الاثنين، 27 أبريل 2015

الروح والعقل

الروح والعقل بقلم : مرعي حميد الانسان روح وعقل ، وبدن خادم لهما لدى الاسوياء الفطناء ، والانسان بوسعه خدمة الروح والعقل بالبدن و الى حد مُدهش ، ويُهمل البعض الروح فيتركها تذوي وتستوطنها الامراض والآفات ، وغذاء الروح الإيمانيات وغذاء العقل المعارف والعلوم والفكر المنسرح ف آفاق الكون و أرجاء المُدركات . وللروح وللعقل جوعهما الى غذائهما في حال عدم تلبية حاجتهما إليه ومنه ، وقد يمنع إدراك هذا الجوع استحكام داء الغفلة في الضمير او داء الجهل المبق . و يحسُن بالإنسان أن يتفطن لهذه الحاجة و يستشعر شبعها وجوعها لديه ، وان يخصص لها بعض وقت يومه لتلبيتها واشباعها . وقد جعل الله تعالى الصلوات الخمس المفروضات في اليوم والليلة عملاً واجباً لتلبية جزء هام للغاية من حاجة الروح بل والعقل من الغذاء ومشهداً من مشاهد العبودية لله تعالى وتجلي من تجلياتها السامية . والى جانبها حث الاسلام على المسارعة في الطاعات والابتعاد عن المعاصي والفرار من مناخاتها واجوائها الوخيمة ومثيراتها ومحفزاتها فهي تُضعف وتُنهك قوة الروح وتُطفئ نور العقل . ليس للإنسان يد في تكوين شكله ولا لونه ولا جنسه ولا جنسيته ولكن يتجلى دوره وينعكس على روحه وعلى عقله وبهما يتميز الشر او يتساوون علواً في سُلم القيمية الحقة او انخفاضا ، ويتجسد العقل والروح في ما يباشره الانسان من أعمال وافعال في يومه وطوال حياته .

الافتراض الخاطئ

الافتراض الخاطئ بقلم : مرعي حميد الافتراض هو الرؤية الانطباعية السطحية الأولية عن شخص او مكان او أمر ما مبنية على عجل من دون طول نظر ولا بحث ولا استقصاء ولا تأمل ، والبناء على الافتراض الخاطئ يقود الى الخطاء ومخالفة الأحرى والأولى سواء كان ما نبنيه عليه قول أو فعل أو وجهة نظر أو موقف اعتقادي . و الخطاء الذي يقود إليه قد يكون جسيماً بل ومقامرة و وقوعاً في الهلكة وفي المحذور . ويؤدي الى الافتراض الخاطئ المعلومة الخاطئة التي قد يتلقفها الانسان من آخر فتروق له لسبب أو لآخر دون تمحيص ولا تأمل في محتواها ومضمونها وتوافقها مع سابق معرفته وتناغمها مع العقل ، وهو قد يسمعها أو يقرأها من وسيلة معرفية او إخبارية ما لا تعتمد التثبت ولا تتعامل بأمانة مع الجمهور . فتهتم بالكم لا بالكيف وبحشد ما يؤكد وجهة نظرها وموقفها من أرقام ووقائع من دون تمحيص ولا تقصي ولا مراجع ذات وثوقية ، كما أن الهوى وتحكيم المصلحة يؤدي الى تكوين الافتراض الخاطئ والاسراف فيه والبناء فوق ساحله الرملي من دون تبصّر ولا نقد . 25 ابريل 2015م

الخميس، 26 مارس 2015

سر البلاء و أصل الشقاء

سر البلاء و أصل الشقاء بقلم : مرعي حميد / مفكر و باحث إنّ سر البلاء الذي تمر به الأمة العربية اليوم و أصل الشقاء الكبير الذي تعيشه عدد من الأقطار العربية وبخاصة مصر و سوريا و العراق وليبيا واليمن كامن في شهية الحكم والتسلط المتحكمة في سلوك وسياسات صُنّاع السياسة الحاكمة والمتطلعة للتسلط والحفاظ عليه في تلك الأقطار بدرجة أولى وفي أقطار أخرى لساستها مصالح مرجوة من خلف ما يُقحمّون تلك الاقطار فيه من بلاء وشقاء ودمار وخراب ، مطامع ورغائب تسلطية وتحكمية في مصائر تلك الأقطار وخيراتها ومميزاتها تُسترخص لأجلها الدماء وتُدمر الأوطان و تُذبح القيم و تُنحر الفضائل ، ويتم إقحام الإسلام في المنطق التبريري للعدمية و الدموية و البربرية وهو من ارادتهم و منطلقاتهم و نواياهم بريء إنما هي السياسة المُغلفة بغلاف الدين للكسب والتأثير في الرأي العام . وهذا هو البلاء الرابض على صدر أمتنا العربية منذ عقود متطاولة وقرون متتالية ، يشتهي الأوروبي والأمريكي الشمالي الحكم ويكتفي بممارسته فترة انتخابية واحدة أو فترتين فتقدمت أوطانهم وتطورت وبعدت عن أسباب الدمار والخراب التي يصنعها الانسان بجهله وتخلفه و عدميته ، لقد خلّد ذلك الغربي اسمه في قائمة الحكم ونال حظه من نهمة الحكم ، ولكن المتسلطين العرب لا يعني لهم الحكم إلا ديمومته وأبديته في ذوات الحكام وفي من يورثونهم ما لا يملكون على الحقيقة من تحكم في أموال الوطن وثرواته ومساره ومصيره ، ومما يدعو للاشمئزاز والرثاء تنقّص بعض المتشدقين العرب من النهج السياسي في الدول الغربية . صفات الشخصية السلطوية : 1. الغاية تبرر الوسيلة 2. الخوف من الحقيقة و اعتبار العمل المستمر على منع أو الحد من وصولها إلى المتلقي من أولوياته 3. تقديس الذات وغياب الإنصاف عند الحديث عن الآخر 4. الاعتقاد بعصمة الذات وملائكيتها و انحراف الآخر وشيطنته . 5. الهلامية القيمية و الفكرية والأيديولوجية 6. التوسل بالمقدس والاستعانة بنصوصه لتبرير نزعته الاستبدادية 7. غياب الواقعية في تقدير إمكانيات وممكنات الذات والآخر 8. تقديم المصلحة الخاصة على مصلحة الوطن 9. استعداد السلطويين الأقل إمكانية للارتهان للسلطويين الأكثر إمكانيات على حساب أوطانهم وقيمهم وتوجهاتهم التي يصطبغون بها 10. الظهور بمظهر الزاهد في السلطة الحريص على خدمة الوطن الذي لن يجد في المعارضين الا الفشل وفيه كل المجد والتقدم ومزيد الوعود المعسولة والاعمال المرذولة 11. ادعاء الديمقراطية و بديلها المفترض كالشوروية و تجريد الآخرين من معالمها وتصويرهم بانهم يبطنون لها العداء 12. تصوير الآخرين بانهم سلطويين ديكتاتوريين يبغون الاستفراد بكل مفاصل البلد مصورين ذلك بأنه مخالف للديمقراطية 13. التدثر بالوطنية . صفات الخطاب السلطوي: 1. تصوير أنّ الكارثة نازلة ، أو مستمرة أن خلت من تياره السلطة 2. الحديث عن التنمية و التقدم و الثورية مع استبعاد مفردة الديمقراطية من خطابهم 3. العمل المستمر لإقناع المجتمع المحلي والدولي بأنهم هم الأحرص على الوطن وأنهم هم فقط من يُعبر عن الإرادة الوطنية وأنّ الآخرين مجرد متطفلين عليها ولصوص يبغون السيطرة على مقدرات الوطن 4. استغلال كل خطاء أو تصرف جنائي ونسبه للطرف الآخر و الطرق عليه بقصد تشويهه و خلق كراهية له في صفوف المجتمع للخصم من جماهيريته و شعبيته التي يعتمدها وسيلته الوحيدة للوصول إلى السلطة والحفاظ عليها كوسيلة مثلى لخدمة المجتمع وتنمية الوطن 5. الغفلة المتعمدة والمقصودة عن من يقف خلف أي عمل جنائي يُقصد به توتير الأجواء الوطنية وزعزعة الثقة في من أوصلته أو ستوصله الإرادة الشعبية الغالبة إلى منصة السلطة ، وتحميل مسؤولية ذلك العمل وبدون أدلة لخصمهم السياسي . 6. العمل لتجريف الولاء المجتمعي من الولاء للوطن أولاً إلى الولاء للأشخاص و للتيار المنتمي إليه القائمين على ذلك الخطاب . 7. منع أو الحد من وصول الحقيقة إلى المتلقي .

الثلاثاء، 24 مارس 2015

رشفات ( الأم ، الهزيمة والفشل ، سر البلاء ، تقمص الإسلام )

رشفات بقلم : مرعي حميد / مفكر و باحث الأولى : الأم : الأم .. كلمة رقيقة راقية عذبة ، رقي كامن في تقديرها ، ورفعة كامنة في إصغاء الأبناء الفاعل لما تطلب و تود و توجه . هي منبع الحنان الذي لا ينقطع ولا يغيض حتى ولو تنكر لها من لهفتها في أن يقابلوا إحسانها بالمحبة والحنو والبر . حياتها فصول أربعة : حمل وإرضاع وتربية وحرص على ما ينفع وليدها في مستقبل حياته . ومزيج كل ذلك الحنان والعطف والحدب والتضحية الغالية ، وقد يعتريها خلالها القلق لمرض ينزل بفلذة كبدها أو معاناة يمر بها أو ضيق في معاشه أو غياب عن ناظريها وتكحيل أعينها بطلعته و سحنته . وهي تبذل من أجل هذه الفصول كل محبتها ورعايتها وسهرها و صدقها ونصحها في نكران للجميل لا يُضاهى ودعوات متصاعدات للحي القيوم الرحيم أن يُيسر لفلذة كبدها وأن يحفظه وأن يُكرمه . الأم هي مشروع التضحية الفذ الدائم ، هي الحضور البهي في حياة الأبناء ، يجدون في أحضانها ثم في قربها و حضرتها الحنان الذي ينشُدون وينشدّون له ما حافظوا على الطوية السوية . هي الملاذ و الزمان يكفهر ويعبس الأوان . محضن التربية الاول هو الأم ، هي موئل الخُلق الفاضل ، أنصح مُشفق وأصدق مُحب . كم من عظماء كانت مدرستهم الأولى و حافزهم للمعالي والمكارم . و التنكر للأم إعلان وإشهار للإفلاس الأخلاقي ، ففي طاعتها والحنان بها مبتدأ معنى الشرف والكرامة فإن فُقد في أمرؤ فقد ودعهما بعلم منه أو بجهل تغذيه نفس قاسية وعقلية متبلدة . من وحي عيد الأم 21 مارس ـ مساء الثلاثاء 24 مارس 2015 م الثانية : الهزيمة والفشل : الهزيمة هي منعطف سلبي مؤقت في حياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي ، والفشل هو محطة نهائية . ومن مفردات ومرادفات الهزيمة : الخطاء والتقصير والعيب والاخفاق والانتكاس و يكون غالباً لخطوة او مخطط أو قار او توجه تكتيكي ، والفشل ما لا يقبل الإصلاح ولا التقويم بل في حقه يكون الترك والتبديل والتخلي ، الفشل يكون للمنهج ذاته والآليات المؤصلة فكراً وممارسة وللقيادة التي تربط حياتها وحياة الفكر والتنظيم والنظام السياسي بها ، حياة أو موت ، بقاء أو فناء ، صواب أو خطاء ، استقامة أو اعوجاج . إنّ الفكر والتنظيم والنظام السياسي لا ضمان لها بالبقاء وصلاحية الاستمرار إلا الواقع ، وفي ذات الوقت فإن الواقع قد يحكم عليها بالفشل النهائي وبالتالي فإن أي محاولة ترقيعية أو تبريرية لمحاولة استنقاذ الفكر والتنظيم والنظام السياسي من الموات المُحقق الذي أجهز عليها فإنها مكابرة ومقامرة وتبجح وانكار للحقائق ودس للرأس في الرمال وربما في الوحل وفي حمئة العفونة السلوكية وفي مستنقع الإجرام بعد ذلك . الثالثة : سر البلاء و أصل الشقاء : إنّ سر البلاء الذي تمر به الأمة العربية اليوم و أصل الشقاء الكبير الذي تعيشه عدد من الأقطار العربية وبخاصة مصر و سوريا و العراق وليبيا واليمن كامن في شهية الحكم والتسلط المتحكمة في سلوك وسياسات صُنّاع السياسة الحاكمة والمتطلعة للتسلط والحفاظ عليه في تلك الأقطار بدرجة أولى وفي أقطار أخرى لساستها مصالح مرجوة من خلف ما يُقحمّون تلك الاقطار فيه من بلاء وشقاء ودمار وخراب ، مطامع ورغائب تسلطية وتحكمية في مصائر تلك الأقطار وخيراتها ومميزاتها تُسترخص لأجلها الدماء وتُدمر الأوطان و تُذبح القيم و تُنحر الفضائل ، ويتم إقحام الإسلام في المنطق التبريري للعدمية و الدموية و البربرية وهو من ارادتهم و منطلقاتهم و نواياهم بريء إنما هي السياسة المُغلفة بغلاف الدين للكسب والتأثير في الرأي العام . وهذا هو البلاء الرابض على صدر أمتنا العربية منذ عقود متطاولة وقرون متتالية ، يشتهي الأوروبي والأمريكي الشمالي الحكم ويكتفي بممارسته فترة انتخابية واحدة أو فترتين فتقدمت أوطانهم وتطورت وبعدت عن أسباب الدمار والخراب التي يصنعها الانسان بجهله وتخلفه و عدميته ، لقد خلّد ذلك الغربي اسمه في قائمة الحكم ونال حظه من نهمة الحكم ، ولكن المتسلطين العرب لا يعني لهم الحكم إلا ديمومته وأبديته في ذوات الحكام وفي من يورثونهم ما لا يملكون على الحقيقة من تحكم في أموال الوطن وثرواته ومساره ومصيره ، ومما يدعو للاشمئزاز والرثاء تنقّص بعض المتشدقين العرب من النهج السياسي في الدول الغربية . الرابعة : تقمّص الإسلام : لم ولا ولن يجني على الاسلام والمسلمين أحد مثل المتقمصين الدعاوى ( الاسلامية ) باحتراف وحرفية يصعب على البسطاء والعامة والمخدوعين بهم و المغرر بهم التمييز بين الدعاوى التي ينسبونها للإسلام مبرراً ودافعاً ومنطلقاً لسلوكهم وتوجههم الفكري والعملي ، وبين حقيقة ممارساتهم وتطلعاتهم ودوافع تحركهم وانطلاقهم وسكونهم و سكوتهم . وفي ذات الوقت فان هكذا مُدعين رسميين او غير رسميين ، حكاماً ام خارج الحكم ، يستطيعون استقطاب الانصار والداعمين من خلال الشعارات الطنانة والعبارات الرنانة لكثير الوقت او لقليلة حتى يُثبت الواقع فشلها . من حق كل أحد أن ينهج ما يريد من توجه ، لا يتضرر منه احد ، وان يسعى لتحقيق ما يتمنى من تطلع سياسي او عرقي او طائفي ولكن من دون إلباس مسعاه الفردي او الجماعي لباس الاسلام بالحق وبالباطل. قد يتوافق الاسلام في أحيان مع بعض او جزئية التوجه والسلوك ولكن لا يتوافق مع جميع أجزائه ، ومن أبشع الخطاء في الفكر والممارسة أن يذهب فيلوي اعناق النصوص الاسلامية ( القرآن وصحيح السنة ) و يتصنّع أنها تتوافق مع تحركه و أن تحركه ومنهجه ككل متكامل يتناغم ويتوافق مع الاسلام . ويتجاوز ذلك فيضفي القداسة على منهجه بصفة عامة بما في ذلك أقواله هو وشعاراته وكأنه قد غدى هو الاسلام والاسلام هو ويصوّر للناس أنه ظل الله في الارض وانه مبعوث العناية والرحمة الالهية . وهذا المنطق كما هو كريه وبغيض في حد ذاته بغض النظر على نتائجه العملية وما يترتب عليه من مخاطر و آثار مباشرة وغير مباشرة . انه كذب فاقع على الله و افتراء على رسوله الأمين .

