب ضارة نافعة ، ولكن العمل هو من يخسر ، ولا يُنكر هذا إلا مُكابر وواهم و قابع في برج عاجي ويفتقر لمزيد من الشعور بالمسؤولية على أقل تقدير ، و يبقى بيان مثل هذه الأمور متحتم عند كل حريص على التمام . إنني لأجد عناية الله قد حفت بي و أحاطتني و رعتني ـ و لكل من اسمه نصيب ـ وقادتني منذ منتصف الثمانينات تحديداً إلى عالم الفكر ، وزاد لها منذ عام 1988م عالم الروحانية والفقه في الدين ، دون أن انصرف إلى عوالم أخرى أو تخصصات تبعد بي عن أجواء الفكر والروحانية ، وإنني أعتقد أنّ حاجة المسلمين إلى العناية والاهتمام بالروحانية والدين الثلاثي المقامات (إسلام وإيمان وإحسان ) أكثر من حاجتها إلى الاهتمام والتعمّق والتفرغ للعمل السياسي والانشغال السياسي فهناك كثير ممن درسوا العلوم السياسية وممن سيدرسونها مستقبلاً في الكليات والأقسام المتخصصة بها، وهناك كثير من أصحاب التطلع السياسي باستحقاق أو بدون استحقاق وهم يجدون فرص ويستغلون ظروف في هذا المجال ، وفي نفس الوقت فإن الجانب الروحاني لا يكون إلا بتوفيق الله ومزيد فضله لا بالدراسة الجامعية ولا النظرية المنتظمة في المعاهد والدارات والأربطة ولا حتى بسلوك طريق الترقي الروحي في مقامات الدين بحد ذاته سلوك ولكن لا بد من توفيق الله وتيسيره ونفحاته ، وتلك هي أسباب من المهم و المُفيد الأخذ بها مع الحذر من الشطط ومن مخالفة الكتاب المجيد وما صح من كلام وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم و حذر ثالث من الوقوع أسر التفكير الخرافي أياً كان مصدره وصاحبه و (( كل يؤخذ من قوله ويُترك الا صاحب هذا القبر )) ـ كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس قاصداً بصاحب هذا القبر النبي صلى الله عليه وسلم ... وقولي هذا قد لا يفقهه الكثيرون ولكن أعتقد أنني لن أعدم من يفقهه فنحن في زمن قد ندر فيه الراغبين في سلوك مقامات الترقي الروحي الموصلة إلى عبادة الله كأن العابد يراه . لقد مررت بثلاث مراحل في حياتي أولها مرحلة الصبا حتى عام 1983 ، ثم مرحلة اعتناق الايدلوجية السياسية الاشتراكية من عام 1984 وحتى هداني ربي بفضله وكرمه في نهاية عام 1988، ثم مرحلة انتقالية قصيرة ، ثم مرحلة اعتناق ايدلوجية ( الإسلام السياسي ) منذ مايو 1991م وحتى 4 ابريل 2014م . وهذه هي المرحلة الرابعة التي ابتدأت في 5 أبريل 2014 وتكرّست في 20 يناير 2015 م حيث قررت اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة واختيار التفرغ للتأمل وللفكر المستقل والتربية الروحية بصورة كاملة ونهائية مع اخراج ما قد سبق لي من بحوث وكتابات تقع ضمن المجال السياسي أو تقرب منه وتدور في فلكه ، ... أما فكرة حزب التمدّن الديمقراطي وفكر حركة التمدّن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني أتركها للجيل الشاب وأتركها للزمن الذي هو جزء من العلاج ـ كما قال الإمام حسن البنّاء ـ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها ، بإذن الله ، كتاب عن فكر التمدن الديمقراطي وكتاب ثان في السياسة سيخرج إلى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خُلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( أيدولوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح ] ) والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . وصدق الله تعالى المنعم المتفضل القائل : (( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ )) ، والقائل جل جلاله : (( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ )) ، والمقصود من الاستشهاد المعنوي لا الحسي . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الإسلامية في مجالات : السلوك والعقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الأكبر من المشاريع الكتابية و البحثية .. وأسأل الله تعالى أن يوفقني في هذه المرحلة ـ الحياة الجديدة ـ و أن يعينني على ما يحبه ويرضاه من محبوب الصنيع لديه و من نافع القول وسائغه .. أعزاءي وعزيزاتي على هذه الصفحة ... وبهذه المناسبة .. اعتذر منكم ولكم .. فلقد قررت ان احول جميع منشوراتي منذ اليوم الى صفحتي الجديدة ، ليس اضطراراً لكم لتسجلوا اعجاب ، ولكنني وجدت ان اعتزالي السياسة وتبني اتجاه دعوي خالص يجعل توقفي عن النشر هنا مهماً وضرورياً ... تقبلوا خالص معزتي وتقديري لكم .... والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .. 25 يناير 2015م

الثلاثاء، 20 يناير 2015

سيرتي الذاتية ... مجددة ومختصرة

