يا فرقاء اليمن .. تعالوا إلى كلمة سواء
بقلم : مرعي حميد ـ كاتب وباحث من اليمن
كنت انوي أن يكون هذا المقال ساخناً بمناسبة حديث الرئيس المتشنج عن اللقاء المشترك في الأكاديمية العسكرية والذي بث على التلفزيون الرسمي وما تبعته ولا تزال من تعليقات المرتزقة في صحيفة الثورة وصحيفة 26 سبتمبر على وجه الخصوص ولكن قلت في نفسي ماذا سيضيف مقال ساخن ، فعدلت عن ذلك بان أوجه رسائل إلى الأطراف الفاعلة وهذه مصارحة قد تكون مؤلمة أحياناّ ولكن الحق عندي ، على الأقل ، أحق أن يُقال ويُتبع وظني أنني لا انفخ في رماد:
للرئيس أقول :
إنّ أروع ما تُسطر في سجلكم الشخصي هذه الآونة هو دفاعكم عن الوحدة اليمنية ، ولكن الحفاظ على الوحدة لا يكفيه قمع الانفصاليين فلابد من تغيير حقيقي في طريقة التعامل مع المحافظات الجنوبية ومن ذلك سحب الأراضي المترامية الأطراف التي تم حجزها في الجنوب لمتنفذين و إعادة توزيعها للمواطنين من تلك المحافظات وفق النظام والقانون وترك طريقة التعامل مع الجنوب من فوق .
للمشترك أقول :
اذهب إلى الحوار مع السلطة دون شروط فليس في الأمر مستوطنات ، وأنت والمؤتمر قد توافقتم على التأجيل في فبراير 2008 من اجل إيجاد ضمانات لنزاهة الانتخابات وعلى ضوئها تعالجون مشاكل اليمن وانتم حين تشترطون إطلاق سراح المعتقلين والحريات لبدء الحواراو غيرها من الشروط التي يشتم في بعضها عدم الرغبة في الحوار مع السلطة ، إنما تضعون العربة قبل الحصان وهذا لا يستقيم ، عودوا إلى الحوار ولكن فليكن حوار في صميم المسالة الانتخابية فلا لف ولا دوران و لا مبالغة ، ومن ثم لكل مقام مقال ولكل حدث حديث .
للرئيس أقول :
أوقف الحرب التشويهية للمشترك والتي تشنها ضده وتردد من بعدك وسائل الإعلام الرسمي الذي يأتمر بأمرك ويصرف عليه من مال الشعب وليس المؤتمر ، وللمؤتمر صحفه فليقل فيها ما يشاء ، وان من أبجديات ذلك الإيقاف إحالة علي ناجي الرعوي وعلي حسن الشاطر على التقاعد بعد أن حولا مؤسسة الثورة و التوجيه المعنوي ككل إلى أداة لتلميع شخصكم وتشويه المشترك الوجه الحقيقي للمعارضة باعتراف نصر طه مصطفى ، والمعارضة كما تردد في خطاباتك هي الوجه الثاني للسلطة فهل ترضى أن يلوث احد وجهي السلطة ، وان خطاب الأحقاد لا يولد إلا مزيد من الأحقاد من ناحية ، والتصلًب على ذات الموقف أو المواقف من ناحية ثانية .
للحراك الجنوبي أقول :
الجنوب صحيح يعاني الأمرين من ظلم المتنفذين ولكن الحراك بهذه الطريقة يزيد من المأساة ولا يعافيها ولا يخففها فكم عدد من قتلوا وكم من يتموا وكم من نساء رملت وكم عدد من جرحوا وكم عدد من أهينت كرامتهم على يد السلطات ؟؟؟ لا تقولوا لي أنها معركة تحرير ولابد لها من تضحيات ، هذا هراء لان اليمن واحد و توحد سياسياً بالرضاء والقبول ورفع علم الوحدة في عدن وليس في صنعاء ولكن أن ترضى بالديمقراطية وأنت متأكد بأنك الأقل عدديا فهذا قرار شجاع والأشجع منه قرار قبول نتائجها كيفما كانت ما دام أنها حرة ونزيهة ، ولكن أن تقبل بها كمبدأ ثم تحنق لما تأتي الانتخابات النزيهة في تاريخ اليمن المعاصر بنتيجة لا تعجبك تحنق و تزعل فهذه مشكلتك وليست مشكلة الوحدة ، والمشكلة ليست في الوحدة ولكن في السلطة التي يشهد القاصي والداني بفسادها وما رفض مؤتمري لندن والرياض لمدها بالمال إلا دليل على ذلك ، و السلطة لن تمل من مواجهتكم واعتقالكم ما دام واجهتموها ، وما تطالبون به من انفصال هو عين المستحيل ، ولكن احشدوا الجماهير في نضال سلمي حقيقي لتطالب بإصلاح الأوضاع وإزالة المظالم في الجنوب والشمال .