الاثنين، 16 مارس 2015

التضحية المُستحقة

التضحية المُستحقة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث التضحية عمل عزيز ورفيع يقوم به الإنسان ، و تكون بالروح كما بالدماء والوقت و العرق و بالجهد وبالمال ، وتكون التضحية رشيدة ومُستحقة كلما كان ما يُمليها هو المبدأ والهدف النبيل الجليل ، وكلّما كان المبدأ أو الهدف الذي تتم لأجله راشداً ومتناغماً مع حقيقة القيم التي يؤمن بها الإنسان صاحب التضحية ، وكلّما كان المسار الذي تكون فيه التضحية بعيداً عن أهواء و أمزجة المتزعمين له وبعيداً عن أجواء ومناخات السعي المحموم واللهاث المسعور لبلوغ مقاصد فردية لطبقة القيادة مثل التسلّط والحفاظ عليه و بأي حجج ومسوغات ومبررات و خلفيات دينية أو أيديولوجية أو اجتماعية أو اقتصادية ، وكلما كانت التضحية بعيدة عن الرؤية المانعة عن تبصّر الخطاء والخلل والانحراف في المسار على مستوى الفكر وعلى مستوى الممارسة ، ويحول بين المرء وتلك الرؤية التعصب الأعمى لأحد أمرين أو لكليهما : المنهج أو وسيلة تنفيذه ، وعلى المستويين التنظيري والتطبيقي . تكون التضحية مُستحقة كلما كانت بعيدة عن الوقوع تحت مطارق حُب الغلبة لذاتها والشغف بالانتصار والسحق والمحق مهما كانت التضحيات ومهما كانت العواقب و بغض النظر عن ما يترافق من تأثيرات جانبية ربما خارج نطاق حلبة الصراع المباشر . التضحيات الغاليات حين تكون خارج جادة الاستحقاق تغدو تضحية بالإنسان وتضحية بالأوطان وهدم للإنجاز وتضييعاً لفرصة النجاح التي قد حان وقتها أو إطالة لأمد انتظاره أو استحالة مستقبلية لها . ومما يقود إلى هذا الخسران ومزيده إلباس ( التضحية ) لباس القداسة وتصويرها أنها تصب لصالح تحقيق الأهداف وتقرير المبدأ وإنجاز الغايات و إدراك فجر التطلعات المعلومة والمرسومة . إنّ خسارة التاجر مدعاة له ومُلزمة ـ إلا ما كان أحمق ـ ليُعيد حساباته ، ولكن خسارة مُغلفة بالمبدئية والقداسة ومحض الصوابية تكون مانعة وحائلة بين صاحبها أو أصحابها وحزبها وفئتها وجماعتها وبين إعادة الحسابات والنظر في المنهج ذاته والممارسة ذاتها . إنّ الثقة المُطلقة في المسار أو الثقة العمياء في الواقع جناية عظيمة وكارثة تُصيب أصحابها أولاً وقد تتعدى إلى المجال العام ، والنص المُقدّس حينما يكون خاضعاً للفهم وللتفسير الخاضع لمطرقة الأمزجة والأهواء يكون بحاجة إلى انقاذه وليس إنفاذ الأهواء المبنية على تحريفه أو الفهم السقيم أو البليد له . وكم أوتيت المبادئ والرسالات الإنسانية والدينية وشبه الدينية من هذا الجانب . إنّ التحريفية المنهجية والعملية تنال من النص المقدس ومن قداسة المبدأ ، إنها تشوه النص وتشوه المبدأ الذي دخل عليه التحريف او هو كامن في أسه وفي أساسه . إن كثيراً من الأوهام مبنية إما على التأويل الخاطئ للنص المقدس ولربما الرؤى المنامية أو على ما يعنّ لبعض المنظرين والقادة تعميمه ومنحه القداسة والعصمة من ( قواعد ) و ( أصول ) و( معالم ) و ( أسس ) و ( ركائز ) و ( أركان ) و ( شعارات ) منهجية وعملية وهي تتعارض مع الواقع الثابت والمتغيّر ، كما على جوهر الحق والحصافة والإنصاف والرُشد والفضيلة ولكنها تتناغم مع المصلحة الضيقة للقلة أو تنتصر للفشل وتبرره وتمنحه المظهر الخلاب بل والقداسة المغرورة ؛ وغرور القداسة المكذوبة المصطنعة والتي تجعل منه أساساً صالحاً لبناء مزيد من الوهم المتردي عليه وعلى أطلاله . إنّ الدجل كما قد ينطوي عليه كلام عامة الناس وممارستهم فإنه قد يكون كامن داخل أدبيات الجماعات والتنظيمات والأحزاب والهيئات والمؤسسات وفي خطابها ومنهجها النظري والتطبيقي . إنّ تكريس عقلية الإنسان الضحية الواقعية جريمة مركبة يتحمل وزرها القادة والزعماء الذين قد منحهم البسطاء أو المقلدين و المُغرر بهم ثقتهم فبادلوهم الثقة بالخداع بمعسول القول و بملذوذ التحليل لما جرى ويجري وما يُتوقع في المستقبل القريب والبعيد والأخير ببُعديه الدنيوي و الأخروي . كما أنّ استمرار الوقوع في براثن الشر والأشرار صيداً سهلاً وغنيمة باردة حافز للأتباع ودافع يُلزمهم إعادة النظر والتبصّر والتدبير وإلا كان الأتباع يشاركون ومشاركين في وزر التهلكة . لا تكون التضحية مُستحقة ، لا سيما التضحية بالأرواح وتعريض النفوس للخطر ، إلا ما كانت مبنية عن دراسة متعمقة وجدوى مؤكدة أو شبه مؤكدة بجدواها ، أو اضطرار لا مناص ولا محيد عنه ، وإذا كان التاجر يضن ويبخل بماله عن مشروع مشكوك في ربحيته فكيف التضحية بالبشر ودمائهم وأعضائهم في مرجو مشكوك في جدواه وفي فرصة تحقيقه و مدى مواتيّتها . ومن نافل القول أنّ التضحية لا تكون إلا من أجل المبدأ الحق والغاية السامية النبيلة ، فإن كانت التضحية بالمبدأ كان ذلك بيع وترخّص وتنازل و تخلي عن القيمة والكرامة ، وقد يحدث ذلك بحثاً مُتهالكاً عن المصلحة الشخصية أو الجماعية للحزب وللتنظيم وللمؤسسة وللفئة بل وربما للدولة . الأحد ـــ 15 مارس 2015م

الثلاثاء، 3 مارس 2015

الخلوة التعبدية

الخلوة التعبدية بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث اولاً : تعريفها : الخلوة هي اختلاء السالك الى الله بنفسه متعبداً متفكراً بعيداً عن الصوارف الحسية والمعنوية بغية التعبد والتفكر التعبدي من اجل الوصول الى مقام الشهود الروحي والتعبد لله تعالى مع ما يتبعه من اجر وجائزة من المعبود جل جلالة. ثانياً : الشروط العامة لها : 1. الصدق مع الله 2. الرغبة 3. ادراك طبيعتها 4. معرفة الغاية منها 5. الالتزام بالعبادات قبلها وخلالها وهناك شروط خاصة لكل نوع من نوعيها. ثالثاً : نوعا الخلوة : ان الخلوة تهدف إما خلق اليقين الشهودي على الكون وبالتالي زيادة المعرفة الايمانية مع السعي الحثيث لتطويرها من معرفة عقلية الى كونها معرفة روحية ،وإما تهدف الى التفرغ لطاعة الله والعيش المباشر في حضرته سبحانه وتعالى جل جلاله والترقي في مقامات التعبد الروحية،والاكثار من الحسنات ومغفرة السيئات والظفر باستغفار الملائكة ونحوها من الجوائز السنية . وبالتالي فان للخلوة نوعين نوردهما هنا مع ما يلزم كل منهما على حده : النوع الأول : الخلوة التفكرية التعبدية : يركز فيها السالك ويعتكف على التفكر والتأمل • شروطها الخاصة : 1. ان لا يأتيها جائعاً ولا ان يستمر بها حتى يدركه الجوع ويستمر كذلك 2. ان لا يأتيها عطشاناً ولا أن يستمر بها حتى يدركه العطش ويستمر فيها 3. استصحاب ما يلزمها مما سيأتي ذكره 4. تفريغ الذهن من الشواغل 5. العزم على التركيز التام 6. ان لا يقل زمنها عن ساعة • بماذا ينشغل صاحبها : ينشغل صاحبها بواحد او أكثر مما يأتي على ان يخصص ساعة للواحد منها ان اراد الجمع بين امرين او اكثر : 1. الصلاة المتمهلة ويحتاج لها للوضوء 2. تدبر القرآن ويحتاج له للوضوء 3. الذكر المطلق المتمهل الذي قد يكرر الكلمة او العبارة فيه اكثر من مرة 4. التبصر في الموجودات من حوله 5. قراءة في كتاب يتحدث عن صفات الله واسمائه الحسنى 6. قراءة في كتاب عن خلق الله 7. مشاهدة لفيلم وثائقي علمي عن شيء من المخلوقات 8. الانصات لتلاوة خاشعة 9. التفكر في امر من الامور وحكمة الله فيه وتدبيره • اشارات ولطائف: الإرتياض التفكري يؤدي بتكرار التجربة مع مرور الوقت الى اختصار الزمن للتوصل الى المعرفة الجديدة التي بمرور الوقت قد تحصل لصاحبها وترد عليه من دون استعداد منه انما تفاجئه من غير أدنى توقع وكأن الامر اصبح بالنسبة له سليقة ،غير انه في ذات الوقت حتى بوصوله الى هذا المستوى لا يمنع هذا ولا يتنافى مع تعرضه للنفخات المعرفية الايمانية عبر انتظامه في الخلوة من جديد مرة تلو أخرى .. كلما كان الانسان في منأى عن الناس مبتعداً عنهم في المكان معزلاً كان العائد به من الخلوة الفكرية افضل واغزر واعمق . حري بصاحب الخلوة ان يكون لديه ورق وقلم يدون به الخواطر العرفانية التي تتكشف له وتتجرد وقت الخلوة ،فانه قد ينساها او تتشوه معالمها لديه فتفوته الفائدة الروحية المتوقعة منها . النوع الثاني : الخلوة التعبدية المطلقة : و يكون فيها المتعبد متفرغ للعبادات المطلقة منصرفاً لها مقبلاً على الله عز وجل • شروطها الخاصة : 1. الوضوء 2. تفريغ الذهن من الشواغل 3. ان لا يقل زمنها عن نصف ساعة 4. ان يستعد بمصحف او تسجيل 5. لزوم المسجد خلالها قدر الامكان بما ينشغل صاحبها : 1. الصلاة 2. قراءة وتدبر القرآن 3. الذكر المطلق لله ومنه اذكار الصباح واذكار المساء 4. التلاوة مما يحفظ من كتاب الله

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

الصلة بالله تعالى .. أصول ومضامين

الصلة بالله ... أصول ومضامين مرعي حميد القرب الروحي من الله تعالى و العلاقة العميقة بالله تعالى ، تلك هي الصلة بالله ، و تسمى كذلك ( القرب من الله ) ، وهي رغبة عميقة لديه أن يكون بهذا المستوى من القرب من الله تعالى . الصلة الحسنة بالله شعور روحي عميق بالقرب الروحي والأنس بالله ومع الله تعالى ، هي شعور بالطمأنينة الروحية والسعادة الروحانية ، حال من العيش الفريد وتحقيق الوجود الأروع في الحياة تحلو فيه المناجاة ويعذب فيه ذكر الله ويبلغا ذروة العبقرية والبهاء والسناء والألق . الصلة بالله مطلب عزيز ولكنه يسير لمن قام بأسبابه ، حسن الصلة بالله تأسيساً و ابتداءً حصيلة لتوفيق الله والصدق والإخلاص له ، هي شعور بالعلاقة القوية مع الله تعالى ذي الجلال والجمال والجبروت ، هو حال مع الله تعالى معنوية يستشعر فيها المؤمن معية الله فهو يشهده بروحه ويوقن بأنه عن نظر الله لا يغيب فهو يراه ويعلم به وهو أقرب إليه من حبل الوريد ، شعور غامر بقرب الله تعالى القوي المتين ذي الجلال والإكرام ، إحساس من المؤمن بذكر الله له وهو يذكره ، إن كان في نفسه كان في نفسه ، و إن كان في ملاء كان في ملاء خيراً منهم . الصلة بالله غاية في حد ذاتها ، يقول ابن قيم الجوزية في ( الوابل الصيب ) : وعمال الآخرة على قسمين : منهم من يعمل على الأجر والثواب ومنهم من يعمل على المنزلة والدرجة فهو ينافس غيره في الوسيلة والمنزلة عند الله تعالى ويسابق إلى القرب منه وقد ذكر الله تعالى النوعين في سورة الحديد في قول الله تعالى : { إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم } فهؤلاء أصحاب الأجور والثواب ثم قال : { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون } فهؤلاء أصحاب المنزلة والقرب وجاء في (ميزان العمل ) لحجة الاسلام أبو حامد الغزالي (( وكما يطلب العاشق القرب من معشوقه ، فكذا المريد يطلب القرب من الله تعالى، لا أن ذلك بقرب بمكان أو بتماس سطوح الأجسام، أو بكمال جمال صورة بأن يصير مبصراً حاضراً في القوة الباصرة صورته.)) وفي السطور التالية نبسط الحديث في الأصول الاربعة للصلة الحسنة بالله تعالى : اولاً : المحبة العميقة لله تعالى : الصلة الحسنة بالله شعور عميق بحب الله تعالى واستيلاء ذلك الحب على العقل والروح والسلوك ، وهو حب يُصدقه العمل بمرضاته واجتناب مساخطه ، و دواعيه ، كنعمه ، لا عد لها . هي كذلك شعور طموح في محبة الله التي بيّن الله تعالى صفات أهلها في محكم تنزيله . هي حصيلة للتطهر من ظاهر الإثم وباطنه ، و ذكر لله بالقلب واللسان معاً ، و استئناس بخطاب الله و إصغاء روحي لكلام الله تعالى في كتابه الكريم المبارك ، هي شعور بمحبة الله الصادقة مع استحضار لقربه ولعظمته في كل صفاته من فوق سماواته . قال شيخ الاسلام ابن تيمية في ( إقامة الدليل على إبطال التحليل ) : (( مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى مَحَبَّةَ مَا أَحَبَّ )) و قال ((وَمِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ بُغْضُ مَا يَبْغُضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) . الأصل أن يحب المؤمن الله تعالى فهو خالقه ورازقه وحاشرة إلى الجنة ومكرمه بكرامته بإذنه تعالى ، كما أنّه تعالى أنعم عليه بكل نعمة وفي مقدمتها نعمة الهداية التي هي أجل نعمة ينعم الله بها على عبده ، وقد قال الشيخ عوض محمد بانجار ، رحمه الله ، إنّ كل نعمة من دون نعمة الهداية قد تتحول نقمة على صاحبها حيث قد يسخرها في معصية الله وبالتالي يكون مصيره جهنم بقدر معاصيه ، أو بمعنى آخر بقدر استخدامه لنعمة الله في معصيته ، فيما أنّه بحصول نعمة الهداية فإن النعم تكون نعم حقاً ويستخدمها المؤمن في طاعة الله وله بها عظيم الأجر متى ما توفر الإخلاص لله منه . إنّ محبة العبد لربه هي أروع و أجل حب في الوجود ، وقد سأل المصطفى صلى الله عليه وسلم ربه هذه المحبة : (( أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك )) كما ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الإمام الألباني في ( صحيح الترمذي ) . و مدح الله أهل هذا الحب بقوله تعالى : ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )) . قال ابن عطاء الله السكندري في كتابه تاج العروس صـ 80 ((صحبة الله صحبة أياديه ونعمه : فمن صحب النعم بالشكر، وصحب البلايا بالصبر ، وصحب الأوامر بالامتثال ، والنواهي بالانزجار ، والطاعة بالإخلاص ، فقد صحب الله تعالى ، فإذا تمكنت الصُحبة صارت خِلّة )) وقال صـ 71 : ((ما أطيب عيش المُحِب مع الحبيب إذا لم يطّلع عليه رقيبُ! )) . قال الإمام ابن قيم الجوزية في ( مدارج السالكين ) : (( وأصل التأله التعبد والتعبد آخر مراتب الحب يقال عبده الحب وتيمه إذا ملكه وذلله لمحبوبه )) ، و قال (( وحقيقة العبودية الحب التام مع الذل التام والخضوع للمحبوب تقول العرب طريق معبد أي قد ذللته الأقدام وسهلته )) ، وقال في منزلة المحبة (( ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة المحبة وهي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون )) ولأن المُحب يُحبُ لمحبوبه كل ما يرضيه فإن العبد يسعد حين يتوجه الناس لله بالطاعة والمحبة ، ويصبح ( يُحب في الله ) ، بل إن المُحب لله يحرص على أن يكون سبباً في محبة الآخرين لحبيبه من خلال الدعوة إلى المحبوب والنصيحة والتذكير بما يزيد الناس له طاعة و إجلالاً ، وتبقى غيره من نوع خاص : أن تُنتهك محارم الله . ومن محبة الله الحنان المنان الودود الرحيم ، محبة أخرى تتدفق معه وتنساب ، إنها محبة الحبيب المحبوب الرسول الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين والسراج المنير الرحمة المهداة و النعمة المسداة لنا نحن البشر من ربنا الرحمن الرحيم لينقذنا من ضلالة المعصية إلى نور الهداية ، ومن شقاء العصيان إلى لذة عبادة الواحد الديان ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الإنسان إلى عدل الإسلام ، محمد بن عبدالله الذي تحمل المشاق والعنت والإيذاء و الشدة ، وهو أكرم مخلوق عند الله تعالى، تحمّل ذلك ليصل إليّ واليك نور الوحي وشمس الرسالة فنعيش في نورها الزاهر ولا تلفتنا عنه لذات الدنيا الدنية ولا رغبات النفس الآثمة العجولة لما يشقيها ويفوّت عليها أعظم نعيم في الدنيا والآخرة ، ومن علامات ولوازم محبة الصادق الأمين اقتفاء أثره والاهتداء بهديه والدلالة إليه و عليه ، والصلاة على المصطفى من قلب حاضر . قال الله تعالى : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )) وقد عاب الله على قوم أحبوا غيره أكثر منه تعالى و أكثر من مصطفاه الأمين فقال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )) ومن علامات ولوازم محبة الصادق الأمين اقتفاء أثره والاهتداء بهديه والدلالة إليه و عليه ، والصلاة على المصطفى من قلب حاضر . قال الله تعالى : ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )). ثانيا ً: المسارعة في طاعة الله : الحُب الإنساني ميل قلبي لتملك أو مشاركة أو طاعة أو عطاء أو تميّز إيجابي ومن ثم حرص على المحبوب و ربما إرضائه وطاعته ، ومحبة الانسان لله تعالى أولاً شعور بالامتنان لعطاء الله وفضله الذي لا حدود له ، قال ابن قيم الجوزية في [ الجواب الكافي ] : (( الطاعة توجب القرب من الرب سبحانه وكلما اشتد القرب قوى الانس والمعصية توجب البعد من الرب وكلما زاد البعد قويت الوحشة )) ، وقال في [ الوابل الصيب ] (( والذكر يوجب له القرب من الله عز و جل )) . وقال ابو حامد الغزالي في [ إحياء علوم الدين ] : (( فلا يصلح لملك الآخرة ونعيمها ولا القرب من رب العالمين إلا قلب سليم صار طاهرا بطول التزكية والتطهير )) ، و قال يحيى بن معاذ : (( من أعظم الاغترار عندي التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة وتوقع القرب من الله تعالى بغير طاعة وانتظار زرع الجنة ببذر النار وطلب دار المطيعين بالمعاصي وانتظار الجزاء بغير عمل والتمني على الله عز وجل مع الإفراط )) و (( فيكون تقربه بالنوافل سببا لصفاء باطنه وارتفاع الحجاب عن قلبه وحصوله في درجة القرب من ربه )) ، ومحبة العبد لخالقه وحبيبه الأعلى لا يكفيها الشعور فقط بل تلزمها لوازم لا تكون إلا بها وادعاء تلك المحبة بدونها هي محض زعم و وهم ، ولوازم تلك المحبة : لأن حب الله يتواضع دونه كل حب فانه يقتضي : 1 : أسمى أنواع الطاعة والامتثال ليصبح تعبد ، و الله شكور فانه يجازي عبده برضاه وبمزيد فضله و أجره ومثوبته في الآخرة ، ولأنه حب الله و (عبادته ) فان هذه الطاعة ترتقي باستمرار كماً وكيفاً ، تكون المسارعة إلى طاعة المحبوب ومرضاته و الدلالة عليها مع الإخلاص للمحبوب مع الحرص على نوافل الطاعات التي لا يوجبها على عباده ، يصف الله تعالى حالهم : ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )) ((إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )) ((إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا )) و في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري وصححه الألباني : (( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَي عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَي مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَي بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ )) ، و أهم الطاعات على الاطلاق بعد التوحيد الصلاة ، وهي الاساس في خلق الصلة بين العبد ومولاه ، ولذا هي صلاة ..... 2 : الإحسان والإتقان في الطاعات : قال الله تعالى : (( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) والاحسان له معنيين اولهما اداء الطاعة بإتقان وتجويد كالصلاة الخاشعة وكذلك القيام بسائر الاعمال بإتقان وفي هذا المعنى ورد الحديث الصحيح ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)) . و إنّ الشعائر التعبدية حينما تفتقد إلى روحها لا توجد الصلة المرجوة بالله تعالى ، ولا تكون تعبير عنها ولا صدى ، ولذا لا بد من حرص على روحيتها ، فالأهم هو الحضور فيها ، وهذا مصداق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وصححه الإمام الالباني في السلسلة الصحيحة : (( من توضَّأَ فأحسنَ وضوءَه ، ثمّ قامَ فصلّى ركعتين- أو أربعاً؛ شكَّ سهلٌ-، يُحسنُ فيها الذِّكر والخُشوعَ، ثم استغفرَ الله؛ غُفِرَ له )) . 3 : الفرار من المعاصي كبيرها وصغيرها ... تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا لعمري في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع فإذا حدث من العابد لله التقصير في جنب الله أو الوقوع في المعصية فان المطلوب منه التوبة الفورية ، توبة من الغفلة عن الله وطاعاته وتوبة عن المعصية و إقلاع عنها وندم على الوقوع فيها : قال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ )) ، والتوبة هي الرجوع الى الله تعالى وتجديد معنى ذلك وروحيته في العقل والقلب ، و المطلوب من كل مسلم ان يتوب الى الله حينما يقع في الإثم او المعصية ، وان يجاهد نفسه بصدق وعزيمة و إخلاص على ان لا تقع مرة ثانية فيها ويتخذ الاسباب التي يستطيعها لذلك ويبتعد عن الاسباب المؤدية به إلى حياض المعصية ، و مهم للمسلم ان يحاسب نفسه ويراجعها في اعمالها الظاهرة والباطنة . وعليه ان لا ييأس من توبة الله عليه ومغفرة ذنوبه ما دام يستفرغ جهد في عدم الوقوع في المعصية بعداً عن اسبابها واجوائها . والتطهر أعلى من التوبة وهو نهي النفس وزجرها عن الوقوع في الذنب والتقصير و التوبة عنه اذا حملته نفسه او شيطانه او رفيق السوء على الوقوع فيه ، قال الإمام ابن عطاء الله السكندري : (( كيف يُشرقُ قَلْبٌ صُوَرُ الأكوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مرآته ؟ أمْ كيف يرحلُ إلى الله وهو مكَبَّلٌ بشَهواته ؟ أم كيف يطمع أن يدخل حضرةَ الله وهو لم يتطهَّر من جَنَابَةِ غَفَلاتِهِ ؟ أم كيف يرجو أن يفهم دقائقَ الأسرارِ وهو لم يَتُبْ من هَفَواتِهِ ؟ )) ثالثاً : المعرفة بالله تعالى : إنّ الصلة القوية بالله تعالى هي تجلي من المعرفة الروحية العميقة بالله تعالى ، من خلال معرفة اسمائه الحسنى وصفاته العليا : الودود ، الصمد ، اللطيف ، السميع ، البصير ، القريب ، الظاهر ، الباطن ....وغيرها .. وهي حصاد ما ينسكب في الروح من معرفة عبر الشعائر التعبدية كالصلاة والدعاء وتلاوة كتاب الله وذكر الله.. أو بمعنى آخر هو تجلي لمعرفة الله الروحية والسلوكية العملية... كلما عرف المؤمن ربه بأسمائه وتجلياتها وصفاته ودلائلها التي بثها في الحياة والكون ، كان أحرى أن تزداد صلته بالله حسنًا وقوة ، يقول الامام القشيري في الرسالة القشيرية : (( فقُرْب العبد أولاً قرب بإِيمانه وتصديقه. ثم قرب بإحسانه وتحقيقه )) . و جاء في ( الفرقانُ بينَ أولياءِ الرَّحمَنِ وأولياءِ الشَّيْطانِ ) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( والقرب من الله إنما يتم إذا كان القلب مستغرقاً في نور معرفته ، فإن رأى رأى دلائل قدرته ، وإن سمع سمع آيات وحدانيته ، وإن نطق نطق بالثناء عليه ، وِإن تحرك تحرك في خدمته ، وإن اجتهد اجتهد في طاعته ، فهنالك يكون في غاية القرب من الله - تعالى - ويكون وليا له - سبحانه - )) . سبيل المعرفة : 1. التفكر في كتاب الله المكتوب القرآن الكريم . 2. التفكر في الكون والكائنات ( كتاب الله المفتوح ) 3. القيام بالشعائر التعبدية كالصلاة والدعاء و الذكر المطلق لله تعالى فمنها تنسكب في الروح و العقل مزيد معرفة بالله تعالى . الشعائر التعبدية هي سبيل للمعرفة الروحية بالله تعالى ، غني الله تعالى عن عباداتنا ، ولكن نحن الفقراء إليه ، فقراء إلى معرفته و محبته والأنس به وعونه ولطفه وتوفيقه وحفظه مادياً ومعنوياً والفوز بأجره وثوابه وجنته ، ولذا كانت الشعائر التعبدية وهذا من فضل الله تعالى على الناس أن هيأ وشرع لهم ما يكون سبب في نيل كل ذلك ، بل إنه تعالى قد جعل أجور عظيمة للمقبلين على هذه الشعائر كسبب دافع إلى الحرص عليها وعلى اتمامها واتقانها والإكثار منها وبالتالي الحصول على ثمارها المتعددة . 4. التفكر و التأمل في نتاج الانسان بفعل الاستيعاب التسخيري حيث يتم اكتشاف غوامض وعجائب الإيجاد واستيعابه و استفادة الإنسان منه بقصد أو بغير قصد ،وهناك تسخير واستفادة الحيوان والنبات من تسخير الله له في بيئته التي يعيش فيها وينتقل اليها ... لوازم المعرفة : لمعرفة الله لوازم ذكرها ابن قيم الجوزية في كتابه القيّم : ( طريق الهجرتين ) : (( وكلما كان العبد أقرب إلى الله كان خوفه منه أشد لأنه يطالب بما لا يطالب به غيره ويجب عليه من رعاية تلك المنزلة وحقوقها ما لا يجب على غيره ونظير هذا في المشاهد أن الماثل بين يدي أحد الملوك المشاهد له أشد خوفا منه من البعد عنه بحسب قربه منه ومنزلته عنده ومعرفته به وبحقوقه وأنه يطالب من حقوق الخدمة وأدائها بما لا يطالب به )) و قال في السفر الأنفس : مدارج السالكين : (( فعلى قدر القرب من الله يكون اشتغال العبد به )) . رابعاً : محبة الله تعالى لعبده : محبة الله تعالى للإنسان لها شروط ومستلزمات تتحقق بتحققها في الإنسان المعني ، من يحظون بمحبة الله الحي القيوم ؟؟؟ : 1 ـ الْمُحْسِنِينَ : قال الله تعالى : (( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) ، والإحسان له ثلاثة معان : أولها : أداء الطاعة بإتقان وتجويد كالصلاة الخاشعة وكذلك القيام بسائر الأعمال بإتقان وفي هذا المعنى ورد الحديث الصحيح (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )) . ثانيها : تقديم الخير للناس ، جاء في تفسير الشيخ عبدالرحمن السعدي (( وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان ، لأنه لم يقيده بشيء دون شيء ، فيدخل فيه الإحسان بالمال كما تقدم . ويدخل فيه الإحسان بالجاه ، بالشفاعات ونحو ذلك ، ويدخل في ذلك ، الإحسان بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم العلم النافع، ويدخل في ذلك قضاء حوائج الناس، من تفريج كرباتهم وإزالة شداتهم، وعيادة مرضاهم، وتشييع جنائزهم، وإرشاد ضالهم، وإعانة من يعمل عملا والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك، مما هو من الإحسان الذي أمر الله به )) ، ....، فمن اتصف بهذه الصفات ، كان من الذين قال الله فيهم: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } وكان الله معه يسدده ويرشده ويعينه على كل أموره.)) . ثالثها : الإحسان الذي هو مقام الإسلام الأعظم الذي يلي مقامي الإسلام و الإيمان ، كما ورد في حديث جبريل المشهور ، وفيه عرّف الرسول الإحسان بقوله : (( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك )) وهو مرتبتين : المراقبة أي اليقين باطلاع الله تعالى و علمه ، و المشاهدة ( كأنك تراه ) . 2 ــ التَّوَّابِينَ : قال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ )) ، والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وتجديد معنى ذلك وروحيته في العقل والقلب ، و المطلوب من كل مسلم أن يتوب إلى الله حينما تحمله نفسه و ينتصر عليه شيطانه فيقع في الإثم أو المعصية ، وأن يجاهد نفسه بصدق على أن لا تقع مرة ثانية فيها ويتخذ الأسباب التي يستطيعها لذلك ، و مهم للمسلم أن يُحاسب نفسه ويراجعها في أعمالها الظاهرة والباطنة فإن وجد خيراً فيحمد الله عليه ، وإن وجد تقصيراً واثماً فليتب وليستغفر . وعليه أن لا ييأس من توبة الله عليه ومغفرة ذنوبه ما دام يستفرغ جهد في عدم الوقوع في المعصية بعداً عن أسبابها وأجوائها . 3 ـــ الْمُتَطَهِّرِينَ : قال الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) ، وقال تعالى ((وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) ، والتطهر نهي النفس وزجرها عن الوقوع في الذنب والتقصير وتنقيتها من أدرانه بالاستغفار والتوبة و إبدال السيئة بالحسنة والحسنات ، ويفسر بعض العلماء (المتطهرين) بقوله : المتنزهين عن الآثام وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث . ففيه مشروعية الطهارة مطلقا ، لأن الله يحب المتصف بها ، ولهذا كانت الطهارة مطلقا، شرطا لصحة الصلاة والطواف، وجواز مس المصحف ، ويشمل التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة ، والصفات القبيحة ، والأفعال الخسيسة . 4ـــ الْمُتَّقِينَ : قال الله تعالى : (( فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )) ، والتقوى الحذر من الوقوع في الإثم والمعصية والتقصير ، وتوقي ما يؤدي إلى غضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة . 5 ــ الصَّابِرِينَ : قال الله تعالى : (( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) ، والصبر هنا هو قدرة نفسية و عقلية و روحية وجسدية على تحمل مشاق القيام بالطاعة والانتهاء عن المعصية و عدم التسخط لأقدار الله تعالى . 6ـــ الْمُتَوَكِّلِينَ : قال الله تعالى : (( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) ، والتوكل عمل قلبي يستند صاحبه في عمله و كسبه على الله تعالى القوي المتين الذي هو على كل شيء قدير مما يشاء و مما لا يشاء ، وهو لا يعني عدم بذل الأسباب واستفراغ الجهد الذاتي مهما كان بسيطاً ومحدوداً ،(( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)) . 7 ـــ الْمُقْسِطِينَ : قال الله تعالى :((وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) والقسط هو العدل والعدل هو قيمة القيم ، و أس الفضائل ، والأساس المكين للإنسانية في مسعاها للسعادة والتنمية ، وهو القاسم المشترك لكل اصحاب العقول السوية ، ولا يتنكر له إلا ظالم أو ساع إلى ظلم أو مدافع عنه . العدل وضع الشيء في مكانه ، وهو يصبغ حياة الإنسان بالرضاء والطمأنينة على ماضيه وحاضره ومستقبله ،وبالتالي الحيوية والكد والسعي وبذل المجهود في سبيل تطوير الحياة الخاصة والعامة وتيسير سبل ذلك من غير خوف ولا قلق . ومثلما هو من الضروري للعيش في رحاب الله من الاتصاف بصفات من يحبهم الله ، فكذلك لا بد من الترفع عن أوصاف من لا يحبهم الله ، والفرار منها صفات ومحاذرة الاتصاف بها : 1 ــ المعتدين : قال الله تعالى : (( وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) ، والاعتداء هو مجاوز الحد في حق الخلق و الوقوع في حق الخالق و انتهاكه و أن كان تعالى لا تضره معصية المخلوقين ولا فجورهم ، ولا تنفعه طاعتهم وقرباتهم ولكنه يرضها لهم ، وهم المحتاجين للطاعة المتضررين بالمعصية . ونقيضها أن يقف الإنسان على الحق وأن يسعى لما هو حق له وأن لا يتسبب في ضرر يلحق بغيره ، والأروع و الأنبل منه أن يدافع عن الغير ضد المعتدين عليه بحسب اعتدائهم وشدته . 2 ــــ الفساد : قال الله تعالى : (( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )) ، وقال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) ، والفساد هو الخلل والضرر والعيب الشديد الذي قد يتسبب به الإنسان في حق أخيه الإنسان أو في حق متعلقات الناس وحقوقهم الخاصة أو العامة ، ونقيض الفساد الصلاح ، ونقيض المفسدين المُصلحين ولو على نطاق إصلاح الذات وإصلاح أهل بيت المرء من زوجة و أولاد . والإصلاح الغاية الأولى التجمع اليمني للإصلاح ، وهي المدخل اللازم لوضع اليمن على سكة المستقبل المشرق . 3 ــــ الكفر : قال الله تعالى : (( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) ، والكفر هو الجحود والانكار ، ومنه انكار وجود الله و جحود النعمة ، ومن ذلك عدم القيام بشكرها ، فإذا كان الشكر اعترافاً بها وعرفاناً فإن عدم شكرها انكاراً لها وكفراناً . والأثيم صيغة تدل على الإصرار على الإثم والإيغال في مسالكه والمبالغة في إيقاعه والتفنن فيه وهو قرين الكفر ومُصدّقه ، وهو نقيض الطاعة التي هي من أنواع الشكر ومُصدّقته . ونقيض الكفر الإيمان والارتقاء في مدارجه وصولاً إلى الشهود الروحي ، و شكر النعمة نقيض لكفرانها ، ونقيض الإثم الطاعة و المداومة عليها واتقانها . 4 ــــ الاختيال والفخر : قال الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)) ، والاختيال يكون في المشي وهو السير في مظهر من الكِبر والغرور والغطرسة و العجرفة ، والفخر هو امتداح الذات واطراؤها وخاصة بالنسب ، وهو نوع من أنواع الكِبر المنهي عنه ، إلا في حومة النزال و حين احتدام المعارك وتخلخل الصفوف لاستثارة العزائم و تثبيت الهمم ، وفي الغالب لا يقدم على الافتخار المنهي عنه إلا من ليس فيه ما يستحق الافتخار فيعوّض أو يحاول أن يعوّض عن ذلك بأن يفخر بنفسه بل وربما جعل من الناس من يمتدحه . كما أنّ المرء قد يبلغ به الحد في الإثم والمعصية و الإجرام أن يفتخر بها عند أقرانه بشكل خاص وربما يصل الى الاعلان عن ذلك أمام الملاء وفي وسائل الاعلام وهذا من ارتكاس الفطرة ونذالة السلوك و دناءة الطبع . ونقيض الاختيال القصد في السير من دون تكسر ولا تبطل ((وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ )) ، ونقيض الفخر تجنب امتداح الذات إلا لضرورة مع رد التوفيق إلى الخير والمنقبة الحسنة والصفة المحمودة إلى الله تعالى المنعم المتفضل جل جلاله . 5 ــــ الخيانة : قال الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا )) ، وقال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ )) ، وقال سبحانه : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)) ، والخيانة خلل في الضمير وخلل في السلوك الذي يفترضه العقل و الشرف والمرؤة ، هي فعل يتصادم مع الظاهر و المرئي والمعروف للناس ، وقد تكون خيانة للأمانة أو خيانة للعهد أو خيانة للوعد أو خيانة زوجية . ونقيض الخيانة الأمانة والوفاء بالعهد والوعد والميثاق . 6 ــــ الإسراف : قال الله تعالى : (( وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) ، والإسراف والسُرف هو مجاوزة حد العقل والرشد في استخدام النعمة كالماء والنقود و والمأكولات و عموم المشروبات المباحة ، وتسخيرها في ما ينفع و يعم نفعه . ونقيض الإسراف التوسط في الاستخدام والاعتدال فيه ، و يحذر المرء من أن يقع في البخل والشح وهو منهي عنه شرعاً ((وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )) ((هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )) . 7 ـــــ التكبر : قال الله تعالى : (( إنّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ )) ، والاستكبار هو التكبّر الذي هو التعالي على الخلق و التعامل معهم بغطرسة وصلف . و هو سلوك مُخرج لصاحبه عن إطار الهُدى والرشاد ، وهو مؤدي بالضرورة إلى ظلم الناس الواقعين في دائرة هذا المستكبر، كما أنه يحمله حملاً ويدفعه دفعاً إلى رد الحق ورفض الاذعان له . والكبرياء هي رداء الله تعالى ولا يحق لأحد كان أن ينازعه إياها كما ورد في الحديث القُدسي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه : (( قال الله تعالى : الكبرياء ردائي فمن نازعني في ردائي قصمته )).وفي الحديث القدسي الصحيح الذي رواه أبو هريرة وابن عباس (( قال الله تعالى : الكبرياء ردائي و العظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار )). ونقيض التكبر التواضع . و اسباب أخرى لمحبة الله : ومن أسباب محبة الله لعبده التزام الفرائض ونوافل الطاعات : فقد جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري وصححه الألباني ، وهو دستور الطاعة وقانون المحبة :((إنّ الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبُ إليّ مما افترضته عليه ، و ما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يُبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي عليها ، و إن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه ، و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت و أنا أكره مساءته ))، يا له من حب و يا له من عيش في رحاب الله العامرة باللطف والتوفيق والسعادة الروحية . عيش حافل بأنواع من ذكر محبوبهم ، و موشّى بأصناف من طاعاته ، ومعمور بألوان من قرباته ونسمات وده و وداده وأنسه وكراماته جل جلاله : وهناك ذكراً مقيداً بحالات خاصة كالدخول والخروج والأكل والشرب وبُعيد الصلاة و مع تنفس الصبح و حلول المساء ، و ذكراً مطلقاً كقول : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، و (( لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) وغيرها ، و لك بذكر حبيبك من حبيبك ، مع ذكره لك وكفى وأنعم وأعظم به جائزة ، معيته و أجره العظيم ، ألا ربح المُحبون المُتفيئون خمائل العيش مع الله ، الحاصدون بهجتها ونظرتها , الذاكرون للجليل المتفضل ، ذلك أعظم الربح ، أجلّه ، أبركه عاقبة . أيننا منه و أيننا منهم ؟؟ رابعاً : المعرفة الروحية بالله تعالى : إن الصلة القوية بالله تعالى هو تجلي من المعرفة الروحية العميقة بالله تعالى ، من خلال معرفة اسمائه الحسنى وصفاته العليا : الودود ، الصمد ، اللطيف ، السميع ، البصير ، القريب ، الظاهر ، الباطن ....وغيرها .. وهو حصاد ما ينسكب في الروح من معرفة عبر الشعائر التعبدية كالصلاة والدعاء وتلاوة كتاب الله وذكر الله.. أو بمعنى آخر هو تجلي لمعرفة الله الروحية والسلوكية العملية... و الشعائر التعبدية هي سبيل للمعرفة الروحية بالله تعالى ،غني الله تعالى عن عباداتنا ، ولكن نحن الفقراء إليه ، فقراء إلى معرفته و محبته والأنس به وعونه ولطفه وتوفيقه وحفظه مادياً ومعنوياً والفوز بأجره وثوابه وجنته ، ولذا كانت الشعائر التعبدية وهذا من فضل الله تعالى على الناس أن هيأ وشرع لهم ما يكون سبب في نيل كل ذلك ، بل إنه تعالى قد جعل أجور عظيمة للمقبلين على هذه الشعائر كسبب دافع إلى الحرص عليها وعلى اتمامها واتقانها والإكثار منها وبالتالي الحصول على ثمارها المتعددة . ثمار الصلة بالله : 1) الحصول على الطمأنينة الروحية والسعادة الروحانية 2) تحقيق الوجود الأروع في الحياة 3) يَعذُب معها ذكر الله ، و تحلو مناجاته ، ويبلغا ذروة العبقرية والبهاء والسناء والألق . 4) نيل توفيق الله وهدايته الى الأفضل في أعماله وفي مقاصده الدنيوية 5) الحصول على حال الكمال في الصلاة الخاشعة : في رسالة ابن القيم إلى احد إخوانه قال : (( فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد )) . 6) محبة العابد لله تعالى والأنس به جل جلاله 7) استشعار قرب الله تعالى و محبته لعبده 8) تَفيُّئ ألطاف الله ونعمه بالليل والنهار 9) الحماية من شر النفس ، و الإعاذة من شر العدو المتربص الشيطان الرجيم وجنده . 10) الظفر بالنصر تلو النصر على الخصم المتربص من بني البشر بكيدهم و قضهم وقضيضهم ، بغثائهم الهابط وإنتاجهم الداعر و لذة ما لديهم ليفوتوا عليك أعلى وأغلى نعيم ولذة : نعيم المحبة والقرب من العلي الأعلى ولذة مناجاة الله القريب الذي لا ينساك بأي حاليك طائع أم عاصي لكن شتان بين الحالين والذكرين ، شتان بين الرضا والغضب ، بين الرضا والسخط ، بين حب الله و مقته .

رفض النُصح .. استماعاً وامتثالاً

رفض النُصح .. استماعاً وامتثالاً بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث تعريف النصيحة : النصيحة هي الخطاب الموجه من فرد لفرد آخر أو لمجموعة أفراد يدعوهم فيه إلى القيام بعمل ما أو الانتهاء عنه على سبيل الترجي والتمني والتودد لا على سبيل الأمر والتوجيه . و هي مظهر الإخلاص للمنصوح والصدق في ابتغاء مصلحته ينالها و يضاعفها و يتجنب ما فيه مضرته أو مضرة من يقع في دائرته ، ولذا سُميت النصيحة ، وقد ورد النصح في القرآن بمعنى الصدق والإخلاص في قوله تعالى : (( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ )) . الذين يرفضون النُصح : يأبى الاستماع للنصح كل قليل عقل مغرور مُتشدق بالكمال والجلال ، فالسوي من الناس الحريص على مصلحته ومصلحة من يقع في دائرة مسؤوليته يستمع لكل ناصح بعقل مفتوح وقلب سمح بل انه يتطلب النصح ممن يرى أن لديه ما يهمه من طيب النُصح .. كتب خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز الى الحسن البصري عظني قال فكتب اليه الحسن : أما بعد يا أمير المؤمنين فكن للمثل من المسلمين أخا وللكبير ابنا وللصغير أبا وعاقب كل واحد منهم بذنبه على قدر جسمه ولا تضربن لغضبك سوطا واحدا فتدخل النار ويرفض الاستماع للنصح كل من لديه قدر من المسؤولية والتملك ويرى أن استماعه للنصح تقليل من مقدار مسؤوليته وتملّكه ويرفض الاستماع للنصح كل من لديه فقر او انعدام للمسؤولية تجاه ما هو مسؤول عنه كبر ام صغر . ويرفض النصح صاحب الهوى المُتّبع والمُتعصب لرأيه لدرجة أنه يرفض مجرد الاستماع لرأي مخالف قد يجد فيه الصواب لو أنه تأمله و تبصره . ويرفض النصح كل من غرق في المخالفة وارتكاب المحظور والممنوع فهو به متشبث لا يتصور حياته من دونه ولا يتصور له قيمة ولا مستقبل في الحياة من دون ذلك المحظور او الممنوع . لقد استولى على شعوره وغرائزه ذلك الممنوع و أصبح يجري معه مجرى الدم بحبه ينبض قلبه ولأجله يُرخص كل غال او قيّم ، انه أكب همه ، ومبلغ علمه ورغبته ، وما كان مبلغ العلم ومنتهاه كان مبلغ الرغبة ومنتهاها . و احتقار الناصح او ازدرائه او النظرة الى الناصح كفاقد للعلم الذي يؤهله للنصح او امتلاكه قدر غير كافي من العلم ، او التقليل من شأنه ومركزه الاجتماعي او العلمي او السياسي او الاقتصادي أو صغر سن الناصح بالنسبة لسن المنصوح ،كل تلك من عوامل رفض النصح وقد يرفض النصح من يفسره بصورة خاطئة فيعتقد مثلاً أن الناصح انما يتنقصه ويتزيّد عليه او أن للناصح غاية او غايات أخرى غير ما يُظهره في نصحه ، آداب النصيحة : 1) معرفة حال المنصوح بصورة حقيقية لا متوهمة 2) التعرّف على مكمن الخلل لديه والتركيز عليه و التأكد من أنه حقاً خلل وما قد يكون دافعه 3) الاخلاص لله عز وجل 4) ابتغاء مصلحة المنصوح وترجي الخير والمنفعة له تنقصه و لا التزيد عليه 5) الاسرار بها فلا تكون أمام الناس أو أمام من لا يهمه ولا يعنيه الأمر 6) تخير الوقت والحال المناسب للمنصوح 7) تقديم النصيحة في ود و لين وعدم رفع الصوت والإعراب عن حرصه على مصلحته 8) تخير الكلمات الهادئة غير المثيرة وغير الصارفة عن المقصد والغاية من النصح 9) اعتماد الاقناع المنطقي العقلي والاقناع بالقصة المؤثرة و بالنص الواضح البين القاطع 10) عدم تكرارها الا اذا تغير ضرف المنصوح موقف الناصحين امام الرفض : 1) الدعاء للمنصوحين بالهداية والسداد من الله تعالى 2) إظهار الحرص على منفعة المنصوح كلما تيسر له 3) بعث من يراه أهلاً لنصحه وبطريقة لا يشعر بها المنصوح 4) ترك المنصوح وشأنه 5) استشعار أنه قد قام بواجبه وبما يستطيعه فلا يذهب يتحسّر على استمرار المخالفة او الاعراض عن الامتثال

الدفاع عن الباطل

الدفاع عن الباطل مرعي حميد/ مفكر وباحث الباطل هو كل قضية عملية او فكرية متجاوزة للحق متعدية على المنطق والقانون والدستور تكون انتهاك لحق او لحقيقة ، والدفاع عن الباطل مهنة يحترفها كل أفاك أثيم مُستكبر ، كل معربد في الارض و يهوى للعربدة أن يزداد فعلها وتتسع رقعتها ... و هو صورة من صور المشاركة في صنع الباطل ومفاقمته و تكبير مساحته وتعميق أثره وتأثيره . ويعتقد البطولة في دفاعه عن الباطل . يدافع عن الباطل احد ثلاثة : 1) صاحب الباطل : وهو من ارتكب الباطل مستنداً الى قوة ذاتية من مال و سلاح ومنعة متعددة الصور ، أو مُستنداً لقوة مُخطوفة كجيش الشعب و سلاحه و القوات والوسائل المُعدة لحفظ امن الشعب واستقرار الوطن . 2) المُبطل الآخر : وهو من يقترف الباطل عادة ، فهو لا يُنكر الباطل الذي يرتكبه سواه فهو يوفر لنفسه المريضة قدر من المشروعية بمنطق ( ليس وحدي من يفعل فيظلم ويعربد ) ، كما يمنحه قدر من والاستئناس وتبادل المنافع . 3) من يخدمه الباطل بصورة ( آلية ) أوتوماتيكية ممن لا خلاق له ممن هو متربص بالواقع في حقه الباطل فيحل في منصبه أو يشفي غليل نفسه لتفوق من وقع عليه الظلم أو لاعتقاده ان بإمكانه أن يحل مكانه ويرث مكانته أو أنه يشكل خطر مستقبلي عليه . 4) صاحب هوى يجد الباطل يلبي رغباته ويشبع غرائزه و يريح نفسه 5) صاحب المصلحة المبتغاة من خلال الدفاع : مال ، منصب ، شهرة .. و يكون دفاع هؤلاء بواحد او أكثر مما يأتي : 1) التبرير للباطل الذي وقع على سين بما قد يكون من باطل صدر عنه ( تبرير الخطاء بالخطاء ) 2) البحث عن أدلة زائفة تدين المظلوم 3) افتراض اوهام تبرر للمبطل ما قام به 4) وضع توصيف خاطئ عن ما حدث 5) تلفيق الاتهامات وترويجها 6) تقديم الدعم المادي لصاحب الباطل 7) مُضايقة صاحب الحق وخلق مزيد المتاعب له 8) الاسهام في الحيلولة بين صاحب الحق وحقه في التعبير عن مظلوميته ودفع تخرصات الباطل ضده 9) اتهام صاحب الباطل انه متراخي في تعامله مع من وقع عليه الظلم 10) حث الآخرين على الدفاع عن الظلم وتأسيس واتاحة المنابر الاعلامية لهم مثل قناة العربية التي تأبى أن تغادر العفونة التي ألفتها . إنّ الدفاع عن الباطل عمل لا يقوم به الأسوياء من الناس ، بل هو صنعة من مرضت وتفحمت ضمائرهم ، وكبرت وتضخمت لديهم الأنانية والنرجسية لدرجة انها اعمت بصائرهم وعطلت بصائرهم . هو عمل يقوم به الأقزام و الأوغاد والسفلة واراذل الناس في الحقيقة وان تسنموا أرفع المناصب و أعلى الرتب .. انه ديدن القصّر وعادة السفهاء ، يتصّنع المجد من يفعله ويقدم عليه و هو في الواقع كائن حقير بمقدار حقارة الباطل الذي يدافع عنه . متى ينتصر الباطل : قد ينتصر الباطل على الحق ويسحقه وذلك في أحد الحالات الآتية : 1) اذا تفوقت قوة الباطل المادية أو البشرية أو الإدراكية على قوة الحق او انعدمت أو ضعفت أو قلت لدى الحق القوة والحِنكة والفِطنة 2) اذا وجد المُبطل غباء وجهل وسذاجة من صاحب الحق 3) اذا فشل صاحب الحق في تقدير الموقف واللحظة لغياب المعلومات لديه أو لغرور واهم لا يستند الى أرضية صُلبة او لإصرار يدفع به للتهلكة من أجل الحق الذي هو في لحظته تلك قضية خاسرة لتفوق الباطل في العدد والعُدة والفرصة 4) اذا فشل صاحب الحق في الحصول على الادلة التي تقف لصالحه أو فشل في دحض تخرصات وتلفيقات صاحب الباطل 5) اذا انحازت قوة مُضافة وسلطة مُبطلة لصاحب الباطل فاكتسب قوة من قوتها وفرصة غير مُتاحة لصاحب الحق . إنّ الحق في غالب الأحيان لا ينتصر بالأمنيات الفارغة ولا النوايا الطيبة التي لا تسندها قوة مادية مضمونة أو بشرية واعية ، وليس الحق ينتصر باستعداد لتضحية لا قيمة لها ولا جدوى ولا معنى لها إلا الوهم والفكر الخاطئ والتفكير الحالم . مرعي حميد ـــ 2فبراير 2015م