سيرتي الذاتية ... مجددة ومختصرة ولد المفكر والباحث اليمني مرعي كرامه سعيد حميد بوادي حضرموت في أكتوبر من عام 1970م.. وفي حياته تعددت اهتماماته وتنوعت محطاته . كانت البداية اهتمامه السياسي ، ثم تبعه الفكري ، ثم الروحي ، ثم الإعلامي ، وتفرّع اهتمامه بالاقتصاد و العسكرة من انغماسه السياسي الذي قاده لدراسة التاريخ في المرحلة الجامعية ، فيما تفرّع اهتمامه بالعلوم الطبيعية من فيزياء و أحياء و فلك من انغماسه الروحي ، وتفرّع اهتمامه بالأدب والكتابة من انغماسه الإعلامي المتولد بالأصالة من الانغماسين الفكري والسياسي . منفتح على كل الأفكار ، من الشرق أو من الغرب ، يبحث عن ما قد يكون حسن أو رائع فيها ويحاول سبر غورها والتعرف على جوهرها وإن كان بعيد عن النفاسة . وقد نمت مكتبته الشخصية الريفية بموجب هذه المتوالية ، وهي في نموها مستمرة ، ما يميزها في هذه المرحلة أنها تحوي جانب أثير متميّز بالنسبة إليه هو جانب مؤلفاته الشخصية . منذ 30 عاماً بدأ انغماسه في المجال المغناطيسي للسياسة حتى اعلن اعتزاله الاشتغال السياسي يوم 20 يناير 2015م ، والسياسة لم تقدم له الكثير ، وما كان طامعاً ، وليس طامعاً ، في شيء ، إنما هو الانبعاث القيمي والفكري ، 1984 كان عام انضمامه إلى منظمة اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني ، بعد 3 سنوات حضانة في فرقة منظمة الطلائع اليمنية بمدرسته . قضى خمس سنوات من تعليمه الأساسي والثانوي معتنقاً لفكر الاشتراكية العلمية الماركسي اللينيني منضوياً في صفوف العضوية المرشحة للحزب الاشتراكي شاغلاً منصب سكرتير ثاني اتحاد شبيبة فتاح بثانوية القطن ، ثم تحول عنه باقتناع وهو في أواخر دراسته بالمرحلة الثانوية ليعتنق الفكر الإسلامي الحركي ، وينظم إلى حزبه في اليمن التجمع اليمني للإصلاح عند افتتاح فرعه بمديرية القطن مايو1991م ، ونشط في صفوفه حتى مطلع عام 2014م حيث اتجه الى تأسيس حزب سياسي وطني جديد ، عمل المؤلف عام1991م إماماً وخطيباً في مسجد احد القرى ثمانية أشهر ، انتقل بعدها لدراسة التاريخ الذي كان يستهويه كونه يصب في إطار المعرفة السياسية الشغوف بها وذلك بالتحاقه بكلية العلوم والآداب والتربية بمدينة المكلا عاصمة حضرموت الساحلية ، وخلال دراسته الجامعية كان المسؤول الإعلامي بالمجلس الطلابي ، ثم عضواً في اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر التأسيسي للحركة الطلابية اليمنية ومقرها صنعاء العاصمة . في أغسطس1996 بدأ عمله الوظيفي بإدارة المعاهد العلمية شاغلاً مدير إدارة الأنشطة بمكتبها بحضرموت حتى انتقاله إلى منطقته العنين بوادي حضرموت حيث تقيم عائلته , وتنقل بين معاهد ومدارس وادي حضرموت ليتفرغ منذ يناير عام 2013م شبه كلياً للكتابة والبحث والعمل السياسي المستقل ، وله كتاباته المستمرة في المواقع والمجلات والصحف . منذ بداية دراسته الجامعية اندمج في تجربه صوفية سُنية سنية مستمرة تعمقها القراءة المتعمقة والمكثفة وقد تحدث عنها في (مقال) بعنوان : (تجربتي الروحية ) منشور على مواقع الكترونية . يعيش المتابعة الدؤوبة للشأن العام ، وقد اتخذ لنفسه قراراً شخصياً أن يحيا حياة التأمل الشامل الانعزالي منذ منتصف عام 2012م وينكب على التأليف و البحث في مجالات اهتماماته كافة . رسالته في الحياة الإسهام الخلّاق في أن يحقق كل إنسان سعادته الجمعية في الحاضر والمستقبل ، وهي السعادة الشخصية التي لا تكتمل إلا بأن يبذل وسعه في سبيل سعادة الآخرين ومحبتها لهم والانتهاء عن أن يكون هو جالب تعاسة لهم من أي نوع وبأي مقدار . منهجيته في التأليف والكتابة والبحث هي (جديد يستحق القراءة ) فهو لا يهتم أن يكتب إلا الجديد من الفكر والاستنتاجات والتأملات التي يتوصل لها بتوفيق الله وعبر عكوفه وتفرغه في محراب الفكر والتأمل الباحث بصدق و انفتاح ودأب عن الحقيقة ، و يتجنب في كتاباته الفكرية النقل عن الآخرين بالرغم من حرصه على معرفة آرائهم وأفكارهم وسبرها وسبر تكوينهم الفكري ، و شعاره ، ما يحبه لنفسه ، ( لتقرأ الآخرين من كتبهم مباشرة وجميل ان تجد الجديد الذي يستحق القراءة ) . من مؤلفاته : ماذا يعني انتمائي للاصلاح ، وقد طبعت منه طبعتين عن مكتبة خالد بن الوليد ودار الكتب اليمنية ـ صنعاء عامي 2011 و 2012م . رسالته في الحياة : الإسهام المتميّز الفكري والروحي الخلّاق والمستمر في أن يتحقق لكل إنسان و مجتمع سعادته الجمعية في الحاضر والمستقبل التي لا تكتمل ولا تكون إلا بأن يبذل وسعه وحرصه في سبيل سعادة الآخرين والانتهاء عن أن يكون مصدر تعاسة لهم من أي نوع وبأي مقدار . الخطوط العريضة لمشروعه الفكري : 1) معرفة وعبادة الله الحي الأزلي القيوم السرمدي خالق الوجود ومدبره الذي ارتضى للناس الإسلام منهج لمعرفته ومعرفة الوجود ولعبادته وحده بإخلاص وصدق وبيان لقيم العبادة المحضة و لقيم عمارة الأرض التي يريد منهم النهوض بها ومن أجلها ، وكما يرضى الله بظاهر التعبّد فإنه يرضى بباطنه إخلاصاً و مناجاة صادقة و حيّة وحاضرة معه تعالى علام الغيوب . وكما هو الإسلام عبادة فهو عقيدة وأخلاق وتعامل عادل . 2) كل إنسان في الأرض ساع إلى سعادته وسعادة ذويه و حريص على أن يتطور مجتمعه و يأمن وطنه ويستقر و ينمو و يزدهر ، وذلك كله من حقه ، و يتم ضمان ذلك و تحققه فقط عبر نظام ديمقراطي عادل وأحزاب ديمقراطية مدنية وطنية . 3) من المهم للإنسان ومن الإنسان استخلاص وتحفيز أروع ممكناته وقدراته ومنحه فرص النجاح المتجدد والإحترام المتدفق وإبعاده عن أجواء الصراع والتوتر والتباغض والتنافر مع الآخرين ومع الحياة . وذلك لكل إنسان بغض النظر عن دينه أو لونه أو موطنه . 4) كل مسلم على وجه الأرض هو فرد من جماعة المسلمين التي تتحمل مجتمعة مسؤولية تطبيق الإسلام ، كل من أفرادها بحسب قدرته وطاقته . 5) تأسيس ( جماعات إسلامية ) يتعارض مع كون المسلمين جماعة واحدة ، ولكن تتأسس تنظيمات ومؤسسات تخصصية تعاونية يختار لها القائمون عليها مجال معين تتخصص وتتحرك و تنشط فيه مع فقه حقيقي للواقع واستيعاب لذلك الفقه . 6) لا تستقيم حياة المجتمعات الإنسانية ولا تتخلص من الصراعات الدموية والتدميرية إلا عبر نظام سياسي ديمقراطي يتبنى فصل ما هو سياسي عن ما هو ديني ، و يمتنع عن ، كما يمنع ، استخدام الدين لمصلحة السياسة . 7) تتأسس الأحزاب السياسة على أساس التنافس لخدمة الوطن والشعب والتعاون في سبيل ذلك بعيداً عن الايدلوجيا و نَفَس الإقصاء والإلغاء . 8) التفاهم الواعي مع وبين حضارات الأرض لا الانغلاق والانكفاء على الذات واستنكاف الأخذ مما لدى الآخرين جملة وتفصيلاً سواء على مستوى الاقتصاد أو التكنولوجيا أو العمران أو الفكر أو التربية .. وغيرها . 9) الابتعاد عن التحيّز في النظر والتلقي وتقييم الأفكار والأشخاص والنُظم والهيئات والمؤسسات والتصورات ، فذلك الضمانة الأهم لتحقيق الإفادة و تجنب التجني والتشويه والتفريط والتعدي . 10) تحتاج المجتمعات إلى تطوير اقتصادها وتعليمها وصحتها ونقلها وإتصالاتها ، غير إنها أحوج إلى تطوير فكرها و استنبات وتنمية العقلية الإبداعية والروح الإيجابية بين أفرادها .

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله بقلم : مرعي حميد ـ مفكر وباحث معشر الأحبة .. الدعاة الى الله من كل التيارات الاسلامية ( السلفيين والاخوان والمتصوفة والتبليغين ...) ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ، ولأنني قد أحببت لنفسي وقررت لنفسي بعد طول تأمل أن اعتزل السياسة ورأيت أن الاجدى لكم و الأرضى لمولاكم الحي الأزلي القيوم السرمدي و الانفع للناس في مجتمعاتكم وخارجها أن تعتزلوا السياسة فكراً وممارسة ، أدعوكم لهذا الامر : أن تعتزلوا السياسة بكل ما فيها ، ليس لأنها مُنتنة ، ولكن لأنها قد جرفت سوادكم الاعظم بعيداً عن مهمة الدعوة الى الله تعالى ولم تتوفقوا في السياسة وكثير منكم قد كان مردود ونتاج توجهه السياسي النكبات على دعوته . لقد تبين لي عبر دراسة مطولة شاملة ، سأنشرها قريباً بإذن الله تعالى ـ انكم ـ ما عدا التبليغيين ـ إما كنتم صداميين مع الحكام فخسرت الدعوة وفشل مسعى الوصول الى الحكم ، او كنتم قد اخترتم المشاركة مع الحكام الظالمين في أمر السلطة عبر تسخير منابركم واقلامكم للدفاع عن باطلهم والتبرير لهم كما كففتم عن مناصحتهم في ظلمهم بالتي هي أحسن لأنكم رضيتم الظلم او وجدتموه يصب لمصلحة تياركم . معشر الدعاة : هذه دعوة محب لكم حريص على ما فيه مصلحتكم الشخصية ومصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين ، دعوا السياسة لمن اختاروا ولمن يختارون ان يتخصصوا فيها من أبناء العرب والمسلمين . إنّ التعبد لله تعالى يستغرق كل اوقاتكم وطاقاتكم وقدراتكم العلمية والروحية و الوعظية فليكن شعار أحدكم (( أصلح نفسك و أدع غيرك )) ، ولكن بالمفهوم أعلاه . معشر الدعاة الاكارم : ان الدين الذي ارتضاه الله لنا ليس اسلام فحسب وليس ايمان فحسب بل هناك احسان ، فهل بلغتم مقام أن تعبدوا الله وكأنكم ترونه ، ان هذا ما ينبغي عليكم تجاه انفسكم كما هو واجب ان تدعوا الناس اليه وتبينوه لكم . ان الاشتغال بالسياسة ومعارضة الحكام و تأييدهم ليس مهمة الداعية ، انما هو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع ويتيسر له ، لا أن ينازع الحكام كراسيهم ولا أن يدعمهم وهم الظالمين الناهبين للكثير والكثير من خيرات شعوبهم واوطانهم . معشر الدعاة : سخروا اوقاتكم وطاقاتكم امكانياتكم للعمل الدعوي : تواصي بالحق ، وتعليم للقرآن ، ونشر لعلوم الشريعة وفقهها . ليكن لكل منكم حوارييه من دون تعصب مع أو ضد ، ليكن لكل منكم درسه ووعظه و تعليمه ، ليكن لكل منكم على الاقل درس اسبوعي يتخير فيه الاسلوب الاحسن : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) . يهتم الجميع بالأمر الفرض المتعين وهو العمل لتحقيق التدين الثلاثي المقامات ( الاسلام والايمان والاحسان ) مبتدئين من انفسنا ومن ثم من ندعوهم من عامة الناس وخاصتهم ، و وذلك عبر حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية ، مع الاستفادة من وسائل الاعلام ووسائل الايضاح الحديثة .. معشر الدعاة : لقد قلت ما أحببت قوله لكم مجملاً قاصداً الجميع وهذا بعض التفصيل : ليجوّد ويطور في تخصصه كل تيار منكم ، و لا يسمح لتخصصه ان يخرجه عن الفرض المتعين ويطوعه من اجله والذي تحدثت عنه اعلاه ( العمل والدعوة الى الاسلام بمقاماته الثلاثة ) . ويكون التخصص بحسب الاهتمامات الحالية ما عدا السياسة التي ينفض الجميع ايديهم منها ومن كل ما يتصل بها من قريب أو من بعيد : أولاً : السلفيين : العلوم الشرعية وتدريسها ثانياً : الاخوان : العلوم الشرعية كما كانت بدايتهم مع الدعوة الى شمولية الاسلام بدون صدام مع السلطة ولا تأسيس احزاب ثالثاً : أهل التصوّف : التربية الروحية الصافية من البدع والتفكير الخرافي + الفقه والتفقه في الدين رابعاً : التبليغ : نفس النهج الحالي وهو ذات نهج المؤسس و تضاف حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية . و من المهم تخصص البعض في مجالات العمل الخيري والانساني لأهميته للناس ولفضله عند رب الناس . وختاماً .. عن نفسي : اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة من اليوم الثلاثاء جملة وتفصيلاً [ 20 يناير 2015م ] ،واستمرار التفرغ للتأمل والفكر والبحث ، واتباع نهج الدعوة الى الله و تبسيط معالم الإسلام ، وذلك بصورة حرة ومفتوحة مع التركيز على الجانب التربوي الروحاني والدعوة الى اتباع هذا الاسلوب ، والاكتفاء من السياسة بما قد كتبت ، والتوقف عن الكتابة فيها نهائياً بما في ذلك تجارب الاسلاميين السياسية ... أما فكرة حزب التمدن الديمقراطي وفكر حركة التمدن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني اتركها للجيل الشاب واتركها للتاريخ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها كتاب في السياسة سيخرج الى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( ايدلوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الاشتراكي والإصلاح ] ) الأولى بدءاً من عام 1984م والثانية بدءاً من عام 1991م والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الاسلامية في مجالات : العقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الاكبر من المشاريع الكتابية .. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل .. فجر الثلاثاء ـ 20 يناير 2015م

الإنسان

الإنسان بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث الإنسان قيمة مادية ومعنوية هي الأعلى والأهم والمعيارية في الأرض ، ذكراً أم أنثى ، كبيراً في السن أم صغيراً بل حتى وليداً ، بل وحتى لمّا لا يزال جنيناً دبت لتوها فيه الحياة . الإنسان هو من أوكل إليه الخلّاق العليم عمارة الأرض مهما كان مقدار سعي الإنسان في هذا السبيل ، وقد خلق لأجله الكون وهذه الأرض وما عليها من حيوان ونبات وجماد ، وميّزها عن سواها من الأجرام السماوية ،وقد جاءت كل الديانات السماوية والعقائد الأرضية السويّة لتؤكد على قيمية الإنسان وبشاعة التعرض لها ، ولتُبيّن للإنسان كيف يحيا بإيجابية وإنجاز . الإنسان مخلوق عاقل وكينونة واعية متميزة بالروح التي وهبها الله إياه من روحه دون سواه من مخلوقاته الأرضية ، الإنسان كنز من المشاعر والعلاقات والقيّم السوية ، يستحق الاحترام كلما كان نافعاً لنفسه ولأسرته ولمجتمعه و وطنه و مبدئه الأخلاقي والقيمي ، ويستحق الازدراء كلما كان مضراً بنفسه مادياً او معنوياً أو روحياً ، وقد يبلغ به الإضرار إلى انتهاك حقوق الآخرين وهدر حقوقهم في البقاء والكرامة والتمتع بحقهم في مالهم وممتلكاتهم فيصبح هذا الإنسان مجرما وجرثومة تستحق القضاء عليها والخلاص من شرورها بما يمكن ، وكلما ازدادت دائرة ومجال نفع الإنسان ارتقت مكانته ، والعكس صحيح ، تُهدر كرامته وتصبح منعدمة كلما اتسعت دائرة خرابه ومضرته . لأجل الإنسان بُنيت وتُبنى المرافق الصحية و المدارس والصروح التعليمية والتربوية ، ولأجل الانسان تُشيد المصانع وتُمهّد المزارع ، وتنظم الأسواق وتتقدم التكنولوجيا ، لأجل الإنسان خلق الله هذه الأرض وحباها بمخلوقاتها المتنوعة ومزاياها المتعددة التي ترتكز عليها حياة الإنسان الآمنة المستقرة وتوفر للإنسان حاجاته المستمرة وتلبي تكميلاته المتعددة . إنّ الإنسان مُستحق للرعاية والإهتمام والإحترام ، مُستحق أن تنجز لأجله المنجزات المادية ، وتوضع لأجله المنجزات المعنوية ، مُستحق للبذل لتيسير سبل الحياة الكريمة الآمنة أمامه ، وسواء كان ذلك من قبل الحكومات أو الشركات أو المؤسسات أو من نبلاء الناس كأشخاص اعتباريين من خارج نطاق المؤسسات والهيئات . ويستحق الإنسان صيانة شرفه مطلقاً ، والإعلاء من مكانته وتقديره بقدر إنجازه ومثابرته . ويستحق الإنسان الرعاية الخاصة والحدب حين يكون الإنسان ضعيفاً ليتم أو فقر أو مرض مُعضل أو إصابة أو أسر أو شيخوخة . ولا يجوز النيل منه معنوياً بسخرية من هيئته الخْلقية أو التمييز وفقها ، ولا مادياً بإيذائه أو تعذيبه أو منعه من حاجاته الأساسية ، كما لا يجوز التعرض لممتلكاته أو اقربائه واصدقائه بسببه ولا يصح التدخل في شؤونه الخاصة . قد يجهل الإنسان قيمة الإنسان ، وبالتالي ما هو خليق به من الاحترام والتقدير ، ولكن يستيقظ على هذه القيمة البالغة حين يشعر أنه قد فقد أو ربما يفقد ابن له أو ابنة تحديدا ، وربما ليس أحد من الناس يحل مكانهما في بروز معنى الفقد ، يستيقظ على قيمة الإنسان وهو يركض يحضر الدواء تلو الدواء وهو يرجو لأبنه أو أبنته السلامة ، إنه يشعر بالقيمة الرفيعة للإنسان وخاصة حين يتذكر من يتم قتلهم على أيدي المجرمين من الطغاة فرديين أو جماعيين ، حكام أو عاديين ، إنّه يتذكر كم يهدرون من قيمة عليا لا تُقدر بثمن . مُجرم من يتعرّض لأحد من الناس أو أكثر بالقتل أو بما يؤدي إليه ومنها المساندة و المؤازرة ، في حال كان المُستهدف بالسوء لم يقتل أحد ظلماً أو سعى في قتل أحد ظلماً ، ولا يجوز البتة أن يؤخذ أحد بجريرة أو جريمة غيره ، ومن يفعل فإنه يصبح مقترفاً للجرم الأبشع ويستحق عليه القتل . إنّ مجرد العزم على قتل بريء هو بمثابة القتل ويصبح صاحب العزم الأثيم مطلوب على التو وضع الحد اللازم والكافي له . إنّه لا يجوز على الإطلاق قتل أحد ما لم يقتل أو يشارك في قتل ، ومهما اختلف إنسان مع آخر في دين أو عقيدة أو توجه أو مذهب أو مصلحة مادية أو أي وجه من أوجه الخلاف فإنه لا يجوز له حتى مجرد التفكير في قتله . ويستوي كل الناس في قيميتهم الواجب تقديرها وحفظها ومن كل الأديان والأعراق ما لم يكن الإنسان ذاته قد رضي فأهدر قيمته الذاتية بقتل أو مشاركة أو عزم على قتل مما يعنيه من إعداد العدة والشروع في المحاولة ، من دون أن يكون مُحق في فعله أو عزمه وشروعه . و لا يملك إنسان ليقرر لنفسه ابتداءً أنّ إنساناً آخراً مُستحقاً للقتل ، فالحق والإباحة لا يأتي من الذات وإنما يكون قد أتى من جهة خارجة عادلة مشهود لها بالعدل والإنصاف . ووضع الإنسان لنفسه اختياراً في معسكر الطغيان يفقده قيمته الجديرة بالتقدير والصيانة ، فهو حينها يغدو أداة للقتل وللدمار وللخراب فهو مستحق لما ينجم عن وضعه لذاته في ذلك الموضع . والمجازفة التي قد تؤدي إلى القتل مجرّمة كما القتل ، ومن يقوم بها أو يقف خلفها مجرم انتهك قيمية الإنسان ، ولا يُعد ما قد تُحدثه من أثر مروع قتل من غير اختيار، فالقاتل من اختار المجازفة . إنّ الاستهانة بالدماء والإزهاق المتعمد للأرواح البريئة والمجازفة بها ، لغير تصدي مدروس لإجرام ،جريمة لا يُقدم عليها إلا مُستحق للقتل والتقتيل . إنّ من يتعرض مختاراً لقيمة إنسان بباطل أو هوى يُصبح فاقد لقيمته الشخصية ومعرض لا محالة لنقمة مماثلة أو أشد في العاجل أو الآجل. والإنسان الذي بلغ الرشد هو مكلف ومخير في آن تجاه أوامر الله له بعبادته و اتباعه السلوك غير المضر بنفسه وغير الضار بالآخرين الذين لم يصدر منهم ضرر تجاهه . وإنّ اختيارية الإنسان في إيمانه وفعله تمنح ما يصدر من الإنسان من هذا القبيل تلقائيته وانسيابيته واختياريته وقيمته وتأثيره، فلم يختر له الله الايجابي والجميل منها وإن كان يرضاه ويرضى عن صاحبه وبهذه الاختيارية استحق ان يكون حقاً (صاحبه)كما أن الله لا يختار السلبي والبشع منها وإن كان لا يرضاه ويغضب عن صاحبه وبهذه الاختيارية استحق أن يكون حقاً(صاحبه).وينبني عن ذلك استحقاق الإنسان لدخول الجنة أو دخول النار في الآخرة ،مع أن الله تعالى قد جعل لقدرته ومشيئته وقدره بالإنسان غلاف ساتر خفيف فان اجتازه حصل له المزيد من النوع ذاته ان خيراً فخير وان شراً فشر، جملة ما في الأمر أن بداية مسار الايجابية أو السلبية هي من عند الإنسان المكلف المخيّر . وقد يحتاج أمر الاستقامة على الايجابية وتفتح مغاليقها أمام الإنسان إلى قدر من المجاهدة يجعله يدرك أهمية وقيمة ما حصل عليه فلا يفرط فيه ولا يتخلى عنه ويتشبث به ويضحي من أجله ومن أجل مزيده .

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله بقلم : مرعي حميد ـ مفكر وباحث معشر الأحبة .. الدعاة الى الله من كل التيارات الاسلامية ( السلفيين والاخوان والمتصوفة والتبليغين ...) ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ، ولأنني قد أحببت لنفسي وقررت لنفسي بعد طول تأمل أن اعتزل السياسة ورأيت أن الاجدى لكم و الأرضى لمولاكم الحي الأزلي القيوم السرمدي و الانفع للناس في مجتمعاتكم وخارجها أن تعتزلوا السياسة فكراً وممارسة ، أدعوكم لهذا الامر : أن تعتزلوا السياسة بكل ما فيها ، ليس لأنها مُنتنة ، ولكن لأنها قد جرفت سوادكم الاعظم بعيداً عن مهمة الدعوة الى الله تعالى ولم تتوفقوا في السياسة وكثير منكم قد كان مردود ونتاج توجهه السياسي النكبات على دعوته . لقد تبين لي عبر دراسة مطولة شاملة ، سأنشرها قريباً بإذن الله تعالى ـ انكم ـ ما عدا التبليغيين ـ إما كنتم صداميين مع الحكام فخسرت الدعوة وفشل مسعى الوصول الى الحكم ، او كنتم قد اخترتم المشاركة مع الحكام الظالمين في أمر السلطة عبر تسخير منابركم واقلامكم للدفاع عن باطلهم والتبرير لهم كما كففتم عن مناصحتهم في ظلمهم بالتي هي أحسن لأنكم رضيتم الظلم او وجدتموه يصب لمصلحة تياركم . معشر الدعاة : هذه دعوة محب لكم حريص على ما فيه مصلحتكم الشخصية ومصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين ، دعوا السياسة لمن اختاروا ولمن يختارون ان يتخصصوا فيها من أبناء العرب والمسلمين . إنّ التعبد لله تعالى يستغرق كل اوقاتكم وطاقاتكم وقدراتكم العلمية والروحية و الوعظية فليكن شعار أحدكم (( أصلح نفسك و أدع غيرك )) ، ولكن بالمفهوم أعلاه . معشر الدعاة الاكارم : ان الدين الذي ارتضاه الله لنا ليس اسلام فحسب وليس ايمان فحسب بل هناك احسان ، فهل بلغتم مقام أن تعبدوا الله وكأنكم ترونه ، ان هذا ما ينبغي عليكم تجاه انفسكم كما هو واجب ان تدعوا الناس اليه وتبينوه لكم . ان الاشتغال بالسياسة ومعارضة الحكام و تأييدهم ليس مهمة الداعية ، انما هو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع ويتيسر له ، لا أن ينازع الحكام كراسيهم ولا أن يدعمهم وهم الظالمين الناهبين للكثير والكثير من خيرات شعوبهم واوطانهم . معشر الدعاة : سخروا اوقاتكم وطاقاتكم امكانياتكم للعمل الدعوي : تواصي بالحق ، وتعليم للقرآن ، ونشر لعلوم الشريعة وفقهها . ليكن لكل منكم حوارييه من دون تعصب مع أو ضد ، ليكن لكل منكم درسه ووعظه و تعليمه ، ليكن لكل منكم على الاقل درس اسبوعي يتخير فيه الاسلوب الاحسن : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) . يهتم الجميع بالأمر الفرض المتعين وهو العمل لتحقيق التدين الثلاثي المقامات ( الاسلام والايمان والاحسان ) مبتدئين من انفسنا ومن ثم من ندعوهم من عامة الناس وخاصتهم ، و وذلك عبر حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية ، مع الاستفادة من وسائل الاعلام ووسائل الايضاح الحديثة .. معشر الدعاة : لقد قلت ما أحببت قوله لكم مجملاً قاصداً الجميع وهذا بعض التفصيل : ليجوّد ويطور في تخصصه كل تيار منكم ، و لا يسمح لتخصصه ان يخرجه عن الفرض المتعين ويطوعه من اجله والذي تحدثت عنه اعلاه ( العمل والدعوة الى الاسلام بمقاماته الثلاثة ) . ويكون التخصص بحسب الاهتمامات الحالية ما عدا السياسة التي ينفض الجميع ايديهم منها ومن كل ما يتصل بها من قريب أو من بعيد : أولاً : السلفيين : العلوم الشرعية وتدريسها ثانياً : الاخوان : العلوم الشرعية كما كانت بدايتهم مع الدعوة الى شمولية الاسلام بدون صدام مع السلطة ولا تأسيس احزاب ثالثاً : أهل التصوّف : التربية الروحية الصافية من البدع والتفكير الخرافي + الفقه والتفقه في الدين رابعاً : التبليغ : نفس النهج الحالي وهو ذات نهج المؤسس و تضاف حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية . و من المهم تخصص