للحركة الحوثية أقول :
لا تكونوا سبب في إهلاك خيرة أبناء اليمن ، لا تكونوا مطية للآخرين يدرون الدعم والمساندة من الخارج على حسابكم ، إحفضوا قوتكم لمعارك الأمة القادمة مع عدوها التاريخي الكيان الصهيوني .
للمشترك أقول :
خرجتم إلى الشارع ولكن في المعركة الخطاء ، وصعّدتم خطابكم ضد السلطة ولكن في الميدان الخطاء ، إنّ الدعوة إلى الانفصال التي يرفعها البعض بوعي وبدون وعي هي مخالفة دستورية وقانونية فلا ينبغي أن نتضامن مع من يخرق الدستور أيا كان إلا إذا كنا غير مقتنعين بالدستور في مواده الأساسية ، وتعامل السلطة مع الحراك هو ذات التعامل الذي سيعمله المشترك لو جوبه به وكان في السلطة .
للرئيس أقول :
لم تكن السلطة جادة في التعامل مع الحراك من بدايته خاصة على صعيد الاستجابة إلى المطالب ، مكابرة ومضي في الطريق الخطاء ، وقد كان لهذا الحراك ثمار لا تُرضي السلطة ولا عاقل وطني يمني أو قومي عربي ، فقد تعالت نبرة الكراهية الوطنية التي يبدو المشترك محاولاً لتجاوزها ولكن لو تم هذا فانه لا يكفي فالسلطة عليها أن تتواضع وتكون وطنية حقاً ويضع رموزها والمحسوبون عليها الوطن في قلوبهم وليس في الزريبة بقرة حلوب تنجب أولاد لاحمين . إنّ اللعب بالنار عواقبه وخيمة مثلما أنّ الظلم مرتعه وخيم .
للحراك أقول :
اليمن واحد وكله يعاني من سلطة فاسدة مستبدة حتى الآن على الأقل ولكن لن تحل مشاكل اليمن إلا موحدة ، وبدلاً من سب المشترك والحديث الرخيص عنه ونظرتكم المغرورة لخطه السياسي ، عليكم أن تتواضعوا وتعيدوا حساباتكم وتصادقوا المشترك تحت سقف الدستور والوحدة وتقفوا معه من اجل إحراز التغيير بالطرق السلمية المسنودة بقوة الجماهير أو عودة رشد السلطة .
للرئيس أقول :
اختم حياتك السياسية ـ وما من احد من البشر إلا وختم حياته ـ بصفحات تسجل في تاريخك مدى الأزمان ويرضيك يوم القيامة أن تراها في سجل أعمالك ، فمثلما كنت القائد الوحدوي وحققت مالم يحققه قائد عربي ، حافظ على هذا الشرف أولاً براقاً متيناً لا مضعضعاً تتناوشه رياح أهل المصالح الأنانية والحقد الأسود ، ثم أضف له تميّز ثاني وهو أن تقود الشعب إلى انتخابات حرة ونزيهة عام 2011 سواء طالب بهذا احد أم لم يطالب فأنت أكثر الناس معرفة بحقيقة المشهد ( الديمقراطي الانتخابي ) في اليمن منذ 1997 وحتى الآن ومع هذا لا تترك شرف الانجاز والسبق لغيرك فعدّل في الدستور بحيث يصبح تعيين الحكومة من قبل الحزب أو التكتل الحاصل على الأغلبية النيابية وليفز من يفوز ، والشرف ليس في السلطة في حد كونها سلطة ولكن بمدى الانجاز الذي يحققه أهل السلطة لشعوبهم وهذا ما تفخر به الأمم .