المثال والواقع

المثال والواقع بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث هذا المقال لكل من لديه مثال يحرص ويسعى لتحقيقه : الطالب ، التاجر ، المستثمر ، السالك درب الربانية ، الداعية ، الإداري ، السياسي ، الرياضي ، الكبير ومن هو في مقتبل العمر النضير ، الذكر ، الأنثى ، للفرد كما هو للمجموعة .. كم هي الاحلام والطموحات التي تنتصب للمرء في عالم المثال والمُثل لديه ، كم يفكر المرء وتُصيبه الحيرة ،ويُحالفه الحظ ، او يكن نصيبه الفشل و الإخفاق وربما الاحباط ، وهو يسلك سُبل تحويل المثال إلى أرض الواقع حقيقة ملموسة تتجسد وتدب فيها الحياة . ويُقال نفس هذا الأمر عن أحلام المجتمعات والشعوب والأمم والمجموعات ، سواء بسواء .. لا يختلف سوى ضميرا المفرد والجمع هناك وهنا .. ومن المعالم الهادية على طريق تحويل المثال إلى واقع : 1 ـ معرفة المثال حق معرفته وتبصّره واستيعاب جزئياته معرفة و إدراكاً ، ولا تكفيه النظرة العجلى و لا الكلمة التي لا تلامس شغاف القلب والعقل . 2 ـ معرفة الواقع كما هو لا كما تصوره لنا عاطفتنا القاصرة الخداعة التي تحاول أن ترسم لنا صورة وردية ، فلا بد من تلاحم هذا النمط من التصوير مع ما يعود به العقل الصادق من صورة بفعل سبره للواقع وغوصه في تكويناته وتفصيلاته عبر التأمل الصرف غير المتحيز وغير المحكوم بفكرة مُسبقة وعبر القراءة المتعمّقة والمتراكمة في أحيان وعبر الاحتكاك به واستشعار أمانيه وتطلعاته في حالات ، وعبر الاستماع إلى المختصين والمتخصصين وعبر معرفة التاريخ ذي الصلة واستيعاب دروسه واستنهاجها في الممارسة الحاصلة والمستقبله .. 3 ـ إبعاد و الابتعاد عن أي عوامل قد تُعرقل المسار المتدفق للمُثل ، وهي إما أن تكون من صنعنا أو من صنع غيرنا قصداً أو عَرضاً .. وقد تكون صناعتنا لها عن نية حسنة ولكن ـ ومن دون شعور منّا ـ يكن هذا عامل تعويق يحد من اندفاعتنا وربما يوقفها ويسبب تعثّرها .. 4 ـ أن يكون معلوم لدينا أن ليس كل مثال بالإمكان تحويله إلى واقع محسوس ملموس كما نرغي ونُريد ، وبالتالي فإنه مما ينبغي أن نحذره أن نتطلّب أو أن نُصر إصراراً ، أو أن نقف على عتبة المثال الكامل أن يستحيل واقعاً مُعاشاً ، ففي أحيان يجب علينا أن نكتفي في مسعانا بنصف المثال أن يتحقق ، وربما بما هو دونه ، ومن دون إدراك حقيقي لهذا الشأن فإننا قد لا نظفر من سعينا إلا بالصفر في ( أحسن ) الأحوال ، فلربما عدنا بما هو دونه ، و أرتدّ مسعانا إلى نكبة نقع في براثنها أو دركة في أسونتها . وقد يكون علينا أن نكتفي في مرحلة ما بثلث المثال أن يتحقق ، وفي المستقبل نحقق مزيده بشريطة أن لا يكون سعينا لهذا المزيد سبب في أن نخسر ما تحقق لنا ويكن حجر عثرة يعوّق كل مسارنا و في كل مستقبلنا .. وتحديد هذا مرهون بفقه الواقع الراهن ـ واقع التخطيط ـ وفقه الواقع المستقبلي بطرائقه و وسائله التي سبق عرضها .. 5 ـ يجب أن نحذر اليأس أن يستولي علينا أو الاحباط أن يتخلل نفوسنا ويتسلل عقولنا وذلك لاستطالة الطريق وبُعد الهدف وكثرة المعوّقات والصعوبات ، وذلك طالما كان سعينا راشداً وخطتنا واضحة و صفنا متآزراً وارادتنا ثابتة و عزمتنا صادقة وفهمنا عميقاً للمثال وللواقع الذي نحن فيه و للواقع الذي ننهض لبلوغ ضفافه و الاستراحة على شطئانه ...إنّ رسالتنا في الحياة هي أن نسعى ونواصل السعي والمسعى ، أن نبقى على درب حُلم المثال الذي ننشد فلا انحراف ولا توقف .. 6 ـ استفراغ وسعنا وطاقتنا وجهدنا هو المطلوب من أحدنا وهو يسعى بمثاله إلى أرض الواقع .. وحينها يكن معذوراً أمام نفسه و أمام الناس .. و أمام رب الناس جل جلاله .. 7 : لا يُنال أمر ذي بال من دون صبر لأجله ومن دون تضحية بمال أو بوقت أو بجهد أو بسوى ذلك من الشريف والغال والنفيس ، ومن يخطب الحسناء لا يُغلها المهر ، المهم أن يكون صبرنا و تضحياتنا تقربنا إلى المثال يتجلى و يتجسد واقعاً حياً مُحيياً للهمم ومُسعداً للقلوب ومُبهجاً للأرواح ، لا أن تكون نقيض ذلك ، ولا أن تكون ويكون صبرنا ضياعاً للجهد والمجهود و تبديداً للممكنات و المتاحات .. وكل هذا بالإمكان تقديره عبر الإدراك الحقيقي للواقع المبني على المعلومة الصحيحة والحقيقة الشرعية والعلمية الثابتة ، ولذا لا بد من تجميع كل ذلك واستيعابه من مصادره الموثوقة لا الضانة ولا المظنونة ولا الخادعة ولا الخداعة ، من دون انسياق إلى الاغترار بحضور قوة أو ثروة . أو ماضي أو رصيد أو سمعة ، ومن دون احتقار للذات ومن دون وقوع في تهوين أو تهويل .. وهي موازين دقيقة تحتاج دوماً إلى جلسات مع الذات ومع الآخر الحريص على المثال أن يتجسد أو يتجسد الجزء الممكن منه .. 8 ـ تطبيق الجزء من المثال الذي يتصل بحياتنا الشخصية ( الفردية ) و الأسرية ، وهو دليل صدق لمسعانا ، وسبيل من سُبل تيسير بلوغ ما نطمح إليه و نعقد عليه الآمال ، وكلما زال التناقض بين ( مثالنا الشخصي ) وبين المثال الذي نرسمه لا فرادنا وللواقع الخارجي عن ساحتنا الذاتية كلما استحققنا النجاح وكلما وجدنا من المُحيطين بنا التقدير والاحتذاء ، والأخير هو الأهم بل و هو أحد وسائل بلوغ الغاية وإتمام القصد على سبيل المثال المرسوم والمنقوش في عقولنا والمسطور في أرواحنا والذي تنبض منه خفقات قلوبنا ... 9 ـ حراسة أخلاقيات الإنجاز جزء لا يتجزأ من العمل الإنجازي للمثال بالقدر الذي يتناسب مع الواقع ومع الممكن .. ومن اخلاقيات أصحاب الانجاز البعد عن سلوك المبالغة في الطلب وتعقيد الأمور و البعد عن اخلاق الزهو والخيلاء و التعجرف ، مع استصحاب شعور الثقة بالذات والقة بالمستقبل والثقة بالمجموع والثقة في توفيق الله لصائب الاعمال والطموحات و استشعار أن كل توفيق حصل ويحصل انما هو بحبل من الله وحبل من المجموع العامل والمساند بالمادي وبالمعنوي وبكليهما . 10ـ التقييم الدوري والمستمر للمسار العملي و إدراكنا للواقع ومتغيراته التي قد تكون حدثت واستجدت .. ومدى تأثيرها على خط السير ، ومواكبتها في التخطيط والتنفيذ .. 11 ـ حينما يتحقق لنا المثال أو جزئه الذي نستطيع ويسمح به الواقع الذي فقهناه ـ بما فيه واقعنا نحن : الامكانيات والممكنات ـ يجب أن لا ندخر جهداً في التزام أخلاق الحفاظ عليه من امتلاك لنفسية التواضع و الاعتراف بدور الآخر وجميله الذي أسداه لنا في سبيل النجاح ، و أن نتجنب أي سلوك أو تصرف يسبب فقدانه أو انتقاصه ، من غرور و كِبر وغطرسة وشعور بالكمال وأنّ ما تم ليس إلا انجاز فردي أو جماعي في انكار لدور الآخرين في تحقيقه . 12 ـ إنّ الواجب يقتضي منّا أن نحصّن الإنجاز بروح الحرص الواعي الراشد عليه والمُرشّد له ، و أن نسوّره حتى لا يختطفه قُطاع الطرق و ذوي القلوب الميتة والنفسيات التي لا ترتاح لنجاح الآخر بل تنزعج ويستحيل النجاح ، في أحيان وحالات ، جمر بالنسبة لها يكويها فهي في دأب لإخماده واستحالته إلى رماد تذروه الرياح بشتى الوسائل والسُبل .

الأربعاء، 28 يناير 2015

منهج لدعوة اسلامية مُجددة

منهج لدعوة اسلامية مُجددة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث الحمد لله وحده ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الارض وملئ ما بينهما وملئ ما شاء ربنا من شيء بعد ، الحمد لله حتى يرضى والحمد لله اذا رضي والحمد لله بعد الرضاء ، الحمد لله على نعمة الاسلام والايمان والاحسان ، الحمد لله على نعمة الهداية الى صراطه المستقيم .. الحمد لله على نعمه التي لا تُحصى و آلائه التي لا تُنسى .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده مُعلم الناس سبل الخيرات والفضائل والمكرمات ، الداعي الى رضوان الله وطريق السعادة في الدارين والفوز بأعالي الدرجات سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه و أقتفى أثره الى يوم الدين .. أولاً : في الحاجة الى تنظيم دعوي جديد : الاسلام هو دين الله في الارض ، وتبقى حاجة الناس في الحقيقة الى الاسلام أشد من حاجتهم للماء والنفس والغذاء ، ولذا كان من اللازم أن تبقى الدعوة اليه والتذكير بتعاليمه مستمرة ، وتتواجد على الساحة ، ومنذ عقود مضت ، تنظيمات وتيارات دعوية تقوم بدور مُقدر في الدعوة الى الله تعالى ، ومن خلال دراسة معمقة لتلك التيارات تبين لي أن معظمها وقعت في براثن السياسية والساسة إماً تحالفاً معهم في الحق والباطل او صدام معهم وسعي الى انتزاع كراسي السلطة ، كما وقع تيار دعوي في براثن البدع والتفكير الخرافي ، وقد أدى هذا مجتمعاً الى إلحاق التشويه الكبير والضرر الفادح بالجسم الدعوي بصفة عامة ، وفي الوقت الذي ندعو تلك التيارات الى التغيير الداخلي ، ونرى أن هناك تحفظات وجيهة على منظومتها الفكرية المؤسسة لمسارها ، فإننا نطلق هذه الدعوة الى تنظيم دعوي جديد ، تنظيم يؤمن بان عموم المسلمين هم جماعة المسلمين الواحدة المحظور تجزئتها وتفرقتها ، وهو ليس بديل عن الموجود من فصائل دعوية ولكن اضافة نوعية للعمل الدعوي البعيد عن الساسة والسياسة وبقناعات فكرية جديدة ومتجددة تراعي روح الاسلام وحاجات الواقع الجديد والمتجدد ، والله نسأل للجميع التوفيق والسداد لما فيه خير الاسلام والمسلمين في عاجل أمرهم وفي آجله .... إن هذه الرؤية المنهجية المُجددة مبنية على قراءة عميقة ومتأنية في فكر وممارسة الفصائل الدعوية الاسلامية المعاصرة ، ولقد سبقني من نصح وانتقد النقد البنّاء الايجابي الهادف ولكن لا أذن صاغية حين يكون صاحب الرأي معجب برأيه بل ومتعصب له ، و ( الجماعة ) معجبه بفكرها ونهجها التي سوّدت فيه الصفحات طوال عقود ، ولذا كان السعي لهذا التأسيس الجديد كإضافة نوعية ومنهج دعوي خالص من الاغراض السياسية و القراءة المنظرة لها ، ومع أن هذه رؤية لتأسيس جديد ، فبوسع كل أحد فرداً كان أو فصيلاً دعوياً الأخذ بها أو منها فهي غير محتكرة ولكنها لكل المسلمين في العالم ليأخذوا بها وينهجوا نهجها .. ثانياً : ماهية وأهمية الدعوة الاسلامية : الدعوة الى الله هي مجموع الاعمال التي تستهدف ترسيخ الوعي الايجابي الحامل صاحبه للثبات على الهداية والخير والحق والزيادة من الطاعة والمُرسخ فيه كل ذلك . انها الجهود التوجيهية والتربوية و التعليمية للالتزام بمعالم الصراط المستقيم . التواصي بالحق والتواصي بالصبر من صفات الناجين من الخسران وهي مهمة للمسلمين تجاه بعضهم قال الله تعالى : ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )) ، ومع هذ فلقد أمر الله تعالى بان تكون من جسم الجماعة المسلمة مجموعة منهم متخصصة في الدعوة الى الله تتقن علومها و اساليبها وتفرغ لها وقت منتظم من وقتها ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) . مجموعة تهتم بأمر الدعوة الى الله و تجويد أساليبها ، دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، فلا قتال للحاكمين ولا منازعة لهم على كرسي السلطة وتعريض الناس إلى الآلة الباطشة الحديد والنار ، و لا قتال معهم في حرب غير دفاعية عن ارض او عن عرض انما هي مطامح الساسة الذين يحتكمون لرغباتهم واطماعهم . وتبقى مهمة الدعاة في كل الاحوال الدعوة الى الله وتذكير الجماعة المسلمة التي تفرز من صفوفها من يتولون أمر الحكم السياسي ، فليس الاسلام مهمة قاصرة التطبيق على الدعاة بل الدعاة يدعون الى الالتزام بأحكام الاسلام بما في ذلك القيم الاسلامية الخاصة بالحكم السياسي من عدل وشورى و تنمية و استتباب للأمن واصلاح للمعاش وللطرقات و بناء للمصالح اللازمة لحياة الناس كمشاريع مياة الشرب وتوزيع الاراضي لزراعتها وعمرانها و بناء المستشفيات والوحدات الصحية و الدفاع المدني و بناء الصروح لتعليمهم ودراستهم و المساجد لصلاتهم .. إنّ أعظم العمل إيمان بالله وعمل صالح ، والدعوة الى الله بالقلم واللسان هي في طليعته ، فان الاصل فيها انها ترسخ لدى الداعية القيم والمفاهيم والممارسات الاسلامية و تجعله يدعو غيره لذات العمل وكل ابواب البِر وفي هذا اجر عظيم فقد قال الله تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) و ورد في لحديث رواه مسلم : ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا )) ، وفي الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) . و تتوزع الدعوة بين الوعظ والارشاد والتذكير بالله وطاعته وبين تعليم العلوم الشرعية والتربية الروحية والايمانية . لم يطلب الاسلام من المسلم ان يستغرق دوره الدعوي كل وقته وكل طاقته ، بل ولا يريد هذا منه ولو استطاع ،لان هناك مهمة تعبدية فردية تخص ذاته وروحه عليه ان يقوم بها تجاه نفسه وهي تحتاج الى جزء مهم وثمين من وقته يتعدى وقت تؤدى فيه الصلوات الخمس الى وقت آخر يتفرغ فيه لتدبر القرآن و صلاة النافلة و التفكر والنظر في الوجود ،وهذا من صميم الدين الاسلامي بمقاماته الثلاثة : اسلام ،ايمان ،احسان ، ثم هناك الوظيفة الدنيوية المعتادة طلباً للعلم او طلباً للرزق فهي جديرة منه بالاهتمام كما انها جديرة منه باستفراغ الحرص والوسع عل الإتقان ..ففي الحديث عن أم المؤمنين عائشة ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )) ، وقد صححه الامام الالباني . . ثالثاً : اسم التنظيم الجديد : ( تنظيم حِرى الدعوي ) لماذا هذا الاسم ؟ حِرى كان المكان الاول لتلقي وحي الرسالة الاسلامية الخاتمة ، كان موطن خلوة الرسول التفكرية قبل الرسالة ، حِرى كلمة سهلة سمحة واضحة بعيدة عن الدلالات الغامضة والمُثيرة للالتباس و المؤدية الى الاحكام الخاصة والمُسبقة ، حِرى كلمة ثلاثية الحروف لكل من حروفها معنى يصب في صميم جوهر الدعوة الجديدة : الحاء : حرص على رضوان الله واتباع سبيل خاتم النبيين ، و حب للإسلام وشغفاً به ، و حناناً بالمسلمين والمسلمات ، وحدباً على الانسانية البعيدة عن تعاليمه السمحة ، وحركة دؤوبة في سبيل ذلك كله . الراء : رؤية متكاملة جديدة وناجعة نابعة من أصول الاسلام القرآن والسنة النبوية الألف : اقتناع بالدين ثلاثي المقامات ( اسلام وايمان واحسان ) رابعاً : اهداف التنظيم الدعوي الجديد : 1) العودة بالمسلمين الى النبع الصافي القرآن الكريم والسُنة النبوية كمنطلق لإصلاح واقعهم 2) تعميق الوعي والممارسات الاسلامية و تحقيق الترقي الروحي 3) التطبيق العملي لمبدأ الاخوة الاسلامية والتعاون على البِر والتقوى 4) ضخ دماء جديدة نقية من الأغراض الشخصية الضيقة والمصالح الطائفية الى تيار الدعوة الاسلامية 5) ايقاظ المسلمين على واجبهم كجماعة مسلمة نحو الاسلام الذي هو دين الجميع وعلى الجميع تقع مسؤوليته 6) حشد المسلمين للعودة الى القيام بواجب الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة كل حسب طاقته ومعرفته 7) اصلاح المجال الدعوي بعيداً عن الخلافات والساسة والسياسيين احتراماً للتخصص وتجويداً للأداء خامساً : ركائز التنظيم الدعوي الجديد : 1) الاخلاص لله تعالى 2) الصدق في رجاء هداية الناس كافة 3) الافتقار الى الله بسؤاله التوفيق والفتح 4) ادراك اصول الخطاب الدعوي 5) مراعاة أحوال المدعوين ودعوتهم بالتي هي أحسن 6) عدم التصادم مع السلطة السياسية والتنظيمات السياسية والدعوية 7) القدوة الحسنة والتواضع للمدعوين 8) الصبر وطول النفس وحسن الظن بالله ثم بالمدعوين 9) التعرف على النماذج المُلهمة و استلهام خبرتها 10) شكر الله تعالى والشعور بمنته بعيداً عن الكِبر والغرور سادساً : الخطوط العريضة للدعوة الاسلامية الجديدة : 1) الدعوة العامة والمؤسسية الى الاسلام بشموله للبدن والعقل والروح ( اسلام ، ايمان ، احسان ) 2) التركيز على الإيمانيات والروحانيات 3) الاهتمام بالقرآن الكريم بياناً لمواضيعه ولخطابه ولطرق تدبره 4) فقه السيرة النبوية بمنهج تكاملي جديد 5) الدعوة الى التناغم بين الدعوات الاسلامية والتنسيق بينها 6) تحقيق فهم جديد للدين الاسلامي ينطلق من جوهره الفذ 7) الحيلولة دون تدخل السياسي في الديني والديني في السياسي بما يمنع التأثير السلبي لكلا التدخلين على الدعوة الاسلامية 8) التركيز على دور جماعة المسلمين وواجبها تجاه الاسلام وباعتبارهم الضمانة الأهم لتطبيق احكام الاسلام في اطار دولة وطنية راشدة ونامية 9) تعزيز التخصص في المجال الدعوي بعيداً عن الانشغالات الأخرى للفرد الداعية 10) تنقية الدعوة من الطابع السياسي سابعاً : القيم الدعوية : القيم الدعوية هي مجموع المبادئ العملية التي تدخل ضمن الدعوة الى الاسلام ،بما في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر: 1) البلاغ المبين الواضح ، و الدعوة الى الخير وترغيب الناس فيه ،أمراً بمعروف ونهياً عن منكر ،والرفع من مكانة القائمين بهذا الامر عند الله تعالى، واعتباره سبيل الرسول ومن اتبعه من دون تمييز. مصداق لقول الله تعالى : ((فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) وقوله : ((وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ )) ، واستجابة لتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إنما أنا مبلغ و الله يهدي و إنما أنا قاسم و الله يعطي )). قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2347 في صحيح الجامع 2) اللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) (( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )) 3) الزاد المعرفي : يحتاج الداعية الى الله الى الزاد المعرفي وإلى تجديده ليتبين له الى ما يدعو ، وليتمكن من تحضير المادة الدعوية اللازمة للترتيب والعرض المنطقي والجذاب والمُقنع والمؤثر ، ومنه الاستشهاد بالآيات القرآنية والاحاديث الصحيحة فقط بالاستفادة من جهود العلماء المتخصصين في علم الحديث من السابقين ( الائمة البخاري ومسلم و أحمد (المسند ) ومالك (الموطأ ) ) و ما تمت مراجعة مدى صحته من كتب الاحاديث الأخرى من قبل علماء الحديث المعاصرين كالإمام المُحدث محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله ، وما توافق مع هذه النصوص ومع روحها من أقول السلف والخلف و الحكماء من الشرق او من الغرب ، وكل هذا يصب في البصيرة المطلوبة ، قال الله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) . ومما يعين على تكوين الزاد المعرفي تقوى الله تعالى لقوله : ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) ، وكذلك الدراسة الاكاديمية في الكليات الجامعية وطلب العلم عند العلماء والفقهاء ، والقراءة الحرة المُهدفة ، والاستماع للمحاضرات والدروس العلمية والوعظية ، ويبقى فضل الله واسعاً ((فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا )) ، و (( من يُرد الله به خيراً يُفقهه في الدين )) . 4) الزاد الإيماني العملي : إنّ الداعية وهو في مهمته يحتاج الى زاد من العمل الصالح ومن الايمان العميق بالله تعالى ومن ثم بمهمته ، والعمل الصالح يزيد من الايمان والايمان يزيد من العمل الصالح وهكذا ، وكما أن الداعية يدعو غيره فان الاولى به أن يحرص على الاتباع الافضل والتعبّد الاعمق لله تعالى محبة وانقياداً : (( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا )) (( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ )) . 5) متانة الصلة بالله تعالى : إنّ مدار توفيق الداعية في مهمته هو توفيق الله تعالى له ، فهو من يثبته على الحق وهو الذي يهدي الى الحق وهو الفتاح الذي يفتح للداعية في الخطاب وهو الذي يفتح قلوب الحريصين على الهداية ، كما أنّ الصلة بالله تعالى مطلوبة في حد ذاتها سواء كان للداعية او لغيره من الناس ، ومن هذا المنطلق وجب على الداعية تعميق صلته بالله تعالى توبة واستغفاراً و معرفة به جل جلاله و دعاء وافتقاراً أن يوفقه وييسر له ويُعينه ويفتح له وعليه و ان يبارك في قوله وفي مكتوبه .. 6) الحرص على ترسيخ الايمان بالغيب والعرض المُتقن لدلائله النقلية من الكتاب والسنة ، وجمع ما يؤيد ذلك من أدلة عقلية وعلمية بيولوجية ، لما ينتج عن ذلك من ايجابية انسانية وارتداع عن الاضرار والايذاء والافساد فلكل من الامرين جزاء عظيم او عقوبة عظيمة تلحق بالفاعل يوم القيامة . إنّ الايمان بالغيب أوّل صفات المُتقين في سورة البقرة (( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... )) ثم تخصيصاً ((وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )) ، وفي سورة الأنبياء : ((وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ )) ، و أوّل صفات المنتفعين بالتذكير والنذير : ((إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ )) ((إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ )) . وهي صفة الاوابين الذين يفوزون بنعيم الجنة ومزيده : ((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ )) 7) أساس الدعوة الاسلامية وروحها الاقتناع وحرية الاختيار مع وعد بالجزاء الحسن ان وافق مراد الله ،والجزاء السيئ ان خالف مراد الله . ان الجبر يحول دون شرف الاختيار للطاعة والرفض للمعصية ، فالأجر فيهما فعلاً وتركاً يتوقف على الاخلاص و قصد وجه الله لا رجاء لمصلحة ذاتية مطلقة من انسان او خوف عقوبة منه او حرمان مصلحي مطلق ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )) ((وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا )) ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ )) ((فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى )) . 8) تعميق الشعور بالذات والترقي بها في مدارج الكمالات الشعائرية والايمانية والروحية ،وترسيخ الشعور بالآخر الانساني خاصة المرتبط بها وفي حدود القيام بالواجب تجاهه ورعاية حقوقه ، وغرس الشعور بالمسؤولية الشخصية ،وان لا تزر وازرة وزر أخرى . (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ )) ((مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) . 9) الرفع من شأن التعاون على امور البر والتقوى و الحض على تنظيم القيام بهذا الشأن بما يسهم في تحقيق افضل النتائج في اقل الأوقات . والتحذير من شر وعقوبة التعاون على الإثم والعدوان . ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) . 10) التبيان لجوهرية عمارة الأرض كوظيفة أصيلة للإنسان في الدنيا ، والنهي عن الفساد فيها ، ((وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) ((أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ )) ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ )) . ثامناً : قواعد تأسيسية للفهم والاستنباط والعمل : 1) غاية الاسلام العظمى معرفة وعبادة الله الحي الأزلي القيوم السرمدي خالق الوجود ومدبره الذي ارتضى للناس الإسلام منهج لمعرفته ومعرفة الوجود ولعبادته وحده والسلوك القويم في الارض ، وكما يرضى الله بظاهر التعبّد فإنه يرضى بباطنه إخلاصاً و مناجاة صادقة و حيّة وحاضرة معه تعالى علام الغيوب . 2) نبع الاسلام هو القرآن الكريم والسُنة النبوية ، ولفهم موقف الاسلام من قضية ما يجب العودة اليهما ، فان لم يجد اجتهد لواقعه بما لا يخالفهما ، وهذا يحتاج الى قدر من العلم والفقه ، وللعلماء المتفقهين فضلهم و أهميتهم في استنباط الاحكام التفصيلية من أدلتها الشرعية ، قال الله تعالى : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . 3) الاجتهاد هو حصيلة ما توصل اليه العلماء كل في زمنه لعلاج قضايا ذلك الزمن ، وهو يصلح للاقتباس ما تطابقت او تشابهت القضايا ولم يحل تغيّر الزمان والمكان بين ذلك الاجتهاد المحدد بزمنه وبين صلاحيته للزمن والمكان الجديد . 4) الاسلام كل لا يتجزأ في أحكامه التفصيلية فهي قبس من روحه الكلية وجوهره الفذ ، ومن سعى الى دليل لقضية مطروحة غالباً وجده ، ولكن معيار الصحة والقبول مطابقة ما توصل اليه مع روح الاسلام فمعيار النظر الرؤية الكلية لا الجزئية . 5) جعل الاسلام للعقل البشري مكانة كبيرة من الاعتبار ، واحتفى به وهو داع لاستثارته واعماله بما يعود للناس بالحكمة و المنفعة في الدارين . 6) النصوص غير الصحيحة الثبوت و غير صحيحة الدلالة منطلقات لتكوين قناعات لا تتوافق مع جوهر الاسلام في الفهم والسلوك ، ولذا فانه لا بد من العودة المستمرة الى القرآن الكريم بشموله والى السنة النبوية التي هي الصحيح مما تأكدت نسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم عبر علماء الحديث . 7) صحيح العلم والمعرفة مقدمة هي الاهم من بعد خشية الله لعمل ما يوافق الشرع واجتناب ما يخالفه . 8) ان مقصد الاسلام الرئيسي هو تعبيد المكلفين من الأنس والجان لله رب العالمين عن قبول منهم وطواعية واقتناع ، فلا إكراه في مجمل الدين ولا في أجزائه . ولا تكون الطاعة المُطلقة لاحد الا لله تعالى ، ولا طاعة مُطلقة لمخلوق ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ويُطاع المخلوق ما لم يأمر بمعصية للخالق وبقدر موافقة ما يأمر به مع الشرع الحنيف ، وكل محاولة لتنصيب آمرين للخلق ومتحكمين في سلوكهم مصائرهم هي نوع تسلط واستعباد وافتئات على الشرع ، فقد ولد الناس كراماً أحراراً . 9) ان الاسلام دعوة لعمارة الارض بما يخدم الناس وييسر لهم سبل العيش الهنيء والسعيد والرغيد ، وهو قد وضع قيم لهذا السعي وبعض الاحكام التفصيلية في جانب العقوبات ، مع الاخذ بعين الاعتبار تطور تدبير الانسان في ردع المنتهكين و المعتدين . 10) الاسلام دين القيم المؤسسة للأخلاق الفاضلة و المعاملات المنصفة والتدبير الرشيد لمصالح الناس في كل مجالات حياتهم ومعاشهم . 11) الدين الاسلامي جاء من أجل موافقة الجسد والعقل والروح لمُرادات الله عبر مقاماته الثلاثة ( الاسلام والايمان والاحسان ) وهذا هو مقصد التربية الاسلامية التي اعتنى بها القرآن الكريم والسنة النبوية . 12) ان الاسلام هو دين جميع المسلمين وان العمل من أجل تطبيقه والدعوة اليه وتنفيذ احكامه في حياة الفرد والمجتمع هو مسؤولية فردية كما هو مسؤولية جماعية استجابة لشروط النجاة من الخسران : الايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، وكل ذلك في نطاق الوسع فان الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها . 13) الصدق مع الله اخلاصاً له وطلباً صادقاً للحق والتوفيق إليه مدخل وحيد للترقي الإيماني والعملي مسارعة الى الخيرات والزيادة في القربات . 14) لا يكون العمل الشعائري صالحاً متعبداً به عند الله إلا بقدر وجود الاخلاص فيه والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم . 15) ان المقصد الاكبر من الاعمال الصالحة امران : إظهار تعبّد المكلفين العملي لله تعالى ، وطريقة لتربية أخلاقهم وتعميق معرفتهم بالله تعالى وصلتهم به جل جلاله . 16) الايمان بالغيب الذي أعده الله جزاء او عقاباً وتعزيزه ، أساس متين في نهوض الناس بالعمل الصالح اقتناعاً وممارسة و مباشرتهم الاستعداد للدار الآخرة والاستيقاظ من رقدة الغفلة . 17) يزيد الايمان بالعمل الصالح ، والعمل الصالح وسيلة لزيادة الايمان و علامة عليه ، لذا كانا متلازمين متشارطين لبعضهما ، فالإيمان اعتقاد وعمل يوافقه ، والعمل الصالح ايماناً بالله وعملاً بما يرضيه . 18) ان الله تعالى قد دبّر وقدّر ما سيحدث للخلق من قبل خلقهم بإراداته المُطلقة وقدرته النافذة ، وترك للمكلفين الاختيار في موقفهم الاعتقادي والعملي والسلوكي من رسالات الهداية قبولاً وانفاذاً لها او اعراضاً واستكباراً عنها ، و الله تعالى ييسر النوعين لنفس نوع اختيار كل منهما غالباً ، وهو تعالى مع ذلك قد أوجد فيهم الفطرة القادرة على التمييز بين خيرية الحق وعدم خيرية الباطل في العاجل والآجل . 19) ان الاسلام دعوة تجميع للمسلمين لا تفريق لكلمتهم ، توحيد على طاعة الله والمسارعة في مرضاته ، وما يتفرق المسلمون الا يوم يخلدوا لطاعة ذواتهم واشباع اطماعهم الارضية ونزواتهم الغرائزية من زعامة ورياسة وانتصار على الآخر المسلم وتحدي له وتحطيم لنفسيته وربما تصفيته الجسدية . 20) التعاون على البر والتقوى من امتن الروابط التي جعلها الاسلام ـ من بعد رابطة العقيدة ـ سبيل لقواسم مشتركة للعمل المشترك والهم المشترك بين المسلمين . 21) ان الاسلام قد حذر ونهى عن ظلم العباد لبعضهم تماماً كما حذر ونهى عن الكفر والشرك والالحاد ، والثلاثة ظلم الانسان لنفسه ، وجميعها ظلم لمن يعيشون في فلك اولئك الظالمون . 22) ان الاسلام دعوة للتفاهم والتعايش بين المختلفين في العقائد يجمعهم العمل لعمارة الارض ومنع الظلم والطغيان من أي كان وضد أي كان وبأي حُجة . 23) ان الاسلام لا يهتم بإصدار الاحكام على الناس بقدر ما يهتم بهدايتهم والحرص على سلوكهم سبيل الحق وابتعادهم جملة وتفصيلاً عن مواطن الغي والضلال . تاسعاً : أصول الخطاب الدعوي الجديد : الخطاب هو الكلام الموجه ، مقروءاً كان أو منطوقاً ، وهو وظيفة لا يستغني عنها البشر للتواصل بينهم ، و لأهمية الخطاب لابد له من أصول موجهة ومرشّدة و ضابطة تُسهم في نجاحه في تحقيق هدفه وتُجنبه الخطل وتُقدمه واضحاً بيناً لا لبس فيه ولا مدخل لمغرض ، وبين يديك عشرون أصلاً لفن الخطاب : 1. خطاب الناس على قدر عقولهم ترقّياً وترفّقاً ، وقلوبهم ترقيقاً وترغيباً وترهيباً ، وحسن العرض والالقاء . 2. النزول إلى لغة الجمهور التي يفهمها ، وليس الخطاب الدعوي مجال تعليم للغة. 3. البيان وقت الحاجة ، لا قبلها ولا بعدها ، وبالتي هي أحسن ، التي تبني ولا تهدم ، بعيداً عن منزلقات السياسة والساسة و تزيينهم . 4. ركني الخطاب : خطاب العقل ، وخطاب العاطفة ، فليكن لهم حظهما من الخطاب والاهتمام ، وخطاب العقل بالمعلومة والنص والمثال ، وخطاب العاطفة بالعبارة الإنشائية الموقظة للشعور المُخدّر ، والإرادة المُنساة . 5. احترام عقل المخاطب بتجويد الخطاب ، و الاستيعاب الأمثل للمعارف والمدركات ، فلا غفلة عنها أثناء مواجهة الجمهور ، والسعي للاستزادة منها . 6. مواكبة الخطاب للواقع زماناً ومكاناً ، مكونات ومؤثرات ، مستجدات واحتياجات ، بعيداً عن الاثارة و الكراهية والنعرات الطائفية . 7. عدم مسايرة الجمهور ومحاذرة خسرانه . والمُخاطب قائد وليس مُقاد . 8. بث روح التفاؤل والأمل ، روح الممكن لا المستحيل . 9. التيسير لا التعسير . 10. التبشير لا التنفير 11. عدم تعميم الاستثناء ، لا ما يحدث في الواقع ، ولا في النموذج السلوكي المطلوب . وليكن الهم هو نموذج القاعدة العريضة . 12. إيثار الجانب العملي على الجانب النظري ، فليس المطلوب من الخطاب التثقيف بقدر ما هو بيان طرق وخطوات الممارسة العملية للقيم والمثل التي يدعو إليها الخطاب (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) . 13. أن يمتلئ صاحب الخطاب بالرغبة الصادقة في هداية المُخاطبين إلى السبيل القويم ، لا التنقّص منهم أو التزيّد عليهم . 14. تجنب رفع الصوت فوق ما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة و إيذاء، وخطاب زمن مُكبرات الصوت ليس كخطاب قبلها . 15. تقوية صاحب الخطاب لصلته بالله ، فبحسبها يكون نجاحه ، و إلحاحه في سؤاله مولاه أن يفتح له القلوب ، وعليه من علمه وتوفيقه . 16. إخلاص صاحب الخطاب نيته لله تعالى ، وإدراكه أنّ الغرور مقبرة النجاح والحسنات . 17. الامتناع عن الانسياق للعاطفة اللحظية ، أو لما يريد الآخرين لأهداف ينشدونها . 18. هناك من ينتظر من صاحب الخطاب الخطاء فيه ليجعل من الحبة قبة . فلا يمنح المتربص الفرصة . 19. على صاحب الخطاب الحذر من الزلل في عرصات الحياة ، فزلة العالم مضروب بها الطبل ، وزلة الجاهل يُخضبها الجهل . 20. خيرُ الخطاب ما قل ودل . عاشراً : صفات الداعية النفسية والعملية : 1. رؤية عالية منصفة خالية من الاحقاد 2. صفاء نفسي ومعرفة مستوعبة للواقع وللوقائع من دون تدخل في ما لا يعنيه 3. تواضع و حلاوة معشر 4. ايجابية حاضرة وحمل للهم العام 5. شعور انساني متدفق 6. افق تفكيري بعيد واتقان لفن الانصات 7. تقديم لمصلحة المجموع على مصلحة الفرد فكرا وممارسة 8. شجاعة أدبية 9. متجرد للحق 10. نكران للذات الحادي عشر : الاساليب والأوعية الدعوية : أ ـ الاساليب : الخاطرة ، الخطبة ، المحاضرة ، الندوة ، الكلمة الحسنة ( النصيحة الفردية ) ، الدعوة الفردية ، الدرس في الحلقة التربوية والتعليمية ،القدوة ، الكتابة المقالية ، البحوث العلمية ، الفيلم الوثائقي ، الاناشيد ، المسرحيات التمثيلية ، لوائح العبارات الوعظية ،الصور المُعبرة ، الجداول التوضيحية ، الخرائط الذهنية ب ـ الاوعية : المساجد ، المنتديات العامة ، البيوت ،المدارس ، الكليات والمعاهد ، المخيمات الدعوية ، الاسابيع الدعوية ، الدورات الدعوية ، الوسائل الإلكترونية : [ شبكة التواصل الاجتماعي ، المدونات ، رسائل الجوال ، رسائل ايميلية، ، المواقع الالكترونية ] ، المطبوعات : [ كتب ، كروت ، مطويات ] ، الاصدارات السمعية والبصرية والمزدوجة : [ أشرطة كاسيت ،سي دي هات ، فلاشات] ، الوسائل الإعلامية : [ مجلات ،صحف ، قنوات فضائية ،اذاعات ..ونحوها ] ، المؤسسات الدعوية ، والدور المتخصصة ... والمستهدفين هم الناس من كل اعمار التمييز و الادراك ومن كل الفئات والتخصصات .. والحمد لله في البدء والختام ... مرعي حميد / مفكر وباحث / الاثنين 26يناير 2015م

الدعاة الذين أدعوه إلى اعتزال السياسة .. من هم ؟؟

الدعاة الذين أدعوه إلى اعتزال السياسة .. من هم ؟؟ بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث العنوان هو إعادة صياغة لسؤال من أحد الأخوة كتبه تعقيباً على مقالي ( معشر الدعاة ..اعتزلوا السياسة يرحمكم الله ) .. والجواب الشافي ، واستكمالاً توضيحياً ، أن الدعاة المقصودين باعتزال السياسة ، هم : الدعاة الأصلاء الحقيقيين الذين نذروا حياتهم وتخصصوا في الدعوة الى الله وعظاً للناس وتذكيراً لهم و تعليم العلوم الشرعية : العلماء و الفقهاء والوعاظ و المعلمون المنتظمون للقرآن الكريم و قادة الاعمال الدعوية ، ويستوي في ذلك كل من انتسب منهم لأحد ( الجماعات الإسلامية ) الآتية : السلفيين ، الإخوان ، المتصوفة ، التبليغيين . أدعو كل المنظمين والمنتسبين للجماعات الاسلامية اعلاه ما داموا كذلك اي منظمين او منتسبين وليس العلماء والفقهاء والوعاظ فقط .... أدعوهم الى اعتزال السياسية .. و يدخل ضمن من أدعوهم كل من هو عالم أو فقيه شرعي ... وكل هؤلاء الدعاة الأصلاء الحقيقيين أدعوهم إلى اعتزال أي عمل سياسي يمارسونه واعتزال الخوض في السياسة ( كل ما يتعلق بالسلطة السياسية وتأييدها او معارضتها و العمل من أجل بلوغها والمشاركة في انتخاباتها إن وجدت )، كل هؤلاء ادعوهم لاعتزال السياسة بالمعاني والمضامين المذكورة آنفاً او اعتزال الدعوة و التخصص في السياسة ، و أدعو لاعتزال السياسة كل المنظمين والمنتسبين للجماعات الاسلامية اعلاه ما داموا كذلك اي منظمين او منتسبين وليس العلماء والفقهاء والوعاظ فقط .... فهم ما داموا كذلك محسوبين على ( الجماعات ) الاسلامية .. .. وقد سبق أن تحدثت في هذا المعنى في مقال ( الإسلام ..من المسؤول عنه ؟ ) ومقال ( الأحزاب الإسلامية .. رؤية مغايرة ) . ويبرز إشكال واقعي أول هو انضمام من ليسوا دعاة أصلاً و اكتسابهم عضوية الجماعات المحسوبة على أن عملها ووظيفتها الدعوة الى الله تعالى ، ولكن هذه الجماعات اتخذت لنفسها طابع شمولي وهي تُنسّب في صفوفها كل من هو مقتنع بها ولو لم يكن داعية اصلاً ولا يمارس أعمال دعوية باستثناء أعماله الداخلية في اطار ( الجماعة ) التي انتسب اليها واقتنع بفكرها ومنهجها الذي يتحاوز الدعوة الصرفة إلى الله إلى السياسة اشتغالاً بها وعملاً في ميادينها ، و هؤلاء ادعو ( الجماعات ) الى منحهم الاستقلالية في اعمال تناسب تخصصاتهم و يبقى الدعاة فحسب في اطار ( الجماعات ) الدعوية لتكون حقاً وصدقاً جماعات دعوية ، توجه جهدها وطاقتها الى الدعوة الى الله من دون أن يزاحمها انشغال بسواها . و يبرز اشكال واقعي ثاني فحواه : كيف وكل مسلم هو داعية الى الله في الأصل ، أتدعوه لترك السياسة ؟ فمن أين نأتي بسياسيين في بلاد العرب والمسلمين ؟؟ والجواب : كل مسلم يدعو الى الله هو أحد أمرين : إما انه يدعو بصورة منفردة ( دعوة فردية ) فلا علاقة له مع ( الجماعات المنظمة ) ، و إما أنه عضو فيها ، فان كان عضواً ترك لسواه أن يتخصص ويبدع في المجال السياسي ، و إما إن كان منفرداً فلن يقود إلى ضرر قد يلحق الجماعة الدعوية ، وان ترك الدعوة لن يؤثر على العمل الدعوي المطلوب كفريضة شرعية وضرورة بشرية .. كل داعية الاصل ان لا يكون سياسي أي له آراء و نشاط سياسي منظم او غير منظم ،لأنه حينها يخسر نصف المدعوين او أكثر ممن لا يوافقونه توجهه السياسي ، أما حكاية السياسة الشرعية التي يعقب بها البعض ، فلا توجد سياسية شرعية ، ولكن اجتهادات لعلماء ومفكرين اسلاميين معظمها في زمن قد مضى ولا تناسب زمننا الحاضر ، فكتاب ( السياسة الشرعية ) تحدث فيه الإمام ابن تيمية عن قضايا محددة قد حدثت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعظم الكتاب عن الاموال والحدود ، و قد عاش ابن تيمية في غير عصرنا واجتهد له ، فالسياسة الشرعية التي تضمنها كتابه لا يستطيع احد الاستفادة منها اليوم ، و معظم ما أؤلف اليوم عن السياسة الشرعية أكثره محاولة إحياء للسياسة القديمة ...حديث عن شروط الخليفة وواجبات الخليفة ومعظمه تركيز على دوره نحو نشر الاسلام .....، وللأسف فانه في القديم والحديث والزمن المعاصر أساء الكثير من العلماء للأمة الاسلامية عبر التكفير وإجازة قتل الغرماء والمنافسين وذلك لركونهم للذين ظلموا من الحكام أمثال الشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ المعاصر محمد الطيب شيخ الازهر والشيخ علي جمعة والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وهؤلاء هم مشائخ وعلماء ، إنني أنظر من منظار شمولي لكل العلماء من كل توجه ( سلفيين ، إخوان ، متصوفة ) إنّ كلامي ودعوتي عامة بأن يعتزل كل العلماء والفقهاء والوعاظ السياسية وكذلك الجماعات الدعوية التي أصبحت أحزاب سياسية و ضيعت الدعوة وخسرت المدعوين المستهدفين المفترضين ، و في ذات الوقت حتى العالم والفقيه هو لا يعرف السياسية فاين احترام التخصصات ؟؟ واذا افتى افتى عن غير إدراك حقيقي بالواقع السياسي ، وفتواه في الأخير تعتبر تدخل في غير مجاله ، فالإسلام قد وضع قيم عامة منها قيم للعمل السياسي ولكن لا تفصيل فحتى من يحكم المسلمين من بعده لم يتحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن العلماء والفقهاء في الماضي والحاضر ـ إلا من رحم الله ـ يبحثون عن الطرف السياسي الذي ينتمون إليه عن أدلة يفتون وفقها بما يُرضيه ، بل وحتى تفسير الآيات والاحاديث ومن ذلك موضوع الشورى فلم يقل معظم العلماء القدماء والمعاصرين ان من الامور الداخلة فيها اختيار الحاكم وقصروها على مشاورته ( فقط ) لأهل الحل والعقد واختلفوا في مسألة فرعية وهي هل هي ملزمة أم معلمة ، ، وفتوى العالم والفقيه في الشأن السياسي قد تخدم طرف من المسلمين ( المقصودين جميعاً بدعوته كما هو الأصل ) ضد طرف ثاني ، وفتواه السياسية تؤثر بصورة غير عادلة في ميزان القوى السياسية و يشعر البعض بانهم قد ظلموا بهذا السبب وبالتالي يشنون الحرب الضروس ضد ( الجماعات الدعوية ) و ضد العلماء ويسعون في تشويههم وتنفير الناس منهم عبر وسائل الاعلام وبالتالي يدخل العلماء في متاهات هم في عن عنها و يخسرون منابر دعوية ( مساجد ، قنوات ، مجلات ، صحف ، وغيرها ) ومصر السيسي خير مثال ، و كما هو من المهم فقه الواقع على حقيقته فمن المهم استيعاب هذه المعرفة ,,, وفي الأخير أدرك أن الكثير من المحسوبين على العلم الشرعي لن يكونون إلا متعصبين للسياسة والاشتغال بها ، ومن دون حجة حقيقية إلا دافع التقليد لمن سبق ، و كل من قوله ويترك حتى ( علماؤنا قديما ) و قد ينسى البعض ان سبيل الفقه في الدين ليس فحسب الدراسة في الجامعات او عند المشائخ (( من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) حديث صحيح قد يبحث البعض له عن تأويل يخرجه من معناه ، و قال تعالى (( واتقوا الله ويعلمكم الله )) وقال عن العبد المؤمن في سورة الكهف : (( عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا )) واعرف ان تعصب ( المتعلمين الرسميين ) يحملهم على انكار كل هذا المنطق ... هداه الله الجميع الى ما فيه الخير والنفع والنور ....

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله

معشر الدعاة .. اعتزلوا السياسة يرحمكم الله بقلم : مرعي حميد ـ مفكر وباحث معشر الأحبة .. الدعاة الى الله من كل التيارات الاسلامية ( السلفيين والاخوان والمتصوفة والتبليغين ...) ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ، ولأنني قد أحببت لنفسي وقررت لنفسي بعد طول تأمل أن اعتزل السياسة ورأيت أن الاجدى لكم و الأرضى لمولاكم الحي الأزلي القيوم السرمدي و الانفع للناس في مجتمعاتكم وخارجها أن تعتزلوا السياسة فكراً وممارسة ، أدعوكم لهذا الامر : أن تعتزلوا السياسة بكل ما فيها ، ليس لأنها مُنتنة ، ولكن لأنها قد جرفت سوادكم الاعظم بعيداً عن مهمة الدعوة الى الله تعالى ولم تتوفقوا في السياسة وكثير منكم قد كان مردود ونتاج توجهه السياسي النكبات على دعوته . لقد تبين لي عبر دراسة مطولة شاملة ، سأنشرها قريباً بإذن الله تعالى ـ انكم ـ ما عدا التبليغيين ـ إما كنتم صداميين مع الحكام فخسرت الدعوة وفشل مسعى الوصول الى الحكم ، او كنتم قد اخترتم المشاركة مع الحكام الظالمين في أمر السلطة عبر تسخير منابركم واقلامكم للدفاع عن باطلهم والتبرير لهم كما كففتم عن مناصحتهم في ظلمهم بالتي هي أحسن لأنكم رضيتم الظلم او وجدتموه يصب لمصلحة تياركم . معشر الدعاة : هذه دعوة محب لكم حريص على ما فيه مصلحتكم الشخصية ومصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين ، دعوا السياسة لمن اختاروا ولمن يختارون ان يتخصصوا فيها من أبناء العرب والمسلمين . إنّ التعبد لله تعالى يستغرق كل اوقاتكم وطاقاتكم وقدراتكم العلمية والروحية و الوعظية فليكن شعار أحدكم (( أصلح نفسك و أدع غيرك )) ، ولكن بالمفهوم أعلاه . معشر الدعاة الاكارم : ان الدين الذي ارتضاه الله لنا ليس اسلام فحسب وليس ايمان فحسب بل هناك احسان ، فهل بلغتم مقام أن تعبدوا الله وكأنكم ترونه ، ان هذا ما ينبغي عليكم تجاه انفسكم كما هو واجب ان تدعوا الناس اليه وتبينوه لكم . ان الاشتغال بالسياسة ومعارضة الحكام و تأييدهم ليس مهمة الداعية ، انما هو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع ويتيسر له ، لا أن ينازع الحكام كراسيهم ولا أن يدعمهم وهم الظالمين الناهبين للكثير والكثير من خيرات شعوبهم واوطانهم . معشر الدعاة : سخروا اوقاتكم وطاقاتكم امكانياتكم للعمل الدعوي : تواصي بالحق ، وتعليم للقرآن ، ونشر لعلوم الشريعة وفقهها . ليكن لكل منكم حوارييه من دون تعصب مع أو ضد ، ليكن لكل منكم درسه ووعظه و تعليمه ، ليكن لكل منكم على الاقل درس اسبوعي يتخير فيه الاسلوب الاحسن : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) . يهتم الجميع بالأمر الفرض المتعين وهو العمل لتحقيق التدين الثلاثي المقامات ( الاسلام والايمان والاحسان ) مبتدئين من انفسنا ومن ثم من ندعوهم من عامة الناس وخاصتهم ، و وذلك عبر حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية ، مع الاستفادة من وسائل الاعلام ووسائل الايضاح الحديثة .. معشر الدعاة : لقد قلت ما أحببت قوله لكم مجملاً قاصداً الجميع وهذا بعض التفصيل : ليجوّد ويطور في تخصصه كل تيار منكم ، و لا يسمح لتخصصه ان يخرجه عن الفرض المتعين ويطوعه من اجله والذي تحدثت عنه اعلاه ( العمل والدعوة الى الاسلام بمقاماته الثلاثة ) . ويكون التخصص بحسب الاهتمامات الحالية ما عدا السياسة التي ينفض الجميع ايديهم منها ومن كل ما يتصل بها من قريب أو من بعيد : أولاً : السلفيين : العلوم الشرعية وتدريسها ثانياً : الاخوان : العلوم الشرعية كما كانت بدايتهم مع الدعوة الى شمولية الاسلام بدون صدام مع السلطة ولا تأسيس احزاب ثالثاً : أهل التصوّف : التربية الروحية الصافية من البدع والتفكير الخرافي + الفقه والتفقه في الدين رابعاً : التبليغ : نفس النهج الحالي وهو ذات نهج المؤسس و تضاف حلقات منتظمة للعامة تنعقد مرة في الاسبوع وتتوسع لجميع الفئات وبمنهج يناسب مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية . و من المهم تخصص البعض في مجالات العمل الخيري والانساني لأهميته للناس ولفضله عند رب الناس . وختاماً .. عن نفسي : اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة من اليوم الثلاثاء جملة وتفصيلاً [ 20 يناير 2015م ] ،واستمرار التفرغ للتأمل والفكر والبحث ، واتباع نهج الدعوة الى الله و تبسيط معالم الإسلام ، وذلك بصورة حرة ومفتوحة مع التركيز على الجانب التربوي الروحاني والدعوة الى اتباع هذا الاسلوب ، والاكتفاء من السياسة بما قد كتبت ، والتوقف عن الكتابة فيها نهائياً بما في ذلك تجارب الاسلاميين السياسية ... أما فكرة حزب التمدن الديمقراطي وفكر حركة التمدن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني اتركها للجيل الشاب واتركها للتاريخ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها كتاب في السياسة سيخرج الى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( ايدلوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الاشتراكي والإصلاح ] ) الأولى بدءاً من عام 1984م والثانية بدءاً من عام 1991م والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الاسلامية في مجالات : العقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الاكبر من المشاريع الكتابية .. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل .. فجر الثلاثاء ـ 20 يناير 2015م

حياة جديدة

حياة جديدة بقلم : مرعي حميد / مفكر وباحث حياة بعيدة عن السياسة ، حياة بعيدة عن الصحافة ، بعيدة عن النكد و وجع القلب والعقل ، هذه الحياة الجديدة التي أحياها ، متحرراً عن الكتابة عن الشأن الجاري وإرهاقها النفسي و مُبتعداً عن الانهماك في متابعة مجريات الأحداث والتطورات ، أتابع الأحداث الهامة والمفصلية والمؤثرة على المشهد السياسي والعام ولكن أحتفظ برأيي و أكتب خلاصاتي لنفسي ، لقد أخترت بعد جهد وتأمل أولاً أن أعتزل السياسة وأنبذ الاهتمام بها والكتابة عنها من حياتي ، بما في ذلك العضوية في التنظيمات السياسية التي هي معوّق للتجديد الفكري في أحيان بما تضعه من التزامات ومقتضيات على المتبتّل في صومعة الفكر والتأمل ، كما أنها معوّق للتقبّل الثقافي لدى قطاع واسع من الناس ، و أخترت ثانياً عيش حياة الاستقلال التام متفرغاً للفكر بمعناه الواسع والتجريدي ، مع استثناء الفكر السياسي الذي أعتقد أنني قد منحته من الوقت والاهتمام والكتابة ما يستحقه و لا يوجد لدي مزيد من نقد و تنظير فكري سياسي وستكون خلاصته كتابين قادمين في القريب بإذن الله تعالى قد أودعتهما آخر وخاتمة قناعاتي على هذا الصعيد مع خلاصة لنتاج الفكر السياسي المعاصر . لقد قلت وكتبت وسأنشر في كتاب مهذب متكامل منتهى قناعاتي عن انشغال التيارات الإسلامية بالسياسة ولا مزيد لدي ، فإن اقتنعوا كان بها وإن لم يقتنعوا ستثبت لهم الأيام ـ مزيد اثبات ـ صواب ما ذهبت إليه ، مع محبتي لهم وتمنياتي لهم بالتوفيق والسداد و أن يحفظهم الله بحفظه و يكلؤهم بعينه التي لا تنام و أن يجعل كيد الخصم الجهول في نحره . لقد آن لي أن اتفرغ لأمرين : الفكر التجريدي الأقرب إلى الفكر والتفكير الفلسفي التأصيلي والتأسيسي ، و الإرشاد الروحي الذي وفقني الله لسلوك سبيله وفتح عليّ فيه الفتوحات المتتالية وأصبحت أجد نفسي في الانشغال به والاهتمام بمزيده بخلاف السياسة التي مناخاتها لا تحبذ سوى عقلية السرب والتعصب باقتناع أو من غير اقتناع وبالتالي القبول والرفض والإقبال والإحجام العملي والتثقيفي ، و قد لا تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وقد لا تعمل بمنطق (( انزلوا الناس منازلهم )) ، قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن هذا المعنى : (( فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته، ولا يرفع متضع القدر فوق منزلته، ويعطى كل ذي حق حقه )) ، وجاء في [عون المعبود شرح سنن ابي داؤود ] (( أي عاملوا كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف، قال العزيزي والمُراد بالحديث الحض على مراعاة مقادير الناس ومراتبهم ومناصبهم وتفضيل بعضهم على بعض في المجالس وفي القيام وغير ذلك من الحقوق )) ، فلا تعمل بها تنظيماتها إلا بنرجسية وبانتقائية و من دون معايير حقيقية إلا ما وافق الهوى والطباع و التطبّع . إنّ وضع الإنسان في الموقع الذي يستحقه ويستحقه الموقع ، من دون تأخير عنه يمكنه من الإنجاز الأفضل بحسب قدراته ويجعل لذلك الموقع قيمته ، تماماً كما أنّ تقدمه غيره من غير استحقاق يمنع ذلك الغير من تحقيق الإنجاز الأفضل و يضع هذا المتقدم في حال لا يحمدها هو لما يشعر من ضعف حيلة ولما يعرضه من التهكم والانتقاد خصوصاً مع وجود الأفضل ولكن دون منزلته المُستحقة ، فحتى لو أراد مواكبة المنزل الذي وضع فيه فإن مؤهلاته وقدراته لا تمكنه من ذلك ، ولذا فإن من معايير التدبير الصحيح للأعمال والمهام (( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب )) ، وهذا هو منهج ومعيار لوجود الحرص على العمل من عدمه ، الحرص على العمل أو الحرص على الهوى والأنانية و الشُللية ، وفي ذات الوقت فالحرص على الشرف والمكانة فطرة وغريزة في النفوس حتى يتنافس الخلق في الفضائل وجليل الأعمال بل ويتمكنون من ذلك بحسب استحقاقهم ومؤهلاتهم وتخصصاتهم ، وإظهار المنزلة والمكانة مما يريده الله تعالى وقد أسماها النبي صلى الله عليه وسلم : عاجل بشرى المؤمن ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم : (( عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ « تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ »)) ، ورواه الإمام أحمد في مسنده ، و يؤكد مشروعية هذا الحرص والرضاء به قول الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : (( ورفعنا لك ذكرك )) في مقام الامتنان برفع الذكر . ومما يجر إلى اختلاط المعايير و حدوث الظلم والغبن بحق البعض التشابك والتخالط في التنظيمات و معاييرها ومراتبها ودرجاتها ، ولذا فإن هذا التخالط نكبة تُصاب بها التنظيمات تفقدها العديد من الكفاءات والرموز المبرزة أو على الأقل تحول بينها وبين استيعاب الطاقات والقدرات ويحدث عكس ذلك من هدر لها و إضاعة ، بالإضافة إلى الغبن الذي يحدث بحق ذلك البعض وقد أقبل بعزيمة وحماس واقتناع . مما يجعل البعض حريص على الابتعاد فليس من المُكث طائل الا الشعور بمزيد الغبن ومن موانع هذا الغبن في أحيان والمؤِسسة والمُنشئة للإدارة الناجعة للمهام والأفراد ضرورة الفصل بين التنظيمات ليتمكن كل منها من تطبيق معاييره واستيعاب ممكنات أفراده ، وكل هذا ممكن لو تم فقه الواقع ولو تمكنت التنظيمات من الحد من عقلية التغوّل والسيطرة والهيمنة لدى قياداتها بمختلف تدرجاتها ـ و بحُجج و اهيه و مردودة ـ و تتحول تلك الذوات والنرجسيات بمرور الوقت إلى قانون فوق القانون ومن دون معايير حقيقية . وقد لا يكون من وقع عليهم الغبن نادمين على ما حدث لهم ، بل ربما كان لسان حالهم : رُب ضارة نافعة ، ولكن العمل هو من يخسر ، ولا يُنكر هذا إلا مُكابر وواهم و قابع في برج عاجي ويفتقر لمزيد من الشعور بالمسؤولية على أقل تقدير ، و يبقى بيان مثل هذه الأمور متحتم عند كل حريص على التمام . إنني لأجد عناية الله قد حفت بي و أحاطتني و رعتني ـ و لكل من اسمه نصيب ـ وقادتني منذ منتصف الثمانينات تحديداً إلى عالم الفكر ، وزاد لها منذ عام 1988م عالم الروحانية والفقه في الدين ، دون أن انصرف إلى عوالم أخرى أو تخصصات تبعد بي عن أجواء الفكر والروحانية ، وإنني أعتقد أنّ حاجة المسلمين إلى العناية والاهتمام بالروحانية والدين الثلاثي المقامات (إسلام وإيمان وإحسان ) أكثر من حاجتها إلى الاهتمام والتعمّق والتفرغ للعمل السياسي والانشغال السياسي فهناك كثير ممن درسوا العلوم السياسية وممن سيدرسونها مستقبلاً في الكليات والأقسام المتخصصة بها، وهناك كثير من أصحاب التطلع السياسي باستحقاق أو بدون استحقاق وهم يجدون فرص ويستغلون ظروف في هذا المجال ، وفي نفس الوقت فإن الجانب الروحاني لا يكون إلا بتوفيق الله ومزيد فضله لا بالدراسة الجامعية ولا النظرية المنتظمة في المعاهد والدارات والأربطة ولا حتى بسلوك طريق الترقي الروحي في مقامات الدين بحد ذاته سلوك ولكن لا بد من توفيق الله وتيسيره ونفحاته ، وتلك هي أسباب من المهم و المُفيد الأخذ بها مع الحذر من الشطط ومن مخالفة الكتاب المجيد وما صح من كلام وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم و حذر ثالث من الوقوع أسر التفكير الخرافي أياً كان مصدره وصاحبه و (( كل يؤخذ من قوله ويُترك الا صاحب هذا القبر )) ـ كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس قاصداً بصاحب هذا القبر النبي صلى الله عليه وسلم ... وقولي هذا قد لا يفقهه الكثيرون ولكن أعتقد أنني لن أعدم من يفقهه فنحن في زمن قد ندر فيه الراغبين في سلوك مقامات الترقي الروحي الموصلة إلى عبادة الله كأن العابد يراه . لقد مررت بثلاث مراحل في حياتي أولها مرحلة الصبا حتى عام 1983 ، ثم مرحلة اعتناق الايدلوجية السياسية الاشتراكية من عام 1984 وحتى هداني ربي بفضله وكرمه في نهاية عام 1988، ثم مرحلة انتقالية قصيرة ، ثم مرحلة اعتناق ايدلوجية ( الإسلام السياسي ) منذ مايو 1991م وحتى 4 ابريل 2014م . وهذه هي المرحلة الرابعة التي ابتدأت في 5 أبريل 2014 وتكرّست في 20 يناير 2015 م حيث قررت اعتزال ما تبقى لي من انشغال بالسياسة واختيار التفرغ للتأمل وللفكر المستقل والتربية الروحية بصورة كاملة ونهائية مع اخراج ما قد سبق لي من بحوث وكتابات تقع ضمن المجال السياسي أو تقرب منه وتدور في فلكه ، ... أما فكرة حزب التمدّن الديمقراطي وفكر حركة التمدّن الديمقراطي العربية والتي قد دعوت لها و أنشأت لأجلها مجموعة على الفيسبوك فإنني أتركها للجيل الشاب وأتركها للزمن الذي هو جزء من العلاج ـ كما قال الإمام حسن البنّاء ـ فلعل من يأخذ بها وهي قد اكتملت التنظير وسيرفدها ، بإذن الله ، كتاب عن فكر التمدن الديمقراطي وكتاب ثان في السياسة سيخرج إلى المكتبات قريباً بإذن الله تعالى أعتبره خُلاصة لفهمي ومداركي ومعارفي السياسية المتولدة عن القراءة المتعمقة والمتابعة المكثفة والعضوية النشطة في ( أيدولوجيتين سياسيتين وحزبيهما [ الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح ] ) والتي قد كانت كل منهما في وقتها عن اقتناع تام . وصدق الله تعالى المنعم المتفضل القائل : (( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ )) ، والقائل جل جلاله : (( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ )) ، والمقصود من الاستشهاد المعنوي لا الحسي . لقد آن لي أن أتفرغ لنفسي و لمشاريع كتبي الإسلامية في مجالات : السلوك والعقيدة و القرآنيات و السيرة ، مع اكمال وتكميل ما قد قطعت فيه الشوط الأكبر من المشاريع الكتابية و البحثية .. وأسأل الله تعالى أن يوفقني في هذه المرحلة ـ الحياة الجديدة ـ و أن يعينني على ما يحبه ويرضاه من محبوب الصنيع لديه و من نافع القول وسائغه .. أعزاءي وعزيزاتي على هذه الصفحة ... وبهذه المناسبة .. اعتذر منكم ولكم .. فلقد قررت ان احول جميع منشوراتي منذ اليوم الى صفحتي الجديدة ، ليس اضطراراً لكم لتسجلوا اعجاب ، ولكنني وجدت ان اعتزالي السياسة وتبني اتجاه دعوي خالص يجعل توقفي عن النشر هنا مهماً وضرورياً ... تقبلوا خالص معزتي وتقديري لكم .... والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .. 25 يناير 2015م

الثلاثاء، 20 يناير 2015

سيرتي الذاتية ... مجددة ومختصرة

سيرتي الذاتية ... مجددة ومختصرة ولد المفكر والباحث اليمني مرعي كرامه سعيد حميد بوادي حضرموت في أكتوبر من عام 1970م.. وفي حياته تعددت اهتماماته وتنوعت محطاته . كانت البداية اهتمامه السياسي ، ثم تبعه الفكري ، ثم الروحي ، ثم الإعلامي ، وتفرّع اهتمامه بالاقتصاد و العسكرة من انغماسه السياسي الذي قاده لدراسة التاريخ في المرحلة الجامعية ، فيما تفرّع اهتمامه بالعلوم الطبيعية من فيزياء و أحياء و فلك من انغماسه الروحي ، وتفرّع اهتمامه بالأدب والكتابة من انغماسه الإعلامي المتولد بالأصالة من الانغماسين الفكري والسياسي . منفتح على كل الأفكار ، من الشرق أو من الغرب ، يبحث عن ما قد يكون حسن أو رائع فيها ويحاول سبر غورها والتعرف على جوهرها وإن كان بعيد عن النفاسة . وقد نمت مكتبته الشخصية الريفية بموجب هذه المتوالية ، وهي في نموها مستمرة ، ما يميزها في هذه المرحلة أنها تحوي جانب أثير متميّز بالنسبة إليه هو جانب مؤلفاته الشخصية . منذ 30 عاماً بدأ انغماسه في المجال المغناطيسي للسياسة حتى اعلن اعتزاله الاشتغال السياسي يوم 20 يناير 2015م ، والسياسة لم تقدم له الكثير ، وما كان طامعاً ، وليس طامعاً ، في شيء ، إنما هو الانبعاث القيمي والفكري ، 1984 كان عام انضمامه إلى منظمة اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني ، بعد 3 سنوات حضانة في فرقة منظمة الطلائع اليمنية بمدرسته . قضى خمس سنوات من تعليمه الأساسي والثانوي معتنقاً لفكر الاشتراكية العلمية الماركسي اللينيني منضوياً في صفوف العضوية المرشحة للحزب الاشتراكي شاغلاً منصب سكرتير ثاني اتحاد شبيبة فتاح بثانوية القطن ، ثم تحول عنه باقتناع وهو في أواخر دراسته بالمرحلة الثانوية ليعتنق الفكر الإسلامي الحركي ، وينظم إلى حزبه في اليمن التجمع اليمني للإصلاح عند افتتاح فرعه بمديرية القطن مايو1991م ، ونشط في صفوفه حتى مطلع عام 2014م حيث اتجه الى تأسيس حزب سياسي وطني جديد ، عمل المؤلف عام1991م إماماً وخطيباً في مسجد احد القرى ثمانية أشهر ، انتقل بعدها لدراسة التاريخ الذي كان يستهويه كونه يصب في إطار المعرفة السياسية الشغوف بها وذلك بالتحاقه بكلية العلوم والآداب والتربية بمدينة المكلا عاصمة حضرموت الساحلية ، وخلال دراسته الجامعية كان المسؤول الإعلامي بالمجلس الطلابي ، ثم عضواً في اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر التأسيسي للحركة الطلابية اليمنية ومقرها صنعاء العاصمة . في أغسطس1996 بدأ عمله الوظيفي بإدارة المعاهد العلمية شاغلاً مدير إدارة الأنشطة بمكتبها بحضرموت حتى انتقاله إلى منطقته العنين بوادي حضرموت حيث تقيم عائلته , وتنقل بين معاهد ومدارس وادي حضرموت ليتفرغ منذ يناير عام 2013م شبه كلياً للكتابة والبحث والعمل السياسي المستقل ، وله كتاباته المستمرة في المواقع والمجلات والصحف . منذ بداية دراسته الجامعية اندمج في تجربه صوفية سُنية سنية مستمرة تعمقها القراءة المتعمقة والمكثفة وقد تحدث عنها في (مقال) بعنوان : (تجربتي الروحية ) منشور على مواقع الكترونية . يعيش المتابعة الدؤوبة للشأن العام ، وقد اتخذ لنفسه قراراً شخصياً أن يحيا حياة التأمل الشامل الانعزالي منذ منتصف عام 2012م وينكب على التأليف و البحث في مجالات اهتماماته كافة . رسالته في الحياة الإسهام الخلّاق في أن يحقق كل إنسان سعادته الجمعية في الحاضر والمستقبل ، وهي السعادة الشخصية التي لا تكتمل إلا بأن يبذل وسعه في سبيل سعادة الآخرين ومحبتها لهم والانتهاء عن أن يكون هو جالب تعاسة لهم من أي نوع وبأي مقدار . منهجيته في التأليف والكتابة والبحث هي (جديد يستحق القراءة ) فهو لا يهتم أن يكتب إلا الجديد من الفكر والاستنتاجات والتأملات التي يتوصل لها بتوفيق الله وعبر عكوفه وتفرغه في محراب الفكر والتأمل الباحث بصدق و انفتاح ودأب عن الحقيقة ، و يتجنب في كتاباته الفكرية النقل عن الآخرين بالرغم من حرصه على معرفة آرائهم وأفكارهم وسبرها وسبر تكوينهم الفكري ، و شعاره ، ما يحبه لنفسه ، ( لتقرأ الآخرين من كتبهم مباشرة وجميل ان تجد الجديد الذي يستحق القراءة ) . من مؤلفاته : ماذا يعني انتمائي للاصلاح ، وقد طبعت منه طبعتين عن مكتبة خالد بن الوليد ودار الكتب اليمنية ـ صنعاء عامي 2011 و 2012م . رسالته في الحياة : الإسهام المتميّز الفكري والروحي الخلّاق والمستمر في أن يتحقق لكل إنسان و مجتمع سعادته الجمعية في الحاضر والمستقبل التي لا تكتمل ولا تكون إلا بأن يبذل وسعه وحرصه في سبيل سعادة الآخرين والانتهاء عن أن يكون مصدر تعاسة لهم من أي نوع وبأي مقدار . الخطوط العريضة لمشروعه الفكري : 1) معرفة وعبادة الله الحي الأزلي القيوم السرمدي خالق الوجود ومدبره الذي ارتضى للناس الإسلام منهج لمعرفته ومعرفة الوجود ولعبادته وحده بإخلاص وصدق وبيان لقيم العبادة المحضة و لقيم عمارة الأرض التي يريد منهم النهوض بها ومن أجلها ، وكما يرضى الله بظاهر التعبّد فإنه يرضى بباطنه إخلاصاً و مناجاة صادقة و حيّة وحاضرة معه تعالى علام الغيوب . وكما هو الإسلام عبادة فهو عقيدة وأخلاق وتعامل عادل . 2) كل إنسان في الأرض ساع إلى سعادته وسعادة ذويه و حريص على أن يتطور مجتمعه و يأمن وطنه ويستقر و ينمو و يزدهر ، وذلك كله من حقه ، و يتم ضمان ذلك و تحققه فقط عبر نظام ديمقراطي عادل وأحزاب ديمقراطية مدنية وطنية . 3) من المهم للإنسان ومن الإنسان استخلاص وتحفيز أروع ممكناته وقدراته ومنحه فرص النجاح المتجدد والإحترام المتدفق وإبعاده عن أجواء الصراع والتوتر والتباغض والتنافر مع الآخرين ومع الحياة . وذلك لكل إنسان بغض النظر عن دينه أو لونه أو موطنه . 4) كل مسلم على وجه الأرض هو فرد من جماعة المسلمين التي تتحمل مجتمعة مسؤولية تطبيق الإسلام ، كل من أفرادها بحسب قدرته وطاقته . 5) تأسيس ( جماعات إسلامية ) يتعارض مع كون المسلمين جماعة واحدة ، ولكن تتأسس تنظيمات ومؤسسات تخصصية تعاونية يختار لها القائمون عليها مجال معين تتخصص وتتحرك و تنشط فيه مع فقه حقيقي للواقع واستيعاب لذلك الفقه . 6) لا تستقيم حياة المجتمعات الإنسانية ولا تتخلص من الصراعات الدموية والتدميرية إلا عبر نظام سياسي ديمقراطي يتبنى فصل ما هو سياسي عن ما هو ديني ، و يمتنع عن ، كما يمنع ، استخدام الدين لمصلحة السياسة . 7) تتأسس الأحزاب السياسة على أساس التنافس لخدمة الوطن والشعب والتعاون في سبيل ذلك بعيداً عن الايدلوجيا و نَفَس الإقصاء والإلغاء . 8) التفاهم الواعي مع وبين حضارات الأرض لا الانغلاق والانكفاء على الذات واستنكاف الأخذ مما لدى الآخرين جملة وتفصيلاً سواء على مستوى الاقتصاد أو التكنولوجيا أو العمران أو الفكر أو التربية .. وغيرها . 9) الابتعاد عن التحيّز في النظر والتلقي وتقييم الأفكار والأشخاص والنُظم والهيئات والمؤسسات والتصورات ، فذلك الضمانة الأهم لتحقيق الإفادة و تجنب التجني والتشويه والتفريط والتعدي . 10) تحتاج المجتمعات إلى تطوير اقتصادها وتعليمها وصحتها ونقلها وإتصالاتها ، غير إنها أحوج إلى تطوير فكرها و استنبات وتنمية العقلية الإبداعية والروح الإيجابية بين أفرادها .