البعض في مجالات العمل الخيري والانساني لأهميته للناس ولفضله عند رب الناس . وختاماً .. عن نفسي : اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة من اليوم الثلاثاء جملة وتفصيلاً [ 20 يناير 2015م ] ،واستمرار التفرغ للتأمل والفكر والبحث ، واتباع نهج الدعوة الى الله و تبسيط معالم الإسلام ، وذلك بصورة حرة ومفتوحة مع التركيز على الجانب التربوي الروحاني والدعوة الى اتباع هذا الاسلوب ، والاكتفاء من السياسة بما قد كتبت ، والتوقف عن الكتابة فيها نهائياً بما في ذلك تجارب الاسلاميين السياسية ... أما فكرة حزب التمدن الديمقراطي وفكر حركة التمدن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني اتركها للجيل الشاب واتركها للتاريخ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها كتاب في السياسة سيخرج الى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( ايدلوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الاشتراكي والإصلاح ] ) الأولى بدءاً من عام 1984م والثانية بدءاً من عام 1991م والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الاسلامية في مجالات : العقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الاكبر من المشاريع الكتابية .. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل .. فجر الثلاثاء ـ 20 يناير 2015م

الاعتراف بالخطاء

الاعتراف بالخطاء بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث الخطاء هو التصرف المؤدي إلى النتيجة غير المرغوب فيها من قبل صاحب التصرف ، وسواء كان مقصود التصرف أو غير مقصود ، و لا تكاد تخلو الحياة من الخطاء ، ومن يعملون فيه فانهم معرضون للخطاء . و الاعتراف بالخطاء مهم جداً ، ويجب أن يحدث تواً حينما تكون النتيجة السلبية ، وأفظع سلوك هو سلوك المكابرة و عدم الاعتراف بالخطاء ، فهذا يعني ببساطة عدم علاج الخطاء والاستمرار فيه و عليه ، وبالتالي مفاقمة نتائجه السلبية ، و عدم الاعتراف بالخطاء الواحد يقود إلى الخطاء الثاني و الثالث و عاصفة الاخطاء التي يؤدي واحدها و تؤدي مجتمعة إلى اهدار الفرصة و الجهد والامكانيات و الإحباط ، بل وحدوث الكوارث ... يحتاج العاملون في الناس إلى قيمية وعقلية و أخلاقية الاعتراف بالخطاء . من أفضل ما يجيده الأنسان هو تخطئة الآخرين وأسواء ما يفشل فيه هو عدم اعترافه بالخطاء الذي يقترفه هو بنفسه . أنواع الخطاء : للخطاء أنواع ، نحاول أن نجملها هنا : 1 ـ طبيعته : كبير ، صغير . 2 ـ جهة صدوره : فردي ، جماعي . 3 ـ بحسب موضع كينونته فهو يكون في : التخطيط ، التنفيذ ، السلوك الفردي ، الممارسة السياسية الصادرة عن القيادة وأهمها إصدار القرار ، وهي حصاد لخطأ آخر يكون في : الرأي ، التقييم ، التقدير ، و يؤدي إليه التسرع أو قلة المعلومات أو خطأ المعلومات أو المجاملة أو المحسوبية والانتقائية وفق مقياس لا يلبي حاجة العمل السياسي إنما مصلحة أنانية نرجسية . 4 ـ خطاء إداري : إدارة الاجتماع ، وإدارة العملية الانتخابية بمستوياته : مركزي ، محلي ، وخطاء اختيار المرشح ، وخطاء شعار الحملة ، إدارة نشاط : دورة ، ندوة ، لقاء عام ، رحلة ، لتقصير في الإعداد أو الاحتياط الأمني أو قصور في التجهيزات ، في اختيار المكان او الزمان ، الإبلاغ . 5 ـ خطأ الخطاب : فكرته المجملة ، توقيته ، طريقته : كلمة ـ بيان ـ تصريح ـ مقابلة ، أسلوبه : غاضب ـ هادئ (بارد / مثلج) ، مراوغ ، متردد ، سريع ، بطي الوقع ، فكرة ، تعبير ، لفظي ، معلوماتي ، التوقيت ، المكان . 6 ـ خطأ في التعامل مع : القيادة ، الأفراد ، الآخرين ، الأحداث ، المواقف ، المعلومات ، الأخبار ، مصادر: معلومات ، تمويل . 7 ـ تجاوز : الأطر التنظيمية للعمل ، الحقائق ، الحاجات ، القرارات .. 8 ـ موضعه : يكون في : الرأي ، القرار، التقييم ، التقدير ، التوقع ، الحكم ، الشعور . 9 ـ في حق : فرد ، مؤسسة ، امكانيات ، موارد ، شعب ، وظيفة ، فئة ، محافظة أو ولاية ، بلدة ، أسرة . 10ـ الأثر : واسع ، محدود ، مستمر ، مؤقت . علامات الخطاء : المردود الضعيف ، ضعف : التأثير ، الحضور ، الاهتمام , الصدى . ضيق الوقت ، ارتفاع التكاليف : بشرية ، مالية ، إمكانيات . تدني الفهم ، البلبلة ، فرح الخصوم أو غيضهم وحقدهم ، ضيق الأنصار و الموالين ،الانتقادات. ومن المهم الحرص على اكتشاف الخطأ عبر جس النبض ، ويكون أثناء العمل وبعده ، الاستبيانات ،الإحصاء العددي ، التقدير الموضوعي ، عدد المصوتين ... أسباب الأخطاء : ضعف الشعور بالمسؤولية ، الخطاء في ترتيب الأولويات ، الأنانية ، عدم التخصص ، قلة الخبرة ، سوء التقدير ،الإهمال ، الطمع ، سوء الطوية ، غياب المعلومات ، التساهل ،والتراخي ، تجاهل عواقب الفشل ، عدم التخصص، عدم الدراية ، غياب الأمانة ، عدم الإنصاف ، التكبر والغطرسة ، ضعف التحضير ، الإهمال ، عدم المبادرة ، الفجاجة ، ضعف الشعور بالآخر ، التجاهل ، الاستهانة ، عدم استيعاب الطاقات والممكنات والمتاحات ، الغرور ،التردد ، الخوف ، اليأس ، الإحباط . عواقب الأخطاء : تؤدي الاخطاء إلى : عدم تحقيق الهدف ، الخسائر المادية، إضاعة الوقت، تمزيق الصف ، تدهور سمعة ، تراجع مكانة و شعبية ، ضياع الفرصة ، تدهور التنظيم ، الإحباط ، اليأس ، الخسائر البشرية ، الفشل المبرم . التعامل مع الخطاء : يزيد الخطاء فداحة التعامل الخاطئ معه ، قد يُغتفر الخطاء ، ولكن لا يُغتفر التعامل الخاطئ معه ، و قد يفقد التعصب و الغرور حاسية الشعور بالخطاء وتبلدها أو استمراءها و انتهاج السلوك التبريري ، وقد يعمد صاحب الخطاء إلى إنكار وجود الأخطاء حين يواجه بها و أمام الجمهور ، و كل هذه أساليب خاطئة في التعامل ، و الصحيح هو الاعتراف بالخطأ و التعامل الصحيح معه ، كما يلي : 1) الاعتراف بالخطاء : و قد يكون ذاتي بين الأنسان وضميره ، أو داخل المؤسسة أو الإطار القيادي ، أو مع المعني الذي حدث الخطاء في حقه ، علني أمام المعنيين الذين وقع بحقهم الخطاء . 2) استيعاب درسه : ويقود إلى تجنب الأسباب التي أدت اليه وعدم تكراره ، وأحياناً اكتشاف ما قد ينطوي عليه الخطاء من ايجابية مكتشفه ، مع ما قاد إليه من نتيجة أو نتائج سلبية . 3) الاعتذار وطلب العفو: الاعتذار عند وقوع الخطاء وطلب العفو والصفح و المسامحة فضيلة ، ولكن لا يكون الخطاء معه عادة ، وقد يكون الاعتذار داخل المؤسسة أو الإطار القيادي ، أو علني أمام المعنيين الذين وقع بحقهم الخطاء ومنهم . 4) تصحيح الخطاء : هناك أخطاء تحدث ويكون بمقدورنا على أن نصححها حين نكتشفها مثل التعيين الخاطئ أو الخطة التي تظهر معلومات تدل على الخطاء الواقع فيها لبنائها على معلومات سابقة خاطئة ، وحينما يحدث الخطاء من العاملين فواجب القيادة في البداية تنبيههم لها ونصحهم بلطف وحرص ، ومن المهم تجنب تصيد الأخطاء وتحميل الآخرين مسؤولية خطاء هم غير مسؤولين عنه ، ويحسن بالمسؤول أن يثني على الإنجاز قبل أن يتحدث عن الخطاء وينتقده ، ومهم كذلك تجنب سلوك التعميم الغريزي ، ولكن تُقدر الأمور بقدرها . 5) تعديل السلوك الخاطئ و التوقف عنه . 6) التعويض : ويكون بحسب نوع الخطاء ، ومنه المادي ومنه المعنوي . 7) الاستدراك ببذل الجهد لاستدراك ما فات ووقع من خطاء... 8) الاستقالة أو الإقالة : هناك أخطاء يكون أفضل تعامل معها ممن صدرت عنه أو حدثت في ظل مسؤوليته ، الاستقالة عن المنصب الذي هو فيه ، كرئيس حزب أو رئيس وزاره أو وزير . وفي أحيان يكون مطلوب من القيادة إقالة المسؤول عن الخطاء من منصبه . أخطاء الآخرين : من المهم التعامل الصحيح مع أخطاء الآخرين فنستوعب درسها ، و إذا كانت بحقنا فعلينا أن نحسن التصرف إما بالعفو والمسامحة أو طلب التعويض . وهناك فرق بين الخطاء الذي هو غير المقصود وبين السلوك المتعمد المهدف الذي يتم في حق الآخر طعناً فيه أو انتقاداً وتحاملاً عليه أو سعي لإلحاق الخسارة به .