للرئيس أقول :
هب انك أعلنت حرب حقيقية على الفساد وقدمت ثروتك هدية للوطن وأعليت قضايا المواطن العادي المسكين على ما سواها ، وأزلت العوائق الهائلة الموضوعة على سكة الاستثمار أساس النهضات الاقتصادية وحاربت فساد القضاء، لو فعلت ذلك هل تتوقع أن الشعب وقواه الحية ستفرّط فيك زعيماً ، كلا ، إن كل موسم انتخابي سيكون لك فيه ما تحلم به وعن طريق نزيه لا يكلف الشعب أموالاً تدفع لتبقى كما ذكرت في خطابك أمام مؤتمر المؤتمر الشعبي الاستثنائي عام 2006 ((سائق تاكسي )) ، إنّ الشعب وأفراده لا يكرهون احد في السلطة لشخصه ولكن لإفعاله التي لا ترضي صاحب عقل سليم وفطرة سليمة ، إنّ قوة الحب هي خير سند لكل سياسي استطاع أن يحوز عليها من الجماهير الغفيرة وليس من القلة المتزلفة التي تبحث عن مصالحها الأنانية المقيتة ، هب أنك استقلت ، هل ستجد هؤلاء المحيطين بك على حالهم ، إنك بالنسبة لهم وسيلة للإثراء والتسلط ليس إلا ، أمّا محبة صادقة فلا ، ولو سمح الله وظلت الأوضاع كما هي حتى جاء إلى السلطة غيرك فان هؤلاء لن يترددوا في التبري من عهدك الذي سيصبح عندهم عهد فساد وإفساد ازكم الأنوف وذاق الشعب خلاله الأمرين مخلوطة بمنجز الوحدة والحفاظ عليها .
وللرئيس أقول :
لم يقل ميكافيلي ، ولكن قال سيد البشر الذي قال عنه برنارد شو الفيلسوف الانجليزي : (( إن محمداً لو بعث اليوم لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجاناً من القهوة!!)) قال المصطفى المبعوث بالحق والصدق : ((لا يكن أحدكم إمعةً يقول: إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم )) . فإذا كان زعماء العالم الثالث والزعماء العرب يسيئون بتأبيد أنفسهم وأولادهم في السلطة وبنظرتهم إلى الديمقراطية كديكور فلا نسي نحن مثلهم وحين يثرون و أعوانهم على حساب ثروات شعوبهم فلا نثرى مثلهم وحين يفسدون لا نفسد مثلهم ، وتلك المجتمعات الغربية لم تتقدم إلا حين آمنت بالديمقراطية فكراً وممارسة وسلوكاً، وما دام أننا آمنا بالديمقراطية وجعلناها نصاً في الدستور فلماذا لا نطبقها دفعة واحدة بما لا يخالف إسلامنا ونرسخ ذلك لينهض شعبنا من عثرته وان لا نبرر لا نفسنا الخطاء المنافي للديمقراطية بان نقول أننا لازلنا نتعلمها .
لتنظيم القاعدة فرع اليمن أقول :
إنّ الإقلاع عن الخطاء أولى من التمادي فيه ، انتم أدرى الناس بسر الفرار المشهور من سجن صنعاء ، لماذا سُمح لكم بالفرار ، كان ذلك في لعبة سياسية تدرك السلطة اليوم فداحة فعلتها ، وهاهي اللعبة تنتهي بضغط خارجي وانتم الضحية ، (( الجهاد ذروة سنام الإسلام )) ولكن ليس بالتعرض للأبرياء وقتلهم سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود أو لا دينيين أو سواهم فهذا يضر الإسلام والمسلمين وهاهي الإهانة تبلغ إلى تفتيش وتصوير عورات المسلمين الذين أردتم الذود عن كرامتهم والنيل من عدوهم ، إنّ الجهاد لا يكون في كل مكان وطول كل الوقت ، ولكن له زمانه ومكانه بل وأصوله وضوابطه الإسلامية وهذا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقضي جزء بسيط من وقته لجهاد الكفار المحاربين ومعظم وقته في البناء والدعوة والتنمية ، والإسلام دين السلام لا دين الحرب
وبهذه المناسبة أقول للرئيس أما وانك قد عزمت ، كما تدل المؤشرات ،على الحرب على القاعدة فينبغي الحرص الشديد على عدم إيذاء الأبرياء أو أخذهم بجريرة أقاربهم كما حدث في معجلة أبين وفي سواد حنش حيث قتل العميد المتقاعد احمد حزام فخرالدين ، كما أن في المكلا لازال عماد احمد بن هامل وأخيه عبدالله محتجزين منذ حوالي شهر لان أخيهما لاذ من وجه السلطات التي تتهمه بأنه احد عناصر القاعدة ، فالعيب ليس عيب عماد بن هامل وأخيه المعتقل عضو المجلس المحلي بمديرية المكلا ، ولكن عيب السلطات التي افتعلت الاشتباك وخسرت قائد كبير الشأن خلال الاشتباك الذي انتهى بفرار المطلوبين حتى الساعة . ومهم جداً محاسبة المقصرين والمتسرعين في كل تلك الأحداث حتى لا تتكرر الأخطاء أما أن نرمي المسؤليه على الأبرياء وان نضرب ثم نتفقد مسرح العملية فهذا لن يزيد الطين إلا بله . والخطاء لا يعالج بالخطاء .
للإطلاع على كامل الكتابات المنشورة : مدونة مرعي حميد ـ على خدمة قوقل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق